الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
(صحت الوكالة)
بفتح الواو وكسرها اسم مصدر بمعنى التوكيل لأن الصحة متعلقها الفعل إذ هي حكم شرعي وهو إنما يتعلق بالفعل وبين الموكل فيه وهو محلها بقوله (في قابل النيابة) شرعًا وهو ما لا يتعين فيه المباشرة أي ما تجوز فيه النيابة تصح فيه الوكالة وما لا تجوز فيه النيابة لا تصح فيه الوكالة بناء على مساواة النيابة للوكالة لا على أن النيابة أعم الذي هو مقتضى تعريف ابن عرفة للوكالة بقوله نيابة ذي حق غير ذي إمرة ولا عبادة لغيره فيه غير مشروطة بموته فتخرج نيابة أمام الطاعة أميرًا أو قاضيًا أو صاحب شرطة وإمام الصلاة والوصية اهـ.
وبين قابلها بقوله (من عقد) وما عطف عليه أي يجوز أن يوكل من يعقد عنه عقدًا معاملة أو بيعًا أو نكاحًا أو غير ذلك من العقود قال تت ولعله إنما عبر بالصحة دون الجواز لعروض سائر الأحكام للصحة بحسب متعلقها كقضاء دين لا يوصل إليه إلا بها والصدقة والبيع المكروه والحرام ونحو ذلك وبهذا يندفع قول من قال كان ينبغي له أن يأتي مكان صحت بجازت لأن كما جاز الشيء صح ولا عكس اهـ.
ــ
الوكالة
هي لغة الحفظ والكفاية والضمان قال الله تعالى: {أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا} [الإسراء: 2] قيل حافظًا وقيل كافيًا وقيل ضامنًا قاله عياض كما في ضيح وشرعا قال ابن عرفة نيابة ذي حق غير ذي إمرة ولا عبادة لغيره فيه غير مشروطة بموته فتخرج نيابة أمام الطاعة أميرًا أو قاضيًا أو صاحب صلاة والوصية اهـ.
والظاهر أن هذا التعريف غير جامع لخروج قسم من أقسام الوكالة وهو توكيل الإمام في حق له قبل شخص فلو أسقط ذي من قوله ذي إمرة وجعل غير نعتًا لحق لكان شاملًا لها تأمل وقوله لغيره متعلق بنيابة وكذلك قوله فيه وضميره يعود لحق وقول ح الظاهر أنه أسقط من النسخة المنقول منها بعد قوله لغيره فيه إمامًا له أو التصرف كما له كما يظهر هذا بتأمل الكلام الآتي اهـ.
غير ظاهر إذ التعريف تام بدون هذه الزيادة وقد تضافرت نسخ كثيرة على سقوطها ابن عرفة وحكمها لذاتها الجواز ويطرأ لها سائر الأحكام بحسب متعلقها كقضاء دين تعين لا يوصل إليه إلا بها والصدقة والبيع المكروه والحرام ونحو ذلك اهـ.
(في قابل النيابة) قول ز بناء على مساواة النيابة الخ للوكالة هذا على ما لابن رشد
وفيه نظر لأن جوازها من حيث ذاتها كغيرها من العقود الجائزة لا ينافي عروض غيره من الوجوب والمنع والكراهة ألا ترى أن ابن عرفة يقول في غير موضع وحكمها الجواز وقد يعرض وجوبها الخ وقال طخ عبر بالصحة دون الجواز ليكون مفهومه عدم الصحة صريحًا فيما لم يستوف الشروط اهـ.
أي لأنه يلزم من عدم الصحة البطلان ولا يلزم من عدم الجواز البطلان ويمكن أن يقال أيضًا عبر بها لذكره الحج في الإقرار الموكل فيها وهو قدم أنه مكروه لا جائز مستوي الطرفين (وفسخ) لعقد يجوز له فسخه كمزارعة قبل بذر أو يتحتم كبيع فاسد وشمل الفسخ توكيله في طلاق زوجته (وقبض حق) وجب له قبل آخر وكذا توكيل في قضاء حق عليه (وعقوبة) كقتل وتعزير والموكل في الأولى الولي وفي الثانية الإمام لأن إقامة التعازير له قاله د وكذا له في حد ولو على عبد متزوج بغير أمة السيد لا على متزوج بأمة سيده أو غير متزوج فيقيمه عليه سيده كما مر ويأتي (وحوالة) بأن يوكل مدين شخصًا بحيل رب دينه على من للمدين عليه دين وقد يقال هذا يدخل في قوله عقد إذًا لوكالة هنا في عقد هو حوالة قاله د (وإبراء) عنه من حق له (وإن جهله الثلاثة) المبرئ بالكسر والفتح والوكيل لأن الإبراء هبة وهي جائزة بالمجهول (وحج) أي وكل من يستنيب عنه فيه أو وكل من يحج عنه وقد علمت أن كلامه فيما تصح فيه الوكالة وإن كره كما في هذا وهذا في الحقيقة استنابة لا نيابة كما فرقوا بينهما عند قول المصنف ومنع استنابة صحيح
ــ
وعياض كما نقل ابن عرفة عنهما من جعلهما نيابة الأمراء وكالة وعلى ما تقدم من أنها ليست بوكالة فالنيابة أعم منها واعلم أن النيابة في كلام المصنف هي الفعل عن الغير والوكالة بمعنى التوكيل فهما متغايران وبهذا يندفع دور يرد على المصنف وتقريره أن الوكالة كما قال ابن الحاجب وابن عرفة نيابة فكان المصنف قال صحت النيابة في قابل النيابة وهذا معنى لا يصح إذ هو إحالة الشيء على نفسه قاله ابن عاشر واعلم أيضًا أنه وقع في كلام ابن عرفة هنا أنه ذكر أن شرط النيابة بمقتضى دلالة الاستقراء والاستعمال استحقاق جاعلها فعل ما وقعت النيابة فيه قال فإذا جعل الإنسان غيره فاعلًا أمرًا فإن كان يمتنع أن يباشره أو لا حق له في مباشرته فهو أمر وإن صحت مباشرته وكان له فيه حق فهو نيابة فجعل الإنسان غيره يقتل رجلًا عمدًا عدوانًا وأنا هو أمر لا نيابة وجعله يقتله قصاصًا نيابة ووكالة اهـ.
ورد بهذا على ابن هارون الذي أبطل طرد تعريف ابن الحاجب الوكالة بأنها نيابة فيما لا تتعين فيه المباشرة بالنيابة في المعاصي كالسرقة والغصب وقتل العدوان ثم ناقض ابن عرفة كلامه بما ذكره بعد من أن الوكالة التي هي أخص من النيابة تعرض لها الحرمة بحسب متعلقها ومثل ذلك بالبيع الحرام وهو ممنوع المباشرة فتأمله قاله الشيخ مس (وفسخ) قول ز أو يتحتم كبيع فاسد الخ فيه نظر بل الصواب تقييده بالفسخ الجائز كفسخ الولي والسيد وكالطلاق (وحوالة) زاد ابن شاس وابن الحاجب التوكيل في الحمالة وفسر بثلاثة أوجه أظهرها ما قاله ابن هارون أن يوكله على أن يتكفل لفلان بما على فلان وقد كان التزم لرب
في فرض والإكراه (وواحد) لا أكثر إلا برضا الخصم (في) جنس (خصومة) أو خصومات قبل الشروع فيها فالتاء للتأنيث لا للوحدة ويجوز توكيل أكثر من واحد في غير خصومة كما يأتي في قوله ولا لأحد الوكيلين الاستبداد (وإن كره خصمه) إلا لعداوة كما يذكره فلا يدخل في كلامه هنا.
تتمة: إذا كان على شخص حق مشترك بين جماعة وطلب أحدهم الدعوى بحصته فقط فيمكن منها خلافًا لظاهر ابن المناصف له ويقضي بحقه فقط فإن طلبها جميعهم فأما ادعوا جميعًا أو وكلوا في الدعوى واحدًا منهم أو من غيرهم وليس للجميع أن يدعوا واحدًا بعد واحد إلا برضا الخصم فإن طلبها متعدد منهم دون جميعهم فليس للمدعى عليه طلب من لم يقم أن يدعي خلافًا لظاهر ابن المناصف انظر ابن عرفة وألحق المتعدد المكتتب بكتاب كالمشترك بناء على أن المكتبة تجمع وأما على مقابله فلكل واحد أن يوكل وحلف المدعى عليه لبعض الشركاء حلف لباقيهم فليس أن يقوم بعده ولو غائبًا أو صغيرًا بلغ أن يحلفه إن كان حلف عند الحاكم وإلا أعيدت لطالبها هذا هو الذي جرى به العمل واقتصر عليه في مختصر البرزلي وإذا أقام غير من أحلفه بينة عمل بها في حظه فقط ولو كان عالمًا بها حين حلف القاضي المدعى عليه لغير مقيمها وعلم بذلك لأن من حجته أن
ــ
الدين الذي على فلان أن يأتيه بكفيل به عنه كما بينه ابن عرفة (وإن كره خصمه) ابن يونس من المدونة قال ابن القاسم وللحاضر أن يوكل من يطلب شفعة أو يخاصم عنه خصمًا له وإن لم يرض بذلك الخصم إلا أن يوكل عليه عدوًا له فلا يجوز اهـ.
منه من آخر كتاب الشفعة ونص الأمهات قلت أرأيت إن وكلت وكيلًا في خصومتي وأنا حاضر فقال خصمي لا أرضاه قال ذلك جائز عند مالك له أن يوكل وإن لم يرض خصمه إلا أن يكون الذي يوكل إنما يوكل ليضار بهذا الخصم لعداوة بينهما قال مالك رحمه الله فلا يجوز ذلك اهـ.
قلت وكل وكالة كانت مما يتوكل بها أو يوكل بها إضرارًا فلا يجوز ذلك في قول مالك اهـ.
وقول المصنف وواحد في خصومة أي واحد معين فلا يصح توكيل غير معين فإذا كان الحق لاثنين فقالا من حضر منا خاصم فليس لهما ذلك لأنه كتوكيل أكثر من واحد ومن وكل ابتداء ضررًا لخصمه لم يمكن من ذلك وكل من ظهر عند القاضي لدده فلا يجوز له قبوله في خصومة وإذا خاصم الوكيل في قضية ثم انقضت وأراد الدخول في أخرى والوكالة مبهمة فله ذلك بالقرب وليس له ذلك فيما طال نحو الستة أشهر وأما إذا اتصل الخصام فيها فله التكلم عنه وإن طال الأمر قاله ابن الناظم وذكر بعضهم أن التحديد المذكور غير معول عليه وإن تأخر الخصام فيما وكل فيه سنتين ثم قام الوكيل بعث إلى الموكل وسئل هل هو على وكالته قال ح وليس في الوكالة إعذار بل إذا ثبتت عمل بها وقيل لا بد منه ولا تجوز الوكالة عن المبطل المتهم قال الله تعالى: {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] وكره مالك لذوي الهيآت الخصومات اهـ.
يقول لم أقم بحقي وقت الحلف ولم يكن طلب الحلف مني هذا هو الذي يدل عليه ما يأتي في القضاء من قوله وإن نفاها واستحلفه الخ من كلام من تكلم عليه (لا إن قاعد) الموكل (خصمه) مجالس (كثلاث) ولو في يوم واحد فلا يوكل فيها ويعتبر كونها عند حاكم فيما يظهر قياسًا على ما ذكره ابن فرحون في مسألة الوكيل وما زاد على الثلاث أولى وخرج ما نقص عنها (إلا لعذر) كمرض ظاهر (و) إذا قاعد الموكل خصمه ثلاثًا وادعى إرادة سفر ليوكل (حلف في كسفر) ومرض باطني يخفى ودعوى نذر اعتكاف دخل وقته أن إرادة توكيله للعذر لا لمجرد تكبر ونحوه فإن نكل لو يوكل إلا برضا خصمه فإن ظهر مرضه صدّق بغير يمين قال تت من حلف أن لا يخاصم خصمه لأنه أخرجه وشاتمه جاز أن يوكل غيره وإن حلف لا لموجب فلا ويمكن دخول هذا تحت الكاف فيحلف أنه إنما يوكل لذلك اهـ.
أي لإحراجه ومشاتمته له ومقتضاه أن للشخص أن يوكل بعد أن يدعي على خصمه وقبل أن يجيب بإقرار أو إنكار وهو قول ابن الهندي وقال إنه الأصح وقال القاضي أبو الأصبغ الصحيح عندي أنه لا يمكن من ذلك لأن اللدد فيه أي في عدم إجابة المدعى
ــ
وفي تبصرة ابن فرحون عن وثائق ابن العطار ولا يصلح للرجل أن يوكل أباه ليطلب له حقه لأن ذلك استهانة للأب اهـ.
انظر ح في هذه الفروع كلها (لا إن قاعد خصمه كثلاث) قول ز ويعتبر كونها عند حاكم فيما يظهر قياسًا على ما ذكره ابن فرحون الخ لا حاجة لهذا القياس مع وجود النص ففي رسم العتق من سماع عيسى من كتاب الأقضية ما نصه قال ابن القاسم سمعت مالكًا رحمه الله وقد سئل عن رجل خاصم رجلًا في حق له وقاعده عند لسلطان ثم أراد أن يوكل قال ليس له إلا من علة ابن رشد هذا كما قال لم يكن لمن ناشب خصمه الخصام وقاعده عند السلطان ثم أراد أن يوكل قال ليس ذلك له إلا من علة ابن رشد هذا كما قال لم يكن لمن ناشب خصمه الخصام وقاعده عند السلطان أن يوكل من يخاصم عنه ولا أن يعزل وكيلًا قد وكله فيوكل غيره أو يتولى هو الخصام بنفسه إلا أن يكون له عذر من سفر حضر أو مرض حدث أو يكون خصمه قد أسرع إليه واستطال عليه فيحلف أن لا يخاصمه فيكون له أن يوكل أو يكون قد ظهر إليه من وكيله ميل مع خصمه ومسامحة في حقه فيكون له أن يعزله ويولي غيره أو يخاصم لنفسه وهذا مما لا اختلاف فيه أعلمه ومعنى قوله وقاعده عند السلطان يريد المرات الثلاث ونحوها هذا معنى قوله الذي حمله عليه كل من ألف في الأحكام من المتأخرين اهـ.
وظاهره كالمصنف التقييد بالثلاث فأكثر وعليه فله عزله في أقل منها وهو مقتضى كلام المتيطي ونصه على نقل ابن عرفة فإن جالس الوكيل خصمه عند الحاكم ثلاث مرات فأكثر لم يكن له عزله اهـ.
وهو خلاف ما في المقدمات إذ مقتضى ما فيها أن المرتين كالثلاثة على المشهور في المذهب انظر نصها في المواق (وحلف في كسفر) قول ز عن تت من حلف أن لا يخاصم
عليه ظاهر أي للحاكم فيحبسه ويؤدبه ولا يحتاج المدعي لتوكيل (وليس له) أي للموكل (حينئذ) أي حين إذ قاعد وكيله خصمه كثلاث (عزله) عن الوكالة إلا لتفريط أو ميل مع خصم أو مرض قاله المتيطي ومثل مقاعدة خصمه كثلاث تعلق حق بالوكالة لغيرهما كتوكيله في بيع رهن عند مرتهن فليس له عزله لحق المرتهن (ولا له) أي للوكيل حينئذ (عزل نفسه) إلا لعذر وحلف في كسفر كذا يظهر قياسًا على ما مر في الموكل ومفهوم حينئذ أن للوكيل عزل نفسه قبل ذلك وكذلك للموكل عزله قبل الثلاث إن أشهد به وأشهره عند حاكم ولم يفرط في إعلامه الممكن فإن اختل شرط من هذه الثلاثة لم ينفعه عزله ويمضي فعله حتى إقراره بشرطه الآتي للمصنف وهذا كله على القول بأنه ينعزل بعزله وإن لم يعلم وأما على أنه لا ينعزل بعزله إلا إن علم فلا ينعزل قبله ولو أشهد به وأشهره عند حاكم انظر ح ثم إذا عزل الموكل وكيله قبل ثلاث فللوكيل أن يتوكل عليه لغيره ولا يلتفت لقول عازله لا أرضى وكالته عليّ لإطلاعه على عوراتي وحججي ذكره ابن فرحون كما في تت وقوله لغيره شامل لخصم الموكل الأصلي وبه صرح ابن عاصم كما في د وقول المصنف وليس له حينئذ عزله مفهومه أن الوكالة لو كانت في غير خصام فله عزله وللوكيل عزل نفسه أيضًا كما صرح به آخر الباب بقوله وهل لا تلزم أو إن
ــ
خصمه الخ قال ابن يونس في آخر كتاب الشفعة ما نصه ومن المدونة قيل لمالك فرجلان اختصما عند قاض ونظر في أمرهما وتحاجا فحلف أحدهما أن لا يخاصم صاحبه وأراد أن يوكل عليه قال ليس ذلك إلا لعذر مثل أن يشتمه أو أسرع إليه قال ابن القاسم أو أراد سفرًا أو حجًّا أو غزوا أو مرض ولم يكن ذلك منه لددا بصاحبه ولا قطعًا له في خصومته فله أن يستخلف ويكون المستخلف على حجة الأول ويحدث من الحجة ما شاء وما كان أقام الذي لم يوكل من بينة أو حجة قبل وكالة صاحبه فهي جائزة على الوكيل اهـ.
وقول ز ومقتضاه أن للشخص أن يوكل بعد أن يدعي على خصمه الخ صوابه بعد أن يدعي عليه خصمه لأن محل الخلاف بين ابن الهندي وغيره إنما هو في توكيل المدعى عليه بعد الدعوى وقبل أن يحلف لا في توكيل المدعي بعد الدعوى انظر ح يتبين لك (ولا له عزل نفسه) قول ز وبه صرح ابن عاصم أي في قوله:
ومن له موكل وعزله
…
لخصمه إن شاء أن يوكله
ونحوه في تبصرة ابن فرحون لكن زاد في شرحه على ابن الحاجب أنه ينبغي أن لا يمكن من الوكالة لأنه صار كعدوه اهـ.
ونحوه للبرزلي بحثًا قال وإن قال أقرّ عني بألف فإقرار اعتمد المؤلف في هذا قول ابن شاس ونصه لو قال لوكيله أقرّ عني لفلان بألف درهم فهو بهذا القول كالمقر بالألف قاله المازري واستقراه من نص بعض الأصحاب اهـ.
نقله ابن عرفة وليس كلام المازري صريحًا فيما قاله ابن شاس بل هو خلاف ظاهره
وقعت أجرة أو بجعل فكهما وإلا لم تلزم تردد وكل ذا إن لم يتعلق به حق لغيره كما مر قريبًا (ولا) له (الإقرار) عن موكله (إن لم يفوّض له) في التوكيل أي إن لم يوكله وكالة مفوّضة (أو يجعل له) عند عقد الوكالة الإقرار فيلزمه ما أقرّ به فيهما قال في الشامل إن كان من معنى الخصومة التي وكل عليها وإلا لم يقبل على الأصح اهـ.
انظر تت ولا بد أيضًا أن يقر بما يشبه وأن يكون لمن لا يتهم عليه الوكيل وأشار لتوكيله أيضًا في الإقرار بقوله (ولخصمه) أي خصم الموكل وهو من عليه الدين مثلًا (اضطراره) أي الموكل (إليه) أي إلى جعل الإقرار للوكيل ويحتمل أن يريد اضطرار الوكيل إلى أن يجعل له موكله الإقرار (قال وإن أقرّ عني بألف لزيد وكذا اعترف كما زاده شارح الحدود لكن لا عن المازري (فإقرار) من الموكل بها فلا يحتاج لإنشاء الوكيل إقرارًا بها ولا ينفع الموكل الرجوع ولا عزل الوكيل عنه ويكون شاهدًا عليه ومثل ذلك فيما يظهر ابرئ فلانًا من حقي عليه فإنه إبراء من الموكل قال تت عن الكافي لو قال ما أقرّ به فلان فهو لازم لي لم يلزمه اتفاقًا انتهى.
وهذا لا يخالف المصنف إما لأن مسألته فيها توكيل كما قال البساطي أي توكيل حكمًا فلا ينافي أنه لا يحتاج الوكيل لإنشاء الإقرار كما مر ومسألة الكافي ليس فيها توكيل وأما لأن من حجته أن يقول في مسألة الكافي كنت أعتقد أنه لا يقر علي بالكذب نظير ما يأتي في الإقرار في مسألة أو شهد فلان غير العدل وأخرج من قابل النيابة قوله (لا في كيمين) لأن صدق الوكيل بها ليس دليلًا على صدق موكله وكصلاة عينية لأن مصلحتها الخضوع والخشوع وإجلال الرب سبحانه وتعالى وإظهار العبودية له ولا يلزم من خضوع
ــ
ونص ابن عرفة عنه المازري لو قال لوكيله أقرّ عني لفلان بألف درهم ففي كونه إقرارًا من الآمر وجهان للشافعية والظاهر أن ما نطق به الوكيل كالنطق من الموكل لقوله أقرّ عني فأضاف قول الوكيل لنفسه وقد قال أصبغ من وكل رجلًا وجعله في الإقرار عنه كنفسه مما أقر به الوكيل يلزم موكله وظاهره أنه يقول كذلك في أقرّ عني وقول ابن عبد السلام ليس فيما ذكره من قول أصبغ كبير شاهد يرد بأن استشهاد المازري واضح إن حملنا قول المازري على أن قول الوكيل ذلك كقول الموكل فيكون حاصله لزوم إقرار الوكيل لموكله ما وكله على الإقرار به عنه وهو ظاهر قوله والظاهر أن ما نطق به لوكيل الخ وإن حملناه على فهم ابن شاس منه أن قوله أقرّ عني بكذا إقرار بذلك صح قول ابن عبد السلام ليس فيما ذكره كبير شاهد اهـ.
باختصار ولكون ظاهر المازري خلاف ما فهم ابن شاس منه قال المواق عقب كلام المصنف انظر أنت كلام المازري وقول ز إما لأن مسألته فيها توكيل الخ هذا الفرق أصله لابن عرفة ونقله ح واستظهره لكن ابن عرفة ذكره في الفرق بين مسألة التوكيل عن الإقرار ومسألة الكافي ولا يخفى أن مسألة المازري من إفراد التوكيل على الإقرار أو أحرى منه (لا في كيمين) اعلم أن الأفعال ثلاثة أقسام ما لا تحصل مصلحته إلا بالمباشرة قطعًا لكونه لا يشتمل على مصلحة بالنظر لذاته بل بالنظر لفاعله وما تحصل بدونها قطعًا لاشتماله عليه
الوكيل خضوع الموكل فإذا فعلها غيره فأتمت المصلحة التي طلبها الشارع قاله القرافي فلا تصح نيابة فيها لذاتها فرضًا أو سنة أو رغيبة أو مندوبة لعدم سقوطها عن المستنيب وأما على إيقاعها بمكان وزمن مخصوصين فتصح كالقارئ مطلقًا وكنيابة في أذان وإمامة ونحوهما كقراءة بمصحف بمكان مخصوص وقيد المنوفي الجواز بالضرورة وفي كلامه إيماء إلى استحقاق النائب جميع المعلوم ويمكن حمله على ما للقرافي من أن له ما اتفقا عليه من قليل
ــ
باعتبار ذاته مع قطع النظر عن فاعله وما هو متردد بينهما فاختلف فيه العلماء بأيهما يلحق فمثال الأول اليمين والإيمان والصلاة والصيام والنكاح بمعنى الوطء ونحوها فإن مصلحة اليمين الدلالة على صدق المدعي وذلك غير حاصل بحلف غيره ولذلك قيل ليس في السنة أن يحلف أحد ويستحق غيره ومصلحة الإيمان الإجلال والتعظيم وإظهار العبودية لله وإنما تحصل من جهة الفاعل وكذا الصيام والصلاة ومصلحة النكاح بمعنى الوطء الإعفاف وتحصيل ولد ينسب إليه وذلك لا يحصل بفعل غيره بخلاف النكاح بمعنى العقد فإن مصلحته تحقيق سبب الإباحة وهو يتحقق بفعل الوكيل كتحققه بفعل الموكل ومثال الثاني رد العواري والودائع والغصوبات لأهلها وقضاء الديون وتفريق الزكاة ونحوها فإن مصلحة هذه الأشياء إيصال الحقوق لأهلها وذلك مما يحصل بفعل المكلف بها وغيره فيبرأ المأمور بها بفعل الغير وإن لم يشعر ومثال الثالث الحج فمن رأى من العلماء كمالك ومن وافقه أن مصلحته تأديب النفس وتهذيبها وتعظيم شعائر الله تعالى في تلك البقاع وإظهار الانقياد إليه وأن المال فيه عارض بدليل المكي فإنه يحج بلا مال ألحقه بالقسم الأول لأن هذه المصالح لا تحصل بفعل الغير عنه ومن رأى كالشافعي ما فيه من القربة المالية التي لا ينفك عنها غالبًا ألحقه بالثاني اهـ.
بخ من كلام الشيخ المسناوي رحمه الله تعالى ونفعنا به وقول ز وفي كلامه إيماء إلى استحقاق النائب جميع المعلوم الخ فيه نظر بل كلام المتوفى صريح مثل كلام القرافي في أن النائب مع الضرورة ليس له إلا ما اتفق عليه مع المنوب عنه من قليل أو كثير لأن المصنف في ضيح في باب الحج لما ذكر إن دفع الإمام من مرتبه شيئًا قليلًا لمن ينوب عنه حرام نقل عن شيخه المتوفى رحمه الله تعالى ما نصه وأما من اضطر إلى شيء من الإجارة على ذلك فإني أعذره لضرورته اهـ.
وإنما محل اختلاف كلام القرافي والمنوفي إذا وقعت الاستنابة من غير عذر فإن القرافي ذكر أن خراج الوقف لا شيء منه للنائب ولا للمنوب عنه ومقتضى كلام المنوفي استحقاق النائب لجميع الخراج ونص كلام القرافي في الفرق الخامس عشر إذا وقف الواقف على من يقوم بوظيفة الإمامة أو الأذان أو الخطابة أو التدريس فلا يجوز لأحد أن يتناول من ريع ذلك شيئًا إلا إذا قام بذلك الشرط على مقتضى ما شرطه الواقف فإن استناب غيره في هذه الحالة عنه في غير أوقات الأعذار فإنه لا يستحق واحد منهما شيئًا من ريع ذلك الوقف أما النائب فلان من شرط استحقاقه صحة ولايته وهي مشروطة بأن يكون ممن له النظر وهذا المستنيب ليس له نظر إنما هو إمام أو مؤذن أو خطيب أو مدرس فلا تصح الولاية الصادرة منه وأما المستنيب فلا يستحق شيئًا أيضًا بسبب أنه لم يقم بشرط الواقف فإن استناب في أيام
أو كثير إن لم يشترط الواقف عدم النيابة فإن شرط عدمها لم يكن المعلوم للأصلي لتركه ولا للنائب لعدم تقرره أصالة وارتضى عج في تقريره وشيخه البدر ذلك وليس من اليمين توكيله أن يعلق عليه لزوجته تعاليق لأنه من باب الالتزامات لا من باب اليمين التي هي الحلف قاله البرموني فحيث لم يكن يمينًا بل التزامًا فإنه لا يلزم الموكل تعليق الوكيل إلا أن ينطق به الموكل ودخل بالكاف ما تتعين فيه المباشرة فعلًا أو قولًا إما لوجوبه كالإيمان بالله وإما لحرمته كالكفر فلا تصح النيابة فيه ويكفر الموكل بمجرد قوله وكلتك في أن تكفر عني لرضاه بالكفر ويوافقه قوله وإن قال أقرّ عني بألف فإقرار كالوكيل إن نطق به.
ــ
الأعذار جاز له تناول ريع الوقف وأن يطلق لنائبه ما أحب من ذلك الريع اهـ.
وسلمه أبو القاسم بن الشاط وأبو عبد الله القوري وقال المصنف رحمه الله في باب الحج من ضيح لما ذكر أن أجير الحج لا يجوز له أن يصرف ما أخذه من الأجرة إلا في الحج ولا يقضي بها دينه ويسأل الناس وإن لك جناية منه لأن ذلك خلاف غرض الميت الموصي كما أشار إليه في مختصره بقوله وجنى إن وفى دينه ومشى ما نصه وكان شيخنا رحمه الله تعالى يقول ومثل هذا المساجد ونحوها يأخذها الوجيه بوجاهته ثم يدفع من مرتباتها شيئًا قليلًا لمن ينوب عنه فأرى أن الذي أبقاه لنفسه حرام لأنه اتخذ عبادة الله متجرًا ولم يوف بقصد صاحبها إذ مراده التوسعة ليأتي الأجير بذلك مشروح الصدر قال رحمه الله تعالى وأما إن اضطر إلى شيء من الإجارة على ذلك فإني أعذره لضرورته اهـ.
وهذا الكلام الذي نقله عن شيخه المنوفي رحمه الله نسبه الوانشريسي في المعيار آخر نوازل الصلاة لأبي عبد الله بن الحاج في مدخله بهذا اللفظ الذي نقله في ضيح وابن الحاج وهذا شيخ المصنف وشيخ المنوفي قال الشيخ المسناوي رحمه الله ومقتضى قول المنوفي فأرى أن الذي أبقاه لنفسه حرام استحقاق النائب لجميع المعلوم في الصورة المذكورة لأنه إنما حكم بالحرمة على ما أبقاه المستنيب لا على ما أخذه النائب خلاف قول القرافي فيها فإنه لا يستحق واحد منهما شيئًا ولعل منشأ الخلاف كون التولية شرطًا في الإستحقاق أو غير شرط فيه كما وقع في كلام السبكي رحمه الله في شرح المنهاج من باب الجعالة وكونها شرطًا فيه هو الذي وقفت عليه في أجوبة العبدوسي في أول نوازل الإحباس من المعيار وقوله وأما إن اضطر الخ الظاهر إن مراده أنه معذور فيما كان محظورًا على الأول من إبقاء بعض المرتب لنفسه وإعطاء النائب بعضه وهو موافق للقرافي في هذا القسم اهـ.
باختصار وبهذا كله تعلم وما وقع في كلام ز والله أعلم واختار عج جواز ما في يبقيه المستنيب لنفسه وإن استناب اختيارًا وأخذه من جواب القاضي ابن منظور في نوازل الإحباس من المعيار ونحو ما لعج للناصر اللقاني في باب الوكالة والإجارة من حواشي ضيح واختاره الشيخ المسناوي رحمه الله في تأليفه في المسألة حيث تكون الاستنابة على مجرى العادة وموافقة العرف من غير خروج في ذلك إلى حد الإفراط والزيادة على المعتاد في البلد بين الناس من كونها دائمًا أو غالبًا أو كثيرًا لغير سبب يعذر به عادة انظر كلامه في ذلك والله أعلم
فرع: لا يجوز لمحجور توكيل إلا لزوجة في لوازم عصمتها وفي توكيل المحجور طريقان كما مر ذلك أول الشركة (ومعصية كظهار) لأنه منكر من القول وغصب وقتل عدوانًا ونحو ذلك من المعاصي وكتوكيل على طلاق بحيض فإن أوقعه فيه الوكيل لم يلزم لعدم صحة وكالته قاله د إلا أن يجيزه الزوج انظره مع قول المصنف الآتي إلا أن يقول وغير نظر من أنه وكالة على معصية ويمضي فإن كانت الوكالة في المعصية غير صحيحة في بعضها دون بعض فينظر ما ضابط ما تصح فيه وما لا تصح ورد بعض والشراح على د بالفرق بين الظهار والطلاق بأن الأول توكيل على معصية لذاتها والثاني على جائز والمعصية لأمر خارج لأن الأصل وهو الطلاق غير معصية انتهى.
وكلام د ظاهر في توكيله على خصوص إيقاعه فيه وأنه أوقعه فيه وهو ظاهر إتيان المصنف بالكاف فلم يلزم لعدم صحة وكالته فيه إلا أن يجيزه بعد هذا هو الأصل إلا لدليل نقلي ويحتمل أن يريد المصنف بقوله لا في كيمين الخ أن الوكالة لا تصح فيما ذكر صحة تامة غير مشوبة بمنع وأشار للصيغة اعتبارها بقوله (بما يدل) عليها (عرفا) ولو بإشارة أخرس (لا) ما لا يدل عليها عرفا وإن دل لغة ولذا قال لا (بمجرد وكلتك) من غير ذكر وكالة مفوّضة والفرق بينهما وبين قوله في الوصية ووصى فقط يعم أن اليتيم محتاج للتصرف عليه فلو أبطلنا الوصية فسد حاله والموكل حي قادر على التقييد بشيء انظر تت ولا تصح إشارة من ناطق وبين الصيغة مع بيان الموكل فيه كما في د بقوله (بل حتى
ــ
وقول ز فإنه لا يلزم الموكل تعليق الوكيل الخ فيه نظر بل يلزم الموكل حيث نطق به وكيله قال طفى لأن اليمين التي لا تصح فيها النيابة هي اليمين بالله تعالى وأيضًا هذا هو الجاري على قوله إن التعليق التزام لا يمين وقول ز وأما لحرمته كالكفر الخ في عبارته قلق وهي تقتضي أن الكفر تتعين فيه المباشرة لحرمته ولا معنى له وصوابه لو قال ودخل بالكاف ما تتعين مباشرته كالإيمان وما تحرم مباشرته كالكفر الخ اهـ.
(ومعصية كظهار) كذا قال ابن شاس وخرج عليه ابن هرون الطلاق الثلاث وقال ابن عبد السلام الأقرب عندي في الظهار أنه كالطلاق لأن كلا منهما إنشاء مجرد ابن عرفة يرد قياسه الظهار على الطلاق وجمعه فيه بمجرد الإنشاء بالفرق بأن الطلاق يتضمن إسقاط حق الموكل بخلاف الظهار ويؤخذ من المصنف أن علة المنع في الظهار كونه معصية لا كونه يمينًا وإلا كان معلقًا خلافًا للشارح لما تقدم أن التعليق يقبل النيابة وقول ز وكتوكيل على طلاق بحيض الخ يعني بأن يقول له وكلتك على أن تطلقها في الحيض لأنه توكيل على معصية وأما إن وكله على الطلاق فطلقها الوكيل وهي حائض فإنه طلاق لازم وهذا هو الذي في خش (بما يدل عرفا) من العرف في الوكالة الوكالة في العادة كما إذا كان ريع بين أخ وأخت وكان الأخ يتولى كراءه وقبضه سنين متطاولة فالقول قوله إنه دفعه لأخته قال ابن ناجي عن بضع شيوخه لأنه وكيل بالعادة وتصرف الرجل في مال امرأته محمول على الوكالة حتى يثبت التعدي قاله مالك انظر ح والمواق (لا بمجرد وكلتك) فهي وكالة باطلة وهو قول ابن
يفوض) وبقوله الآتي أو يعين بنص أو قرينة وبقوله وتخصص وتقيد بالعرف وإذا فوض له (فيمضي) ويجوز (النظر إلا أن يقول وغير نظر) فلا يجوز ابتداء ويمضي فالإمضاء إنما هو بالنسبة لغير النظر ولا يرد على ذلك ما تقدم من عدم صحتها في معصية لأن غير النظر قد يكون غير معصية كشرائه جارية رخيصة لا تليق بالموكل فالمراد بالنظر ما فيه تنمية وبغير النظر ما لا تنمية فيه للمال كعتق وهبة وصدقة أريد بهما ثواب الآخرة وليس المراد بغير النظر المعصية لما قدمه من عدم صحة الوكالة فيها ولا السفه كما فهم المصنف عبارة ابن الحاجب بأن يبيع ما يساوي مائة بخمسين مثلًا فاعترض وفهم غيره أن غير النظر ما قدمناه قريبًا فلا اعتراض على ابن الحاجب فما قرر غير التوضيح كلام ابن الحاجب به يقرر به كلامه هنا ولا يلتفت لما فهمه في توضيحه واستثنى من مقدر بعد قوله وغير نظر وهو فيمضي النظر وغيره (إلا الطلاق) لزوجة موكله (وإنكاح بكره وبيع دار سكناه و) بيع (عبده) القائم بأموره أو التاجر أو عتقه بالأولى مما خرج على عوض فلا يمضي شيء من هذه الأربع لأن العرف قاض بأن ذلك لا يندرج تحت عموم الوكالة وإنما يفعله الوكيل بإذن خاص وذكر قسيم قوله حتى يفوض بقوله (أو يعين) بكسر المثناة التحتية بعد العين المهملة ويحتمل فتح المثناة ونائب فاعله عائد على الموكل فيه والأول أنسب بما قبله (بنص أو قرينة) أو عرف كما أشار له بقوله (وتخصص وتقيد بالعرف) ولعل هذا خاص بغير المفوض إليه فانظره قاله د أي إذا كان لفظ الموكل عامًّا فإنه يتخصص بالعرف كما إذا قال له وكلتك على بيع دوابي وكان العرف يقتضي تخصيص بعض أنواعها فإنه يتخصص به وكذا إذا قال وكلتك على بيع هذه السلعة فإن هذا اللفظ عام في بيعها في كل مكان وزمان فإذا كان العرف إنما تباع في سوق مخصوص أو زمان مخصوص فيخصص
ــ
بشير وقيل إنها وكالة صحيحة وتعم كل شيء وهو قول ابن يونس وابن رشد في المقدمات وقال وهو قولهم في الوكالة إن قصرت طالت وإن طالت قصرت قال أبو الحسن وفرق ابن بشير بينها وبين الوصية بوجهين أحدهما العادة قال لأنها تقتضي عند إطلاق لفظ الوصية التصرف في كل الأشياء ولا تقتضيه في الوكالة ويرجع إلى اللفظ وهو محتمل الثاني أن الموكل متهيئ للتصرف فلا بد أن يبقى لنفسه شيئًا فلا بد أن يفتقر إلى تقرير ما أبقى والوصي لا تصرف له إلا بعد الموت فلا يفتقر إلى تقرير اهـ.
(إلا أن يقول وغير نظر) قول ز فلا يجوز ابتداء الخ هذا ظاهر بالنسبة لما اختاره ز تبعًا لما في ح في تفسير غير النظر (إلا الطلاق) قول ز واستثنى من مقدر الخ هذا هو الصواب خلافًا لظاهر كلام تت من أنه مستثنى من قوله فيمضي النظر ونحوه لابن رشد وابن فرحون ورده ح بأن قوله بعد إلا أن يقول وغير نظر يقتضي أنه إذا ذكر هذا القيد لا تكون مستثناة وأنها تمضي وهو خلاف ما قاله ابن عبد السلام اهـ.
(وتخصص وتقيد بالعرف) قول ز فإن هذا اللفظ عام في بيعها في كل مكان الخ مثله
هذا العموم وإذا كان الشيء الموكل عليه مطلقًا أو لفظ الموكل مطلقًا فإنه يتقيد بالعرف كما لو قال اشتر لي فإنه يتقيد بما يليق به وتقدم في باب اليمين أن العام لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر وأن المطلق هو اللفظ الدال على الماهية بلا قيد فالضمير في قوله (فلا يعده) يرجع لما خصصه العرف أو قيده المطلق وهو تكرار مع قوله وتخصص الخ ولكن ذكره ليرتب عليه قوله (إلا) إذا وكله (على بيع فله) أي عليه (طلب الثمن وقبضه) والأولى أن يكون المراد فلا يعد الموكل فيه وحينئذ فالاستثناء ظاهر وأما إن قلنا فلا بعد العرف فيقال لا محل للاستثناء حينئذ لأن العرف طلب الثمن وقبضه الخ فلا يتأتى إخراجه وإن قيل الاستثناء منقطع فيقال ما استفيد من الاستثناء مستفاد مما تقدم أيضًا لأنه قد تقرر أن العرف الطلب وقد استفيد العمل بالعرف من قوله وتخصص الخ قاله د وقد مر جوابه فمحل طلبه الثمن وقبضه ثم يدفعه لموكله حيث لا عرف بعدم طلبه وإلا لم يلزمه (أو) إلا إذا وكله على (اشتراء فله) أي عليه (قبض المبيع) من البائع وتسليمه لموكله على الشراء (و) له أي عليه (رد المعيب إن لم يعينه) أي المعيب (موكله) فإن عينه فلا رد للوكيل به وكذا إذا نص له على عدم قبض الثمن أو المبيع فلا يلزمه قاله تت واحترز بقوله على بيع من توكيل امرأة رجلًا ليزوجها فليس للوكيل مطالبة الزوج بالصداق ولا له قبضه كما لا يطالبه الزوج بالزوجة قاله الوالد ووجهه أن قوله زوجتك موكلتي بكذا من الصداق بمنزلة التصريح بالبراءة وبمنزلة بعثني فلان لتبيعه وكذا يقال إذا وكل رجل رجلًا ليزوجه فزوجه من امرأة.
تنبيه: بقي عليه شرط ثان في رد المعيب ذكره ابن الحاجب وهو أن لا يعلم الوكيل بالعيب حال شرائه وإلا لزمه هو إلا أن يشاء الموكل أخذه فله ذلك أو يقل الشراء فرصة
ــ
في ح والظاهر أن هذا من قبيل المطلق فهذا مثال لما تقيد بالعرف لا لما تخصص به (فله طلب الثمن) قول ز أي عليه طلب الثمن الخ صحيح يدل عليه قول التوضيح لو سلم المبيع ولم يقبض الثمن ضمنه اهـ.
وانظر ح وقول ز حيث لا عرف بعدم طلبه وإلا لم يلزمه الخ بل ليس له حينئذ قبضه ولا يبرأ المشتري بدفعه إليه قال المتيطي قال أبو عمران في مسائله ولو كانت العادة عند الناس في الرباع أن وكيل الربع لا يقبض الثمن فإن المشتري لا يبرأ بالدفع إلى الوكيل الذي باع وإنما يحمل هذا على العادة الجارية بينهم اهـ.
ونقله أيضًا في ضيح وح (أو اشتراء فله قبض المبيع) ما قاله المصنف تبع فيه ابن شاس وابن الحاجب وقبله ابن عبد السلام وابن هرون قال ابن عرفة رحمه الله ومقتضى المذهب التفصيل فحيث يجب عليه دفع الثمن يجب له قبض المبيع وحيث لم يجب عليه الدفع لم يجب له القبض والذي يجب عليه دفع الثمن هو من لم يصرح بالبراءة كما سيأتي لما فرقوا فيه بين قبض وكيل البيع للثمن وعدم قبض وكيل النكاح للصداق بأن وكيل البيع يسلم المبيع لمبتاعه بخلاف وكيل النكاح اهـ.
فيلزم الموكل كما سيذكره وظاهره أن للوكيل الرد حيث لم يعلم به سواء كان من العيوب الظاهرة أو الخفية وقيده اللخمي بما إذا كان ظاهرًا وأما الخفي كالسرقة ونحوها فلا شيء على الوكيل ولم يذكر ابن عرفة ولا صاحب الشامل هذا التقييد ويلزم الموكل في الخفي وما مر عن تت من أن الضمير في يعينه للمعيب خلاف ما يفيده التوضيح من أنه للمشتري بالفتح وإن لم يعين أنه معيب لأنه علل عدم رد الوكيل له إذا عينه الموكل بقوله لاحتيال أن يكون الآمر قد علم بعيبه أو يغتفره عند اطلاعه عليه لفرصة فيه اهـ.
ثم قال وهذا كله إنما هو في الوكيل المخصوص وأما المفوض فيجوز له أن يرد ولو عين الآمر له المشتري وكذا له أن يقيل ونحو ذلك من غير محاباة نص عليه في المدونة (وطولب بثمن) لسلعة اشتراها أو باعها لموكله فالمطالب له به الأجنبي في الأولى وموكله في الثانية (ومثمن) كذلك اشتراه أو باعه لموكله ولذا بنى طولب للمجهول (ما لم يصرح بالبراءة) من الثمن أو المثمن فإن صرح بها بأن قال وينقد هو دوني لم يطالب وإنما المطالب بما ذكر الموكل وما لم يكن العرف عدم طلبه بهما كما مر وشبه في المفهوم وهو التصريح بالبراءة أو مثل لها بقوله (كبعثني فلان لتبيعه) أو ليشتري منك فلا يطالب بثمن (لا) بعثني فلان (لأشتري منك) وكذا لو قال لأشتري له منك فيطالب به لأن زيادة له لا تخرجه عن كونه وكيلًا ولو نص على هذه لفهمت صورته بالأولى ولو أقر المرسل بأنه أرسله فلا مطالبة عليه وإنما هي على الوكيل ومثل ذلك بعثني لتبيعني (و) طولب وكيل أي طالبه مشتر (بالعهدة) لما اشتراه منه وهي تبعات المبيع كعيب واستحقاق (ما لم يعلم) المشتري أنه وكيل فإن علم لم يطالبه بها إن كان غير مفوض وإلا فيطالبه بها وإن لم يعلم فالمفوض يطالب بها في ثلاث صور عدم علم المشتري به أنه وكيل وعلمه بأنه وكيل فقط أو مفوض ويطالب غير المفوض في صورة المصنف وهي إذا لم يعلم المشتري منه فإن علم طالب بها الموكل لكن في المفوض يصير للمشتري غريمان المفوض الموكل كالشريك المفوض والمقارض بخلاف القاضي والوصي والسمسار كالوكيل فيطالب بالعهدة إن عرف بالبيع وعليه إحضار رب المتاع عند استحقاقه أو عيبه فإن لم يحضره غرم له (وتعين) مع كون الوكالة مفوضة (في) العقد (المطلق) لبيع أو شراء لم يذكر نوع ثمنه ولا جنسه (نقد البلد) الذي يبيع أو يشتري فيه وقول الشارح بلد التوكيل
ــ
وقد أثنى عليه ولد ابن عاصم في شرح التحفة (لا لأشتري منك) الفرق بين هذا وما قبله أنه في هذا أسند الشراء لنفسه وفيما قبله أسنده لغيره وقول ز ولو أقر المرسل بأنه أرسله الخ مثله للشارح وفيه نظر والذي في ح ما نصه إلا أن يقر الموكل فليتبع أيهما شاء نقله في ضيح زاد ابن عرفة إلا أن يدعي الآمر أنه دفع الثمن للمأمور فيحلف ويبرأ ويتبع المأمور اهـ.
(وبالعهدة ما لم يعلم) أي وما لم يحلف الوكيل أنه كان وكيلًا في البيع كما نقله المواق
حمل على ما إذا وقع العقد فيه (و) تعين في المطلق شراء (لائق به) أي بالموكل (إلا أن يسمى الثمن) فإن سماه (فتردد) في جواز شراء ما لا يليق حيث لا يحصل به ما يليق وعدم جوازه والاستثناء من مفهوم لائق أي لا غير لائق إلا أن يسمى الخ لأن التأويلين إنما هما في شراء غير اللائق مع التسمية وكان ينبغي أن يقول تأويلان (و) تعين في العقد المطلق لبيع أو شراء (ثمن المثل والأخير) إلا في شيء يسير يتغابن بمثله وقوله والأخير راجع للمسائل الثلاث أي وإلا بأن خالف وباع بعرض أو بحيوان أو بنقد لا غير البلد خير الموكل في إجازة فعل الوكيل وأخذ ما بيعت به وفي نقضه وأخذ سلعته إن كانت قائمة وإن فاتت خير أيضًا في إجازة فعله وأخذ ما بيعت به وفي تضمينه قيمتها لتعديه (كفلوس) مثال لما فيه التخيير لأنها ملحقة بالعروض (إلا ما شأنه ذلك) أي بيعه بالعروض كالبقل وقليل الثمن فيلزم الموكل (لخفته) لأن الفلوس كالعين بالنسبة لهذه السلعة القليلة الثمن وهذا مما يشمله قوله وتعين في المطلق نقد البلد (كصرف ذهب بفضة) تشبيه في التخيير مطلقًا ولكن إن كان ما اشتراه لقد أخير مطلقًا قبضه أم لا وإن كان سلمًا خير إن قبضه في إجازته ورده فإن لم يقبضه فليس له إجازته كما في المدونة لما فيه من فسخ دين في دين وبيع الطعام قبل قبضه إن كان طعامًا وسيأتي في كلام المصنف الإفصاح بذلك بقوله والرضا بمخالفته في سلم فإطلاقه هنا مقيد بما يأتي فظهر أن التشبيه في كلامه تام لأن شراءه أعم من كونه نقدًا أو لأجل ولا يضره فرض المدونة لها في السلم لأنه محض فرض ولا يختص به فتأمله قاله الشيخ أحمد بابا ورد به قول تت تشبيه غير تام لأن التخيير فيما قبله قبل القبض وبعده وفيما بعده بعد فقط انتهى.
ــ
عن المدونة معترضًا به إطلاق المصنف رحمه الله وقول ز فيطالبه بها وإن لم يعلم الخ صوابه وإن علم تأمله (ولائق به) ابن عاشر هذا لا يندرج فيما قبله فإذا جرى العرف بقصر الدابة على الحمار وقلت لرجل اشتر لي دابة فلا يشتري إلا حمارًا أما إن كانت أفراد الحمير متفاوتة فلا يشتري إلا لائقًا به فاللائق أخص مما قبله إذ هو معتبر في كل فرد بخصوصه اهـ.
وقال ح هذه الأمور الثلاثة مما يندرج في قوله وتخصص وتقيد بالعرف وإنما نص عليها ليرتب عليها قوله والأخير اهـ.
قلت لعل ح راعى العرف الخاص بالنسبة للموكل وابن عاشر راعى عرف البلد وما ذكره ح أظهر (وثمن المثل) هذا إن لم يسم ثمنًا فإن سماه تعين وهل التسمية تسقط عن الوكيل النداء والشهرة قولان قال ابن بشير ولو باعه بما سماه له من غير إشهار فقولان أحدهما إمضاؤه والثاني رده لأن القصد طلب الزيادة وعدم النص انظر ح (كصرف ذهب بفضة) صورتها قول المدونة إن دفعت إليه دنانير يسلمها في طعام فلم يسلمها حتى صرفها بدراهم فإن كان هو الشأن في تلك السلعة أو كان ذلك نظرًا فذلك جائز وإلا كان متعديًا وضمن الدنانير ولزمه الطعام اهـ.
وإنما لزم عليه بيع الطعام قبل قبضه لأن الطعام لزم الوكيل بمجرد شرائه المخالف فإذا رضي الموكل بذلك فكان الوكيل باعه الطعام قبل قبضه من المسلم إليه (إلا أن يكون الشأن) فعل الصرف المذكور يريد أو كان نظرًا كما في المدونة ولعله تركه لوضوحه قاله د وعطف على كفلوس قوله (وكمخالفته مشترى) بفتح الراء (عين أو سوقًا أو زمانًا) فيثبت الخيار للموكل فظاهره كابن الحاجب سواء كان مما تختلف بهما الأغراض أم لا بخلاف ما لابن شاس واستقرب ابن عرفة الأول (أو بيعه) أي الوكيل (بأقل) مما سمى له موكله ولو بيسير فيخير موكله لأن الشأن في البيع طلب الزيادة (أو اشترائه بأكثر كثيرًا إلا كدينارين) الكاف استقصائية (في أربعين) وثلاثة في ستين وأربعة في ثمانين وواحد في عشرين ونصفه في عشرة وربعه في خمسة وهكذا كذا ينبغي في الجميع وقوله أو بيعه بأقل أي أو مخالفته في بيعه بأقل ففي مقدرة وهي للسببية أي أو مخالفته بسبب بيعه بأقل لأن المخالفة بسببه لا فيه وقوله أو اشترائه بأكثر أو مخالفته باشترائه بأكثر أي بسبب اشترائه بأكثر وأكثر هنا ليس على بابه بل الزيادة سواء كان الأصل في نفسه كثيرًا أو قليلًا ثم إن هذه الزيادة قد تكون كثيرة وقد تكون يسيرة فإن كانت كثيرة فالتخيير وإن كانت يسيرة فلا خيار وإلى ذلك أشار بقوله كثيرًا فأفاد الحكمين بالمنطوق والمفهوم وقوله إلا كدينارين الخ بيان لمفهوم قوله كثيرًا كأنه قال لا إن قلت الزيادة كدينارين في أربعين فلا خيار للموكل وفي بعض النسخ لا بدل إلا وهو الصواب أو إلا بمعنى غير وهذا أولى من التصويب لأنه إذا أمكن تصحيح العبارة من غير تصويب كان أولى (وصدق) الوكيل بيمين (في دفعهما) للبائع فيرجع بهما على الموكل (وإن سلم) المبيع له (ما لم يطل) زمن
ــ
لكن لا خصوصية للسلم بذلك كما يفيده كلام ز وغيره وقول ز إن كان ما اشتراه نقدًا خير مطلقًا قبضه أم لا الخ فيه نظر لأن تخييره قبل القبض فيما يذكره بعد في السلم من فسخ الدين في الدين وبيع الطعام قبل قبضه إن كان طعامًا فالتخيير في الجميع يقيد بكونه بعد القبض كان حالًا أو مؤجلًا وإلا منع فيهما فتأمله وقول ز ورد به قول تت تشبيه غير تام الخ ما في تت نحوه في خش ويرد أيضًا من وجه آخر وهو أن التفصيل المذكور في هذا جار فيما قبله أيضًا فقوله فيما قبله قبل القبض وبعده لا يصح على إطلاقه كما يعلم ذلك بالتأمل (وكمخالفة مشتري عين) قول ز بفتح الراء الخ يصح كسرها أيضًا وإضافة مخالفة إلى مشتري قال ابن شاس مخصصات الموكل معتبرة لو قال بيع من زيد لم يبع من غيره اهـ.
(إلا كدينارين في أربعين) تقرير ز على أن الاستثناء خاص باشترائه بأكثر ونحوه في غ قال ح وهو الذي مشى عليه عبد الحق وابن يونس واللخمي والمتيطي وصاحب الجواهر اهـ.
قلت نص أبي الحسن قال بعض الناس إذا باع السلعة بأقل مما سماه الآمر باليسير لم يلزم الآمر ذلك بخلاف مسألة الشراء بزيادة ابن يونس وفيه نظر الشيخ يعني وفي التفريق بينهما نظر والتفريق هو الذي عليه الأكثر ثم نقل عن ابن محرز أن الصواب لا فرق بين البيع والشراء فانظره (وصدق في دفعهما) قول ز ليشمل نقصهما عن ثمن مبيع الخ هذا مبني على
سكوته عن طلبهما من الموكل فلا يصدق في دفعهما والأولى أن يقول بدل في دفعهما فيهما ليشمل نقصهما عن ثمن مبيع باعه للموكل وإذا صدقه الموكل في دفعهما وطال الزمن وادعى الموكل دفعهما للوكيل فانظر هل يجري ذلك على حكم من ادعى دفع دين عليه لربه فيجري فيه الخلاف المذكور في ذلك أو يجري على مسألة المكتري إذا ادعى دفع الأجرة كما سيأتي في قوله وله وللجمال بيمين في عدم قبض الأجرة وإن بلغا الغاية إلا لطول فلمكتريه بيمين ولما قدم أن الوكيل إذا خالف يثبت لموكله الخيار في الرد والإمضاء ذكر أنه إذا رد لا يرد المبيع بل يلزم الوكيل فقال (وحيث خالف) الوكيل وزاد كثيرًا (في اشتراء) أو اشترى غير لائق أو غير ما عين له بلفض أو قرينة أو عرف أو وكله على شراء متعدد من كثياب بصفة معينة فابتاع واحدًا منها بالثمن كله (لزمه) أي الوكيل ما اشتراه ولو خطأ لتقصيره وهذا إن اشترى على البت أو على الخيار البائع وأمضى وإلا لم يلزمه وله ردها وانظر إذا كان الخيار لهما واختار أحدهما الإمضاء والآخر الرد وكذا له الرد إذا علم البائع أنه يشتري لفلان وأنه خلاف ما أمره به أو ثبت ذلك ببينة وقوله لزمه وهو محل الإفادة وأما تخيير الموكل فقد علم مما سبق ومحل لزوم ذلك للوكيل (إن لم يرضه موكله) حيث يجوز له الرضا به بأن كان غير سلم وإلا منع الرضا به إن دفع له الثمن بدليل ما يأتي له قال د حيث هنا تحتمل الشرطية فالفعل في محل جزم والجزم بها بدون ما قليل ويحتمل أن تكون ظرفية معمولة لقوله لزم أي وهو الأحسن وتكون ظرف زمان ويستثنى من قوله لزمه ما إذا اشترى شراء فاسد ولم يشعر بفساده وفات المبيع فتلزم القيمة للموكل وذكر قوله إن لم يرضه موكله مع استفادته من قوله قبل أن الموكل يخير حيث خالف المشتري لأن ما سبق تخيير في شيء خاص وهذا عام في صور المخالفة كلها وليشبه به قوله (كذى عيب) يرد به شرعًا اشتراه الوكيل مع علمه به فيلزمه دون الموكل إن لم يرض به (إلا أن يقل) وهو ما يغتفر مثله عادة بالنظر لما اشترى له ولمن اشترى له (وهو) أي لشراء (فرصة) أي غبطة بخلاف غير القليل كشراء دابة مقطوعة ذنب لذي هيئة فلا يلزم ولو رخيصة وكذا جارية عوراء لخدمة من يزري به خدمتها ويلزم الوكيل ذلك إن علم بالعيب وإلا لم يلزمه وله الرد (أو) خالف الوكيل (في بيع) فباع بأنقص مما سمى له أو مما اعتيد (فيخير موكله) في إجازته وأخذ الثمن وفي رده وأخذ سلعته أو قيمتها إن فاتت يوم فواتها بتغير سوق أو بدن وله أن يأخذ مع فوتها ما سمى له
ــ
رجوع الاستثناء للبيع والشراء معًا وتقدم أنه خلاف قول الأكثر وخلاف ما قرر به هو وقول ز فانظر هل يجري ذلك الخ الظاهر الأول فيحمل على مسألة الدين دون الكراء لأن الدرهمين دفعهما الوكيل سلفًا فهما بالدين أشبه ولا وجه للتوقف في ذلك والله أعلم (وحيث خالف في اشتراء لزمه) قول ز وانظر إذا كان الخيار لهما الخ تقدم في باب الخيار أن الحق في هذه لمن اختار الرد منهما كان بائعًا أو مشتريًا (أو في بيع فيخير موكله) قول ز وله أن يأخذ مع فواتها ما سمى له الخ ما ذكره من القولين في هذا ذكرهما اللخمي ونصه وهل له مطالبة الوكيل
على أحد قولين ومحل تخييره إن أثبت الوكيل أن السلعة ملك له أي للموكل ويحلف على التعدي ولا يعد بتعديه ملتزمًا لما سمى له الموكل من ثمن السلعة على المشهور بخلاف وكيل المرأة في الخلع إذا زاد كما تقدم في بابه وقول تت قول الشارح له في المخالفة في البيع يلزم الوكيل النقص غير ظاهر اهـ.
يمكن أن يجاب عن الشارح بحمله على حالة عدم إثباته أن السلعة للموكل وإنما ذكر قوله أو في بيع الخ مع استفادته من قوله فيما مر والأخير ليكمله بقوله إن لم يلتزم الخ فإنه راجع لمخالفته في البيع والشراء وبقوله (ولو) كان لبيع بمعنى المبيع أو ولو كان الموكل فيه (ربويًّا بمثله) ومثل له في توضيحه بقوله بيع سلعتي بقمح فباعها بفول أو بعها بدراهم فباعها بذهب وتبعه الشارح وزاد أو العكس انتهى.
واعترضا بأنه ليس في العرض المذكور خيار بين ربويين حيث كان الموكل على بيعه غير ربوي وذلك لأن الموكل يخير بين أخذ ما بيع به متاعه وبين أخذ متاعه فلم يخير بين ربويين ولذا قال غ بعد نقل كلام التوضيح صوابه بيع القمح بدراهم فباعه بفول أو اشتر سلعة بعين فصرفها بعين وجاء بها انتهى.
انظر تت ومثله بيع هذا الربوي بعرض فباعه بطعام وكذا إذا كانت العادة كذلك في هذا فإنه يعمل بها كما يعمل بها فيما ذكره غ وإنما خير الموكل هنا وإن أدى لبيع طعام قبل قبضه أو صرف مؤخر بناء على أن الخيار الحكمي ليس كالشرطي وهو المشهور وما يأتي له من منع ما أدى لذلك خاص بالسلم ونحوه ما تقدم في مسألة بيعتين في بيعة فإنه مبني على أن الخيار الحكمي كالشرطي ومحل تخيير الموكل فيما بالغ عليه المصنف إذا لم يعلم المشتري بتعدي الوكيل وإلا فسد العقد نقله ابن عرفة عن المازري قال بعضهم
ــ
بتمام الثمن قولان ابن القاسم له ذلك بناء على أنه ملتزم للتسمية وقيل ليس له ذلك بناء على أن الأصل عدم الالتزام اهـ.
وقال في ضيح اختلف هل يعدّ الوكيل بتعديه ملتزمًا لما أمره به الموكل ونقل عن ابن القاسم أولًا وهو المشهور اللخمي وهو أحسن اهـ.
وبه يسقط ما في المواق من التنظير في قول ابن شاس فإن سمى فهل له مطالبته بما سمى أو بالقيمة قولان اهـ.
إذ قال انظر هذا مع ما تقدم عند قوله وكبيعه بأقل اهـ.
والذي قدمه هناك هو قول سماع عيسى تلزم التسمية وقد علمت أنه خلاف المشهور والله أعلم (ولو ربويا بمثله) قول ز أو ولو كان الموكل فيه الخ نحوه قول تت ولو أمره ببيع ربوي الخ قال طفى وهي عبارة فيها قلق لأنه قد لا يأمر بذلك كما لو قال له اشتر بالعين سلعه فصرفها بالعين وإنما آل الأمر إليه فالصواب قول الشارح إن الموكل له الخيار ولو كان مؤديًا إلى ربوي بمثله اهـ.
ومبالغته على الربويّ بمثله تقتضي أنه لا يجري في الطعام غير الربوي مع أنه يجري فيه كما يفيده بناء الخلاف المذكور فلو قال ولو طعامًا بمثله لسلم من ذلك وحيث قلنا للموكل الخيار عند المخالفة في بيع أو شراء فإنما ذلك (إن لم يلتزم الوكيل) وأولى المشتري (الزائد) على الثمن الذي سمى له في مسألة الشراء وعلى ما باع به في مسألة البيع فإن التزمه سقط خيار الموكل ولزمه العقد (على الأحسن) واستعمل المصنف الزائد في حقيقته وهو شراؤه بأكثر ومجازه وهو بيعه بأقل إذ هو نقص في المعنى أو هو من باب الاكتفاء وهو الأولى فكأنه قال بعد الزائد أو النقص على حد قوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] أي والبرد فينطبق كلامه على البيع والشراء وانظر هل التزام أجنبي كذلك أم لا لأن فيه منة بخلاف الوكيل لأنه لما تعدى فكان ما يلتزمه لازم له (لا إن زاد في بيع) كبيعه بعشرة ما أمره ببيعه بخمسة أو بعشرة نقدًا ما أمره ببيعه بها لأجل لأنها زيادة حكمًا إذ له حصة من الثمن (أو نقص في اشتراء) كاشتر فرسًا وعينها له أو على صفة بعشرين فاشتراها على ما ذكره بعشرة فلا خيار للموكل فيهما لأن هذا مما يرغب فيه فكأنه مأذون له فيه وليس مطلق المخالفة توجب خيارًا وإنما يوجبه مخالفة يتعلق بها غرض صحيح وعطف على زاد قوله (أو) قال (اشتريها) أي بهذه المائة المعينة (فاشترى) بمائة غير معينة (في الذمة) له (و) أي ثم (نقدها) أي المائة المدفوعة له فلا خيار للموكل لأن الذي له حصة من الثمن إنما هو الأجل وهو منتف هنا كما في د فالمراد بقوله في الذمة أن يكون الثمن غير معين وليس المراد بها التأجيل إلا أن يقول الآمر إنما أمرتك بالشراء بعينها لأنه ربما فسخ البيع لعيب بها وليس عندي غيرها (وعكسه) أي قال اشتر في الذمة ثم انقد فاشترى ابتداء بها أي أو قال عكسه لأنه هنا فيه معنى الجملة فيصح أن يعمل فيه القول إلا أن يقول إنما أمرتك بالشراء في الذمة خوف أن يستحق الثمن فيرجع البائع في المبيع وغرضي بقاؤه ويقبل قوله في غرضه ويفيد القيد في المسألتين التوضيح عن المازري وفي دعوى تت أنهم لم يعتبروا ذلك نظر (أو) قال اشتر (شاة بدينار فاشترى به اثنتين) هما أو إحداهما على الصفة واشتراهما بعقد واحد بدليل قوله (لم يمكن إفرادهما) أي لا يقدر أن يشتري إحداهما منفردة لعدم رضا بائعهما به والمراد أيضًا أنه لم يمكنه الإفراد في غيرهما لعدم وجود الصفة المطلوبة قاله د (وإلا) بأن أمكن إفرادهما واشتراهما معًا (خير) الموكل (في) قبول (الثانية) أي ثانية الاثنتين لا بعينها مما بعقد بين إجازتها وردها فيرجع بحصتها من الدينار فليس المراد التي اشتريت ثانيًا لما علمت أن الموضوع أنهما بعقد واحد فإن كانتا بعقدين لزمت الأولى إن كانت على الصفة وخير في الثانية فإن كانت هي التي على الصفة لزمته وخير في الأولى فإن لم يكونا على الصفة خير فيهما كانتا بعقد أو عقدين ونحو ما للمصنف نقل ابن عرفة وإن لم يوافق قولًا
ــ
(والأخير في الثانية) قول ز وإلا بأن أمكن إفرادهما الخ يعني أو كانتا مترتبتين ويصح
من أقوال ثلاثة في توضيحه فلا يعترض به على كلامه هنا كما ظن د وبما قررنا علم أن شاة منصوب عطفًا على معمول اشتر ولو قال كشاة لكان أشمل وكأنه قصد التبرك بالتلميح للخبر الوارد في ذلك الذي في تت وغيره فإن تلفت الشاتان كان ضمانهما من الموكل إن لم يكن إفرادهما وإلا لزم الوكيل واحدة (أو أخذ) بعد العقد (في سلمك حميلًا أو رهنا) فلا خيار لك لأن ذلك زيادة توثق فإن أخذهما فيه خير لأن لهما حصة من الثمن قاله أبو الحسن وكذا إن أخذ أحدهما قبل العقد للعلة المذكورة (وضمنه) أي وضمن الوكيل الرهن ضمان رهان إن تلف (قبل علمك) يا موكل به ويغني عنه لتضمنه له قوله (ورضاك) فإن رضي به ولو حكمًا كعلمه به وسكوته طويلًا فضمانه ضمان رهان من الموكل فإن لم يطل حلف أنه لم يرض به وضمنه الوكيل فإن رده الموكل فحبسه عنده حتى تلف ضمنه ضمان عداء أي كان مما يغاب عليه أم لا قاله ابن ناجي ومحل ضمان الوكيل في صورة من صوره ما لم يعلم البائع أنه وكيل فإن أعلمه فينبغي أن يكون كالأمين ومحله أيضًا في الوكيل المخصوص وإلا فضمانه من الموكل (وفي) بيعه (يذهب في) قوله بيع (بدراهم وعكسه قولان) في تخيير الموكل وهو الراجح بناء على أنهما جنسان ولزومه بناء على أنهما جنس واحد ومحلهما إن كان الذهب والدراهم نقد البلد وثمن المثل والسلعة مما تباع به بهما والأخير موكله قولًا واحدًا وفي بعض النسخ بالباء وفي داخلة على محذوف أي بيعه وفي الثانية داخلة على قول محذوف كما قررنا فيهما لأن حرف الجر لا يدخله على مثله أو يقال في بدراهم دخلت الباء على سبيل الحكاية كما في غ أي بهذا اللفظ وفي بعض النسخ وفي ذهب بدون باء وعليها فيحتاج إلى تقديرين هما وفي بيعه بمال ذهب وعلم مما قررنا أن القولين ليسا في الجواز وعدمه إذ هو ممنوع من مخالفة الأمر ولا مخالفة بين ما هنا وبين قوله كصرف ذهب بفضة لاختلاف الموضوع لأن ما مر أعطاه ذهبًا يشتري له به سلعة فصرفه بفضة ثم اشترى بها السلعة وهنا وكل على بيعها بنقد معين فخالف وباعها بغيره واتفق على التخيير هناك واختلف فيه هنا لأن الأصل فيمن وكل شخصًا على شراء شيء إنما يدفع له من النقد ما هو أصلح بالشراء من غيره فمخالفة الوكيل له فيه نوع عداء وأما الوكيل على البيع هنا فالأصل أنه إنما يفعل ما
ــ
دخول هذه تحت إلا كما في ح وانظر طفى (وفي ذهب بدراهم وعكسه قولان) القول باللزوم اختاره اللخمى وصححه ابن الحاجب وتؤولت عليه المدونة قال في الشامل ومضى في بعه بذهب فباع بورق وعكسه على المختار والمؤول اهـ.
وأما القول بالتخيير فقد استظهره ابن عرفة كما في ق ولعل هذا هو الذي حمل خش على قوله قولان مشهوران وفيه نظر قوله ز لاختلاف الموضوع أي لأن موضوع ما هنا أنه أمره أن يبيع بالذهب فباع بالفضة أو العكس وموضوع ما تقدم أمره أن يشتري وبأحدهما فاشترى بالآخر بعد الصرف وليست هذه من محل الخلاف خلافًا لما في خش من حمل ما هنا على الصورتين
فيه غرض موكله أيضًا وإنما يعدل عن غرضه لما يرى أنه أصلح له فإن نظرنا إلى هذا لم يكن للموكل خيار وإن نظرنا إلى الظاهر من أنه مخالف لغرضه أوجبنا له الخيار فلذا جاء القولان فتأمله فإنه حسن (وحنث بفعله) أي الوكيل (في لا أفعله إلا بنية) عند اليمين من الموكل أنه لأفعلنه بنفسه فلا يحنث بفعل الوكيل ويبر بفعله أيضًا في لأفعلنه إلا بنية نفسه ولو نص على هذا لفهم ما ذكره منه بالأولى لأنه لما كان يحتاط في جانب البر فيتوهم أنه لا يبر بفعل الوكيل وأيضًا قدم مسألته هنا في باب اليمين حيث قال وكتوكيله في لا يبيعه ولا يضربه وإن قصرها على البيع والضرب إذ فرض المثال لا يخصص وكلامه واضح في شيء يحصل المقصود منه بفعل الوكيل أو الموكل كضرب وبيع وكذا دخول دار فيما يظهر لقبوله النيابة حيث لم يقصد الدخول بنفسه وهو ظاهر ق في صيغة البر في كدخول لا في صيغة حنث كلأدخلن الدار فلا يبر بتوكيله في دخولها وكذا كل ما لا يحصل المقصود منها بفعل الوكيل كحلفه لآكلن فلا يبر بأكل وكيله ولا يظهر فيه نية وجدان أكل ولو من غيره وكلامه أيضًا في اليمين بالله أو بعتق غير معين لا في طلاق أو عتق معين فيقع كما قدمه في باب اليمين بقوله إلا لمرافعة وبينة أو إقرار في طلاق وعتق فقط أي معين (ومنع ذمي) أي منع مسلم من توكيله لمطلق كافر (في بيع أو شراء أو تقاض) ولو رضي به من يتقاضى منه لحق الله فليس كتوكيل العدوّ على عدوّه ولأنه ربما أغلظ على
ــ
وقول ز وإنما يعدل عن غرضه الخ هذا يقال في الصورة الأخرى أيضًا والفرق ليس بظاهر (وحنث بفعله الخ) قول ز وهو ظاهر ق في صيغة البر في كدخول لا في صيغة حنث الخ تفريقه في الدخول بين صيغة البر وصيغة الحنث فيه نظر بل ظاهر كلام ابن رشد أنه لا فرق بينهما مطلقًا وعن ابن رشد يد الوكيل كيد الموكل فيما وكله عليه فمن حلف أن لا يفعل فعلًا فوكل على فعله فهو حانث إلا أن يكون نوى أن لا يفعله هو بنفسه وكذلك من حلف أن يفعل فعلًا فوكل غيره على فعله فقد برئ إلا أن يكون قد نوى أن يلي هو ذلك الفعل بنفسه اهـ.
وعليه اقتصر ق وح فظاهره لا فرق بين الدخول وغيره في الصورتين وبه تعلم أن الرمز الذي في ز للقاني لا للمواق (ومنع ذمي في بيع أو شراء أو تقاض) قوله ز عن تت ولعله لم يستحضر مناقشة ابن عبد السلام وابن عرفة الخ قال طفى عقبه فيما قاله تت انظر إذ مناقشة ابن عبد السلام وابن عرفة لا ترد على الشارح لأنهما ناقشا ابن الحاجب في عزوه للمدونة لفظ على مسلم ولم ينكرا معناه قال ابن عبد السلام تأولها بعض الشيوخ على ما قال المصنف وقال ابن عرفة الصقلي عن بعض القرويين توكيله على الاقتضاء تسليط له على المسلمين وعلى أن يغلظ عليهم إذا منعوه فكره ذلك لئلا يذل المسلمين قلت هذا إن وافق لفظ ابن الحاجب فليس هو من لفظها اهـ.
وقد قال ح مناقشة ابن عبد السلام وابن عرفة إنما هي في عزوه للمدونة لفظ على مسلم لا في تقييد المسألة بذلك لأن كلام ابن يونس يدل على ذلك فظهر لك صحة تقييد الشارح والله الموفق للصواب وكان تت لم يستحضر كلام المصنف رحمه الله في توضيحه
المسلم وشق عليه بالحث في الطلب وفي تت عقب أو تقاض لدين لعدم تحفظه أي من فعل الربا وظاهره كالمدونة سواء تقاضاه من مسلم أو ذمي ثم قال بعد نصها وهو خلاف قول الشارح أي من مسلم واستظهره في الكبير ودرج عليه في شامله وتبع في ذلك قول ابن الحاجب وفيها لا يوكل الذمي على مسلم ولعله لم يستحضر مناقشة ابن عبد السلام وابن عرفة بأنه ليس فيها كونه على مسلم انتهى.
كلام تت وكلام المصنف شامل لما إذا كان الذمي عبد المسلم وكذا يمتنع على المسلم شركة الذمي ولا يمنع المسلم عبده الذمي من ذهابه للكنيسة ولا من شرب الخمر أو أكل الخنزير وانظر لو كان على مسلم دين لذمي هل له توكيل ذمي عليه أم لا وهو الظاهر للتعليل المتقدم وأشعر قوله منع ذمي بأنه يجوز توكيله لمسلم في كل شيء ولكن قال البرزلي عن بعضهم الوكالات كالأمانات فينبغي لأولي الأمانات أن لا يتوكلوا لأولي الخيانات وعن مالك كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينًا للخونة ولا يتوكل مسلم لكافر ولا كبير لطفل ولا طفل لكبير اهـ.
وقوله ولا طفل لكبير أي على أحد قولين لأنه تقدم الخلاف في منعه وعدمه للخمي وابن رشد قال الوالد ينبغي أنه إذا وقع البيع أو الشراء أو التقاضي الممنوع على وجه الصحة أن يمضي اهـ.
أي ويحتمل الفساد لأنه الأصل في المنهي عنه إلا لدليل وظاهر قوله منع ذمي الخ أنه لا يمنع توكيله في غير ما ذكر كقبول النكاح لمسلم وفي دفع هبة وعطف على ذمي قوله (وعدوّ على عدوّه) المسلم أو الكافر قال ح إن لم يرض به اهـ.
ولا يخالف ما قالوه في صلاة الجماعة في قوله وإعادة جماعة بعد الراتب وإن أذن من تعليله بأن من أذن لشخص أن يؤذيه لم يجز أن يؤذيه لأنه حق الله للفرق بأن الأذية في ذلك أذية من الإِمام وممن يصلي معه فهي أشد من أذية عدو واحد وبأن الأذية في الأولى محققة وقد لا توجد في العدّو لدفعه الحق بسهولة ثم ظاهر المصنف هنا كانت العداوة دنيوية أو دينية وفي تت البساطي ولا يجوز توكيل يهودي على نصراني وعكسه ولا أعلم خلافًا أنه يجوز توكيل المسلم على الكافر انتهى.
أي فيستثني ذلك لشرف المسلم إلا أن يكون بينهما عداوة دنيوية ومثل توكيل العدوّ توكيل من عنده لدد وتشغيب في الخصومات فلا يحل للقاضي قبول وكالته على أحد كما قال ابن لبابة وابن سهل وللرجل أن يخاصم عن نفسه عدوّه إلا أن يبادر لأذاه فيمنع من
ــ
(وعدو على عدوه) قول ز ولا يخالف ما قالوه في صلاة الجماعة الخ الظاهر في الفرق أن المدين هنا قادر على دفع الإذاية عنه لدفعه الحق بسهولة فلذا كان له الرضا به وقول ز ثم ظاهر المصنف هنا الخ الحق تقييد العداوة هنا بالدنيوية وتوكيل المسلم الكافر إنما منع لعدم
ذلك ويقال له وكل غيرك انظر ح (و) منع على الموكل (الرضا بمخالفته) أي الوكيل (في سلم إن دفع) له (الثمن) وكان مما لا يعرف بعينه واطلع على المخالفة قبل قبض الوكيل وقال أسلمه في كذا فأسلمه في غيره لأنه لما تعدى ضمن الثمن دينًا ثم فسخه فيما لا يتعجله وهو دين بدين ويزاد في الطعام بيعه قبل قبضه لأنه قد وجب للمأمور فلا يبعه حتى يقبضه قاله تت فإن كان مما يعرف بعينه جاز وكذا إن اطلع على المخالفة بعد قبض الوكيل المسلم فيه ولو قبل حلول أجله فيجوز للموكل الرضا به طعامًا أو غيره كان الثمن المدفوع له مما يعرف بعينه أم لا ووجه الجواز في المدونة في الطعام بأنه تولية للموكل من الوكيل بالثمن الذي ترتب عليه بالمخالفة للموكل أي فليس فيه بيع الطعام قبل قبضه وأما الاطلاع بعد حلول الأجل وقبل قبض الوكيل فيمنع الرضا إن كان المسلم فيه طعامًا وإلا جاز ومفهوم الشرط إن لم يدفع له الثمن جواز الرضا بمخالفته في سلم ولو طعامًا بشرط أن يعجل له رأس المال الآن وإلا منع ولو تأخر يسيرًا لأنه بيع دين بدين (و) منع (بيعه) أي الوكيل ما وكل على بيعه من نفسه (لنفسه) ولو سمى له الثمن على المعتمد كما يفيده ابن عرفة لاحتمال الرغبة فيه بأكثر مما سمى فإن تحقق عدمها فيه أو اشتراه بحضرة ربه أو أذن له في الشراء لنفسه جاز كمن بعث مع حاج أو غاز مالًا ليعطيه لمن انقطع فاحتاج المبعوث معه له وانقطع فله الأخذ كما في سماع ابن القاسم (ومحجوره) صغير وسفيه وعبد غير مأذون له في تجارة لأن الذي يتصرف له إنما هو الحاجز فكأنه بيع لنفسه ومثل محجوره شريكه المفاوض إن اشترى بمال المفاوضة كما قيد به سحنون المدونة وهو قيد معتبر وكذا ينبغي تقييد شركة العنان فإن اشترى كل بغير مالهما جاز فيهما ومثل البيع لمن ذكر الشراء منه (بخلاف زوجته ورقيقه) المأذون ولو حكمًا كمكاتبه لإحرازه نفسه وماله وابنه البالغ الرشيد فلا يمنع بيعه لمن ذكر (إن لم يحاب) فإن حابى في ذلك بأن باع ما يساوي عشرة بخمسة مثلًا فإنه لا يجوز ويمضي البيع ويغرم ما حابى به والعبرة بالمحاباة وقت البيع والفرق بين منع بيعه لمحجوره وجوازه لرقيقه أن المحجور لا يتصرف لنفسه بخلاف المأذون له والمكاتب والزوجة فإنهم يستقلون بالتصرف لأنفسهم وينسب إليهم (و) منع (اشتراؤه) أي الوكيل (من يعتق عليه) أي على الموكل (إن علم) الوكيل بالقرابة وإن جهل الحكم ومثله المبضع معه وعامل القراض ومن أخذت في
ــ
تحفظ الكافر لا للعداوة (والرضا بمخالفته في سلم) قول ز ووجه الجواز في المدونة في الطعام إلى قوله وأما الاطلاع الخ لا يمكن ترتبه على ما قبله لوقوع القبض فيه وإنما هو مرتب عند عج على الرضا بالطعام في مفهوم أن دفع الثمن فلو أخره عن قوله ومفهوم الشرط إن لم يدفع الخ كان صوابًا فتأمله وقول ز الاطلاع بعد حلول الأجل الخ ما ذكره فيه من التفصيل غير ظاهر والصواب المنع مطلقًا لأن فسخ الدين في الدين ممنوع وإن كان حالًا كما هو معلوم من البيوع (واشتراؤه من يعتق عليه) قول ز ومن أخذت في صداقها من يعتق عليها
صداقها من يعتق عليها (ولم يعينه موكله وعتق عليه) أي على الوكيل على الراجح كما في ق لا أنه مساو لعدم عتقه عليه كما في الشارح وغرم ثمنه للموكل (وإلا) بأن عينه له موكله كاشتر لي هذا الرقيق أو عبد فلان فاشتراه فإذا هو أخوه مثلًا وإن لم يعلم الموكل بالقرابة أو الحكم وسواء علم الوكيل بأنه يعتق على موكله أم لا (فعلى آمره) الموكل يعتق بمجرد شراء الوكيل والولاء للآمر عتق عليه أو على الوكيل لأنه كأنه أعتقه عن الموكل وكذا يعتق على الموكل إذا لم يعلم الوكيل بالقرابة سواء عينه له الموكل أم لا وإنما يعتق على الوكيل فيما إذا علم بالقرابة كما مر إن أيسر فإن أعسر ببعضه عتق ما فضل منه والولاء للموكل وإن أعسر بجميعه بيع كله كان أعسر ببعضه ولم يوجد من يشتريه مشقصًا فيما يظهر والثمن كله حينئذ للموكل ولو حصل فيه ربح دون الوكيل فإن ادعى الموكل علم الوكيل بقرابته للموكل حلف الوكيل لأنه ادعى عليه عمارة ذمته والأصل عدمها ويلزم الموكل الشراء والعتق فإن نكل حلف الموكل وأغرمه الثمن وعتق على الوكيل اتفاقًا لإقراره أنه اشتراه غير عالم أنه ممن يعتق على موكله فقد أقر الوكيل بحريته على الموكل وهو قد جحده وذلك ظلم انظر د وتت فإن ادعى الوكيل أنه عينه له وقال الآمر بل عينت عبدًا غيره فقيل القول للآمر وقيل للوكيل والعبد حر اتفاقًا قاله طخ والراجح الثاني كما في د قال وسكت المصنف عما إذا اشترى الوكيل من يعتق على نفسه ووقع في المذاكرة أنه لا يعتق عليه لأنه لا يملكه وسواء قلنا أن العقد يقع فيه للموكل ابتداء أو للوكيل مراعاة للقول الآخر اهـ.
(و) منع (توكيله) أي الوكيل غير المفوض على ما وكل فيه بغير رضا الموكل (إلا أن لا يليق به) ذلك بأن كان مشهورا بأن لا يلي مثل ذلك بنفسه أو يعلم ذلك الموكل انظر كتوكيله لجليل قدر عند الناس على بيع دابة بسوق فيوكل في بيعه ثم هذا واضح حيث علم الموكل أن الوكيل لا يليق به ما وكل عليه أو يكون مشهورًا بذلك ويحمل الموكل على أنه علم بذلك ولا يصدق أنه لم يعلم وأما إن لم يعلم الموكل ولا اشتهر لوكيل بذلك فإنه ليس له التوكيل وهو ضامن للمال ورب المال محمول على أنه لم يعلم (أو) إلا أن (يكثر) فهو منصوب عطف على لا يليق لا على يليق لفساد المعنى فيوكل من يشاركه في الكثير وليس له توكيله فيه استقلالًا بخلاف الأولى (فلا ينعزل الثاني بعزل الأول) ولا بموته وينعزل كل منهما بموت الموكل الأول وله عزل كل كما أن للوكيل
ــ
الخ ولو أسقط هذه لكان أولى لأن الزوجة فيها أخذت الرقيق لنفسها وكلامنا فيمن يأخذه لغيره بالنيابة عنه وقول المصنف عتق عليه مقيد كما في ضيح بما إذا لم يبين الوكيل أنه يشتريه لفلان قال فإن بين ولم يجز الآمر نقض البيع اهـ.
(وتوكيله إلا أن لا يليق به) قول ز أي الوكيل غير المفوض الخ قال ابن رشد وأما الوكيل المفوض إليه فلا أحفظ في جواز توكيله غيره نصًّا واختلف فيه المتأخرون والأظهر أن
الأول عزل وكيله وسيأتي وانعزل بموت موكله إن علم الخ وأما المفوض فله التوكيل مطلقًا (وفي) جواز (رضاه) أي الموكل الأول بتوكيل الثاني (إن تعدى) الوكيل الأول (به) أي بتوكيله بأن منع منه لأنه لم تقع المخالفة فيما أمر به الموكل وإنما وقعت في التعدي بوكالته ومنع رضاه بفعله إذ بتعدي الأول صار الثمن دينًا عليه فلا يفسخه في سلم الثاني إلا أن يكون قد حل فيجوز لسلامته من دين بدين (تأويلان) محلهما حيث كان التعدي في سلم ودفع الثمن وغاب به وكان مما لا يعرف بعينه ولم يقبض الوكيل المسلم فيه قبل إطلاع الموكل على تعديه وإلا جاز باتفاقهما (و) منع (رضاه) أي الموكل (بمخالفته) أي الوكيل الذي لم يوكل (في) رأس مال (سلم) متعلق بمخالفته (إن دفع) له الموكل (الثمن) أي رأس المال وأمره بدفعه بعينه وقوله (بمسماه) متعلق بمخالفته أيضًا بدل كل من كل وهو في سلم فالمخالفة هنا في رأس المال كما في الشارح وغ أي خالف الوكيل بأن زاد في رأس المال على القدر الذي سماه له زيادة كثيرة لا يزاد مثلها وقوله قبل والرضا بمخالفته في سلم إن دفع له الثمن مخالفة في جنس المسلم فيه أو نوعه فلا تكرار ويصح عكس العمل المذكور ويصح شمول كل من الموضعين للصور الثلاث المذكورة فالمناسب للاختصار الاقتصار على أحدهما ولا يرد حمل الشارح وغ لفظ في سلم وبمسماه المتبادر منهما أن المخالفة في المسلم فيه لما علمت مما قررنا أن في الكلام حذفًا تقديره في رأس مال سلم وأن قوله بمسماه بدل منه بدل كل من كل وتجعل الباء ظرفية فيه كهي في بمخالفته كما لبعض شيوخ د ويجعل قوله إن دفع الثمن من إقامة الظاهر مقام المضمر والأصل أن دفعه له وبهذا بطل استبعاد بعضهم حمل الشارع وغ ما هنا على المخالفة في الثمن من لفظ المصنف وحمله تت على المخالفة في المسلم فيه وهو وإن كان ظاهر المصنف لكنه يؤدي لمحض التكرار مع ما مر وعلل في المدونة منع رضا الموكل بمخالفة الوكيل بأنه لما تعدى ضمن الثمن دينًا ثم فسخه فيما لا يتعجله فهو دين مدين اهـ.
وعطف على بمخالفته قوله (أو) أمره أن يبيع سلعته بنقد أو كان العرف فخالف وباع (بدين) لأجل منع من ذلك في غير طعام بدليل قوله الآتي وإن أمره ببيع سلعته الخ وكان عين ما اشتراه بالدين أكثر مما سمى له أو من القيمة إن لم يسم أو كان من غير جنس المسمى أو قيمته ومنع لأن الرضا به يؤدي إلى فسخ ما في الذمة في مؤخر وهذا (إن فات) المبيع (وبيع) حينئذ ما اشترى بدين (فإن وفى) ثمنه (بالتسمية) أي المسمى من
ــ
له أن يوكل انظر ق وظهر به أن المفوض يوكل من غير تفصيل (تأويلان) الثاني منهما لابن يونس والأول عزاه في ضيح لبعضهم انظر ضيح وح وقول ز وتجعل الباء ظرفية كهي بمخالفته الخ الصواب أن قوله بمخالفته يتعلق برضاه وباؤه للتعدية لا للظرفية ولا للسببية (أو بدين إن فات) عطف قوله بدين على بمخالفته كما وطأ به يمنع مزجه بقوله أو أمره أن يبيع الخ وقول ز في غير طعام الخ إنما أخرج من هنا دين الطعام لأنه يمنع بيعه كما يأتي وهذا
الثمن للوكيل (أو القيمة) أخذه الآمر ولا كلام للوكيل إذ لا يربح المتعدي كما في د عن التوضيح وجواب فإن محذوف كما قررنا (وإلا) يوف ثمن المبيع بهما (غرم) الوكيل ما نقص (وإن سال) الوكيل (غرم التسمية) أي المسمى فهو مصدر بمعنى اسم المفعول (أو القيمة) الآن ولا يباع الدين بل يبقى لأجله (ويصير) الوكيل (ليقبضها) أي التسمية وأنث نظرًا للفظ وكذا القيمة أي ليقبض ذلك الدين إذا حل (ويدفع الباقي) من الدين للموكل (جاز إن كانت قيمته) أي الدين الآن (مثلها) أي التسمية يريد أو مثل القيمة (فأقل) إذ ليس للوكيل في ذلك نفع بل هو أحسن للموكل ويجبر الموكل على ذلك والجواز لا ينافي الجبر وإنما عبر بالجواز لرد قول أشهب بالمنع إذا كانت أقل ومذهب أشهب أظهر لأن السلف غير محقق إذا كانت القيمة أكثر ومفهوم الشرط لو كانت قيمة الدين أكثر من التسمية أو القيمة لم يجز الصبر لأنه يصير كان الموكل فسخ ما زاد على التسمية أو القيمة في الباقي كما لو باع بخمسة عشر لشهر وكان الموكل سمى له عشرة نقدًا فقيمته الآن إما عشرة أو ثمانية أو اثنا عشر ففي المثل أو الأقل لا مانع إذا سأل أن يعجل العشرة وفي الثالث كان الموكل فسخ اثنين في خمسة لأن ما يتأخر من قيمة الدين السلف إذ من أخر ما يعجل يعد مسلفًا والوكيل ليس له شيء من الدين وإذا وقع ذلك وجب رده وليس له إلا قيمة الدين وبقي للجواز شرط آخر وهو أن يكون الدين مما يباع فإن كان مما لا يباع
ــ
مفروض فيما يجوز فيه بيع الدين ويد تعلم أن الأولى أن لو أخر ز هذا القيد عن قول المصنف وبيع وأما قول المصنف أو بدين إن فات فلا فرق فيه بين الطعام وغيره وقول ز وكان عين ما اشتراه بالدين أكثر الخ صوابه وكان الثمن المؤجل أكثر واحترز به مما إذا كان مثل ما سمى له أو أقل وهو من جنسه فيهما فإنه يجوز الرضا به لأنه تأخير بالدين أو تأخير مع إسقاط بعضه وليس فيه فسخ الدين في غيره (جاز إن كانت قيمته مثلها فأقل) قول ز إذ ليس للوكيل في ذلك نفع الخ قال طفى رحمه الله لا نفع له إن كانت قيمة الدين مثل التسمية أو القيمة فقط وأما إن كانت أقل فالنفع ظاهر ولذا منع هذا أشهب واختاره التونسي لأنه سلف من الوكيل جر نفعًا بسقوط الغرم عنه ولم يراع ذلك ابن القاسم لأن البيع لا يكون إلا برضاهما فلا يتحقق السلف انظر ضيح وما ذكره من كون البيع برضاهما هو مذهب ابن القاسم الذي درج عليه المصنف اهـ.
وقول ز لأن السلف غير محقق إذا كانت القيمة أكثر الخ بل إنما يتحقق إذا كانت القيمة أكثر الخ بل إنما يتحقق إذا كانت القيمة أقل كما تقدم وبيانه أن الوكيل تلزمه التسمية وهي أكثر من القيمة فإذا بيع الدين بقيمته غرم تمام التسمية فيعطي التسمية الآن ليقبضها عند الحلول فإعطاؤه الآن سلف وقد انتفع بإسقاط غرم ما بين القيمة والتسمية لكن لا نقول إن غرم ما بين القيمة والتسمية لازم له إلا إذا قلنا إن البيع يلزمه وأما إن قلنا إن الآمر يجبر على قبول التسمية ولا يبيع إن طلب ذلك الوكيل فلا ينتفع بإسقاط الغرم لأن الفرض أنه لا يلزمه الغرم والله تعالى أعلم وبه تعلم أن قول ز تبعًا لتت يجبر الموكل على ذلك صواب كما يدل
كأن يموت من عليه أو يغيب فالظاهر أن الوكيل يغرم القيمة أو التسمية ومفهوم قوله إن فات جواز الرضا بمخالفته مع قيام ذلك ويبقى الدين لأجله لأنه كإنشاء عقدة وبيع لأجل وله الرد وأخذ سلعته (وإن أمره ببيع سلعته) نقدًا بعشرة مثلًا (فأسلمها في طعام) إلى أجل أو باعها بدين لا يجوز بيعه لكونه صار على ميت أو غائب فيما يظهر كما يرشد له التعليل وفاتت السلعة (أغرم) الوكيل (التسمية أو القيمة) إن لم تكن تسمية (واستؤني بالطعام لأجله) ولا يجوز بيعه قبل أجله لأن فيه بيع الطعام قبل قبضه بخلاف ما مر (فبيع) فإن كان فيه قدر التسمية أو قيمة السلعة فواضح (وغرم النقص) أي استمّر على غرمه إذ بإغرامه التسمية أو القيمة قد دفع النقص (والزيادة لك) يا موكل فإن كانت السلعة قائمة جاز له الرضا بما فعله الوكيل لأنه كابتداء عقد كما تقدم في التي قبل هذه (وضمن) الوكيل مفوضًا أو مخصوصًا (إن أقبض الدين) الذي على موكله لربه (ولم يشهد) وأنكر ربه القبض أو لم يعلم منه إقرار ولا إنكار لموته أو غيبته فيضمنه لتفريطه بعدم الإشهاد لموكله لبقاء الدين عليه فلربه غريمان فإن أشهد لم يضمنه الوكيل وضمنه الموكل حيث مات ربه والشاهد بقبضه وما ذكرناه من شمول كلامه هنا لما إذا لم يعلم منه إقرار ولا إنكار هو المعتمد بخلاف تقييده في الوديعة بالمنكر من قوله عاطفًا على ما فيه الضمان أو المرسل إليه المنكر وظاهر قوله وضمن الخ ولو جرى عرف بعدم الإشهاد وهو المشهور كما في ح وقيل إلا أن يجري بخلافه وعلى المشهور فيستثنى ذلك من قاعدة العمل بالعرف الذي هو أصل من أصول المذهب قال د ولو أسقط المصنف لفظ الدين لكان أحسن لشموله إقباض الدين والمبيع أي الموكل على بيعه ولم يشهد على المشتري أنه أقبضه له والرهن والوديعة وما أشبه ذلك وكلام أبي محمَّد في الرسالة يدل على ذلك إذ قال فيها ومن قال دفعت إلى فلان كما أمرتني فأنكر فعلى الدافع البينة وإلا ضمن اهـ.
وقوله ولم يشهد المراد به أنه لم تشهد له بينة على ذلك سواء أشهدها أو كانت حاضرة ولم يشهدها وليس المراد ظاهره انتهى.
كلام د أي ظاهره أن ضبط يشهد بالبناء للفاعل من أشهد المزيد فإن ضبط بالبناء للمجهول من المجرد أي لم تقم له شهود بالإقباض وافق المشهور من أنه إذا قامت له بينة بالإقباض من غير قصد بل على سبيل الاتفاق فإنه لا يضمن ولم يكن حينئذ ظاهره لضمان ثم محل قوله وضمن الخ ما لم يكن الدفع بحضرة الموكل فإن كان بحضرته فلا
ــ
عليه قول ضيح إن البيع لا يكون إلا برضاهما وإن اعتراض طفى عليه في ذلك غير صحيح والعجب منه نقل كلام ضيح مستدلًا به وهو دليل عليه ولم يتفطن له وقال ابن عرفة ولو أراد المأمور دفع العشرة ليأخذها من العشرين إذا حلت وباقيها للآمر ففي جوازها مطلقًا أو برضا الآمر وبلوغ قيمة العشرين عشرة فأكثر لا أدنى ثالثها وبلوغ قيمتها عشرة فأدنى لا أكثر لسماع يحيى بن القاسم وظاهر قول أشهب وابن القاسم أيضًا اهـ.
ضمان على الوكيل في عدم الإشهاد بخلاف الضامن يدفع الدين بحضرة المضمون حيث أنكر رب الدين القبض والفرق أن ما يدفعه الوكيل مال الموكل فكان على رب المال أن يشهد بخلاف الضامن فإنه إنما يدفع من مال نفسه فعليه الإشهاد لتفريع ذمته عن الضمان فهو مفرط بعدم الإشهاد (أو باع) الوكيل متاعًا (بكطعام) أو بعرض (نقدًا) لا مؤجلًا (ما لا يباع به) ذلك المتاع بل بعين (وادعى الإذن) له في بيعه طعام أو عرض (فنوزع) فيه بأن أنكر موكله ضمن سواء كان المتاع قائمًا أم لا ومعنى ضمانه فمع الفوات يخير الموكل بين أخذ قيمة متاعه أو ما بيع به والبيع على الأول لازم للوكيل ومع قيام المتاع في أخذ متاعه ورد البيع وفي أخذ ما بيع به ومن الفوات المنازعة بين الوكيل والمشتري فادعى الوكيل أنه أعلمه بتعديه وأنكر المشتري كما ذكره عياض وهذه غير المنازعة المشار لها بقول المصنف فنوزع خلافًا لقول ح إنها هي ومفهوم قوله نقدًا أنه إن باع بدين فقد قدمه في قوله أو باع بدين (أو أنكر) الوكيل (القبض) لما وكل على قبضه (فقامت البينة) عليه بأنه قبض حق موكله (فشهدت بينة بالتلف) أو الرد عند دعواه له فيضمن ولا تنفعه شهادة البينة المذكورة لأنه أكذبها بإنكاره القبض ومثل البينة إقراره بالقبض بعد إنكاره له ثم ادعى تلفه وقوله فشهدت عطف على قامت فلا يحتاج إلى عطفه على مقدر أي وادعى التلف فشهدت لعطفه بالفاء المشعرة بالسببية فهو مسيب عن اعترافه (كالمديان) الذي يذكره في باب القضاء بقوله وإن أنكر مطلوب المعاملة فالبينة ثم لا تسمع بينته بالقضاء بخلاف لاحق لك عليّ انتهى.
وظاهر كلامهم هناك أنه لا فرق بين من يعرف الفرق بين إنكاره المعاملة وبين قوله لا حق لك عليّ ونحوه وبين من لا يعرف الفرق بينهما وذكر ح عن الرعيني أنه ينبغي أن من لا يعرف الفرق بينهما يعذر بالجهل فتسمع بينته بالقضاء ويشهد له أن هذه المسألة لم يعدوها من المسائل التي لا يعذر فيها بالجهل فيما علمت ويستثنى من كلام المصنف هنا وفي القضاء الإنكار المكذب للبينة في الأصول والحدود فإنه لا يضر كما في التوضيح عن ابن القاسم في المدونة فإذا ادعى شخص على آخر أنه قذفه أو أن هذه الدار مثلًا له فأنكر أن يكون حصل منه قذف أو أن تكون هذه الدار دخلت في ملكه بوجه فأقام المدعي بينة بما ادعاه فأقام الآخر بينة أنه عفا عنه في القذف وأنه اشترى منه الدار أو
ــ
(أو باع بكطعام نقدًا الخ) هذه الصورة مستغنى عنها بقول المصنف الآتي أو صفة له وقول ز أو باع الوكيل متاعًا الخ الصواب إسقاط لفظ متاع لأن مفعول باع هو ما لا يباع وقول ز ومعنى ضمانه الخ هذا التفصيل الذي ذكره هو الذي حمل عليه عياض المدونة واعتمده أبو الحسن وقول ز ومفهوم قوله نقدًا أنه إن باع بدين فقد قدمه في قوله أو باع بدين الخ فيه نظر لأن كلامه هنا في الحكم إذا تنازعا في الإذن وعدمه وهذا غير المتقدم فالظاهر أن مفهومه هنا مفهوم موافقة نعم لو صرح المصنف رحمه الله بالتخيير لظهرت فائدة قوله نقدًا.
وهبها له ونحوه فتقبل بينته بهذين ولعل الفرق أن الحدود يتساهل فيها لدرئها بالشبهة والأصول يظهر فيها انتقال الملك فدعوى أنها ما دخلت في ملك من هي في حوزه لا يلتفت لها فكأنه لم يحصل منه ما يكذب البينة التي أقامها وهذا فيمن يظهر ملكه وحمل غيره عليه حملًا للنادر على الغالب (ولو قال) الوكيل (غير المفوض قبضت) الدين من مدين الموكل (وتلف) أو ضاع مني أو أقبضته للموكل وأنكر (برئ) الوكيل بالنسبة للموكل وصدق فيما ادعى لأنه أمين (ولم يبرأ الغريم) أي المدين فيرجع عليه الموكل ويرجع المدين على الوكيل إن علم أن تلفه بتفريطه وإلا لم يرجع عليه فإن جهل ففي رجوعه عليه حملًا له على التفريط وعدم رجوعه حملًا له على عدمه قولان لمطرف وابن الماجشون (إلا ببينة) تشهد بمعاينة قبض الوكيل من المدين فيبرأ حينئذ ولا تنفعه شهادة الوكيل لأنها شهادة على فعل نفسه وللغريم تحليف الموكل على عدم العلم بدفعه إلى الوكيل وعدم وصول المال إليه عند عدم بينة للغريم ومثل البينة إقرار الموكل بدفع الغريم للوكيل ومفهوم قوله غير المفوض براءة الغريم بقول المفوض قبضت وتلف مني لأن له الإقرار على موكله ويفهم من هذا التعليل أن المخصوص إذا جعل له الإقرار يكون كالمفوض في هذا ومثل المفوض الأب والوصي على الصغير فيقبل إقرارهما بقبض حقهما أو بعضه ثم ادعى التلف فيبرأ منه المدين ما داما في حجرهما وإن لم يجز لهما إقرار عليهما بمال عليهما كما في البرزلي (و) إن وكله على شراء سلعة فاشتراها ثم أخذ من الموكل الثمن فتلف أو ضاع ولو مرارًا قبل وصوله للبائع (لزم الموكل غرم الثمن إلى أن يصل لربه إن لم يدفعه) الموكل (له) أي للوكيل قبل الشراء هذا مراده كما في د وكما قررنا لا معناه لم يدفعه له أصلًا وإنما ضمنه لعدم دفعه له قبل الشراء لأنه إنما اشترى على ذمته فالثمن في ذمته حتى يصل للبائع وهذا إذا كان الثمن عينًا ونحوها مما لا يعرف بعينه فإن كان عبدًا ونحوه وأمر الوكيل بالشراء به فاشترى على عينه قبل دفعه له لم يلزم الموكل بتلفه من الوكيل ويفسخ البيع كاستحقاق الثمن المعين ثم براءة الموكل حيث اشترى على عينه وكان الوكيل قد أعلم البائع بأن الشراء على عبد معين فإن أوهمه أنه موصوف لم يبرأ الوكيل بتلف العبد المعين من يده قبل دفعه للبائع ومفهوم الشرط عدم غرم الموكل إن دفع الثمن للوكيل قبل الشراء لأنه ماله بعينه لا يلزمه غيره سواء تلف قبل قبض السلعة أو بعده وتلزم السلعة الوكيل بالثمن الذي اشتراها به وهذا حيث لم يأمره بالشراء في الذمة ثم ينقده وإلا لزم الموكل إلى أن يصل لربه ففي المفهوم تفصيل (وصدق) الوكيل بيمين ولو غير متهم (في) دعوى (الرد) لثمن أو مثمن أو لدين قبضه وأداه للموكل أو لما وكل عليه كقراض وإطلاق الرد على الثلاثة الأول تجوز إذ هي دفع بخلاف الرابع وبالأمرين عبر في الرسالة (كالمودع) يصدق بيمين ولو غير متهم في دعوى رد الوديعة إلى صاحبها إن كان قبضها بغير بينة فإن قبضها ببينة مقصودة للتوثق لم يبرأ إلا
ببينة كما يأتي في باب الوديعة فالتشبيه تام والبينة المقصودة للتوثق هي التي أقامها خيفة دعوى الرد بأن يشهدها أنه إذا ادعى رد الثمن أو السلعة أو رأس مال السلم أو دفع المسلم فيه أو الوديعة أو نحو ذلك لا يصدق (فلا يؤجر) كل من الوكيل والمودع (للإشهاد) أي ليس لكل منهما أن يقول لا أرد أو أدفع ما عندي حتى أشهد عليه لأنهما لا نفع لهما في ذلك مع تصديقهما بيمين فإن أخر القبض للإشهاد حتى تلف ضمن قاله بعض الشراح (و) جاز (لأحد الوكيلين) على غير خصام شخص واحد بل وكلا على قبض حق مثلًا (الاستبداد) الاستقلال بما يفعله دون الآخر أو أنه مبتدأ وخبر وهذا إن وكلا مترتبين وسواء علم الثاني بالأول أم لا كما هو ظاهر كلامهم (إلا لشرط) من الموكل أن لا يستبدّ كل فليس له وفي بعض النسخ ولا لأحد بإدخال لا النافية قبل لأحد وتحمل على ما إذا وكلا معًا في آن واحد ويكون معنى قوله إلا لشرط على هذه النسخة أن يستبدّ كل فكلاهما صحيح وهذا التفصيل هو المعتمد في المسألة ويصح تقرير النسخة الأولى بما في الثانية بعطفها على نائب فاعل منع أي ومنع لأحد الخ فإن تنازعا في ترتب وكالتهما فالقول للموكل ولعل هذا يدخل في قوله أو صفة له وتقدم منع توكيل وكيلين على خصام شخص واحد فكلام المصنف هنا في غير ذلك كما قررنا وأما الوصيان فلا يستقل أحدهما بالتصرف ولو ترتبا لأن الإيصاء إنما يكون عند الموت فلا أثر للترتيب الواقع قبله ولتعذر النظر من الموصي في الرد دون الموكل فإنه حي إن ظهر له فعل أحدهما على غير مراده عزله (وإن بعت) يا موكل (وباع) الوكيل شيئًا واحدًا (فالأول) ولو الوكيل لسبقه وصحة تصرفه حالة الوكالة كتصرف الموكل (إلا بقبض) للمبيع من البائع
ــ
(فلا يؤخر للإشهاد) تبع ابن الحاجب وابن شاس قال ابن هرون وفيه نظر ابن عبد السلام وينبغي أن يكون للوكيل أو المودع مقال في وقف الدفع على البينة وإن كان القول قولهما لأن البينة تسقط عنهما اليمين ابن عرفة ما ذكره ابن شاس هو نص الغزالي ولا يجوز أن ينقل عن المذهب ما هو نص لغير المذهب لا سيما وأصول المذهب تقتضي خلافه حسبما أشار إليه المازري وشارحًا ابن الحاجب اهـ.
(ولأحد الوكيلين الاستبداد) أحسن ما يحمل عليه أن يكون خبرًا مقدمًا ويكون الكلام محمولًا على الوكيلين المرتبين وأما إذا وكلا معًا في آن واحد فإنه ليس لأحدهما الاستبداد إلا لشرط ويمكن حمل المصنف رحمة الله عليه بجعل الاستبداد معطوفًا على نائب فاعل منع أو بتقدير لا قبل لأحد كما قاله غ وكلاهما بعيد والله أعلم بالصواب.
(فالأول إلا بقبض) قول ز وبهذا قيدت المدونة الخ (1) لا معنى لعزوه لتت إذ هو ليس
(1) قول البناني قول ز وبهذا قيد تت الخ النسخ التي بأيدينا قيدت المدونة ولعله وقعت له نسخة محرفة أو سبق نظره والله أعلم اهـ مصححه.
ثانيًا حيث لم يعلم المشتري منه أو هو ببيع الأول فإن باع أو قبض المشتري منه عالمًا بالأول فلا يكون أحق من الأول قياسًا على مسألة ذات الوليين وبهذا قيدت المدونة قال د واستشكل اعتبار القبض بأنه كان ينبغي عدم اعتباره وفرق بينه وبين التلذذ في النكاح لانكشاف العورات هناك اهـ.
ويجاب بأنه شبيه بالبيع الفاسد الذي يفوت بالقبض أو بالنكاح الفاسد الذي يفوت بالدخول وبأنه يفرض ذلك فيما إذا كان المبيع جارية وكلام المصنف كما ترى في بيع الموكل والوكيل وأما لو باع وكيلان شيئًا ووكلا مترتبين أو معًا وشرط لكل الاستقلال فالمعتبر الأول ولو انضم للثاني قبض كما قاله غير واحد للسبق وإن تساوى تصرف كل وقول د إنهما كبيع الموكل والوكيل غير ظاهر وعلى الأول فالفرق بينهما وبين الموكل والوكيل أن الموكل ضعف تصرفه في ماله بتوكيل غيره عليه والوكيلان متساويان في التصرف فاعتبر عقد السابق منها مطلقًا وأشعر قول المصنف فالأول يترتب البيع وعلمه فإن باعا معًا بزمن واحد فقال د ينبغي أن يكون المبيع بينهما وما في النكاح يرشد إلى ذلك فإنهم عللوا فسخ النكاح بكونه لا يقبل الشركة فيخرج البيع لكونه يقبلها اهـ.
وفيه قصور ففي المتيطي التصريح بالحكم الذي ترجاه وأما إن جهل الزمن فالسلعة لمن قبض فإن لم يقبض اشتركا إن رضيا وإلا اقترعا لدفع ضرر الشركة انظر التبصرة وينبغي أن يكون حكم الوكيلين كذلك في أحوال جهل الزمن وفهم من قوله بعت أن الإجارة ليست كذلك والحكم أنها للأول حصل قبض أم لا لأنه لم ينتقل بالقبض إلى ضمان كما قاله ابن رشد (ولك قبض سلمه لك) بغير حضوره ويبرأ دافعه بذلك (إن ثبت ببينة) أن السلم لك ولو بشاهد ويمين وهل تقبل شهادة المسلم إليه لأنه قادر على تفريغ ذمته بالدفع للحاكم أو لا لأنه يتهم على تفريغ ذمته قولان المعتمد منهما الثاني كما في ح ولا حجة للمسلم إليه مع البينة إذا قال لا أدفع إلا لمن أسلم إليّ فقوله ولك أي جبرا على المسلم إليه ومفهوم الشرط إن لم يثبت بالبينة لم يلزمه دفعه وهو كذلك وتحته صورتان: إحداهما: إقرار المسلم إليه أن الوكيل اعترف له بأنه لهذا والثانية: مجرد دعوى الموكل (والقول) بدون يمين (لك) يا موكل (إن ادعى) الوكيل الثابت توكيله (الإذن) أي التوكيل منك له في بيع أو
ــ
من رجال المدونة حتى يقيدها وإنما القيد المذكور أصله في سماع ابن القاسم كما نقله ح وقول ز وقول د إنهما كبيع الموكل والوكيل غير ظاهر الخ فيه نظر بل ما قاله د هو الظاهر قاله مس وقول ز فالفرق بينهما وبين الموكل والوكيل أن الموكل ضعف تصرفه الخ هذا فرق غير ظاهر وإلا اعتبر بيع الوكيل مطلقًا وإن تأخر بلا قبض وليس كذلك وقول ز أن الإجارة ليست كذلك الخ الخ قال أبو الحسن قال المازري على القول بأن قبض الأوائل قبض للأواخر يكون القابض أولى وعلى القول بأنه ليس قبضًا للأواخر يكون للأول اهـ.
(والقول لك إن ادعى الإذن) الصواب ما في تت الكبير من أن المراد بالإذن التوكيل
شراء أو نحوه وادعيت أنت الإذن في إجارته لا في بيعه (أو) صدقته على الإذن له فالقول لك بيمين إن ادعى (صفة) وخالفته كأن قلت أذنت في رهنه وقال في بيعه أو صدقته على البيع واختلفتما في جنس الثمن وإنما حلف في الثانية لتقوى جانب الوكيل بتصديقه له على الإذن دون الأولى هذا على ما في ق وهو المعتمد دون قول ح بغير يمين فيهما واستثنى من كون القول للموكل مسألتين أولاهما قوله (إلا أن يشتري بالثمن) شيئًا (فزعمت أنك أمرته بغيره) أي باشتراء شيء غير ما اشتراه (وحلف) فالقول قوله بقيود أربعة أن يدعي الإذن ويحلف كما قال المصنف وأن يكون الثمن مما يغاب عليه وأن يشبه كان الثمن باقيًا بيد البائع أم لا إلا إن علم البائع له أنه وكيل فالقول لك بيمين فيما يظهر إن كان الثمن باقيًا فإن فات بيد البائع فالقول للوكيل أيضًا بيمينه ومفهوم حلف أنه إن نكل حلف الموكل وغرم الوكيل الثمن الذي تعدى عليه فإن نكل فلا شيء على الوكيل وتلزمه السلعة المشتراة قيل لا حاجة لقوله فزعمت أنك أمرته بغيره لأن الاستثناء مفيد له إذ هو من أفراد قوله أو صفة له والجواب أنه لو أسقطه لاحتمل رجوع الاستثناء للمسألتين وهو لا يصح ومعنى الأول على تقدير رجوع الاستثناء لها أيضًا أن شخصًا دفع لآخر شيئًا وادعى المدفوع له أنه دفعه ثمنًا لسلعة يشتريها وقد فعل ذلك وادعى الدافع أنه دفعه وديعة فالقول قول الدافع وحينئذ فإطلاق الثمن باعتبار قول المدفوع له وأشار للثانية بقوله (كقوله) أي الوكيل (أمرت) أنت (ببيعه بعشرة وأشبهت) العشرة أن تكون ثمنًا فهو فعل مسند لضمير الغائبة ولا يصح كونه مسندًا للموكل لمخالفته لقوله (وقلت) يا موكل للوكيل أمرتك ببيع سلعتي (بأكثر) وإسناد الشبه للعشرة مجاز على حد عيشة راضية أي أشبه الوكيل سواء أشبه الموكل أم لا (وفات المبيع) بيد المشتري (بزوال عينه أو لم يفت ولم تحلف) يا موكل فإن حلفت فالقول لك ولا يراعي في بقائه شبه ولا عدمه وتلخص من كلامه في المسألة الثانية منطوقًا ومفهومًا أن القول للموكل في ثلاث مسائل وهي ما إذا فات المبيع بزوال عينه وأشبه الموكل وحده أو لم يشبه واحدًا منهما أو كان المبيع قائمًا وحلف والقول للوكيل في ثلاث أيضًا فوات المبيع وأشبه سواء أشبه الموكل أم لا أو لم يفت ولم يحلف الموكل وهذه الثلاث مستفادة من قوله أمرت إلى قوله ولم تحلف والثلاث الأول مستفادة من مفهومه الأوليان من مفهوم وأشبهت والثالثة من مفهوم ولم تحلف ثم حيث كان القول للموكل فيحلف ويأخذ ما ادّعاه وهو القدر الزائد على العشرة في الفرض المذكور فإن نكل دفع الوكيل العشرة فقط وهل بيمين أولًا قولان وعلى الأول فإن نكل غرم ما ادعاه الموكل على الراجح وقيل العشرة فقط أيضًا.
ــ
وإن النزاع في أصل التوكيل وبهذا كان يقرره مس وحينئذ فتسميته موكلًا ووكيلًا باعتبار الدعوى فقط وما في ز وخش من أن أصل التوكيل ثابت وأن النزاع هل أذن في البيع مثلًا فليس بصواب لأنه من النزاع في الصفة وهو الصورة الآتية في المصنف فتأمله (إلا أن يشتري بالثمن) قول ز فالقول لك بيمين فيما يظهر الخ هذا قصور فإن ح نقله عن اللخمي وأنه حكى
تنبيه: قوله وفات المبيع أي تحقق فوته فإن جهل ولم يعلم إلا من قول مشتريه احلف إن حقق ربها أنه جحده فإن اتهمه فعلى أيمان التهم انظر د عن ابن عرفة فإن حلف مع تحقيق الدعوى عليه ثبت ما ادعاه من الفوات وكذا إن اتهمه حيث كان متهمًا وإلا قبل قوله بلا يمين فإن نكل فيما يحلف فيه عمل بقول منازعة من موكل أو وكيله بمجرّد نكوله في الاتهام وبعد حلفه في دعوى التحقيق وينبغي أن يجري ذلك في منازعة الموكل والوكيل في الفوات (وإن وكلته على شراء جارية) على صفة عينتها له (فبعث بها) أي بجارية غير الموكل فهو كقوله عندي درهم ونصفه وليس ضمير بها راجعًا للموكل على شرائها لقوله بعد ذلك هذه لك والأولى وديعة ولو قال فبعث بجارية كان أحسن (فوطئت ثم قدم بأخرى وقال هذه) اشتريتها (لك والأولى وديعة فإن) كان (لم يبين) لك حين بعث الأولى مع من بعثها معه أو مع غيره أنها وديعة أو بين للرسول ولم يعلمك الرسول بذلك كما في د (وحلف) على ما ادعى (أخذها) ودفع الثانية فإن بين أنها وديعة وبلغه الرسول أخذها أيضًا لكن بغير يمين وطئت أم لا وكذا يأخذها بغير يمين إن لم يبين ولم يطأ وإذا وطئها مع البيان من غير بينة فقرر الجيزي أنه يجد والولد رقيق ويأخذه مع أمه من غير يمين لأنها مودعة وقرر البدر القرافي أنه لا حد عليه لاحتمال كذب المبلغ وللخلاف في قبول قول المأمور إنه اشتراها لنفسه وهاتان شبهتان ينفيان عنه الحد والظاهر أن القول لمدعي عدم البيان عند عدم ثبوته وإنكاره لأن الأصل عدم العداء (إلا أن تفوت) مع عدم البيان فالاستثناء متصل كما في د والبدر وكذا مع البيان كما عليه غيرهما فهو منقطع (بكولد أو تدبير) أو عتق أو كتابة فليس له أخذها وتكون للواطئ بالثمن الذي سماه الآمر فإن ادعى المأمور زيادة يسيرة قبل قوله كما تقدم في قوله إلا كدينارين في أربعين وأولى فواتها بذهاب عينها لا ببيع أو هبة أو صدقة (إلا لبينة) أشهدها الوكيل عند الشراء أو الإرسال أنها له أو أنها وديعة عند المرسل إليه ولم يبينها حال الإرسال فيأخذها ولو أعتقها الموكل أو أولدها ويغرم قيمة الولد يوم الحكم كما في الأمة المستحقة على أحد الأقوال والفرق بينها حيث أخذها مع قيمة ولدها وبين المستحقة على ما مشى عليه المصنف فيها من أنه يأخذ قيمتها وقيمة الولد أنه هنا وطئها مع تجويز أنها ليست له بخلاف المستحقة وقولي ولم يبينها حال الإرسال مفهومه لو بين مع البينة حين البعث أنها لغير المرسل إليه فيأخذها وولدها لأنه رقيق وحد الواطىء مع البيان والبينة لا معه بدونها ولا معها بدونه كما مر (ولزمتك الأخرى) في المسألتين وهما إذا لم يبين وحلف وأخذها وما إذا قامت بينة على دعواه وهذا تصريح بما فهم مما تقدم بطريق اللزوم وذلك لأن
ــ
فيه الاتفاق على أن القول للموكل انظر ح (فإن لم يبين وحلف أخذها) قول ز وقرر البدر القرافي أنه لا حد عليه الخ هذا هو الظاهر قاله الشيخ المسناوي (إلا أن تفوت) قول ز وكذا مع البيان كما عليه غيرهما فهو مقطع الخ فيه نظر بل هو متصل عليه أيضًا لكنه استثناء من
المستفاد مما تقدم أنه يقبل قوله وإذا قبل لزم من ذلك أن الموكل يلزمه ما اشتراه له وكيله كما في د (وإن أمرته) بشراء جارية (بمائة) فاشتراها وبعث بها لك فوطئتها ثم قدم (فقال أخذتها بمائة وخمسين فإن لم تفت خيرت في أخذها بما قال) وهي مائة وخمسون بعد يمينه أو ردها ولا شيء عليك في وطئها فإن لم يحلف على شرائها بمائة وخمسين فليس له إلا المائة ومحل حلفه إن لم يقم بينة بما اشترى والأخير الموكل من غير يمين الوكيل في أخذها بما قال أوردها ومحل التخيير في فسمى عدم فواتها ما لم يطل الزمن بعد قبضها بلا عذر فلا زيادة (وإلا) بأن فاتت بما تقدم في التي قبل هذه (لم يلزمك إلا المائة) التي أمرته بالشراء بها ولو أقام بينة بشرائها بما قال لتفريطه حيث لم يعلمه بالزيادة حتى فاتت فصار كالمتطوّع بها البساطي إنما جعلوا له أخذها في المسألة السابقة مع قيام البينة دون هذه لأنها هناك ملك للوكيل وملك الغير لا يفوت وهنا البينة على زيادة الثمن على ما أذن له فيه والجارية على ملكه اهـ.
ثم إذا ادعى زيادة ثمن في الأولى فإن أخذها فلا شيء له وإن تركها لفواتها فلا شيء له أيضًا لعدم قبول قوله في ذلك وكذا إن كان يأخذها بعد اليمين ونكل وإن كان يأخذها بلا يمين وتركها فله الزيادة حيث رضي الموكل بأخذها كذا ينبغي (وإن ردت دراهمك) التي دفعتها لمأمورك على أن يسلمها لك في طعام مثلًا (لزيف) فيها كلها أو في بعضها (فإن عرفها مأمورك) وقبلها بدليل ما يأتي (لزمتك) فتبدلها دون يمين على المأمور إلا أن تدعي أنه أبدلها فتحلفه إن اتهم كما في د (وهل) اللزوم (وإن قبضت) ما وقعت فيه الوكالة بناء على أن الوكيل لا ينعزل بمجرد قبض الشيء الموكل عليه أو محل اللزوم للموكل ما لم يقبض المسلم فيه فإن قبضه لم يلزمه بدلها ولم يقبل قول الوكيل إنها دراهم موكله بناء على عزله بمجرد قبض الموكل ما وكله فيه (تأويلان) وعلى الثاني فهل لا يلزم الوكيل أيضًا أبدًا لها أو يلزمه كما إذا قبضها ولم يعرفها والأول هو المطابق للنقل والتأويلان في غير المفوض وأما هو فلا ينعزل بقبض الموكل فيه فيقبل قوله (وإلا) يعرفها (فإن قبلها) حين ردت إليه (حلفت وهل) تحلف (مطلقًا) أعسر المأمور أو أيسر لاحتمال نكولك فتغرم ولا يغرم الوكيل وهي يمين تهمة كما في الشارح وإلا لم يغرم بمجرد نكوله (أو) إنما يحلف (لعدم) أي عسر (المأمور) لا مع يسره لأن من حجة الآمر أن يقول للوكيل أنت قد التزمت الثمن بقبولك له فلا تباعة لك ولا للبائع عليّ وذكر مفعول حلفت وفيه صفة يمينه من حيث المعنى بقوله (ما دفعت إلا جيادًا في علمك) زاد في المدونة ولا تعرفها من دراهمك وإنما كان من حيث المعنى لأنه إنما يقول في علمي ولا أعرفها من دراهمي ويضم التاء المثناة فوق وأما المصنف فيفتحها لأنه أمر للوكيل وظاهر المصنف
ــ
المنطوق والمفهوم (فإن عرفها مأمورك) قول ز وقبلها بدليل ما يأتي الخ الصواب إسقاط هذا القيد (تأويلان) الأول تأويل ابن يونس والثاني نقله ابن يونس عن بعضهم والتأويلان بعدهما
الحلف على نفي العلم ولو صيرفيًّا وما مر من زيادة المدونة ظاهر إذ قد تكون جيادًا في علمه حين الدفع ولكن يعرف الآن أنها من دراهمه (و) إذا حلفت يا آمر (لزمته) أي المأمور (تأويلان وإلا) بأن لم يقبل المأمور الدراهم ولا عرفها (حلف) المأمور (كذلك) أي أنه ما أعطاه إلا جيادًا في عليه ولا يعرفها من دراهم موكله وبرئ وحلف بتشديد اللام فاعله (البائع) ومفعوله محذوف وهو الأمر فكل من للآمر والوكيل يحلف (وفي المبدأ) باليمين منهما هل الوكيل لأنه المباشر للدفع أو الموكل لأنه صاحب الدراهم (تأويلان) وإذا بدأ البائع بيمين الآمر فنكل حلف البائع وأغرم الآمر وللآمر تحليف المأمور إن ادعى عليه أنه أبدلها وإذا بدأ بيمين المأمور فنكل حلف البائع وأغرم المأمور وهل له تحليف الآمر قولان (وانعزل) الوكيل ولو مفوضًا (بموت موكله) لأنه نائب عنه في ماله وقد انتقل لوارثه فلا يتصرف فيه بغير إذنه فلا يلزمهم ما باع أو ابتاع بعده ومثله فلسه الأخص لانتقال الحق للغرماء (إن علم) الوكيل بموت موكله (وألا) يعلم (فتأويلان) في عزله بمجرد الموت أو حتى يبلغه موته وعلى الأول لو اشترى أو باع موته شيئًا لم يلزم الورثة ذلك وعليه غرم الثمن وقيد بما إذا كان من باع أو ابتاع منه حاضرًا ببلد موته وإلا اتفق التأويلان على عدم العزل (وفي عزله) أي الوكيل (بعزله) أي الموكل (ولم) يعلم الوكيل بذلك وعدم عزله حتى يعلم (خلاف) في ذلك وفائدته تصرفه ببيع أو شراء بعد عزله وقبل عليه به فيلزم على الثاني دون الأول ومحلهما في غير وكيل خصام قاعد خصمه كثلاث كما تقدم ومحل القول بعزله وإن لم يعلم به حيث أشهد الموكل بعزله وأعلنه عند الحاكم وترك إعلامه به لعذر كبعده عنه فإن ترك إعلامه لغير عذر مطلقًا أوله ولم يشهد به مضى تصرفه ومحلهما أيضًا ما لم يتعلق بوكالته حق لغيره فلا ينعزل بموته ولا بعزله وإذا قال كما عزلتك فأنت مولى فتردد المتأخرون في عزله بعزله وبطلان وكالته وهو ظاهر كلام أهل المذهب على ما قال البرهان الدميري واستظهره ح ونحوه في التزامه ومال إليه البدر القرافي وذكر ما يدل عليه وعدم عزله وهو ظاهر ما للبرموني.
فرع: لا ينعزل الوكيل بجنونه أو جنون موكله إلا أن يطول جنون موكله جدًّا فينظر له الحاكم ولا تنعزل زوجة وكيلة زوجها بطلاقها إلا أن يعلم من الموكل كراهة ذلك منها وينعزل هو عن وكالتها بطلاقه لها كما استظهره ابن عرفة وانعزل الوكيل بردته أيام الاستتابة وأما بعدها فإن قتل فواضح وإن أخر لمانع يتردد النظر وكذا ينعزل بردة موكله
ــ
نقلهما عياض ولم يعزهما وعزا المواق الثاني لأبي عمران (وانعزل بموت موكله) وكذا ينعزل بتمام الموكل عليه إذا كان موكلًا على شيء مخصوص فإن كان مفوضًا لم ينعزل إلا بعزل الموكل أو موته أو بمضي ستة أشهر هذا إن لم يصرح في الوكالة بالدوام والاستمرار وإلا فتستمر قاله في القوانين ونحوه قول المجالس الذي عليه العمل تجديد الوكالة بعد ستة أشهر هذا إذا كانت فترة خلال العمل أما إذا كان خصامه متصلًا فلا ينسخه الزمان اهـ.
بعد مضي أيام الاستتابة ولم يرجع ولم يقتل لمانع كحمل (وهل لا تلزم) الوكالة وقعت بأجرة أو جعل أو بغير شيء لأنها من العقود الجائزة كالقضاء (أو إن وقعت بأجرة) كتوكيله على عمل معين كتقاضي دين قدره كذا من فلان بأجرة معلومة (أو جعل) كتوكيله على تقاضي دينه من غير تعيين قدره أو مع تعيينه ولكن لا يعين من هو عليه (فكهما) تلزم الإجارة لكل منهما بالعقد ولا تلزم الجعالة واحدًا منهما قبل الشروع وكذا بعده بالنسبة للمجعول وتلزم الجاعل بالشروع (وإلا) تقع بأجرة ولا جعل بل وقعت بغير عوض (لم تلزم) وهذا من تتمة القول الثاني فليس تكرارًا مع قوله وهل لا تلزم (تردد) وما ذكرناه في صورة الإجارة من أنه يعين فيها الأجرة والعمل نحوه في الشارح وهو واضح لأن الإجارة تعين في مثل هذا بالعمل أو بالأجل فقول ق عن ابن رشد لا تجوز إلا بأجرة مسماة وأجل مضروب وعمل انتهى.
الواو في قوله وعمل بمعنى أو وليس المراد بقوله فكما أنها وقعت بلفظ الإجارة أو الجعالة بل المراد أنه عين فيها الزمن أو العمل ولذا قال أو إن وقعت بأجرة أو جعل ولم يقل أو إن كانت إجارة أو جعالة وكلام المصنف هذا في غير الوكالة في الخصام بدليل أنه قدمها ثم حيث لم تلزم على القول الأول مطلقًا وعلى الثاني حيث لم تقع بأجرة أو جعل وادعى الوكيل أن ما ابتاعه أو اشتراه لنفسه فإنه يعمل بقوله وأشار له طخ.
تنبيه: إذا وكله بأجرة على خصومة مدينه لتخليصه ما له منه فأعطى ما عليه من غير خصومة لم يستحق شيئًا من الأجرة قلت ينبغي تقييده بما إذا لم يخف من سطوة الوكيل.