الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
(مسألة: إذا دار اللفظ بين المجاز والمشترك فالمجاز أقرب
لأن الاشتراك يخل بالتفاهم ويؤدى إلى مستبعد من ضد أو نقيض ويحتاج إلى قرينتين ولأن المجاز أغلب ويكون أبلغ وأوجز وأوفق ويتوصل به إلى السجع والمقابلة والمطابقة والمجانسة والروى وعورض بترجيح الاشتراك باطراده فلا يضطرب وبالاشتقاق فيتسع وبصحة المجاز فيهما فتكثر الفائدة وباستغنائه عن العلاقة وعن الحقيقة وعن مخالفة ظاهر وعن الغلط عند عدم القرينة وما ذكر من أنه أبلغ فمشترك فيهما والحق أنه لايقابل الأغلب شئ مما ذكانا).
أقول: إذا دار اللفظ بين أن يكون مجازًا أو مشتركًا نحو النكاح فإنه يحتمل أن يكون حقيقة فى الوطء مجازًا فى العقد وأنه مشترك بينهما فالمجاز أقرب فليحمل عليه وذلك لنوعين من الترجيح مفاسد الاشتراك وفوائد المجاز:
الأول: مفاسد الاشتراك:
فمنها: أنه يخل بالتفاهم عند خفاء القرينة بخلاف المجاز إذ يحمل مع القرينة عليه ودونها على الحقيقة.
ومنها: أنه يؤدى إلى مستبعد من ضد أو نقيض إذا حمل على غير المراد مثل لا تطلق فى القرء والمراد الحيض فيفهم منه الطهر فيفهم منه جواز التطليق فى الحيض وهو نقيض المراد أو وجوبه وهو ضد المراد.
ومنها: أنه يحتاج إلى قرينتين بحسب معنييه بخلاف المجاز فإنه يكفى فيه قرينة واحدة.
الثانى: فوائد المجاز:
فمنها: أنه أغلب من الاشتراك بالاستقراء والمظنون إلحاق الفرد بالأعم الأغلب.
ومنها: أنه قد يكون أبلغ فإن قولك: اشتعل الرأس شيبًا أبلغ من قولك: شبت.
ومنها: أنه قد يكون أوفق إما للطبع لثقل فى الحقيقة أو لعذوبة فى المجاز وإما للمقام لزيادة بيان أو تعظيم أو إهانة يقتضيه الحال.
ومنها: أنه يتوصل به إلى أنواع البديع السجع: نحو حمار ثرثار بخلاف بليد ثرثار والمقابلة: مثل اتخذت للأشهب أدهم ولو قلت قيدًا لفات والمطابقة مثل:
كلما لج قلبى فى هواها لجت فى مقتى ولو قلت ازداد هواى لم يكن طباق والمجانسة: مثل سبع سباع ولو قلت شجعان لم تكن والروى مثل:
عارضتنا أصلًا فقلنا الربرب
…
حتى تبدّى الاقحوان الأشنب
ولو قال: سنهن الأبيض لم يصح هذا.
وقد عورض ترجيح المجاز بالنوعين بترجيح الاشتراك بنوعين مثلهما فوائد الاشتراك لا توجد فى المجاز ومفاسد المجاز لا توجد فى الاشتراك حذو النعل بالنعل:
الأوّل: فوائد الاشتراك:
فمنها: اطراده فلا يضطرب والمجاز قد لا يطرد.
ومنها: الاشتقاق منه بالمعنيين فيتسع الكلام والمجاز قد لا يشتق منه.
ومنها: صحة المجاز فيهما فتكثر الفائدة المطلوبة فى المجاز.
الثانى: خلو الاشتراك عن مفاسد فى المجاز:
منها: أنه مستغن عن العلاقة بل يكفى فيه الوضعان والمجاز يجب فيه الوضعان والعلاقة والأقل مقدمات أكثر وقوعًا.
ومنها: أنه مستغن عن الحقيقة إذ كل معنى مستقل بالوضع له ابتداء والأصل أولى بالإثبات.
ومنها: أنه مستغن عن مخالفة ظاهر لأنه ليس ظاهرًا فى معنييه والمجاز مخالف للحقيقة وهى الظاهر.
ومنها: أنه مستغن عن الغلط عند عدم القرينة والمجاز محوج إلى الغلط عند عدم القرينة وهو حمله على غير مراده.
ثم نقول بعد المعارضة والترجيح معنا لأن ما ذكرتم من فوائد المجاز إنما يصلح مرجحًا لو لم يوجد فى الاشتراك وقد وجد فإن ما ذكرتم من كونه أبلغ. . . إلخ. من الأمور فهى مما اشترك فيها المجاز والمشترك بيانه أن المشترك أيضًا قد يكون أبلغ إذا اقتضى المقام الإجمال وأوجز كالعين والجاسوس وأوفق للطبع أو للمقام وكذا التوصل به إلى أنواع البديع إذ قد يحصل بالمشترك دون المجاز كالتوجيه والإيهام وتكثير المعنى بحمله على الأمرين.
و"من" فى قوله: (من أنه أبلغ) ابتدائية لا بيانه وإلا لم يتناول غير كونه أبلغ فيقصر عن المقصود ودليله قوله: فمشترك فيها ولولاه لوجب فمشترك فيه ثم ذكر
المصنف أن الحق هو أن الأغلب لا يقابله شئ مما ذكر من وجوه ترجيح الاشتراك لأن ذلك كله إنما يعتبر لأنه مظنة الغلبة ولا عبرة بالمظنة مع تحقق انتفاء المئنة وتحقق المئنة لا يضره عدم المظنة فالراجح إذًا هو المجاز كما أختاره أولًا.
قوله: (ويكون أبلغ) ذكر هذه الوجوه بلفظ المضارع تنبيهًا على أنها قد تكون وقد لا تكون بخلاف الأغلبية فإنها مقررة، وفى بعض النسخ فيكون بالفاء وليس بمستقيم إذ لا معنى لتفرع هذه الوجوه على الأغلبية مع ما فيه من الإخلال بتكثر فوائد المجاز وبما يشير إليه المصنف فى آخر الكلام من أن هذه وجوه أخر مغايرة للأغلبية، ثم الشارح لم يتعرض ههنا لذكر كونه أوجز وذكره عند بيان جريان الوجوه فى المشترك ولم يبين أن أبلغ كان البلاغة أو من المبالغة إلا أن حمل الأوفق على الأوفق للمقام يقتضى أن يكون هو من المبالغة لئلا يتكرر وما ذكره من أن المشترك أيضًا قد يكون أبلغ إذا اقتضى المقام الإجمال يشعر بأنه من البلاغة.
قوله: (مفاسد الاشتراك وفوائد المجاز) إشارة إلى أن المراد أن المجاز فى نفسه قد يشتمل على هذه الفوائد ويخلو عن تلك المفاسد فعند التردد الحمل عليه أولى، وليس المراد أن اللفظ المتردد فيه يشتمل على ذلك.
قوله: (لثقل فى الحقيقة) كالخنفقيق للداهية أو عذوبة فى المجاز كالروضة للمقبرة.
قوله: (لزيادة بيان) كالأسد للشجاع لكونه بمنزلة دعوى الشئ ببينة أو تعظيم كالشمس للشريف أو تحقير كالكلب للخسيس.
قوله: (السجع نحو حمار ثرثار) يعنى إذا وقعا فى أواخر القرائن.
قوله: (اتخذت للأشهب أدهم) هذا من الملحق بالطباق والأحسن فى المثال قول الشاعر:
لا تعجبى يا سلم من رجل
…
ضحك المشيب برأسه فبكى
فالمشترك والمجاز فيه سواء ومع ذلك فالأولى فى هذا المقام التمثيل بالبيت لأن الأدهم ليس مجازًا فى القيد بل صار حقيقة اللهم إلا أن يعتبر أصل اللغة والشارح يجعل المقابلة اسمًا للمطابقة وما يلحق بها والمطابقة اسمًا للمشاكلة ونحوها، ولا
أرى لتغيير اصطلاح القوم سببًا.
قوله: (سبع سباع) مبنى على تأويل وإلا فالواجب سبعة سواء كان التركيب وصفيًا أو إضافيًا.
قوله: (ومنها الاشتقاق منه) أى من المشترك بالمعنيين مثل أقرأت حاضت وطهرت بخلاف المجاز فإنه لا يشتق منه كالأمر بمعنى الطلب يشتق منه الآمر والمأمور ونحوهما؛ بخلاف الأمر بمعنى الفعل مجازًا فإن قيل: إن كان الاسم صالحًا فالاشتقاق سائغ مشتركًا كان أو مجازًا كنطق وناطق من النطق بمعنى الدلالة مجازًا، وإلا فلا اشتقاق أصلًا حتى إن الأمر بمعنى الفعل والشأن لو كان حقيقة أيضًا لم يشتق منه وإن جعل نحو المثنى والمجموع والمصغر مشتقًا فهو سائغ بلا تفرقة، قلنا: المراد أن الاسم الصالح للاشتقاق قد يستعمل مجازًا فلا يشتق منه كما فى قولنا: رجل عدل، وإنما هى إقبال وإدبار، وفيه نظر.
قوله: (والمجاز يجب فيه الوضعان) وضع للمعنى الحقيقى ووضع للمعنى المجازى بالشخص عند من لا يكتفى بالعلاقة وبالنوع عند من يكتفى؛ لأن معنى الاكتفاء هو أن لا يشترط السماع وأما اعتبار نوع العلاقة وتجويز المجاز بها فما لا بد منه بالاتفاق.
قوله: (عن الغلط) ينبغى أن يكون من قبيل: علفتها تبنًا وماء باردًا أى لسلامته عن الغلط إذ لا معنى للاستغناء عن الغلط والاحتياج إليه.
قوله: (بيانه) يعنى أن المشترك قد يكون أبلغ أى أليق بالمقام كما إذا اقتضى المقام الإجمال والإبهام مثل استر العين دون أن يقول الذهب أو البصر، وقد يكون أوجز كالعين بالنسبة إلى الجاسوس وقد يكون أوفق بالطبع لكونه أعذب على اللسان كالأسد بالنسبة إلى الغضنفر مع اشتراك بينه وبين ضرب من الكواكب، أو بالمقام كما إذا اقتضى الإجمال ولا يخفى أن هذا مغن عن ذكر الأبلغ بالمعنى الذى ذكره الشارح فالأولى أن يجعل من المبالغة فإن قيل: المناسب أن يبين كونه أبلغ وأوجز وأوفق من المجاز لأن الكلام فيه، قلنا بل المقصود أن المشترك قد يكون أبلغ مثلًا من غيره فى الجملة كما أن المبين فى المجاز أنه قد يكون أبلغ من غيره وإن لم يكن مشتركًا، وعلى هذا ففى قوله: إذ قد يحصل أى التوصل إلى أنواع البديع بالمشترك دون المجاز زيادة على المقصود.
قوله: (كالتوجيه) وهو إيراد الكلام محتملًا لمعنيين مثل أن تقول: استر عينك وكالإيهام وهو أن يذكر لفظ له معنيان قريب وبعيد ويراد البعيد كما إذا لعن بحضور بعض العدول عدل الوقر فتقول افتح العين فإن المولى حاضر، ولو قلت فى الموضعين النرجس أو البصر لفات ذلك وحصولهما بالمجاز إنما يكون إذا بلغ من الشهرة بحيث يلحق بالحقيقة إن قيل المدّعى أن الأمور المذكورة فى قوله: ويكون أبلغ إلى الآخر مما يشترك فيه المشترك والمجاز لتتم المعارضة فلا وجه لتخصيص أنواع البديع بالمشترك دون المجاز وللاقتصار على مثل التوجيه والإيهام مما لم يذكر فى المجاز والسكوت عما ذكر فيه من المقابلة والمطابقة والمجانسة والروى فالمقابلة كقوله: خسنا خير من خياركم بل كقول الشاعر:
وما أنس لا أنساه إنّ لحبه
…
حديثًا على مرّ الزمان قديمًا
وكذا قوله:
فقلت دعونى والعلا نبكه معًا
…
فمثل كثير فى الرجال قليل
إذا جعلنا الأعلام المنقولة من قبيل المشترك والمطابقة كقولك كلما ضرب له مثلًا: ضرب فى الأرض مهلًا، ولو قلت: بين له لم يكن طباق وفيه نظر والمجانسة مثل: رحبة بخلاف واسعة والروى مثل: غيث مع ليث دون أسد قلنا: إنه اعتبر مجرد التوصل إلى أنواع البديع من غير نظر إلى الخصوصيات.
قوله: (ابتدائية) أى ما ذكر من فوائد المجاز مبتدأ من كونه أبلغ إلى آخر الوجوه يشترك فيها المشترك والمجاز إذ لو كانت بيانية لم تفد إلا اشتراكهما فى الأبلغية فلم تناف ترجيح المجاز بالوجوه الباقية اللهم إلا أن يكون على حذف أى إلى الآخر على ما أشار إليه العلامة، ولكن اللفظ قاصر عنه وما ذكره المحقق تدقيق منه إلا أن استدلاله بقوله مشترك فيها تكلف وتصرف منه لأنه فى جميع النسخ مشترك فيهما يعنى أنه مشترك بين المشترك والمجاز، وقلما يقال هذا الأمر مشترك فيه وهذه الأمور مشترك فيها بل مشترك ومشتركة حتى إن هذا الحذف كاللازم بحسب الاستعمال.
قوله: (لأنه مظنة الغلبة) مظنة الشئ ما يظن ثبوت الشئ فيه، ومئنة الشئ ما يتحقق ثبوته فيه، يعنى أن الغرض من ذكر وجوه الترجيح هو أن الحمل على ما يشتمل عليها أولى لكونه مظنة للغلبة والكثرة فى الكلام فعند تحقق انتفاء الغلبة
والكثرة لا عبرة بكون الشئ من مظان الغلبة، وعند تحقق الغلبة لا بأس بعدم كونه من المظان ففى المشترك قد علم عدم الغلبة فلا يفيده اشتماله على ما هو من مظان الغلبة وفى المجاز قد تحققت الغلبة فلا يضره الخلو عما هو من مظانها.
قوله: (إذا دار اللفظ بين أن يكون مجازًا أو مشتركًا) وذلك إذا علم كونه حقيقة فى أحد معنييه ويتردد فى أنه حقيقة فى الآخر فيكون مشتركًا أو لا فيكون مجازًا كلفظ النكاح فإنه حقيقة فى الوطء وأما فى العقد فيحتمل الأمرين قال فى الصحاح: النكاح الوطء وقد يكون العقد.
قوله: (فمنها أنه يخل بالتفاهم) أى لا يفهم من المشترك بسبب اشتراكه ما هو المقصود منه عند خفاء القرائن أو عدمها بل يتوقف فيه مطلقًا عند من لم يجوز إعماله فى معنييه وأما عند من جوزه فلإخلال عنده إنما هو فى المشترك بين الضدين فقط.
قوله: (ومنها أنه) أى الاشتراك (يؤدّى إلى مستبعد من ضد) للمقصود (أو نقيض) له (إذا حمل) المشترك (على) معنى آخر (غير المراد) منه (مثل لا تطلق فى القرء والمراد) منه (الحيض) فالمقصود من الكلام عدم جواز التطليق فيه فيفهم من القرء الطهر فيفهم من الكلام جواز التطليق فى الحيض بناء على أنه جائز فإذا لم يجز فى الطهر جاز فى الحيض قطعًا وجواز التطليق فى الحيض نقيض لا جوازه فيه الذى هو المراد أو يفهم من الكلام وجوب التطليق فيه بناء على أن النهى عن الشئ أمر بضده وأن التطليق فيه ضد التطليق فى الطهر فإذا نهى عن الثانى فقد أمر بالأول والأمر للوجوب وعدم جواز التطليق فى الحيض ووجوبه متضادان لا نقيضان لجواز ارتفاعهما معًا قيل المجاز أيضًا يؤدّى إليه كما فى هذا المثال بعينه إذا جعل القرء حقيقة فى أحدهما ومجازًا فى الآخر كما ذهب إليه بعض الأئمة فإن أجيب بأن المجاز لما اعتبر فيه المناسبة مع الحقيقة كان حمله على غير المراد وإن كان ضدًا له من حيث إنه مناسب إياه فلا يكون مستبعدًا بخلاف المشترك إذ لم يعتبر فيه المناسبة يقال هذا إنما يتم فى المعانى المفردة وأما فى المقصود فى الكلام على ما اعتبر فى الشرح فلا.
قوله: (أبلغ من قولك شبت) لما فى قولك: اشتعل الرأس شيبًا من الإجمال
والتفصيل وغيره من اللطائف المشهورة ولم يتعرض لقوله وأوجز لظهوره فإن قولك: رأيت فى الحمام أسدًا أوجز من قولك: رأيت فى الحمام رجلًا كالأسد فى الشجاعة.
قوله: (قد يكون أوفق إما للطبع) وذلك إما لثقل فى الحقيقة كالخنفقيق للداهية لا يوجد ذلك الثقل فى المجاز كالحادثة أو لعذوبة فى المجاز كالمس لا يوجد فى الحقيقة كالنيك وإما للمقام أى يكون أوفق إما لزيادة بيان فى المجاز فإنه دعوى الشئ ببينة والحقيقة دعوى الشئ بلا بينة على ما عرف وكم بينهما وإما للتعظيم كالشمس للشريف أو إهانة كالكلب للخسيس، وقوله: يقتضيه الحال يتعلق بالثلاثة المذكورة والثرثار المكثار فى الكلام والمراد من كل من المقابلة والمطابقة على ما فى الشرح ما فسر به الأخرى كما مر.
قوله: (لفات المقابلة) إذ لا مضادة للقيد مع الأشهب إنما يضاده الأدهم بحسب معناه الحقيقى وإن لم يكن مرادًا فهناك تقابل باعتباره فى الظاهر أو نقول: فى إطلاقه على القيد نوع ملاحظة له فالمقابلة بهذا الاعتبار.
قوله: (لم يكن طباق) لأن الهوى وإن كان مضادًا للمقت ليس ازدياده مضادًا للجاج فى المقت إنما يضاده اللجاج فى الهوى فإذا جعل ازدياده لجاجًا فيه كان هناك جمع بين شيئين هما الهوى واللجاج فيه وبين ضديهما وأما جعل الشاعر
(1)
مضادًا للعشيقة من حيث إنه متصف بالهوى وتلك بالمقت وحينئذ فقد جمع بين نفسه والهوى وبين ضديهما ثم لما اعتبر ههنا شرطًا أى قيدًا هو اللجاج وجب اعتبار ضده هناك فلو لم يجعل ازدياد الهوى لجاجًا لفات الطباق باعتبار فوات الشرط فيه كما هو مذهب السكاكى ففيه تعسف عنه غنى هذا ما تيسر لى فى توجيه الكلام ولعل عند غيرى ما هو أليق لهذا المقام.
قوله: (عارضتنا) يقال عارضته فى المسير أى سرت حياله والأصل: جمع أصيل وهو الوقت بعد العصر إلى المغرب والربرب: القطيع من بقر الوحش والأقحوان: البابونج يشبه به الأسنان والشنب: برد وطراوة وعذوبة فى الفم والأسنان.
قوله: (فمنها اطراده) يعنى أن المشترك مطرد فى كل واحد من معانيه فيطلق
(1)
قوله: وأما جعل الشاعر أى القائل: كلما لج قلبى. . . إلخ. وليس هذا بشعر كما لا يخفى. اهـ. كتبه مصحح طبعة بولاق.
عليه فى جميع محاله لما عرفت من أن الحقائق مطردة (فلا يضطرب) فيه (والمجاز قد لا يطرد) إذ من علاماته أن لا يطرد فيطرد فيه بحسب محاله وأما اعتراض المصنف على ذلك فقد ظهر اندفاعه.
قوله: (الاشتقاق منه بالمعنيين) يعنى إذا كان مما يشتق منه والمجاز قد لا يشتق منه وإن كان مما يصلح له كالأمر بمعنى الفعل إذ لا يقال منه آمر ومأمور ولا أمرته.
قوله: (ومنها صحة المجاز فيهما) فإن المجاز لا يتجوز منه وقد تشبه حاله هذه بما قد قيل فى القياس من أن حكم أصله لا يثبت به على ما سيأتى فإن قلت: قد تترتب مجازات متعددة فإن لفظة الحقيقة على ما ذكر فى المحصول مجاز فى المعنى المصطلح فى الدرجة الثالثة قلت ذلك لا من حيث إنه مجاز بل من حيث إنه حقيقة عرفية.
قوله: (بل يكفى فيه) أى فى المشترك (الوضعان) لمعنييه فقط (والمجاز يجب فيه الوضعان) لمعنييه الحقيقى والمجازى (والعلاقة) بينهما فقد صرح هنا أيضًا بالوضع فى المجاز هذا إن قيسا إلى المعنيين معًا وأما إذا قيس المشترك إلى أحدهما والمجاز إلى معناه المجازى ففى الأول وضع فقط وفى الثانى وضع وعلاقة وإن اكتفى فى المجاز بالعلاقة فلا ترجيح من هذا الوجه.
قوله: (ومنها أنه) أى المشترك (مستغن) باعتبار كل واحد من معنييه (عن الحقيقة) إذ هو مستقل بالوضع له ابتداء بخلاف المجاز فإنه يحتاج إلى معنى حقيقى وضع اللفظ بإزائه لأنه فرعه والأصل أولى بالإثبات، ومنهم من قال: المجاز محتاج إلى الحقيقة على مذهب بعض.
قوله: (لأنه ليس ظاهرًا فى معنييه) أى فى شئ منهما اتفاقًا بل ولا فى كليهما معًا كما هو الحق فإذا حمل على أحدهما لم يكن ذلك مخالفًا للظاهر بخلاف المجاز.
قوله: (إذا اقتضى المقام الإجمال) إما لفساد فى التفصيل كما قال الصديق رضى اللَّه عنه: يهدينى السبيل أن جعل الهداية مشتركًا لفظيًا، وإما لإبهام على السامع كقولك: لى عين إلى غير ذلك من الأمور الداعية إليه.
قوله: (وأوفق للطبع) لعذوبة فى المشترك لا توجد فى المفرد كالعين للينبوع أو
للمقام فيما إذا أنبأ المشترك عن معنى يناسبه كالعزة فى قول السيد لعبده: هذا عين أحفظه.
قوله: (وكذا التوصل) يعنى وكذا التوصل بالمشترك إلى أنواع البديع حاصل إذ قد يحصل بالمشترك دون المجاز كالتوجيه وهو إيراد الكلام محتملًا لوجهين مختلفين على السواء فيتأتى بالمشترك دون المجاز، وأما الإيهام وهو أن يطلق لفظ له معنيان قريب وبعيد ويراد البعيد فيتأتى فى المشترك إذا اشتهر بعض معانيه فى الاستعمال دون بعض وفى المجاز أيضًا كقوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، وأما تكثير المعنى فى المشترك بحمله على الأمرين فإن أريد حمله عليهما معًا فهو وإن اختص بالمشترك لكنه عند من جوز إعماله فيهما وأما عند غيره فلا فإن قلت: فليحمل عنده عليهما معًا مجازًا قلت: فليحمل المجاز أيضًا عليهما كذلك وإن أريد حمله على هذا مرة وعلى ذلك أخرى فهو فى المشترك ظاهر على القول بوجوده فى المجاز بناء على خفاء قرينته فتعتبر تارة وتهمل أخرى أو كونها محتملة لمعنيين إحداهما قرينة للمجاز دون الأخرى لا يخلو عن بعد، ولو قيل: إذ يحصل بالمشترك دون المنفرد ليكون تقدير الكلام وكذا التوصل بالمجاز إلى أنواع البديع مشترك بينهما لكان أحسن وأوفق لما سبق وأما خصوصية الأنواع فليس بحسب اعتبارها على أنا نقول قد يحصل التقابل بالمشترك دون المنفرد، نحو قولنا: خسنا خير من خياركم على ما عرف تحقيقه وكذا المطابقة، كقولك لفلان: سواد قلب وعمى وبياض لون وعين ولو قلت بياض لون وذهب لفات الطباق والجناس، كقولك: رحبة رحبة ولو قلت عرصة واسعة لم تكن مجانسة وأما الروى فظاهر.
قوله: (ومن فى قوله من أنه أبلغ ابتدائية) يؤيده أنه وجد فى بعض النسخ لفظة إلى آخره وفى بعضها إلى آخرها بعد قوله: من أنه أبلغ.
قوله: (لأن ذلك كله) أى جميع ما ذكر من فوائد أحدهما ومفاسد الآخر إنما يعتبر لأنه مظنة لغلبة المفيد العارى عن الخلل ففى مقام التردد كان الإلحاق به أولى إذ المظنون إلحاق الفرد بالأعم الغالب والمئنة على وزان المظنة موضع تحقق الشئ وتيقنه مأخوذ من: إنَّ.
قوله: (عند خفاء القرائن) إذا كان اللفظ المفروض مشتركًا كان له فائدة هى أنه
إذا لم يكن هنا قرينة معينة بالنسبة إلى المعنى المشكوك فيه وتتحقق قرينة صارفة عن إرادة المعنى الموضوع له يحمل على المعنى الأول على تقدير الاشتراك؛ لأن حمل لفظ المشترك على أحد معنييه يكفى فيه امتناع إرادة المعنى الآخر ولا يحمل عليه بمجرد ذلك على تقدير الحقيقة والمجاز.
قوله: (كالخنفقيق) لا يخفى أن تلك الفائدة معتبرة فيما إذا كان المقصود تأدية معنى بلفظ مركبًا اللفظ
(1)
الموضوع بإزائه وغير باعه باللفظ الذى هو مجاز فيه بدون الأول غير موافق للطبع بخلاف الثانى، وأما إذا كان هناك لفظ له معنيان ويعلم أنه موضوع لأحدهما ويتردد فى وضعه للمعنى الآخر ويطلب المرجح والفائدة للحمل على المجاز دون الاشتراك فتلك الفائدة لا تصلح لذلك إذ اللفظ لا يصير ثقيلًا إن حمل على أنه حقيقة ولا يصير خفيفًا إن حمل على أنه مجاز وبالنسبة إلى مطلق الحقيقة والمجاز طرفا تلك الفائدة فيهما على السواء وسيشير إلى هذا كلام الشارح.
قوله: (فيطلق عليه فى جميع محاله) أى: فيطلق على كل واحد من معانيه فى جميع أفراد ذلك المعنى إن كان كليًا فإن الاطراد فى المجاز باعتبار العلاقة وفى الحقيقة باعتبار تحقق المفهوم فى ضمن الأفراد كما سبق فكما حمل اللفظ على الاشتراك حصل الاطراد وباعتبار تحقق كل واحد من معانيه فى ضمن أفراده تحقيقًا بخلاف المجاز إذا حمل عليه يحصل الاضطراب فيه بحسب محاله أى المواضع التى تتحقق فيها العلاقة المعتبرة فيه.
قوله: (وفى المجاز أيضًا) مبنى على أن المراد بالمعنى المذكور فى تعريف الإيهام أعم من الحقيقى والمجازى، والظاهر أن الشارح قد حمله على المعنى الحقيقى وحينئذ يحصل اختصاص ذلك النوع أيضًا بالمشترك، والاختصاص مراد هنا لأن المقصود بيان التسوية بين الحقيقة والمجاز وبين المشترك وقد ذكر فى ترجيح الحقيقة والمجاز أنواعًا من البديع ولم يذكر فى بيان عدم الترجيح أن تلك الأنواع جارية فى المشترك أيضًا، بل ذكر أنواعًا أخر منه فيجب اعتبار الاختصاص فيها ليحصل انتفاء ترجيح الحقيقة والمجاز من هذا الوجه ولذا قال: إذ قد يحصل بالمشترك
(1)
مركبًا اللفظ. . . إلخ. كذا فى الأصل الذى بيدنا وهى عبارة سقيمة قد ذهب التحريف بها كل مذهب وأضاع معناها وليس بيدنا إلا هذه النسخة السقيمة فحرر. كتبه مصحح طبعة بولاق.
دون المجاز.
قوله: (قلت: فليحمل المجاز أيضًا عليهما كذلك) يمكن أن يقال: أراد بقوله: تكثير المعنى فى المشترك بحمله على الأمرين إذا انتفى القرينة المعينة لخصوص كل واحد من المعنيين يحصل تكثير المعنى فى المشترك بمجرّد ذلك الانتفاء بخلاف المجاز فإنه إذا حمل اللفظ على المعنى الحقيقى والمجازى معًا بحسب قرينة زائدة على ذلك المعنى؛ فالحمل المجازى المشترك على تكثير المعنى مختص بالمشترك على تقدير ذلك ومشترك على تقدير آخر فحصل المراد واندفع الجواب وهو قوله قلت: وتقرير الشق الأخير يناسبه تلك الإرادة.
قوله: (أو لكونهما لمعنيين)
(1)
كما إذا وقع فى الكلام لفظ محتمل لمعنيين ولفظ آخر متعين فى المعنى المجازى ولو حمل اللفظ الأوّل على أحد المعنيين، واللفظ الأول قرينة لفظية له معنيان؛ أحدهما: قرينة إذ القرينة يصح أن تطلق على هذا اللفظ وعلى معناه أيضًا والظاهر أنه داخل فى خفاء القرينة.
قوله: (لكان أحسن. . . إلخ) أما كونه أحسن فلأنه إذا جعل الضمير فى لفظة "به" راجعًا إلى المشترك يصير تقدير الكلام وهكذا التوصل بالمشترك إلى أنواع البديع مشترك بينهما إذ الخصم لا يثبت الاختصاص فى ذلك التوصل بل يثبت
(2)
الاختصاص والتوصل بالمجاز إلى أنواع البديع الذى يلائم فى مقابلته هو قولنا والتوصل إلى أنواع البديع مشترك ولذا قال أوّلًا: وكذا التوصل بالمشترك إلى أنواع البديع حاصل، وقال ثانيًا: وكذا التوصل بالمجاز إلى أنواع البديع مشترك بينهما، وأما كونه أوفق لما سبق فلأنه قال فيما سبق: فإن ما ذكرتم من كونه أبلغ. . . إلخ، من الأمور فهو مما اشترك فيه المجاز بل المشترك قد اعتبر فيه أن يجعل المجاز أبلغ مشترك بينهما وكذا الأمور المندرجة فى قوله. . . إلخ.
قوله: (لغلبة المفيد العارى عن الخلل) أى: لغلبة أحدهما المشتمل على تلك الفوائد والعارى عن تلك المفاسد.
(1)
قوله: أو لكونهما لمعنيين. . . إلخ. هكذا فى الأصل الذى بيدنا وهى نسخة مملوءة تحريفًا وسقطًا بحيث لا يعول عيها وليس بيدنا غيرها فحرر ما تراه من السقم إن ظفرت بنسخة صحيحة. كتبه مصحح طبعة بولاق.
(2)
بل يثبت. . . إلخ. كذا فى الأصل وحرر العبارة فإنها لا تخلو من الخلل. كتبه مصحح طبعة بولاق.
الشارح: (منها أنه مستغن عن العلاقة) قد يقال: إن الكلام فى الفوائد بعد تحقق المجاز وهو لا يتحقق إلا بالعلاقة ولك أن تقول: إن كون المجاز لا يتحقق إلا بالعلاقة بخلاف المشترك مقتضى ترجح المشترك فيعد الاستغناء عن العلاقة من فوائد المشترك.
التفتازانى: (مع الإخلال بتكثر فوائد المجاز) أى لأن الفائدة على التفريع هى الأبلغية ولا فائدة له سواها.
التفتازانى: (إذا وقعا فى أواخر القرائن) أى وقع أحدهما فى قرينة والآخر فى قرينة أخرى مقارنة لها.
التفتازانى: (هذا من الملحق بالطباق) أى لأن الأدهم يقابل الأشهب باعتبار معناه الأصلى وهو الأدهم من الخيل لا باعتبار معناه المجازى وهو القيد والملحق بالطباق شيئان أحدهما الجمع بين شيئين يتعلق أحدهما بالآخر نوع تعلق مثل السببية واللزوم نحو {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29]، فإن الرحمة وإن لم تكن مقابلة للشدة لكنها مسببة عن اللين الذى هو ضد الشدة، والثانى الجمع بين معنيين غير متقابلين عبر عنهما بلفظين يتقابل معناهما الحقيقيان كقوله:
لا تعجبى يا سلم من رجل
…
ضحك المشيب برأسه فبكى
فظهور المشيب لا يقابل البكاء إلا أنه قد عبر عنه بالضحك الذى معناه الحقيقى مقابل البكاء.
التفتازانى: (والأحسن فى المثال. . . إلخ) أى لأن الأدهم بمعنى القيد ليس مجازًا بل هو حقيقة فيكون مشتركًا وحينئذ يكون الإلحاق بالطباق فى المشترك.
التفتازانى: (فالمشترك والمجاز فيه) أى فى الملحق بالطباق سواء فليست هذه الفائدة مختصة بالمجاز.
التفتازانى: (كالأمر بمعنى الفعل) قد قال السعد: إنه ليس مما يصلح للاشتقاق منه حتى لو كان حقيقة فيه لم يصح الاشتقاق منه.
التفتازانى: (وفيه نظر) هو أن عدم الاشتقاق فى ذلك لمانع هو فوات المبالغة والتخلف لمانع لا يقدح فى اقتضاء المقتضى.
التفتازانى: (كالعين بالنسبة للجاسوس) أى وإن كان العين فيه مجازًا إذ الفرض
بيان فائدة الاشتراك عن غيره مطلقًا سواء كان المعنى حقيقة أو مجازًا وقيل: إن الجاسوس اسم للعين بمعنى الباصرة لأنها جاسوس للحس المشترك فالعين بالنسبة للباصرة أوجز من الجاسوس لها.
التفتازانى: (عدل الوقر) بكسر العين والقاف هو أحد شقى الحمل وقوله: فتقول افتح العين فإن المولى حاضر فالعين تحتمل الباصرة ويكون المراد بالمولى من يستحيا منه وتحتمل عين العدل ويكون المراد بالمولى من يستحق اللعن وهذا الثانى هو المعنى البعيد المراد.
التفتازانى: (والمطابقة كقولك ضرب له مثلًا. . . إلخ) المراد بالمطابقة: المشاكلة، على ما تقدم.
التفتازانى: (وفيه نظر) هو أن المشاكلة التعبير عن معنى بلفظ غيره لوقوعه فى صحبته ولا شك أن التعبير عن "بين" بضرب ليس كذلك لأن ضرب مشترك بين "ذهب وبين" فلفظ ضرب فى "بين" ليس لفظ غيره.
التفتازانى: (لا عبرة بكون الشئ من مظان الغلبة) لو قال: لا عبرة بكون الشئ مشتملًا على مظان الغلبة لكان أحسن وكذا قوله: بعدم كونه من المظان الأحسن أن يقول: بعدم اشتماله على المظان.
قوله: (بل يتوقف فيه) أى والتوقف إخلال بالفهم.
قوله: (إنما هو فى المشترك بين الضدين فقط) أى لأنه لا يجوز إرادتهما جميعًا فيتوقف فى المراد منهما.
قوله: (والمراد من المقابلة والمطابقة ما فسر به الأخرى) أى فالمراد بالمقابلة المطابقة التى ليست مقابلة ويدخل فيها الملحق بها والمراد بالمطابقة المقابلة التى هى أن يؤتى بمعنيين أو أكثر ثم يؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب نحو {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} [التوبة: 82] ونحو:
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا
…
وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
والمقابلة بهذا المعنى وإن اختصت بهذا الاسم لكنها داخلة فى المطابقة لأن فى ذلك جمعًا بين معنيين متقابلين فى الجملة وهذا الذى قاله المحشى يقابل ما قاله السعد من حيث إن السعد حمل المطابقة على المشاكلة لا على المقابلة المذكورة.
قوله: (وأما جعل الشاعر. . . إلخ) الأولى وأما جعل الناثر نفسه. . . إلخ. لأن
هذا ليس شعرًا.
قوله: (كما هو مذهب السكاكى) أى من أنه لا بد من التوافق فى الشرط إذا وجد.
قوله: (وأما اعتراض المصنف. . . إلخ) يعنى اعتراضه جعل عدم الاطراد من علامات المجاز بأنه قد وجد فى السخى والفاضل والقارورة وليست بمجاز بل هى حقائق وإن أجيب عنه بأن عدم الاطراد علامة للمجاز ما لم يكن عدم الاطراد لمانع لغة أو شرعًا وهذه الألفاظ وجد فيها المانع قلنا: هذا دور فيجب أن لا يعرف المجاز بهذا الطريق فقد ظهر بطلانه بقول الشارح: وقد يجاب بأن السخى. . . إلخ. الذى حاصله أن تلك الألفاظ مطردة فى معانيها على ما تقدم.
قوله: (فى الدرجة الثالثة) أى لأنها فى الأصل بمعنى الثابتة أو المثبتة نقلت لذات الشئ ثم إلى الكلمة المستعملة بحسب وضع أول.
قوله: (لا من حيث إنه مجاز) أى لم تنقل عن ذات الشئ من حيث إنه مجاز بل من حيث إنه حقيقة عرفية فيه فلم يكن لفظ الحقيقة فى الدرجة الثالثة مجازًا على مجاز بل مجاز عن حقيقة عرفية وكذا يقال فى قوله تعالى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235].
قوله: (وكذا التوصل بالمجاز إلى أنواع البديع مشترك بينهما) فيه أن التوصل المذكور القيد بالمجاز خاطئ، فكيف يكون مشتركًا بينهما، إلا أن يقال: معنى اشتراكه بينهما أنه يأتى نظيره فى المشترك.
قوله: (لغلبة المقيد العارى) أى لغلبة أحدهما المشتمل على الفوائد العارية عن تلك المفاسد.