المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌العلو والنزول … قال المؤلف رحمه الله: 14 - وكُلُّ ما قَلّتْ رجَالُهُ - شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌ ‌العلو والنزول … قال المؤلف رحمه الله: 14 - وكُلُّ ما قَلّتْ رجَالُهُ

‌العلو والنزول

قال المؤلف رحمه الله:

14 -

وكُلُّ ما قَلّتْ رجَالُهُ "عَلا"

وضِدُّه ذاكَ الذي قَدْ "نَزَلا"

هذان قسمان من أقسام الحديث وهما الثالث عشر والرابع عشر مما ذُكر في هذا النظم وهما العالي، والنازل.

وعلو الإسناد ونزوله من وصف الإسناد.

وينقسم العلو إلى قسمين:

1 -

علو عدد، وهو ما عرّفه المؤلف بقوله "ما قلت رجاله

إلخ" فكل ما قل رجال السند فيه فهو عالٍ، وكل ما كثر رجال السند فيه فهو نازل، وذلك لأنه إذا قلَّ عدد الرجال، قلت الوسائط، وكلما قلت الوسائط ضعف احتمال الخطأ، ويتضح هذا بالمثال:

فإذا كان الرواة زيداً، عن عمرو، عن بكر، فالخطأ يحتمل في الأول، ويحتمل في الثاني، ويحتمل في الثالث، فالاحتمالات ثلاثة، وإذا كانوا زيداً، عن عمرو، عن بكر، عن خالد، عن سفيان، صار عندنا خمسة احتمالات، ومعلوم أنه كلما قل احتمال الخطأ كان أقرب إلى القبول.

فإذا رُوي الحديث بسند بينه وبين الراوي خمسة، ورُوي من طريق آخر بينه وبين الراوي ثلاثة، فالثاني هو العالي، والأول هو النازل، لأن احتمال الخطأ في الثلاثة أقل من احتمال الخطأ في الخمسة.

وهل يلزم من علو السند عدداً أن يكون أصحَّ من النازل؟

نقول: لا يلزم ذلك، لأن هذا العدد القليل من الرواة قد يكون الرواة فيه ضعفاء، ويكون في العدد الكثير الرواة فيه ثقات أثبات، فلا يلزم من علو الإسناد عدداً، أن يكون العالي أصح، لأن اعتبار حال

ص: 75

الرجال أمرٌ مهم.

2 -

علو صفة. وذلك بأن يكون رجال السند أثبت في الحفظ والعدالة من السند الآخر.

مثاله:

إذا روي الحديث من طريق عدد رجاله ثلاثة، وروي من طريق آخر عدد رجاله ثلاثة، لكن رجال الطريق الأول أضعف من الطريق الثاني في الحفظ، والعدالة، فالثاني بلا شك أقوى وأعلى من الطريق الأول.

ولو رُوي الحديث من طريق فيه أربعة رجال، وروي من طريق آخر فيه ثلاثة رجال، لكن الطريق الأول أثبت من الطريق الثاني في العدالة والحفظ، فالأول أعلى باعتبار حال الرواة.

يعني أن الأول أعلى علو صفة، والثاني أعلى علو عدد، ففي هذه الحالة أيهما نقدم؟

نقول: نقدم الأول وهو العلو في الصفة، لأن العلو في الصفة هو الذي يُعتمد عليه في صحة الحديث، لأن العدد قد يكون مثلاً ثلاثة رواة وكلهم ثقات، فيكون الحديث صحيحاً، وقد يكون العدد عشرين راوياً، لكن كلهم ضعفاء، فلا يكون الحديث صحيحاً.

إذاً فالعلو ينقسم إلى قسمين:

1 -

علو العدد وهو: ما كان فيه عدد الرجال أقل.

2 -

علو الصفة وهو: ما كان حال الرجال فيه أقوى وأعلى من جهة الحفظ والعدالة.

والمؤلف رحمه الله لم يتكلم عن علو الصفة وإنما تكلم عن علو العدد.

ص: 76