الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقسام الحديث
قال المؤلف رحمه الله:
وذي من أقسامِ الحديث عدَّه
…
وكلُّ واحدٍ أتى وحَدَّه
قوله "ذي" اسم إشارة.
والمشار إليه: ما ترتب في ذهن المؤلف. إن كانت الإشارة قبل التصنيف وإن كانت الإشارة بعد التصنيف، فالمشار إليه هو الشيء الحاضر الموجود في الخارج.
فما المراد بالحديث هنا، أعلمُ الدراية أم علم الرواية؟
نقول المراد بقوله "أقسام الحديث" هنا علم الدراية.
وقوله "عدَّه" أي عدد ليس بكثير.
وقوله "وكل واحد أتى وحدَّه" أي أن كل واحد من هذه الأقسام جاء به المؤلف.
وقوله "أتى وحدَّه" الواو هنا واو المعيَّة، و"حدَّه" مفعول معه، وهنا قاعدة وهي: إذا عُطف على الضمير المستتر فالأفصح أن تكون الواو للمعية ويُنصب ما بعدها.
فإذا قلت: محمدٌ جاء وعليًّا، فإنه أفصح من قولك: محمدٌ جاء وعلي. لأن واو المعية تدل على المصاحبة، فالمصحوب هو الضمير.
ومعنى "حدَّه" أي تعريفه، والحدُّ: هو التعريف بالشيء. ويشترط في الحد أن يكون مطرد وأن يكون منعكساً، يعني أن الحدّ يُشترط ألا يخرج عنه شيء من المحدود، وألا يدخل فيه شيء من غير المحدود.
فمثلاً: إذا حددنا الإنسان كما يقولون: أنه حيوانٌ ناطق، وهذا الحدُّ يقولون: إنه مطرد، ومنعكس.
فقولنا: "حيوانٌ" خرج به ما ليس بحيوان كالجماد.
وقولنا: "ناطق" خرج به ما ليس بناطق كالبهيم، فهذا الحد الآن تام لا يدخل فيه شيء من غير المحدود ولا يخرج منه شيء من المحدود.
ولو قلنا: إن الإنسان حيوان فقط؛ فهذا لا يصح! لماذا؟
لأنه يدخل فيه ما ليس منه، فإننا إذا قلنا إن الإنسان حيوانٌ لدخل فيه البهيم والناطق.
وإذا قلنا: إن الإنسان حيوانٌ ناطق عاقل، فهذا لا يصح أيضاً؛ لأنه يخرج منه بعض أفراد المحدود وهو المجنون.
إذاً فلابد في الحد أن يكون مطرداً منعكساً.
وإذا قلنا في الوضوء: إنه غسل الأعضاء الأربعة فقط، فهذا لا يصح، فلابد أن تقول: على صفة مخصوصة، لأنك لو غسلت هذه الأعضاء غير مرتبة لم يكن هذا وضوءاً شرعيًّا.
ولو قلت: الوضوء هو غسل الأعضاء الأربعة ثلاثاً على صفة مخصوصة، فإن هذا أيضاً لا يصح، لأنه يخرج منه بعض المحدود، فإنه يخرج منه الوضوء، إذا كان غسل الأعضاء فيه مرة واحدة.
وعلى كل حال فالحد هو التعريف، وهو:"الوصف المحيط بموصوفه، المميز له عن غيره".
وشرطه: أن يكون مطرداً منعكساً، أي لا يخرج شيء من أفراده عنه، ولا يدخل فيه شيء من غير أفراده.