المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفرد وأنواعه … قال المؤلفُ رحمه الله: 23 - والفَردُ ما قَيَّدْتَهُ بثقَة - شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌ ‌الفرد وأنواعه … قال المؤلفُ رحمه الله: 23 - والفَردُ ما قَيَّدْتَهُ بثقَة

‌الفرد وأنواعه

قال المؤلفُ رحمه الله:

23 -

والفَردُ ما قَيَّدْتَهُ بثقَة

أوْ جْمعٍ أوْ قَصٍر عَلَى رِوَايَةٍ

هذا هو الثالث والعشرون من أقسام الحديث المذكورة في هذه المنظومة، وهو الفرد، وذكر الناظم له ثلاثة أنواع.

1 -

ما قُيد بثقة.

2 -

ما قُيد بجمع.

3 -

ما قُيد برواية.

فما هو الفرد؟

نقول: الفرد هو أن ينفرد الراوي بالحديث، يعني أن يروي الحديث رجلٌ فرد.

والغالب على الأفراد الضعف، لكن بعضها صحيح متلقى بالقبول، لكن الغالب على الأفراد أنها ضعيفة، لاسيما فيما بعد القرون الثلاثة، لأنه بعد القرون الثلاثة، كثر الرواة فتجد الشيخ الواحد عنده ستمائة راوي. فإذا انفرد عنه راوٍ واحد دون غيره فإن هذا يوجب الشك، فكيف يخفى هذا الحديث على هذا العدد الكثير، ولا يرويه إلا واحد فقط.

لكن في عهد الصحابة تكثر الفردية، وكذلك في عهد التابعين لكنها أقل من عهد الصحابة، لانتشار التابعين وكثرتهم، وفي عهد تابع التابعين تكثر الفردية لكنها أقل من عهد التابعين.

إذاً فالفردُ من قبيل الضعيف غالباً.

وأنواعه ثلاثة وهي:

1 -

ما قُيِّدَ بثقة، أي ما انفرد به ثقة، ولم يروه غيره، لكنه لا

ص: 99

يخالف غيره، مثل حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" 1 فقد حصل الإفراد فيه، في ثلاث طبقات من رواته، ومع ذلك فهو صحيح، لأنه انفرد به الثقة عن الثقة عن الثقة، فهذا يُسمى فرداً، ويسمى غريباً.

2 -

ما قُيدَ بجمعٍ، ومراده بالجمع أهل البلد، أو أهل القرية، أو القبيلة أو ما أشبه ذلك، فإذا انفرد بهذا الحديث عن أهل هذا البلد شخص واحد، بمعنى أن يقال: تفرد فلان برواية هذا الحديث عن الشاميين، أو تفرد فلان برواية هذا الحديث عن الحجازيين، أو ما أشبه ذلك، فهنا فردٌ لكنه ليس فرداً مطلقاً، بل هو في بلد معين، وقد انفرد به من بين المحدثين من أهل هذا البلد.

فمثلاً إذا قدَّرنا أن المحدثين في الشام ألف محدث، فروى هذا الحديث منهم واحد، ولم يروه سواه.

فنقول: هذا فرد لكن هل هو فرد مطلقاً؟

بل فرد نسبي، نسبي أي: بالنسبة لأهل الشام.

وللفرد المقيد بالجمع معنى آخر وهو: أن ينفرد به أهل بلد ما، بروايته عن فلان، فيقال: تفرد به أهل الشام عن فلان.

3 -

وقوله "أو قصر على رواية".

القصر على الرواية هي أن يقال مثلاً: لم يروِ هذا الحديث بهذا المعنى إلا فلان، يعني أن هذا الحديث بهذا المعنى لم يروه إلا شخص واحد عن فلان، فتجد أن القصر في الرواية فقط، وإلا فالحديث من طرق أخرى مشهور، وطرقه كثيرة.

وإنما قسَّم المؤلف الفرد إلى هذا التقسيم: ليبين أن الفرد قد يكون

1 تقدم تخريجه ص 69.

ص: 100

فرداً نسبيًّا، وقد يكون فرداً مطلقاً، فإذا كان هذا الحديث لم يُروَ إلا من طريق واحد بالنسبة لأهل الشام، أو أي بلد فهو فردٌ نسبي.

وكذلك بالنسبة للشيخ فلو قال: تفرَّد به فلان عن هذا الشيخ فإنه يُسمى فرداً نسبيًّا، والفرد النسبي غرابته نسبية، والفرد المطلق غرابته مطلقة، والفرد النسبي أقرب إلى الصحة، لأنه قد يكون فرداً بالنسبة لهؤلاء، ولكنه بالنسبة إلى غيرهم مشهور أو عزيز، أي مروي بعدة طرق.

ص: 101