المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌10 - الاعتصام بالله عند سيد المرسلين وخاتم النبيين - صلي الله عليه وسلم: - الاعتصام بالله سبيل النجاة

[أنور بن أهل الله]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأول

- ‌حقيقة الاعتصام بالله تعالى:

- ‌من هو الله الذي يعتصم العبد به

- ‌الفصل الثانيالاعتصام بالله عند الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام

- ‌1 - الاعتصام بالله عند آدم عليه السلام

- ‌2 - الاعتصام بالله عند نوح عليه السلام

- ‌3 - الاعتصام بالله عند إبراهيم عليه السلام

- ‌4 - الاعتصام بالله عند يونس عليه السلام

- ‌5 - الاعتصام بالله عند زكريا عليه السلام

- ‌6 - الاعتصام بالله عند أيوب عليه السلام:

- ‌7 - الاعتصام بالله عند موسى عليه السلام

- ‌8 - الاعتصام بالله عند هود عليه السلام

- ‌9 - الاعتصام بالله عند يعقوب عليه السلام

- ‌10 - الاعتصام بالله عند سيد المرسلين وخاتم النبيين - صلي الله عليه وسلم:

- ‌الفصل الثالثالاعتصام بالله عند الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم

- ‌الفصل الرابعالاعتصام بالله عند الصالحين من عباد الله تعالى:

- ‌الفصل الخامسالاعتصام بالله عند الصالحات من إماء الله تعالى

- ‌الفصل السادس

- ‌المطلب الأول: ثمرات الاعتصام بالله:

- ‌المطلب الثاني:حال من اعتصم بغير الله:

- ‌المطلب الثالث:هل حققنا الاعتصام بالله عز وجل

الفصل: ‌10 - الاعتصام بالله عند سيد المرسلين وخاتم النبيين - صلي الله عليه وسلم:

هكذا كان اعتصام نبي الله هود عليه السلام بربه جل وعلا مهما كاد له قومه وأرادوا إيذائه إلا أن الله حاميه وحافظه؛ فينبغي للمؤمن أن يكون اعتصامه بربه هكذا.

‌9 - الاعتصام بالله عند يعقوب عليه السلام

-:

واعتصم بالله نبي الله يعقوب عليه السلام لما فقد فلذة كبده يوسف عليه السلام سنين مديدة حتي قال بحزن كما قال تعالى: يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84)(1) فقال له بنوه كما قال تعالى: قَالُوا تاللهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ (85)(2) ?

فكان جواب نبي الله يعقوب عليه السلام كما قال تعالى: قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86)(3) ?

فتأمل كيف اعتصم بربه وبث همه وحزنه إلى خالقه جل وعلا، فرد الله عليه ابنه يوسف عليه السلام وأقر عينيه برؤيته?

‌10 - الاعتصام بالله عند سيد المرسلين وخاتم النبيين - صلي الله عليه وسلم:

واعتصم بالله نبي الهدي ورسوله المجتبى محمد بن عبد الله - صلي الله عليه وسلم- في حياته كلها وقد اخترت ثلاثة من المواقف لنبينا الكريم - صلي الله عليه وسلم - سألاً جل وعلا أن يرزقنا الاعتصام به في كل شأن من شؤون حياتنا ?

الموقف الأول:

(1) سورة يوسف.

(2)

سورة يوسف.

(3)

سورة يوسف.

ص: 15

عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَأِلَةُ فِى وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ سَمُرَةٍ وَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُونَا وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ «إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَىَّ سَيْفِى وَأَنَا نَأِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهْوَ فِى يَدِهِ صَلْتًا» . فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى فَقُلْتُ «اللَّهُ» . ثَلَاثًا وَلَمْ يُعَاقِبْهُ وَجَلَسَ.

في رواية قال جابر: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من المشركين وسيف النبي صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة فاخترطه فقال تخافني؟ قال (لا). قال فمن يمنعك مني؟ قال (الله).

وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في "صحيحه"، قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: (اللهُ). قَالَ: فَسَقَطَ السيفُ مِنْ يَدهِ، فَأخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم السَّيْفَ، فَقَالَ:(مَنْ يَمْنَعُكَ مني؟). فَقَالَ: كُنْ خَيرَ آخِذٍ. فَقَالَ: (تَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَاّ الله وَأَنِّي رَسُول الله؟) قَالَ: لَا، وَلَكنِّي أُعَاهِدُكَ أنْ لا أُقَاتِلَكَ، وَلَا أَكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخَلَّى سَبيلَهُ، فَأَتَى أصْحَابَهُ، فَقَالَ: جئتُكُمْ مِنْ عنْد خَيْرِ النَّاسِ (1).

(1) متفق عليه.

ص: 16

فههنا يتضح لنا جليا كيف اعتصم رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بربه وقد وقف الأعرابي بسيفه - صلي الله عليه وسلم - ليقتله وأصحابه نائمون ولكنه - صلي الله عليه وسلم - رد عليه بقوله: الله ? فكأن لفظ الجلالة زلزل قلب الأعرابي حتي سقط السيف من يده فالحافظ هو الله والمحيي هو الله والمميت هو الله ونعم بالله جل وعلا.

الموقف الثاني:

لما هاجر النبي - صلي الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة مكث في غار ثور ثلاثة أيام ليستخفي هو وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه من أعين المشركين، ولكنهم تتبّعوا آثار النبي - صلي الله عليه وسلم- وصاحبه حتي وصلوا إلى الغار، ولكن الله أعمي أبصارهم ونجى نبيه - صلي الله عليه وسلم. فعن أبي بكر رضي الله عنهم قَالَ: نَظَرتُ إِلَى أَقْدَامِ المُشْرِكينَ وَنَحنُ في الغَارِ وَهُمْ عَلَى رُؤُوسِنا، فقلتُ: يَا رسولَ الله، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيهِ لأَبْصَرَنَا. فَقَالَ:(مَا ظَنُّكَ يَا أَبا بَكرٍ باثنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا)(1).

ولقد سطّر الله هذه الحادثة في كتابه الكريم "إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا"(2).

وهكذا حفظ الله نبيه وصاحبه ورد كيد الكافرين ودحر شرهم?

الموقف الثالث:

وهذا المشهد من المشاهد العظيمة لنبينا - صلي الله عليه وسلم - وذلك في غزوة بدر الكبري. وتلك الغزوة كانت عظيمة في الإسلام لأنها كانت أول لقاء بين المسلمين والمشركين وهي الفرقان كما ذكر في كتاب الله عز وجل. قال تعالى: وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ. (3) -

(1) متفق عليه.

(2)

سورة التوبة - 40.

(3)

58? سورة الأنفال - 41.

ص: 17