المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌استدلاله بآية سورة الأنفال والرد عليه: - الانتصار للصحابة الأخيار في رد أباطيل حسن المالكي

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة

- ‌زعمه قَصْر الهجرة على المهاجرين قبل الحُديبية، وقَصْر الصُّحبة على المهاجرين والأنصار قبل الحُديبية، والرد عليه:

- ‌استدلالُه بآية {لَقَدْ تَابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ} والرد عليه:

- ‌استدلالُه بآية: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ} ، والرد عليه:

- ‌استدلالُه بآيات سورة الحشر والرد عليه:

- ‌استدلاله بآية سورة الحديد والرد عليه:

- ‌استدلاله بآية سورة الأنفال والرد عليه:

- ‌استدلاله بآية سورة الفتح والرد عليه:

- ‌استدلالُه بحديث: ((المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض)) والرد عليه:

- ‌استدلالُه بحديث: ((الناسُ حيِّز وأنا وأصحابي حيِّز)) والرد عليه:

- ‌تشكيكه في أفضلية أبي بكر رضي الله عنه على غيرِه والرد عليه:

- ‌تشكيكه في أَحقِّية أبي بكر بالخلافة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والرد عليه:

- ‌زعمه أنَّ العبَّاس بن عبد المطلب وابنه عبد الله رضي الله عنهما ليسَا من الصحابة والرد عليه:

- ‌زعمه أنَّ خالد بن الوليد رضي الله عنه ليسَ من الصحابة والرد عليه:

- ‌زعمه أنَّ معاويةَ رضي الله عنه ليسَ من الصحابة والرد عليه:

- ‌زعمه أنَّ عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما ليسَا من الصحابة والرد عليه:

- ‌زعمه أنَّ صُحبةَ الكثيرين من أصحاب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لغوية لا شرعية والرد عليه:

- ‌فهمه الخاطئ للصُّحبة الشرعيَّة والرد عليه:

- ‌زعمه أنَّ الإجماعَ لا بدَّ فيه من اتِّفاق أمَّة الإجابة بفِرَقِها المختلفة والرد عليه:

- ‌إنكاره القول بعدالة الصحابة والرد عليه:

- ‌آثارٌ في توقير الصحابة وبيان خطرِ النَّيل من أحدٍ منهم:

- ‌الإمام أحمد بن حنبل (241هـ) رحمه الله:

- ‌الإمام أبوجعفر الطحاوي (322هـ) رحمه الله:

- ‌الإمام ابن الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (327هـ) رحمه الله:

- ‌الإمام ابن ابن أبي زيد القيرواني (386هـ) رحمه الله:

- ‌الإمام أبوعثمان الصابوني (449هـ) رحمه الله:

- ‌الإمام أبو المظفَّر السمعاني (489هـ) رحمه الله:

- ‌الحافظ ابن كثير (774هـ) رحمه الله:

- ‌الحافظ ابن حجر العسقلاني (852هـ) رحمه الله:

- ‌الشيخ يحيى بن أبي بكر العامري (893هـ) رحمه الله:

- ‌آياتٌ وأحاديث في حفظ اللسان من الكلام إلَاّ في خير:

الفصل: ‌استدلاله بآية سورة الأنفال والرد عليه:

الحُديبية إلى حين وفاته صلى الله عليه وسلم في الوعد الكريم الذي دلَّت عليه الآية، مع القطع بالتفاوت بين المتقدِّمين منهم والمتأخرين.

الثاني: أنَّه لا وجه لاستغراب المالكي الوعد لجميع الصحابة بالحُسنى وهي الجنَّة، ومِمَّن فسَّر {الحُسْنَى} في الآية بالجنَّة القرطبيُّ والشوكاني والشيخ عبد الرحمن بن سعدي في تفاسيرهم، وقدجاء في السُّنَّة تفسير {الحُسْنَى} في قوله تعالى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} بأنَّها الجنَّة، وذلك من حديث صُهيب رضي الله عنه عند الإمام مسلم (297 ـ 298) .

فلماذا هذا الاستغراب، وفضلُ الله واسعٌ ورحمتُه وسعت كلَّ شيء؟!

وأسْعَدُ الناسِ بجنَّتِه ورحمتِه أصحابُ رسوله صلى الله عليه وسلم الذين هم خير هذه الأمَّة، التي هي خير أمَّة أُخرجت للناس، الذين اختارهم الله لِصُحبته، ومتَّع أبصارَهم في هذه الحياة الدنيا بالنظر إلى طلعته، ومتَّع أسماعَهم بسماع القرآن والسُّنَّة منه صلى الله عليه وسلم ونقلهما إلى الناس بعدهم، وهم الواسطة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين غيرهم.

* * *

‌استدلاله بآية سورة الأنفال والرد عليه:

وقال في (ص:33 ـ 34) : ((الدليل الخامس: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ الله وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِن وَلَايَتِهِم مِن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَاّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِيثَاقٌ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} .

أقول: هذه الآية من سورة الأنفال (72) فيها فوائد عظيمة:

ص: 49

الأولى: إثبات ولاية المهاجرين مع الأنصار فقط، وهذا ما يُفسِّرُه الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض، والطُّلَقاء من قريش والعُتقاء من ثقيف بعضُهم أولياء بعض إلى يوم القيامة) ، والحديث فيه إخراج للطُّلقاء من المهاجرين والأنصار الذين هم أصحاب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقط، كما في حديثٍ الآخر:(أنا وأصحابي حيِّز، والناس حيِّز) ، قالها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وكلمة (أصحابي) في هذا الحديث الأخير كلمة مطلقةٌ فسَّرها الحديثُ المتقدِّم وقيَّدها بأنَّ المرادَ بها (المهاجرون والأنصار) ، فتأمَّل لهذا التوافق والترابط؛ فإنَّك لن تجدَه في غير هذا المكان!

الفائدة الثانية: أنَّ الذين أسلموا ولَم يُهاجروا لا يستحقُّون من المسلمين في عهد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الولايةَ التي تعنِي النُّصرةَ والولاء، فإذا كان المسلمون قبل فتح مكة لا يستحقُّون النُّصرةَ ولا الولاء حتى يُهاجروا، فكيف بِمَن انتظر من الطُّلَقاء حتى قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونيَّة) .

فهؤلاء لَم يُدركوا فضلَ من لا يستحقُّ النُّصرة والولاية، فضلاً عن إدراكهم لفضل السابقين من المهاجرين والأنصار.

الثالثة: أنَّ المسلمين الذين لَم يُهاجِروا لا يجوز أن يُنصَروا على الكفَّار المعاهدين الذين معهم ميثاق مع المهاجرين والأنصار، وهذا الحكم يبيِّن الفرقَ الواسع بين مَن هاجر ومَن بقي مؤمناً في دياره، فكيف بِمَن لَم يؤمن إلَاّ عند إلغاء الهجرةِ الشرعية من مكة، وأسلم رغبة في الدنيا ورهبةً من السيف، حتى وإن حسُن إسلامه فيما بعد؟!!!)) .

ص: 50

ويُجاب عن ذلك بما يلي:

الأول: أنَّ كونَ المهاجرين والأنصار بعضُهم أولياء بعض لا يدلُّ على نفي ولايتِهم عن غيرهم مِمَّن أسلموا بعد فتح مكة، فالكلُّ خيار المؤمنين، مع التفاوت الكبير بينهم في الإيمان، وقد قال الله عز وجل:{وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ، وسيأتي لذلك زيادةُ بيان عند ذِكر حديث ((المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض)) .

الثاني: أنَّ حديث ((المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض)) صحيح، وحديث ((الحيز)) ضعيف، وسيأتي بيان ذلك عند ذِكر الحديثين.

الثالث: أنَّ ما ذكره من كون المهاجرين والأنصار هم أصحاب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقط قولٌ باطلٌ، وقد تكرَّر منه قصْر الصُّحبة على المهاجرين والأنصار قبل الحُديبية، وتكرَّر منِّي التنبيه على بطلان قوله بسبب تكراره.

الرابع: أنَّ الطُّلقاءَ وغيرَهم قد فاتتهم الهجرة، لكن لَم يفُتهم الجهاد والنيَّة، فقد أبلى كثيرٌ منهم في الجهادِ مع النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بلاءً حسناً، وقوله:(إنَّ إسلامهم رغبة في الدنيا ورهبة من السيف) هو مِن الظلم البيِّن، والظُّلمُ ظلمات يوم القيامة، لا سيما ما كان منه لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولو حصل إسلام أحد منهم من أجل الدنيا فإنَّ الحالة تتغيَّر إلى خير؛ لقول أنس رضي الله عنه: ((إن كان الرَّجلُ لَيُسلِم ما يريد إلَاّ الدنيا، فما يُسلم حتى يكون الإسلامُ أحبَّ إليه من الدنيا وما عليها)) رواه مسلم في صحيحه (2312) .

* * *

ص: 51