الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية (الطبعة الفرنسية) :
تعتبر دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية أو موسوعة الإسلام L’Encyclopédie de l’Islam أهم أداة عمل غربية في البحث في حقل الإسلاميات، ونظرا لما لها في الأوساط العلمية في الغرب والعالم الإسلامي من أهمية، وما تتمتع به من الانتشار الواسع بين الباحثين في جميع فروع الثقافة والمعارف الإسلامية فإن أثرها وتأثيرها في القراء أمر لا يخفى على المهتمين والمتتبعين للشأن الثقافي الإسلامي مما يتطلب مراجعة لموادها وتصحيحا لأخطائها وتقويما للأفكار والمعلومات الخاطئة الواردة بها.
ظهرت دائرة المعارف الإسلامية في طبعتين باللغات الفرنسية والإنجليزية والألمانية، الأولى بين عامي 1913م و1936م في أربعة مجلدات ضخمة (1) والثانية شرع في إصدارها عام 1958م، وصدر المجلد الأخير "المجلد العاشر" عام 2001م، جاءت مادة "محمد" في الطبعتين: الأولى (2) والثانية (3) ، وجاءت مادة "سيرة" موسعة في الطبعة الأولى وموجزة في الطبعة الثانية (4) .
(1) صدرت في أواخر الستينات من القرن العشرين ترجمة عربية جزئية للطبعة الأولى إلى حدود حرف العين "15 مجلدا" قام بها ثلاثة من خريجي كلية الآداب بالقاهرة وهم إبراهيم زكي خورشيد وأحمد الشناوي وعبد الحميد يونس، وقد تضمنت الترجمة تعقيبات وتصويبات مفيدة لآراء محرري الموسوعة قام بها علماء أزهريون أمثال أمين الخولي ومصطفى عبد الرزاق وإبراهيم مدكور وغيرهم. وعند توقف مشروع ترجمة الموسوعة طال انتظار الباحثين العرب وتشوقهم إلى ترجمة كاملة إلى أن قام مركز الشارقة للإبداع الفكري بإصدار موجز كامل لدائرة المعارف الإسلامية بإشراف محمد سمير سرحان، وقد صدر الموجز في 32 مجلدا في طبعته الأولى عام 1998م.
(2)
المجلد الثالث (1936م) .
(3)
المجلد السابع (1991م) .
(4)
EI Tome pp.
والواقع أن أحداث السيرة النبوية لا يمكن تلمسها في إطار مادتي "محمد" و "سيرة" فقط وإنما هي أحداث متناثرة بين صفحات الموسوعة وبين موضوعاتها ومقالاتها، وإذا كانت المادة الجامعة لأحداث ووقائع ومراحل السيرة هي مادة "محمد" التي تشغل في الطبعة الثانية سبعاً وعشرين صفحة فقد وردت إشارات أخرى إلى جزئيات وأحداث محددة من وقائع السيرة النبوية في مواد أخرى من الموسوعة.
منها ما يتعلق بأسماء الأماكن التي عاش في رحابها الرسول صلى الله عليه وسلم مثل "مكة"و "المدينة" و"الطائف"، ومنها ما يتعلق بأسماء القبائل والطوائف مثل "حنفاء""وأهل نجران" و "بنو النضير" و "بنوقريظة" و "بنو قينقاع" ومنها ما يتعلق بأسماء الغزوات وأماكن وقوعها مثل "بدر" و"أحد" و "الأحزاب" و "الحديبية" و "مؤتة" و "تبوك".
ومنها ما يتعلق بأسماء الصحابة رضوان الله عليهم مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعائشة وحفصة وغيرهم.
وبهذا التنوع في ذكر المواد المرتبطة بالسيرة النبوية يتبين مدى اهتمام الموسوعة بشخصية الرسول عليه الصلاة والسلام وما يتعلق بحياته ومغازيه ودعوته، وإذا كان في كل ذلك ما من شأنه أن يعرف بأحداث السيرة النبوية ووقائعها فإنه بالمقابل ينبغي الاعتراف بأن كل هذه المواد التي كتبها المستشرقون قد قدمت بأسلوب مبني على منهج المراوغة والتحريف حينا والطعن والافتئات حينا آخر، إذ لا يخفى أن مادة السيرة النبوية تعد مثل مواد القرآن والسنة والعقيدة من المواد الجوهرية الرئيسة في الموسوعة والتي تحاط بعناية واهتمام فائقين، فتحرير مثل هذه المواد لا يسند للعلماء المسلمين وإنما
إلى المستشرقين الذين يؤتمنون على المنهج الغربي في دراسة الإسلام وهو المنهج القائم على التحريف والطعن والتحامل، كما يتم الحرص على الاستعانة والاستئناس بكل ما كتب في الموضوع وبخاصة في الثقافة الاستشراقية مع السعي إلى التهوين من شأن ما كتبه العلماء المسلمون المعاصرون. وقد جاءت أحداث السيرة النبوية في الموسوعة مشوبة بكثير من التشكيك والتهوين من مصداقيتها، ويتم التسويغ لذلك بدعوى أن الروايات التي تناقلتها كتب السيرة عن تلك الأحداث غامضة وأن القرآن سكت عنها، أما المرحلة المدنية من الدعوة فقد تم التقليل من أهميتها كمرحلة تم خلالها تأسيس الدولة الإسلامية بعد أن قويت شوكة المسلمين وأظهر الله دينه الحق. ولم يكن غريبا أن تفتتح الموسوعة الحديث عن هذه المرحلة بقولها:"إن أهل المدينة لم يكونوا يرغبون في استمالة واعظ ملهم (1) إلى مدينتهم بقدر ما كانوا يرغبون في كسب زعيم سياسي قادر على إصلاح علاقاتهم التي فسدت بسبب الحروب القبلية"(2) ، ولا شك أن الهدف من هذا الافتراء القائم على تحليل مادي متهافت هو الإيحاء بأن الدوافع التي دفعت أهل المدينة إلى قبول دعوة الإسلام هي دوافع سياسية دنيوية صرفة لا مكان بينها للدوافع الدينية والإيمانية.
(1) هكذا يوصف النبي صلى الله عليه وسلم ولا يوصف بالنبوة والرسالة، ويدأب المستشرقون –في كثير من الأحيان-على وصفه عليه الصلاة والسلام بالمصلح الديني، وقد أكثرت الموسوعة من استخدام هذا النعت لإظهاره صلى الله عليه وسلم في مظهر المفكر العبقري الذي استطاع بقوة فكره ان يبتكر هذا الدين الجديد.
(2)
Muhammed in Encyclopèdie de l’Islam ; ème édition (Brill) Tome p