الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتجمرون عندها أي يتجمعون ولأنها ترمى بالجمار أي بالحصى الصغار.
وقوله: «فرماها بسبع حصيات»
قد يفهم منه: أنه لا بد أن يرمي الشاخص (العمود القائم) ولكنه غير مراد بل المقصود أن تقع الحصاة في الحوض، سواء ضربت العمود أم لم تضربه.
ورمي الجمرات الحكمة منه: إقامة ذكر الله عز وجل كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله» (1) ولهذا يشرع أن يكبر عند رمي كل حصاة من أجل أن يعظم الله تعالى بلسانه كما هو معظم له بقلبه، لأن رمي الجمرات على هذا المكان أظهر ما فيه من المعنى المعقول هو التعبد لله وهذا كمال الانقياد إذ إن الإنسان لا يعرف معنى معقولاً واضحاً في رمي هذه الحصى في هذا المكان سوى أنه يتعبد لله عز وجل بأمر وإن كان لا يعقل معناه على وجه التمام تعبداً لله تعالى وتذللاً له، وهذا هو كمال الخضوع لله عز وجل ولهذا كان في رمي الجمار تعظيم لله باللسان وبالقلب. أما ما اشتهر عند الناس من أنهم يرمون الشياطين في هذه الجمرات فهذا لا أصل له، وإن كان قد روي عن ابن عباس
(1) سبق تخريجه رقم 41.
رضي الله عنهما بسند ضعيف أنه قال: (الشيطان ترمون)(1) فإنما يقصد بذلك إن صح عنه هذا الخبر أو هذا الأثر فالمراد أنكم تغيضون الشيطان برميكم هذه الجمرات حيث تعبدتم لله عز وجل بمجرد أن أمركم به من غير أمر معقول لكم على وجه التمام.
وما قيل أيضاً إن صح- من أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان الشيطان يعرض له في هذه المواقف ليحول بينه وبين تنفيذ أمر الله تعالى بذبح ولده فكان إبراهيم عليه الصلاة والسلام يرميه بهذه الجمرات (2) فإنه لا يستلزم أن يكون رمينا رمياً لإبليس لأن إبليس لم يتعرض لنا في هذه الأماكن، ونظير هذا أن السعي إنما شرع من أجل ما جرى لأم إسماعيل رضي الله عنها ومعلوم أن تردد أم إسماعيل بين الصفا والمروة سببه طلب الغوث لعلها تجد من يكون حولها ويسقيها ويطعمها ونحن في سعينا لا نسعى لهذا الغرض. فكذلك رمي الجمرات، حتى لو صح أن إبراهيم عليه الصلاة
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك في المناسك حديث (1713) من قول ابن عباس رضي الله عنهما ولفظه (الشيطان ترجمون وملة أبيكم تتبعون) .
(2)
أخرجه الحاكم في المستدرك في المناسك الحديث (1713) وأخرجه البيهقي في الحج باب ما جاء في بدء الرمي حديث (9693) ولفظه: "لما أتى إبراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات ثم ساخ في الأرض".