الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكانوا كلهم مهلين أو مكبرين لكن بعضهم يكبر، وبعضهم يهل، وكل يذكر ربه على حسب حاله.
مسألة: قال العلماء رحمهم الله: وينبغي أن يذكر نسكه في التلبية، فإذا كان في العمرة يقول: لبيك اللهم عمرة، وفي الحج: لبيك اللهم حجاً، وفي القران: لبيك اللهم عمرة وحجاً.
ثم قال جابر رضي الله عنه: «حتى إذا أتينا البيت» يعني الكعبة.
وقوله: «استلم الركن»
أي الحجر الأسود. وأطلق عليه اسم الركن لأنه في الركن، والاستلام قال العلماء رحمهم الله أن يمسحه بيده وليس أن يضع يده عليه لأن الوضع ليس فيه استلام بل لابد من المسح، والمسح يكون باليد اليمنى لأن اليد اليمنى تقدم للإكرام والتعظيم.
وهل يقبله؟ نقول: نعم لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقبله (1) لكن يقبله محبةً لله عز وجل وتعظيماً له لا محبةً للحجر لكونه حجراً ولا يتبرك به أيضاً كما يصنعه بعض الجهال فيمسح يده بالحجر الأسود ثم يمسح بها بدنه أو
(1) أخرجه البخاري في الحج / باب الرمل في الحج (1605) ومسلم في الحج / باب استحباب تقبيل الحجر الأسود (1270) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه..
يمسح صبيانه الصغار تبركاً به فإن هذا من البدع.
ولهذا لما قبّل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحجر الأسود قال: «إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك» (1) فأفاد رضي الله عنه بهذا أنه مجرد تعبد واتباع للرسول صلى الله عليه وسلم. إذاً فتقبيلنا للحجر الأسود هو محبةٌ لله عز وجل وتعظيمٌ له ومحبة للقرب منه سبحانه وتعالى. فإن شق الاستلام والتقبيل فإنه يستلمه بيده ويقبل يده (2) .
وهذا بعد استلامه ومسحه لا أنه يقبل يده بدون مسح وبدون استلام فإن شق اللمس أشار إليه (3) . وإذا أشار إليه فإنه لا يقبل يده.
كل هذه الصفات وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي مرتبة حسب الأسهل.
فأعلاها استلام اليد وتقبيل الحجر ثم استلام باليد مع
(1) أخرجه البخاري في الحج / باب الرمل في الحج (1605) ومسلم في الحج / باب استحباب تقبيل الحجر الأسود (1270) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه..
(2)
لما روى نافع قال: " رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده ثم قبل يده وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله" أخرجه مسلم في الحج / باب استحباب استلام الركنين اليمانيين في الطواف (3045) .
(3)
أخرجه البخاري في الحج / باب التكبير عند الركن (1613) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: " طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء كان عنده ويكبر ".
تقبيلها، ثم استلام بعصاً ونحوه مع تقبيله إن لم يكن فيه أذية، والسنة إنما وردت في هذا للراكب فيما نعلم ثم إشارة.
فالمراتب صارت أربعاً تفعل أولاً فأول بلا أذية ولا مشقة.
مسألة: كيفية الإشارة؟ هل الإشارة كما يفعل العامة أن تشير إليه كأنما تشير في الصلاة أي: ترفع اليدين قائلاً الله أكبر؟ الجواب: لا بل الإشارة باليد اليمنى. كما أن المسح يكون باليد اليمنى. ولكن هل تشير وأنت ماشٍ والحجر على يسارك، أم تستقبله؟ الجواب: روي عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إنك رجل قوي فلا تزاحم فتؤذي الضعيف إن وجدت فرجة فاستلم وإلا فاستقبله وهلل وكبر» (1) قال: «وإلا فاستقبله» فالظاهر: أنه عند الإشارة يستقبله ولأن هذه الإشارة تقوم مقام الاستلام والتقبيل والاستلام والتقبيل يكون الإنسان مستقبلاً له بالضرورة لكن إن شق أيضاً مع كثرة الزحام فلا حرج أن يشير وهو ماشٍ.
ويقول عند محاذاته ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنه عند ابتداء الطواف «بسم الله والله أكبر» (2) «اللهم إيماناً بك وتصديقاً
(1) أخرجه الإمام أحمد 1/28، وعبد الرزاق (8910) ، والبيهقي 5/80 عن سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البيهقي 5/79 عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا استلم الركن قال: " بسم الله والله أكبر".
بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم» (1) كما كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول ذلك.
أما في الأشواط الأخرى فإنه يكبر كلما حاذى الحجر اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم (2) . إذاً الحجر الأسود له سنتان: سنة فعلية وسنة قولية.
وأما الركن اليماني فيستلمه بلا تقبيل ولا تكبير ولا إشارة إليه عند التعذر. لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم. والقاعدة الفقهية الأصولية الشرعية: (أن كل ما وجد سببه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فالسنة تركه) وهذا قد وجد سببه فالركن اليماني كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستلمه ولم يكن يكبر وعلى هذا فلا يسن التكبير عند استلامه.
مسألة: وهل يستلمهما في آخر شوط؟
الجواب: يستلم الركن اليماني ولا يستلم الحجر الأسود لأنه إذا مر بالركن اليماني مر وهو في طوافه. وإذا انتهى إلى الحجر الأسود انتهى طوافه. ولهذا لا يستلم الحجر الأسود ولا يكبر أيضاً في آخر شوط. لأن التكبير تابع للاستلام ولا
(1) أخرجه البيهقي 5/79 وابن أبي شيبة 4/105 وعبد الرزاق (8898) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(2)
سبق تخريجه رقم 22.