المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الأذان والإقامة - شرح زاد المستقنع - أحمد الخليل - جـ ١

[أحمد الخليل]

الفصل: ‌باب الأذان والإقامة

عرفنا من الخلاف السابق قبل أن نتجاوزه أن من العلماء من يرى أن من ترك صلاة واحدة متعمداً بلا عذر تكاسلاً فإنه يخرج عن الملة ويجب أن يقتل فلمجرد انتهاء وقت الأولى فإنه يكقر ويقتل

وهذا يعني شدة خطورة ترك فريضة واحدة فإنه يعتبر عند الإمام أحمد في رواية وهو من هو رحمه الله أنه كافر ويقتل وهذا أمر عظيم جداً ولذا على طالب العلم أن يحذر الناس أشد التحذير من ترك فريضة واحدة تهاوناً وكسلاً ولو فريضة واحدة لأنه يعرض نفسه لأمر عظيم وهو الكفر

قال رحمه الله

ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثاً فيهما

قوله رحمه الله فيهما يرجع الضمير إلى ترك الجحود وترك التهاون والكسل

في الأمرين لا يقتل حتى يستتاب

الدليل

قالوا قياساً على المرتد فالمرتد لا يمكن أن يقتل حتى يستتاب قالوا كذلك من ترك الصلاة لا يقتل حتى يستتاب

ما هي العلة التي قاسوا بها؟

الجواب أن العلة الجامعة بينهما قالوا لأن في كل منهما تركاً لواجب

القول الثاني أنه يقتل مباشرة بلا استتابة فيؤخذ ويقتل نسأل الله العافية والسلامة

والقول الثالث أن هذا راجع إلى رأي الإمام فإن رأى أن يستتيبه ويستعتبه فعل وإن رأى أن يقتله مباشرة فعل فيرجع إلى رأي الإمام والإمام يرجع إلى المصلحة

وهذا القول الثالث هو الصواب أنه يرجع في ذلك إلى رأي الإمام حسب المصلحة فقد يرى الأمام أن ترك الصلاة نحن الآن نتحدث عن القتل ولسنا نتحدث عن الكفر فإن القتل لا إشكال فيه فقد يرى الإمام ردعاً للناس وتأديباً لهم أن يقتل مباشرة حتى ينزجر الناس وقد يرى الإمام أن هذا الشخص المعين قريب للتوبة وحصل منه التساهل لغلبة الهوى فيستتيبه قبل أن يقتله فيرجع إلى رأي الإمام وهذا هو الصحيح إن شاء الله

وبهذا انتهى الباب الأول من كتاب الصلاة وبدأ ب‌

‌باب الأذان والإقامة

باب الأذان والإقامة

• قال رحمه الله

باب الأذان والإقامة

لما ذكر المؤلف رحمه الله وجوب الصلاة بدأ بوسيلة الدعوة إليها

والأذان

في لغة العرب هو الإعلام

وفي الإصطلاح الإعلام بدخول وقت الصلاة أو قربه للفجر بألفاظ مخصوصة

ص: 222

معنى التعريف الإعلام بدخول الوقت أو بقرب دخول الوقت خاصة بالنسبة للفجر

أما الإقامة

فهي مصدر من أقام وأصلها إقامة القاعد

وفي الإصطلاح الأعلام بالدخول في الصلاة بألفاظ مخصوصة

وتقدم معنا مراراً وتكراراً أن هذه التعريفات درج عليها الفقهاء وأن ذكر لفظ الصلاة والأذان والإقامة يغني عند المسلمين عن التعريف بل قد يكون التعريف أحياناً يزيد اللفظ غموضاً فكل مسلم إذا قيل له أذان، إقامة عرف المقصود بلا تعريف لكن درج الفقهاء على التعريف فذكرناه

وذكر كثير من الفقهاء في هذا الموضع مسألة المفاضلة بين والأذان والإمامة

ولا نريد الدخول في تفاصيل هذه المسألة لكن الراجح

أن الأذان أفضل من الإمامة

وسبب الترجيح كثرة النصوص في فضائل الأذان دون الامامة أي أن النصوص التي وردت في فضل الأذان أكثر من النصوص التي وردت في فضل الإمامة

وهذه قاعدة في الشرع إذا أردت أن تفاضل في الشرع بين عملين أو شخصين أو أي معنى شرعي فالمفاضلة تكون بعدد النصوص التي ذكرت فضل هذا العمل أو الشخص

فإن قيل لك لماذا يعتبر أبو بكر أفضل من بقية الصحابة لماذا؟

لكثرة نصوص فضائل أبي بكر الصديق

لماذا تعتبر خديجة أفضل من عائشة عند من يفضلها؟

لنفس السبب لكثرة النصوص

فإذاً هذه هي القاعدة في التفضيل

قال رحمه الله

هما فرضا كفاية

الأذان والإقامة

عند الحنابلة فرضا كفاية على المسلمين

والمقصود بفرض الكفاية هو الفعل الذي ينظر الشارع فيه إلى حصوله دون من قام به فلا عبرة بالقائم به وإنما مقصود الشارع تحصيل وإيجاد هذا العمل

استدلوا على ذلك بعدة أدلة نأخذ منها اثنين

الدليل الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمالك ابن الحويرث لما أراد أن يسافر ليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم فقوله ليؤذن اللام فيه للأمر والمقصود أنه فرض كفاية لأنه لا يطلب الأذان من كل شخص

الدليل الثاني أن الأذان والإقامة من شعائر الإسلام الظاهرة

القول الثاني للمالكية والشافعية أنهما سنة

الدليل

ص: 223

قالوا أنهما ذكر للدعوة للصلاة فيقاس على قولهم في الكسوف الصلاة جامعة لأن كلاً من اللفظين المقصود منه الدعوة للصلاة

فإذا قيل لك ماذا تلاحظ على أدلة الفريقين؟

فيجب أن تقول ألاحظ أن أدلة الحنابلة نصوص شرعية صريحة صحيحة بينما نصوص المالكية والشافعية في هذه المسألة تعليلات ضعيفة

لذلك فالراجح مذهب الحنابلة أنهما فرض كفاية إذا قام بهما من يكفي سقطا عن الباقين

فلما قرر المؤلف أنهما فرضا كفاية بدأ في تفصيل هذا الفرض على من يكون؟

• فقال رحمه الله

على الرجال

كلمة الرجال تخرج فئتين الفئة الأولى من يصلي منفرداً والفئة الثانية النساء

فأما المنفرد فإن الأذان والإقامة في حقه سنة وليس واجباً

ودليل السنية للمنفرد

قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد إذا كنت في غنمك أو في باديتك فأذنت فارفع صوتك بالآذان فإنه لا يسمع الآذان جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد يوم القيامة فهذا دليل أنه سنة حتى للمنفرد

ذو القعدة وأما النساء فقد اتفق أهل العلم بلا خلاف أن الأذان ليس واجباً على النساء

أذان العشاء

بعد أذان العشاء قال الشارح حفظه الله

قلنا أن الفقهاء اتفقوا على عدم الوجوب لكن اختلفوا في المشروعية على أقوال كثيرة

فالقول الأول وهو مذهب الحنابلة أنهما يكرهان للنساء فمكروه أن تؤذن المرأة أو تقيم

والقول الثاني أنهما يستحبان

والقول الثالث أن المستحب الإقامة فقط دون الأذان

والقول الرابع أنهما يباحان ولا يستحبان ولا يكرهان بشرط عدم رفع الصوت

إذاً يباحان بشرط عدم رفع الصوت بلا كراهة ولا استحباب

وتقدم معنا قاعدة أنه إذا كثرت الأقوال وتشعبت ففي الغالب سبب ذلك أن المسألة ليس فيها نصوص وهذه المسألة كذلك

لكن الأقرب والله أعلم الأخير لأن فيه آثار عن الصحابة وإن كان في أسانيدها ضعف لكن لا يوجد في الباب مايدفعها فالتمسك بها خير من التمسك بالآراء

إذاً صارت الأقوال أربعة الأقرب منها الأخير ويليه في القوة الذي قبله القول الثالث

ص: 224

والذي يظهر أن عمل النساء اليوم على القول الثالث وهو الإقامة دون الأذان

لكن نقول إذا اجتمعت النساء فيباح لهن الأذان والإقامة بشرط عدم رفع الصوت

• قال رحمه الله

المقيمين للصلوات المكتوبة

وقوله المقيمين يخرج المسافرين

والقول الثاني أنه يجب يعني فرض كفاية حتى على المسافر

والدليل

أن حديث مالك رضي الله عنه الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان كانوا على أهبة السفر

أي أنه أمرهم حين أرادوا أن يسافروا فدل ذلك على أن الأذان والاقامة فرض كفاية للمقيم وللمسافر خلافاً لمذهب الحنابلة

ثم قال رحمه الله

للصلوات المكتوبة

أي أن هذا الفرض فرض الكفاية يختص بالفرائض المكتوبة دون النوافل فلا يشرع فيها أذان ولا إقامة

قال في الشرح الروض المكتوبة المؤداة

وهذا مذهب الحنابلة أنهما فرض كفاية للصلوات المكتوبة المؤداة

أما المقضية فهما مستحبان ولا يعتبران فرض كفاية

إذاً يختص الوجوب عند الحنابلة بالمكتوبات المؤداة أما المقضية فالأذان والإقامة عندهم مستحبان

نحتاج دليلاً للاستحباب ولعدم الوجوب

دليل الاستحباب

أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نام في سفره واستيقظ بعد خروج الوقت أمر بلال بالأذان والإقامة

ودليل عدم الوجوب

أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته العصر في غزوة الخندق صلى بإقامة بلا أذان

فهذا دليل على عدم الوجوب والأول دليل على السنية

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

انتهى الدرس،،،

ص: 225

قال شيخنا حفظه الله:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

• قال رحمه الله:

يقاتل اهل بلد تركوهما.

إذا ترك أهل بلد الأذان والاقامة فإنه يجب على ولي الأمر أن يقاتل أهل هذا البلد.

والدليل على وجوب المقاتلة من وجهين:

- الأول: أن الأذان والإقامة من الشعائر الظاهرة التي لا يجب أن تترك.

ص: 226

- والثاني: أن هذا القتال محل إجماع من الفقهاء. فقد أجمعوا رحمهم الله على وجوب مقاتلة الذين يتركون الأذان والإقامة.

ومقاتلة الذين يتركون الأذان والإقامة من أدلة وجوب الأذان والإقامة من الأدلة الدالة على صحة قول من ذهب أنهما فرض كفاية.

• ثم قال رحمه الله:

وتحرم أجرتهما.

يحرم على الإنسان أن يؤذن بعقد إجارة فإن فعل فهو آثم وفي صحة أذانه خلاف.

والدليل على تحريم استئجار من يؤذن:

- الدليل الأول: قول النبي صلى الله علية وسلم (واتخذ مؤذناً لا يأكل على آذنه أجراً).

- والدليل الثاني: أن الأذان قربة وكل قربة لا يصلح فيها العوض. لأن أخذ العوض عن القرب من استعمال الدين لنيل غرض من الدنيا.

= وذهب بعض الفقهاء إلى جواز الإستئجار للأذان وأن العقد صحيح لا يحرم.

وهو قول ضعيف مصادم للنصوص.

• ثم قال رحمه الله:

لا رزق من بيت المال لعدم متطوع.

لما بين حكم الاستئجار رحمه الله أراد ان يبين حكم أخذ الرزق من بيت المال على الأذان.

فبين أنه يجوز وأنه لا يستوي الإستئجار وأخذ الرزق من بيت المال.

واشترط لهذا الحكم شرط وهو:

أن لا يوجد متطوع للأذان.

فإن وجد متطوع للأذان فإنه لا يجوز للإمام أن يستأجر أو أن يعطي شخصاً آخر رزق ليؤذن.

التعليل:

- لعدم الحاجة إليه وعدم الحاجة إلى الإنفاق عليه.

بقينا في الدليل على جواز أخذ الرزق من بيت المال:

الدليل:

- الإجماع فإن العلماء أجمعوا على جواز أخذ المؤذن والإمام والقاضي ونحوهم رزقاً من بيت المال ليتفرغوا لمصالح المسلمين.

فالدليل: هو الإجماع ولله الحمد.

بدأ المؤلف رحمه الله بذكر الصفات المستحبة في المؤذن - الصفات التي ينبغي أن يتصف بها المؤذن:

• فقال رحمه الله:

ويكون المؤذن صيتاً.

وفي الشرح: حسن الصوت. وهذا صحيح.

أي: أن السنة أن يكون صيت وفي نفس الوقت حسن الصوت فكلاهما يستحب.

أما الدليل على استحباب أن يكون صيتاً:

ص: 227

- فالحديث الصحيح الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن مؤذنه حين رجوعه من حنين وسمع أبو محذورة أذان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم صار يؤذن كما يؤذن مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم استهزاءا وتهكماً فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته وصوت من معه من الرجال قال: أيكم صاحب الصوت - يعني الأعلى - فقال: أصحابه هذا وأشاروا إلى أبي محذورة فطلبه النبي صلى الله عليه وسلم وصرف أصحابه وألقى عليه الأذان.

ففي الحديث أنه إنما صلى الله عليه وسلم ألقى عليه الأذان وأمره به لكونه صيتاً أي: رفيع الصوت فإن النبي صلى الله عليه وسلم ميز صوته لارتفاعه رضي الله عنه.

وأما الدليل على أنه يستحب أن يكون حسن الصوت:

- فالحديث الصحيح الذي سيتكرر معنا وهو حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه أنه لما رأى في المنام صفة الأذان وذكره للنبي صلى الله عليه وسلم قال له صلى الله عليه وسلم إذهب فألقه على بلال فإنه أندى صوتاً منك.

وهذا هو وجه الشاهد.

فهذان دليلان: - الأول: يدل على أن يكون صيتاً.

- والثاني يدل على أنه يكون حسن الصوت.

وبالنسبة لوقتنا هذا فإنه ينبغي الاعتناء بحسن الصوت أكثر من الاعتناء لكونه صيتا لكون مكبر الصوت صار يغني عن ارتفاع صوت المؤذن وإذا خفت الحاجة لارتفاع صوت المؤذن صارت الحاجة إلى حسن الصوت أولى بالعناية والطلب بالنسبة لوقتنا هذا أما في القديم لما كان صوت المؤذن هو الذي يحدد مدى وصوله للناس فكان ارتفاع الصوت مثل أو أهم من حسن الصوت لأن المقصود من الأذان الإعلام.

ولعله لهذ السبب اكتفى الماتن رحمه الله بأن يكون صيتاً ولم يتطرق لحسن الصوت.

• ثم قال رحمه الله:

أميناً.

يستحب أن يكون المؤذن أميناً.

ومعنى أن يكون أميناً: أن يكون عدلاً ثقة.

والدليل على استحباب هذه الصفة من وجهين:

- الأول: أنه مؤتمن على صلوات الناس وسحورهم وإفطارهم.

- الثاني: أنه مؤتمن على عورات الناس إذا صعد المنارة فإنه يؤتمن على عورات الناس فنحتاج إلى مؤذن أمين حتى لا يتعدى على عورات الساء والناس بالنظر إليهم من مكان مرتفع.

ص: 228

وهذا كما هو واضح كان في القديم قبل وجود مكبرات الصوت حين كان المؤذن يحتاج إلى أن يصعد إلى مكان مرتفع ليؤذن.

أما اليوم فمعلوم أن المؤذن يؤذن في المسجد ولا يحتاج إلى الصعود إلى مكان مرتفع.

ثم قال رحمه الله:

عالماً بالوقت.

يستحب أن ىيكون المؤذن هو بنفسه عالماً بالوقت يستطيع أن يحدد دخول الوقت بالعلامات الشرعية.

والتعليل:

- ليتمكن من تحري أول الوقت فيؤذن بدقة.

ولكن هذه الصفة ليست شرطاً في صحة الأذان ولا في تعيين المؤذن.

- لأن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ مؤذناً أعمى فقد اتخذ ابن أم مكتوم ليؤذن وهو أعمى ومعلوم أن الأعمى لا يمكن أن يكون عالماً بأوقات الصلوات.

فدل ذلك على كون المؤذن بنفسه يعلم دخول الوقت بالعلامات الشرعية ليس شرطاً في صحة الأذان ولا في تعيين المؤذن لكنه يستحب

• ثم قال رحمه الله:

فإن تشاح فيه اثنان قدم افضلهما فيه.

انتهى من بيان الصفات فصارت الصفات:

صيتاً.

حسن الصوت.

أميناً.

عالماً بالوقت.

هذه أهم صفات المؤذن التي ينبغي أن يتحلى بها.

فلما بين الصفات بين الترجيح بين المؤذنين:

• فقال رحمه الله:

فإن تشاح فيه اثنان قدم أفضلهما فيه.

يعمي: قُدِّم أفضل الإثنين في هذه الصفات المذكوره.

- فمن كان أفضل مكن غيره وهذه الصفات متحققة فيه أكثر من غير فهو المقدم.

وظاهر هذه العبارة أنه يقدم الأفضل في هذه الصفات بغض النظر عن أي أمر آخر سواء في ذلك رغبة جماعة المسجد أو غيره من المرجحات التي قد يرجح بها ننظر أولاً إلى تحقق هذه الصفات.

وهذا الظاهر بدليل:

- أن المؤلف ذكر بعد ذلك الأفضل في الدين ثم من يختاره الجيران

الخ فمعنى هذا: أن أفضل المؤَذِّنَيْنِ في هذه الصفات يقدم مطلقاً.

• ثم قال رحمه الله:

ثم أفضلهما في دينه وعقله.

الدليل على هذا:

- قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليؤذن لكم خياركم).

- ويستدل أيضاً بأنه يستحب للمؤذن أن يكون أميناً وكل ما كان أكثر ديناً كان أكثر أمانة.

فإذا تساووا ننظر في أيهما أكثر تديناً وعقلاً.

ويعرف تدين الرجل: بالظاهر فليس لنا إلا الظاهر والله يتولى السرائر.

ص: 229

فإذا كان الإنسان مجتنباً للمحرمات محافظاً على الواجبات قائماً بما عليه من أمور دينه كان أكثر ديناً.

وأما الإخلاص وتعلق القلب بالله هذا مما لا ينظر إليه ولا يمكن أن يعرفه الإنسان.

وأما الأفضل في العقل فلأنه يحتاج إلى عقل المؤذن في مهمة الأذان في أشياء كثيرة لا سيما في مراعاة المأمومين.

وهذا ظاهر جداً في وقتنا هذا فكلما كان الإنسان أكثر عقلاً وتؤده صارت المشاكل في المسجد أقل وكلما كان سريعاً مستعجلاً لا يتأنى في الأمور كلما كانت المشاكل في المساجد أكثر.

ثم المرحلة الثالثة:

• قال رحمه الله:

ومن يختاره الجيران.

المقصود بمن يختاره الجيران: أو يختاره أكثر الجيران.

- لأنه من العادة يصعب أن يجتمع جميع جيران المسجد على شخص واحد لكن إذا وقع اختيار جميع الجيران أو أكثرهم على شخص قدم على غيره.

والمقصود إذا استووا في جميع ماسبق.

التعليل: تعليل الترجيح باختيار الجماعة:

- أن الأذان إنما هو لندائهم هم فلما كان موجهاً لهم صار اختيارهم له أثر.

• ثم قال رحمه الله: - في المرحلة الرابعة -:

ثم قرعة.

الدليل على أن القرعة هي المرجح الرابع والأخير:

- قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس مافي النداء والصف الأول ثم لا يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه). وهو حديث متفق عليه.

ففي الحديث دليل على الترجيح بالقرعة عند استواء جميع الصفات والمرجحات السابقة.

ثم بدأ المؤلف رحمه الله بأحكام الأذان:

بعد أن أنهى المؤلف رحمه الله الكلام عن المؤذن وصفاته وما يشترط فيه انتقل إلى نفس الأذان وألفاظه وأحكامه وهذا ترتيب يعين طالب العلم على إدراك مقصوده من الأحكام.

• فقال رحمه الله:

وهو خمسة عشر جملة.

أي أن الأذان يتكون من خمس عشرة جملة.

= هذا هو مذهب الحنابلة وهو أيضاً مذهب الأحناف: أن الأذان خمس عشرة جملة. وهو الأذان المعروف عند الناس اليوم. فإنك إذا عددت الأذان اليوم فستجد أنه يتكون من خمس عشرة جملة.

والدليل على هذا العدد في الأذان:

ص: 230

- حديث عبد الله ابن زيد السابق فإنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى في المنام كيفية دعوة الناس للصلاة وأنه بأن ينادى بهذه الجمل التي تتكون من خمس عشرة جملة وهو حديث صحيح متفق عليه.

= والقول الثاني في هذه المسألة: للمالكية وهو: أن جمل الأذان سبع عشرة جملة بزيادة جملتين.

واستدلوا:

- أيضاً بالحديث الصحيح حديث أبي محذورة وفيه زيادة الترجيع.

والترجيع هو: أن يذكر المؤذن الشهادتين بصوت منخفض ثم يرجع فيذكرهما بصوت مرتفع.

وإذا ذكر المؤذن الشهادتين بصوت منخفض صارت الزيادة على أذان عبد الله بن زيد أربع جمل فكان ينبغي أن تكون عدد الجمل تسعة عشر لكن المالكية اعتبروها سبع عشرة جملة:

- لأن في حديث أبي محذورة في صحيح مسلم أنه جعل التكبير في أول الأذن مرتين وليس أربعاً فإذا حذفت تكبيرتين من أوله وأضفت أربعاً بالترجيع صار المجموع سبع عشرة جملة.

= وذهب الشافعية إلى أنه تسع عشرة جملة أخذاً بحديث أبي محذورة لأن رواية حديث أبي محذورة التي في السنن فيها التكبير في أوله أربع مع زيادة الترجيع صار المجموع تسع عشرة جملة.

الآن عرفنا عدد الجمل في المذاهب الاربعة.

فعند الحنابلة والأحناف: خمس عشرة.

وعند المالكية: سبع عشر.

وعند الشافعية: تسع عشر.

وعرفت من أين أتو بهذه الاعداد.

وعرفت شيئاً آخر مهم وهو أن مدار الأحكام على حديثين:

- حديث عبد الله ابن زيد.

- وحديث وابي محذورة.

والراجح من هذه الأقوال الثلاث أن ينوع الإنسان أحياناً يقول هذا وأحياناً يقول هذا لثبوت الجميع عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذه طريقة الإمام أحمد وطريقة شيخ الاسلام بن تيمية. وهو أنه إذا جاءت العبادة بصفات متعددة صحيحة ثابتة في السنة أنه ينبغي على الإنسان أن يذكر هذه تارة وهذه تارة.

واشترط بعض الفقهاء في تنويع العبادات أن يكون المنوع حكيماً لئلا يثير الناس عند ذكر شيء لا يعرفونه فمن المعلوم لم أذن الإنسان الآن ونقص من الأذان لا ستنكر الناس كونه يكبر مرتين في أول الأذان.

وهذا الشرط في الحقيقة له حظ من النظر وهو شرط مقبول: أن يتوخى الإنسان المصلحة والحكمة إذا أراد نشر سنة من السنن.

• ثم قال رحمه الله:

يرتلها.

ص: 231

لما انهى الجمل بدا بالكيفية.

معنى الترتيل هو ان يتمهل بحيث يقف على كل جملة.

والدليل على هذا:

- قول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا اذنت فترسل، واذا اقمت فاحدر) وهذا الحديث إسناده ضعيف.

الدليل الآخر:

- ان الأذان شرع لإعلام الغائبين فناسب فيه التمهل بخلاف الاقامه فإنها لإعلام الحاضرين فناسب فيها الحدر والاسراع.

وهذا الحكم وهو التمهل في الاذان صحيح وان كان الحديث ضعيف لكن تشهد لمعناه النصوص العامة والحكمة من الأذان.

ثم قال رحمه الله:

قوله (على علو)

يسن للإنسان اذا اراد ان يؤذن ان يؤذن من فوق مكان عال.

الدليل:

- أن بلال رضي الله عنه كان يؤذن على بيت امرأة من الأنصار لارتفاعه وهذا حديث حسنه ابن دقيق العيد.

- الدليل الثاني: أن بلال وابن ام مكتوم رضي الله عنهما كانوا يؤذنون للنبي صلى الله عليه وسلم

وفي الحديث أنه ليس بينهما الا أن ينزل هذا ويرقى هذا.

وجه الاستدلال: يرقى وينزل.

إذاً قضية الارتفاع في الاذان ثابتة فالنصوص الصحيحة تدل عليها.

ولذلك في وقتنا هذا لما لم يكن هناك حاجة للارتفاع صار الناس يؤذنون من مكبرات الصوت. لكن ينبغي لمن أراد أن يؤذن بمكان خارج المساجد ينبغي ان يتحرى هذه السنة على الأقل من احياء السنن فيصعد مكاناً رفيعاً ويؤذن ولا يؤذن في مكان يستوي فيه هو ومن معه في هذا المكان.

إذاً يرتفع عن باقي الموجودين في المكان الذي هو فيه تحقيقاً للسنة.

• ثم قال رحمه الله:

متطهراً.

يسن لمن اراد ان يؤذن ان يكون متطهراً.

- لحديث ابي هريرة رضي الله عنه " (لايؤذن الا متوضئ) وهذا الحديث حكم الامام الترمذي بأنه موقوف.

- الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سلم عليه الرجل وهو يبول لم يجب ولم يرد السلام الا بعد أن تيمم) وعلل ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم كرهت ان اذكر الله إلا على طهارة.

فهذا التعليل يدل على أن من اراد ان يذكر الله يستحب له ان يكون على طهارة والأذان من اعظم الأذكار فثبتت هذه السنة في هذه الأحاديث إن شاء الله.

• ثم قال رحمه الله:

مستقبل القبلة.

يسن لمن اراد ان يؤذن ان يستقبل القبلة.

والدليل على ذلك:

ص: 232

- إجماع أهل العلم لم يخالف في هذه المسألة احد من الفقهاء وحكى الاجماع ابن المنذر وابن قدامه رحمهما الله.

ولااعلم - الآن ولا أذكر - حديثاً صحيحاً يدل على الاستقبال لكن هذا الإجماع يقوي هذه السنة

• ثم قال رحمه الله:

جاعلاً أصبعيه في أذنيه.

يسن لمن اراد ان يؤذن:

= عند الحنابلة ان يجعل اصبعيه في أذنيه.

الدليل على هذه السنة:

- حديث ابي جحيفة وهذا الحديث حديث طويل فيه أن أبا جحيفه رأى بلال يؤذن فوصف لنا كيفية الأذان وهو ايضاً من الاحاديث المهمة في باب الاذان يضم إلى حديث عبد الله ابن زيد وحديث ابي محذوره لكن هذا الحديث له لفظ في الصحيحين وله ألفاظ في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه.

ألفاظه خارج الصحيحين فيها زيادات ليست موجودة في الصحيحين ففي النفس من هذه الزيادات في ثبوتها - شيء فأحياناً يكون لهذه الزيادة شواهد تقوي هذه الزيادة فتقبل وأحياناً لا يكون لها شواهد فتبقى ضعيفة. هذا بشكل عام في الكلام على حديث أبي جحيفة.

- نأتي إلى مسألتنا -.

حديث أبي جحيفة الذي في الصحيحين ليس فيه ان بلالاً وضع اصبعيه في اذنيه لكن في السنن قال ثم وضع اصبعيه في اذنيه.

وذكر الفقهاء ومنهم الحنابلة علة اخرى لوضع الاصبعين في الاذنين وهي ان هذا مما يؤدي إلى رفع الصوت في الاذان.

• ثم قال رحمه الله:

غير مستدير.

لا يسن لمن اراد ان يؤذن من على المنارة او في أي مكان ان يستدير بجسمه.

بمعنى: ينهبغي أن يقف ولا يحرك قدميه أثناء الأذان.

- أيضاً: لحديث ابي جحيفه.

لكن جاء في رواية خارج الصحيحين ذكرها ابو داود ان بلالاً اذن ولم يستدر. هكذا قال.

فإذا اراد الإنسان ان يلتفت يميناً وشمالاً فإنه ينبغي يلتفت برأسه لا بجسده وتبقى القدمان في مكانهما ثابتتان فهذا مراد الفقهاء بعدم الاستداره فيجب أن تبقى القدم ثابتة وإذا أراد أن يستدير كما سيأتينا الآن فيستدير برأسه فقط.

ثم قال رحمه الله:

ملتفتاً في الحيعلة يميناً وشمالاً.

الحيعلة هي: حي على الصلاة حي على الفلاح.

يسن للمؤذن اذا وصل إلى حي على الصلاة حي على الفلاح ان يستدير يميناً وشمالاً.

الدليل:

ص: 233

- حديث ابي جحيفه بلفظه الذي في الصحيحين وفيه انه قال رضي الله عنه فجعلت اتتبع فاه هاهنا وهاهنا يميناً وشمالاً يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح.

فهذه سنة ثابته في الصحيحين وذكر الراوي بالتفصيل كيفية هذه السنة فهذه السنه أهم من السنن المتقدمة من حيث الثبوت.

== أما في زماننا فهل يلتفت يميناً أوشمالاً أو لا يلتفت؟

فيه تردد.

وجه التردد: ان الالتفات سنة ولو التفت لأجر على الأقل تعبداً لكونه يلتفت فهذا يؤيد ان يلتفت.

ومعنىً آخر يؤيده ان لا يلتفت وهو ان الحكمة من الالتفات بلا شك هو توصيل المؤذن صوته لكل الجهات وهذا بالنسبة لمكبرات الصوت متحقق ولو لم يلتفت بل ان التفاته اليوم قد يؤدي إلى ضعف الصوت لانه إذا التفت سيذهب الصوت عن مكبر الصوت.

فالانسان يتردد بين الأمرين.

ولكني أقول:

- اذا كان يستطيع أن يلتفت تعبداً بلا اضرار بالصوت فانه يلتفت لانه لن يُعدم اجراً.

- اما اذا كان إذا التفت فسيؤدي التفاته إلى ضعف الصوت وبعده عن مكبره فإنه لا يلتفت.

وهذا قول يكون وسطاً بين القولين.

فإذا كان اللاقط قوي سيلتقط صوته وان التفت فإنه يلتفت والا فلا.

• ثم قال رحمه الله:

قائلاً بعدهما في أذان الصبح الصلاة خير من النوم مرتين.

يستحب لمن اراد ان يؤذن في صلاة الصبح خاصة ان يقول هذه العبارة وهي: (الصلاة خير من النوم) بعد الحيعلة.

وهذا الفعل يسمى التثويب.

وهذه سنة ثابتة:

- فجاءت في حديث انس رضي الله عنه.

- وجاءت في حديث ابي محذورة رضي الله عنه.

فلا إشكال في ثبوتها.

لكن الاشكال الذي وقع عند الفقهاء هو في مكان هذا التثويب هل هو في الأذان الاول او في الأذان الثاني؟ لان الفجر له اذان أول وأذان ثاني. هذا محل خلاف.

= فمن الفقهاء من قال يثوب في الاذان الأول يعني في الأذان الذي يكون قبل طلوع الفجر الصادق.

واستدلوا على هذا:

- بأن حديث ابي محذوره فيه انه فعل ذلك في اذان الفجر الأول هكذا قال: ثم فعل ذلك في أذان الفجر الأول.

- ونحوه في حديث انس قال ثم فعل ذلك في اذان الفجر الاول.

ففي الحديثين أن التثويب كان في اذان الفجر الاول. نص على هذا الحكم.

= القول الثاني: أنه في الأذان الثاني بعد طلوع الفجر الصادق.

ص: 234

قالوا:

- قوله في حديث ابي محذوره وانس في الاذان الأول يقصد به الأذان الاول باعتبارأن الأقامة هي الاذان الثاني فإن الشرع جاء فيه تسمية الأقامة اذاناً ثان. كقوله صلى الله عليه وسلم (بين كل أذانين صلاة).فسمى الإقامة أذاناً.

- والدليل الثاني: ان المراد من التثويب اقامة الناس وحثهم على الصلاة بينما الحكمة من الاذان الاول ان يقوم النائم ليتهجد وان ينام القائم ليرتاح ولذلك جاء في مشروعية الأذان الاول: (ليقوم نائمكم وينام قائمكم).وهذا التعليل صحيح في احاديث صحيحة.

واذا كانت الحكمة من الأذان الأول ان يرقد من قام طول الليل ليرتاح كيف نقول له الصلاة خير من النوم.

وهذا القول الثاني في الحقيقة اوجه واقوى من حيث التعليل - قوي جداً -.

فإذاً التثويب يكون كعمل الناس اليوم في النداء الثاني للفجر الذي يكون بعد طلوع الفجر الصادق.

ثم انتقل المؤلف رحمه الله إلى الإقامة:

فقال رحمه الله:

وهي احدى عشر.

يعني ان عدد جمل الأقامة احدى عشرة جملة.

= وهذا مذهب الحنابلة.

واستدلوا على ذلك:

- أن بلال امر ان يشفع الأذان ويوتر الاقامة الا قد قامت.

هذا الحديث في الصحيحين الا قوله: (إلا قد قامت) هذا لم يذكره البخاري وذكره مسلم لكن المعنى يبقى واحد.

- وايضاً في حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه لماذا ذكر الاقامة ذكر انها فرادى الا قد قامت ثم افرد الإقامة الا قد قامت.

= القول الثاني: انها عشر جمل فقط.

والسبب في أنها عشر جمل عند هؤلاء: - عدم تثنية الأقامة.

إذاً الحنابلة إحدى عشر فإذا لم تثن الإقامة صارت عشر وهو القول الثاني.

= والقول الثالث: للاحناف أنها سبعة عشر جملة.

واستدلوا:

- بلفظ لحديث ابي محذوره فيه: (ان الأقامة كالأذان سبع عشرة جمله).لكن هذا اللفظ ضعفه العلماء وممن نص على تضعيفه الامام البيهقي.

وأنا لا أدري - لم أسمع: هل الأحناف الآن يقيمون الصلاة بهذا العدد من الجمل أو لا؟ في البلدان التي تأخذ بمذهب الأحناف فلم أسمع أن أحداً من المسلمين اليوم يقيم في هذا العدد من الجمل في أنه يجعل الإقامة كالآذان.

ص: 235

ربما يكون موجوداً لكن أقول: لا أدري هل يعمل بذه المذهب الآن أو أن الأمر استقر عند المسلمين على إحدى عشرة جملة فلا أدري عن واقع المسلمين الآن.

• ثم قال رحمه الله:

يحدرها.

تقدم معنا ان المؤذن يترسل في الأذان ويحدر في الإقامة.

ووأن التعليل في حدر الإقامة - تعليل هذا الحكم:

- انها اعلام للموجودين فلا حاجة للتأني فيها. لان الفقهاء يعتبرون الإقامة اعلام بالدخول في الصلاة للناس الموجودين بخلاف عمل المسلمين اليوم - نسأل الله العافية والسلامة - حيث يعتبرون الإقامة هي التي يأتون اليها للمسجد فكأن الإقامة هي التي للإعلام بدخول وقت الصلاة بينما الفقهاء: إنما اعتبروا الإقامة فقط لإعلام الحاضرين.

وهذا التعليل للحنابلة وغيرهم من الفقهاء يؤيد أن تكون الإقامة بدون مكبر.

• ثم قال رحمه الله:

ويقيم من اذن استحباباً.

أي أنه يجوز ان يقيم غير من اذن فيؤذن شخص ويقيم اخر لكنه خلاف السنة فالسنة والمستحب ان يقيم من اذن.

الدليل على هذا:

- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من اذن فهو يقيم) وهذا الحديث ضعيف.

- والدليل الثاني: - على استحباب أن يتولى الإقامة من تولى الأذان: الاجماع فقد أجمع الفقهاء على أنه يستحب أن يتولى الإقامة من تولى الأذان.

اذاً تبين أنه إذا أقام شخص آخر فإن الصلاة صحيحة والاقامة صحيحة وقد أُدِّيَ فرض الكفاية بأذان شخص وإقامة شخص آخر.

• ثم قال رحمه الله:

في مكانه ان سهل.

يستحب ان يقيم من المكان الذي اذن فيه ولا يقيم من داخل المسجد. الفقهاء يتكلمون كما قلت عن مؤذن يؤذن من مكان مرتفع.

الدليل:

- أن بلال رضي الله عنه كان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم لا تسبقني بآمين.

هذا الحديث مرسل وأنتم أخذتم أن المرسل من اقسام الحديث الضعيف.

لكن الحديث المرسل إذا كان مرسله من كبار التابعين صار قوياً ولا أقول حجة لكن صار قويا يصلح للاستدلال.

هذا المرسل مرسله من كبار التابعين وهو مرسل يصلح للإعتضاد والإحتجاج إن شاء الله.

ص: 236

وجه الاستدلال بهذا الأثر: ان بلال رضي الله عنه لو كان يقيم من داخل المسجد لم يحتج ان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم لا تسبقي بآمين ولكن الظاهر انه يذهب يقيم من المكان الذي اذن منه ويخشى ان يكبر النبي صلى الله عليه وسلم ويقرأ الفاتحة ويصل إلى آمين قبل ان يأتي المؤذن - أي بلال رضي الله عنه وهذه السنة معدومة في وقتنا هذا لأنه سيقيم من حيث أذن ولكن في داخل المسجد.

== هل يؤخذ من هذا أنه ينبغي أيضاً إعلان الإقامة؟

هذا صحيح ودليل على أنه ينبغي إعلان الإقامة إذا صح هذا الأثر فهو دليل على إعلان الإقامة كما ينبغي إعلان الأذان.

وهذا الأثر إذا أردنا أن نرجح بينه وبين تعليل الفقهاء المتقدم الذي يقتضي عدم الإقامة بالمكبر فلا شك أن الآثار مقدمة على آراء الرجال.

ثم قال رحمه الله:

ولا يصح الا مرتباً متوالياً من عدل.

الدليل على أنه يجبل أن يكون مرتباً متوالياً من وجهين:

- الأول: انه لم يرد في الشرع الا هكذا.

- الثاني: أنه لا يحصل المقصود من الآذان ولا من الإقامة الا اذا كان مرتباً متوالياً.

ومعنى متوالياً: أن لا يفصل بين الجمل بفاصل من الزمن.

ومعنى مرتباً: ان لايقدم جملة على جملة في الأذان.

فلو قال المؤذن الله اكبر ثم بعد ربع ساعه الله اكبر فان الاذان باطل لأنه اخل: بركنية الموالاة.

ولو قال المؤذن في بداية اشهد ان لا الله الا الله ثم قال بعد ذلك الله اكبر فالأذان باطل لانه اخل: بالترتيب.

• ثم قال رحمه الله:

من عدل.

كلمة من عدل: يستنبط ويؤخذ من هذه الكلمة ثلاثة أحكام. وهي:

- الأول: أنه يجب ان يكون المؤذن ذكر - رجل.

- الثاني: أن يكون واحد: هو يتولى جميع الأذان.

- الثالث: أن يكون عدل.

فإن اذنت انثى لم يصح.

وان تقاسم الأذان اثنان لم يصح.

وان اذن فاسق لم يصح.

- اما اشتراط ان يكون ذكر فكما تقدم معنا ان الأذان لا يشرع للمرأة برفع الصوت فإذا أذنت ورفعت صوتها صارت أتت بمنكر وعمل الذنب والمنكرات يتنافى مع العبادة.

- واما انه من رجل واحد فلأنه لم يرد في الشرع الا من واحد فقط.

- واما انه لايحل اذان الفاسق فلقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤذن مؤتمن والامام ضامن).

ص: 237

ولما سبق معنا من تعليلات اشتراط ان يكون اميناً وان يكون عدلاً.

= وعدم صحة اذان الفاسق هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

= القول الثاني: انه أذان الفاسق يصح.

الصواب القول الأول ان أذان الفاسق لا يصح: - لما في الباب من نصوص تدل على اشتراط ان يكون اميناً ثقة.

== والخنثى أيضاً لا يجوز لأنا لم نتحقق من وجود الشرط والشرط ان يكون ذكر والخنثى نحن نتردد هل هو ذكر او انثى؟

واذا لم نتحقق وجود الشرط لم تصح العبادة.

والعدل: أن لا يكون فاسق والفاسق عند الفقهاء هو: من أتى كبيرة أو داوم على صغيرة.

انتهى الدرس،،،

ص: 238

قال شيخنا حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

• قال رحمه الله

ولو ملحناً او ملحوناً

يعني ويجوز الأذان ولو كان المؤذن يُلَحِّنُ الأذان أو يَلْحَنُ فيه

والتلحين وهو القسم الأول هو تطريب الأذان وهو أن يؤذن بما يشبه الطرب

والأذان بهذه الصفة عند الحنابلة يصح لكن فات المؤلف أو لم يذكر المؤلف أنه مكروه

وقال الحنابلة يصح لان المقصود يحصل به ولو ملحناً والمقصود هو الاعلام كما تقدم معنا

والوجه الثاني أن تأذين المؤذن ملحناً لا يجزيء ويجب الإعادة يعني لو أذن المؤذن تأذيناً ملحنا فإن هذا الآذان لا يجزيء ويجب الإعادة

والأقرب والله سبحانه وتعالى أعلم المذهب أنه يصح مع الكراهة لما ذكروه من أنه يحصل به الغرض

لكن اذا سمعت هذا الخلاف في حكم الأذان المُلَحَّنُ علمت خطورة ما يقوم به بعض المؤذنين من تطريب وتلحين الاذان بشكل زائد لان الآذان بهذه الصفة كما سمعت محل خلاف بين أهل العلم فمنهم من يبطله

ومن الغبن ان يعرض الانسان عمله الصالح للبطلان

• ثم قال رحمه الله

أو مَلْحُونَاً

اللحن هو الخطأ في اللغة العربية

وقد يكون خطأ في النحو بضبط آخر الكلمة وقد يكون خطأ في لغة الكلمة وضبطها من حيث هي:

واللحن ينقسم إلى قسمين

ص: 239

القسم الأول محيل للمعنى يعني مغير للمعنى

والقسم الثاني غير محيل للمعنى

فالمحيل للمعنى كقول المؤذن آلله أكبر؟ بمد الهمزة في لفظ الجلالة لأن المعنى ينتقل إلى الاستفهام وبهذا اختلف وانقلب المعنى تماما

وأيضاً من أمثلة اللحن المحيل للمعنى أن يقول الله أكبار بمد الحرف بعد الباء لانه ينقلب المعنى إلى أن يكون اسماً للطبل

هذا اللحن المحيل للمعنى وأمثلته وهو مفسد للأذان

أما اللحن الغير محيل للمعنى فكقول المؤذن الله أكبر بكسر آخر الكلمة أي بكسر الراء لأن هذا لحن ولكن المعنى باقي كما هو

وهذا النوع لا يبطل الأذان

• ثم قال رحمه الله

ويجزئ من مميز

يجزئ الأذان من مميز

لان صلاته صحيحة فأذانه كذلك

ولأن احد ابناء الصحابة وكان مميزاً ولم يبلغ اذن بحضرة انس ابن مالك ولم ينكر على اهله

لكن يشترط في صحة اذان المؤذن المميز ان لا يكون هو المؤذن الوحيد في البلد إذ الأذان الواجب لا يكتفي فيه بأذان المميز

فإذا كان في البلد اكثر من مؤذن فحينئذ يجوز أن يكون أحدهم طفلاً ولو لم يبلغ إذا كان مميزاً

واختار هذا القول وهو اشتراط ان يوجد في البلد بالغ يؤدي الأذان الفريضة الواجب شيخ الإسلام ابن تيمية

وقال رحمه الله لا ينبغي ان يوضع صبي يؤذن مميزاً منفرداً

وبالنسبة للوقتنا هذا لا يكاد يوجد في البلد مسجد واحد بل تتعدد المساجد حتى في القرى فعلى هذا لا اشكال ان يؤذن مميز في احد المساجد

لكن لو افترضنا ان في قرية صغيرة لا يوجد الا مسجد واحد فإنه لا يجوز ان يكون يؤذن في هذا المسجد المنفرد طفل مميز

ثم قال رحمه الله

ويبطلهما فصل كثير ويسير محرم

في الحقيقه هذه الجملة تعتبر كالتفصيل لقول المؤلف رحمه الله متوالياً مرتباً

أي ان هذا مما يحقق التوالي في الأذان أن لا يكون هناك فصلٌ

وقد قسم المؤلف الفصل إلى قسمين

القسم الأول فصل كثير

والقسم الثاني يسير محرم

الفصل الكثير يقصد به المؤلف ان يفصل المؤذن بين جمل الاذان بفصل كثير بأحد أمرين

إما كلام مباح

أو سكوت

فحينئذ يبطل الأذان للإخلال بالموالاة

ص: 240

وتقدم معنا انها من شروط صحة الأذان

فإن فصل بفصل قصير بكلام مباح او سكوت فالأذان صحيح لأن الموالاة لم تبطل حينئذ لقصر الفاصل

وبهذا انتهينا من القسم الأول

القسم الثاني اليسير المحرم

اليسير المحرم لا يكون الا بالكلام أي ان يفصل بيسير كلام محرم فهذا يُبْطِلُ ولو كان يسيراً

التعليل لأن الكلام المحرم ينافي العبادة

إذاً صور بطلان الاذان من جهة الموالاة ثلاث

بفاصل طويل بسكوت

بفاصل طويل بكلام مباح

بفاصل قصير بكلام محرم

هذه الثلاثة أنواع يبطل بها الأذان

• ثم قال رحمه الله

ولايجزئ قبل الوقت

ولايجزئ أي الأذان قبل دخول الوقت فلا يجوز ويحرم أن يؤذن المؤذن

الدليل على هذا النص والإجماع

أما النص فقول النبي صلى الله عليه وسلم اذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم فقيد جواز الأذان بحضور الصلاة

وأما الإجماع فلم يخالف احد من الفقهاء في انه يحرم ان يؤذن قبل دخول الوقت

وهذه مسألة لا إشكال فيها

• ثم قال رحمه الله استثناء لما سبق

الا لفجر بعد نصف الليل

لا يجوز في شيء من الفروض الخمسة الأذان قبل دخول الوقت الا في الفجر خاصة

هذا على مذهب الحنابلة وهو مذهب الجمهور مالك والشافعي مع الحنابلة ولو لم يوجد مؤذن آخر

إذاً الحنابلة بل الجمهور ذهبوا إلى جواز أن يؤذن المؤذن لصلاة الفجر خاصة قبل دخول الوقت ولو لم يوجد مؤذن آخر هذا من تتميمة القول لأن القول لا يتضح تماماً إلا بهذا القيد

الدليل

قالوا قول النبي صلى الله عليه وسلم ان بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم

فقوله ان بلالا يؤذن بليل أي قبل الفجر لانه بعد طلوع الفجر لايسمى الوقت ليلاً

الدليل الثاني انه في حديث الصدائي انه اذن قبل طلوع الفجر ولم يذكر معه مؤذن آخر

انتهينا الآن من تقرير مذهب الحنابلة وعرفنا ما هون مذهب الحنابلة؟ وما هو دليلهم على جواز أن يؤذن المؤذن قبل الفجر؟ وعلى عدم اشتراط وجود مؤذن آخر

القول الثاني انه لا يجوز ولا في صلاة الفجر ان يؤذن المؤذن قبل طلوع الفجر أي قبل الوقت

واستدلوا

ص: 241

بالعمومات التي تدل على انه لا يجوز الأذان قبل الوقت

والقول الثالث انه يجوز ان يؤذن المؤذن قبل طلوع الفجر بشرط وجود مؤذن آخر يؤذن بعد طلوع الفجر وهذا رواية عن الإمام احمد واختارها ابن قاضي الجبل

الدليل

قالوا هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخذ مؤذناً قبل الفجر وآخر بعد الفجر فبلال قبل الفجر وابن ام مكتوم بعد الفجر

الدليل الثاني انه بوجود المؤذن الثاني يزول اللبس لاحتمال ظن بعض الناس بدخول الوقت

وهذا القول الثالث هو القول الذي تجتمع به الادلة وهو القول الصواب

ثم قال رحمه الله

بعد نصف الليل

يجوز ان يؤذن المؤذن للأذان الأول قبل صلاة الفجر من بعد منتصف الليل

هكذا يرى الحنابلة

والقول الثاني لا يجوز ان يؤذن للأذان الأول الا قرب الفجر واختار هذا القول الثاني الحافظان ابن رجب والبيهقي

ودليلهم

أنه في حديث بلال انه لم يكن بينهما إلا ان ينزل هذا ويرقى هذا

والتعليل

أن هذا الأذان المبكر لا يحصل به المقصود أي من الأذان الأول

وهذا القول الثاني ظاهر القوة وهو أرجح القولين

• ثم قال رحمه الله

ويسن جلوسه بعد اذان المغرب يسيراً

يسن عند الحنابلة ان لا يبادر بعد اذان المغرب بالاقامة بل ينتظر قدر مايتمكن الناس فعل الوضوء والاتيان بالسنة

الدليل

قالوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب في الثالثه قال لمن شاء ولو اقام المؤذن بعد الأذان مباشره لم يتمكن الناس من تطبيق هذه السنة فدل ذلك على انه ينبغي للمؤذن ان يتأخر ريثما ياتي الناس بهذه السنة

وانما ذكر المؤلف هذه العبارة ليبين مذهب الحنابلة بخلاف مذهب الشافعية الذين يرون وجوب المبادرة والاقامة بعد الاذان

ومذهب الحنابلة هو الصواب

وسيأتينا في مباحث الاوقات ضعف مذهب الشافعية في هذه المسألة لان المؤلف سينص على انتهاء وقت المغرب

إذاً الذي ينبغي أن نعرفه في هذا الموضع أن عدم المبادرة بالإقامة بعد أذان المغرب هو مذهب الحنابلة وهو الصواب وأخذتم دليلهم من السنة الصريحة الصحيحة

ص: 242

لكن مع ذلك يقول المؤلف مع أنه يسن ان يجلس بعد اذان المغرب الا ان هذا الجلوس ينبغي أن يكون يسيراً لذلك يقول يسيراً

الدليل على أنه ينبغي أن يكون يسيراً

الاحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على مبادرة النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة المغرب وستاتينا أيضاً في الاوقات

فهذه الأدلة دليل على سنية المبادرة

اذاً من يجعل بين اذان المغرب والاقامة وقتا طويلا فقد خالف السنة مخالفة ظاهرة وواضحة فالسنة مليئة بإرشاد المسلمين إلى المبادرة في الاقامة

لكن الفرق بين الشافعيه والحنابلة في مقدار المبادرة الاقامة فالشافعية يبالغون في المبادرة والحنابلة يتوسطون اخذا بالنصوص جميعا

إذاً مذهب الحنابلة مركب من الانتظار وأن يكون هذا الانتظار يسيراً وسمعت الأدلة

• ثم قال رحمه الله

ومن جمع او قضى فوائت أذن للاولى ثم أقام لكل فريضة

اذا جمع الإنسان صلاتين جمعا جائزاً فإنه لايشرع له ان يكرر الاذان بل يؤذن اذاناً واحداً ويقيم إقامتين

الدليل

ان النبي صلى الله عليه وسلم جمع في عرفه ومزدلفة وهكذا صنع أي أذان أذاناً واحداًَ وأقام إقامتين وهذا أمر واضح ولا أظن فيه خلاف

• ثم قال رحمه الله

أو قضى فوائت

اذا فاتت الإنسان صلوات لاي سبب من الاسباب نسيانا او انشغالاً بما لا يمكنه معه الصلاة فإنه اذا أراد ان يقضي هذه الفوائت يؤذن اذان واحد ويقيم لكل فريضه

الدليل

قالوا النبي صلى الله عليه وسلم فاتته اربع صلوات يوم الخندق الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلى هذه الاربع في وقت واحد في اذان واحد واقامات فدل ذلك على ان الفوائت يؤذن لها اذاناً واحداً ويقام لكل صلاة

وهذا الحديث حديث ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم فاتته الصلوات يوم الخندق إسناده صحيح

ثم قال رحمه الله

ويسن لسامعه متابعته سراً

يسن لمن يسمع المؤذن ان يتابعه سراً

الدليل على هذا من وجهين

الأول الإجماع

ص: 243

والثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول فإن كان السامع مشغولا بالصلاة أو مشغولاً بالتخلي بقضاء الحاجة فإنه يؤخر اجابة المؤذن إلى بعد انتهائه مما هو مشغول فيه

هذا عند الحنابلة أنه يؤخر الإجابة إلى انتهائم مما هو مشغول فيه

والقول الثاني ان المصلي يجيب المؤذن ولو كان في صلاة

لانه ذكر مشروع لا يتنافا مع الصلاة وهذا القول اختاره من المحققين شيخ الإسلام بن تيمية

وهذا في نظري أن هذا القول ضعيف جدا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ان في الصلاة لشغلاً فالإنسان اذا كان يصلي فهو مشغول بالصلاة في واجباتها ومسنوناتها واذكارها والخشوع فيها والإقبال على الله أثنائها فليس من المناسب أن يجيب المؤذن

ومادام الامر فيه سعة بحيث يستطيع ان يجيب المؤذن بعد انتهاء الصلاة فناخذ بهذه السعة ونبقى مشغولين داخل الصلاة بالصلاة

الخلاصة أن الراجح في هذه المسألة مذهب الحنابلة

ومن باب أولى اذا كان في الخلاء

والسنة في متابعة المؤذن ألأن تكون سراً بان لا يجهر فيها وسماع الانسان صوت نفسه لا يخرج عن ان يكون سراً لا كما يفهم بعض إخواننا ان السر الذكر السري يشترط فيه ان لاينطق بصوت مسموع بل إذا سمع نفسه بدون جهر فهو سنة

يستثنى من هذا من أن اجابة المؤذن سراً هي السنة اذا رفع الانسان صوته بقصد التعليم فلا بأس في ذلك ونقول هو جائز أومستحب وليس سنة لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن تدل عليه النصوص العامة

ثم قال رحمه الله

وحقولته في الحيعلة

يسن لسامع الاذان اذا سمع المؤذن يقول حي على الصلاة حي على الفلاح أن يقول لا حول ولا قوة الا بالله

والمناسبة في ذلك أن يستشعر الانسان انه لا حول له ولا قوة في اجابة المؤذن الا بإعانة الله له هذا من حيث التعليل

ومن حيث الدليل ثبت في صحيح مسلم عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه انه لما ذكر اجابة المؤذن ذكر انه لما قال حي على الصلاة حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة الا بالله

وبهذا انتهت اجابة جميع الجمل ماعدا التثويب وهو قول المؤذن الصلاة خير من النوم

ص: 244

فعند الحنابلة ولم يذكرها المؤلف يقول صدقت وبررت فإذا سمع المؤذن يقول الصلاة خير من النوم قال له صدقت وبررت

والقول الثاني انه يقول كما يقول المؤذن يعتي يقول الصلاة خير من النوم

لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ولا يخرج من شيء هذا العموم شيء من الفاظ الاذان الا الحيعلتين

وهذا القول الثاني هو القول الصحيح لأنه ليس في النصوص مايدل على سنية قول القائل صدقت وبررت مع العلم ان الاذان يقال يومياً ومشتهر بين الصحابة وجمهور الصحابة ممن يقومون الليل ويسمعون اذان الفجر فكونه لم ينقل لنا انهم يجيبون المؤذن فبهذا ولم يأت حديث صحيح ففي كل هذا دليل على عدم مشروعية الذكر

• ثم قال رحمه الله

وقوله بعد فراغه اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته

ثبت في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من سمع المؤذن فليقل اللهم رب هذه الدعوة إلى آخر الدعاء الذي ذكره المؤلف رحمه الله

فهذه السنة ثابتة في الصحيحين

وعلمنا من اقتصار المؤلف على هذا اللفظ وعدم إتيانه بقول انك لا تخلف الميعاد

أن مذهب الحنابله يقتصر على هذا اللفظ الذي في الصحيحين دون زيادة انك لا تخلف الميعاد

وهذا هو الصواب لان هذه الزيادة التي وقعت خارج الصحيحين زيادة شاذه

والمحفوظ هو ما ذكره البخاري ومسلم بدون هذه الزيادة

فإذا أراد الإنسان أن يجيب المؤذن فيجيب بدون هذه الزيادة

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء الأذانت سنة ثابته

ومن فاتته الإجابة لعذر فانه يقضي سواء كان لا نشغاله بما ذكرت بالصلاة أو الخلاء أو بغيره

ص: 245