الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الفقهاء من قال أنها سنة فات محلها ولا يمكن أن تستدرك لكن الأقرب من قال أنها تقضى بشرط أنه تركها لعذر لأنا وجدنا أن الشارع الحكيم حكم في كثير من العبادات إذا فاتت الإنسان بعذر فإنه يقضي وهي عبادات أعظم من إجابة المؤذن كالسنن الرواتب لما تركها النبي صلى الله عليه وسلم بعذر قضاها فإن هذه أعظم من الأذان فيجيب المؤذن قضاء
إلا أنه قد يكون الفرق بينهما أن إجابة المؤذن سنة حال السماع ففات محلها لكن هذا في الحقيقة ليس بفارق لأن السنتن الرواتب أيضاً لها وقت مشروع محدد وهو إما أن تكون قبل الصلاة أو بعد الصلاة داخل الوقت كما سيأتينا في كلام المؤلف رحمه الله ففي كل منهما ذهاب الوقت فلا فرق فيما أرى
كذلك قول رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا سنة صحيحة ثابته
ولكن اختلفوا متى تقال؟ هل هي بعد الشهادتين أو في آخر الأذان؟
والاقرب أنها بعد الشهادتين لكن هذا الامر فيه سعة فالنصوص لم تحدد بدقة لكن ظواهرها أنه بعد الشهادتين
وقول وأنا أشهد هذا سنة لكنها من السنن التي تقال أحياناً وليست كباقي السنن التي تقال دائماً فأحياناً يقول الإنسان بعد قول المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وأنا أشهد أن لا إله إلا الله
فهذا من السنة التي فيها تنويع
انتهى بهذ الكلام على باب الأذان والإقامة ننتقل بعده إلى
باب شروط الصلاة
وهو باب مهم مع باب صفة الصلاة
باب شروط الصلاة
• قال رحمه الله
باب شروط الصلاة
الشرط في اللغة هو العلامة ومنه قوله الله تعالى فقد جاء اشراطها يعني الساعة يعني فقد جاءت علاماتها وهذا دليل على القرب
وفي الاصطلاحا هو مايلزم من انتفائه انتفاء الحكم ولا يلزم من وجوده وجود الحكم
وله عدة تعريفات تدور على هذا المعنى لكني اخترت هذا اللفظ لأنه في الحقيقة من الألفاظ التي تقرب من الفقه في معناه السهل وتبتعد عن اصول الفقه في بعض ألفاظه الصعبة
مثاله الطهارة من شروط الصلاة يلزم من انتفاء الطهارة انتفاء صحة الصلاة ولا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة
الإحصان من شروط الرجم فيلزم من انتفاء الإحصان انتفاء الرجم فلو زنى وهو ليس محصناً فإنه لا يرجب ولا يلزم بطبيعة الحال من ثبوت الإحصان ثبوت الرجم
إذاً عرفنا الآن الشرط في الاصطلاح
ماهي شروط الصلاة؟
هي الأمور التي تجب قبل الصلاة وتستمر فيها
وهذه تعريف أرجو أن يكون سهلاً يجعل الإنسان يستوعب المعنى العام للشروط
واذا تأملت التعريف استطعت ان تعرف متن خلاله الفرق بين الشرط والركن
فالفرق بينهما من وجهين
الأول أن الشرط يجب قبل الصلاة بينما الركن يجب في أثناء الصلاة
الثاني أن الشرط يستمر في الصلاة بينما في الركن يتنقل المصلي بين الاركان فلا يثبت على ركن واحد ولا يمكن أن يكون المصلي مستمراً على ركن واحد ولو فعل لبطلت صلاته
إذاً داخل الصلاة تستمر الشروط وتتنقل الاركان
فمثلاً
من شروط الصلاة الطهارة هل يجوز ان يتخلف هذا الشرط في أي جزء من اجزاء الصلاة؟
الجواب لا
من أركان الصلاة القيام ومعلوم أن المصلي سينتقل من القيام إلى الركوع وهكذا
•
ثم قال رحمه الله
شروطها قبلها منها الوقت
الوقت شرط من شروط صحة الصلاة بالإجماع
لقوله تعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا
والمؤلف بدأ بالوقت
لأنه أهم الشروط
وبدء به لمعنى آخر وهو
أن شرط الوقت ينفرد بكونه من شروط الصحة والوجوب بخلاف باقي شروط الصلاة فهي شروط صحة فقط دون الوجوب
لهذين المعنين بدء المؤلف بالوقت
عرفنا إذاً لماذا بدأ بالوقت؟ وما هو دليل كون الوقت من شروط الصلاة؟
وهذا الشرط سيستغرق من المؤلف رحمه الله كلاماً طويلاً جداً وتفصيلات
• ثم قال رحمه الله
والطهارة من الحدث والنجس
الطهارة من الحدث شرط من شروط صحة الصلاة اذا تخلف هذا الشرط بطلت الصلاة
لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة احدكم اذا احدث حتى يتوضأ
وكما قلت لكم هذا الشرط مجمع عليه بين اهل العلم فإن صلى بلا طهارة حدث بطلت الصلاة
الشرط الثاني الطهارة من النجاسات
والطهارة من النجاسات تتعلق بثلاثة مواضع
الأول البدن
والثاني البقعة
والثالث الثوب
ولا نريد ان ندخل في تفاصيل هذا الشرط لان المؤلف جعل الشرط السابع اجتناب النجاسات وسيذكر تفصيلا طويلا يتعلق بهذا الشرط
•
ثم قال رحمه الله
فوقت الظهر
بدأ المؤلف رحمه الله بوقت الظهر من بين الفروض الخمسة
وبدأ غيره من العلماء بالفجر قالوا الذين بدأوا بالفجر
أنا اذا بدأنا بالفجر صارت الصلاة الوسطى هي العصر ولا تكون هي الوسطى إلا باعتبار ان الأولى الفجر فإذا ثبت أن الوسطى هي العصر ثبت أن الاولى هي الفجر
وهذا القول وهو ان الصلاة الاولى هي الفجر هو الصواب وهو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله
هذا الاختلاف لا ينبني عليه حكم فقهي تكليفي عملي لكن ينبني عليه ان يعرف الإنسان ماهي الأولى؟ وما هي الوسطى؟
• قال رحمه الله
فوقت الظهر من الزوال
وقت الظهر يبدأ من الزوال والزوال هو ميل الشمس عن وسط السماء بعد انتهاء الظل قِصَرَاً
معنى هذا الكلام الشمس اذا أشرقت ارتفع لكل شاخص ظل طويل من جهة المغرب ثم لا يزال هذا الظل في نقص مادامت الشمس ترتفع إلى ان تصل الشمس إلى كبد السماء يعني إلى وسط السماء
فإذا وصلت إلى وسط السماء توقف النقصان
واذا توقف النقصان إذا زاد الظل أدنى زيادة فهذا الذي يسمى الزوال
إذاً الزوال هو الظل الذي يكون بعد انتهاء القصر ووصول الشمس إلى كبد السماء
فإذا وجد هذا الظل فنعرف أنه زالت الشمس ودخل وقت الظهر
الدليل
الدليل حديث جبريل عليه السلام فإن جبريل عليه السلام نزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبين له أوقات الصلوات فصلى له في يومين بحيث يصلي في اليوم الاول في اول الوقت ويصلي في اليوم الثاني في آخر الوقت ثم قال له أن الوقت بين هذين
وجبريل نزل ليبين الاوقات في مكة أو في المدينة؟
في مكة وهذا يهمنا عند الترجيح لانا عرفنا أن حديث جبريل حديث متقدم
ففي حديث جبريل ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر حين زالت الشمس
في الباب الاوقات في باب الأوقات أحاديث عدة منها أحاديث مهمة جداً ومنها أحاديث اقل أهمية
فمن الأحاديث المهمة اربعة احاديث
حديث جبريل هذا
وحديث أبي موسى الأشعري
وحديث بريدة
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص
هذه الأحاديث مهمة جداً في معرفة أحكام الأوقات
فحديث جبريل عرفت ماهو
حديث أبي موسى وبريدة فيه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أوقات الصلوات فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي معهم فصلى النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الأول في أوائل الأوقات وصلى في اليوم الثاني في أواخر الأوقات وأخبر السائل أن الوقت بين هذين الوقتين
أما الحديث الأخير وهو الرابع حديث عبد الله بن عمرو بن العاص فهو ان النبي صلى الله عليه وسلم بين الأوقات نطقاً
بينما في حديث جبريل وحديث أبي موسى وبريدة بيان الأوقات فعلاً أو عملاً
ولهذا اعتبر الفقهاء حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أهم من الأحاديث الأخرى
هذه فكرة موجزة عن أحاديث الأوقات
إذاً الدليل على وقت الظهر يبدأ من الزوال هو حديث جبريل وحديث أبي موسى وحديث بريدة هذه الثلاثة أحاديث كلها دلت على ذلك
اضف إلى هذا اجماع أهل العلم انه اذا زالت الشمس دخل وقت الظهر
فبداية وقت صلاة الظهر لم يختلف في أهل العلم
• ثم قال رحمه الله
فوقت الظهر من الزوال إلى مساواة الشيء فيئه بعد فيء الزوال
ينتهي وقت الظهر بمساواة الشيء لظله
والفيء هو الظل
لكن لا يجوز ان نسمي الظل فيئاً الا اذا كان بعد الزوال
ففي الحقيقة الفيء اسم خاص للظل وهو الظل الذي يكون بعد الزوال
فلو سمى شخص ظلاً فيئاً قبل الزوال فتسميته خطأ في لغة العرب
إذاً متى ينتهي ينتهي وقت الظهر؟
إذا ساوا الشيء ظله بعد فيء الزوال بعد خصم فيء الزوال
ما معنى هذا؟
تقدم معنا كيف يكون الزوال وأنه يتم بظهور أدنى ظل بعد انتهاء قصر الظل فبعد وجود هذا الظل أي بعد وجود الزوال نحسم منه فصاعداً طول الشاخص
فمثلاً إذا وضعنا في الأرض عود طوله سم وحسبنا فيء الزوال فوجدناه سم متى يخرج وقت الظهر؟
فالفيء الآن سم والعود أصلاً سم
فالظل يجب ان يكون ستة سم حتى يخرج وقت صلاة الظهر
ولاحظ معي عبارة المؤلف ودقق فيها يقول رحمه الله -
من الزوال وهذا واضح
إلى مساواة الشيء فيئه بعد فيء الزوال فنترك فيء الزوال ونحسب من بعده الظل يشترط فيه ان يكون مساويا لظل الشاخص حتى يخرج وقت الظهر
هذا الحكم هو مذهب الجمهور جماهير أهل العلم المالكية والشافعية والحنابلة يرون أن وقت صلاة الظهر يخرج إذا كان ظل الشيء يساويه بعد فيء الزوال
واستدلوا على هذا الحكم
بحديث جبريل عليه السلام فإنه ذكر فيه ان وقت الظهر خرج لما كان ظل الشيء مساويا له بعد فيء الزوال
وكذلك في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص نص على ان وقت صلاة الظهر ينتهي اذا كان ظل كل شيء مساوياً له بعد فيء الزوال
وقبل أن ننتقل لمذهب الأحناف متى يدخل وقت صلاة الظهر؟
إذا زالت الشمس
متى ينتهي؟
إذا كان ظل كل شيء مساوياً له بعد فيء الزوال
نأتي الآن إلى
مذهب الاحناف
الأحناف يقولون لا يخرج وقت الظهر الا اذا كان ظل الشيء مساوياً لمثليه
ففي المثال المتقدم ذكرت ان وقت الظهر يخرج عند الجمهور إذا كان مقدار الظل ست سم متر فكم سيكون عند الاحناف؟
سم متر بحيث تضيف إلى الـ سم المساوي لظل الشاخص وظل الشاخص طوله سم
الدليل
دليل الأحناف على هذه المخالفة للجماهير قالوا
ثبت في صحيح البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انما مثلكم ومثل الامم قبلكم كمثل رجل استأجر أجيراً فقال من يعمل لي من غدوة إلى منتصف النهار بقيراط فعمل اليهود
الأذان
الفصل الأول
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
بالأمس ذكرت لكم أن:
= مذهب الجمهور أن وقت الظهر ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله.
وهذا معنى قول المؤلف رحمه الله: (إلى مساواة الشيء فيئه بعد فيء الزوال) يعني: إلى مساواة الشيء ظله بعد ظل الزوال.
وذكرنا أن الدليل:
- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
- وحديث جبريل عليه السلام.
= والقول الثاني: لأحناف وهو أن وقت الظهر يمتد إلى مصير ظل الشيء مثليه.
وذكرنا دليلهم وهو:
- ما أخرجه البخاري رحمه الله في صحيحه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما مثلكم ومثل أهل الكتابين قبلكم كمثل رجل استأجر أجيراً فقال من يعمل لي من غدوة إلى منتصف النهار بقيراط فقال: فعملت اليهود ثم قال من يعمل لي من منتصف النهار إلى صلاة العصر بقيراط فعملت النصارى ثم قال من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغيب الشمس فهم أنتم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضبت اليهود والنصارى وقالوا مالنا اكثر عملاً واقل اجراً فقال الله عز وجل هل نقصتكم شيئاً قالوا: لا. فقال الله عز وجل فذلك فضلي أوتيه من اشاء).
هذا هو الحديث.
وجه الاستدلال لأبي حنيفة من الحديث:
أن الحديث دل على ان الوقت من الظهر إلى العصر اطول منه من العصر إلى المغرب. لأنهم قالوا مالنا اكثر عملاً واقل اجراً فدل على ان عمل النصارى من الظهر إلى العصر اطول من عمل المسلمين من العصر إلى مغيب الشمس.
هكذا استدل أبو حنيفة رحمه الله.
الجواب على ما استدل به ابو حنيفه رحمه الله ظاهر وتقدم معنا نظيره وهو:
ان القاعدة الفقهية المفيدة لطالب تقول: " أن الدليل الخاص بالمسألة مقدم على الدليل العام القياسي " وادلة الجمهور خاصة بالاوقات بينما هذا الدليل المقصود منه ضرب المثال فقط وليس المقصود بيان الاوقات.
ولا شك ان هذا جواب فقهي قوي وان مذهب الاحناف في هذه المسألة ضعيف.
والخطورة في هذا القول انه يخرج صلاة الظهر عن وقتها لانه اذا صار ظل كل شيء مثله خرج الوقت عند الجمهور بينما يستمر عند الاحناف إلى ان يصير ظل كل شيئ مثليه.
فمن صلى على مذهب الاحناف بعد نهاية الوقت عند الجمهور يعتبر عند جماهير العلماء صلى الظهر خارج وقتها ولذلك هذه المسألة حريه بأن يعرف الإنسان فيها الراجح.
• ثم قال رحمه الله:
وتعجيلها أفضل.
تعجيل الظهر أفضل الا ما يستثنى مما سينص عليه المؤلف.
وتعجيل الظهر مسنون:
- بالنص.
- والإجماع.
اما النص:
- فحديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر اذا دحظت الشمس يعني: إذا زالت.
وأما الاجماع:
- فقد اجمع اهل العلم: أنه يستحب تعجيل صلاة الظهر.
وذكر الفقهاء ان التعجيل يحصل بالاستعداد والتهيء للصلاة فإذا كان الانسان يستعد للتطهر والحضور للمسجد وما شابه هذا من مقدمات الصلاة فقد حَصَّلَ سُنِّيَّةَ تعجيل الفريضة.
أي: ولو أقام المسجد الذي يصلي فيه متأخراً بعض الشيء ما دام هو قد بكر في الاستعداد فقد حصل على فضيلة الصلاة أول الوقت.
إذاً عرفنا الآن: استحباب التعجيل فيها محل إجماع.
ومما ينبغي أن يتنبه إليه طالب العلم ان التعجيل هذا لا يقصد منه تفويت السنن الرواتب على الناس فتعجيل كل شيء بحسبه فالتعجيل هنا بحيث لا يفوت على الناس أداء السنن القبلية.
• ثم قال رحمه الله:
إلا في شدة حر ولو صلى وحده.
إذا اشتد الحر فإنه يستحب:
= عند الحنابلة وعند الجمهور أن يؤخر الإنسان الصلاة إلى ان يبرد الجو.
- لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " اذا اشتد الحر فأبردو فان شدة الحر من فيح جهنم ".
وهذا نص في استحباب التأجيل إذا اشتد الحر. وهو كما قلت لكم مذهب الجمهور.
= والقول الثاني: أنه يستحب أن نعجل بصلاة الظهر في الحر وفي غيره.
واستدلوا على ذلك بدليلين:
- الأول: العمومات.
- والثاني: أن الصحابة قالوا شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وفي أكفنا فلم يشكنا.
ومعنى لم يشكنا: أي لم يُزِلْ شكوانا.
فهذا دليل على ان صلى الله عليه وسلم كان يصلي في شدة الحر ولا يؤخر إلى الإبراد.
والجواب على هذا الدليل أيضاً من وجهين:
- الوجه الأول: أن هذا الحديث منسوخ لما ثبت في الحديث الصحيح أن آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الإبراد وقول الصحاب: (آخر الأمرين) دليل على النسخ.
- الوجه الثاني: أن الصحابة رضي الله عنهم طلبوا تأخيراً زائداً عن الوقت ولذا لم يستجب لهم صلى الله عليه وسلم.
والراجح مذهب الجمهور: أن الإبراد سنة لأن الأحاديث الصريحة الصحيحة لا تُعَارَضُ بمثل هذه الاعتراضات.
• ثم قال رحمه الله:
ولو صلى وحده.
يعني: أنه يسن للإنسان أن يبرد بالصلاة ولو صلى وحده في بيته أو صلى وحده في مسجد لم يوجد فيه جماعة.
والدليل على سنية الإبراد حتى للمنفرد:
- عموم النصوص: فإن النص الذي فيه الأمر بالإبراد لم يخصص الجماعة بهذا الحكم فبقي الحكم على عمومه.
فالراجح أنه يبرد - كما قال الحنابلة - ولو صلى وحده لأن النص عام.
• ثم قال رحمه الله:
أو مع غيم لمن يصلي جماعة.
يعني: ويستحب التأخير اذا كان الجو غيم وأراد الإنسان ان يصلي بالجماعة.
فالتأخير في هذه المسألة مشروط بشرطين:
- الأول: أن يكون الجو غيم.
والثاني: أن يريد أن يصلي مع الجماعة.
فإذاً إذا كان الجو غيم هل يشرع للمرأة أن تؤخر الصلاة؟
الجواب: لا. لأنها لا تصلي جماعة.
إذاً إذا كان الجو غيم وإذا أراد أن يصلي مع الجماعة.
التعليل:
- قالوا أنه يغلب على الظن في مثل هذا الجو أن تمطر السماء وإذا أمطرت وقعت المشقة على المصلين فتسهيلاً عليهم يؤخرون الصلاة ليصلوا الظهر والعصر في وقت واحد يؤخرون وقت الظهر إلى قريب وقت العصر فيصلوا الظهر ثم ينتظروا إلى دخول وقت العصر ثم يصلوا العصر تسهيلاً على الناس.
= والقول الثاني: أنه لا يستحب التأخير في حال الغيم ولو ظُنَّ نزول المطر. وهذا القول هو مذهب الشافعي.
- للعمومات: لأن النصوص عامة ولم تستثن إلا شدة الحر في التأخير فقط.
وهذا القول هو الصواب أن التأخير يكون فقط في شدة الحر.
لما أنهى المؤلف رحمه الله الكلام على وقت الظهر انتقل إلى العصر:
• فقال رحمه الله:
ويليه وقت العصر.
معنى: (ويليه وقت العصر): أنه لا يوجد فاصل بين الوقتين فبمجرد خروج وقت الظهر يدخل وقت العصر.
فإذا قيل لك متى يبدأ وقت العصر؟
الجواب: اذا صار ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال.
ولذلك لم يذكر هذا لأنه يقول: (ويليه) فعرفنا أنه يبدأ بعد انتهاء وقت الظهر.
•
قال رحمه الله:
إلى مصير الفيء مثليه بعد فيء الزوال.
الدليل على هذا:
- أن جبريل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني صلاة العصر لما صار ظل كل شيء مثليه.
فدل هذا على أن وقت صلاة العصر ينتهي إذا كان ظل كل شيء مثليه لكن بعد فئ الزوال.
وبالأمس ضربت لكم مثلاً واضحاً في الشاخص ومتى يدخل وقت العصر وينتهي وقت الظهر ومتى ينتهي وقت العصر.
= والقول الثاني: أن وقت العصر ينتهي باصفرار الشمس لا بمصير كل شيء مثليه.
- لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ووقت العصر ما لم تصفر الشمس "
والراجح القول الثاني.
وأما سبب الترجيح: فتقدم معنا ذكره وهو: أن هذا قول - ولذلك في درس الأمس ذكرت لكم فكرة عامة عن أحاديث الأوقات - وقلت مما يميز حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه نص لفظي وليس حكاية عمل للنبي صلى الله عليه وسلم.
فهذا هو الراجح. لكن ذكر الشيخ الموفق رحمه الله فائدة مهمة وهي: أن الفرق بين القولين لا يكاد يذكر لأن مصير ظل كل شيء مثليه قريب من اصفرار الشمس.
بينهما فرق لكنه يسير.
ولو استطاع طالب نبيه أن يضبط لنا الفرق لكان هذا جيد.
وطريقة ذلك: أن يضع الشاخص فإذا وصل ظل الشاخص مثليه بعد فيء الزوال صار هذا هو خروج الوقت بالنسبة للحنابلة ثم ينظر متى تصفر الشمس فالفرق بين الوقتين هو الفرق بين القولين.
فإذا كان طالب يستطيع أن يفعل هذا في يوم مشمس فهذا طيب ودليل على أنه مستوعب لهذه القضية.
•
ثم قال رحمه الله:
والضرورة إلى غروبها.
يتميز وقت العصر بأن له وقت للضرورة ووقت للاختيار.
ـ فوقت الاختيار ينتهي:
- إما بمصير كل شيء مثليه.
- أو إلى اصفرار الشمس.
على حسب الخلاف السابق
ـ ووقت الضرورة:
- ينتهي بغروب الشمس.
والفرق بين وقت الاختيار ووقت الضرورة: أنه لا يجوز للإنسان أن يؤخر الصلاة إلى وقت الضرورة فإن أخَّر بلا عذر فهو آثم لكن مع ذلك تعتبر صلاته أداء لا قضاء.
إذاص عرفنا ما يترتب على القول بوجود وقت للضرورة وهو: أنه لا يجوز أن نؤخر الصلاة إلى هذا الوقت الذي يعتبر ضرورة ومع ذلك إذا صلى فيه الإهنسان بلا عذر فهو آثم لكن صلاته تعتبر أداء لا قضاء مع الإثم.
الآن تبين أن:
= مذهب الحنابلة أن وقت الضرورة يمتد إلى غروب الشمس.
وهذا يتركب من أمرين:
- الأول: إثبات أن ما بعد اصفرار الشمس الى غروب الشمس وقت للعصر.
- والثاني: إثبات أن هذا الوقت وقت ضرورة.
أما دليل أنه وقت:
- فقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (من أدرك من ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)
فهذا دليل أن الوقت يمتد إلى غروب الشمس.
وأما الدليل على أنه وقت ضرورة ولا يجوز التأخير إليه إلا بعذر:
- فقوله صلى الله عليه وسلم " تلك صلاة المنافقين يجلس أحدهم يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً ".
فهذا الحديث في سياق الذم وتشبيه من أخر الصلاة إلى هذا الوقت بالمنافقين وهذا كله يدل على أن تأخير الصلاة إلى ما بعد مصير ظل كل شيء مثليه محرم إلا لعذر.
وتبين الآن لنا كل ما يتعلق بصلاة العصر:
- من حيث وقت الاختيار: متى يبدأ؟ ومتى ينتهي؟
- ومن حيث وقت الضرورة: متى يبدأ؟ ومتى ينتهي؟
- وما هي ثمرة إثبات وقتاً للضرورة؟ وأدلة إثبات وقت الضرورة للعصر.
• ثم قال رحمه الله:
ويسن تعجيلها.
يعني ان تعجيل صلاة العصر: سنة.
والدليل على هذا:
- حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أنه قال " كنا نصلي مع صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ثم ننطلق إلى رحالنا في أقصى المدينة والشمس حية ".
فهذا دليل على انه صلى الله عليه وسلم كان يبادر بصلاة العصر.
وقبل أن ننتهي من صلاة العصر نبين أن ك
= صلاة العصر على القول الصحيح هي الصلاة الوسطى.
- لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الثابت " شغلونا عن الصلاة الوسطى: صلاة العصر " هذا نص لا يقبل التأويل.
فصلاة العصر هي الصلاة الوسطى بهذا النص.
ولذلك: نحن لا نحتاج إلى ذكر الخلاف بهذه المسألة لوضوح النص فيها.
• ثم قال رحمه الله:
ويليه وقت المغرب.
أي: أن وقت المغرب يبدأ بغروب الشمس.
وهذا ثابت في:
- حديث جبريل.
- وأيضا هو مما أجمع عليه الفقهاء.
ولذلك لا إشكال فيه.
• ثم قال رحمه الله:
إلى مغيب الحمرة.
الحمرة: تفسير للشفق.
وتفسير الشفق بالحمرة: محل إجماع.
أي أن الشفق هو: هذه الحمرة - هذا محل إجماع.
لكن محل الخلاف هو:
أن صلاة المغرب يمتد وقتها إلى هذا الشفق فهذا هو الذي محل خلاف.
= فالحنابلة - كما ترون - يقول المؤلف رحمه الله: أنه إلى مغيب الحمرة.
وهذا القول هو مذهب الأحناف وهو أيضا اختيار الشيخ المحقق ابن المنذر وأيضاً اختيار الشيخ الحافظ ابن القيم: أن وقت المغرب يمتد إلى غياب الشفق والشفق هو الحمرة.
- لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: " ووقت المغرب ما لم يغب الشفق ".
= والقول الثاني: أن المغرب ليس لها إلا وقت واحد فقط وهو مذهب مالك والشافعي.
ـ ووقتها عند الشافعي: بعد الأذان أن يتطهر ويستر العورة ويقيم فقط. فبعد هذا الوقت يجب أن يصلي وإلا يخرج وقت المغرب.
فوقت المغرب عند المالكية والشافعية ضيق جداً.
الدليل على هذا التحديد العسر:
قالوا الدليل الدليل على ذلك:
- أن جبريل عليه السلام صلى المغرب بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الأول وفي اليوم الثاني لوقت واحد ولو كان للمغرب وقتان لصلى جبريل كما في الفروض الباقية في اليوم الأول في أوله وفي اليوم الثاني في آخره.
هذا دليل قوي بل هو نص.
الجواب عليه:
- أن حديث جبريل وقع في مكة وحديث عبد الله بن عمرو وحديث أبي موسى وحديث بريدة وحديث أنس وحديث أبي برزو الأسلمي وسائر أحاديث الأوقات وقعت في المدينة.
والمتأخر حاكم على المتقدم وزيادة العلم من الثقة مقبولة - في الأصل وإلا هذه القاعدة فيها نظر لكن في الأصل أن زيادة الثقة مقبولة ما لم تعارض بأقوى منها.
المهم أنه في حديث عبد الله بن عمرو زيادة على ما في حديث جبريل.
إذاً الراجح مذهب الأحناف والحنابلة: أن وقت المغرب يستمر إلى وقت الشفق الأحمر.
وفي هذا الخلاف مايعلل استعجال بعض إخوانا الشافعية وبعض إخوانا المالكية في الإقامة لصلاة المغرب.
• ثم قال رحمه الله:
ويسن تعجيلها.
ويسن تعجيل المغرب أيضاً.
- لانه ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب حين غابت الشمس.
- وثبت أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن تأخير المغرب الى غياب النجوم.
- وفي هذا الباب - أي باب تعجيل المغرب - أحاديث كثيرة.
فهذه سنة ظاهرة واضحة ثابتة لا ينبغي الإخلال بها - وهو التعجيل في صلاة المغرب - والتأخير في الحقيقة مخالفة ظاهره للنصوص.
• ثم قال رحمه الله: - استثناء من المغرب.
إلا ليلة جمع لمن قصدها محرماً
تقرر معنا الآن أن تعجيل المغرب سنة ويستثنى من ذلك ليلة جمع.
ففي ليلة مزدلفة - والجمع يقصد بها مزدلفة - يسن تأخير المغرب ليصليها مع العشاء.
الدليل على هذا:
- أن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم في حين انتقاله من عرفة الى مزدلفة في وسط الطريق قال له: الصلاة يا رسول الله.
فقال: صلى الله عليه وسلم: (الصلاة أمامك).
فإذاً يسن للحاج الذي قصد مزدلفة محرماً أن يؤخر صلاة المغرب ليصليها مع العشاء.
وتقدم معنا انتقاد عبارة المؤلف. وجه الانتقاد: أن هذا لا يسمى تأخيراً لأنه لم يؤخر الصلاة لأن الوقتين صارا وقتاً واحد.
إذاً: الآن للتأخير شرطان:
- الأول: أن يكون هذا ليلة جمع.
- والثاني: أن يكون محرماً.
• ثم قال رحمه الله:
ويليه وقت العشاء.
يعني ان وقت العشاء يدخل بمغيب الشفق. لأنه يقول يليه. والمغرب ينتهي بمغيب الشفق فيدخل بعد ذلك وقت العشاء بمغيبه.
وكون وقت العشاء يبدأ من مغيب الشفق - أيضاً - ثابت بالنص والإجماع.
ـ أما النص:
- فحديث بريدة في قصة الرجل الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم الاوقات فإنه صلى به العشاء في اليوم الأول حين غاب الشفق الأحمر.
فدل هذا على أن وقت العشاء يبدأ من مغيب الشفق الأحمر وهو كما قلت لك محل إجماع - ثابت بالنص والإجماع.
•
ثم قال رحمه الله:
إلى الفجر الثاني.
أي أن وقت صلاة العشاء يمتد الى طلوع الفجر.
فوقت الضرورة يصل الى وفت طلوع الفجر.
الدليل على ذلك:
- قول النبي صلى الله عليه وسلم " ليس في النوم تفريط إنما التفريط فيمن يدع الصلاة الى ان ياتي وقت الصلاة الأخرى ".
فدل الحديث على انه اذا انتهى وقت الصلاة الأولى دخل وقت الصلاة التي تليها فبعد كل وقت صلاة وقت صلاة أخرى بلا فاصل ونستثني الفجر بالاجماع - هكذا قالوا - فإنه معلوم انه ينتهي وقت الفجر ولا يدخل وقت الظهر.
= القول الثاني: ان الوقت ينتهي اما إلى النصف او الى الثلث. - وسيأتي بيان أيهما أرجح. لكن الآن نحن في صدد مناقشة القائلين: بأنه يمتد إلى الفجر.
الدليل على أنه ينتهي بالثلث أو بالنصف:
- الأحاديث الصحيحة - التي ذكرت لك - حديث جبريل وحديث عبدا لله بن عمرو وغيرها حدت صلاة العشاء بثلث الليل او بنصف الليل.
وهذا القول هو الراجح لان احاديثه صريحة صحيحة خاصة بالمسألة بخلاىف حديث ليس في النوم تفريط فهو حديث عام.
• ثم قال رحمه الله:
وهو البياض المعترض.
يريد المؤلف رحمه الله أن يبين ان الفجر فجران: أول وثان.
وبعبارة أخرى صادق وكاذب.
ويريد ان يبين علامة كلاً منهما.
فيقول:
ـ أن الفجر الثاني الصادق علامته:
- انه معترض.
وله علامة أخرى وهي: انه لا يعقبه ظلمه.
هاتان هما علامتا الفجر الصداق وعكسهما علامتا الفجر الكاذب:
ـ فالفجر الكاذب:
- مستطيل.
- وأيضاً تعقبه ظلمه.
فإذا ضبط الإنسان علامتا الفجر الصادق عرف علامتا الفجر الكاذب.
• ثم قال رحمه الله:
وتأخيرها إلى ثلث الليل أفضل.
في قول المؤلف رحمه الله وتأخيرها إلى ثلث الليل أفضل إشارة إلى ان بعض العلماء يرون ان وقت العشاء ينتهي الى ثلث الليل.
= وهو مذهب المالكية.
واستدلوا:
- بحديث جبريل حيث صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني في ثلث الليل.
= والقول الثاني: ان وقت العشاء يمتد إلى منتصف الليل.
واستدل أصحاب هذا القول:
- بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص فإن فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم " ووقت العشاء ما لم ينتصف الليل ".
والراجح القول الثاني: وهو أن وقت العشاء يمتد إلى منتصف الليل وأظن أن وجه الترجيح ظاهر وهو رجحان حديث عبد الله بن عمرو من جهة.
ومن جهة أخرى ان فيه زيادة علم ومن عنده زيادة علم تقبل منه ما دام ثقة لم يعارض.
• ثم قال رحمه الله:
وتأخيرها إلى ثلث الليل أفضل ان سهل.
التأخير:
= عند الحنابلة بل عند جمهور الصحابة رضي الله عنهم تأخير العشاء - أفضل بهذا الشرط إن سهل.
- لحديث ابي برزة رضي الله عنه قال"كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب ان يؤخر صلاة العشاء التي تدعونها العتمة ويكره النوم قبلها والحديث بعدها "
= القول الثاني: أن الأفضل مراعاة حال المسلمين. فما نقول الأفضل التأخير إن سهل بل نقول الأفضل من الأصل مراعاة حال المأمومين.
= والقول الثالث: - يجمع بين القولين - فيقول: التأخير سنة إلا إن شق على المأمومين.
- لقوله " والعشاء أحيانا وأحيانا إن رآهم إجتمعوا صلى وان رآهم أبطأوا أخر ".
فهذا دليل على أنوه صلى الله عليه وسلم كان يراعي حال المسلمين.
وهذا القول الثالث تجتمع به النصوص وهو القول الصحيح إن شاء الله أن السنة التأخير إلا إذا شق على المأمومين.
فإذا كانت الجماعة مستقلة ولا يوجد معهم من يشق عليه التأخير أو كانوا في خارج البلد أو مسافرين فإن السنة لهم التأخير.
•
ثم قال رحمه الله:
ويليه وقت الفجر: إلى طلوع الشمس.
يقول المؤلف رحمه الله: (ويليه) تقدم معنا ان الحنابلة يرون ان وقت العشاء يمتد إلى طلوع الفجر.
إذاً: يليه. يعني من طلوف الفجر وليس من المنتصف وهو ثلث الليل وإنما من طلوع الفجر لأنه تقدم معنا أن الحنابلة يرون أن صلاة العشاء يمتد وقت الضرورة فيها إلى طلوع الفجر الثاني.
وكون طلوع الفجر الثاني هو أول وقت الفجر محل إجماع فلم يختلف فيه الفقهاء: أنه إذا طلع الفجر الثاني الصادق بدأ وقت صلاة الفجر.
وهذا معنى قول المؤلف رحمه الله هنا: (ويليه وقت الفجر إلى طلوع الشمس).
وينتهي الوقت - حسب ما أفاد المؤلف - بطلوع الشمس.
وهذا أيضاً محل إجماع.
- لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص " ووقت الفجر ما لم تطلع الشمس "
إذا بالنسبة للفجر ولله الحمد دخول الوقت وخروجه محل إجماع لا إشكال فيه لأن النصوص فيه واضحة. - حديث جبريل وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص بينا الدخول والخروج.
• ثم قال رحمه الله:
وتعجيلها أفضل.
= ذهب الجمهور - أحمد ومالك والشافعي - وحكي عن الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم ان تعجيل الفجر هو السنة.
واستدلوا على هذا بأدلة صحيحة:
- منها حديث عائشة رضي الله عنها قالت " كان النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم ينقلبن إلى بيوتهن لا يعرفهن احد من الغلس ". والغلس ظلمة آخر الليل.
فهذا دليل أنه صلى الله عليه وسلم يصلي ويخرج من الصلاة وظلمة الليل ما زالت باقية.
- الدليل الثاني: أن الصحابة قالوا كنا نتسحر مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نقوم إلى لصلاة قيل لهم: فكم كان بينهما قال: قدر خمسين آية.
واذا أذن المؤذن وقرأ القاريء معتدلة خمسين آية ثم أقام فسيقيم في أول الوقت في الغلس.
هذان دليلان صريحان صحيحان في استحباب التعجيل.
= القول الثاني: للأحناف ان السنة الأسفار لا التعجيل.
استدلوا على ذلك:
- بقول النبي صلى الله عليه وسلم " أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر ".
هذا الحديث صححه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.
والراجح مذهب الجمهور:
- أولاً: لأنه مروي عن الخلفاء الأربعة. وكفى بهم علماً وهدياً واتباعاً.
- ثانياً: أن المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم أسفروا بالفجر: التأكد من دخول وقت صلاة الفجر لا التأخير إلى الإسفار.
ويمكن أن يحمل على محمل آخرذكره ابن القي رحمه الله وهو: أن المراد الدخول في صلاة الفجر تعجيلاً والخروج منها بعد الإسفار وذلك بطول القراءة.
لكن هذا المحمل من ابن القيم يشكل عليه حديث عائشة لأنها أخبرت أنهن يخرجن بغلس والخروج معلوم أنه بعد الصلاة ولم تذكر هي مسألة الدخول في الصلاة حتى نقول هذا جمع جيد.
فنقول مادام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ويطيل القراءة ومع ذلك يخرج بغلس فهذا كله دليل على التعجيل.
فثبت بذلك رجحان قول الجماهير الذين معهم الخلفاء الأربعة وهو: أن السنة في الفجر التعجيل.
وتبين من هذا أن التعجيل سنة في جميع الصلوات إلا في صلاتين: الظهر في شدة الحر وعند الحنابلة في الغيم. والمغرب عند الحنابلة إذا أتى جمع لمن هو محرماً. فيما عدا هاتين الصورتين أو الثلاث عند الحنابلة فالتعجيل في جميع الصلوات أفضل.
وأيضاً (استدراك من الشارح) فيما عدا العشاء فقد نص المؤلف رحمه الله على أن السنة فيها التأخير وهذا صحيح وذكرنا الخلاف وأن الراجح في مسألة تأخير صلاة العشاء أن أرجح الأقوال أنه سنة إلا إن شق على المأمومين. والقول بأن السنة مراعاة المأمومين أصلاً هو قول قوي تؤيده النصوص لكن ما دام أن حديث أبي برزة نص في استحباب التأخير فنجمع بين النصوص بهذا الجمع.
•
ثم قال رحمه الله:
وتدرك الصلاة بتكبيرة الإحرام في وقتها.
المقصود بإدراك الصلاة - هنا - عند الفقهاء: أي أداءً.
تدرك يعني: أداءً.
بتكبيرة الإحرام: فإذا كَبَّرَ الإنسان تكبيرة الإحرام قبل خروج الوقت بدقيقه فيعنبر مدركاً للصلاة وصلاته أداء لا قضاء.
الدليل:
- قالوا: أنه أدرك جزاًء من الصلاة: فأدرك الصلاة.
= والقول الثاني: أن إدراك الصلاة لا يكون إلا بإدراك ركعة.
- لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة " وفي اللفظ الآخر " من أدرك ركعة من الفجر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الفجر ومن أدرك من العصر قبل غروب الشمس فقد أدرك العصر ".
وهذا القول هو القول الصواب لأن النص صريح فيه والحنابلة ليس معهم إلا التعليل.
ولكن هنا تنبيه مهم: وهو: أن مقصود الفقهاء بإدراك ركعة: إدارك ركعة كاملة بسجدتيها.
وممن نص على هذا المعنى الخطابي والحافظ ابن حجر كلاهما نص على أن المقصود بإدراك الركعة: إدراك ركعة كاملة بسجدتيها.
فإذا ركع ثم رفع من الركوع ثم غابت الشمس فهو لم يدرك صلاة العصر بينما إذا ركع ورفع وهبط وسجد سجدتين وبانتهاء السجدتان غربت الشمس فيعتبر أدرك صلاة العصر.
• ثم قال رحمه الله:
ولا يصلي قبل غلبة ظنه بدخول وقتها إما باجتهادٍ، أو خبر متيقن.
- هذه مسألة مكتملة -.
إذا أراد الإنسان أن يصلي فله حالان:
- الحال الأولى
…
(((الأذان))).
انتهى الدرس
…
قال شيخنا حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
لما أنهى المؤلف رحمه الله الكلام عن فروع أحكام الأوقات انتقل إلى مسائل تتعلق بجميع الأوقات وهذا كما تقدم من حسن ترتيب المؤلف رحمه الله
• فقال رحمه الله
ولا يصلي قبل غلبة ظنه بدخول وقتها إما باجتهاد أو خبر متيقن
تقرر معنا الآن وفي الدروس السابقة أن دخول الوقت شرط من شروط صحة ووجوب الصلاة
فإن صلى قبل دخول الوقت فإن الفريضة لا تصح وسيأتينا ماذا تصبح
لكن الآن إذا صلى الإنسان قبل دخول الوقت فإن الفريضة بالنسبة له لا تصح
والإنسان اذا أراد ان يعلم هل دخل الوقت؟ أو لم يدخل؟ فهو على أقسام
القسم الأول أن يتمكن من اليقين
فهنا يجب أن يصلي بعد دخول الوقت يقيناً ولا يكفي غلبة الظن
فإن صلى مع غلبة الظن مع تمكنه من اليقين فالصلاة لا تصح وإن صلى في الوقت وسيأتينا مسألة وإن صلى هل إذا وقعت مصادفة في الوقت؟
القسم الثاني إذا لم يتمكن من اليقين
فيجوز عند الإمام احمد ان يصلي بغلبة الظن وان لم يتيقن مادام لم يتمكن من اليقين
والقول الثاني أنه لا يجوز الصلاة بغلبة الظن بل لابد من اليقين أن الوقت دخل
والصواب مع الحنابلة
لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر يوماً في جو غائم ثم تبين له أن الشمس لم تغرب
وجه الاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر بغلبة الظن
ـ ثم إن صلى بالشك بدون غلبة ظن فصلاته لا تصح لأنه يشترط في الصلاة في اقل الأحوال غلبة الظن إن لم يتمكن من اليقين
ـ مسألة مهمة هل يجب على من يستطيع أن يعلم دخول الوقت يقيناً أن يبحث عن دخول الوقت مع وجود المؤذن؟ أو يجوز الاكتفاء بأذان المؤذن مع قدرته على معرفة الدخول يقيناً؟
الجواب أنه يجوز له أن يكتفي بأذان المؤذن وإن كان يستطيع أن يعلم هو بنفسه دخول الوقت يقيناً
وهذا القول اختيار شيخ الإسلام رحمه الله وعليه عمل المسلمين من عصور فإنك تجد الرجل يحسن علامات دخول الوقت ومع ذلك يكتفي بأذان المؤذن
والقول بإلزامه بأن يجتهد مع وجود المؤذن قول ضعيف جداً وعلى خلاف عمل المسلمين
• نأتي إلى كلام المؤلف رحمه الله
يقول رحمه الله
ولا يصلي قبل غلبة ظنه بدخول وقتها إما باجتهاد أو خبر متيقن
يفهم من كلام المؤلف ان غلبة الظن تحصل بأمرين
الأول الاجتهاد
والثاني خبر متيقن يعني خبر الثقة المتيقن أو خبر متيقن
وهذا صحيح بالنسبة للاجتهاد ولكنه مرجوح بالنسبة لخبر الثقة المتيقن
مرجوح من جهتين
أولاً المؤلف في مسألة خبر المتيقن خالف المذهب
فالمذهب يعتبرن خبر الثقة المتيقن من اليقين وليس من غلبة الظن كما نص على ذلك الفقهاء الحنابلة كابن النجار والبهوتي وغيرهم من الذين يرجع إليهم في تحرير أقوال المذهب في الكشاف والمنتهى وشروحهما
فإذاً المؤلف هنا خالف المذهب باعتبار خبر الثقة المتيقن من باب غلبة الظن لا من باب اليقين والصواب أنه من باب اليقين
ملاحظة لم تُذْكَرِ جهة الترجيح الثانية
•
ثم قال رحمه الله
فإن أحرم باجتهاد فبان قبله فنقل وإلا فرض
يعني إذا صلى المصلي باجتهاد
فإما أن يظهر له أن اجتهاده خطأ فهنا تنقلب الصلاة من فريضة إلى نفل وتبقى الفريضة في ذمته لأن الصلاة لا تجب ولا تصح إلا بدخول الوقت وهو قد صلى قبله فتبقى في ذمته
أو أنه إذا اجتهد وصلى لم يظهر له ما يخالف اجتهاده فالأصل صحة هذه الصلاة لأن القاعدة المستقرة أن الأصل براءة الذمة بعد أداء العبادة
ولا يمكن أن يخرج أي مصلي صلى باجتهاد عن هذا التقسيم لأنه إما أن يتبين له أن اجتهاده خطأ أو أن اجتهاده صحيح
وعرفنا حكم كل صورة من صورتين
وهذا معنى قوله وإلا ففرض يعني وإلا يتبين له خطأه فصلاته صحيحة تبرأ بها الذمة
انتهى الكلام عن الصلاة باجتهاد من حيث دخول الوقت وتبين أنه يجوز للإنسان أن يصلي باجتهاد بشرط أن لا يتمكن من اليقين
ولا يجوز له بحال أن يصلي مع الشك بل يجب أن يسعى إلى درجة غلبة الظن ولا يعذر أبداً في الصلاة مع الشك فإن صلى مع الشك فإن صلاته لا تعتبر صحيحة
وأما إن صلى مع اليقين فصلاته صحيحه بإجماع
وأخذنا الآن خلاف الفقهاء المهم في مسألة الصلاة مع غلبة الظن بلا يقين وأن مذهب الحنابلة هو الصواب
ثم انتقل المؤلف رحمه الله إلى مسألة مهمة جداً لا سيما فيما يتعلق بالنساء لكثرة الحاجة إليها وتكرر وقوع النساء فيها بسبب الحيض
•
فقال رحمه الله
وإن أدرك مكلف من وقتها قدر التحريمة، ثم زال تكليفه أو حاضت، ثم كلف وطهرت قضوها ومن صار أهلاً لوجوبها قبل خروج وقتها لزمته
تأملوا معنا الآن نحتاج إلى ترتيب الكلام على عبارات المؤلف رحمه الله -
فإنه رحمه الله يقول وإن أدرك مكلف من وقتها قدر التحريمة ثم زال تكليفه ثم كلف قضى
هذا ترتيب كلامه رحمه الله
فبين مسألتين
المسألة الأولى الضابط في إدراك الوقت لأنه يقول وإن أدرك مكلف من وقتها قدر التحريمة
المسألة الثانية وجوب القضاء لأنه يقول قضوها
نبدأ بالمسألة الأولى
القائلون بوجوب القضاء اختلفوا في القدر الذي يجب معه القضاء
فالحنابلة كما ترون الآن علقوه بإدراك تكبيره فإذا أدرك من الوقت قدر تكبيره فقط ثم زال تكليفه بجنون أو غيره ثم عاد إليه التكليف فإنه يقضي الصلاة
ودليلهم ما تقدم معنا
أنه أدرك جزءاً من الوقت بإدرام جزء من الصلاة
بناء على هذا إذا زالت الشمس ثم بعد مضي ثلاث دقائق حاضت المرأة فإنه يجب عليها أن تقضي صلاة الظهر إذا طهرت لأنها أدركت من الوقت قدر تكبيره
القول الثاني لابد أن يدرك ركعة فإذا أدرك ركعة ثم زال تكليفه فإنه يجب أن يقضي الصلاة إذا زال المانع
ودليلهم
من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة
القول الثالث أنه لايدرك وقت الصلاة إلا بادراك وقتٍ يتسع للوضوء وأداء الصلاة
والراجح القول الثاني لأن في المسألة نص لا يسعنا المسلم الخروج عنه فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه بإدراك ركعة يدرك الصلاة فنحن نقف كع هذا النص النبوي ونمتثل
هذا الخلاف قلت لكم أنه خلاف عند القائلين بوجوب القضاء فالذين قالوا يجب أن تقضي اختلفوا هذا الخلاف
ونرجع إلى كلام المؤلف
• يقول رحمه الله
ثم زال تكليفه أو حاضت ثم كلف وطهرت قضوها
هذه هي المسألة الثانية وهي وجوب القضاء
اختلف الفقهاء هل يجب على من أدرك الصلاة ثم زال تكليفه هل يجب عليه أن يقضي؟ أو لا يجب؟
الحنابلة يرون أنه يجب أن يقضي
الدليل
قالوا أن هذه الصلاة بدخول الوقت وجبت في ذمته فتبقى ذمته مشغولة بهذا الواجب إلى أن يؤديه
والقول الثاني أنه لا يجب على من أدرك الوقت وزال عنه التكليف لا يجب عليه أن يقضي إلا اذا أَخَّرَ الى تَضَايُقِ الوقت بحيث لا يبقى من الوقت إلا ما يتسع لأداء الفريضة
وهذا القول قول المالكية والأحناف واختاره شيخ الإسلام
دليلهم
قالوا أن من دخل عليه الوقت وأَخَّرَ الصلاة ثم زال تكليفه فقد أَخَّرَ تأخيراً مأذوناً له فيه شرعاً فلا يجب عليه بناء على هذا التأخير المأذون فيه قضاء الصلاة
ـ فإن قيل النائم أَخَّرَ الصلاة تأخيراً مأذوناً له فيه ومع ذلك ألزمه الشارع بقضاء الصلاة
فالجواب أن النائم نعم أَخَّرَ تأخيراً مأذوناً فيه شرعاً لكن صلاة النائم لا تمسى قضاءً وإنما أداءً لأن وقت الصلاة بالنسبة للنائم حين يستيقظ وبالنسبة للناسي حين يذكر فهو وقتها الحقيقي فهي أداء وليست قضاء ومن هنا اختلف حكم كل منهما من الذي أَخَّرَ فزال تكليفه ومن النائم والناسي
بناء على هذا فما يحصل الآن عند كثير من النساء أن يدخل الوقت ثم بعد مضي مدة من دخول الوقت تحيض المرأة فإنه لا يجب عليها بمقتضى هذا القول الثاني إذا طهرت واغتسلت أن تقضي هذه الصلاة
والراجح من حيث الدليل القول الثاني
والأحوط المتأكد مع القول الأول مذهب الإمام أحمد لأن دليلهم أيضاً قوي وهو مسألة بقاء الصلاة في ذمته
والمسألة الخلاف فيها قوي والاحتياط فيها متعين بالنسبة للمرأة ولا يضير المرأة مثلاً أن تقضي صلاةً واحدة وهي الصلاة التي حاضت في أثنائها قبل أن تؤديها
لما ذكر المؤلف رحمه الله من كان مكلفاً ثم زال تكليفه ذكر عكس هذه المسألة
•
فقال رحمه الله
ومن صار أهلاً لوجوبها قبل خروج وقتها لزمته وما يجمع إليها قبلها
هذه المسألة عكس المسألة السابقة
دخل الوقت على هذا الشخص وهو لم يكلف لوجود مانع من حيض أو جنون أو غيره ثم كلف بزوال المانع بأن طهرت وذهب الجنون أو بلغ الصبي
ـ فإذا زال المانع بعد دخول الوقت فيجب على من زال مانع التكليف له يجب عليه أن يصلي فرض الوقت بالإجماع فهذا ليس فيه خلاف
لأنه مخاطب بالنصوص التي تأمر بهذه الصلاة
لكن الإشكال الكبير في قول المؤلف رحمه الله
وما يجمع إليها قبلها
فإذا طهرت المرأة بعد دخول وقت صلاة العصر فإنه يجب عليها
عند الحنابلة أن تصلي العصر والظهر فهذا مذهب الحنابلة
ولهم أدلة
الدليل الأول أن هذا مروي عن عدد من الصحابة منهم أبو هريرة وابن عباس وعبد الرحمن من عوف وغيرهم رضي الله عنهم
والأسانيد إلى هؤلاء الصحابة فيها ضعف ولكن ضعفها يسير لأن سبب الضعف أحد أمرين
إما وجود رجل ضعيف وليس متروكاً ولا مختلط ولا صاحب منكرات إنما ضعيف يعني ضعيف الضبط
أو وجود رجل مجهول
هذا الدليل الأول
الدليل الثاني ما ذكره الإمام أحمد أن هذا هو قول عامة التابعين إلا الحسن البصري رحمه الله فكأنه إجماع بين طبقة التابعين إلا الحسن البصري رحمه الله
ونسبة هذا القول إلى عامكة التابعين جاءت من رجل متثبت حافظ وهو الإمام أحمد
الدليل الأخير في هذه المسألة وهي أيضاً مهمة أن وقت الصلاة للصلاتين المجموعة وقت لهما حال العذر يعني أن وقت الصلاتين المجموعتين وقت لهما حال العذر وهي الآن في حال العذر فصار الوقتين للصلاتين وقت واحد بالنسبة لهذه المرأه
ما معنى هذا الدليل؟ هذا دليل الحنابلة وهو جيد
الجواب وقت صلاة الظهر والعصر مثلاً يصبح وقتاً واحداً حال العذر فبالإجماع بالنسبة للمسافر وبالنسبة للمريض
إذا كان وقت صلاة الظهر والعصر يعتبر وقتاً واحداً حال العذر فهذه المرأة التي طهرت في أثناء صلاة العصر هي الآن في حال العذر وإنما جاز لها ترك صلاة الظهر لأنها حال عذر فاستمر حكم العذر لها فصار الوقتين بالنسبة لها وقت واحد
إذاً صار للحنابلة ثلاثة أدلة
القول الثاني أنه لا يلزمها إلا الصلاة التي زال العذر فيها بدون ما يجمع إليها
دليلهم
ظاهر قالوا أن الأصل براءة الذمة والصلاة الأولى خرجت وهي غير مكلفة
الراجح في الحقيقة هذه المسألة كان عندي فيها نوع تردد لأنها قد تعارضت الأدلة فيها ثم تبين لي أن أن مذهب الحنابلة هو الصواب
ومذهب الحنابلة هو اختيار شيخ الإسلام
بل قال شيخ الإسلام لم ينقل عن صحابي خلافه أي خلاف هذا القول
فلما
ذكر شيخ الاسلام
ولمجموع أدلتهم
ولدليل مهم جداً وهو فتاوى التابعين
ولأن ضعف الآثار عن الصحابة يسير ينجبر بفتاوى تلاميذهم الذين هم في الغالب أنهم قد أخذوا العلم عنهم فكون التابعين كلهم يفتون لهذه الفتوى فهذا يوحي أنهم تلقوه عن الصحابة وهذا يشد من أزر الآثار التي فيها شيء من الضعف
لذلك كله بمجموع هذه القرائن والأدلة والاعتبارات يظهر لي أن المرأة إذا طهرت يجب عليها أن تصلي الصلاة وما يجمع إليها
فإذا
طهرت في العشاء صلت صلاة العشاء والمغرب
وإذا طهرت آخر العصر صلت صلاة الظهر وصلاة العصر مجموعتين
وأنها لاتبرأ الذمة إلا بذلك بالصلاتين معاً
•
ثم قال رحمه الله
ويجب فوراً قضاء الفوائت مرتبة، ويسقط الترتيب بنسيانه، وبخشية خروج وقت اختيار الحاضرة
ما زال المؤلف رحمه الله في المسائل المتعلقة بالوقت والتي لا تختص بوقت من الأوقات الخمسة بل تعم جميع الأوقات فقال رحمه الله
ويجب فوراً قضاء الفوائت
القضاء هو فعل العبادة بعد وقتها المحدد شرعاً
الفوائت بناء على هذا التعريف هي: الفرائض التي تصلى بعد خروج الوقت
ولا تسمى فائته الا بذلك أي بأن يصليها بعد خروج الوقت
• يقول رحمه الله
ويجب فوراً قضاء الفوائت
بعد أن عرفنا ما هي الفوائت ومتى تسمى صلاتها قضاء نأتي إلى أنه
يجب القضاء فوراً
الدليل على هذا
قول النبي صلى الله عليه وسلم من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها
واللام في قوله لم لام الأمر والأصل في الأمر أنه للوجوب والأصل في أمر الوجوب أن يكون على الفور وهذا ستأخذونه في أصول الفقه مسألتان أن الأمر للوجوب وأن الوجوب للفور وأن هذا مذهب الجمهور وهو الصواب
إذاً الدليل هذا الحديث فليصلها إذا ذكرها
يستثنى من الفورية مسألة واحدة وهي أنه يجوز أن يؤخر تأخيراً يسيراً لمصلحه بهذه الضوابط
الدليل على هذا الاستثناء
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في السفر ونام هو وأصحابه عن صلاة الفجر أمرهم بعد الاستيقاظ أن ينتقلوا إلى مكان آخر وقال هو مكان حضرنا فيه الشيطان فانتقلوا عنه إلى مكان آخر
فهذا التأخير الذي هو بسبب الانتقال تأخير يسير اقتضته المصلحة والمصلحة في الحديث وجود المكان الذي حضرهم فيه الشيطان فالتأخير لهذه المصلحة أو لغيرها من المصالح المعتبرة جائز بشرط أن يكون يسيراً
•
ثم قال رحمه الله
مرتباً
الترتيب هو أن يأتي بالفروض الخمسة مرتبة حسب تسلسلها
ووجوب الترتيب مذهب الحنابلة والمالكية والأحناف يعني مذهب الجمهور
إلا أن المالكية والأحناف يقولون يجب الترتيب إذا كانت خمس صلوات فأقل
والحنابلة يرون وجوب الترتيب مطلقاً
لكن وجوب الترتيب من حيث الجملة هو مذهب الجمهور
الأدلة
الدليل الأول قالوا ثبت في صحيح البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق فاتته صلاة العصر وصلاها بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب فقدمها على الحاضرة فدل هذا على وجوب الترتيب
الدليل الثاني قوله صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي وقد قضى الصلوات الأربع يوم الخندق التي فاتته مرتبتاً
القول الثاني في هذه المسألة للشافعية ونصلاه النووي ومال إليه ابن رجب ورجحه الشوكاني كل هؤلاء يرون أن الترتيب سنة وليس بواجب
الدليل
قالوا لا دليل على وجوب الترتيب ومن صلى الصلاة كما أمر فقد أتى بالواجب
القول الثالث مال إليه الشيخ الفقيه ابن مفلح في كتابه المحرر المفيد لطالب العلم الفروع أن الترتيب واجب ولكنه ليس شرطاً للصحة
فالأفوال ثلاثة فالمذهب يرون أنه واجب وهو شرط لصحة الصلاة والقول الثاني أنه سنة والأخير كما سمعتم أنه واجب ولكنه ليس شرطاً
فأي الأقوال أرجح؟
الجواب في الحقيقة هذه المسألة أيضاً فيها إشكال فإن الخلاف فيها قوي
لكن الأظهر اختيار ابن مفلح
لماذا؟
لأن اختياره تجتمع فيه الأدلة
يليه في القوة مذهب الشافعية لأن مجرد الفعل لا يدل على الوجوب
والله أعلم أي هذه الأقوال أقرب إلى الحق
•
ثم قال رحمه الله
ويسقط الترتيب بنسيانه
تقدم معنا مراراً أن طريقة الماتن رحمه الله عندما يقرر حكماً من الأحكام يذكر بعده الأحكام المستثناة من هذا الحكم العام
فيستثنى من وجوب الترتيب النسيان
لقوله تعالى ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
ولقوله الرسول صلى الله عليه وسلم رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
فإذا صلى الإنسان فوائت وأخل بالترتيب فيها نسياناً فالصلاة صحيحة
وعلم من قول المؤلف أنه يسقط بالنسيان أنه لا يسقط بالجهل
وهذا هو مذهب الحنابلة أنه يسقط بالنسيان دون الجهل وهذا يفهم من كونه نص على النسيان دون الجهل
فالجهل لا يسقط عندهم به الترتيب
التعليل
أن الجاهل مقصر في التعلم فلا يعذر بترك الترتيب
والقول الثاني أن الجهل كالنسيان يعذر بهما المكلف لأن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يسويان بين الجهل والنسيان
فالآية والحديث المذكوران فيهما الجهل والنسيان جميعاً لأن الخطأ من الجهل
وهذا القول الثاني اختاره شيخ الإسلام ولاشك في قوته
• ثم قال رحمه الله
وبخشية خروج وقت اختيار الحاضرة
إذا تذكر الإنسان فائته في آخر وقت الحاضرة وخشي أنه إن صلى الفائتة خرج وقت الحاضرة وجب عليه أن يخل بالترتيب وأن يبدأ بالحاضرة
لماذا؟
لدليلين
الأول أن تأخير الصلاة عن وقتها لا يجوز
الثاني أنه لو صلى الفائتة ثم خرج الوقت صارت الحاضرة أيضاً فائته
وكأن الشارع الحكيم والله أعلم يريد أن يعلم المسلم بمثل هذه الأحكام كيفية ترتيب الأولويات لأن كثيراً من الناس عنده خلط في ترتيب الأولويات
هنا قدم الشارع الحاضرة لأولويتها على الفائتة وإن كانت الفائتة أسبق زمناً ووجوداً
• ثم قال رحمه الله
ستر العورة
أي ومن الشروط ستر العورة
هكذا يعبر الفقهاء بقولهم ستر العورة وقد انتقد شيخ الإسلام ابن تيمية انتقاداً شديدا هذا التعبير من الفقهاء وقال هذا التعبير ليس من ألفاظ الكتاب ولا من السنة كما أنه تعبير ليس مناسب ولا دقيق ولا صحيح
السبب
قال رحمه الله أن الستر الواجب في الصلاة يختلف عن الستر الواجب في باب النظر العورة طرداً وعكساً
ما معنى هذا؟
قال من أعضاء الجسد ما يجب ستره في الصلاة ولا يجب ستلاه خارج الصلاة
ومثل لهذا بالمنكب فالمنكب يجب أن يستر الصلاة ولا يجب أن يستر خارج الصلاة
الأذان
قال وأيضاً من الأعضاء ما يجب ستره خارج الصلاة ولا يجب أن يستر داخل الصلاة ومثل على هذا بوجه المرأة
فإن المرأة تكشف وجهها في الصلاة ويجب أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب خارج الصلاة
فإذاٍ ليس هناك تناسب ولا اضطراد بين أحكام ستر العورة بباب النظر في الصلاة وبينها في باب النظر
ثم قال والله سبحانه وتعالى أمر في الصلاة بقدر زائد عن ستر العورة فقال {خذوا زينتكم عند كل مسجد}
فإذاً في الحقيقة هذا اللفظ ستر العورة منتقد كما قال شيخ الاسلام رحمه الله انتقاداً قوياً من أكثر من جهة
فهو غير دقيق
ولا يفي المقصود في باب الصلاة لأن الواجب أكثر من مسألة ستر العورة
• قال رحمه الله
ومنها ستر العورة
العورة في لغة العرب النقصان
وفي الاصطلاح تغطية ما يقبح إظهاره
إذاً الآن عرفنا ما معنى كلمة ستر العورة وما هي العورة وعرفنا أن هذا اللفظ الذي يذكره الفقهاء لفظ لا يعتبر دقيق ولا مستوفي لمقصود الصلاة
انتهى الدرس
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
• قال رحمه الله:
ومنها ستر العورة.
أخذنا بالأمس عدة مباحث حول هذا اللفظ: - تعريفه. - وما انتقد فيه الفقهاء بإطلاقهم هذا اللفظ على هذا الشرط.
نأتي الآن إلى:
• قوله رحمه الله:
فيجب.
يجب على الإنسان أن يستر عروته إذا أراد أن يصلي.
والدليل على هذا الشرط من وجوه:
- الأول: قوله تعالى " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد " وأخذ الزينة يشمل ستر العورة وزيادة.
- والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في صحيح البخاري " النهي عن الطواف عرياناً " والصلاة أولى من الطواف.
- والثالث: قوله صلى الله عليه وسلم " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " وهذا فيه خلاف كثير:
= فمن أهل العلم من يصححه مرفوعاً.
= ومنهم من يعله بالإرسال.
والصواب أنه مرسل.
- الدليل الأخير: الإجماع. فقد حكي الإجماع على وجوب ستر العورة وأن من صلى كاشفاً العورة مع القدرة والاستطاعة فصلاته باطلة.
هذه أربعة أدلة تثبت وجوب ستر العورة.
•
ثم قال رحمه الله:
فيجب بما لا يصف بشرتها.
يجب أن يستر الإنسان جسده بساتر لا يصف البشرة.
ومعنى يصف البشرة: أن يظهر اللون من بياض أو سواد من تحت هذا الساتر.
التعليل:
- أن الستر بما يصف البشرة لايعتبر ستراً حقيقياً.
ـ وعلى مقتضى كلام الفقهاء إذا لبس الإنسان ثوباً يستطيع الإنسان أن يعرف لون البشرة منه فالصلاة غير صحيحة.
لكن بعض الناس يخلط: فيظن أنه يستطيع أن يعرف لون البشرة من تحت الثوب بسبب أنه يشاهد لون بشرة اليد والوجه من الرجل ولو سترتا ربما لا يستطيع أن يتبين هل لون البشرة أسود أو أبيض أو غير ذلك.
لكن إن كان يستطيع أن يتبين اللون من خلف الثوب فالستر لم يحصل وهذا الشرط تخلف.
ـ مسألة / هل يجب أن يكون الساتر غير مبين للحجم؟
الجواب: لا يلزم من الساتر أن يكون غير مبين للحجم.
- لأن هذا مما يتعذر فإن الإنسان في حال السجود والركوع يتبين الحجم منه.
وهذا نص عليه الحنابلة: أنه لا يلزم من الساتر أن لا يبين الحجم.
إذاً عرفنا الآن صفة الساتر. وهو الذي يريد المؤلف أن يبينه.
ثم بدأ المؤلف رحمه الله بالعورات مفصلة:
• فقال رحمه الله:
وعورة رجل من السرة إلى الركبة.
عورة الرجل من السره الى الركبة. وليسا منها على:
= المذهب: يعني: أن السرة والركبة ليسا من العورة.
الدليل على هذا التحديد:
- حديث جرهد الأسلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " غطي فخذك فإن الفخذ عورة ".
هذا الحديث إسناده ضعيف لكن له شواهد كثيرة تقويه - في الحقيقة - وصححه البيهقي. وإن كان البخاري ضعفه.
- الدليل الثاني: حديث عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مابين السرة والركبة عورة ".
والدليل على أن الركبة ليست من العورة:
- ما صح عن عثمان رضي الله عنه أنه دخل على صلى الله عليه وسلم وهو كاشف عن ركبته.
والدليل على التحديد أيضاً:
- الحديث السابق " مابين السرة والركبة عورة ". فما بينهما هو العورة وهما ليسا من العورة.
= القول الثاني: للظاهرية. ان العورة الفرجان فقط.
والدليل:
- حديث أنس الصحيح - في صحيح البخاري ومسلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم " حسر عن فخذه يوم خيبر " وفي لفظ انحسر - في اللفظ الأول أن الذي حسره هو النبي صلى الله عليه وسلم وفي اللفظ الثاني أنه انحسر من غير أن أي يحسره هو صلى الله عليه وسلم.
- الدليل الثاني: حديث عائشة أن صلى الله عليه وسلم " جلس مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهو كاشف عن فخذيه ". وفي رواية: وهو كاشف عن فخذيه أو ساقيه. كأنها شكت. هي أو أحد الرواة.
الراجح - والله أعلم - ما نصره النووي وهو المذهب أن الفخذ عورة:
- أولاً: لأن أحاديث الباب وإن كان فيها ضعف لكنها تتقوى بشواهدها.
- ثانياً: أن حديث أنس رضي الله عنه وحديث عائشة الذي استدل بهما أصحاب القول الثاني يدخلهما الاحتمال.
فالاحتمال يدخل على حديث أنس من حيث قوله انحسر أو حسره وإذا كان انحسر من حاله فلا دليل فيه لأن الإنسان حال الحرب وركوب الفرس قد ينحسر عن الثوب من غير إرادته فلا دليل فيه.
وأما الاحتمل في حديث عائشة ففي لفظ: عن فخذيه أو ساقيه.
ومع الا حتمال لا يصح الاستدلال.
وقد لخص البخاري رحمه الله هذه المسألة تلخيصاً حسناً جداً فقال رحمه الله: حديث جرهد أحوط وحديث أنس أسند خروجاً من خلافهم - هكذا قال. وهذه في الحقيقة عبارة تلم شعث المسألة.
- بناء على هذا: لا يجوز للإنسان أن يكشف فخذه فهو عورة لا يجوز له هو أن يكشفه ولا يجوز للآخرين أن ينظروا إليه منه فهو يعتبر عورة.
ولا شك أن العورة تنقسم إلى:
- مخففة.
- ومغلظه.
فهذا مما لا يشك فيه عادة.
فسواء كان مغلظة: وأسفل الفخذ وما قرب من الركبة مخففة لكن التفاوت بين العورة لا يعني أن لا نعتبر كل الفخذ عورة وإن تفاوت الإثم في كشف بعضه.
وبهذا تبين معنا حد عورة الرجل.
• ثم قال رحمه الله:
وأمةٍ.
الأمة:
= عند الحنابلة عورتها كعورة الرجل من السرة إلى الركبة.
استدلوا على هذا:
- بقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا زوج أحدكم أمته فلا ينظر إلى مابين السرة والركبة منها ".
= القول الثاني: إنها كالحرة. وهذا اختاره ابن حزم رحمه الله وشيخ الاسلام رحمه الله في باب النظر.
= والقول الثالث: أن عورة الأمة بالنسبة للرجال الأجانب كعورة المحارم بالنسبة إلى محارمهن ينظر اليها إلى ما يظهر غالباً: كالوجه واليدين ونحوهما وأسفل الساقين. يعني يجوز أن ننظر من الأمة ما يجوز للرجل أن ينظر إلى محارمه.
كم صار في المسألة من قول؟
ثلاثة أقوال. أضعفها المذهب.
وفيه تردد بين القولين في الحقيقة لكن اختيار ابن حزم وجيه جداً وهو أنه في باب النظر الأمة كالحرة تماماً لا يجوز لها أن تظهر إلى الشارع إلا سترت ما تستر الحرة. وسيأتيا الخلاف في الحرة.
• ثم قال رحمه الله:
وأم ولدٍ ومعتقٍ بعضها.
- أم الولد هي: الأمة التي ولدت لسيدها. فإذا ولدت لسيدها فتعتبر أم ولد.
وحكمها: أنها أمة ما دام السيد حياً فإذا مات صارت حرة.
- والمعتق بعضها: هي الأمة المملوكة لأكثر من شخص إذا أعتق بعضهم نصيبه. فإذا كانت مملوكة لشخصين وأعتق أحدهما نصيبه صارت الأمة مبعضه نصفها حر ونصفها رقيق. هذه هي المبعضة.
دليل الحنابلة:
- أنهما - أي أم الولد والمبعضة - تعتبران أمة فإلى الآن لهما حكم الرق.
= والقول الثاني: أنهما كالحرة.
وإذا كنا نقول في الأمة الخالصة أن الأقرب أنها كالحرة فكيف بأم الولد والمبعضة فلا شك أن الراجح هو: القول الثاني وأنها كالحرة.
• قال رحمه الله:
من السرة إلى الركبة.
هذا بيان لعورة الرجل والأمة وأم الولد والمعتق بعضها.
• ثم قال رحمه الله:
وكل الحرة عورة إلا وجهها.
تقدم معنا أن ستر العورة يبحث في بابين:
- في باب النظر.
- وفي باب الصلاة.
نحن الآن سنتحدث عن عورة المرأة في الصلاة. وأما عورة المرأة في النظر مسألة طويلة وليس هذا مكان الكلام عنها وإن كان الراجح بلا إشكال ولا تردد وهو اختيار شيخ الاسلام رحمه الله وغيره من المحققين وجوب ستر الوجه لعدة أدلة من الكتاب والسنة وهي نصوص صريحة واضحة في وجوب تغطية المرأة لوجهها عند الرجال الأجانب مع وجود الشواهد من الواقع الدالة على صحة مذهب القائلين بوجوب ستر الوجه.
لكن نحن لا نريد الدخول في التفصيل في هذه المسألة وإنما نتكلم الآن عن الصلاة.
فنقول: عورة المرأة في الصلاة:
- بالنسبة للوجه أجمع الفقهاء على أن الوجه ليس عورة في الصلاة فيجوز أن يُكشف وهذا لا إشكال فيه.
- إذا الإشكال في اليدين والقدمين.
فلو أردنا نفصل في المرأة فنقول:
- القسم الأول من المرأة: الوجه.
- والقسم الثاني: اليدين والقدمين.
- والقسم الثالث: باقي الجسد.
فالوجه وباقي الجسد بالإجماع يجب أن يسترا في الصلاة.
إذا ً الإشكال في اليدين والقدمين. ففيهما خلاف:
= فعلى مذهب الحنابلة: يجب أن يسترا في الصلاة.
واستدلوا بدليلين:
- الدليل الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم " المرأة عورة ".
واختلف في هذا الحديث تصحيحاً وتضعيفاً. والصواب أنه منقطع لا يثبت مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
- الدليل الثاني: حديث أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتصلي أحدنا بدرع وخمار بلا إزار فقال النبي صلى الله عليه وسلم " نعم إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها ".
فنص على تغطية القدمين واختلف اختلاف كثير في هذا الحديث: فمنهم من يصححه مرفوعاً ومنهم من يعله بالوقف أي أنه فتوى من أم سلمة والصواب: أنه موقوف وأعله بهذا عدد من الأئمة.
عرفنا الآن مذهب الحنابلة في اليدين والقدمين وعرفنا أدلتهم.
= القول الثاني: أن اليدين والقدمين ليسا عورة في الصلاة.
الدليل:
- قالوا: لا يجب بالإجماع على المرأة الجلباب داخل البيت. وإذا لم يجب عليها أن تلبس الجلباب فستصلي بثوبها وبهذا تنكشف غالباً اليدين والقدمين. ولا يعلم في عهد الصحابة إلزام النساء داخل البيوت بلبس الجلباب.
والأقرب - والله أعلم - القول الثاني: أنه لا يجب على المرأة حال الصلاة أن تغطي يديها ورجليها.
وهذا في باب المدارسة العلمية وإلا فلا شك أنه ما ينبغي للمرأة أنها إذا أرادت أن تصلي وهي تستطيع أن تستر يديها وقدميها إلا أن تصلي وهما مستوران احتياطاً لهذه العبادة العظيمة وهي الصلاة لكن من حيث البحث العلمي والأدلة فالراجح أنه لا يجب على المرأة أن تستر اليدين والقدمين أثناء الصلاة فإذا سجدت أن ركعت وانكشف من القدمين شيء أو من اليدين فالصلاة صحيحة.
بل إن صلت بقميصها وخمارها فقط في البيت بأن غطت الشعر وسائر الجسد ولم يخرج منها إلا الوجه واليدين والقدمين فالصلاة صحيحة إن شاء الله بلا توقف ولله الحمد.
لكن إذا أردات أن تحتاط فيجب أن تغطي القدمين واليدين.
إذاً انتهينا من قوله: (وكل الحرة عورة إلا وجهها).
- وإذا صلت بحضرة الرجال فترجع إلى أصل المسألة وهو وجوب ستر الوجه عند الأجانب.
• ثم قال رحمه الله:
ويستحب صلاته في ثوبين.
استفدنا من هذه العبارة حكمين:
- الأول: أنه يستحب أن يصلي في ثوبين.
- الثاني: أنه لا يجب على الإنسان أن يصلي في ثوبين ويجوز أن يصلي في ثوب واحد.
أما دليل استحباب الصلاة في ثوبين - رداء وإزار أو قميص وإزار - أي ثوبين -:
الدليل:
- أولاً: الإجماع.
- ثانياً: ان النبي صلى الله عليه وسلم هكذا كان يصلي فقد كان يصلي بثوبين صلى الله عليه وسلم.
وأما الدليل على عدم الوجوب:
- ما صح عنه صلى الله عليه وسلم: أنه أصلي أحدنا في الثوب الواحد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم أولكلكم ثوبان ".
- وأيضاً صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى أحياناً بثوب واحد.
فإذاً يسن ولا يجب أن يصلي في ثوبين.
• ثم قال رحمه الله:
ويجزئ ستر عورته في النفل ومع أحد عاتقيه في الفرض.
استفدنا من هذه العبارة عدة أمور:
- أولاً:
= أن المذهب يفرقون بين النفل والفرض.
فيجب في الفرض مع ستر العورة التي بينها المؤلف رحمه الله أن يستر أيضاً أحد العاتقين.
ويجزئ في النفل خاصة أن يصلي ساتراً لعورته وأن لم يستر أحد العاتقين.
إذاً الفرق بين النفل والفريضة - بين النافلة والفريضة عند الحنابلة هو في ستر العاتق فيجب في الفرضيضة ولا يجب في النفل.
الدليل على هذا التفريق:
- قالوا: أن الشارع الحكيم رخص وسهل في النافلة ما لم يسهل في الفريضة ومن ذلك أنه أجاز في النافلة في السفر الصلاة إلى غير القبلة وأجاز في النافلة أن يصلي الإنسان قاعداً من غير عذر ولا يجوز في الفريضة.
فتبين أن الشارع رخص وسهل في النافلة ما لم يرخص ويسهل في الفريضة.
= القول الثاني - في هذه المسألة -: أن الفريضة والنافلة حكمهما واحد فما ثبت في النافلة ثبت في الفريضة إلا ما دل الدليل على التفريق بينهما.
وهذا القول هو الصواب أنه لا فرق بين النافلة والفريضة إلا بدليل خاص يفرق بينهما.
نحن قلنا أنه يستفاد من عبارة المؤلف رحمه الله مسألتين فتقدمت الأولى والثانية هي وجوب ستر أحد العاتقين.
- فالمسألة الثانية:
وجوب ستر أحد العاتقين في الفريضة.
الدليل:
- قالوا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقة منه شيء وفي لفظ ليس على عاتقيه منه شيء ".
فدل الحديث على أنه منهي عن الصلاة مع كشف العاتقين (فقط)(فما نقول أو أحدهما) وإذا ستر أحد العتقين جاز.
الدليل هو هذا الحديث الذي سمعتم لأنه في اللفظ المشهور على: (على عاتقه). وفي اللفظ الآخر: (على عاتقيه). فأخذوا بلفظ: (على عاتقه).
= وهذا من مفردات الحنابلة. فالإمام أحمد رحمه الله أخذ بهذا الحديث.
= والقول الثاني: للجمهور من السلف والخلف: أنه لا يجب ستر أحد العاتقين. وإنما يسن.
- لحديث جابر الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " إذا أراد أن يصلي في ثوب واحد إن كان واسعاً فالتحف به وإن كان ضيقاً فاتزر به ".
وجه الاستدلال: أنه إذا كان ضيقاً واتزر به لم يبق منه شيء على عاتقه.
والقول الثاني - مذهب الجماهير - هو الصواب لصحة حديث جابر رضي الله عنه.
والجمع بين الأحاديث أن ستر العاتق سنه لكنه سنة متأكدة جداً لنهيه صلى الله عليه وسلم عن أن يصلي الرجل وقد كشف عاتقه.
تبين الآن معنا أنه:
= عند الحنابلة يجب أن يستر الإنسان إذا أراد أن يصلي جزأين:
- الأول: العورة.
- والثاني: أحد العاتقين.
= والجمهور: يجب على الإنسان أن يصلي أن يستر شيئاً واحداً وهو:
- العورة.
ماهي العورة؟ هذا محل خلاف - كما سمعتم.
• ثم قال رحمه الله:
وصلاتها في درع وخمار وملحفة ويجزئ ستر عورتها.
يعني يستحب للمرأة أن تصلي في هذه الأثواب الثلاثة.
الدليل:
- أنه صح عن عمر رضي الله عنه أنه أفتى بهذا - أنه يستحب للمرأة أن تصلي في ثلاثة أثواب.
- وكذلك روي عن أم سلمه وعائشة وهما من فقيهات الصحابيات.
إذاً يسن للمرأة أن تصلي في هذه الأثواب الثلاثة.
• قال رحمه الله:
في درع.
- فالدرع: هو: القميص - هو الذي نسميه القميص. لكن يقول الإمام أحمد: القميص لا يسمى درعاً إلا إذا كان سابغاً.
إذاً الدرع إذا أردنا أن نعرفه تعريفاً دقيقاً نقول: هو القميص السابغ.
فالقميص القصير لا يسمى درعاً.
• ثم قال رحمه الله:
وخمار.
- الخمار: هو ما تضعه المرأة على رأسها وتديره من عند حنكها مغطية به شعرها. - والخمار واضح ما هو.
• ثم قال رحمه الله:
وملحفة.
- الملحفة: هو الثوب الذي يلبس فوق القميص. يعني: فوق الدرع بحيث يلف على الجسد فوق الدرع وهو يشبه إلى حد كبير ما نسميه العباءة.
ونلاحظ أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لم يذكر الإزار. فإذا صلت المرأة بخمار وملحفة ودرع دون إزار فقد أتت بما يستحب ولها الأجر كامل إن شاء الله.
•
ثم قال رحمه الله:
ويجزئ ستر عورتها.
يعني أنه يجوز أن تصلي بثوب واحد إذا كان هذا الثوب يستر جميع العورة.
= وهي على المذهب: كل البدن إلا الوجه.
لذلك نقول إذا أرادت المرأة أن تصلي بثوب واحد كما يقول المؤلف رحمه الله: (ويجزئ بثوب واحد). فيجب أن يكون هذا الثوب سابغاً ليغطي اليدين والقدمين.
فإن صلت بثوب واحد وإن كان يجوز عند الفقهاء لكن إن صلت بثوب واحد لا يغطي كل الجسد فالصلاة غير صحيحة فيجب أن تراعي إذا أرادت أن تصلي بثوب واحد أن يكون هذا الثوب سابغاً يغطي كل الجسد بما في ذلك اليدين والقدمين.
وهذا مقصود المؤلف رحمه الله هنا بقوله: (ويجزئ ستر عورتها).
الدليل: - الحديث السابق - حديث أم سلمة أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم أتصلي إحدانا بدرع وخمار بلا إزار قال: نعم. إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها.
وإذا صلت بدرع وخمار فتعتبر صلت بثوب واحد بالنسبة للبدن. يعني: بدون ملحفة تلحف به سائر الجسد.
- بناء على هذا التقرير: إذا صلت المرأة - كما قلت لكم - بقميصها المنزلي مع تغطية الشعر فصلاتها صحيحة إذا كان يغطي كل الجسد فيما عدا القدمين واليدين.
• ثم قال رحمه الله مفصلاً لما ينكشف وما لا ينكشف:
ومن انكشف بعض عورته وفحش: أعاد.
انكشاف العورة - أثناء الصلاة ينقسم إلى أقسام:
- القسم الأول:
أن يكون انكشافاً يسيراً في زمن طويل بلا قصد. فهنا تصح الصلاة.
- لحديث عمرو ابن سلمة قال " كنت أؤم قومي وعلي بردة مشقوقة فإذا سجدت انكشفت " وفي رواية: فقال وقالت امرأة من النساء غطوا عنا سوءة قارئكم.
وهذه القصة حدثت في عهد التشريع ولم تنكر. فدلت على صحة صلاة من انكشفت عورته بلا قصد انكشافاً يسيراً في زمن طويل.
- القسم الثاني:
أن تنكشف انكشافاً كثيراً لكن في زمن قصير - عكس الأولى - وأيضاً من غير قصد: فهذا صلاته صحيحة.
- للحديث السابق.
- القسم الثالث:
أن تنكشف العورة بقصد سواء كان يسيراً بزمن طويل أو بأي كثيراً بزمن قصير أو بأي تفصيل فأي انكشاف للعورة بقصد فيبطل الصلاة.
التعليل: - لأن هذا مما يمكن التحرز عنه.
- ولأن هذا المصلي متلاعب.
فصلاته باطلة. وهذا إن شاء الله لا يقع من مسلم.
- القسم الأخير:
أن تنكشف العورة انكشافاً كثيراً في زمن طويل. فهذه أيضاً تبطل الصلاة ولو كان بغير قصد.
لماذا؟ - لأن الرخصة جاءت في الانكشاف اليسير وما عداها يبقى على الأصل وهو أن انكشاف العورة يبطل الصلاة بتخلف هذا الشرط.
إذاً: إذا تأملت في هذه الأقسام الأربعة فستجد أنه لا يخرج شيء من انكشاف العورة عن هذه الأقسام الأربعة.
ففي الصورة المشهورة:
لو هبت الريح ورفعت ثوب الإنسان إلى أن خرج أحد الفخذين أو خرج الفخذان فحكم صلاته: جائزة. - لان هذا من غير قصد. - ثم هو بزمن يسير.
وكذلك: لو كان زمن طويل لكن الانكشاف يسير.
إذاً: ومن انكشف بعض عورته وفحش: أعاد. عرفنا التفصيل في الانكشاف.
• قوله رحمه الله:
وفحش.
ماهو ضابط الانكشاف الفاحش وغيره؟
الجواب: أنه يرجع فيه إلى أمرين:
- الأول: العرف.
- والثاني: موضع الانكشاف. فانكشاف السوءة ليس كانكشاف ماقرب من الفخذ. فالأول فاحش ولو قل. والثاني يسير.
إذاً نعتبر الفحش وعدمه: بأمرين: العرف وموضع الانكشاف.
•
ثم قال رحمه الله:
أو صلى في ثوب محرم عليه.
إذا صلى الإنسان في الثوب المحرم بطلت الصلاة: = عند الحنابلة.
مثاله:
1 -
أن يصلي في ثوب من حرير.
2 -
أو يصلي في ثوب مغصوب.
3 -
أو يصلي في ثوب وقد أسبل فيه.
فهؤلاء صلاتهم عند الحنابلة باطلة.
والقول ببطلان الصلاة بهذه الصور من مفردات المذهب لكن اختاره شيخ الإسلام.
الدليل:
(((الأذان))).
انتهى الدرس
قال شيخنا حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
• قال رحمه الله
أو صلى في ثوب محرم عليه يعني أعاد
ذهب الحنابلة رحمهم الله إلى أنه إذا صلى المصلي بثوب محرم فإن الصلاة لا تصح ويجب عليه أن يعيد
وهذا القول من مفردات مذهب الإمام أحمد رحمه الله
ومن أمثلة الثوب المحرم
الثوب المنسوج بذهب
أوالمغصوب
أو ثوب الحرير
أو المسبل
هذه أبرز الأمثلة على الثياب المحرمة
استدل الحنابلة على هذا الحكم
بقول النبي صلى الله عليه وسلم من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد وصلاته بهذا الثوب ليس عليها أمرالله ولا رسوله
واستدلوا
بأن قيام المصلي وقعوده قربة وكونه في هذا الثوب معصية ولا تجتمع في فعل واحد قربة ومعصية
واستدلوا أيضا بأحاديث
منها قوله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة مسبل نسأل الله العافية والسلامة هذا الحديث الأقرب أنه ضعيف ولكن ضعفه ليس شديداً
واستدلوا
بقول النبي صلى الله عليه وسلم من اشترى ثوباً بعشرة دراهم فيها درهم واحد محرم لم تصح الصلاة في الثوب وهذا الحديث ضعيف هو أشد ضعفاً من الحديث السابق
واختار هذا القول من المحققين شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله -
والقول الثاني وإليه ذهب الجمهور أن الصلاة الثوب المحرم محرمة وصاحبها آثم ولكن الصلاة صحيحة
لأن النهي لا يعود إلى ذات الصلاة وإنما يعود إلى أمر خارج عن الصلاة فإن لبس الثوب المحرم لا يجوز في الصلاة وفي خارج الصلاة
إذاً عرفنا الآن حكم الصلاة في ثوب محرم وهي مسألة مهمة ويتلبس بها كثير من الناس
والخلاف السابق المذكور في الصلاة في الثوب المحرم يتنزل على من صلى ذاكراً عامداً فإن صلى ناسياً أو جاهلاً فإن صلاته صحيحة بالإجماع
• ثم قال رحمه الله
أو نجس أعاد
لا يجوز أن يصلي الإنسان بثوب نجس مع قدرته على غيره
لأنه بذلك أخل بشرط من شروط الصلاة وهو اجتناب النجاسة ولا يتصور أن مسلماً يفعل هذا بأن يصلي بثوب نجس مع وجود ثوب طاهر
ولكن هناك مسالة هي التي تحتاج إلى إيضاح وهي:
حكم الصلاة في الثوب النجس إذا لم يجد غيره؟
ذهب الحنابلة والمالكية إلى أنه يصلي بهذا الثوب
لأن شرط ستر العورة أهم من شرط اجتناب النجاسة
ولأن هذا غاية قدرته
إلا أن الحنابلة قالوا يصلي ويعيد
والقول الثاني أنه لا يعيد الخلاف الآن داخل مذهب الحنابلة واختاره جمع من المحققين الحنابلة منهم المجد رحمه الله جد شيخ الإسلام ابن تيمية
القول الثاني وهو مذهب الشافعية أنه يصلي عريانا
لأنه غير قادر على شرط ستر العورة شرعاً لا حساً لأن الثوب المتنجس شرعاً لا يستتر به لا حساً لأن الثوب موجود حساً لكنه متنجس
القول الثالث أنه مخير
لأنه لا بد أن يترك واجباً في الصورتين وهو مذهب الأحناف
والراجح مذهب المالكية بل لا إشكال في رجحانه فيصلي في الثوب النجس الذي لا يجد غيره ولا يصلي عرياناً ولا يعيد
عرفناً الآن بما سبق حكم الصلاة في الثوب المحرم وحكم الصلاة في الثوب النجس إذا وجد غيره وإذا لم يجد غيره
•
ثم قال رحمه الله
لا من حبس في محل نجس
هذا استثناء من الصلاة في الثوب النجس أو في البقعة النجسة
فإذا حبس الإنسان في بقعة نجسة فإنه يجوز له أن يصلي
لقوله تعالى {فاتقوا الله ما استطعتم} التغابن
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم
هذا إذا لم يكن في المحل المحبوس فيه مكان طاهر يصلي فيه
فإن كان وجب أن يصلي في هذا المكان الطاهر
• ثم قال رحمه الله
ومن وجد كفاية عورته سترها
أي وترك غيرها
والمقصود بالمتروك هنا المنكبين فيستر العورة ويترك المنكبين
وتقدم معنا ما هي عورة الرجل عند الحنابلة؟
وهي ما بين السرة والركبة بنص المؤلف رحمه الله
فإذا لم يجد الإنسان إلا سترة تكفي ما بين السرة والركبة ولا تكفي المنكبين فإنه يستر ما بين السرة والركبة ويترك المنكبين
التعليل
لأن ستر هذا الجزء آكد
ولأنه يجب أن يستر في الصلاة وخارج الصلاة بخلاف المنكبين فانه يجب أن يستر داخل الصلاة فقط
• ثم قال رحمه الله
وإلا فالفرجين
يعني وإلا يجد سترة تكفي لستر العورة فيستر الفرجين يبدأ بهما ويترك ما عداهما مما بين السرة والركبة
الدليل
لأنهما أفحش
ولأنه لا خلاف في وجوب الستر لهما كما تقدم معنا لم يختلف الفقهاء بجوب ستر العورتين الفرجين
•
ثم قال رحمه الله
فإن لم يكفهما فالدبر
يعني إذا وجد ثوباً لا يكفي لستر الفرجين فيستر الدبر مقدماً له على القبل
والتعليل
قالوا أن المصلي إذا سجد انفرج عن الدبر فظهرت العورة فوجب أن يقدم الدبر بالستر
والقول الثاني أنه يجب أن يقدم القبل لأمرين
الأول أنه يستقبل القبلة بالقبل لا بالدبر
والثاني أن الدبر مستور بالأليتين
ومال إلى هذا القول الشيخ المحقق المرداوي رحمه الله
القول الثالث أنه مخير فإن شاء ستر القبل أو الدبر
والأقرب في هذه الصورة نسأل الله العافية والسلامة وأنه لا تحصل لمسلم القول الثاني
وهذا في القديم كان يحصل كثيراً بسبب كثرة قطاع الطرق كانوا يأخذون من المساقر كل شيء حتى لباسه فتقع هذه المسالة بالنسبة للمسافرين الذين يهجمون عليهم قطاع الطريق بكثرة في القديم أما في وقتنا هذا مع الأمن والرخاء فالحمدلله تكاد لا توجد هذه المسألة في بلادنا
• ثم قال رحمه الله
وإن أعير سترة لزمه قبولها
مقصود المؤلف إذا أعير من غير طلبه فإنه يجب والحالة هذه أن يقبل وجوباً السترة
أي يجب على المصلي الذي لا يجد ما يستر به عورته إذا أعير من غير طلب منه أن يقبل هذه الإعارة ويستر عورته
وفهم من كلام المؤلف أنه لا يلزمه ستر العورة في صورتين
الأولى إذا أهدي أو أعطي هبة فإنه لا يلزمه أن يقبل ولو بقي مكشوف العورة لما في الهبة من المنة التي تثقل بخلاف العارية من غير طلب فإنه ليس فيها منه عادة يعني في عرف الناس
الثانية لا يلزمه أن يطلب عارية ولو ظن قبول المطلوب
إذاً متى يلزمه؟
في صورة واحدة هي إذا أعير من غير طلب منه فقط
والقول الثاني أنه يجب عليه وجوباً أن يسعى في تحصيل السترة سواء بطلب العارية أو بأن يعطى هدية أو هبة ويحرم عليه أن يرد هذه الهبة أو الهدية ويجب عليه أن يطلب العارية
التعليل
أن العار والضرر في بقائه مكشوف العورة أشد من العار في الهبة والعطية وطلب العارية
هذا القول الثاني هو الراجح بلا إشكال ومن ترك طلب العارية فهو آثم ومن رد الهبة فهو آثم في هذه الصورة على القول الثاني
ثم قال رحمه الله استكمالاً لأحكام العراة في الصلاة
ويصلي العاري قاعدا بالإيماء استحباباً فيهما
يصلي قاعداً أي مع الانضمام وعدم التربع ليحصل بهذا الجلوس ستر العورة
• ثم قال رحمه الله
ويصلي استحبابا فيهما
الضمير يعود على الركوع والسجود
قاعداً فيهما أي في الركوع والسجود
والدليل على أنه يستحب له أن يصلي قاعداً
الأثر المروي عن عبدا لله بن عمر رضي الله عنهما أن العراة يصلون قعوداً
ثانياً أن ستر العورة آكد من القيام بدليل سقوط القيام في النافلة وعدم سقوط الستر فيها فهذا دليل على أن ستر العورة آكد من القيام
انتهينا الآن من مذهب الحنابلة
القول الثاني للمالكية والشافعية أنه يجب أن يصلي قائماً ولو صلى عرياناً
الدليل
قالوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً
وهذا المصلي يستطيع أن يصلي قائماً وإن كان عرياناً
والجواب أنه ليس صحيحا أن العريان يستطيع أن يصلي قائماً لأنه يلحقه مشقة وحرج وعار بصلاته قائماً وهو عريان
فقولهم يستطيع غير صحيح
القول الثالث أنه يجب وجوبا أن يصلي قاعداً
الحنابلة ماذا يقولون؟
يستحب وأخذنا أدلتهم
الثالث يجب وجوباً أن يصلي قاعداً
لأن صلاته قائماً تؤدي إلى انكشاف العورة
ملخص الأقوال
القول الأول يستحب أن يصلي قاعداً
القول الثاني يجب أن يصلي قائماً
القول الثالث يجب أن يصلي قاعداً
أي هذه الأقوال أرجح؟
وعلى كل حال كما ترون هي: المسالة فيها تردد
شيخ الإسلام في شرح العمدة رجح الأول أنه يستحب
والذي يظهر والله أعلم رجحان القول الثالث
السبب
أن من صلى قائماً مع انكشاف عورته فإنه غالباً لن يخشع ولن يطمئن في هذه الصلاة لانشغاله بانكشاف عورته وما دام الرخصة جاءت من الشارع فنأخذ بها
• ثم قال رحمه الله
ويكون إمامهم في وسطهم
ما زال المؤلف رحمه الله في سياق صلاة العراة
يقول رحمه الله يكون إمامهم وسطهم يؤخذ من هذه العبارة
وجوب صلاة الجماعة على العراة
وهو مذهب الحنابلة
لأنه إذا أوجب الشارع صلاة الجماعة في حال الحرب في صلاة الخوف فمن باب أولى هنا
ولأنه لا عذر لهم في ترك الجماعة
والقول الثاني أنهم يصلون فرادى إلا في الظلمة فيصلون جماعة
والأقرب مذهب الحنابلة لأنه مادام سيصلون جلوساً فلا حرج في صلاتهم جماعة
ويكون إمامهم وسطهم على سبيل الوجوب
فإن صلى أمامهم بطلت صلاته
لان صلاته أمامهم تؤدي إلى انكشاف عورته
القول الثاني يجوز أن يصلي أمامهم
والأقرب المذهب
•
ثم قال رحمه الله
ويصلي كل نوع وحده
أي يصلي الرجال وحدهم والنساء وحدهن ولا يصلون جماعة كالمعهود في المساجد
التعليل
أن النساء إذا صلين خلف الرجال أدى إلى رؤية عوراتهن وإن صلين مع الرجال يعني في صف واحد خالفن في السنة في موقف المرأة لأن صفوف النساء يجب أن يكن خلف صفوف الرجال
هذا التعليل الأول لمسألة أنه يصلي كل نوع على حده
التعليل الثاني دراءً للفتنة الحاصلة بذلك بين الرجال والنساء
إذاً إذا اجتمع العراة رجالاً ونساءًكيف يصلون؟
الجواب يصلي الرجال أولاً على حده
ثم يصلي النساء على حدة إما في وقتين أو في وقت واحد الأمر سيان يجوز أن يصلين في نفس الوقت الذي يصلي فيه الرجال أو بعدهم الأمر واحد
ما لم يترتب على تأخير صلاة النساء جماعة مفسدة أخرى حينئذ يجب أن يصلوا جماعة الرجال وجماعة النساء في وقت واحد
• ثم قال رحمه الله
فإن شق صلى الرجال واستدبرهم النساء ثم عكسوا
فإن شق يعني أن يصلوا هؤلاء وحدهم وهؤلاء وحدهم بسبب ضيق المكان بحيث لا يتسع أن يصلي مجموعة الرجال على حدة ومجموعة النساء على حدة في وقت واحد فيصلون كما ذكر المؤلف رحمه الله
يصلون أولاً الرجال في حال استدبار النساء لهم
ثم إذا انتهى الرجال من الصلاة استدبروا النساء وصلين وحدهن هذا في حيال ضيق المكان
إذاً عرفنا الآن كيف يصلي العراة وكيف يصلي العراة إذا كان فيهم نساء وكيف يصلي العراة إذا كان فيهم نساء والمكان ضيق وبهذا اكتمل حكم مجموعة صلاة العراة وأيضاً حكم المصلي عارياً لوحده نسأل الله سبحانه وتعالى أن لا يوقع هذا على مسلم
•
ثم قال رحمه الله
فإن وجد سترة قريبة في أثناء الصلاة ستر وبنى
إذا وجد المصلي عرياناً سترة قريبة منه إما بأن يتذكر سترة كان نسيها أو بأن يحضر له شخص سترة جديدة فالمهم في أي صورة من الصور إذا وجد سترة قريبة عرفاً وجب عليه أن يستر نفسه ويبني على صلاته
ومعنى يبني أنه لا يجب عليه أن يستأنف بل يتناول السترة ويستر نفسه ويتم صلاته
التعليل
أن هذا عمل يسير للحاجة لا يضر في استمرار الصلاة
القول الثاني أنه يجب عليه أن يستأنف بحيث ينصرف عن الصلاة ويستر نفسه ويبدأ الصلاة من جديد
التعليل
أنه استطاع أن يحصل شرط الصلاة وهو ستر العورة فوجب عليه أن يستأنف به الصلاة كما إذا حضر الماء والمتيمم في الصلاة
إذاً الأحناف يقولون إذا حضرت السترة فإنه يجب عليه أن ينصرف من الصلاة فيستر نفسه ويبدأ الصلاة من جديد
لأنه شرط استطاع أن يحصله فوجب أن يصلي به مستأنفاً قياساً على المتيمم إذا حضر الماء في أثناء الصلاة
والأقرب والله اعلم القول الأول وهو مذهب الحنابلة
• ثم قال رحمه الله
وإلا ابتداء
أي وإن كانت السترة بعيدة عرفاً وتحصيلها يستلزم حركة كثيرة فإنه يجب عليه أن ينصرف من الصلاة ويستر عورته ويستأنف الصلاة من جديد يبدأها من جديد
إذاً فرق المؤلف رحمه الله بين كون السترة قريبة وبين كون الستر بعيدة وهذا التفريق صحيح فما ذكره المؤلف رحمه الله في الصورتين يتوافق إن شاء مع الأصول الشرعية ظو
ثم انتقل المؤلف رحمه الله إلى مبحث آخر وهو ما يكره وما يحرم في الصلاة
•
فقال رحمه الله
ويكره في الصلاة السدل
عرفنا الآن
أن السدل مكروه
وأن الكراهة تختص بالصلاة
بقي أن نعرف
ما هو السدل؟
وما هو الدليل على الكراهة؟
السدل هو
أن يطر ح الرداء على كتفيه من غير أن يرد طرفيه على منكبيه
وقيل أن السدل هو نفس الإسبال واختاره من الحنابلة ابن عقيل لكن ضعفه شيخ الاسلام رحمه الله
وقيل أن يلقي بالثوب على رأسه ويجعل طرفي الرداء يميناً وشمالاً منسدلان من غير أن يردهما على عاتقيه أو على منكبيه
كم صار من قول في تفسير السدل؟
ثلاثة
الدليل
حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة
وهذا الحديث ضعفه الإمام أحمد بل قال ابن المنذر رحمه الله لا نعلم في النهي عن السدل حديثاً ثابتاً
والقول الثاني أن السدل لا يكره
لأنه لا يوجد دليل صحيح على الكراهة
واختار هذا القول ابن المنذر رحمه الله
وهذا القول هو الصواب
لكن مع ذلك ينبغي للإنسان أن يتجنب السدل لأنه صح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه النهي عنه فينبغي للإنسان أن يتجنب السدل احتياطاً لكن كما قلت من حيث الأدلة لا يوجد دليل من السنة على كراهية السدل
•
ثم قال رحمه الله
واشتمال الصماء
أي ويكره في الصلاة اشتمال الصماء
حكم اشتمال الصماء
عند الحنابلة مكروه ولكن بشرط أن لا يكون عليه إلا ثوب واحد فإن كان عليه ثوبان جاز ت هذه اللبسة بلا كراهة
إذاً ما هو شرط الكراهة عند الحنابلة أن يكون لا بساً ثوباً واحداً
عرفنا الآن حكم اشتمال الصماء عند الحنابلة
تعريف اشتمال الصماء
هو أن يضع وسط الرداء تحت منكبه الأيمن وطرفيه على منكبه الأيسر كالاضطباع في الإحرام تماماً
وإنما جاز في الإحرام لأن المحرم يكون عليه ثوبان
وهذا التفسير تفسير عامة العلماء وجمهور السلف بل روي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم
والقول الثاني في التفسير أن اشتمال الصماء هو أن يشتمل بثوبه على جسده بحيث يلف جسده كله ولا يجعل ليديه مخرجاً
وهذا تفسير أهل اللغة
إذاً عندنا تفسيران لاشتمال الصماء
الأول لجمهور الفقهاء
والثاني لأهل اللغة
والراجح التفسير الأول وممن رجح هذا التفسير ونصره ابن قدامة رحمه الله فإنه قال الفقهاء أعلم بالتأويل من أهل اللغة
وصدق فهم أعلم بمعاني الحديث من أهل اللغة الذين يفسرون تفسيراً لغوياً صرفاً
والدليل
ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اشتمال الصماء
الحكمة من النهي: خشية انكشاف العورة
والحكمة من النهي على تفسير أهل اللغة هي أن من اشتمل الصماء لا يستطيع أن يدفع عن نفسه الضرر في ما لو طرأ عليه طارئ بسبب أنه لا يستطيع أن يخرج يديه
عرفنا الآن معنى اشتمال الصماء والدليل على المنع منها وترجيح أي المعنيين فيها
- مسألة هل يختص النهي عن اشتمال الصماء في الصلاة أو هو ممنوع منه في الصلاة وخارج الصلاة؟
الجواب قال ابن رجب رحمه الله ليس في الحديث تخصيص النهي حال الصلاة
فالصواب أنه ينهى عن هذه اللبسة داخل الصلاة وخارج الصلاة خلافاً لتقييد المؤلف لأنه يقول يكره في الصلاة
• ثم قال رحمه الله
وتغطية وجهه واللثام على فمه وأنفه
يكره للإنسان أن يصلي وهو مغطي لفمه أو لوجهه
الدليل
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يغطي المصلي فاه وإسناد هذا الحديث ضعيف
الدليل الثاني أن لا يتشبه بالمجوس والتشبه بغير المسلمين محرم
الدليل الثالث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المصلي أن يسجد على سبعة أعظم ومنها الأنف فإذا غطاه فلن يسجد عليه
- يستثنى من هذا الحكم
إذا غطى الإنسان أنفه أو فمه لسبب صحيح
كما إذا تثاءب
أو وجد ريح شديدة تضره
أو لأي سبب صحيح
فإذا وجد هذا السبب ارتفعت الكراهة
• ثم قال رحمه الله
وكف كمه ولفه
يكره للمصلي أن يكف الثوب أو أن يلفه
وهذا يتناول
الكم
والطرف الأسفل من الثوب
الدليل على النهي:
قول النبي صلى الله عليه وسلم لا أكف شعراً ولا ثوباً وهذا في الصحيحين
إذاً يكره للإنسان أن يكف ثوبه سواء فيما يتعلق بطرف الثوب الأسفل أو الكم
- مسألة: فإن كف ثوبه أو شعره فإنه فعل مكروهاً والصلاة صحيحة بالإجماع
وهذا النهي بالنسبة للثياب يختص بالثياب التي من شأنها ألا تُكَفْ
أما الثياب التي اعتاد الناس على أن تكف أحيانا وتبقى مسدولة أحياناً فلا تدخل في النهي كالشماغ في المعاصرين فإنه أحياناً يبقى مسدول وأحياناً يكف وهذا مما جرت به العادة
فيجوز للإنسان أن يكف أو أن يسدل ولا يدخل في النهي:
بينما الثياب فمن المعلوم أن الناس جرت عادتهم على إبقائها بلا كف ولا طي بالنسبة للكم أو بالنسبة لأسفل الثياب
• ثم قال رحمه الله
وشد وسطه كزنار
أي يكره للمصلي أن يشد وسطه بما يشبه الزنار وهو ما يشد به أهل الذمة أوساطهم
والزنار رابط مخصوص يربط به الوسط عند أهل الكتاب وله صفة مخصوصة
فمن شد وسطه بهذا الرابط الذي يشبه الزنار فهو
مكروه عند الحنابلة
الدليل
قول النبي صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم وهذا الحديث إسناده جيد
والقول الثاني أن شد الوسط بما يشبه الزنار محرم
لأن التشبه محرم
وقد ذكر شيخ الاسلام رحمه الله أن أقل درجات هذا الحديث أن يدل على التحريم فهذه أقل درجاته
وإذا كان النهي سببه التشبه فلا يختص بالصلاة بل يحرم في الصلاة وخارج الصلاة
إذاً النهي لا يختص بالصلاة لأن سببه التشبه والتشبه لا يجوز لا في الصلاة ولا في خارج الصلاة
وفهم من كلام المؤلف رحمه الله أن الإنسان لو شد وسطه بما لا يشبه الزنار فلا بأس وهذا هو الصحيح
وقد كان لأسماء رضي الله عنها نطاقان تشد بهما وسطها
وثبت عن عدد من الصحابة شد الوسط بما لا يشبه الزنار
•
ثم قال رحمه الله بدأً بالمحرم
وتحرم الخيلاء في ثوبه وغيره
الخيلاء في الثوب وفي غير الثوب كالعمامة ونحوها محرمة
الدليل
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه
…
وجر الثوب خيلاء محرم وهو من الكبائر
مسألة فإن جَرَّ ثوبه لغير خيلاء
فاختلف الفقهاء
منهم من قال يجوز جر الثوب لغير الخيلاء
لأن الحديث جاء فيمن جره خيلاء
والقول الثاني أنه يحرم الإسبال مطلقاً للخيلاء ولغير الخيلاء
واستدلوا بدليلين
الأول قوله صلى الله عليه وسلم ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار وهذا حكم آخر وعقوبة أخرى لمجرد الإسبال
الدليل الثاني أن عمرو بن زرارة رضي الله عنه رآه النبي صلى الله عليه وسلم مسبلاً فنهاه وغضب فقال رضي الله عنه إن في ساقي حموشه فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم وزجره وقال إن الله لا يحب المسبل والحديث حسن
ففي هذا الحديث أن عمرو رضي الله عنه أسبل لا للخيلاء وإنما لتغطية عيب ساقيه ومع ذلك نهاه النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أن النهي لا يختص بالخيلاء وإنما الخيلاء تسبب زيادة الإثم وعظيم العقوبة
الراجح القول الثاني أن الإسبال محرم مطلقاً
ومن الفقهاء من قال كل مسبل فقد اختال أراد أو لم يرد
فهؤلاء يناقشون في أصل المسألة ويقولون لا يثبت أن يوجد رجل يسبل قصداً من غير خيلاء وممن نصر هذا القول ابن العربي المالكي رحمه الله
وعلى كل سواء
قلنا أن كل مسبل فهو مختال
أو قلنا أنه يتصور أن يوجد مسبل لا يختال
فالراجح أن الإسبال محرم مطلقاً ولا يجوز وهو من الكبائر مع الخيلاء وبدون الخيلاء
الأذان
انتهى الدرس
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
• قال المؤلف رحمه الله:
والتصوير واستعماله.
أي: ويحرم التصوير.
والتصوير محرم وهو من الكبائر والاحاديث والنصوص في تحريم التصوير كثيرة جداً منها:
- قوله صلى الله عليه وسلم (إن المصورين يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خقلتم).
- ومنها قوله: صلى الله عليه وسلم: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو صورة).
وستأتي معنا أحاديث أخرى.
ويفهم من عموم قول المؤلف رحمه الله: (والتصوير).
أنه يحرم سواء كان له ظل أو لم يكن له ظل.
وهذا هو الصحيح الذي تدل عليه النصوص:
- كحديث علي رحمه الله الثابت الصحيح أنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا أدع صورة إلا طمستها.
ومعلوم أن الطمس يكون للصور المسطحة لا للصور المجسمة.
فتبين من هذا كله: أن التصوير: =عند الحنابلة: محرم. سواء له كان له ظل أو لم يكن له ظل.
والمقصود بالتصوير المحرم هو: تصوير ذوات الأرواح.
أما تصوير ما ليس له روح مما يوجد في الطبيعة كالأشجار أو مما صنعه الإنسان كالمصنوعات الحديثة ونحوه فهو جائز بلا إشكال.
- مسألة / يذهب حكم التصوير أي: يزول التحريم إذا زال من الصورة الرأس.
فإن زال من الصورة غير الرأس بقي التحريم ولو كان الذي زال تزول معه الحياة.
إذاً الشيء الوحيد الذي إذا زال زال حكم الصورة هو: الرأس.
لدليلين:
- الأول: حديث جبريل أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم (مر برأس التمثال يقطع فيصيركهيئة الشجرة).
- والثاني: حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الصورة الرأس).
وهذا الحديث اختلفوا فيه: رفعاً ووقفاً:
- والأقرب والله أعلم: أنه موقوف ومع ذلك هو قوي لأن القول بأنه ليس مما يقال من قبل الرأي وجيه.
إذاً: الجزء الوحيد الذي يذهب حكم الصورة معه هو الرأس.
• ثم قال المؤلف رحمه الله:
واستعماله.
أي: يحرم استعمال الصور.
وليس مقصود المؤلف رحمه الله: يحرم استعمال التصوير.
لأهذا تكرار لا فائدة منه. لأنه إذا قال: (يحرم التصوير) فلا فائدة في أن يقول: (يحرم استعماله) لأن استعمال التصوير هو التصوير.
وإنما الذي يستعمل هو المُصَوَّر.
فلا يجوز أن يستعمل لا في اللباس ولا في ستر الجدر ولا في أي نوع من أنواع الاستعمال.
الدليل على ذلك:
- ما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وقد سترت سهوة لها بقرام - والقرام هو: الستر الرقيق - فيه تصاوير فهتكه وغضب وتغير وجهه صلى الله عليه وسلم وقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة).
فدل هذا الحديث على أن استعمال الصور لا يجوز.
واستعمال الصور في اللباس: أشد تحريما منه في ستر الجدر بسبب: أن الانسان يصلي عادة في ما يلبس.
- مسألة / هل يزول تحريم الصور استعمال الصور بكونها ممتهنة؟
الجواب: في هذا خلاف بين أهل العلم:
= فذهب الجمهور من السلف والخلف من الصحابة والتابعين والائمة الأربعة - ورجحه عدد من المحققين كالحافظ بن عبد البر: أن الامتهان يرفع التحريم أي: أنه يجوز استعمال الصورة الممتهنة الموضوعة في الأرض.
واستدل الجماهير على هذا الحكنم:
- بأن عائشة رضي الله عنها لما غضب النبي صلى الله عليه وسلم من الستر أخذته فقطعته وسائد واتكأ عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
فدل هذا على: أن ما يتكأ عليه مما يمتهن ويداس يجوز ولو كان فيه تصاوير.
= والقول الثاني: أنه لا يجوز استعمال الصور ولو كانت ممتهنة:
- لعموم النصوص.
- ولما ثبت في صحيح البخاري - أيضاً - أن عائشة رضي الله عنها اتخذت نمارق - يعني: وسائدة فيها تصاوير - فغضب النبي صلى الله عليه وسلم.
والنصوص في هذه المسألة فيها شيء من التعارض.
- - ومن حيث الإحتياط: لا شك أن الابتعاد عن الصور مهما كانت هو الأحوط والأبعد عن الشبهة.
- - ومن حيث الاستدلال والبحث العلمي: ففي الحقيقة أنا مقلد - في هذه المسألة - لجماهير الصحابة والأئمة الأربعة فأرى أن ما قالواه هو الصواب - تقليداً.
والسبب: أنه لم يتبين لي ترجيح بسبب تعارض الأدلة.
فحديث عائشة في البخاري وحديثها الآخر في البخاري.
والحديثان: - أحدهما: يدل على جواز استخدام الوسائد أو ما يتكأ عليه.
- وحديثها الآخر: يدل على التحريم.
وذكر ابن حجر في فتح الباري أوجه كثيرة في الجمع لم أر أن شيئاًمنها صحيح.
ففي الحقيقة يوجد تعارض. ولذلك كما قلت لكم - أنا مقلد فيها للصحابة والأئمة الأربعة.
•
ثم قال رحمه الله:
ويحرم استعمال منسوج أو مموه بذهب قبل استحالته.
يحرم على المسلم أن يستعمل المنسوج والمموه بذهب.
- فالمنسوج هو ما فيه خيوط من ذهب إما في أطرافه أو في الأكمام.
- والمموه هو: المطلي بالذهب.
وإذا كان المنسوج والمموه محرم الإستعمال فالخالص من باب أولى ولذلك لم يذكره المؤلف رحمه الله استغناء بذكر المنسوج والمموه.
فتحصل لنا الآن: أن استعمال الذهب للرجال محرم. ولو كان على سبيل النسج ولو كان مموهاً.
الدليل:
في الباب أحاديث كثيرة تدل على تحريم الذهب للرجال لكن غالب هذه الأحاديث ضعيف ولا يثبت وسنذكر حديثين هما أقوى أحاديث الباب:
- الحديث الأول: حديث علي ابن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الذهب بيمينه والحرير بشماله وقال: (إن هذين محرمان على ذكور أمتي).
هذا الحديث - أيضاً - فيه ضعف لكن حسنه الحافظ ابن المديني رحمه الله وله شواهد يتقوى بها.
- الدليل الثاني: أن صحابياً اتخذ خاتماً من ذهب فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم غضب وأخذه وألقاه وقال: (يعمد أحدكم إلى جمرة من النار فيضعها في يده).
فهذان حديثان يدلان على تحريم الذهب ولو كان يسيراً.
وتحريم الذهب ولو كان يسيراً: = مذهب الجمهور. وهو الاحوط بلا شك.
• ثم قال رحمه الله:
قبل استحالته.
الضمير يعود فقط على المموه.
والاستحالة هي: تغير اللون بحيث لا يتحصل منه شيء إذا عرض على النار.
وتعليل هذا الحكم: وهو جواز المموه استعمالاً إذا استحال.
- القاعدة التي تقدمت معنا مراراً وهي: ((أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً)).
فلما استحال الذهب الذي مُوِّهَ به الثوب أو الاناء زال الحكم مع زوال الذهب لأنه علة التحريم.
•
ثم قال رحمه الله:
وثياب حرير.
ثياب الحرير: محرمة.
والدليل على تحريمها:
- ما ثبت في صحيح البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثياب الحرير وقال: (من لبسها في الدنيا لم يلبسها في الآخرة).
ولذلك فحديث تحريم الحرير ثابت في الصحيحين لا إشكال فيه بخلاف تحريم الذهب فكما سمعتم أحاديث فيها ضعف.
ثم بدأ المؤلف رحمه الله: التفصيل في مسألة ثياب الحرير وسيذكر تفصيلاًَ كثيراً لأن الحاجة كانت كثيرة إلى ثياب الحرير بخلاف وقتنا هذا فإنه في وقتنا هذا المنسوجات صارت تضاهي رقة وجودة الحرير بينما في السابق لا يجد الإنسان ثوباً جيداً ليناً إلا في الغالب أن يكون من الحرير.
ولذلك تجد أن الفقهاء فصلوا تفصيلاً دقيقاً في حكم لبس ثياب الحرير.
ويقصد رحمه الله هنا في قوله: (وثياب حرير): أي الحرير الخالص.
• ثم قال رحمه الله:
وما هو أكثره ظهوراً على الذكور.
يحرم الثوب الذي خيط من حرير ومن غيره إذا كان الحرير هو الأكثر ظهوراً ولو كان الأقل وزناً.
الدليل:
- ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى علي بن أبي طالب رضي الله عنه حلة سيراء فلبسها فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعطيها نسائه.
والحلة السيراء هي: نوع من البُرُد مخطط بالحرير.
فدل الحديث على أن الحرير إذا وجد في الثوب وكان له الظهور الأكثر فيعتبر الثوب كله محرم لهذا الحديث.
فإن الخطوط التي في الحلة السيراء - هذه البرد - فيها خطوط.
سبب التحريم: كونها ظاهرة.
وعلى هذا حمل كثير من الفقهاء هذا الحديث وهو الحمل الصحيح: أن التحريم بسبب: أن الخطوط كان لها الظهور - كانت هي: الظاهرة للعيان والمشاهدة.
إذاً عرفنا:
- أن الحرير الخالص محرم.
- وأن الثوب إذا كان فيه حرير وفيه غير الحرير والظهور للحرير أنه أيضاً محرم.
تأتينا الصورة الثالثة: المتبادرة إلى الذهن:
• قال رحمه الله:
لا إذا استويا.
إذا لبس الإنسان حلة استوى فيها الحرير وغيره:
= فعند الحنابلة تجوز. لقوله: (لا إذا استويا) يعني: فلا يحرم.
واستدلوا على ذلك بأمرين:
- الأول: الأصل في اللباس الحل.
- والثاني: حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: إنما حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الحرير المصمت ولم ينه عن العلم ولا عن سدى الثوب.
فهذا الحديث نصٌ في جواز لبس الثوب إذا كان مخيطاً من حرير وغيره ولم يكن الظهور للحرير.
= والقول الثاني: أنهما إذا استويا: يحرم الثوب. وهذا القول اختاره من محققي الحنابلة ابن عقيل وشيخ الإسلام ابن تيمية وأيضاً نصره الشوكاني - من المتأخرين.
واستدلوا - أيضاً - بدليلين:
- الأول: العمومات فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير نهياً عاماً.
- الثاني: حديث مهم في باب أحكام الحرير وهو: حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أخرجه مسلم في صحيحه أنه رضي الله عنه قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاثة أو أربعة).
وهذا الحديث بين مسلم والدارقطني خلاف في تصحيحه وإعلاله - لا نريد أن ندخل في هذا الخلاف لكن الأقرب والله أعلم أن الصواب مع مسلم.
فهذا الحديث ثابت.
ثم لو فرضنا أن الحديث موقوف على عمر فلا شك أنه - فيما أرى - مما لا يقال: من قبل الرأي لاسيما وفيه هذا التحديد الدقيق بأربع أصابع.
فإذاً الحديث من حيث الثبوت لا إشكال في الاستدلال به.
إذاً تلخص معنا: أن القول الثاني: إذا استويا يحرم وأن اختيار ابن عقيل وشيخ الإسلام بن تيمية وأن لهم دليلين أخذناهما. وهذا القول هو الصواب.
وسيتم المؤلف رحمه الله الكلام على ما يستثنى من ما يحرم من الحرير.
•
فيقول رحمه الله:
أو لضرورة.
يجوز أن يلبس الإنسان الحرير للضروة.
- لأن أهل العلم: اتفقوا على أن: (الضرورات تبيح المحرمات).
وهي قاعدة متفق عليها - في الجملة متفق عليها.
- وقياساً على الحكة التي ستأتينا الآن والمرض فلكل منهمل دليل.
إذاً ما هو الدليل على جواز لبس الحرير للضرورة؟
أمران: - الأول: القاعدة: (الضرورات تبيح المحرمات). - والثاني: القياس على الحكة والمرض.
• ثم قال رحمه الله:
أو حكة.
- ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتكى إليه عبد الرحمن بن عوف والزبير رضي الله عنهما حكة يجدانها فرخص لهما النبي صلى الله عليه وسلم بالحرير.
فهذا دليل - نص على الحكة وأنها من أسباب جواز لبس الحرير.
والفقهاء يرون: أنه يجوز أن نلبس الحرير للحكة ولو وجد بديل. - فيرخصون في هذا الأمر:
- لعموم الحديث لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل منهما.
• ثم قال رحمه الله:
أو مرض.
يعني: أنه يجوزأن يلبس الإنسان الحرير لمرض.
ولكن يشترط في المرض أن يكون من الأمراض التي ينفع معها الحرير فإن لم يكن مجدياً فحرك لبس الحرير.
الدليل:
- أنه ثبت في حديث آخر أن عبدالرحمن بن عوف والزبير رضي الله عنهما أيضاً أصيبا بالقمل فاشتكوا إلى صلى الله عليه وسلم فرخص لهما في لبس الحرير.
إذاً: يقول رحمه الله: لضرورة أو حكة أو مرض.
أخذنا الآن الأدلة على استثناء تحريم لبس الحرير وجوازه في حال الضرورة والحكة والمرض.
•
ثم قال رحمه الله:
أو حرب.
= يجوز عند الحنابلة: أن يلبس الإنسان الحرير في الحرب.
وهذا القول هو رواية عن الإمام أحمد واختارها شيخ الاسلام لكن في كتابة شرح العمدة.
((ومما ينبغي أن يعمله طالب العلم أن شرح العمدة شرح متقدم لشيخ الإسلام رحمه الله قبل أن يستكمل وينضج علمياً بالشكل الذي هو عليه أخيراً في سائر حياته العلمية رحمه الله)).
ففي الحقيقة وإن كان لاختياراته رحمه الله في العمدة وزن وقدر لكن ليست كاختياراته بعد أن تمكن من العلوم الشرعية رحمه الله.
على كل حال اختار شيخ الإسلام في شرح العمدة جواز لبس الحرير في الحرب.
ومقصود الحنابلة: ولو بلا حاجة. هكذا بدون أي حاجة.
الدليل: استدلوا بأمرين:
- الأمر الأول: أن عروة بن الزبير رضي الله عنه كان يتخذ ثوباً من خز يلبسه في الحرب.
- والأمر الثاني: أن الحرير إنما حرم لما فيه من الخيلاء والتكبر والخيلاء في الحرب تجوز: بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي دجانة لما رآه يمشي بين الصفوف: (إنها لمشية يبغضها الله ورسوله إلا في هذا الموضع) وهذا الحديث ضعيف.
فدل الحديث على: جواز الخيلاء في الحرب: لما فيه من إضعاف نفسيات الاعداء.
= القول الثاني: وهو الرواية الثانية عن الإمام أحمد أن لبس الحرير لا يجوز ولا في الحرب.
ودليل هؤلاء: واضح وهو:
- العمومات.
- وأنه لم يأت دليل صحيح يستثني حال الحرب.
والأقرب - والله أعلم - القول الثاني: لأنا لا نستطيع أن نستثني بلا دليل صحيح.
- مسألة / لبس الحرير في الحرب لحاجة يجوز بلا نزاع بين الفقهاء.
إذاً الخلاف السابق إذا كان اللبس بلا حاجة.
•
ثم قال رحمه الله:
أو حشو.
مراد المؤلف في هذه العبارة: أنه يجوز استعمال الثوب المحشي بحرير أو السجاد المحشي بحرير بحيث لا يكون الحرير ظاهراً:
- لا من الأعلى ولا من الأسفل بالنسبة للسجاد.
- ولا في البطانة ولا الظاهر بالنسبة للثوب.
الدليل: استدلوا بعدة أدلة:
- الدليل الأول: أن هذا لا يعتبر لبساً ولا استعمالاً للحرير: لأنه في الحقيقة هو يَلْبَس ويَسْتَعْمِل الجزء الخارجي: فلإن الحرير في الداخل لا يُسْتَعْمَل ولا يوطأ. يعني: لا يستعمل في الفراش ولا يستعمل في اللباس.
- الثاني: أنه ليس في هذا خيلاء لكون الحرير مخفياً.
- الثالث: - وهو أقوى الأدلة -: أنه ثبت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لبسوا الخز.
والخز هو: الثوب الذي يكون سُدَاهُ من حرير ولُحْمَتُهُ من غير الحرير.
والسُّدَى هو: الداخل.
واللُّحْمَة: الذي يخاط فوق والسُّدَى.
فإذا: أيهما الذي يغطي الآخر اللُّحْمَة أو السُّدَى؟
اللُّحْمَة تغطي السُّدَى.
فأيهما المخفي: الحرير أو القماش الآخر؟
الحرير.
قالوا: لما كان الصحابة رضي الله عنهم يستعملون الخز لكونه مخفياً دل ذلك على جواز الحشو. حشو الحرير.
هذه ثلاثة أدلة وهذا الحكم صحيح: أنه يجوز استعمال الحرير المحشي.
= والقول الاخر: أنه لا يجوز الجلوس ولا لبس ما سُدِّيَ بالحرير.
- لأنه استعمال في الجملة.
لكن مع أثر الصحابة - في الحقيقة وهي آثار متعددة صحيحة ثابتة في مسألة لبس الخز وهذا يدل على جواز ما سُدِّيَ بالحرير سواء كان مما يجلس عليه أو مما يلبس.
•
ثم قال رحمه الله:
أو كان علماً أربع أصابع فما دون.
أي: يجوز أن يلبس الإنسان الثوب الذي فيه علم من الحرير بقدر أربع أصابع فما دون.
والدليل: ظاهر وهو:
- حديث عمر السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في موضع أصبعين أو ثلاثة أو أربعة.
المقصود بالأصابع هنا: من حيث العرض لا من حيث الطول.
فيجب أن لا يتجاوز هذا الموضع عرضه: أربع أصابع.
سواء كان في موضع واحد أو في مواضع.
والدليل هو ما سمعتم.
- والدليل الثاني: - مع حديث عمر رضي الله عنه أن الآثار والنصوص دلت على جواز الحرير إذا لم يكن له الظهور.
ومن المعلوم أن الحرير إذا كان يشكل أربع أصابع فقط فإن الظهور لغيره في الثوب.
• ثم قال رحمه الله:
أو رقاعاً.
يعني: ويجوز أن يرقع الإنسان ثوبه بالحرير إذا تمزق. بشرط أن لا يكون: أكثر من أربع أصابع.
والدليل على جواز الرقاع:
- هو: حديث عمر رضي الله عنه.
فيقاس على جواز الأربع أصابع.
بل هو نص في الرقاع: - لأن الشارع أجاز أن يوجد في الثوب أربع أصابع من الحرير سواء كان على سبيل الخياطة أو على سبيل الرقاع.
• ثم قال رحمه الله:
أو لبنة جيب وسُجُفِ فراء.
- لبنة الجيب:
أولاً: - الجيب هو: مخرج الرأس من الثوب.
ثانياً: - اللبنة هي: الزيق المحيط بالعنق. وهو معروف الآن يلبس في جميع الثياب والذي نسميه بالعامية: ......... ((لم يتضح من التسجيل)).
يشترط في لبنة الجيب أيضاً: أن لا تتجاوز أربع أصابع.
ودليل الجواز - أيضاً -:
- قياساً على حديث عمر رضي الله عنه.
- أو نقول - أيضاً -: أن حديث عمر نص على جوازها.
- وسُجُفِ فراء:
- الفراء هي: اللباس المعروف الذي يتخذ لدفع البرد.
- والسجف من الفراء هي: أطرافه الأمامية أو حواشيه.
فيجوز أن نضع فيها الحرير: أيضا إذا كان بمقدار أربع أصابع.
والدليل:
- ما تقدم معنا وهو أمر واضح.
…
(حديث عمر).
انتهى البحث في الحرير وانتقل المؤلف إلى أنواع أخرى من اللباس:
• فقال: رحمه الله:
ويكره المعصفر والمزعفر للرجال.
نبدأ: - بالمعصفر.
المعصفر هو: الثوب المصبوغ بالعصفر. وهو: لون أحمر - معروف -.
فحكمه:
= عند الحنابلة مكروه.
فيكره للإنسانأن يلبس ثوباً صبغ بالعصفر.
الدليل:
قالوا الدليل على هذا:
- حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ثوبين معصفرين فقال: (إنها من لبس الكفار) وفي رواية قال - عبد الله -: أغسلهما؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (بل أحرقهما).
فدل هذا على أنه ينهى عن لبس المعصفر.
= والقول الثاني: أنه محرم.
واستدلوا:
- بحديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه السابق. وقالوا: أن مدلول الحديث يفهم منه التحريم لا الكراهة.
= والقول الثالث: أنه يجوز بلا كراهة. - ففي هذه المسألة تباينت أقوال الفقهاء -.
قالوا: يجوز بلا كراهة. وهذا مذهب جمهور السلف والخلف من الصحابة والتابعين واختاره - أيضاً - ابن قدامة.
واستدلوا:
- بما ثبت في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالعصفر. - هذا الحديث في البخاري وفي رواية في سنن أبي داود - يصبغ ثيابه كلها.
صارت الأقوال: ثلاثة. ومتباينة جداً والخلاف في هذه المسألة بين الفقهاء شديد.
والأقرب - والله أعلم - المذهب الكراهة. وهو وسط.
سبب الترجيح: - أن في هذا القول جمعاً بين النصوص والجمع.
والجمع مهما أمكن يجب المصير إليه.
والقائلون بالتحريم هم في الحقيقة في الغالب من المعاصرين أو ممن قبلهم بقليل وهو: الشيخ الشوكاني.
أما الجماهير - جماهير الأئمة الأربعة وغيرهم: يسرون أنه جائز بلا كراهة.
إذاً: فيه ثلاثة أقوال. والأقرب الكراهة.
- والمزعفر:
أيضاً: يكره للإنسان = عند الحنابلة أن يلبس ثوباً مزعفراً.
والدليل:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثوب المزعفر.
- والمزعفر هو: الثوب المصبوغ بالزعفران. - النبتة المعروفة -. والزعفران لونه قريب من المعصفر.
لكن مما يحسن التنبيه إليه: أن بعضهم ساق الخلاف في المعصفر والمزعفر مساقاً واحداً وهذا ليس بصحيح فمن حيث الأقوال هناك فرق كبير بين أقوال الفقهاء في المعصفر وبين أقوالهم في المزعفر.
= القول الثاني: أنه يحرم.
- للنهي.
= القول الثالث: الجواز بلا كراهة. - كالأقوال في المعصفر -.
الأدلة: أدلة الذين قالوا أنه جائز بلا كراهة - وممن اختار هذا القول من المحققين الشيخ المجد جد شيخ الاسلام. هي:
- الدليل الأول:
- قالوا: ثبت في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرم أن يلبس المزعفر.
فدل مفهوم الحديث أن غير المحرم لا يحرم عليه أن يلبس المزعفر.
- الدليل الثاني: أن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وقد مس زعفراناً فسأله النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه حديث عهد بعرس.
ولم ينهه النبي صلى الله عليه وسلم عن الزعفران.
إذاً: الذين يرون الجواز بلا كراهة استدلوا بدليلين وهما حديثان صحيحان.
والأقرب: - كذلك -: الكراهة.
ولنفس الحكم وهو: جمعاً بين النصوص.
بهذا انتهى الكلام عن المعصفر والمزعفر والبحث فيهما خاص بالرجال.
ثم انتقل المؤلف رحمه الله إلى الشرط الرابع من شروط الصلاة:
• فقال رحمه الله:
ومنها: اجتناب النجاسات.
أي: أنه من شروط صحة الصلاة أن يجتنب المصلي النجاسة:
- في بدنه.
- وفي ثوبه.
- وفي بقعته.
فإن لم يفعل عمداً مع العلم والاستطاعة: بطلت صلاته.
الدليل:
- الدليل على البدن:
- قول النبي صلى الله عليه وسلم (استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه). هذا للبدن.
- وأما الثياب فدليله:
- قوله سبحانه وتعالى: {وثيابك فطهر} [المدثر/4] على احد التفسيرين.
(((الأذان))).
انتهى الدرس
قال شيخنا حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
حيث طلب عدد من إخواننا الكلام عن مسألة التصوير الفوتوغرافي فسأذكر حولها خلافاً مختصراً
فأقول
أولاً التصوير الفوتوغرافي تعريفه
هو حبس ونقل الصورة الواقعية بعد تسليط الضوء عليها
ومن هنا سمي التصوير الشمسي
اختلف فيه الفقهاء على قولين في الجملة مشهورين
القول الأول أن التصوير الفوتوغرافي محرم وأنه داخل تحت نصوص الوعيد
ولا يخفى عليكم أن الخلاف والأدلة والمسألة برمتها مسألة حادثة لم يتطرق إليها الفقهاء المتقدمون لأن التصوير حادث معاصر
إذاً القول الأول التحريم وأنه داخل تحت نصوص الوعيد
وذهب إلى هذا القول
سماحة الشيخ المفتي محمد ابن إبراهيم رحمه الله مفتي الديار
وأيضاً سماحة الشيخ المفتي عبد العزيز بن باز أيضاً مفتي الديار
وهو قول عامة علمائنا المعاصرين
واستدلوا بأدلة كثيرة من أقواها
الدليل الأول أن الصورة الفوتوغرافية صورة شرعاً ولغةً وعرفاً وبهذا تتناولها نصوص والوعيد في داخلة تحت النصوص
- أما أنها صورة لغة فلأن الصورة في اللغة هي: الشكل ولا شك أن الصورة الفوتوغرافية تتخذ شكلاً معيناً
هذا في اللغة
- وأما أنها صورة شرعاً فلأنها إذا دخلت تحت تعريف الصورة اللغوية دخلت في مسمى الصور المذكور في النصوص والشارع نهى عن مسمى الصورة بلا تفريق
- وأما أنها صورة عرفاً فهذا معلوم عند الناس أنهم يسمون الصور الفوتوغرافية صورة
الدليل الثاني أن الشارع الحكيم حرم التصوير لعدة علل من أهمها ـ خشية تعظيم المُصَوَّر ووقوع الفتنة فيه وهذا المعنى متحقق في الصورة الفوتوغرافية
الدليل الثالث أن غاية التصوير الفوتوغرافي أن يكون من المشتبهات والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه يعني ومن لم يفعل فلا أي لم يكن مُسْتَبْرِأً لدينه وعرضه
الدليل الرابع أن المضاهاة في الصورة الفوتوغرافية أعظم منه في الصورة المرسومة باليد لشدة التطابق
وستأتي مناقشة هذه الأدلة ضمن أدلة الفريق الثاني
بالنسبة للقول الأول أن التصوير محرم وأن هذا مذهب من سمينا من أهل العلم لكن هم قيدوه بأن لا تكون حاجة أو ضرورة وهذا معلوم
فإن كانت حاجة أو ضرورة كالأوراق الرسمية أو الشهادات أو الجوازات فإنني لا أعلم من منع من ذلك كأنه محل إجماع تجويز الصورة لهذه الأغراض للحاجة الواضحة لها فأحببنا أن نقيد القول الأول بهذا
القول الثاني: أن التصوير الفوتوغرافي لا يدخل في نصوص الوعيد ولا يسمى صورة شرعاً فهو جائز إلا إذا أدى إلى محظور ومنكر
كما إذى أدى
إلى شدة الافتتان وخشية التعظيم
أو أدى إلى نشر الفساد الأخلاقي
أو أدى إلى أي مفسدة معلومة يقدرها أهل العلم
وذهب إلى هذا القول
شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
وأيضاً ذهب إليه
مفتي الديار المصرية الشيخ محمد نجيب مطيعي رحمه الله
وذهب إليه عدد كبير من أهل العلم من المعاصرين
واستدلوا بأدلة منها استدلوا بأدلة كثيرة ونذكر أقوى هذه الأدلة
الدليل الأول أن الصورة الفوتوغرافية لا تدخل في مسمى الصورة الشرعية
والسبب أن التصوير في اللغة هو التشكيل والتخطيط وإظهار براعة الراسم وهذا لا يوجد في الصورة الفوتوغرافية
لأن غاية الصورة الفوتوغرافية نقل الصورة المخلوقة لله فلذلك فليس فيها أي معنى من معاني المضاهاة وهي تخلو تماماً من التخطيط والتكشيل المباشر
وأما عمل المصور من تجهيز الكاميرة والفيلم تحديد المصور
…
إلخ فليس هذا من التشكيل ولا من التخطيط في شيء
الدليل الثاني قالوا أن الصورة في المرآة وعلى سطح الماء جائزة بالإجماع فكذلك الصورة الفوتوغرافية للتساوي والتطابق بينهما
الدليل الثالث والأخير عدم وجود أي معنى من معاني المضاهاة لأن الصورة الفوتوغرافية هي نفس الخلق الأول
هذه أبرز الأدلة ولهم أدلة كثيرة لكن في الحقيقة لا تعتبر بقوة هذه الأدلة
باقي الترجيح
قبل الترجيح في الحقيقة المسألة المهمة وهي:
هل تدخل الصورة في مسمى التصوير لغة؟ وهل فيها مضاهاة؟
في هذه المسألة الذي يظهر لي أنه لا يوجد مضاهاة ولا يوجد تصوير وأن ما ذكره شيخنا رحمه الله في هذا الباب في هذه الجزئية صحيح
لكن باقي مسألة الترجيح بالنظر إلى عموم الأدلة
الذي يظهر قوة القول الأول وأن أدلتهم أرجح من أدلة القول الثاني
سبب الترجيح
الذي يجعلني أرجح القول الأول هو مسألة أن من علل تحريم الصور خشية تعظيم المُصَوذَّر والمبالغة في ذلك الأمر وهذا موجود
فإذا ثبت أن هذه من علل التصوير وقد ثبت ذكره الفقهاء وهو صحيح فإن هذه العلة موجودة في التصوير
يبقى البحث الآن هل التصوير ممنوع لمجموع العلل أو هو ممنوع ولو وجدت إحدى العلل؟
العلل هي:
المضاهاة
والتعظيم
وعدة علل اخرى ذكروها لكن هاتان العلتان هما أبرز العلل
هل يجب لنمنع من الصورة وجود جميع العلل أو يكتفى بوجود علة واحدة؟
الأقرب والله أعلم كما قلت أنه بوجود علة واحدة يحصل المنع من الصور لأن الشارع الحكيم نهى لكي لا يقع هذا المحذور
ولذلك أقول
أن الراجح أن الصورة الغوتغرافية لا تجوز
وأنه بناء على هذا البحث داخلة تحت نصوص الوعيد
وأنها إذا وجدت في منزل فإن الملائكة لا تدخل هذا المنزل
وأن المصور بالكاميرا يعذب يوم القيامة ويقال له أحيي ما خلقت
وأنه بالجملة داخل تحت نصوص الوعيد على مقتضى الأدلة
ولا يخفاكم أن المسألة مشكلة وأن أدلتها متعارضة وقوية ومتقابلة
لكن كما سمعتم
بقينا في تصوير الفيديو
التصوير بالفيديو البحث فيه قريب من البحث في التصوير الفوتوغرافي
لكن الذي يظهر والله أعلم من حيث الأدلة أن التصوير بالفيديو جائز ولا يستوي هو والتصوير الفوتوغرافي
لعدة أمور
أولاً قياس الصورة الفوتغرافية على الصورة في المرآة قياس غير صحيح
لأن الصورة الفوتغرافية تبقى والصورة في المرآة تذهب
لكن قياس الصورة الموجودة في شريط الفيديو على المرآة قياس صحيح فيما أرى لأن علة جواز الصورة المرآة عند الفقهاء جميعاً هي ذهاب هذه الصورة ومن المعلوم أن صورة الفيديو لا يمكن أن تبقى لا بد أن تذهب فلا يمكن أن تبقى بمفردها تعرض ثم تذهب
فإن قيل هي وإن ذهبت عن الشاشة إلا أنها موجودة في شريط الفيديو وإن كانت صغير؟
فالجواب أن الصورة الموجودة على شريط الفيديو غير معتبرة شرعاً لأنها صغيرة وغير مرئية أصلا والصورة التي بهذه المثابة عند جميع العلماء لا حكم لها لأنها غير موجودة أصلاً حتى نحكم عليها بالجواز أو بالتحريم
ثالثاً شدة مطابقة الصورة في الفيديو للواقع أكبر بكثير منها في الصورة الفوتغرافية فهي في الحقيقة تمثل الواقع تماماً
وهذه العلل أو هذه الأشياء التي يفرق فيها بين الصورة في الفوتغرافية والصورة في الفيديو مقطع الفيديو كفيلة بالتفريق بينهما في الحكم
ودرج على هذا أي على التفريق بينهما وتخفيف الكلام في الفيديو عنه في الفوتغرافية عدد كبير من الفقهاء المعاصرين
فإذاً الخلاصة
أن الصورة الفوتغرافية تحرم
وأن الصورة في الفيديو الأمر فيها أسهل وقد لا تصل إلى التحريم بناء على ما ذكرت من علل ومسوغات
ومع هذا كله واجب طالب العلم بعد ذلك كله
أن يحذر الناس من هذه الفتنة فإن الصور الآن انتشرت فلا تكاد تخلو منها بضاعة ولا متاع من أمتعة الناس فلا شك أن واجب طالب العلم التحذير
وحث الناس على الإبتعاد عن الصور
وعدم استعمالها إلا للحاجة
وأن الصورة الفوتغرافية للتذكار أو لإثبات أشياء معينة غير ضرورية أو ليست من الحاجيات أنها محرمة
ولا شك أن قيام طالب العلم بدوره في هذا الباب واجب متحتم عليه لأن الصورة لها متعلق بالفقه ولها متعلق بالعقيدة
ثم نرجع إلى مسائل الكتاب
• قال رحمه الله مبيناً شروط الصلاة
ومنها اجتناب النجاسات
تقدم معنا
أن اجتناب النجاسات شرط لصحة الصلاة عند الأئمة الأربعة
وأن الصلاة بدونه عمداً مع العلم مبطل للصلاة
وتقدم معنا أيضا
ان اجتناب النجاسة يتعلق بثلاثة أمور
الأول البدن
والثاني البقعة
والثالث الثوب
فأهم هذه الثلاثة البدن
ودليله
قوله صلى الله عليه وسلم استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه
ودليل البقعة
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يصب على بول الأعرابي ذنوباً من ماء
ودليل الثياب
قول سبحانه وتعالى {وثيابك فطهر} المدثر على أحد التفسيرين
ويمكن أن يستدل على وجوب تطهير الثياب
بأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه كان يصلي فخلع نعليه أثناء الصلاة فخلع الصحابة نعالهم ثم لما سلم قال مالكم خلعتم نعالكم قالوا رأيناك فعلت ففعلنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد أتاني جبريل وأخبرني أن بهما أذى والنعال من جملة الملبوس
فإذاً ثبت بهذا أن تجنب النجاسة واجب في هذه الثلاثة أمور
•
ثم قال رحمه الله مفرعاً على هذا الشرط
فمن حمل نجاسة لا يعفى عنها أو لاقاها بثوبه أو بدنه لم تصح صلاته
من حمل نجاسة فإن صلاته باطلة إذا كان عالماً عامداً ولو لم تكن هذه النجاسة مماسه لجسده أو لثوبه فمجرد حمل النجاسة يؤدي إلى الإخلال بهذا الشرط
الدليل
أن حامل النجاسة لا يسمى مجتنباً لها وإذا لم يجتنب النجاسة فقد أخل بهذا الشرط
بناء على هذا
ـ لا يجوز حمل قارورة فيها نجاسة فلو حمل قارورة فيها نجاسة لغير حاجة أو مرض فأن صلاته باطلة
ـ وأيضا لا يجوز حمل الطفل إذا كان فيه نجاسة فما يسمى الآن بالحفاظة إذا كان فيها نجاسة خارجة من الطفل فإنه لا يجوز للإنسان أثناء الصلاة أن يحمل الطفل وهو بهذه المثابة لأنه في الحقيقة حامل للنجاسة
وذهب الإمام الشافعي إلى أنمن حمل النجاسة لا تبطل صلاته
وهو مذهب ضعيف والصواب مع مذهب الحنابلة
• ثم قال رحمه الله
لا يعفى عنها
فإن حمل نجاسة يعفى عنها فإن صلاته صحيحة
تقدم معنا في آخر كتاب الطهارة ذكر الأشياء التي يعفى عن نجاستها
وذكر الحنابلة شيئين فقط
الأول المتبقي من الاستجمار
والثاني ويسير الدم من حيوان طاهر
وقد تقدم معنا أن القول الصواب أن كل النجاسات يعفى عن يسيرها
إذاً القاعدة أن من حمل نجاسة يعفى عن يسيرها حسب الإختلاف في هذا الأمر فإنه يعفى عن ذلك وتصبح صلاته صحيحة
• ثم قال رحمه الله
أو لاقاها بثوبه أو بدنه
إذا لاقى النجاسة بثوبه أو ببدنه فإن صلاته لا تصح
والدليل على هذا
النصوص السابقة جميعاً الدالة على صحة هذا الشرط
وعدم صحة صلاة من لاقى النجاسة ببدنه أو بثوبه اتفق عليه الأئمة الأربعة رحمهم الله
لأنه لم يجتنب النجاسة واجتنابها شرط لصحة الصلاة
• ثم قال رحمه الله
وإن طين أرضاً نجسةً أو فرشها طاهراً كره وصحت
إذا أراد الإنسان أن يصلي فيأرض فوجدها نجسة فيها نجاسة فإن
طين هذه الأرض يعني وضع عليها طيناً طاهراً
أو فرشها بفراش طاهر يغطي هذه النجاسة
فإن الصلاة على هذه الأرض عند الحنابلة صحيحة لكن تكره
ويشترط في هذا المفروش أن يكون صفيقاً يحول بين المصلي والنجاسة
دليل صحة الصلاة
أن هذا المصلي لم تصب النجاسة لا بدنه ولا أرض الصلاة ولا ثوبه فتحقق فيه الشرط
دليل الكراهة
أنه اعتمد على النجاسة أي أنه يعتمد عليها عند القيام والقعود وغيره من أعمال الصلاة
والصواب أن الصلاة صحيحة بلا كراهة لما تقدم معنا أن الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل وليس في هذه المسألة دليل على الكراهة
إذاً الخلاصة أن الصلاة تصح بلا كراهة ما دام الإنسان قد غطى النجاسة
• ثم قال رحمه الله
وإن كانت بطرف مصلى متصل صحت إن لم ينجر بمشيه
إذا صلى الإنسان على شيء على بساط أو على أرض وفي طرف هذا البساط أو هذه الأرض نجاسة فان صلاته صحيحة ولو تحركت النجاسة بتحرك المصلي
فلو فرضنا أنه إذا ركع أو سجد تحركت النجاسة بسبب تحرك الأرض أو ما هو عليه يصلي فإنه مع ذلك تبقى الصلاة صحيحة
إلا إذا كانت هذه النجاسة تنجر بمشيه فلو فرضنا أن بينه وبين ما عليه النجاسة ارتباطاً بحبل أو بغيره بحيث لو فرضان أنه مشى لانجرت معه النجاسة فحينئذ تكون الصلاة غير صحيحة
التعليل لهذا الحكم الأخير
قالوا أنه في هذه الصورة مستتبع للنجاسة فأشبه الحامل لها
مستتبع أي النجاسة تتبعه فلو فرضنا أنه مشى لتبعته هذه النجاسة
فهم من كلام المؤلف أنه إذا ارتبط بمكان للنجاسة لا يمكن أن تتبعه إذا مشى فإن الصلاة تكون صحيحة
والقول الثاني وهو وجه للشافعية وليس مذهباً لهم أن الصلاة صحيحة مطلقاً بغير شرط
التعليل أن هذا المصلي تحقق فيه الشرط في بدنه وثوبه وبقعته فلا دليل على إبطال صلاته ولو انجر هذا الشيء بمشيته فإن هذا لا يؤثر في الحكم
وهذا هو الصحيح إن شاء الله لأنه لا دليل على اشتراط هذا الشرط ولا على إبطال صلاة هذا المصلي
• ثم قال رحمه الله
ومن رأى عليه نجاسة بعد صلاته وجهل كونها فيه لم يعد
أي إذا اكتشف الإنسان بعد الانتهاء من الصلاة أن عليه نجاسة سواء في بدنه أو في ثوبه أو في بقعته ولكن جهل هل هذه النجاسة كانت موجودة في أثناء الصلاة أو لم توجد إلا بعد الصلاة؟
فإنه إذا كان هذا حاله فصلاته صحيحة
لأنه لا يمكن أن نبطل الصلاة الثابتة بشك عارض لم يثبت
وهذا صحيح ولا إشكال فيه
• ثم قال رحمه الله
وإن من علم أنها كانت فيها لكن نسيها أو جهلها أعاد
إذا انتهى من الصلاة ثم وجد في ثوبه نجاسة وعلم أن هذه النجاسة كانت موجودة أثناء الصلاة فيجب عليه
عند الحنابلة أن يعيد الصلاة
الدليل
قالوا أن شرط اجتناب النجاسة شرط صحة يقاس على شرط طهارة الحدث وهو لا يسقط بالجهل والنسيان
أو بعبارة أخصر أن طهارة النجاسة كطهارة الحدث لا تسقط بالجهل والنسيان
والقول الثاني أن صلاته صحيحة ولا يعيد اختار هذا القول الشيخ الموفق بن قدامة والشيخ المجد بن تيمية
واستدلوا
بحديث اأبي سعيد الخدري السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعليه في الصلاة لأن جبريل أخبره أن فيهما أذى ولم يستأنف
وهذا هو وجه الاستدلال
إذاً لما لم يستأنف النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة علمنا أن وجود النجاسة أثناء الصلاة مع الجهل بها لا يؤدي إلى إبطال الصلاة
والراجح القول الثاني
- المسألة الثانية
إذا علم الانسان بالنجاسة ثم نسيها اخلتفوا في هذه المسألة
منهم من قال يفرق بين الجهل والنسيان ففي النسيان عليه أن يعيد
لأن في النسيان تفريطاً وليس في الجهل تفريط
والقول الثاني أنه لا يجب عليه أن يعيد الصلاة
لأن الله سبحانه وتعالى سَوَّى في العذر بين الجهل والنسيان فقال {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} البقرة
فجعل العذر بالجهل كالعذر بالنسيان
وهذا القول في مسألة النسيان هو الصواب
لكنك علمت من سياق الخلاف أنه ينبغي على الإنسان
أن يحتاط في مسألة النسيان أكثر منه في مسألة الجهل وإن كان الاحتياط في المسألتين واجب لكن القائلين بإبطال صلاة الناسي أكثر من القائلين بإبطال صلاة الجاهل
أي من العلماء من لا يبطل صلاة الجاهل ولكنه يبطل صلاة الناسي
فإذا تذكر الإنسان نجاسة على ثوبه فينبغي أن يبادر ينبغي ولا يجب أن يبادر بغسلها قبل الصلاة وإنما الوجوب يكون عند إرادة الصلاة
• ثم قال رحمه الله
ومن جُبِرَ عظمه بنجس لم يجب قلعه مع الضرر
معنى هذه المسألة
إذا جَبَرَ المكسور عظمه بعظم نجس كأن يجبره بعظم حيوان نجس فإنه لا يجب عليه ان يقلع هذا العظم النجس إذا ترتب على القلع ضرر ويصلي بهذا العظم وصلاته صحيحة
التعليل
قالوا أن وجوب المحافظة على النفس وأطرافها مقدم على شروط الصلاة
- فإذا كان قلعه لا يسبب ضرراً وجب عليه أن يقلعه وأن يبعده عن جسده فإن صلى بلا ذلك فصلاته باطلة
لأنه صلى مع النجاسة مع استطاعته اجتناب النجاسة بلا ضرر
إذاً الآن تصورنا المسألة كاملة فيما إذا جَبَّرَ عظمه بعظم نجس وصور هذه المسألة عند الحنابلة وتعليل هذا التفصيل عند الحنابلة
وهذا الكلام هو الراجح وهو الصحيح فإن ما ذكروه في هذه المسألة هو الصحيح وما استدلوا به صحيح
• ثم قال رحمه الله
وما سقط منه من عضو أو سن فطاهر
ما سقط من الإنسان من عضو أو سن فهذا الساقط يعتبر طاهر
والتعليل
ما تقدم معنا أيضاً في آخر كتاب الطهارة قبل باب الحيض
أن من القواعد الصحيحة أن ما أبين من حي فهو كميتته
وميتتة بني آدم تقدم معنا أنها طاهرة لا سيما المسلم فما أبين منه حال الحياة فهو أيضاً طاهر
فإذا حمله أو تَرَطَّبَ ثوبه به فإن الثوب والحمل لا يسبب النجاسة
أنهى المؤلف الكلام عن شرط اجتناب النجاسة ثم ذكر عدة مسائل مندرجة تحت هذا الحكم تحت مسألة اجتناب النجاسات لأنهم يعللون فيها بقضية اجتناب النجاسة
وسيأتينا الكلام حول هذه المسائل المهمة وهي تتعلق بالمواضع التي نهى الشارع عن الصلاة فيها
• قال رحمه الله
ولا تصح الصلاة في مقبرة وحش وحمام وأعطان إبل ومغصوب وأسطحتها
نحن سنذكر تسهيلاً لكم الخلاف عموماً في المقبر والحش والحمام وأعطان الإبل في هذه الأربع فقط
ثم نرجع إلى تفصيل الكلام عليها من حيث الإستدلال
فنقول
ذهب الحنابلة إلى أن الصلاة في هذه الأماكن الأربعة أي المقبر والحس والحمام وأعطان الإبل لا تصح
إذاً نحن نتكلم عن الأربعة فقط ومسألة المغصوب والأسطح ستأتينا
وهي من مفردات الحنابلة
واستدلوا على المنع من الصلاة فيها وإبطال صلاة المصلي بأدلة سنذكرها عند الكلام عند كل واحدة من هذه الأربع
القول الثاني وهو رواية عن الإمام أحمد أن المصلي إن علم النهي بطلت صلاته وإن لم يعلم صحت صلاته
التعليل
لخفاء أحكام هذه المسائل على عامة الناس واختار هذه الرواية شيخ مشائخنا العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله
القول الثالث وهو مذهب الأئمة الثلاثة مالك وأبي حنيفة والشافعي أن الصلاة في هذه الأماكن صحيحة
واستدلوا على ذلك
بقول النبي صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً
قالوا فهذا الحديث عام يتناول هذه الأماكن
والصواب القول الأول وهو الرواية المشهورة عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
في الحقيقة الإمام أحمد في هذه المسالة تميز بالأخذ بالنصوص وستأتينا نصوص لكل مكان من هذه الأماكن وهبي نصوص واضحة ولذلك تمسك بها الإمام أحمد وأخذ بالأحاديث رحمه الله
فقوله رحمه الله في هذه المسألة هو الصواب وأن الصلاة في هذه الأماكن الأربع لا تجوز
• يقول المؤلف رحمه الله
ولا تصح الصلاة في مقبرة
المقبرة لا تصح الصلاة فيها وأخذت الخلاف فيما سبق
الدليل
استدلوا بقول صلى الله عليه وسلم الأرض كلها مسجدٌ إلا المقبرة والحمام
هذا الحديث اختلف فيه تصحيحاً وتضعيفاً
فذهب الأئمة منهم الإمام الترمذي ومنهم الإمام الدارمي والدارقطني والبيهقي هؤلاء أربعة وغيرهم من الأئمة إلى أن هذا الحديث مرسل لا يثبت موصولاً
وذهب بعض العلماء إلى أن هذا الحديث صحيح مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومن صححه شيخ الإسلام بن تيمية
وتصحيح شيخ الإسلام ضعيف والصواب مع الأئمة بأنه مرسل
الدليل الثاني قوله صلى الله عليه وسلم لا تتخذوا القبور مساجد
الدليل الثالث قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
وهذه النصوص واضحة قوية تمسك بها الإمام أحمد والحديث الأول مع أنه مختلف فيه إلا أنه وإن كان مرسلاتً إلا أن الشواهد العامة تؤيده وتقدم معنا أن المرسل خير من أقوال الرجال
- مسألة هل يقصد بالنهي عن الصلاة في المقابر في الحديث الأرض التي فيها جمع من المقابر لا يقل عن ثلاثة أو المقصود الأرض التي قبر فيها وإن لم يكن فيها إلا قبرواحد؟
الجواب فيه خلاف
فالحنابلة يشترطون في المقبرة لكي ينهى عن الصلاة فيها أن يكون فيها ثلاث قبور فأكثر
والقول الثاني أنه ينهى عن الصلاة في الأرض التي قُبِرَ فيها وإن لم يكن فيها إلا قبر واحد
وهذا القول الثاني اختاره شيخ الإسلام بن تيمية وقال والمقبرة في الحديث يقصد بها الأرض التي يُقْبَر فيها وليست العدد من القبور
وهذا القول الثاني هو الصواب أنه لو لم يكن في الأرض إلا قبر واحد فإنه لا يجوز أن نصلي في هذه الأرض ولو لم يكن معه قبر آخر فمجرد وجود قبر واحد يمنع من الصلاة في هذه الأرض
• ثم قال رحمه الله
وحش وحمام
الحمام هو مكان الإغتسال
والحش هو مكان قضاء الحاجة
فالحش أشد من الحمام
الدليل على النهي عن الصلاة في الحش والحمام
أولاً الحديث السابق الارض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام وأخذتم أنه وإن كان حديثاً مرسلاً إلا أنه تعضده النصوص الأخرى والمرسل بحد ذاته اختلفوا في الاستدلال به
ثانياً أن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن رد السلام لأنه لم يكن على طهارة فكيف بالصلاة التي هي أعظم من رد السلام وكيف بالحش الذي هو أعظم من حال انتقاض الطهارة
ثالثاً الأصول العامة الدالة على تعظيم الله وتعظيم قدره وتعظيم الصلاة وهذا يتنافى تماماً مع الصلاة في الحش أو الحمام
وبهذا ثبت النهي عن هذه الأمور الثلاثة المقبرة والحش والحمام وباقي أعطان الإبل نؤخر الكلام عليه إلى الدرس القادم
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
انتهى الدرس
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فتكلمنا بالأمس عن الأماكن الخمسة وباقي علينا بقية الأماكن وهو مكان واحد وهو ما يسمى: بأعطان الإبل:.
نحتاج في مسالة أعطان الإبل إلى عدة مسائل:
- المسألة الأولى:
الدليل على تحريم الصلاة في هذا المكان والدليل عليه هو:
- حديث جابر رضي الله عنه قال: (قلنا يا رسول الله أنصلي في مرابض الغنم؟ قال: (نعم). قلنا أنصلي في معاطن الإبل؟ قال: (لا) وهذا حديث صحيح.
ففي هذا الحديث: النص على النهي عن: الصلاة في معاطن الإبل.
- المسألة الثانية:
الحكمة من نهي الشارع عن الصلاة في هذا المكان:
اختلفوا في الحكمة على أقوال كثيرة:
أقوى هذه الأقوال - وهو الذي نقتصر عليه لقوته وضعف البقية: ما اختاره الشافعي ورجحه شيخ الإسلام بن تيمية: أن علة النهي:
- كون معاطن الإبل محلاً للشياطين.
والدليل على هذا:
- ما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصلوا في معاطن الإبل فإنها خلقت من الشياطين).
وما عدا هذه العلة مما ذكره الفقهاء فهو ضعيف.
- المسألة الثالثة:
ما هي معاطن الإبل؟
اختلف فيها الفقهاء على قولين:
= القول الأول: أن معاطن الإبل هي: ما ترجع إليها وتبيت فيها.
واستدل أصحاب هذا القول:
- بأن النبي صلى الله عليه وسلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قابل في الحديث بين مرابض الغنم ومعاطن الإبل. ومرابض الغنم هي: التي تبيت فيه وترجع إليها فدل على أن معاطن الإبل كذلك.
= والقول الثاني: واختاره الشافعي - أنها الأماكن التي ترجع إليها بعد شرب الماء. فإنه جرت العادة أن الإبل إذا شربت الشربة الأولى رجعت فبركت في مكان قريب من حوض الماء فترة معينة ثم ترجع لشرب مرة أخرى تفعل ذلك في كل يوم.
فهذا المكان الذي تبرك فيه بعد شرب الماء المرة الأولى لترجع إلى الشرب في المرة الثانية هو المعاطن عند الشافعي وليس المكان الذي تبيت وترجع إليه في الليل.
= والقول الثالث: أن معاطن الإبل تشمل الموضعين.
وهذا هو الصحيح فكل منهما يعتبر مأوى للشياطين.
وبهذا انتهى الكلام عن معاطن الإبل.
• قال رحمه الله:
ومغصوب.
= من مفردات الحنابلة: عدم صحة الصلاة في المكان المغصوب.
وعللوا ذلك:
- بأن قيامه واتكائه وجلوسه في هذا المكان معصية ولا يتقرب إلى الله بمعصية.
= والقول الثاني: أن الصلاة بالأماكن المغصوبة محرمة والمصلي آثم لكن الصلاة صحيحة.
- لأن النهي عن الصلاة فيها لا يتعلق بذات الصلاة وإنما يتعلق بالبقعة. أي: بأمر خارج عن الصلاة.
ولذلك فإنه لا يجوز للغاصب أن يصلي ولا أن ينام ولا أن يأكل ولا أن يشرب في البقعة المغصوبة فهو أمر لا يتعلق بالصلاة.
وهذا القول الثاني هو الذي تدل عليه الأدلة.
•
ثم قال رحمه الله:
وأسطحتها.
أسطحة هذه الأماكن المذكورة تستوي معها في الحكم: أنه لا يجوز أن نصلي فيها.
= واستدل الحنابلة على ذلك:
- بأن القاعدة الشرعية تقول أن الهواء تابع للقرار. هواء الشيء تابع له. فما فوق هذه الأماكن تابع لها وهي لا يجوز أن يصلى فيها فكذلك ما فوقها.
= والقول الثاني: جواز الصلاة فوق هذه الأماكن.
- لأن النص لا يتناول هذه الأماكن.
- ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً).
= والقول الثالث: صحة الصلاة في أسطحة هذه المواضع ما عدا المقبرة.
- لأن العلة التي نهي عن الصلاة في المقبرة من أجلها موجودة في الصلاة على سطح المقبرة. وهي: خشية التعظيم ووقوع الشرك.
وهذا القول الثالث هو الصواب.: أن الصلاة في أسطح هذه الأماكن جميعاً جائز ما عدا المقبرة.
• ثم قال رحمه الله:
وتصح إليها.
أي: أن الصلاة تصح إلى هذه الأماكن.
- لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً).ومن صلى في أرض أمامه أحد هذه الأماكن فقد صلى في أرض طاهرة.
= والقول الثاني: أنها تصح الصلاة إلى هذه الأماكن ما عدا المقبرة والحمام والحش.
- لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تصلوا إلى المقابر ولا تجلسوا عليها).
وأما الحش فليس - في الحقيقة - في المسألة دليل ولكن فيها عدد كبير من الآثار المروية عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وتقدم معنا مراراً أن طالب العلم يجب أن يعظم الآثار المروية ويقف عندها ويستدل بها لا سيما إذا لم يكن نص في الباب.
= القول الثالث: تجوز الصلاة إلى هذه الأماكن جميعاً ما عدا المقبرة فقط دون الحش والحمام.
- لعدم الدليل عليها.
والقول الراجح: الثالث.
والثاني هو: الأحوط الذي يتعين فيه الحذر والإحتياط فيمن يصلي إلى الحش أو إلى الحمام.
لكن أن نبطل صلاة من صلى إلى الحمام - في الحقيقة - لا يجرؤ الإنسان إبطال الصلاة تماماً وليس في الباب نصوص واضحة لكن الإحتياط فيها متعين لوجود الآثار الكثيرة عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
• ثم قال رحمه الله:
ولا تصح الفريضة في الكعبة.
المؤلف رحمه الله استمر في الكلام عن المواضع التي يصلى فيها والتي لا يصلى فيها.
فتعرض إلى الكعبة:
= يقول رحمه الله: لا تصح الصلاة الفريضة خاصة في الكعبة.
التعليل:
- قالوا: لأن المصلي في الشيء لا يعتبر مصلياً إليه والواجب أن نصلي إلى الكعبة.
- ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى النافلة في الكعبة ثم خرج وقال: (هذه القبلة) وهذا في البخاري.
فالحديث دل على أن جميع البناية - بناية الكعبة برمتها تعتبر قبلة ومن صلى في الداخل فقد صلى إلى جزء منها.
- ثالثاً وأخيراً: لم يثبت أن صلى الله عليه وسلم صلى الفريضة داخل الكعبة.
= القول الثاني: أن صلاة الفريضة في الكعبة صحيحة.
بدليل:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها النافلة والصلاة النافلة تستوي مع الفريضة في كل شيء إلا بدليل مخصص صحيح ولا يوجد.
والراجح من هذهين القولين: القول الأول.
سبب الترجيح: أن ابن عباس رضي الله عنه راوي حديث (هذه القبلة) فهم من الحديث هذا الفهم ولذلك أفتى بأنه لا يجعل المصلي - يعني: للفريضة - شيئاً من الكعبة خلف ظهره ومن صلى في داخل الكعبة فقد جعل جزء من الكعبة خلف ظهره.
فهذا الفهم من هذا الفقيه الكبير ابن عباس يرجح القول بإنه لا تصلى الفريضة داخل الكعبة وأيضاً مال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
•
ثم قال رحمه الله:
ولا فوقها.
يعني: لا يجوز أن نصلي الفريضة على سطح الكعبة.
والدليل على هذه المسألة:
- الإجماع. فقد حكى الإمام أحمد رحمه الله أنه أجمع الفقهاء على عدم صحة صلاة من صلى على سطح الكعبة - الفريضة.
وتقدم معنا مراراً أن الإمام أحمد رحمه الله من المتثبتين في حكاية الإجماع.
• ثم قال رحمه الله:
وتصح النافلة باستقبال شاخص منها.
أي: أنه يجوز أن يصلي الإنسان داخل الكعبة إذا:
- كانت الصلاة نافلة.
وبشرط آخر:
- أن يستقبل شاخصاً من الكعبة.
فإان صلى داخل الكعبة ولم يستقبل شاخصاً منها فإن الصلاة: لا تصح.
التعليل:
- قالوا: أن الواجب في الصلاة استقبال القبلة وهي الكعبة وهذا لم يستقبل شيئاً منها.
= [القول] الثاني: أن الواجب استقبال شاخص من الكعبة حتى ولو هدمت فكيف بها وهي قائمة.
بدليل: - أن عبد الله بن الزبير لما هدم الكعبة ليعيد بنائها أمره عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن ينصب أخشاباً ويجعل عليها الستور ليستقبلها الناس.
فدل هذا على أن الصحابة كانوا يرون أنه لا بد للمصلي من استقبال شاخص من الكعبة أو بدلها إذا لم توجد.
وهذا القول هو الصواب.
لكن من يذكر لنا صورة لمن يصلي داخل الكعبة ولا يستقبل منها شاخصاً؟
- الصورة هي: من يصلي إلى باب الكعبة وهو مفتوح.
لكن متى تقع هذه الصورة: والمهم أنها إذا وقعت فإنه لا تصح الصلاة.
طبعاً: مسائل الصلاة داخل الكعبة مسائل قليلة الوقوع لكن فقهها من التقرب إلى الله باعتباره من العلم.
•
ثم قال رحمه الله:
ومنها: استقبال القبلة.
أي: ومن شروط الصلاة: استقبال القبلة.
فإن صلى إلى غير القبلة مع العلم والقدرة فقد بطلت صلاته.
الدليل على هذا الشرط:
- ما أخرجه البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: للمسيء صلاته (ثم استقبل القبلة فكبر) هذا لفظ البخاري.
فهذا نص على وجوب استقبال القبلة.
- الدليل الثاني: الإجماع فقد أجمع الفقهاء على وجوب استقبال القبلة في الصلاة وأن من تركه عامداً قادراً بطلت الصلاة.
• ثم قال رحمه الله:
ومنها: استقبال القبلة فلا تصح بدونه.
أي: أن الاستقبال شرط للصحة.
والأدلة الدالة على أنه شرط للصحة هي:
- الأدلة السابقة.
- ويضاف إليها لتأكيد أنها شرط للصحة قوله تعالى: {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقرة/144].
والمقصود بالمسجد الحرام بالآية: الحرم.
ثم قال رحمه الله: مستثنياً من هذ الحكم العام وهو وجوب الاستقبال: مسألتين:
• فقال رحمه الله:
إلا لعاجز ومتنفل.
العاجز عن استقبال القبلة يسقط عنه هذا الشرط.
ومن أمثلة العاجز:
- المريض الذي لا يستطيع أن يتحول إلى القبلة ولا يوجد من يحوله.
- أو المربوط الذي لا يستطيع انفكاكاً.
- أو في شدة الحرب. فإنه إذا صلى الإنسان صلاة الخوف في شدة الحرب لم يلزمه إذا لم يستطع استقبال القبلة.
الدليل:
لهذه المسألة أدلة خاصة وعامة:
- فالأدلة العامة:
- قوله تعالى {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن/16].
- وقوله صلى الله عليه وسلم (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)
- وأما الدليل الخاص:
- فما أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: - في الصلاة في شدة الخوف -: (فصلوا إلى القبلة وإلى غير القبلة). قال نافع: - راوي الحديث عن ابن عمر - ولا أُرَاه قاله إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إذاً تقرر بهذا أإن شرط الاستقبال يسقط عند العجز وأن العجز له صور متعددة.
• ثم قال رحمه الله:
ومتنفل راكب سائر في سفر.
هذا هو النوع الثاني الذي يسقط فيه الاستقبال وهو: المتنفل المسافر.
ويسقط عنه الاستقبال بثلاثة شروط - ذكرها المؤلف رحمه الله:
- الشرط الأول: أن تكون الصلاة نافلة.
- الشرط الثاني: أن يكون راكباً سائراً.
الشرط الثالث: أن يكون مسافراً لا مقيماً.
إذا وجدت هذه الشروط الثلاثة جاز له بإجماع الفقهاء أن يصلي إلى غير القبلة.
إذاً: إذا تحققت هذه الشروط: - النافلة. - وأن يكون راكباً. - وأن يكون في سفر. يعني: وأن يكون هذا الركوب في سفر: جاز له بالإجماع.
الدليل:
- ما أخرجه البخاري عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسبح على راحلته قِبَلَ أي وجهة توجه ويصلي الوتر إلا أنه لا يصلي المكتوبة.
فدل الحديث على صحة تنفل المسافر إلى غير القبلة.
مسالة / هل يجوز للراكب السائر المتنفل داخل المدينة وفي الأمصار أن يصلي إلى غير القبلة؟
في هذا خلاف بين الفقهاء: على قوبين:
= الأول: أنه ليس له ذلك.
لدليلين:
- الأول: أنه لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم مع حرصه على الخير أنه كان يتنفل أثناء ركوبه داخل المدينة.
- الثاني: أن المعنى الذي لأجله أباح الشارع للمسافرأن يتنفل إلى غير القبلة لا يوجد في الراكب داخل الأمصار.
وهذا المعنى هو: أن الراكب المسافر يكثر ركوبه ويطول فلو مُنِعَ من النافلة لأدى هذا إلى تركه النافلة وقتاً طويلاً.
وهذا المعنى لا يوجد في الراكب داخل الأمصار.
= والقول الثاني: جواز التنفل إلى غير القبلة حتى ولو كان داخل المدينة من غير سفر.
وأيضاً استدلوا بدليلين:
- الأول: قياساً على الراكب في السفر.
- الثاني: أن هذا كان يفعله الصحابي الجليل أنس رضي الله عنه.
والراجح بلا إشكال إن شاء الله أنه لا يشرع أن يتنفل إلى غير القبلة وأن الصلاة لا تصح إن صلى داخل المدينة إلا غير القبلة ولو راكباً.
والجواب على فعل أنس رضي الله عنه مع وجوب تعظيم الآثار أن نقول:
هناك قاعدة مهمة لطالب العلم أن الإنسان يتقبل الآثار المروية عن الصحابة ويستدل بها ويقف عندها لا سيما إذا رويت من أكثر من وجه: ما لم يوجد ما هو أرجح منها.
فإن وجد ما هو أرجح منها قدم.
من أمثلة ما يكون أرجح منها:
- هذه المسالة:
- لأن هذه المسألة تتعلق بكون النبي صلى الله عليه وسلم وجد السبب ولم يفعل هذا الفعل.
- ولأن الحاجة إليه كثيرة في الرسول صلى الله عليه وسلم وفي باقي الصحابة.
وإذا لم ينقل عن أحد منهم مطلقاً أنه فعل هذا الفعل إلا أنس دل على أنه شيء رآه يخالف ما عليه الباقين.
فهنا لا نستدل بأثر هذا حاله: يعني من مخالفته ظواهر حال الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك مخالفته الأصول فإنه من الأصول المتقررة وجوب استقبال القبلة. فهذا الأصل الكبير الذي دلت عليه نصوص عديدة لا نتنازل عنه إلا بشيء مثله في القوة.
ثم أكمل المؤلف رحمه الله الحديث عن هذه المسائل:
• فقال رحمه الله:
ويلزمه افتتاح الصلاة إليها.
إذا أراد الإنسان أن يتنفل في السفر فيجب عليه:
= عند الحنابلة إذا أراد أن يكبر أن يستقبل القبلة ثم يكبر ثم ينصرف عن القبلة ويتم صلاته.
ولكن هذا مشروط عند الحنابلة - أيضاً - بالإمكانية: أن يمكنه أن يفعل ذلك.
فإن لم يمكنه أن يستقبل القبلة عند افتتاح الصلاة لم يلزمه قولاً واحداً عند الحنابلة.
دليل هذا الشرط:
- حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يتنفل في السفر: يستقبل القبلة عند التكبير ثم انصرف.
وهذا الحديث إسناده ضعيف. وممن أشار إلى ضعفه من الحفاظ - المتأخرين - الحافظ ابن كثير رحمه الله.
= والقول الثاني: أنه لا يلزم المسافر أن يستقبل القبلة عند افتتاح الصلاة. واختار هذا القول عدد من المحققين منهم: الخلال ومنهم ابن قدامه ومنهم ابن القيم وغيرهم من المحققين.
واستدلوا على هذا الحكم - وهو: عدم وجوب استقبال القبلة عند افتتاح الصلاة للمسافر المتنفل:
- أن الأحاديث الصحيحة المتكاثرة ليس فيها هذا الشرط: فإنهروى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للنافلة في السفر عدد من الصحابة لم يذكر أحد منهم هذا الشرط.
فدل هذا على أن ما ذكر في حديث أنس وهم. وهم من أحد الرواة لا من أنس رضي الله عنه.
وهذا القول الثاني هو: الصواب. كما لا يخفى إن شاء الله.
•
ثم قال رحمه الله:
وماش ويلزمه الافتتاح والركوع والسجود إليها.
- وماش: يعني ويشرع: أو ويجوز للماشي أيضاً أن يتنفل في السفر إلى غير القبلة فيما عدا الافتتاح والركوع والسجود.
وجواز تنفل الماشي هي:
= إحدى الروايتين عن الإمام أحمد. وهي المذهب.
والدليل عليها:
- قياساً على الراكب فإن الماشي والراكب كلاهما محتاج إلى التنفل.
- الدليل الثاني: قوله تعالى {فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم} [البقرة/115].
وقد روي عن ابن عمر أن هذه الآية في استقبال القبلة. وهي عامة للراكب والماشي.
= الرواية الثانية عن الإمام أحمد: أن الماشي في السفر لا يجوز له أن يتنفل إلى غير القبلة. فإن فعل بطلت صلاته.
والدليل:
- قالوا: أن المتنفل الماشي يتحرك بنفسه لا بمركوبه وهذا يؤدي إلى كثرة العمل التي تؤدي إلى بطلان الصلاة.
- الدليل الثاني: أن هذا لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في السفر أنه كان يتنفل ماشياً.
الراجح في هذه المسألة: مذهب الحنابلة: الجواز. أنه يجوز له أن يتنفل ماشياً إلى غير القبلة.
- لأن المعنى الذي شرع من أجله هذا الحكم للراكب موجود في الماشي. هذا شيء.
- الشيء الثاني: أن مسألة كثرة الحركة معفو عنها كما أننا نتجاوز عن كون المصلي الراكب يصلي على غير مستقر وهو مبطل عند جمع من الفقهاء ومع ذلك لم نبطل صلاته لورود النص فكذلك الماشي.
- وأما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتنفل ماشياً فلأنه صلى الله عليه وسلم كان غالباً ما يسافر راكباً ففي الغالب كان راكباً صلى الله عليه وسلم.
إذاً الخلاصة أن الراجح: جواز التنفل للماشي.
وهذه المسألة في الحقيقة الحاجة إليها موجودة إلى الآن ففي كثر من الدول إلى الآن يسافرون على أقدامهم لا سيما في الدول التي يكون ما بين المدن ليس طويلاً ومأهولاً بالمزارع والسكان والمحطات
…
إلخ.
فتشاهد الناس يسافرون بين المدن القريبة على أرجلهم فقد يحتاجون - من كان منهم يريد أن يتنفل فله ذلك وصلاته إن شاء الله صحيحة.
وهو مذهب الحنابلة وهو الصواب كما سمعتم الآن في هذه المسألة.
لكن يلزمه كما يقول المؤلف رحمه الله أن يفتتح ويركع ويسجد إلى القبلة وهذا معنى قوله: (ويلزمه الإفتتاح والركوع والسجود إليها).
سنقسم هذه المسألة إلى قسمين:
- القسم الأول: الافتتاح إلى القبلة بالنسبة للماشي.
هذه ليس بين الحنابلة خلاف فيها: لم أر خلافاً بين الحنابلة في لزوم افتتاح الماشي الصلاة إلى القبلة.
التعليل: - أن هذا وإن شق على الراكب فإنه لا يشق على الماشي. فمن اليسير عليه أن يتوقف ويتجه إلى القبلة ويكبر ثم يمضي.
ولذلك الصواب في هذه المسألة: أنه يلزمه أن يتوجه إلى القبلة.
- (المسألة الثانية) - القسم الثاني: الركوع والسجود إلى القبلة.
= مذهب الحنابلة: وجوب الركوع والسجود إلى القبلة بالنسبة المتنفل الماشي.
- لأنه يستطيع ذلك لكونه يمشي على الأرض وليس كالراكب.
= والقول الثاني: أنه لا يلزمه الركوع والسجود إلى القبلة.
- لأن الركوع والسجود يتكرر وفي توقفه - يعني المصلي الماشي - له - للركوع والسجود - قطع له عن السفر.
- وفي ذلك مشقة ظاهرة.
وهذا القول هو الصواب: أنه لا يلزمه أن يركع ويسجد إلى القبلة خلافاً لمذهب الحنابلة.
إذاً بالنسبة للماشي يحتاج أن يستقبل القبلة إذا أراد أن يكبر ثم بعد ذلك يمضي إلى وجهته ولا يحتاج في الركوع والسجود أن يتوجه إلى القبلة.
أما الحنابلة - فكما سمعتم - فيلزمه عندهم: الافتتاح والركوع والسجود.
• ثم قال رحمه الله:
وفرض من قرب من القبلة إصابة عينها.
عندنا: - مباحث تتعلق بمن قرب من القبلة.
- ومباحث تتعلق بمن بعد من القبلة.
وإذا عرفت من قرب فستعرف من بَعُد. لأن من بعد هو الذي لم يقرب.
فمن هو المقصود بمن قرب؟
يقصد به من عاين الكعبة.
ويقصد به من عاش في مكة زمناً طويلاً.
ويقصد به من كان في مكة ووجد ثقة يخبره عن يقين عن اتجاه القبلة.
كم هؤلاء؟
ثلاثة:
1 -
المعاين للقبلة.
2 -
ومن عاش في مكة زمناً طويلاً.
3 -
والغريب إذا قدم مكة ولكنه وجد ثقة يخبره عن يقين.
فهؤلاء يعتبرون قريبين من القبلة.
- ما هو فرضهم؟
• يقول المؤلف رحمه الله:
فرضهم إصابة عينها.
هؤلاء يجب عليهم أن يصيبوا عين الكعبة لا جهة الكعبة.
= ووجوب إصابة عين الكعبة للمعاين محل إجماع بلا خلاف.
- لأن هذا هو الواجب وهو قادر عليه.
فإن صلى منحرفاً عن عين الكعبة ولو قليلاً فإن صلاته باطلة.
• ثم قال رحمه الله:
ومن بعد: جهتها.
من بعد عن القبلة فرضه جهة الكعبة لا عين الكعبة.
ولا نحتاج أن نبين من هو الذي يبعد لأنه المقابل لمن يقرب.
من بعد ففرضه إصابة الجهة:
= هذا هو مذهب الحنابلة.
واستدلوا على هذا بأدلة:
- منها قوله تعالى - في الآية السابقة - {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقرة/144].
وجه الاستدلال: أن المسجد الحرام في الآية هو كل الحرم. فالبعيد مأمور بالاتجاه إلى الحرم لا إلى عين الكعبة. يعني إلى حدود الأميال لا إلى عين الكعبة. هذا الدليل الأول.
- الدليل الثاني: ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بين المشرق والمغرب قبلة).
قال الإمام أحمد: ضعيف. ولكنه صح عن عمر.
والظاهر والله أعلم أنه ليس مما يقال من قبل الرأي.
- الدليل الثالث: أن هذا محل إجماع بين الصحابة.
= والقول الثاني: وجوب إصابة عين الكعبة حتى لمن بعد.
- لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (ثم استقبل القبلة).
وهذا القول - الثاني - وهو إيجاب استقبال عين الكعبة لمن بعد ضعيف جداً بل يمكن أن نقول يتعذر العمل به.
ولذلك فالصواب مع الجماهبر الذي قالوا: من بعد ففرضه الجهة لا العين: جهة الكعبة لا عين الكعبة.
انتهى الدرس
قال شيخنا حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
• قال رحمه الله
فإن أخبره ثقة بيقين
بدأ المؤلف رحمه الله بالكلام على الطرق التي يتعرف بها المسلم على القبلة
وسيذكر نحو أربعة طرق
• قال رحمه الله
فإن أخبره ثقة بيقين
هذا هو الطريق الأول وهو
أن يخبره ثقة بيقين
والثقة هو البالغ العدل
ويقولون هو من اتصف بالعدالة ظاهراً وباطناً
ومعنى قوله أخبره ثقة بيقين أي أخبره عن يقين
ومن أمثلة اليقين المشاهدة
إن أخبره ثقة بيقين يعني إذا أخبره ثقة بطريق متيقن عن جهة القبلة وجب عليه أن ينصرف إلى الجهة التي أشار إليها المخبر
وفهم من كلام المؤلف رحمه الله أنه إذا أخبره ثقة باجتهاد لا بيقين فإنه لا يصير إلى قوله بل يجب عليه أن يجتهد هو إذا كان من أهل الاجتهاد
وهذا باتفاق الأئمة الأربعة أنه لا يجوز أن يقبل خبر الثقة عن اجتهاد بل يجب أن يجتهد هو بنفسه إذا كان من أهل الاجتهاد
وهذا الحكم أخذ من قول المؤلف رحمه الله بيقين أي لا باجتهاد
والقول الثاني أن المجتهد يجوز له أن يأخذ خبر الثقة المجتهد إذا ضاق الوقت وهذا القول اختاره شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله
والقول الثالث أنه يجوز له أن يأخذ خبر الثقة الذي اجتهد مطلقاً ولا يلزمه هو أن يجتهد
والذي يظهر والله أعلم أن عمل الناس على الثالث فتجد مجموعة من الناس كلهم أو أكثرهم يعرف كيفية الاستدلال على القبلة ثم يجتهد واحد منهم ويصلي البقية باجتهاد هذا المجتهد فعلى هذا عمل الناس وفي إلزام الكل بالاجتهاد مشقة
فما دام هذا المجتهد عارف بأدلة القبلة وهو ثقة فإنه يجوز قبول قوله ولو كان القابل لقوله يستطيع أن يجتهد هو بنفسه وهذه المسألة كثيرة الوقوع
وأرجو أن تكون مفهومة
• ثم قال رحمه الله
أو وجد محاريب إسلامية عمل بها
نحتاج إلى عدة مباحث
المبحث الأول
أنه يشترط في هذه المحاريب أن تكون إسلامية فإن كانت محاريب لليهود أو للنصارى أو لغيرهم من أهل الملل فإنه لا يجوز للمسلم أن يستدل بها
المبحث الثاني
التعليل الذي يدل على هذا الحكم والتعليل هو أن هذه المحاريب عمل بها المسلمون وتتابعوا على ذلك عصراً من بعد عصر بما يشبه الإجماع على صحتها فوجب المصير إلى ما تدل عليه
المبحث الثالث
هل المحاريب مشروعة أو تعتبر بدعة لا يجوز أن تبنى في المساجد؟
في هذا خلاف بين أهل العلم وهو خلاف قوي
ومن الفائدة أن تعلم أن أول من بنى المحاريب هو أمير المؤمنين عمر بن عبدا لعزيز رضي الله عنه ورحمه ثم من عهده حين كان والياً قبل أن يكون خليفةً بنى المحاريب ثم من ذلك الوقت إلى يومنا هذا والمحاريب تبنى في المساجد
واختلف الفقهاء على قولين
منهم من يرى أن المحاريب بدعة
لأنها لم تفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ولأن عدداً من السلف ذموا وجود المحاريب في المساجد
والقول الثاني أن هذه المحاريب مشروعة ولا تعتبر بدعة
لدليلين
الدليل الأول أنها داخلة في عموم المصالح المرسلة والمصالح المرسلة هي: المصالح التي لم ينص الشارع على مشروعيتها ولكن دلت على ذلك النصوص والقواعد العامة
ومن أبرز أمثلة المصالح المرسلة التي اتفق عليه الصحابة جمع المصحف فإن جمع القرآن لم يحدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإنما جمعه أبو بكر رضي الله عنه لما رأوا المصلحة في جمعه
إذاً بعد أن أخذنا فكرة موجزة عن المصالح المرسلة فقد استدل الذين قالوا بمشروعية المحاريب بمبدأ المصالح المرسلة
ذو القعدة الدليل الثاني إجماع الأمة بعد عصر الصحابة على وضع المحاريب في المساجد
• ثم قال رحمه الله
ويستدل عليها في السفر بالقطب والشمس والقمر ومنازلهما
- القطب
هو أحد النجوم التي يستدل بها على جهة القبلة وهو أهم هذه العلامات
والسبب في أهميته ثباته الدائم في مكانه فإن له مكاناً ثابتاً لا يتغير عنه
وهذا مما يسهل على من يطلب القبلة أن يستدل به عليها
- والشمس والقمر ومنازلهما
أي ويستدل الإنسان بالشمس والقمر ومنازل كل منهما
وهي: ثمانية وعشرون منزلاً ينزلها القمر في الشهر والشمس في السنة
واليوم أصبح الاستدلال على القبلة أمر يسير مع وجود الآلات الحديثة وسهولة استخدام هذه الآلات مع تيسر الاتصالات
ولذلك من الخطأ البين التساهل في معرفة القبلة مع هذا التيسير في الاستدلال عليها إما من طريق الآلات أو السؤال
ثم بدأ المؤلف رحمه الله الكلام عن الاختلاف في القبلة بين المجتهدين
•
فقال رحمه الله
وإن اجتهد مجتهدان فاختلفا جهة لم يتبع أحدهما الآخر
في هذه المسألة تفصيل وليست على الإطلاق الذي ذكره المؤلف
فإذا اختلفا المجتهدان في تحديد القبلة فإن ذلك على قسمين
القسم الأول
أن يكون اختلافهما في جهة واحدة
كأن يميل أحدهما يميناً والآخر شمالاً ولكن في جهة واحدة ففي هذا القسم يصح أن يقتدي احدهما بالآخر عند الحنابلة وعند غيرهم
التعليل
أنهما استقبلا جهة واحدة والواجب في الاستقبال استقبال الجهة وهو حاصل منهما
القسم الثاني أن يكون اختلافهما في جهتين لا في جهة واحد
بأن يستقبل أحدهما الشمال والآخر الغرب مثلاً
ففي هذه الصورة لا يجوز أن يقتدي أحدهما بالآخر
وهو مذهب الحنابلة
الدليل
أن كل منهما يعتقد خطأ الآخر فلا يجوز أن يقتدي بمن يعتقد خطأه
والقول الثاني أنه يجوز أن يقتدي أحدهما بالآخر ولو اختلفا جهة
وممن ذهب إلى هذا القول الفقيه المشهور أبو ثور رحمه الله
التعليل
أن الاختلاف في المسائل الفقهية لا يمنع الاقتداء في الصلاة
ولذلك يجوز أن يصلي من يرى نقض الطهارة بلحم الإبل خلف من يرى أن لا نقض بلحم الإبل
وأمثلة هذا الحكم كثيرة
بناء على هذا القول يصلون جماعة ولو اتجه بعضهم إلى غير جهة الإمام وبأس ولا محذور في ذلك كما أن الذين يصلون بجوار الكعبة يصلون إلى جهات مختلفة ولم يضر هذا بالإئتمام فكذلك في مسألتنا
والأقرب والله أعلم القول الثاني
•
ثم قال رحمه الله
ويتبع المقلد أوثقهما عنده
المقلد هو من لا يحسن الاجتهاد لتحديد القبلة
يبتع أوثقهما عنده لم يبين المؤلف رحمه الله مناط الثقة أوثقهما في ماذا؟
ومراده رحمه الله أوثقهما علماً وأكثرهما تحرياً لدينه
وهذا ضابط جيد في
مسألة القبلة
وفي مسالة أهم منها
وهي: مسألة الاستفتاء
فإن المقلد أي العامي يجب عليه في الاستفتاء أن يقلد ويستفتي الأوثق علماً الأكثر تحرياً لدينه
وقد يظن البعض أنهما شيء واحد وهذا خطأ فقد يكون الإنسان كثير العلم لكن قليل الدين وقد يكون كثير الدين وقليل العلم
فيجب أن يسأل من هو أكثر علماً وأكثر تحرياً لدينه
فإن استويا عنده تحرياً لدينه وعلماً بأدلة القبلة اختار من شاء منهما فيقلد من شاء من المجتهدين في تحديد القبلة
• ثم قال رحمه الله
ومن صلى بغير اجتهاد ولا تقليد قضى إن وجد من يقلده ويجتهد العارف
أذاً من صلى بغير اجتهاد ولا تقليد قضى إن وجد من يقلده
من صلى بغير اجتهاد أي ممن هو أهل للاجتهاد
ولا تقليد أي ممن ليس أهلاً للاجتهاد قضى
أي أعاد الصلاة
التعليل
أن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة ولم يأت به فبطلت صلاته
ومفهوم كلام المؤلف أن من صلى بغير اجتهاد ولا تقليد فإن صلاته باطلة ولو أصاب
وهذا أحد القولين في المسألة أي في مسألة إذا أصاب
فالقول الأول أنه يعيد ولو أصاب
التعليل
قالوا أنه لم يفعل ماأمر به على الوجه الشرعي فلم تنفعه أصابته كما أن من أفتى بغير علم آثم ولو أصاب ومن قضى بين خصمين آثم ولو قضى بالعدل فكذلك من صلى إلى القبلة بغير اجتهاد ولا تقليد فصلاته باطلة ولو أصاب
والقول الثاني أنه إن أصاب فصلاته صحيحة
لأن شرط الاستقبال تحقق فيه
أي القولين أرجح؟
- ما ترون في رجل صلى بغير طهارة فلما انتهى من الصلاة وجد أنه على طهارة؟
فهل صلى في حقيقة الأمر مستكملاً الشروط؟
الجواب لا
وهل صلاته صحيحة؟
الجواب لا
هذه الصورة من صلى وهو يرى أنه على غير طهارة صلاته باطلة بل قد يكفر لأنه مستهتر
فلو كان صلى على طهارة في حقيقة الأمر لم تقبل صلاته
فهذا كذلك إذا صلى بغير اجتهاد ولا تقليد فإن صلاته ليست صحيحة
وهذا الذي يظهر والله أعلم
• ثم قال رحمه الله
ويجتهد العارف بأدلة القبلة لكل صلاة
أي إذا اجتهد لصلاة الظهر ورأى أن القبلة في اتجاه معين ثم حضرت صلاة العصر فإنه يجب أن يجتهد وينظر في الأدلة مرة أخرى إلى أن يتبين له الاتجاه الصحيح للقبلة وإن كان في نفس المكان
وهذا باتفاق الأئمة الأربعة أنه يجب أن يجتهد مرة أخرى
القول الثاني وهو وجه فقط عند الشافعية أنه لا يجب أن يجتهد
التعليل لأن الأصل بقاء الظن الأول إلا إذا وُجِدَ سبب يقتضي إعادة الاجتهاد فيجب حينئذ أن يجتهد أن يعيد الاجتهاد
والراجح والله أعلم القول الثاني
بقينا في شيء واحد وهو
ما هو دليل الأئمة الأربعة؟
دليلهم أنها حادثة جديدة فتحتاج إلى اجتهاد جديد
والأقرب كما قلت لكم القول الثاني أنه لا يحتاج أن يجتهد مرة أخرى
• ثم قال رحمه الله
ويصلي بالثاني
يصلي بالثاني دون الأول لأنه بالاجتهاد الثاني ترجح عنده الظن الثاني والعمل بالظن الراجح واجب وترك المرجوح أيضاً واجب
ولا إشكال في هذا إذا اجتهد مرة أخرى فإنه يأخذ بالإجتهاد الثاني ولا يجوز له أن يأخذ بالاجتهاد الأول
وهذا يقع عند كثير من الناس فمثلاً إذا خرجوا خارج المدينة اجتهدوا أن القبلة بالاتجاه المعين ثم إذا حضرت الصلاة الثانية قال أحدهم أنا أرى جازماً أن القبلة في اتجاه آخر لكن سأصلي معكم
فنقول إنه لا يجوز له أن يصلي معهم إذا كان من أهل الاجتهاد فإنه لا يجوز أن يصلي معهم
لماذا؟
لأن العمل بالاجتهاد الثاني واجب
لكن كثير من الناس يتساهل في هذا لأنه يرى أن الأول اجتهاد والثاني اجتهاد فإن صلينا إلى الأول أو إلى الثاني فلا بأس وهذا خلاف القواعد الشرعية بل يجب أن يعمل بالاجتهاد الثاني
• ثم قال رحمه الله
ولا يقضي ما صلى بالأول
يعني بالاجتهاد الأول
وهذا صحيح للقاعدة المتفق عليه أن الاجتهاد لا ينقض بمثله
فهذه قاعدة مفيدة لطالب العلم وتدخل في أبواب كثيرة من أبواب الفقه
انتهى المؤلف رحمه الله بهذا من الكلام عن الشرط الخامس وهو مسألة استقبال استقبال القبلة وما فيها من تفاصيل وانتقل إلى الشرط السادس وهو النية
• فقال رحمه الله
ومنها النية
النية هي: الشرط السادس من شروط الصلاة ويتعلق بها مباحث كثيرة
المبحث الأول تعريف النية
أولاً النية في لغة العرب هي: القصد
أي معنى نويت كذا قصدته
ثانياً تعريف النية في الإصطلاح هي: قصد العمل على وجه القربة
هذا المبحث الأول
المبحث الثاني أدلة اشتراط النية
لها أدلة نأخذ دليلاً من الكتاب وآخر من السنة
فدليلها من الكتاب
قوله تعالى {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} البينة
يعني أن العبادة تقبل حال كونها مع الإخلاص
ودليلها من السنة
قوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
وأدلة النية أكثر من أن تحصر نصاً واستنباطاً في الكتاب والسنة
المبحث الثالث المراد بالنية
ذكر الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله بحثاً جيداً في المراد بالنية فقال يراد بالنية أمران
الأول نية المعمول له
والثاني نية نفس العمل
فالمقصود
- بنية المعمول له يعني الإخلاص
والمعمول له في العبادات هو الرب جلا وعلا
وهذه النية لا يتكلم عنها الفقهاء وإنما يتكلم عنها الذين يتكلمون عن أعمال القلوب وهو من المباحث العقدية
وأعمال القلوب فيها مؤلفات كثيرة مفيدة ونافعة لطالب العلم من أحسنها وأخصرها التحفة العراقية لشيخ الإسلام ابن تيمية وهو مطبوع
- الثاني نية نفس العمل
والمقصود بها
تمييز العبادة عن العادة
تمييز العبادة عن العبادة
يعني تمييز العبادات عن العادات وتمييز العبادات بعضها عن بعض
من أمثلة تمييز العادة عن العبادة
أن الإنسان قد يغتسل بنية التبرد
أو بنية التنظف
وقد يغتسل بنية غسل الجمعة أو الجنابة
فالصورة واحدة والفرق بين العملين هو في النية
من أمثلة الثاني وهو تمييز العبادات بعضها عن بعض مثل
إذا أراد الإنسان أن يصلي الظهر والعصر جمعاً فإن كلاً من الظهر والعصر أربع ركعات متشابهات في كل شيء إلا في النية فالذي يميز هذه عن هذه هو فقط النية
إذاً عرفنا الآن أن فائدة النية عند الفقهاء تمييز العبادات عن العادات وتمييز العبادات بعضها عن بعض
• ثم قال رحمه الله
فيجب أن ينوي عين صلاة معينة
يقصد المؤلف رحمه الله أنه يجب أن ينوي المصلي عين الصلاة
فيجب أن ينوي من يصلي الظهر أنه يصلي الظهر ويحدد هذه النية
ويجب أن ينوي من يصلي العصر أنه يصلي العصر
فإن لم ينوي هذه النية المعينة المحددة بطلت الصلاة وتخلف شرط النية
الدليل
استدلوا بدليلين
الأول عموم الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات
والثاني أنه بهذا يحصل التمييز بين العبادات
والرواية الثاني عن الإمام أحمد أنه لا يشترط تعيين الصلاة
لأن في إلزام المكلف بتعيين عين الصلاة قبل الشروع فيها مشقة وحرج إذ قد ينسى الإنسان إذا أراد الشروع في الصلاة أن يعين أنها صلاة الظهر
وهذا القول ضعفه المجد جد شيخ الإسلام بن تيمية
القول الثالث في هذه المسألة المهمة أن الواجب أن ينوي أنه يصلي فرض الوقت أو إذا فاتته صلاة الظهر والعصر ونسي أيهما التي فاتته فإنه يصلي بنية أنه يصلي عن تلك التي فاتته من غير تحديد
وهذا القول أومأ إليه الإمام أحمد ورجحه القاضي من أصحابه
فاحفظ هذا المثال فإنه من أمثلة إذا سمعت أن من شدة عناية أصحاب الإمام أحمد به وبأقواله أنهم كتبوا كل شيء من فتاويه وأقواله وإيماءاته فهذا من أمثلة الإيماء أومأ الإمام أحمد ولم يذكره وإنما فقط أومأ ومع ذلك حفظ وكتب
وهذا دليل على فضله وتمكنه في العلم
هذا القول هو القول الراجح
الدليل
أنه بهذا القول تجتمع الأدلة فيحصل التمييز وتنتفي المشقة
بناء على هذا إذا أراد الإنسان أن يصلي الظهر ونوى أنه سيصلي الفريضة في هذا الوقت ولم يأت في ذهنه أنها الظهر
فعلى القول الثالث والثاني الصلاة صحيحة
وعلى المذهب الصلاة باطلة
والأقرب والله أعلم القول الثالث كما قلت لكم
• ثم قال رحمه الله
ولا يشترط في الفرض والأداء إلى آخره
يعني لا يشترط أن ينويه فرضاً وإنما يكتفي بنية الظهر
التعليل
قالوا أن نية التعيين تغني عن نية الفرض
فإذا أراد أن يصلي فإنه لا يشترط أن ينوي أنه يصلي فرضاً بل يكتفي بأنها الظهر بل يكتفي بالتعيين
إذاً إذا قيل لك لماذا لا يشترط من يصلي الظهر أن ينويها فرضاً؟
فتقول لأن نية التعيين تكفي
ومعلوم أنه على القول الثالث السابق أنه إذا لم ينو أنها الظهر يجب أن ينوي أنها الفرض أنها فرض الوقت
فإذاً المصلي لا يخلو أبداً
إما أن ينوي عين الصلاة وأنها الظهر مثلاً
أو ينوي أنها فرض الوقت
فإن لم ينو لا أنها الظهر ولا أنها فرض الوقت فهي باطلة عند جميع العلماء إلا على هذه الرواية التي لا تشترط نية التعيين
وفي الغالب أن هذا لا يحصل لأن الإنسان إذا توضأ وقصد المسجد ففي الغالب ينوي فرض الوقت
•
ثم قال رحمه الله
ولا يشترط في الفرض والأداء والقضاء
يعني أن المصلي إذا أراد أن يصلي صلاة أداء أو قضاء فإنه لا يشترط أن ينوي أن هذه الصلاة أداء ولا أنها قضاء إذا كانت أداء أو قضاء
بعبارة أخرى لا يشترط أن ينوي الأداء أداء والقضاء قضاء
لماذا؟
…
التعليل
قالوا لأنه إذا تبين الأمر بخلاف ذلك صحت الصلاة بالإجماع
فلو صلى الإنسان يظن أن الوقت خرج فنوى أنها قضاء ثم تبين بعد الصلاة أن الوقت باقٍ فالصلاة الأولى صحيحة مع أنه نواها قضاء وهي في الواقع أداء فهذه صحيحة بالإجماع
والعكس صحيح لو صلى الإنسان يظن أن الوقت باقٍ بنية الأداء ثم تبين أنه خرج فإنها تصح بالإجماع
الأذان
تكملة بعد صلاة العشاء
قال شيخنا حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
• قال رحمه الله
والأداء والقضاء
تقدم معنا قبل الصلاة أن ذكرت أن من صلى القضاء أو الأداء فإنه لا يشترط أن ينوي الأداء أداء والقضاء قضاء
وتعليل ذلك
أنه لو صلى الصلاة بنية الأداء فتبين أنها قضاء أو صلى الصلاة بنية القضاء فتبين أنها أداء صحت بالإجماع
وذكرت صورة ذلك
فصورة الأولى أن يصليها ناوياً أنها أداء ظاناً بقاء الوقت ثم يتبين أن الوقت خرج فهي في الحقيقة قضاء ومع ذلك تصح الصلاة
والعكس أن يصلي ظاناً خروج الوقت بنية القضاء ثم يتبين بقاء الوقت وأنه لم يخرج فالصلاة أيضاً في هذه الصورة صحيحة
فلهذا الإجماع قال الفقهاء أنه تصح الصلاة
• ثم قال رحمه الله
والنفل والإعادة
من صلى صلاة النافلة فإنه لا يشترط أن ينوي أنها نفل سواء كانت الصلاة
نافلة معينة كالوتر والاستسقاء والتراويح
أو كانت نافلة مطلقة كصلاة الليل
في الصورتين لا يشترط أن ينوي أنها نفل
ويدخل في عبارة المؤلف الصبي الذي لم يبلغ إذا صلى الظهر فهي في حقه نافلة ومع ذلك لا يشترط أن ينويها نافلة
لماذا؟
…
قالوا
لأن نية الوتر مثلاً تكفي عن نية النفل
كذلك لأن نية صلاة الليل المطلقة تكفي عن تحديد نية صلاة الليل
كذلك الصبي الذي لم يبلغ إذا صلى الظهر فنيته للظهر تكفي عن نية النفل
الخلاصة أن نية النفل لا تشترط لمن يصلي نفلاً سواءً كان النفل معيناً أو كان مطلقاً لما تقدم معنا الآن
•
ثم قال رحمه الله
والنفل والإعادة
لا يشترط فيمن صلى الصلاة الفريضة إعادة أن ينوي أنها إعادة
قياساً على عدم وجوب نية الفريضة بل هذا أولى
فإذا صلى الظهر ثم تبين له بطلان الصلاة وأراد أن يعيدها فإنه لا يشترط أن ينوي أن هذه الصلاة إعادة وإنما يكتفى على
المذهب بالتعيين
أو يكتفى على القول الراجح بنية الفريضة فريضة الوقت
• ثم قال رحمه الله
وينوي مع التحريمة
يعني أنه يستحب أن ينوي الفريضة ويعينها مع التكبيرة فيأتي بالتكبيرة مع النية في وقت واحد
التعليل
لكي تقارن النية الفريضة
التعليل الثاني لتكون الصلاة جاءت بجميع أجزاءها بنية حقيقية لا حكمية
ولكن هل هذا على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب؟
في هذا خلاف بين الفقهاء
فالقول الأول أن هذا على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب وهو مذهب الحنابلة
التعليل
أن من نوى قبل التكبيرة بزمن يسير فقد صلى الصلاة مع النية فتحقق الشرط وهو شرط النية
والقول الثاني في هذه المسألة هو القول الذي تبناه الإمام الشافعي أنه يجب أن تقارن النية التكبيرة
واستدل
بالحديث إنما الأعمال بالنيات
والصواب القول الأول بل إن أصحاب الإمام الشافعي أنفسهم يحكون قول الشافعي ويرجحون خلافه
لماذا؟
لأن في هذا القول مشقة وعنت شديدين
•
ثم قال رحمه الله
وله تقديمه عليها بزمن يسير في الوقت
يجوز تقديم النية على التكبيرة بشرطين
الأول أن يكون التقديم بزمن يسير
الثاني وأن يكون التقديم بعد دخول وقت الفريضة
- نبدأ بالشرط الأول
يشترط لجواز تقديم النية وإجزائها أن يكون التقديم بزمن يسير
التعليل
لأن هذا هو الذي يُحْتَاجُ إليه
ثانياً لأن التطويل يقطع الارتباط بين النية والعمل
والقول الثاني أنه يجوز أن يقدم النية على التحريمة ولو بوقت طويل ما دام مستديماً للنية ولم يقطعها
لأن الاستصحاب الحكمي كالاستصحاب الحقيقي
وأظن أنا أخذنا في أول كتاب الطهارة الفرق بين الاستصحاب الحكمي والاستصحاب الحقيقي
وهذا القول الثاني هو الصواب
- الشرط الثاني
أن يكون هذا التقدم بعد دخول الوقت
ولتوضيح هذا الشرط نذكر التفصيل التالي
ـ أولاً إن نوى النية قبل دخول الوقت ثم عزبت عن ذهنه وقطعها أيضاً قبل دخول الوقت فالنية لا تجزئه بلا خلاف
لأن النية والإبطال حصلا قبل دخول الوقت
ـ ثانياً أن ينوي قبل الوقت ويستصحبها إلى ما بعد الوقت
وهذه الصورة هي التي يريدها المؤلف رحمه الله فهي على
المذهب لا تجزئ
لأنه نوى قبل دخول الوقت
والقول الثاني أنه إذا نوى قبل الوقت واستصحبها إلى ما بعددخول الوقت فإنه يجزئ
لأن وهذا هو التعليل المهم استصحاب النية التي حصلت قبل الوقت كابتدائها فيه
وهذا القول هو الصواب إن شاء الله
فتبين معنا أنه يجوز أن يقدم النية على التحريمة بوقت طويل قبل الوقت وبعد الوقت بشرط أن لا يفسخ ويقطع هذه النية وسيذكر المؤلف رحمه الله مسألة قطع النية
• يقول رحمه الله
فإن قطعها في أثناء الصلاة بطلت
إذا قطعها في أثناء الصلاة بطلت بلا خلاف
وكذا إذا قطعها قبل الصلاة ثم صلى بلا نية جديدة فإنها تبطل بلا خلاف
التعليل
أن النية من شروط الصلاة ولم يأت بها وهذا أمر متبادر إلى الذهن
إذاً إذا فسخ وقطع النية بطلت بلا إشكال ولا خلاف
• ثم قال رحمه الله
أو تردد بطلت
إذا تردد الإنسان في النية أثناء الصلاة فإن الصلاة تبطل
وهذا مذهب الحنابلة
لأن هذا التردد يذهب اليقين
ولأنه لم يبق جازماً مع هذا التردد
والقول الثاني أن التردد لا يبطل الصلاة
لأن اليقين مقدم على الشك فهو متيقن للنية متردد في ما عداها
وهذا القول اختاره من الحنابلة الشيخ ابن حامد رحمه الله وهو من علماء الحنابلة الذين لهم اختيارات ليست كثيرة لكنها جيدة
وهذا القول هو الصواب وهوعدم الإبطال
بدليل يعني سبب الترجيح
أن ابن مسعود رضي الله عنه قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ وأطال حتى هممت بأمر شر قيل وبما هممت؟ قال هممت أن اجلس وأدعه
ففي هذا الحديث تردد ابن مسعود لأنه يقول هممت فهو متردد في الاستمرار في الصلاة أو قطعها وترك النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم تبطل صلاته
فدل هذا الأثر على صحة قول من قال أن التردد لا يبطل الصلاة ولا يقدح في النية
•
ثم قال رحمه الله
وإن قلب منفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز
تأمل معي في هذه المسألة
يقول إن قلب منفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز
أي أنه يجوز عند الحنابلة أن يقلب المصلي فرضه الذي دخل به إلى نفل جاز بشرط أن يكون الوقت متسعاً ط
وفي هذه المسألة تفصيل فهي تنقسم إلى قسمين
القسم لأول أن يقلب فرضه نفلاً لسبب صحيح
القسم الثاني أن يقلب فرضه نفلاً لغير سبب
- نبدأ بالقسم الثاني
إذا قلب فرضه إلى نفل بغير سبب صحيح
فعند الحنابلة تصح مع الكراهة
قال تصح
لأن نية النفل مندرجة في الفرض
بدليل لو أحرم وهو يظن دخول الوقت ثم تبين له أن الوقت لم يدخل انقلبت صلاته إلى نفل
فهذا يدل على أن النفل مندرج في الفرض
وقالوا يكره
لأنه أبطل عمله
والقول الثاني أنه لا يجوز ولا يصح أن يقلب فرضه نفلاً بلا عذر ولا سبب صحيح
لأن في هذا إبطال لفريضته بلا سبب
- القسم الثاني وهو الذي ذكرته لك أولاً
أن يقلب فرضه نفلاً لسبب صحيح
فالصواب أنه يجوز بلا كراهة
مثال للسبب الصحيح أن يحرم بالفريضة ثم تحضر جماعة ويريد أن يدخل معهم ليصلي الفريضة جماعة فيجوز له أن يقلب هذه الفريضة إلى نفل ويتمها ثم يدخل مع الجماعة التي حضرت
فهذا سبب شرعي صحيح
وقلت أنه يجوز ويصح بلا كراهة
لأن جنس قلب النية جاء في السنة
فالنبي صلى الله عليه وسلم لما صلى الليل منفرداً دخل معه ابن عباس رضي الله عنه وهو في هذه الحالة قلب النية من الانفراد إلى الإمامة
وسيأتينا شواهد كثيرة في المسائل التالية
بهذا كمل الكلام حول مسألة قلب المفترض نيته إلى نافلة قلب الفريضة إلى نافلة بهذا التفصيل كمل
والذي يظهر لي في المسألة الأولى إذا كان القلب بلا حاجة مطلقاً أنه لا يجوز
ولا أظن أن أحداً يفعل هذا الفعل إذ ما هو السبب أن الإنسان يدخل في الفريضة ثم يقلبها نافلة بلا سبب
فإن فعل لو تصور وجود هذه الصورة فالذي أراه أنه لا يجوز ولا يصح كما هي الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله
• ثم قال رحمه الله
وإن انتقل بنيته من فرض إلى فرض بطلى
إذا انتقل بنيته من فرض إلى فرض بطل الفرض الأول والفرض الثاني
وهذا يحتاج إلى إيضاح
أولا
يقول وإن انتقل بنيته
ولهذ الكلمة مفهوم لأنه لو انتقل بغير النية بأن كبر ونوى نية جديدة للفريضة الثانية بطلت الأولى وصحت الثانية
لأنه هنا لم ينتقل بنيته وإنما انتقل بنيته وتكبيره وشروعه في فرض آخر
إذاً عندنا صورتان
الصورة الأولى أن ينتقل بمجرد النية فقط ينوي كمن كان يصلي العصر وتذكر أنه لم يصل الظهر فقلب نيته فوراً إلى نية الظهر فهو هنا هل كبر للظهر من جديد أو انتقل بمجرد النية؟ بمجرد النية
إذا انتقل بمجرد النية بطلت الأولى ولم تصح الثانية
لماذا؟
بطلت الأولى لأنه قطع نيتها
ولم تصح الثانية لأنه لم يدخل فيها دخولاً شرعياً
إذاً عرفنا الآن أنه إذا انتقل بغير النية بأن يشرع شروعاً جديداً بتكبيرة الإحرام ونية جديدة في الفريضة الثانية فإنه في هذه الصورة تبطل الأولى وتصح الثانية
وأما إن انتقل وهو المقصود بكلام المؤلف رحمه الله بنيته فقط بطلت الأولى ولم تصح الثانية وعرفت التعليل
- مسألة هل الذي بطل الفريضة بالنسبة للأولى أو الصلاة؟
الجواب
إن نوى إبطال الفريضة صحت الصلاة نافلة لأنه إنما نوى إبطال الفريضة لا الصلاة من أصلها
وإن نوى إبطال الصلاة من أصلها لم تصح الأولى لا فريضة ولا نافلة
بعبارة أخرى أسهل
إذا انتقل الإنسان بنيته من فريضة إلى فريضة بطلت الفريضتان ولكن هل تصبح الأولى نافلة؟
الجواب
إن نوى بالإبطال إبطال الفرض فقط بالنسبة للأولى دون الصلاة صحت الأولى نافلة وبطلت فريضة
وإن نوى إبطال الصلاة من أصلها بطلت الأولى والثانية
فنفرق بين نية الفريضة ونية أصل الصلاة لأن نية الفريضة أمر زائد على مجرد الصلاة
مداخلة من أحد الطلاب ليست واضحة من الشريط قال الشيخ بعدها هذا ينبني على الخلاف السابق قال الحنابلة وهذا ينبني على الخلاف السابق فيمن قلب فرضه نفلاً إن صحت تلك صحت هذه أحسنت تنبه ممتاز
إذاً نقول إذا انتقل الإنسان نت فرضه إلى فرضه فهل تصبح الأولى نافلة أو تبطل؟
الجواب تصبح نافلة إن نوى إبطال الفريضة فقط
وتبطل برمتها إن نوى إبطال الصلاة
والقول بكونها تصبح نافلة مبني على المسألة السابقة وعي قلب المصلي نيته من الفرض إلى النفل
وهاتان الصورتان اللتان ذكرتهما الأولى أن ينوي إبطال الفريضة فقط والثانية أن ينوي إبطال الصلاة برمتها فهذه هي الصورة الثانية
أن ينوي إبطال الصلاة كلها لا إبطال فريضة الظهر فقط في المثال المذكور
يعني إذاً الصورة الثانية تسهيلاً من يصلي العصر ثم يذكر أنه لم يصل الظهر فإن نوى إبطال فريضة العصر صحت نافلة على القول بصحة النافلة
وإن نوى إبطال الصلاة برمتها لم تصح لا نافلة ولا فريضة
•
ثم قال رحمه الله
وتجب نية الإمامة والائتمام
المؤلف رحمه الله يقول تجب نية الإمامة والائتمام
يعني
يجب على الإمام أن ينوي أنه إمام يقتدى به
ويجب على المأموم أن ينوي أنه مأموم يقتدي بالإمام
فان لم ين هذه النية الإمام والمأموم بطلب الصلاة في الإمام والمأموم
إذاً عندنا مسألة الإمامة ومسألة المأموم
- نبدأ بالمأموم
المأموم بلا نزاع بين الفقهاء الأربعة أنه لا يكون مأموم إلا بنيته فإن لم ينو لم يكن مأموماً
إذاً لا إشكال في مسألة الإئتمام أنه لا تصح إلا بالنية
- نأتي لنية الإمامة
فالمذهب يرون أنه يتشرط لصحة الإمامة وصحة صلاة الجماعة أن ينوي الإمام الإمامة
الدليل
قالوا الدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات
وذكروا تعليلاً حسناً آخر
فقالوا أنه يترتب على صلاة الجماعة أحكام كثيرة منها
سقوط السهو عن المأموم
ومنها وجوب المتابعة
وأحكام أخرى كثيرة
ولا يتميز الإمام عن المأموم إلا بنية
بناء على هذا لو صلى اثنان كل منهما يظن أنه الإمام بطلت صلاة الجميع
ولو صلى اثنان يظن كل منهما أنه مأموم بطلت صلاة الاثنين
لماذا؟
لأن شرط الإمامة والإئتمام لم يتوفر فبطلت الصلاة
والقول الثاني أنه لا يتشرط للإمام أن ينوي الإمامة بل لو اقتدى شخص بشخص لم ينو أن يكون إماماً صحت الصلاة جماعة
واستدل هؤلاء
بحديث عائشة الثابت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في حجرته وكان جدار الحجرة قصيراً فصلى بصلاته أناس من الصحابة
فظاهر هذا الخبر أنهم اقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم ينو أن يكون إماماً
ولا يستدل بحديث ابن مسعود ولا حديث ابن عباس رضي الله عنهما لأن بعد دخولهما نوى النبي صلى الله عليه وسلم الإمامة فصار يؤمهما
لكن في هذا الحديث لم يعلم بهم أصلاً فهو ألصق
وهذا القول كما ترون فيه حديث صحيح يجب المصير إليه
فالراجح أنه لا يشترط للإمامة وصحت صلاة الجماعة أن ينوي الإمام الإمامة
فما يحصل كثيراً وهو أن يقوم شخص يقضي الصلاة فيقف بجواره شخص لم يدرك الصلاة وؤيصلي بصلاته مع أن الإمام لم يشعر بذلك كله ففي هذه الصورة عند
الحنابلة لا تصح
لأن نية الإمامة والإئتمام واجبة
وعلى القول الثاني صلاة الإمام صحيحة وصلاة المأموم صحيحة ولو لم ينو الإمام الإمامة
لكن هناك بحث آخر الإمام له أجر الجماعة في مثل هذه الصورة وأن لم ينو؟ أو له أجر الانفراد لأنه لم ينو؟
هذا فيه خلاف والأقرب أنه ليس له نية الجماعة
لأن الأعمال بالنيات
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال يعني صحتها بالنيات يعني إنما تصح الأعمال وتبطل بالنية
•
ثم قال رحمه الله
وإن نوى المنفرد الائتمام لم يصح
يعني إذا نوى المنفرد في أثناء الصلاة الائتمام لم يصح
لأن النية لم توجد من أول الصلاة والنية شرط
والقول الثاني أن المنفرد إذا نوى الإئتمام تصح الصلاة ولو في أثناء الصلاة
الدليل على هذا
ما تقدم معنا أن في السنة شواهد كثيرة لقلب النية وأن الصلاة تصح مع ذلك منها
حديث ابن مسعود رضي الله عنه السابق حيث دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في أثناء الصلاة
ومنها حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي الليل فقام معه ابن عباس في أثناء الصلاة وصف عن يساره فأخذه وجعله عن يمينه
ومنها أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه صلى بالناس إماماً فلما حضر النبي صلى الله عليه وسلم رجع وصار الإمام النبي صلى الله عليه وسلم فهنا انقلبت نية أبي بكر الصديق رضي الله عنه من الإمامة إلى الائتمام
وفي حديث ابن عباس انقلبت نية النبي صلى الله عليه وسلم من الإنفراد إلى الإمامة
فهذه الشواهد تدل على أن جنس قلب النية ما دام لغرض شرعي صحيح أنه جائز ولا حرج فيه
فالقول الثاني هو ما قلت لك في مسألة المنفرد إذا نوى الإئتمام أنه يصح
• ثم قال رحمه الله
قوله كنية إمامته فرضاً
أي كما أنه لا يجوز أن يقلب المنفرد نيته من الانفراد إلى الإمامة في الفريضة فقط
يعني أن
الحنابلة يرون أن المنع من قلب نية المنفرد إلى نية الإمامة ممنوع في الفريضة فقط دون النافلة
لأن الإمام أحمد يقول في النافلة جاء حديث ابن عباس فهو نص في قلب النية من الانفراد إلى الإمامة لكن قاتل الإمام أحمد هذا جاء في النافلة وليس كذلك يقول الفريضة لأنه لم يأت
والقول الثاني أنه يجوز
لأن ما ثبت في النافلة ثبت في الفريضة إلا بدليل خاص ولا دليل يستثني هذه الصورة
• ثم قال رحمه الله
وإن انفرد مؤتم بلا عذر بطلت
مقصود المؤلف رحمه الله بقوله إذا انفرد المؤتم يعني خرج عن الجماعة وصلى منفرداً
فالحكم يقول رحمه الله بطلت بشرط أن يكون ذلك بلا عذر
التعليل
أنه ترك متابعة الإمام بلا عذر كما لو تركها في أثناء الصلاة فإن المأموم لو ترمك متابعة الإمام في صلاة الجماعة بلا عذر بطلت صلاته فكذلك إذا انفرد
والقول الثاني أنه إذا ترك متابعة الإمام بلا عذر تصح الصلاة
قياساً على ما إذا نوى المنفرد الإمامة أو نوى المنفرد الائتمام
والصواب القول الأول وهو المذهب ومن ترك الجماعة بلا عذر ولا سبب شرعي فصلاته باطلة
- القسم الثاني
أن ينفرد عن الجماعة ويترك المتابعة بعذر فهنا صلاته صحيحة
لما ثبت في البخاري ومسلم أن معاذاً رضي الله عنه صلى بقومه فقرأ بالبقرة فانصرف رجل وصلى وحده فلما أخبر معاذ رضي الله عنه قال إنك منافق فقال الرجل لآتين النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما حصل قال صلى الله عليه وسلم أفتان أنت يا معاذ
ففي الحديث إقرار للرجل على انفراده ولم يأمره بإعادة الصلاة
الخلاصة أن انفراد المؤتم عن الجماعة ينقسم إلى قسمين
إما أن يكون بعذر
أو يكون بغير عذر
فإن كان بعذر جاز وصح
وإن كان بغير عذر حرم وبطل
•
ثم قال رحمه الله
وتبطل صلاة مأموم ببطلان صلاة إمامه بلا استخلاف
مقصود المؤلف رحمه الله
أنه إذا بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم
وأنه لا يجوز ولا يصح للإمام أن يستخلف وهذا معنى قوله بلا استخلاف
والاستخلاف هو أن ينيب الإمام رجلاً من الجماعة ليكمل الصلاة بالباقين
فعند الحنابلة إذا بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم ولا يصح ولا يجوز أن يستخلف
التعليل
قالوا لارتباط صلاة الإمام بالمأموم فإذا بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم
والقول الثاني أن بطلان صلاة الإمام لا يؤدي إلى بطلان صلاة المأموم وعليه أن يستخلف
الدليل
الدليل على ذلك
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما طعن استخلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فأتم بالمسلمين الصلاة
وقد وقع هذا بحضرة الصحابة ولم ينكره منهم أحد فهو كالإجماع
وهذا القول الثاني ظاهر القوة
فتبين من ذلك أن بطلان صلاة الإمام لا يؤدي إلى بطلان صلاة المأموم إلا
إذا بطلت في ما يحمله الإمام عن المأموم ففي هذه الصورة تبطل صلاة الإمام والمأموم
القاعدة أن بطلان صلاة الإمام لا يؤدي إلى بطلان صلاة المأموم إلا فيما يحمله الإمام عن المأموم
مثاله على القول بأنه لا يجب على المأموم قراءة الفاتحة في الجهرية أو في السرية على هذا القول من الذي يحمل عن المأموم قراءة الفاتحة؟
الإمام
فلو فرضنا أن الإمام في السرية نسي أن يقرأ الفاتحة وذهب والمأموم لم يقرأ الفاتحة بناء على أن الإمام يحمل عنه قراءة الفاتحة ففي هذه الصورة بطلت صلاة الإمام وبطلت أيضاً صلاة المأموم
هذا على القول بأن الإمام يحمل عن المأموم قراءة الفاتحة وستأتينا هذه المسألة في صفة الصلاة
ثم في المسألة الأخير
• قال رحمه الله
وإن أحرم إمام الحي بمن أحرم بهم نائبه وعاد النائب مؤتماً صح
معنى هذه المسألة
أنه إذا تأخر الإمام عن الصلاة وتقدم النائب وأحرم بالصلاة ثم حضر بعد ذلك الإمام فإنه يجوز أن يؤم الجماعة ويصبح النائب مأموماً بعد أن كان إماماً
وهذا معنى قوله رحمه الله وإن أحرم إمام الحي بمن أحرم بهم نائبه وعاد النائب مؤتماً صح
الدليل على هذا الحكم
حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإنه نص في هذه المسألة بالذات حيث أصبح الإمام مأموماً وهو أبو بكر وأصبح النبي صلى الله عليه وسلم إماماً
فهذه المسألة دليها هذا النص
وبهذا نكون قد توقفنا على باب صفة الصلاة والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد
انتهى الدرس