المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب مسح الخفين - شرح زاد المستقنع - أحمد الخليل - جـ ١

[أحمد الخليل]

الفصل: ‌باب مسح الخفين

‌باب مسح الخفين

• قال المؤلف رحمه الله:

باب مسح الخفين.

لما ذكر رحمه الله الغسل أعقبه بالكلام على المسح لأن المسح يقوم مقام الغسل.

والمسح هو: إمرار اليد على الشيء. في لغة العرب.

وفي الإصطلاح: إصابة البلة حائل مخصوص بكيفية مخصوصة.

والخف: اسم لما يلبس على الرجل من الجلد.

ولما عرفنا الخف فمن المناسب أن نعرف الألفاظ التي تقرب الخف ومنها:

- الجرموق: هو ما يلبس على الرجل من جلد فوق الخف ويكون قصيراً.

- والموق: هو الجرموق. فالصحيح أنه لا فرق بينهما.

- الجوربان: هما ما يلبس على الرجل من غير الجلد كالصوف والقماش.

• قال رحمه الله:

يجوز: يوماً وليلة.

عرفنا من هذه العبارة أن حكم المسح على الخفين جائز.

وجواز المسح على الخفين مذهب الجماهير من أهل العلم بلا خلاف بينهم.

ويدل على المشروعية أمران:

- الأمر الأول: أحاديث صحيحة:

ـ كحديث علي - في صحيح مسلم: (يمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليهن).

ـ وحديث صفوان -: (أمرنا أن لا ننزع الخفاف إذا كنا سفراً ثلاثة أيام).

ـ وحديث عوف بن مالك -: نحو هما.

إذاً السنة الصحيحة الصريحة الواضحة تدل على مشروعية المسح على الخفين.

- الأمر الثاني: إجماع الصحابة. حكم هذا الاجماع الحافظ ابن المبارك فقال رحمه الله: (لم يختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين)

عرفنا الآن مشروعية المسح والأدلة وأنه مشروع بالنص من السنة والإجماع.

• يقول رحمه الله:

يجوز يوماً وليلة ولمسافر ثلاثة بلياليها.

هذا هو وقت المسح.

فوقت المسح هو: يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر.

وعرفنا الأدلة: - حديث علي -: (يمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليهن والمقيم يوم وليلة).

- وحديث صفوان السابق.

- وحديث عوف بن مالك.

فكلها تدل على هذا التوقيت.

ومقصود الفقهاء بيوم وليلة: أي أربعة وعشرين ساعة. وليس كما يظن بعض الناس أن المقصود به خمس صلوات. فهناك فرق بين هذين التوقيتين.

• ثم قال رحمه الله: - في مسألة مهمة من أهم مسائل الباب.

من حدث بعد لبس.

يريد المؤلف بهذه العبارة أن يبين متى يبدأ حساب المدة؟.

= فعند الحنابلة: يبدأ احتساب المدة من الحدث. لذا يقول: من حدث بعد لبس.

وهذا التوقيت هو مذهب جمهور الأئمة.

استدل الجماهير: بحديث صفوان - السابق: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ننزع خفافنا إذا كنا سفراً ثلاثة أيام بلياليهن إلا من جنابة لكن بول وغائط ونوم).

ص: 94

فقوله: (لكن من بول وغائط ونوم) قالوا: أنه يفهم من هذه العبارة أنه بعد مضي يوم وليلة من الغائط ينتهي المسح. أو ثلاثة أيام للمسافر.

والقول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد وهي من المفردات: أن ابتداء المدة من أول مسحة.

الدليل: قالوا أن النبي ‘ يقول في الحديث الصحيح (يمسح المسافر ثلاثة أيام) ولو اعتبرنا أن المدة تبدأ من الحدث لم يصدق عليه أنه مسح ثلاثة أيام.

سيتبين الدليل بالمثال: إذا فرضنا أن إنساناً توضأ ولبس الخف في الساعة الرابعة - بعد صلاة العصر - وفي الساعة الخامسة أحدث ثم في الساعة السابعة مسح.

• عند الحنابلة: متى يبدأ؟

ـ يبدأ: من الخامسة - من ساعة الحدث.

• وعلى الرواية الثانية: متى يبدأ المدة؟

ـ يبدأ من: الساعة السابعة.

• الفرق بين الخامسة والسابعة:

ـ ساعتان.

وهاتان الساعتان ذهبتا على الماسح عند الحنابلة لأنه لم يتمكن من المسح إلا لمدة ثلاث وعشرين ساعة فالساعتين لم يتمكن فيهما من المسح.

إذاً لم يصدق عليه أن الشارع أباحه المسح لمدة يوم وليلة.

وهذا القول يعتبر من مفردات مذهب الحنابلة بالنسبة للمذاهب الأربعة وممن اختاره أيضاً أبو ثور والأوزاعي وشيخ الإسلام رحمهم الله الجميع.

وهذا القول هو الصحيح: وهو أن حساب المدة يكون من أول مسحة بعد الحدث لا من الحدث نفسه.

ثم لما بين المؤلف مدة المسح والوقت الذي يبتدئ الحساب منه انتقل إلى شروط الممسوح فقال ’:

على طاهر مباح ساتر للمفروض يثبت بنفسه من خف وجورب صفيق ونحوهما.

الشرط الأول: من شروط جواز المسح:

- أن يكون الخف أو الجورب طاهراً.

ما هو الدليل على أنه يشترط أن يكون الممسوح طاهراً؟

الجواب: أن الدليل هو الإجماع. فقد أجمع الفقهاء على هذا الحكم.

لكن بقيت مسألة في قضية طهارة الممسوح وهي:

أن مراد الفقهاء بقولهم طاهر هو الطهارة العينية لا النجاسة الطارئة.

بعبارة أخرى: يجوز المسح على المتنجس لا على النجس.

بمعنى: أنه لو كان الخف مصنوع من جلد نجس فهل يجوز أن نمسح عليه؟

الجواب: لا. لا يجوز.

إذا كان الخف مصنوع من صوف وأصابه البول فهل يجوز أن نمسح عليه؟

نعم. يجوز.

ص: 95

فإذا مسحنا على خف متنجس فيجب عند إرادة الصلاة أن نطهر الخف ولكن لو أردنا أن نقرأ القرآن فهل يجوز أن نمسح ونقرأ؟

نعم. يجوز.

لماذا؟

لأن المسح على الخفين مسح صحيح ولو كانا متنجسين ولكن يجب أن نغسل الخفين المتنجسين إذا أردنا الصلاة.

وبهذا نكون قد عرفنا مقصود الفقهاء رحمهم الله.

فإذا قيل لك: ماذا يقصد المؤلف بقوله على طاهر؟

فتقول: يقصد على طاهر العين ولا يقصد نفي الطهارة أو النجاسة الطارئة.

• قال رحمه الله:.

مباح

يعني أنه لا يجوز للإنسان أن يمسح على الخف المحرم. وهذا التحريم يأتي من سببين:

1.

إما بسبب الكسب.

2.

أو بسبب الذات.

يعني محرم لذاته ومحرم لكسبه.

• المحرم لكسبه: كالخف المغصوب أو المسروق أو المشري بمال حرام أو بمال ربا أو بمال الرشوة.

• المحرم لذاته: أو لعينه: كالخف المصنوع من حرير أو من جلد نجس.

ما الدليل؟

دليل هذه المسألة قاعدة عامة عند الجمهور "" أن الرخص لا تناط بالمعاصي""، والمسح رخصة فلا يناسب تجويزه لمن اقتنى خفاً محرماً لكسبه أو لعينه.

والقول الثاني: أنه يجوز المسح على الخف المحرم لكسبه لأنه لا علاقة بين التحريم والمسح بدليل أنه لو لم يمسح فهو آثم - مسح أم لم يمسح ولأن الإثم يتعلق بالغصب.

والقول الثاني: أقرب. وإن كان الاحتياط أن يعيد صلاته. لكن من حيث الدليل الأقرب صحة الصلاة.

• ثم قال رحمه الله: - في الشرط الثالث من شروط الممسوح:

ساتر للمفروض.

يعني أنه يشترط لجواز المسح على الخف أن يكون ساتراً لجميع الفرض. وهو القدم إلى الكعبين.

ما الدليل على هذا الحكم؟

الدليل: أن الخف إذا ظهر بعضه وستر بعضه فإن حكم المستور المسح وحكم الظاهر الغسل والمسح والغسل لا يجتمعان فتعين الغسل لأنه الأصل.

فيقولون أن هذه الرجل اجتمع فيها ظاهر ومغطى فالظاهر يجب أن يغسل لأنه منكشف والمغطى يجب أن يمسح ولا يمكن أن تجتمع طهارة المسح والغسل فننتقل إلى الغسل لأنه الأصل.

والقول الثاني في هذه المسألة: أن هذا الشرط غير ثابت بدليل:

1.

أن خفاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانت ممزقة بسبب الفقر وكانوا مع ذلك يمسحون عليها.

2.

ولأن الأدلة عامة - الأدلة التي سبقت معنا - كحديث علي وصفوان وهذا مذهب أبي حنيفة واختيار شيخ الإسلام.

ص: 96

وهو الصواب بل العمل بمذهب الحنابلة شاق أو متعذر لا سيما في أوقات الفقر والعوز.

• ثم قال ’: - مبيناً الشرط الرابع:

يثبت بنفسه.

يشترط في الممسوح أن يكون ثابتاً بنفسه فإن لم يثبت إلا بالربط أو بالشد أو بلبس النعل فإنه لا يجوز والحالة هذه أن نمسح عليه.

فإذا كان الجورب واسع لأي سبب من الأسباب بحيث لا يثبت بنفسه فإنه لا يجوز أن نمسح عليه ولو تم ربطه وشده.

لأنه يقول: ويثبت بنفسه يعني أنه يشترط فيه أن يثبت بنفسه.

ما الدليل؟ الدليل: قالوا أن الأدلة الدالة على جواز المسح - الرخصة - وردت في المعتاد وما لا يثبت بنفسه فليس معتاداً فلا يدخل في النصوص.

ولا بد أن تنتبهوا لهذين الشرطين: -

1.

أن يكون ساتراً لمحل الفرض.

2.

وأن يثبت بنفسه.

لماذا؟ الجواب: لأن عليهما تفاريع كثيرة في المذهب كما سيأتينا فلا بد من فهم هذين الشرطين والخلاف فيهما.

القول الثاني: أنه لا يشترط أن يكون ثابتاً بنفسه. فلو ثبت بمثبت أياً كان بربط أو شد أو بلبس النعل فإنه يجوز أن نمسح عليهما. وهذا مروي عن الإمام أحمد وأيضاً هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ’.

والراجح هو عدم اشتراط هذا الشرط بل هو شرط ضعيف جداً.

• ثم قال ’ في الشرط الخامس:

من خف وجورب صفيق ونحوهما.

(مِنْ) في قوله: (مِنْ خف) متعلقة بقوله: (على طاهر) يعني أن العبارة هكذا: على طاهر من خف وجورب صفيق ونحوهما.

يعني أنه يجوز المسح على جنس هذا الأشياء - الخف والجورب والموق والجرموق أما ما عدا هذه الأشياء كالنعل فإنه لا يمسح عليهما بلا خلاف وحكى الإجماع أكثر من واحد.

إذاً بالإجماع لا يجوز المسح على النعل ونحوه إنما جنس الجوارب أو الخفاف وهي مايكون منها من جلد أو من صوف هي التي جاءت السنة بجواز المسح عليها.

وعرفنا من قول المؤلف أن الجورب حكمه حكم الخف.

فإن قيل النصوص فيها ذكر الخف وليس فيها ذكر للجوارب فالجواب من وجهين:

• الأول: أنه روي عن تسعة من أصحاب النبي ‘ أنه يجوز المسح على الجوارب ولا يعلم لهم مخالف فاعتبره عدد من الفقهاء إجماع وهو كذلك.

• الثاني: أن الجوارب تقاس على الخفاف.

فإذاً لا إشكال في المسح على الجورب.

• ثم قال ’:

وعلى عمامة. لرجل محنكة.

ص: 97

يعني أنه يجوز المسح على عمامة الرجل. والدليل على جواز المسح على العمامة:

• أولاً: أنه ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على عمامته.

• وثانياً: أن العمامة تقاس على الخف بجامع مشقة النزع في كل منهما.

والقول بجواز المسح على العمامة من الأقوال التي تميز بها مذهب الحنابلة لأن الجمهور يرون عدم جواز المسح على العمامة وهو القول الثاني: ويأخذون بعموم الآية فإن الله أمرنا بأن نمسح على رؤوسنا فقال (وامسحوا برؤوسكم) قالوا: فلا يجوز أن نمسح على غير الرأس.

لكن الحنابلة أخذوا بحديث صحيح مروي في صحيح مسلم فهم أحظ بالدليل.

وكما قلت هذا القول من مميزات مذهب الحنابلة ومن الأدلة على ما يتميز به مذهب الحنابلة فقد أخذنا في أول درس مميزات مذهب الحنابلة فالأول منها أخذهم بالأدلة والنصوص.

• لكن شرط المؤلف شروطاً فقال رحمه الله:

لرجل - وأن تكون محنكة أو ذات ذؤابة.

يشترط للمسح على العمامة:

1.

أن يكون اللابس لها رجل.

2.

وأن تكون محنكة أو ذات ذؤابة. ومعنى التحنيك أن تدار من تحت الحنك.

• الدليل على أنه يشترط أن يكون اللابس لها رجل: أن المرأة يحرم عليها لبس العمامة لما فيه من التشبه بالرجال ولذا فإنه لا يجوز لها إذا لبست وخالفت: أن تمسح.

• الدليل على اشتراط التحنيك: قالوا أن النص جاء بالمسح على العمامة والعمامة إذا أطلقت في عرف المسلمين في العهد النبوي هي العمامة المحنكة فبها تناط الرخصة دون العمائم التي لم تحنك.

القول الثاني: أنه لا يشترط أن تكون محنكة لأن النصوص الصحيحة التي جاء فيها جواز المسح لم تشترط التحنيك.

= مالجواب على دليل الحنابلة؟

- أجاب شيخ الاسلام عن هذا الدليل بقوله: أن السلف إنما كرهوا لبس العمامة الغير محنكة لأنه يحتاج إلى التحنيك في الجهاد ونحوه. لأن الفارس إذا ركب بدون أن يحنك عمامته فإنها تسقط هكذا قال شيخ الاسلام وهو جواب سديد.

= إذاً قيل لك هل كره السلف لبس العمامة غير المحنكة؟

- فالجواب: نعم كرهوا لبس العمامة التي لم تحنك.

= فإذا قيل لك لماذا؟

- فالجواب: لأنه يحتاج إليها في الجهاد ونحوه لا لمسألة المسح.

• قال رحمه الله:

أو ذات ذؤابة:

الكلام في الذؤابة كالكلام في التحنيك: يعني:

ص: 98

إما أن تكون محنكة أو تكون ذات ذؤابة لكن من المفيد أن تعرف أن عدداً من العلماء الذين رأوا جواز المسح على المحنكة يرون عدم جواز المسح على العمامة ذات الذؤابة فلابد من التحنيك.

والصواب أنه لا يشترط لا التحنيك ولا الذؤابة.

• ثم قال رحمه الله:

وعلى خمر نساء مدارة تحت حلوقهن.

يجوز عند أصحاب الإمام أحمد رحمهم الله أن تمسح المرأة على الخمار بشرط ذكره وهو: - أن تكون مدارة تحت الحلق.

الدليل:

• أولاً: قالوا: صح عن أم سلمة رضي الله عنها وهي من فقيهات الصحابة أنها مسحت على الخمار.

• ثانياً: القياس على الخف بجامع مشقة النزع.

القول الثاني: للجماهير: أنه لا يجوز المسح على خمر النساء لأنه لا يوجد دليل صحيح يدل على الجواز وما فعلته أم سلمة رضي الله عنها أثر وليس بنص.

القول الثالث: أنه يجوز عند الحاجة كوجود البرد أو أن تكون لفة الرأس عليها لنحو وضع حناء أو لأي صورة من صور الحاجة.

وهذا القول - الثالث - يشعر به كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.

وهو الصواب فهو وسط بين المانعين والمجيزين. وإلا في الحقيقة فإن القول بالمنع أقرب لأنه لم يأت نص صحيح على الجواز والأصل المسح وفعل صحابية واحدة وإن كانت من الفقيهات لا يقوى في الحقيقة على التنازل عن فرض من فروض الوضوء وهو مسح الرأس. لكن مع وجود هذا الأثر ووجود الحاجة يكون الجواز متوجهاً.

ويدل على الجواز أن النبي صلى الله عليه وسلم لبد رأسه في الحج والظاهر أنه مسح ملبداً يعني مسح حال كونه ملبداً. فهذا أيضاً يقوي مسألة المسح على خمار المرأة.

• ثم قال رحمه الله:

في حدث أصغر.

هذا الشرط السادس وهو: أنه إنما يجوز المسح في الحدث الأصغر دون الأكبر والدليل على هذا حديث صفوان وفيه - كما تقدم - قوله إلا من جنابة.

ثم أيضاً هذا الحكم محل إجماع.

• ثم قال رحمه الله:

وجبيرة لم تتجاوز قدر الحاجة - ولو في أكبر - إلى حَلِّهَا:

هنا تبين أن عندنا أنواعاً من الممسوح:

الأول: الخف.

والثاني: الجوارب.

والثالث: العمامة.

والرابع: الخمار.

والخامس: الجبيرة.

لكن هم يجعلون العمامة والخمار شيء واحد. وعلى كل نستطيع أن نقول هي خمس.

الجبيرة: يجوز عند الحنابلة أن يمسح على الإنسان وخالفوا بهذا مذهب الظاهرية فإنهم يرون عدم الجواز.

ص: 99

الدليل:

• أولاً: صح عن ابن عمر - أنه مسح على عصابة ربط بها يده.

• ثانياً: روي عن عدد من التابعين أنهم مسحوا على الجبائر.

فإن قيل: هل معنى الاستدلال بالآثار أنه لا يوجد في الباب نصوص؟

فالجواب: نعم بدليل قول البيهقي ’: لا يصح في هذا الباب أي حديث.

فعرفنا من قول البيهقي: أن أي حديث فيه المسح على عصابة أو لفافة على الجرح فهو حديث ضعيف.

ومن أشهر هذه الأحاديث حديث صاحب الشجة فإن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروى - أرشده إلى المسح على الجرح الملفوف.

ولكن هذا الحديث وإن صححه بعض المعاصرين فإنه حديث ضعيف كما قال – النووي –.

هذه المسألة مهمة فيجب أن تفهم أنه في باب الجبائر لا يوجد حديث صحيح وإنما العمدة على أمرين:

• الأول: ما صح عن ابن عمر: فلو كان يوجد آثار عن الصحابة لكانت المسألة أقوى إنما صح فقط عن ابن عمر.

• والثاني: أنه روي عن عدد من التابعين.

ثم لما بين مشروعية المسح على الجبيرة ذكر الشروط: فقال ’:

لم تتجاوز قد الحاجة.

يعني أنه يشترط لجواز المسح على الجبيرة: أن يقتصر في شدها على موضع الحاجة.

الدليل:

قالوا الدليل: قاعدة مشهورة متفق عليها: "" أن الضرورة والحاجة تقدر بقدرها بلا زيادة ولا نقصان "".

فإذا شد الإنسان الجبيرة أكثر من الحاجة – صورة هذه المسألة:

كأن تنكسر يد الإنسان من الوسط ويكفي لبرئها أن يشد عليها جبيرة بمقدار شبر فالمعالج شد الجبيرة بمقدار شبر ونصف.

فكم الزيادة؟

زاد عن حاجة المريض نصف شبر. فحينئذ نقول هذا الشد لا يجوز.

وماذا يصنع؟

يقول الحنابلة:

• إن أمكن أن تفك الجبيرة بلا ضرر وجب أن تفك.

• وإن لم يمكن فإنه يمسح ويتيمم عن الباقي.

ما هو دليل هذا الحكم؟

الدليل: القاعدة ""أن الضرورة أو الحاجة تقدر بقدرها"".

والقول الثاني: في هذه المسألة: ويفهم من كلام الإمام أحمد أنه يجوز أن تشد كيفما تيسر حال وقوع الحادث لأن مراعاة ذلك فيه مشقة.

ص: 100

وهذا القول هو الصواب. لأنه من الصعوبة بمكان إذا أراد الطبيب في وقتنا هذا أن يجبص اليد أن نقول له: أن لا يزيد التجبير عن الحاجة، فهذا فيه صعوبة بالغة ومشقة والمشقة في الشرع تجلب التيسير والمريض في حال المرض والانكسار يصعب عليه أن يراعي مثل هذه الأشياء الدقيقة.

• ثم أكمل المؤلف رحمه الله بقوله:

ولو في أكبر إلى حلها.

لماذا اضطر المؤلف أن يقول (ولو في أكبر)؟

الجواب: لأنه قال فيما تقدم في حدث أصغر فاحتاج أن ينبه إلى أن الجبيرة ليست كالخف وإنما يجوز أن يمسح عليها حتى في الحدث الأكبر وهو غسل الجنابة أو غسل الحيض.

• قال رحمه الله:

إلى حلها:

يعني أنها لا تتوقت كما يتوقت الخف.

ما هو الدليل على أنه يمسح في الحدث الأكبر وأنه لا وقت للجبيرة؟

الدليل:

• أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا ضرر ولا ضرار).

• والقاعدة المتفق عليها: ""الضرورات تبيح المحرمات"".

وفهمنا من قول المؤلف: وجبيرة لم تتجاوز قدر الحاجة أنه يجب أن نمسح على جميع الجبيرة من جميع الجهات.

من أين فهمناه؟

من قوله: (وجبيرة) يعني: ويمسح على جميع الجبيرة لأنه لم يخصص شيئاً من الجبيرة.

وسيزيد المؤلف هذا الحكم بياناً في آخر الباب حيث قال: وعلى جميع الجبيرة.

وفهمنا من هذه العبارة عدة فروق بين الجبيرة والخف:

الأول: الوقت.

الثاني: مسح كل الجبيرة.

الثالث: في الحدث الأكبر.

الرابع: عد قوله على قدر الحاجة بينما الخف لا يشترط أن يكون على قدر الحاجة.

• ثم قال رحمه الله:

إذا لبس ذلك بعد كمال الطهارة.

هذا هو الشرط الأخير من شروط المسح على الخفين والعمامة والخمار والجبيرة عند الحنابلة وهو: أن يكون أدخلها بعد كمال الطهارة.

الدليل على هذا الشرط ما ثبت في الصحيح من حديث المغيرة بن شعبة أنه لما هم بنزع خف النبي صلى الله عليه وسلم قال له صلى الله عليه وسلم (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين).

فهذا دليل على اشتراط لبس الخفين على طهارة.

وعموم كلام المؤلف يتناول الخف والجورب والعمامة والخمار والجبيرة.

وكلام المؤلف صحيح في كل هذه الأشياء إلا في أمرين:

1.

العمامة.

2.

والجبيرة.

ص: 101

فالمؤلف: اشترط للمسح على هذه الأشياء الخمسة أن يكون اللبس تم على طهارة - وكلامه صحيح في الجميع لحديث المغيرة - إلا في مسألة العمامة وفي مسألة الجبيرة ففيهما خلاف:

فمسألة العمامة: القول الثاني: فيها أنه يجوز المسح ولولم يلبس على طهارة.

الدليل: يقول شيخ الإسلام ’ أنه من المعتاد عند لبس العمامة والوضوء أن الإنسان إذا مسح رأسه يعيد العمامة إلى اللبس ثم يغسل رجليه.

وعليه هل لبس العمامة قبل أو بعد غسل الرجلين؟

الجواب: قبل.

قبل أو بعد كمال الطهارة؟

الجواب: قبل.

فيقول ’ هذا معتاد بين الصحابة وليس من المعتاد عندهم أنهم إذا مسحوا الرأس جعلوا العمامة على الأرض ثم بعد غسل الرجلين لبسوا العمامة.

فيقول: الرسول صلى الله عليه وسلم روي عنه جواز المسح على العمامة وهم اعتادوا لبس العمامة على هذه الكيفية أثناء الوضوء إذاً لا يشترط أن تلبس العمامة على طهارة.

وأحب أن أنبه إلى مسألة مهمة جداً وهي: أن مقصود الذين قالوا لا يشترط الطهارة يعني لا يشترط كمال الطهارة فلو لبس الإنسان العمامة على حدث ثم مسح عليها فإنه لا تصح الطهارة لكن لو لبس العمامة قبل تمام الطهارة كما في المثال فإنها تصح.

بينما عند الحنابلة – أن الصورة التي ذكرت يجعلون المسح عليها لا يجوز لأنه لبس العمامة قبل كمال الطهارة حيث بقي عليه غسل القدمين.

وهذا القول هو الصواب.

بقينا في الجبيرة: القول الثاني فيها: أنه لا يشترط أن تلبس على طهارة لا كاملة ولا ناقصة حتى لو شد الجبيرة على حدث فإنه يجوز له أن يمسح.

وهذا القول اختاره المرداوي ’. وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.

الدليل: قالوا: أنه يشق على الإنسان ويعسر عليه أن يراعي الطهارة عن حدوث الحادث فإذا انكسرت اليد – مثلاً – وأرادوا تجبيرها يصعب على المريض أن يراعي قضية الحدث.

وكما تقدم القول أن القاعدة المتفق عليها: المشقة تجلب التيسير. والآثار التي رويت عن ابن عمر والتابعين ليس فيها اشتراط هذا الشرط فصار المجموع أن هذا ليس شرطاً صحيحاً والصواب عدم اشتراط لبس الجبيرة على طهارة.

ثم لما أنهى المؤلف ’ الكلام على الشروط تفصيلاً انتقل إلى بعض التفاصيل في المدة.

• فقال ’:

ص: 102

ومن مسح في سفر ثم أقام أو عكس، أو شك في ابتدائه: فمسح مقيم.

ثلاث مسائل:

1.

إذا مسح الإنسان في السفر ثم أقام فإنه يمسح مسح مقيم من حيث المدة.

2.

وإذا مسح الإنسان مقيماً ثم سافر وهذا معنى قوله أو عكس فإنه أيضاً يمسح مسح مقيم.

3.

وإذا شك هل ابتدأ المسح مسافراً أو مقيماً فإنه يمسح مسح مقيم.

وجميع هذه المسائل حكمها عند الحنابلة أنه يمسح مسح مقيم.

وهذه المسائل عامة الناس بحاجة إليها ولا يكاد يخلو منها مسلم لا سيما مع كثرة السفر في عصرنا هذا.

نبين المسائل الثلاث:

المسألة الأولى: إذا مسح في سفر ثم أقام فإنه يمسح مسح مقيم بلا خلاف. فإذا مسح في السفر لمدة يوم ثم أقام فكم بقي له؟

بقي له ليلة.

وإذا مسح في السفر لمدة يوم وليلة ثم أقام فكم بقي له؟

لم يبق شيء. فيجب أن يخلع مباشرة.

المسألة الثانية: إذا مسح مسح مقيم ثم سافر فعند الحنابلة كم يمسح؟ يوم وليلة.

فإذا مسح في بيته لمدة يوم ثم سافر فكم باقي له؟ ليلة.

لماذا مع أنه مسافر؟ يقول الحنابلة تغليباً لجانب الحظر.

والقول الثاني: في هذه المسألة أنه يمسح مسح مسافر.

الدليل: قالوا أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليهن فعلق المسح على وصف وهو: السفر فإذا وجد الوصف وجد الحكم.

فإذاً إذا مسح الإنسان يوم وسافر فعلى القول الثاني: كم بقي له؟

يومان وليلة.

والراجح هو القول الثاني. بلا تردد لوضوح النص.

• مسألة: إذا مسح الإنسان مقيماً ثم سافر فإنه يمسح مسح مسافر مالم تكن المدة انتهت أثناء إقامته.

وهذه مسألة يحصل فيها خلط عند كثير من الناس.

• فإذا إذا مسح الإنسان لمدة: ثلاث وعشرين ساعة ثم سافر فكم بقي له؟

ساعة ويومين.

• إذا مسح لمدة أربع وعشرين ساعة ثم سافر فكم يبقى له؟

لا يبقى له شيء فيخلع ويغسل.

• قال ’:

أو شك في ابتداءه.

الشك إنما يتصور بالنسبة للمسافر.

فمثلاً: مسافر شك هل ابتدأ المسح مقيماً أو مسافراً؟

فإنه يتم مسح مقيم على المذهب.

مسألة: إذا شك الإنسان هل مسحه مسح مقيم أو مسافر؟

فعند الحنابلة: مقيم.

وعلى القول الصواب

....... ((انقطع التسجيل للآذان)).

• قال الشيخ حفظه الله: -

الآن يا إخواني نختم بهذه المسألة:

ص: 103

أسألكم سؤال: نريد الجواب على مقتضى مذهب الحنابلة.

- رجل مسح مقيماً ثم سافر فماذا يمسح؟

يمسح مسح مقيم.

- رجل مسح مسافراً فعند الحنابلة: يمسح مسافراً وهذا بالإجماع.

- رجل شك هل مسح مسح مقيم أو مسح مسافر؟

= عند الحنابلة: يمسح مسح مقيم.

= وعلى القول الراجح ماذا نقول؟

يمسح مسح مسافر. لماذا؟

لأنه الآن في الاسفر وعلى القول الراجح أن المسافر يمسح مسح سفر. فهذه المسألة أصلاً متصورة على مذهب الحنابلة فقط لأنهم يجعلون المسافر إذا مسح مقيماً ثم سافر فإنه يمسح مسح مقيم.

- الخلاصة التي يحتاج إلى فهمها: أن المقيم إذا مسح ثم سافر يمسح مسح مسافر. والمسافر إذا سافر فبلا خلاف.

• ثم قال ’: - في آخر مسائل المسح.

وإن أحدث ثم سافر قبل مسحه: فمسح مسافر.

إذا توضأ الإنسان ولبس الجورب ثم أحدث ثم سافر قبل أن يمسح ثم مسح مسافراً: = فعند الحنابلة أنه يمسح مسح مسافر بل بلا خلاف في هذه المسألة.

لماذا؟ التعليل: لأنه ابتدأ المسح مسافراً.

وفي هذه المسألة دليل على ضعف قول الحنابلة: أن مدة المسح تبدأ من الحدث لا من المسح. فإنهم ناقضوا أنفسهم في هذه المسألة. ففي هذه المسألة: جعلوا ابتداء المدة من المسح لا من الحدث.

• ثم قال ’:

ولا يمسح: قلانس.

هذه المسائل كلها مكررة.

فقوله: ولا يلبس قلانس. لأنه سبق اشتراط التحنيك. والقلانس غير محنكة. وأخذنا أن الصواب أنه لا يشترط للعمائم أن تكون محنكة.

فالصواب: إذاً جواز المسح على القلانس.

• قال ’:

ولفافة.

لأن من شروط المسح على الخف أن يثبت بنفسه. واللفافة لا تثبت بنفسها.

والصواب: وهو رواية عن الإمام أحمد جواز المسح على اللفافة قياساً على الخف بل هي أولى منه بالجواز.

ماهي اللفافة؟

اللفافة هي ما يلف على القدم حتى يستر محل الفرض سواء كان لبرد أو لغيره فإنهم في القديم كانوا لفقرهم قد لا يجدون جوارب ولا خفاف فيستخدمون لفائف يلفون على الرجل ليحصل الدفئ بها.

فالحنابلة يرون أنه لا يجوز المسح على اللفافة. لماذا؟

لأنها لا تثبت بنفسها. وتقدم معنا أن هذا الشرط غير صحيح.

ولذلك نقول الرواية الثانية عن الإمام أحمد جواز المسح على اللفافة وهو الصواب.

• ثم قال ’:

ص: 104

ولا ما يسقط من القدم أو يرى منه بعضه.

لماذا لا يجوز أن نمسح على ما يسقط من القدم؟

لأنه لا يثبت بنفسه. وقد تقدمت مناقشة هذه المسألة.

لماذا لا يجوز المسح على ما يرى منه بعضه؟

لأنه غير ساتر لمحل الفرض. وتقدم مناقشة هذه المسألة.

إذاً الصواب على ما تقدم أن نقول: أنه يجوز المسح على ما يسقط من القدم أو يرى منه بعضه.

وبهذا نكون توقفنا على مسألة لبس خف فوق خف. وهي مسألة مهمة جداً نأخذها في الدرس القادم إن شاء الله.

والله أعلم

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ص: 105

(((نبدأ مباشرة بالشرح باعتبار أنه تأخر قليلاً وقت البداية وتوقفنا عند قول الماتن في باب المسح على الخفين وإن لبس خفاً على خف))).

شرع المؤلف رحمه الله في بيان حكم لبس خفين فوق بعضهما وهي مسألة تمس الحاجة إليها في زمن البرد الشديد لا سيما في الأماكن الباردة فمن المناسب جداً أن يتقن طالب العلم أحكام لبس الفوقاني والتحتاني من الخفاف.

• فقال رحمه الله:

فإن لبس خفاً على خف قبل الحدث: فالحكم للفوقاني.

قاعدة المذهب - قبل أن ندخل في الصور - أن الخف إذا مسح تعلق به الحكم سواء كان الفوقاني أو التحتاني فإذا خلع الممسوح فإنه لا يجوز أن يمسح بعد ذلك على الباقي من الخفين.

ثم نأتي إلى التفصيل: إذا تطهر الإنسان بأن غسل رجليه ثم لبس التحتاني ثم لبس الفوقاني قبل أن يمسح التحتاني ثم مسح الفوقاني فحينئذ هل تعلق المسح بالتحتاني أو بالفوقاني؟ - بالفوقاني.

فإذا خلع الفوقاني فعلى المذهب لا يجوز له أن يمسح على التحتاني.

هذه هي الصورة الأولى. لماذا؟ - لأن المذهب يعلقون الحكم بالممسوح.

القول الثاني: - في هذه المسألة -: أن له أن يتم المسح على التحتاني لأنه لبسه على طهارة غسل فيتم المسح على التحتاني.

مثال يوضح هذ المسألة:

إذا توضأ وغسل رجليه ولبس خف تحتاني ثم لبس خفاً فوقاني ومسح على الفوقاني فلما ذهب من اليوم والليلة يوم خلع الفوقاني. فهل يجوز على المذهب أن يمسح على التحتاني؟

- لا.

وهل يجوز أن يمسح عليه على القول الثاني؟

- نعم.

وكم باقي له؟ - ليلة.

ص: 106

إذاً يجوز على القول الصحيح أن يمسح على التحتاني بعد أن خلع الفوقاني وإن بدأ المسح على الفوقاني ولكن يتم المسح الباقي من اليوم والليلة بالنسبة للمقيم.

ننتقل إلى الصورة الثانية:

إذا لبس الإنسان الخف التحتاني على طهارة كاملة - ومقصودي بقولي الطهارة الكاملة: هي طهارة الغسل - ومسح على هذا الخف ثم لبس الفوقاني بعد أن مسح التحتاني فعلى المذهب هل يجوز أن يمسح على الفوقاني؟

لا. لا يجوز. والسبب أن الحكم يتعلق بالممسوح والممسوح الآن هو التحتاني. إذاً الفوقاني لا يجوز له أن يمسحه على المذهب.

والقول الثاني: أنه يجوز له أن يمسح الفوقاني إذا لبسه بعد أن مسح على التحتاني.

لماذا؟ لأنه لبسه على طهارة.

والقول الراجح القول الأول - مذهب الحنابلة - لماذا؟

التعليل: لأنه الفوقاني وقد لبس على طهارة مسح والخف لا يمسح عليه إلا إذا لبس على طهارة غسل.

إذاً إذا لبس خفاً بعد أن مسح على التحتاني وأراد أن يتوضأ ماذا يفعل يخلع الفوقاني ويمسح وهذا هو المذهب وهو الصواب.

• ثم قال ’:

ويمسح: أكثر العمامة،

يجب على من أراد أن يتوضأ وقد لبس العمامة أن يمسح على أكثر العمامة ولا يجب عليه أن يمسح على كل العمامة.

التعليل: قالوا:

• قياساً على الخف.

• ولأنه إنما مسح بدلاً عن الغسل فدخله التخفيف.

بناء على هذا لا يجب على من لبس العمامة أن يمسح على داخل الأكوار - اللفائف -.

مسألة: إذا ظهر من الرأس شيء فعند الحنابلة يسن أيضاً أن يمسح عليه فيمسح على الرأس أو على ما ظهر من الرأس والباقي من العمامة.

إذاً إذا قيل لك هل يجب أن يستوعب الإنسان العمامة مسحاً كما يستوعب الرأس مسحاً؟ فالجواب: لا. وإنما يجب عليه أن يمسح أكثر العمامة. قياساً على الخف.

• ثم قال ’:

وظاهر قدم الخف من أصابعه إلى ساقه

يريد المؤلف ’ تعالى أن يبين كيفية المسح على الخف.

فبين أن كيفية المسح تكون بأن يمسح من أطراف الأصابع إلى بداية الساق وكيفما مسح أجزأ.

- فإذا فرضنا أنه مسح طولاً بأن مرر يده من الأصابع إلى الساق أجزأه.

- وإذا فرضنا أنه مسح عرضاً بأن عرض كفه على الخف ومسح مابين الأصابع إلى الساق أجزأ.

ص: 107

قال الإمام أحمد: كيفما مسح الإنسان أجزأه لأنه ليس في السنة ما يدل على كيفية المسح.

• ثم قال ’

دون أسفله وعقبه:

لم يصح عن النبي ‘ في حديث أنه مسح على أسفل الخف ولا على العقب وإنما يسمح كما قال المؤلف على ظاهر القدم فقط.

فلا يجب على المتوضئ أن يمسح على أسفل الخف ولا على العقب بل إنه لا يشرع لأنه لم يأت في الشرع ما يدل على مشروعية المسح على أسفل الخف ومن المعلوم أن المسح عبادة توقيفية.

وإذا كان النبي ‘ مسح كما في حديث المغيرة وكما في حديث علي بن أبي طالب على ظاهر القدم فقط فنحن نتأسى به ‘ ونمسح على ظاهر القدم فقط دون العقب ودون أسفل الخف.

• ثم قال ’:

وعلى جميع الجبيرة.

بين المؤلف ’ كيفية المسح على البدائل الأربع التي ذكرها فيما سبق: الخف والعمامة والجبيرة.

وبين في كلام الشيخ هنا – الماتن - الفرق بين العمامة والخف والجبيرة.

فالفرق بينهما:

• أن العمامة والخف يمسح أكثرهما.

• والجبيرة يجب أن تمسح من جميع الجهات.

التعليل: قال شيخ الإسلام ’: الجبيرة بدل الجلد والجلد يجب تعميمه بالغسل فيجب تعميم الجبيرة بالمسح.

فالجبيرة ليست كالخف فقد شرعت تخفيفاً على المكلف وإنما هي بدل عن الجلد فيجب أن تعمم من جميع الجهات فإذا جبر الإنسان يده يجب أن يمسح على الجبيرة من فوق وأسفل ومن الجهتين اليمين والشمال.

وهذا الحكم مما يفوت على كثير من الناس فيظن أن مسح الجبيرة كمسح الخف. فتجد بعض الناس - كما نلاحظهم في أماكن التطهر العامة - إذا جبر رجله مسح على ظاهر القدم وترك أسفل الجبيرة وهذا خطأ ويعتبر وضوئه باطل بل يجب أن يمسح على جميع الجبيرة.

ثم ذكر المؤلف ’ مسألتين حكمهما وتعليلهما واحد:

• فقال ’:

ومتى ظهر بعض محل الفرض بعد الحدث، أو تمت مدته: استأنف الطهارة.

أفادنا المؤلف أنه في صورتين تبطل طهارة المسح على الخفين:

الصورة الأولى: إذا انتهت مدة المسح على الخفين ولو كان على طهارة فإنها تبطل طهارته عند المذهب بمجرد انتهاء مدة المسح.

الصورة الثانية: إذا خلع الخف. وهذا معنى قوله: ومتى ظهر بعض محل الفرض بعد الحدث.

ص: 108