الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا خلع الخف أو ظهر بعض محل الفرض بسبب خلع جزئي للخف أو انتهت مدة المسح فعند الحنابلة تبطل الطهارة.
التعليل: قالوا أن المسح على الخفين أقيما مقام الغسل فإذا خلع الخف بطلت الطهارة في القدم وإذا بطلت الطهارة في بعض الأجزاء بطلت في جميع الأجزاء.
بناء على ما قرره الحنابلة إذا مسح الإنسان قبل نهاية مدة المسح بساعة واستمر طاهراًَ وانتهت مدة المسح بانتهاء هذه الساعة واكتمال يوم وليلة فإن الطهارة تكون قد انتقضت بمجرد انتهاء وقت المسح ولو لم يحدث أي حدث آخر.
كذلك لو أن الإنسان في أثناء اليوم والليلة - في وسط اليوم والليلة - مسح على الخفين وتطهر ثم بدا له أن يخلع الخفين لأي عارض فإنه بمجرد خلع الخفين تبطل طهارته.
والقول الثاني في هذه المسألة:
أن الطهارة في المسألتين تبقى وتستمر لأن تطهره ثبت بدليل شرعي فلا ينتقض إلا بدليل شرعي يدل على الانتقاض وليس في الكتاب ولا في السنة ما يدل على أن مجرد خلع الخف أو أن انتهاء مدة المسح ناقض للطهارة فالأصل بقائها.
إذاً على القول الثاني تبقى الطهارة ولا يعتبر من نواقض الوضوء.
فإن قيل: لماذا لم يذكر خلع الخف وانتهاء المدة في باب النواقض؟
فالجواب لأن ذكر هاتين المسألتين في باب المسح على الخفين أنسب من ذكرهما في باب النواقض لأن هذا الباب مخصص لجميع أحكام الخفين.
وبهذا يكون انتهى باب المسح على الخفين.
وكما ذكرت لكم في كل باب مسائل مهمة وأساسية ومسائل أخرى أهمية.
فمسائل المسح على الخفين في وقتنا هذا قليلة الأهمية بينما مسائل لبس الخفين في وقتنا هذا شديدة الأهمية. وهكذا فالمقصود أن يركز طالب العلم على المسائل المهمة ويعتني بها.
ثم قال
باب نواقض الوضوء
.....
تابع
باب نواقض الوضوء.
• قال رحمه الله:
باب نواقض الوضوء.
المقصود بالنواقض أي المفسدات. أي هذا باب مخصص لبيان ما يفسد الوضوء.
والأصل في النقض أن يكون في البناء فهو حقيقة في لغة العرب في البناء.
لكن استعمل مجازاً في نقض المعاني. كما نقول هنا باب نواقض الوضوء لأن هذا نقضاً معنوياً وكما يقولون في أصول الفقه نقض العلة فإن هذا نقضاً معنوياً.
والعلاقة بين المعنيين - الحسي والمعنوي - أن في كلاً منهما إبطال. لأنه لا يمكن أن نستعمل اللفظ في غير حقيقته مجازاً إلا بوجود علاقة بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقي.
وهذا الباب غاية في الأهمية ويحتاج إليه المسلم في اليوم عدداً كبيراً من المرات تنقص وتزيد فضبطه لطالب العلم لنفسه ولغيره من المسلمين من العلم المتحتم بل إن هذا الباب بدون تفاصيل يجب حتى على العوام أن يعرفوه أما بتفاصيل وخلافاته وأدلته فيجب على أهل العلم وطلابه فقط.
بدأ مؤلف بسرد نواقض الوضوء فقال:
ينقض (1) ما خرج من سبيل.
لاحظ عبارة المؤلف حيث قال: ما خرج من سبيل: فأي شيء يخرج من السبيلين فهو ناقض للوضوء.
قاعدة المذهب واضحة وسهلة.
وحتى يتبين لك فائدة هذه القاعدة وقول المؤلف: ما خرج من سبيل أنه قاعدة مهمة مفيدة لو قيل لك الآن قبل أن ندخل في تفاصيل أحكام النقض ما حكم رطوبة فرج المرأة؟
البول والغائط معروف حتى العوام يعرفون أنها ناقضة للطهارة.
لكن لو قيل لك أن المرأة يخرج من فرجها رطوبة - تبتلى بها النساء - فهل تنقض أو لا تنقض؟
فكيف عرفت أنها تنقض من القاعدة لأن المؤلف يقول كل ماخرج من السبيلين فهو ناقض للوضوء. وأنا الآن لا أقرر أن رطوبة فرج المرأة تنقض أو لاتنقض فسيذكرها المؤلف وسنتكلم عليها بتفصيل لأهميتها.
لكن أردت أن أمثل بأحد المسائل التي تعتبر صعبة مما يمكن لطالب العلم أن يعرف حكمها من خلال قاعدة المؤلف.
إذاً كل ماخرج من السبيل فهو ناقض للوضوء.
الدليل: حديث صفوان السابق: وهو قوله ولكن من بول أو غائط أو نوم.
والخارج من السبيلين: على قسمين:
1.
إما أن يكون معتاداً. كالبول والغائط أو أن يكون غير معتاد كأن يخرج حصى أو شعر أو أي خارج من السبيلين منغير المعتاد.
فالمعتاد - البول والغائط. فبإجماع الأمة أنه ناقض ولا إشكال فيه لصراحة الآيات والأحاديث فيه.
2.
أما غير المعتاد فالجماهير من أهل العلم يرون أنه ناقض فإذا خرج من دبر الإنسان مثلاً - حصاة ابتلعها وخرجت مع دبره - فإنها تنتقض طهارته بخروج هذا الخارج وإن كان غير معتاد.
واستدل الجماهير: بحديث المستحاضة فإنه في حديث المستحاضة أمر النبي ‘ المستخاضة أن تتوضأ لكل صلاة مع أن هذا الخارج يعتبر غير معتاد.
المعتاد الحيض أما الاستحاضة فليس من المعتاد وإنما هو أمر طارئ على المرأة.
وعند المالكية أن غير المعتاد لا ينقض.
والصواب مع الجماهير.
• ثم قال ’:
(2)
وخارج من بقية البدن، إن كان بولاً أو غائطاً أو كثيراً نجساً غيرهما.
الخارج من غير السبيلين: يعني من بقية البدن عى قسمين:
1.
إما أن يكون بول وغائط.
2.
أو أن يكون من غير البول والغائط.
فإن كان بولاً أو غائطاً فإنه ينقض الطهارة ولو كان قليلاً وهذا الحكم عند الجماهير ولم يخالف - فيما أعلم - في هذا الحكم أحد من أهل العلم إلا الشافعية قالوا: إذا كان البول والغائط خرج من مخرج أعلى من المعدة فإنه لا ينقض وإن كان من مخرج أسفل من المعدة فإنه ينقض.
وأما الحنابلة فلا يفرقون سواء كان خروجه من مخرج أعلى من المعدة أو أسفل منها والصواب مع الحنابلة.
الدليل: أن الشارع الحكيم علق نقض الطهارة بخروج البول والغائط من أي مكان كان كما في الحديث (ولكن من بول أو غائط أو نوم) وقبله في الآية (أو جاء أحد منكم من الغائط).
ننتقل إلى القسم الثاني: من الخارج من بقية البدن: وهو غير البول والغائط فهذا يشترط الحنابلة للنقض به شرطين:
الأول: أن يكون كثيراً.
والثاني: أن يكون نجساً.
مثال للخارج من بقية البدن ن غير البول والغائط كالرعاف والحجامة والقيء هذه أبرز ثلاثة أمثلة تخرج من بقية البدن من غيرالبول والغائط.،
فالحنابلة يرون أن هذا الخارج ينقض بشرطين الأول أن يكون كثيراً والثاني أن يكون نجساً.
وتعريف الكثير عند الحنابلة هو ما فحش في النفس أي إذا استعظمه الإنسان فهذا هو الكثير والنجس معروف.
دليل الحنابلة على أن الخارج من بقية البدن من غير البول والغائط إذا كان فاحشاً نجساً نقض الطهارة:
ما ثبت في الحديث أن النبي ‘ قاء فتوضأ.
إذاً الآن عرفنا مذهب الحنابلة تماماً. تفاصيل الخارج من بقية البدن ودليل الحنابلة. وشروط الحنابلة. فعرفنا كل ما يتعلق بمذهب الحنابلة في الناقض الثاني وهو الخارج من بقية البدن.
نرجع إلى الخلاف في الخارج من بقية البدن من غير البول والغائط كالرعاف والحجامة والقيء.
القول الثاني: في هذه المسألة أنه لا ينقض شيء من ذلك. للقاعدة التي ذكرناها في أول هذا الدرس وسنحتاج إليها مراراً وتكراراً.
أن نقض الطهارة حكم شرعي يحتاج إلى دليل من الكتاب والسنة. وليس في الكتاب ولا السنة ما يدل لى أن خروج الرعاف أو الحجامة أو القيء ينقض الطهارة.
إذاً لا دليل لا من كتاب ولا سنة على أن هذه الأمور تنقض الطهارة.
يبقى علينا أن نجيب على حديث قاء فتوضأ. ماهو الجواب؟
الجواب أن لفظ الحديث الصحيح: قاء فأفطر. وسبب وقوفنا عند هذا المثال لأبين لكم فائدة مهمة وهي أنه كثيراً ما يترتب على تحرير لفظ الحديث الحكم الشرعي. فالذين لم يحرروا لفظ هذا الحديث أو رجحوا صحة لفظ قاء فتوضأ استنتجوا من هذا وجوب الوضوء من القيء.
ولكن الصواب أن لفظ الحديث الصحيح قاء فأفطر. فإذا كان هذا هو لفظه فإنه لا دليل على النقض أصلاً بالقيء.
فإذاً الراجح أنه أي خارج من باقي البدن من غير البول والغائط فإنه لا ينقض الطهارة سواء كان حجامة أو قيء أو غيرهما.
• ثم انتقل المؤلف رحمه الله إلى الناقض الثالث فقال رحمه الله.
(3)
وزوال العقل، إلاّ يسير نوم من قاعد أو قائم.
زوال العقل أيضاً هنا نقول أن عبارة المؤلف رحمه الله زوال العقل هنا جيدة حيث لم يعبر بالنوم وإنما قال زوال العقل فإي زوال للعقل بأي سبب فيعتبر ناقضاً للوضوء.
فإذا ضبطت هذه القاعدة - هي عبارة من عبارات المؤلف - لكنها في الحقيقة قاعدة.
فإذا قيل لك: رجل أغمي عليه ثم أفاق هل يجب أن يتوضأ؟
الجواب: يجب.
وكيف عرفت هذا الحكم؟
من قول المؤلف: زوال العقل.
نرجع إلى تفصيل الكلام:
زوال العقل ينقسم إلى قسمين:
1.
إما أن يكون بغير النوم.
2.
أو أن يكون بالنوم.
فزوال العقل بغير النوم: كالسكر. والإغماء. والجنون. فهذا ينقض بإجماع العلماء.
وزوال العقل بالنوم: فهذا محل خلاف شديد بين أهل العلم وكثرت الأقوال والأدلة والردود. ونحن نلخص إن شاء الله هذا كله في ثلاثة أقوال:
القول الأول: مذهب الحنابلة: - لاحظ عبارة المؤلف - يقول رحمه الله: ينقض مطلقاً إلا اليسير منه (بشرط أن يكون) من قاعد أو القائم.
- فإذا كان النوم كثيراً من قاعد أو قائم: فينقض.
- وإذا كان النوم يسيراً من مضطجع: فينقض.
فالآن تصورنا مذهل الحنابلة: أن النوم ينقض مطلقاً إلا اليسير بشرط أن يكون من قاعد أو قائم.
الأدلة: أما كونه ينقض مطلقاً فاحديث صفوان السابق (ولكن من بول أو غائط أو نوم) فهذا صريح بأن النوم من نواقض الوضوء.
أما استثناء اليسير من قاعد أو قائم فقالوا: لما ثبت في الحديث الصحيح عن أنس - أن أصحاب النبي ‘ كانوا يغفون في المسجد ويخفقون الخفقة والخفقتين ومن كان ينتظر الصلاة هل هو عادة مضطجع أو قاعد أو قائم؟
قاعد أو قائم.
فيستدلون بدليلين مركبين لأن قولهم مركب: النوم ينقض مطلقاً إلا يسير النوم من القاعد أو القائم.
إذا نظرت تجد أن أدلة الحنابلة قوية فقد أخذوا بالنصوص التي تدل على النقض وبالأحاديث التي تدل على عدم النقض.
القول الثاني: للأوزاعي: أن النوم لا ينقض مطلقاً: قال لأنه ثبت أن النبي ‘ كان ينام ويصلي بلا وضوء والصحابة ينامون ويصلون بلا وضوء.
ودليل الأوزاعي دليل واضح.
القول الثالث: أن النوم ليس حدثاً بنفسه ولكنه مظنة الحدث فإذا بقي مع النائم شعوره وإحساسه فإن طهارته لا تنتقض.
دليلهم: قالوا: جمعاً بين الأخبار.
وجه الجمع: قالوا حديث صفوان دل على أن النوم ناقض مطلقاً وأحاديث نومه ‘ وإغفاء الصحابة تدل على أنه لا ينقض فنجمع بينهما ونقول نوم الصحابة والنبي ‘ لم يكن نوماً مستغرقاً وإنما بقي معه إحساس وشعور وهذا اختيار شيخ الإسلام وهو قول قوي كما نرى.
مسألة: إذا قال الإنسان لا أدري هل بقي معي إحساسي أو لم يبق إنما غفوت قليلاً؟ فهل انتقضت طهارتي؟ - هذا السؤال كثيراً ما يسأل عنه لا سيما من يحصل منهم ذلك وهم في انتظار صلاة الجمعة.
فالجواب: نعم انتقضت لأمرين:
نقول الأصل أن طهارتك انتقضت لسببين:
الأول: الأصل في النوم أنه ناقض ولكن من بول أو غائط أو نوم.
الثاني: أن عدم معرفتك أنه بقي شعورك أو لا دليل على أن الشعور ذهب.
إذاً تبين أن القول الثالث هو أرجح الأقوال إن شاء الله وإنه عند أدنى تردد فإن الإنسان يعتبر النوم ناقض لأن هذا هو الأصل في النوم.
ثم انتقل إلى الناقض الرابع:
(4)
ومس ذكر متصل أو قبل بظهر كفه أو بطنه، ولمسهما من خنثى مشكل، ولمس ذكر ذكره أو أُنثى قبله لشهوة فيهما، ومسه امرأة بشهوة أو تمسه بها، ومس حلقة دبر وأمرد، ولا مع حائل ولا ملموس بدنُه، ولو وجد منه شهوة.
• فيقول ’:
ومس ذكر:
يعني أن مس الذكر ناقض للوضوء. هذه المسألة أيضاً من المسائل التي كثر فيها الخلاف فمذهب الحنابلة والشافعية والمالكية - الأئمة الثلاثة - وهو منسوب إلى أكثر الصحابة على أن مس الذكر ينقض الوضوء.
واستدلوا: بحديث بسرة بن صفوان أن النبي ‘ قال من مس ذكره فليتوضأ وهذا الحديث صححه الأئمة ومنهم الإمام أحمد رحمه الله.
إذاً لا إشكال في معرفة وجه الاستدلال بهذا الحديث.
القول الثاني: أن مس الذكر لا ينقض الوضوء وهو مذهب الأحناف. واختيار شيخ الاسلام ابن تيمية. بل نصره كما أن القول الأول هو اختيار تلميذه ابن القيم ونصره.
فهذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها شيخ الاسلام وتلميذه ابن القيم.
واستدلوا بحديث طلق أنه سأل النبي ‘ أيتوضأ أحدنا إذا مس ذكره في الصلاة. فقال النبي ‘ إنما هو بضعة منك.
فقالوا هذا الحديث يدل على عدم النقض وهو معلل بعلة لا تنسخ وهي قوله: إنما هو بضعة منك.
الراجح في هذه المسألة أن مس الذكر ينقض الوضوء بالنسبة لي بلا إشكال مطلقاً.
أولاً: حديث بسرة هذا حديث صحيح بل قال البخاري هو أصح حديث في الباب.
ثانياً: ثبت في الشرع التفريق بين الذكر وغيره من الأعضاء. كقول النبي ‘ لا يمسن أحدكم ذكره بيمينه ولم يأت في الأحاديث أن شيئاً من أجزاء الجسم نهي عن مسها باليمين فإذاً عرفنا من هذا الحديث أن هناك فرقاًَ بين الذكر وغيره من الأعضاء
ثالثاً: حديث طلق حديث ضعيف وهذا مالم يتفطن له كثير من الذين رجحوا القول الأول. فمن ضعفه؟
ضعفه أئمة الحفاظ الذين لم يسمح التاريخ بمثلهم: فضعفه الإمام أحمد وأبو حاتم وأبوزرعة والدارقطني والبيهقي والشافعي. فهولاء ستة فمن القوم بعد هؤلاء.
فإذا ضعف هؤلاء حديث لم يبق بعده فائدة.
إذاً حديث طلق الذي يعارض به حديث بسرة حديث ضعيف.
ثم أيضاً تبين الفرق بين الذكر وغيره من الأجزاء.
فإذاً مس الذكر الصواب أنه ينقض الطهارة.
المؤلف ’ سيذكر عدة مسائل تتعلق بأصل هذه المسألة - مسألة مس الذكر.
قال: متصل:
يشترط الحنابلة أن يكون الذكر أصلياً متصلاً. التعليل: لأنه هو الذي له الحرمة. أما إن كان ذكراً مقطوعاً فإنه لا ينقض الطهارة.
- إذا مس الإنسان ذكر الميت فهل تنتقض الطهارة أو لا تنتقض؟
تنتقض. لماذا؟ لأنه متصل.
ثم قال: أو قبل.
يعني أو مست المرأة قبلها. الجزء الذي ينقض هو الفرج الذي بين مسكتيها هذا هو الجزء الذي إذا لمس انتقضت الطهارة. أما ما عدا هذا فإنه لا تنتقض الطهارة به.
فإذا مس الإنسان ذكره أو مست المرأة فرجها فقد انتقضت طهارة كل منهما.
وعرفنا من قول المؤلف: أو قبل: أن مس المرأة لفرجها يساوي في الحكم مس الذكر لذكره. فالحكم يستوي فيه الرجل والمرأة.
والقول الثاني: أن المرأة لا تستوي مع الرجل في هذا الحكم لأن الحديث فيه من مس ذكره. فخص الذكر ولأن الذكر مظنة خروج المذي. بخلاف المرأة.
والصواب مع الحنابلة أن مس المرأة فرجها ينقض كمس الذكر لذكره. لأن الأصل في الأحكام تساوي الذكر والأنثى.
والنص في الذكر في الحديث خرج مخرج الغالب.
ثم قال: بظهر كفه أو بطنه.
أفادنا المؤلف بهذه العبارة فائدتين:
الأولى: أنته يشترط أن يكون المس بلا حائل.
والثانية: أنه يشترط أن يكون المس بالكف سواء كان ظاهر الكف أو باطنه. فإذا مسه من وراء ثوب. فهل تنتقض أو لا؟
لا تنتقض: لأننا نقول يشترط أن يكون بلا حائل.
وإذا مس الإنسان ذكره بذراعه فهل تنتقض الطهارة أو لا تنتقض؟
لا تنتقض. لأنه يشترط أن يكون بماذا؟ بالكف.
وإذا مسه بظاههر كفه فعل تنتقض أو لا تنتقض؟
تنتقض. سواء كان بظاهر أو باطن الكف.
الدليل على هذه التفاصيل:
حديث أبي هريرة أن النبي ‘ قال من أفضى بيده إلى ذكره فقد وجب الوضوء وفي لفظ ومسه.
هذا الحديث الصواب أنه موقوف لكن هو حديث لا يقال من قبل الرأي. فله حكم الرفع.
والقول الثاني: أن المس بظاهر الكف لا ينقض. قالوا لأن الإفضاء لا يكون إلا بباطن الكف. ولا يسمى إفضاءً إذا كان بظاهر الكف.
والجواب: أن ابن سيده وهو من أئمة اللغة أثبت في كتابه المحكم أن الإفضاء يكون بباطن وظاهر الكف لغة.
فإذاً الراجح في هذه المسألة: هو مذهب الحنابلة.
فعرفنا الآن معنا قول المؤلف بظاهر كفه أو بطنه. أنه أراد أن ينص على الظاهر والباطن لمراعاة الخلاف.
ثم قال: ولمسهما من خنثى مشكل.
تقدم معنا أنه يشترط في مس الذكر لكي تنتقض الطهارة أن يكون الذكر أصلياً ومتصلاً.
الخنثى: من المعلوم أن له آلة أنثى وآلة ذكر.
فأحد الآلتين زائد. ولا يعرف أيهما الزائد فإذا مس الخنثى ذكره فهل تنتقض الطهارة أو لا تنتقض؟
الجواب: لا تنتقض لماذا؟ لأنه يحتمل أن يكون هو العضو الزائد في هذا الخنثى ونحن نشترط في الممسوس أن يكون أصلياً.
وإذا مس الخنثى قبله فهل تنتقض الطهارة؟
نعم لأنه يحتمل أن يكون هو الزائد.
وإذا مس الخنثى الدبر والقبل انتقضت لأن أحدهما أصلي قطعاً.
فإذاً لمس القبل والدبر بالنسبة للخنثى فيه هذا التفصيل وهو أن نقول إن مس الخنثى أحدهما لم تنتقض الطهارة والتعليل لاحتمال أن يكون هذا هو العضو الزائد.
وإن مس الدبر والقبل انتقضت الطهارة لأن أحدهما أصلي قطعاً.
وهذا معنى قول المؤلف ولمسهما من خنثى مشكل.
ثم قال: ولمس ذكر ذكره أو أُنثى قبله لشهوة فيهما.
إذا مس ذَكَرٌ ذَكَرَ الخنثى أو مست أنثى قُبُلَ الخنثى لشهوة في المسألتين انتقضت الطهارة.
نأخذ المسألتين كل واحدة على حدة:
الأولى: إذا مس ذَكَرٌ ذَكَرَ الخنثى بشهوة انتقضت الطهارة. التعليل: يقولون: إما أن يكون هذا العضو أصليٌ فيكون قد مس الأصلي وإذا مس الذكر الأصلي انتقضت الطهارة.
أو أن يكون ليس أصلياً فتنتقض لأنه مسه بشهوة ومس الإنثى بشهوة ينقض الطهارة.
الأنثى كذلك: إذا مست أنثى قبل الخنثى لكن بشهوة فنقول أنها تنتقض الطهارة بكل حال لماذا؟ لأنه إما أن يكون هذا هو فرج الخنثى الأصلي .............................. ((انقطع التسجيل للآذان ثم أكمل الشرح بعده)
: ومسه امرأة بشهوة أو تمسه بها. ثم قال بعد ذلك: ومس حلقة دبر.
كما تلاحظ فصل المؤلف: بين مس الدبر ومس الذكر.
وأهل العلم يعتبرون هاتين المسألتين مسألة واحدة فالمؤلف لم يحسن في ترتيب المسائل فكان يجب أن يجعل ذكره لمسألة مس الدبر بعد ذكر مسألة مس الذكر ثم يذكر بعد ذلك مس المرأة.
أما تعليل المحشي: بأن المؤلف رحمه الله لا حتاج لذكر هذا النقض لدخوله في عموم مس الفرج فهذا فيما يظهر لي ليس بصحيح لماذا؟
لأن المؤلف لم يذكر كلمة الفرج مطلقاً. فلو قرأت كلام المؤلف ستجد أنه لم يذكر كلمة الفرج حتى نقول يكتفى بها بل التنصيص على مس الدبر أمر مطلوب وجيد لكن الخطأ وقع في الترتيب فقط وليس في أصل الذكر.
نأتي إلى مس الدبر. هل تنتقض به الطهارة أو لا؟
الحنابلة يرون: أن مس حلقة الدبر ناقض للطهارة. ماهو الدليل؟ الدليل: قالوا: أنه في حديث بسرة من مس ذكره وفي لفظ صحيح صححه أحمد وأبو زرعة من مس فرجه قالوا والفرج يعم القبل والدبر فمن مس الدبر فقد انتقضت طهارته.
والقول الثاني: أن مس الدبر لاينقض الطهارة. قالوا: لأن الحديث من مس ذكره: هذا أولاً وثانياً أن مس الذكر مظنة خروج المذي بخلاف مس حلقة الدبر.
وهذا القول اختيار المجد ابن تيمية. وابن مفلح.
والصواب مع (((الحنابلة))) المؤلف: أن مس الدبر ينقض الطهارة لأن معنا حديث صحيح نص في المسألة.
فتبين معنا الآن:
أن مس الذكر ومس القبل ومس حلقة الدبر - هذه الثلاث - جميعها ناقضة للطهارة.
وتبين معنا:
أن من أقوى أدلة الجماهير مسألة من مس ذكره فليتوضأ.
أضف إلى هذا الدليل دليل آخر. وهو أنه روي النقض بمس الذكر عن بضعة عشر صحابياً. وهذا الحكم مما لا يقال بالرأي مطلقاً.
فسبيله التوقيف. ونحن نجزم أن هذا العدد من الصحابة لم يقولوا بنقض الطهارة إلا عن توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم.
انتهى الدرس
ومسه امرأة بشهوة أو تمسه بها. ومس حلقة دبر.
الناقض الخامس:
هو مس المرأة بشهوة.
هذا يعتبر من نواقض الوضوء واعتبار مس المرأة بشهوة ناقض هو مذهب الحنابلة والمالكية وهو مذهب الفقهاء السبعة وكما ترى أن القول مركب من جزئين:
1.
أن مس المرأة ينقض.
2.
وأنه يشترط لذلك أن يكون هذا المس بمشهوة.
الدليل: كما أن القول مركب فالدليل أيضاً مركب من نصين:
النص الأول: قوله تعالى {أو لا مستم النساء} فقالوا هذا دليل على أن مس المرأة ينقض الطهارة.
والدليل على أنه لابد أن يكون لشهوة. أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل عائشة وخرج للصلاة بغير وضوء.
فهنا مس المرأة ولم يتوضأ.
فجمعاً بين الأحاديث قالوا لا بد أن يكون المس بشهوة.
والقول الثاني في هذه المسألة: أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً. لا بشهوة ولا بغيرها.
واستدلوا بحديث عائشة السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل وخرج إلى الصلاة ومن المعلوم أن تقبيل الزوج لزوجته غالباً ما يصحب برغبة.
واستدلوا بدليل آخر قوي وإن كان من التعليل: وهو: أن المسلمين ما زالوا يمسون نسائهم ولم يأت في الشرع دليل صريح على وجوب الوضوء من مس المرأة.
وفي رأيي أن هذا الدليل قويٌ.
وهذا القول - الثاني - هو الصواب.
بقينا في الجواب على استدلالهم بالآية لأن الاستدلال بها دليل شرعي هو نص في المسألة.
الجواب عليه: أنه صح عن ابن عباس - أنه فسر الآية بالجماع.
وإذا سقط الاستدلال بالآية بقي دليل القائلين بعدم الوجوب قوي وواضح.
ثم لما قرر المؤلف رحمه الله:هذه المسألة انتقل إلى نظيرتها فقال: أو تمسه بها: يعني أو تمس المرأة الرجل بها: يعني بشهوة.
فهو أيضاً ناقض. الدليل قالوا: لأنها ملامسة تنقض الوضوء في حق الرجل فتثبت في حق المرأة كذلك.
ولما سبق أن الأصل تساوي الرجال والنساء في الأحكام مالم يرد دليل صحيح يفرق بينهما والخلاف في تمسه بها كالخلاف في مس الرجل للمرأة بها.
إذاً الخلاصة:
الحنابلة يرون أن الرجل إذا مس المرأة بشهوة أو المرأة إذا مست الرجل بشهوة انتقضت الطهارة. والخلاف في هاتين المسألتين خلاف واحد استدلالاً ونيجة وترجيحاً.
ثم انتقل المؤلف رحمه الله: إلى التنفصي في حكم هذه المسألة: - وهذه التفاصيل التي سيذكرها المؤلف رحمه الله مبنية على القول بنقض الطهارة بمس المرأة.
• قال رحمه الله:
لا مس شعر وسن وظفر وأمرد.
إذاً استثنى أربع صور. هذه الصور حتى عند الحنابلة الذين يرون أن مس المرأة ينقض الوضوء لا تنقض.
المسألة الأولى: مس الشعر والسن:
يعني لو أن إنساناً مس شعر زوجته أو مس سنها أو ظفرها فإنها لا تنتقض الطهارة بهذا المس. حتى عند الحنابلة.
قالوا: لأن هذه الأشياء في حكم المنفصل كما لو مس ثوبها ولذلك لو كلق الإنسان شعر زوجته أو طلق سنها فإن الطلاق لايقع.
بينما لو طلق يد زوجته فإن الطلاق يقع على الخلاف في اليد لكن السن الأمر فيه أظهر.
وقيل: أن مس الشعر ينقض الوضوء إذا كان بشهوة.
وهذا القول هو الراجح. نحن الآن نتكلم على فرض أن مس المرأة ينقض الوضوء.
إذا افترضنا أن مس المرأة ينقض الوضوء فإن الحنابلة يقولون أن مس الشعر لا ينقض والصواب أنه ينقض لأن مس الرجل شعر زوجته بشهوة قد يكون أبلغ من مس بعض الأخرى.
إذاً عرفنا أن مس الشعر والسن والظفر عند الحنابلة لا ينقض.
وعرفنا تعليلهم: وهو أن هذه الأجزاء في حكم المنفصل.
ثم قال: وأمرد:
يعني ولا مس أمرد فإن مس الأمرد لا ينقض الطهارة.
قالوا: لأنه ليس محلاً للشهوة. شرعاً. فمسه لا ينقض وأيضاً لقوله تعالى: أو لا مستم النساء. فنص على النساء.
• ثم قال رحمه الله:
ولا مع حائل
يعني أن مس المرأة مع وجود الحائل لا ينقض الطهارة لأن الأصل في إطلاق كلمة المس هوأن يكون بلا حائل كما تقدم في مس الذكر.
إذا فهذه خمس مسائل: مس الشعر والسن والظفر والأمرد والمس مع حائل كلها لا تنقض الطهارة حتى على مذهب الحنابلة.
وعرفنا تعليل ذلك عندهم.
• ثم قال رحمه الله:
ولا ملموس بدنُه، ولو وجد منه شهوة.
الكلام السابق كله في حكم الماس أما الممسوس فإنه لم يتحدث عنه المؤلف إلا هنا فقال: ولا ممسوس. فالممسوس طهارته باقية.
فإذا مس الزوج زوجته: نقول للزوج توضأ وللزوجة لا يلزمك الوضوء.
لماذا: قال الحنابلة لأن شهوة الماس أشد والقصد إنما تأتى منه. يعني: أن من تعمد مس زوجته فإن الشهوة عنده أشد وهو الذي قصد المس. وربما المسوس لم يخطر بباله شهوة مطلقاً.
القول الثاني: الذي مال إليه ابن عقيل من الحنابلة أن الممسوس تنتقض طهارته إذا وجدت منه الشهوة. فعند ابن عقيل تفصيل: يقول: الممسوس:
إن شعر بشهوة انتقضت الطهارة وإن لم يشعر بقية طهارته صحيحة.
ويظهر لي أن هذا القول - الثاني - هو الصواب.
انتهى المؤلف رحمه الله من التفصيل في الناقض الخامس وعرفنا أصل الخلاف في رأس المسألة وهو مس المرأة وعرفنا في تفاصيل هذا الحكم عند الحنابلة.
• ثم قال رحمه الله: - في الناقض السابع:
(7)
وينقض: غسل ميت.
غسل الميت ناقض من نواقض الوضوء عند الحنابلة فقط - يعني تفرد الحنابلة باعتباره ناقضاً.
وأما الجماهير فإنهم لم يروه من النواقض.
استدل الإمام أحمد على هذا الحكم بالآثار التي رويت عن الصحابة فقد جاء عن عدد من أصحاب النبي ‘ أنهم رأو أن غسل الميت يوجب انتقاض الطهارة.
ونحن أخذنا في أول درس أن من أصول الإمام أحمد الأخذ بما جاء عن الصحابة. فهذا يبين لنا أهمية معرفة أصول الإمام أحمد ولذلك تفرد من بين الأئمة باعتبار غسل الميت ناقض من نواقض الوضوء.
والقول الثاني: مذهب الجماهير أن غسل الميت لا ينقض الوضوء.
قالوا: لا يوجد دليل شرعي على نقض الطهارة بتغسيل الميت.
ومذهب الجمهور هو الصواب إن شاء الله - أن تغسيل الميت لا يعتبر من نواقض الوضوء لعدم وجود دليل شرعي صحيح وإن كانت آثار الصحابة في الحقيقة قوية لمعنى خاص وهو أن مثل هذا الحكم - نقض الوضوء - مما لا يقال بالرأي ففي الغالب أن أصحاب النبي ‘ أخذوه توقيفاً عنه ‘ لكن مع ذلك نقول مادام لا يوجد نص مرفوع إلى النبي ‘ في مثل هذه المسألة المهمة نبقى على الأصل هو الطهارة ونقول الراجح أن من غسل ميتاً فإنه لا تنتقض طهارته. إلا إذا مس ذكر الميت بلا حائل فهنا ترجع إلى مسألة مس الذكر.
- مس ذكر الآخر من المسائل التي لم يتطرق إليها المؤلف مع أنه اعتنى بالتفاصيل.
فإذا مس الإنسان ذكر غيره فهل تنتقض الطهارة أو لا؟
هذا فيه خلاف: يظهر لي والله أعلم أن مس ذكر الغير لا ينقض الطهارة ومال إلى هذا القول ابن عبد البر.
لأن الحديث يقول من مس ذكره فنص على ذكر نفسه. على كل هذه فقط استطراداً بمناسبة تغسيل الميت.
• قال ’:
(8)
وأكل اللحم خاصة من الجزور.
هذه المسألة أيضاً من المفردات. أن أكل لحم الجزور ينقض الطهارة.
وإذا أردنا أن نحرر مذهب الحنابلة نقول:
الحنابلة يقولون: أن لحم الجزور ينقض وأنه لا ينقض شيء من أجزاء الجزور إلا اللحم خاصة وهذا معنى قول الشيخ هنا وأكل اللحم خاصة يعني دون باقي أجزاء الجزور كالكبد والطحال .. ألخ.
إذاً الحنابلة يرون أن اللحم فقط هو الذي ينقض من الجزور وهو من المفردات.
واستدلوا بحديث البراء وحديث جابر بن سمرة في مسلم وهي أحاديث صحيحة لم ينازع أحد في صحتها أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له أنتوضأ من لحوم الإبل قال نعم قيل أنتوضأ من لحوم الغنم قال: لا. وفي الحديث الآخر إن شئت في حديث قال لا وفي حديث الآخر قال إن شئت. الحديث صريح ونص في المسألة لا يقبل التأويل ولا يقبل التضعيف.
القول الثاني: للجماهير أن أكل لحم الجزور لا ينقض الوضوء لا ينقض الطهارة.
واستدلوا بحديث صحيح عن جابر - قال كان آخر الأمرين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار قالوا هذا الحديث ناسخ للأحاديث السابقة.
لقوله كان آخر الأمرين.
ولذا ذهب الجماهير إلى القول بأن أكل لحكم الجزور لا ينقض الطهارة.
الجواب على استدلال الجمهور.: نقول الجواب من أوجه:
1.
الوجه الأول: أن القاعدة المتفق عليها عند العلماء - لم يخالف فيما أعلم فيها أحد - أن الخاص مقدم على العام.
وترك الوضوء مما مست النار عام لأنه يشمل جميع اللحوم - لحم الغنم والبقر والإبل والدجاج وكل أنواع اللحوم - بينما الوضوء من لحم الإبل حديث خاص.
والخاص دائماً مقدم على العام.
2.
الوجه الثاني: أن حديث جابر ترك الوضوء مما مست النار لم يفرق فيه بين لحكم الغنم والإبل بينما حديث البراء فرق النبي صلى الله عليه وسلم فيه بين لحم الإبل والغنم فدل على أنهما حديثان منفصلان لكل حكمه.
3.
الوجه الثالث: أورد عليهم شيخ الإسلام فقال: ما ترون بأكل النيء من لحم الإبل إن كان ينقض فصار حديث البراء لم ينسخ وتناقضوا وإن لم ينقض لم يدخل في حديث من ما مست النار.
إذاً أجاب الحنابلة عن أدلة الجمهور بهذه الثلاثة أجوبة.
والقول بأن لحم الإبل ينقض هو القول الصواب لما جاء فيه من أحاديث صحيحة صريحة لا معارض لها.
تنبيه: مهم جداً: وهو أن بعض الكتاب قال أنه روي عن الخلفاء الأربعة أنهم لايرون الوضوء من لحم الإبل - وهذه لو صحت لصار المصير إلى أن لحم الجزور لا ينقض - ولكن الصواب أن ماروي عن الخلفاء الأربعة è لا يثبت عنهم.
وإلا فإن الإنسان إذا رأى هذه الآثار توقف حقيقة لكن بعد البحث وجدنا أنها لا تثبت عن الخلفاء.
قال: وأكل اللحم خاصة: الحنابلة يرون أن أكل الكبد والطحال من الجزور لا ينقض الطهارة.
قالوا: لأن اللحم لا يطلق على هذه الأجزاء وفي الحديث أنتوضأ من لحوم: واللحوم لا تطلق على باقي الأجزاء.
والقول الثاني: أن الوضوء من باقي الأجزاء واجب. لأن كلمة لحم الجزور يطلق على جملة الجزور كما أننا نقول لحم الخنزير يطلق على جملة الخنزير.
فإذاً اللحم وباقي الأجزاء تنقض الوضوء لأن اللحم يطلق في العرف على كل أجزاء الحيوان.
بقينا في مسألتين:
حليب الإبل: ومرق لحم الإبل:
أما الحليب: فلا إشكال أنه لا ينقض لأنه لايدخل في مسمى اللحم مطلقاً.
أما المرق ففيه خلاف بين أهل العلم على قولين:
1.
منهم من رأى أنه ينقض لأن المرق خلاصة اللحم.
2.
ومنهم من رأى أنه لا ينقض لأنه لا يسمى لحماً وإن كان خلاصة اللحم.
وفي الحقيقة المسألة عندي فيها تردد. مسألة مرق اللحم. وأميل إلى أنه لا ينقض لأن الأصل السلامة وإلا في الحقيقة فيها تردد.
ومحل الإشكال إذا لم يكن في المرق قطع ولو صغيرة أما إذا كان فيها قطع صغيرة فلا إشكال أنها تنقض.
انتهينا من الناقض الثامن ثم انتقل إلى الناقض التاسع
•:فقال رحمه الله:
(9)
وكل ما أوجب غسلاً أوجب وضوءاً إلاّ الموت.
قاعدة المذهب أن كل حدث أوجب غسلاً فيوجب أيضاً الوضوء فيجب على الإنسان إذا حصل له حدث يوجب الغسل أن يغتسل وأن يتوضأ فإذا اغتسل ولم يتوضأ ترتب على هذا جواز استباحة ما يشترط له الاغتسال دون ما يشترط له الاغتسال والوضوء.
فمثلاً الصلاة يشترط لها الاغتسال والوضوء فإذا اغتسل بلا وضوء فإنه لا يجوز له أن يصلي لماذا؟ لأن كل ما أوجب غسلاً أكبر أوجب الوضوء.
والقول الثاني: أن نية الاغتسال تكفي عن الوضوء والدليل أن الله سبحانه وتعالى لم يأمرنا في حال الجنابة إلا بالاغتسال (وإن كنتم جنباً فاطهروا) والنبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي أفرغ عليك هذا الماء ولم يأمره بالوضوء وهذا القول هو اختيار شيخ الاسلام رحمه الله.
وهو القول الصواب.
إذاً هذه القاعدة وهي أن كل ما أوجب غسلاً أوجب وضوءاً قاعدة مرجوحة.
فعلى المذهب إذا صار على الإنسان جنابة واغتسل ولم يتوضأ فهل يجوز له أن يصلي وهل يجوز له أن يقرأ القرآن؟
........... لأن قراءة القرآن يشترط لها ارتفاع الحدث الأكبر دون الحدث الأصغر.
كم صار عدد النواقض؟
تسعة.
والصواب أنها ثمانية. لماذا؟ لأن مس الدبر ذكرنا أنه هو مسألة مس الذكر.
فالنواقض في الحقيقة ثمانية.
حتى الترقيم هذا من المحقق ربما أراد المصنف أن النواقض ثمانية وليست تسعة.
إذاًَ لو أن المحقق لم يجعل الرقم 6 على مسألة مس حلقة الدبر لكان هو الصواب.
• قال رحمه الله:
" ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث أو بالعكس: بنى على اليقين.
هذه قاعدة مفيدة لطالب العلم أن الإنسان إذا تيقن الطهارة ثم شك في الحدث ولو كان هذا الشك وصل إلى مرحلة غلبة الظن فإنه يبقى الأصل فيه الطهارة وإذا تيقن الإنسان الحدث وشك في الطهارة ولو وصل هذا الشك إلى مرحلة غلبة الظن فإن الأصل بقاء الحدث.
الدليل: حديث عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم شكي إليه الرجل يجد الشيء في الصلاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لاينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
فهذا نص في أنه لا ينتقل عن اليقين الأول إلا بيقين أما الشك وغلبة الظن فإنها لا تنقله.
وهذه قاعدة مريحة للإنسان.
إذاً إذا شك الإنسان فإنه يبقى على طهارته ولو غلب على ظنه خلافاً لما يظنه بعض العوام أنه إذا غلب على ظنه فإنه ينتقل إليه.
قال (إلا الموت):
الحنابلة يرون أن كل ما أوجب طهارة كبرى أوجب طهارة صغرى قالوا: إلا الموت فالموت هل يوجب الاغتسال؟ نعم يجب أن نغسل الميت.
فالموت يوجب الاغتسال لكن عند الحنابلة لا يوجب الوضوء لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بتغسيل الميت دون الوضوء ولم يأمر بالوضوء.
ونحن نقول للحنابلة كذلك أمر بغسل الجنابة دون أن يأمر بالوضوء - نفس الدليل.
فمذهب الحنابلة في الميت يضعف مذهبهم في باقي موجبات الغسل.
• قال رحمه الله:
فإن تيقنهما وجهل السابق: فهو بضد حاله قبلهما.
إذا تيقن الإنسان الطهارة والحدث لكن لا يدري أيهما السابق منهما فحكمه عند الحنابلة أن يرجع إلى حاله قبلهما.
مثال: يوضح هذه المسألة:
إنسان بعد الزوال تيقن الطهارة والحدث ولكن لا يدري أيهما السابق فنقول له ماذا كانت حالتك قبل الزوال؟ فقال كنت محدثاً: فنقول إذاً أنت الآن طاهر وإن قال كنت قبل الزوال متطهراً فنقول أنت الآن محدث.
هذا الجزء الأول من المسألة وهو أن نتصور المسألة.
باقي التعليل: لماذا الحنابلة يذهبون إلى مثل هذا المذهب؟
التعليل: نقول إذا كان الإنسان تيقن الطهارة والحدث بعد الزوال وكان قبل الزوال محدثاً فنقول أن هذا الحدث ارتفع قطعاً بالطهارة التي بعد الزوال.
وأما الحدث الذي بعد الزوال فيحتمل أنه هو الحدث الذي كان قبل الزوال واستمر ويحتمل أنه حدث مستجد فدخل الاحتمال على الحدث واليقين على الطهارة.
والقول الثاني: أنه يجب عليه بكل حال أن يتطهر.
وهذا القول - الثاني - هو الراجح احتياطاً.
ختم المؤلف ’ الباب بأحكام المحدث من حيث الأشياء التي لا يجوز له أن يفعلها.
• فقال ’:
ويحرم على المحدث: مس المصحف
مس المصحف محرم على المحدث عند الحنابلة بل عند الأئمة الأربعة بل عند جمهور السلف والخلف بل حكي إجماعاً.
واستدلوا: بدليلين:
الدليل الأول: قوله تعالى {لايمسه إلا المطهرون} وقد استدل شيخ الاسلام بهذه الآية وقرر الاستدلال كما يلي:
- بعبارة مبسطة - قال نحن نقر أن هذه الآية في اللوح المحفوظ والمقصود بهم الملائكة لكن نقول أن في الآية إشارة إلى أن القرآن الذي نزل أيضاً لا يمسه إلا لمطهرون كما أن اللوح المحفوظ في السماء لا يمسه إلا المطهرون.
فالاستدلال من باب الإشارة التنبيه لا من باب النص.
هكذا قرر شيخ الاسلام الاستدلال بهذه الآية.
وبهذا نتجاوز الخلاف في أنه هل الآية يقصد بها اللوح المحفوظ أو المصحف.
الدليل الثاني: في الكتاب الذي كتبه النبي ‘ لعمرو بن حزم ((وإن لا يمس القرآن إلا طاهر))
وهذا الحديث تلقته الأمة بالقبول واستدلوا به.
القول الثاني: ذهب إليه الظاهرية وهو أنه يجوز للإنسان أن يمس المصحف.
قالوا: لا يوجد دليل لا من الكتاب ولا من السنة الصحيحة يدل على المنع.
والصواب مع الجماهير. لأن في الأدلة التي ذكروها كفاية ومستند.
• ثم قال ’:
والصلاة.
يعني يحرم على المحدث الصلاة. وتحريم الصلاة على المحدث وبطلانها منه محل إجماع من الفقهاء ويدل عليه الحديث الصحيح عن ابن عمر أن النبي ‘ قال لا يقبل الله صلاة بغير طهور.
فمن السنة والإجماع.
• ثم قال ’:
والطواف