المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذكر المأثور عن المتقدمين في ذم البخل والباخلين - البخلاء للخطيب البغدادي

[الخطيب البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌ذِكْرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْبُخْلِ، وَوَصْفِهِ، وَعَيْبِهِ، وَذَمِّهِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ.وَالاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ مِنْهُ

- ‌استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم باللَّه من البخل

- ‌نفي النبي صلى الله عليه وسلم البخل عن نفسه

- ‌وصف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم السخاء والبخل

- ‌ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثل البخيل

- ‌الرواية عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أن طعام البخيل داء

- ‌قول النبي صلى الله عليه وسلم أدوى الداء البخل

- ‌قول النبي صلى الله عليه وسلم «إن اللَّه يبغض البخيل»

- ‌ما روي في نفي الإيمان عن البخل

- ‌الرواية عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أن البخيل بعيد من اللَّه

- ‌الرواية عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أن البخيل لا يدخل الجنة

- ‌البخل والشح

- ‌باب ذكر المأثور عن المتقدمين في ذم البخل والباخلين

- ‌فصل وصف الفضلاء مواعيد البخلاء

- ‌فصل من مدح بخيلا رجاء عطائه ثم أعقب مديحه بذمه وهجائه

- ‌فصل من استضاف رجلا فساء قراه فحمله ذلك على أن ذمه وهجاه

- ‌فصل أخبار مستظرفة لجماعة من البخلاء

- ‌فصل وقد كثر الهجاء بالبخل على الطعام

- ‌فصل المذكورون بأنهم أبخل الناس

- ‌فصل مذهب البخلاء فيما جمعوه أن الحزم ألا ينفقوه

- ‌فصل ما ينبغي أن يتيقنه من بخل بإنفاق المال أنه لوارثه إن سلم من حادث في الحال

الفصل: ‌باب ذكر المأثور عن المتقدمين في ذم البخل والباخلين

‌باب ذكر المأثور عن المتقدمين في ذم البخل والباخلين

64 -

أخبرنا أبو القاسم عبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عثمان الصيرفي، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يعقوب المقرئ، حَدَّثَنَا أبو بكر بْن أبي الثلج الكاتب، حَدَّثَنَا علي بْن عبدة، حَدَّثَنَا الأصمعي، عن المبارك بْن سعيد أخي سفيان الثوري، عن أبي حمزة الثمالي، قَالَ: سمعت شيخا أدرك الناس، وهو يقول: " ثلاث هن أحسن شيء فيمن كن فيه: نصب لغير دنيا، وجود لغير ثواب، وتواضع في غير ذل.

وخمس هن أقبح شيء فيمن كن فيه: الحرص في العالم، والفسق في الشيخ، والبخل في الغني، والكذب في ذي الحسب، والحدة في السلطان "

65 -

أخبرني أبو مُحَمَّد يحيى بْن الحسن بْن علي بْن المنذر القاضي، أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بْن سعيد بْن سويد المعدل، أنبأنا مُحَمَّد بْن الحسن بْن دريد، أنبأنا عبد الرحمن يعني: ابن أخي الأصمعي، عن عمه، قَالَ: سمعت أعرابيا، يقول:«الحسد ماحق للحسنات، والزهو جالب لمقت اللَّه عز وجل ومقت الصالحين، والعجب صارف عن الازدياد من العلم، داع إلى التخمط والجهل، والبخل أسوأ الأخلاق وأجلبها لسوء الأحدوثة»

66 -

أخبرنا أبو تغلب عبد الوهاب بْن علي بْن الحسن المؤدب، حَدَّثَنَا القاضي أبو الفرج المعافى بْن زكريا الجريري، قَالَ: أنشدنا مُحَمَّد بْن القاسم الأنباري، قَالَ: أنشدنا عبد اللَّه بْن عمر بْن لقيط، من السريع: «

ص: 74

ما أحسن الجود مع العسر

وأقبح البخل مع اليسر

ليس يواسي الناس من ماله

من حدثته النفس بالفقر

»

67 -

أخبرنا الحسن بْن علي الجوهري، حَدَّثَنَا أبو عمر مُحَمَّد بْن العباس بْن مُحَمَّد بْن زكريا بْن حيويه الخزاز، حَدَّثَنَا أبو بكر مُحَمَّد بْن القاسم الأنباري، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يحيى النحوي، حَدَّثَنَا حماد بْن إسحاق بْن إبراهيم الموصلي، حدثني أبي، قَالَ أبو بكر: وحدثني أبي، حَدَّثَنَا أبو عكرمة الضبي عامر بْن عمران، حَدَّثَنَا إسحاق بْن إبراهيم الموصلي، واللفظ في الروايتين مختلط، قَالَ: دخلت على هارون الرشيد، فقال لي: يا أبا إسحاق، أنشدني شيئا من شعرك.

فأنشدته، من الطويل: "

وآمرة بالبخل قلت لها اقصري

فذلك شيء ما إليه سبيل

أرى الناس خلان الجواد ولا أرى

بخيلا له في العالمين خليل

وإني رأيت البخل يزري بأهله

فأكرمت نفسي أن يقال بخيل

من خير حالات الفتى لو علمته

إذا نال شيئا أن يكون ينيل

ص: 75

عطائي عطاء المكثرين تكرما

ومالي كما قد تعلمين قليل

وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى

ورأي أمير المؤمنين جميل

فقال الرشيد: لا، كيف إن شاء اللَّه تعالى، يا فضل، أعطه مئة ألف درهم.

ثم قَالَ: لله در أبيات تأتينا بها يا إسحاق، ما أجود أصولها، وأحسن فصولها.

فقلت: يا أمير المؤمنين، كلامك أحسن من شعري.

فقال: يا فضل، أعطه مئة ألف أخرى ".

فكان ذلك أول مال اعتقدته

68 -

أخبرنا علي، عن مُحَمَّد بْن عبد اللَّه المعدل، أخبرنا الحسين بْن صفوان البرذعي، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أبي الدنيا، حدثني الحارث بْن مُحَمَّد القمي، عن أبي الحسن القرشي، قَالَ: قَالَ رجل من العباد: «صغر فلان في عيني لعظم الدنيا في عينه، كان يرد السائل ويبخل النائل»

69 -

أخبرنا الحسن بْن الحسين النعالي، أنبأنا أَحْمَد بْن نصر بْن عبد اللَّه الذارع، حَدَّثَنَا صدقة بْن موسى، حَدَّثَنَا الأصمعي، قَالَ: سمعت أعرابيا وقد وصف رجلا، فقال:«لقد صغر فلان في عيني لعظم الدنيا في عينه، وكأنما يرى بالسائل إذا رآه ملك الموت إذا أتاه»

70 -

أخبرنا علي بْن المحسن التنوخي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العباس

ص: 76

الخزاز، وأخبرني أبو منصور يوسف بْن هلال بْن بية صاحب التميمي، أنبأنا مُحَمَّد بْن عبد اللَّه بْن الحسين القطيعي، قَالَ: أنشدنا أبو بكر مُحَمَّد بْن القاسم الأنباري، قَالَ: أنشدني أبي من المنسرح: «

لما رأيت السؤال قد كثروا

والمال قوت يمسك الرمقا

خيرت نفسي بين الخصاصة

والبخل فقالت نصيحة شفقا

البخل عار يبقى ولا عار

للفقر وشر العيوب ما لصقا

فاختارت الفقر من تكرمها

وقالت البخل شر ما خلقا

»

71 -

أخبرني أبو الحسن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزقويه، حَدَّثَنَا أبو علي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحسن الصواف، قَالَ: حدثني أبو العباس أَحْمَد بْن المغلس الحماني، إملاء، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن سماعة، يقول: سمعت أبا يوسف، يقول: سمعت أبا حنيفة، يقول: " لا أرى أن أعدل بخيلا.

فقيل له: وكيف؟ قَالَ: يحمله البخل على التقصي، فيأخذ فوق حقه مخافة أن يغبن، فمن كان هكذا لا يكون مأمون الأمانة "

ص: 77

72 -

وَأَخْبَرَنَا ابْنُ رَزْقَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُغَلِّسِ الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مَلِيحُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، يَقُولُ، وَقَدْ ذُكِرَ عِنْدَهُ ذَمُّ الْبَخِيلِ وَإِسْقَاطُ شَهَادَتِهِ: مَنْ أَيْنَ قُلْتَ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ رَبَاحٍ، يَقُولُ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: " وَاللَّهِ مَا اسْتَقْصَى كَرِيمٌ قَطُّ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ} "

73 -

أخبرنا الحسن بْن علي الجوهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العباس، حَدَّثَنَا أبو بكر مُحَمَّد بْن القاسم الأنباري، إملاء، قَالَ: أنشدنا أَحْمَد بْن يحيى، وأبي، واللفظ في الروايتين مختلط، وأحدهما يزيد وينقص من الطويل: «

وعاذلة هبت علي تلومني

ولم يغتمزني قبل ذاك عذول

تقول اتئد لا يدعك الناس مملقا

وتزر بمن يا ابن الكرام تعول

فقلت أبت نفسي على كريمة

وطارق ليل غير ذاك يقول

ألم تعلمي يا عمرك اللَّه أنني

كريم على حين الكرام قليل

وإني لا أخزي إذا قيل مملق

سخي وأخزي أن يقال بخيل

»

74 -

وأخبرني الجوهري، أنبأنا أبو عبيد اللَّه مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى المرزباني، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى المكي، قَالَ: قَالَ

ص: 78

أبو العيناء: حضرت بعض إخواني من الأدباء وهو يجود بنفسه يردد شعرا حتى مات: «

يرى الحر أحيانا إذا قل ماله

من الجود ساعات فلا يستطيعها

وما ذاك عن بخل ولكن وجده

يقصر عنها والبخيل يضيعها

»

75 -

أخبرنا أبو الفتح هلال بْن مُحَمَّد بْن جعفر الحفار، حَدَّثَنَا أبو جعفر مُحَمَّد بْن عمرو البختري الرزاز، إملاءا، أخبرنا إسحاق بْن إبراهيم بْن سفيان، قَالَ: أنشدني مُحَمَّد بْن عبد اللَّه المؤذن، قَالَ: هذه لأبي العتاهية، من الكامل: «

من عف خف على الصديق لقاؤه

وأخو الحوائج وجهه مملول

وأخوك من وفرت ما في كيسه

فإذا عبثت به فأنت ثقيل

يلقاك بالتعظيم ما لم ترزه

فإذا رزأت أخا فأنت ذليل

والموت أروح من سؤالك باخلا

فتوق لا يمنن عليك بخيل

هبة البخيل شبيهة بطباعه

فهو القليل وما ينيل قليل

والعز في حسن المطامع كلها

فإن استطعت فمت وأنت نبيل

ص: 79

»

76 -

أخبرنا علي بْن مُحَمَّد بْن عبد اللَّه المعدل، أخبرنا أبو الحسين إسحاق بْن أَحْمَد الكاذي، قَالَ: أنشدنا أَحْمَد بْن يحيى ثعلب لأبي العتاهية، من مجزوء الكامل: «

من لم يكن لك منصفا

في الود فابغ به بديلا

وعليك نفسك فارعها

وأكسب لها حملا ثقيلا

ومن استخف بنفسه

كسبت له قالا وقيلا

أصرف بطرفك حيث شئت

فلا ترى إلا بخيلا

ولربما سئل البخيل

الشيء لا يسوى فتيلا

فيقول لا أجد السبيل

إليه أكره أن أنيلا

»

77 -

حَدَّثَنَا أبو عبد اللَّه الحسين بْن مُحَمَّد بْن جعفر الصيرفي الأصم بلفظه، قَالَ: حدثني أبو الفرج أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى الحافظ صاحب أبي بكر بْن مجاهد ويعرف بالصامت ويعرف بالصامت، قَالَ: حَدَّثَنَا يموت بْن المزرع بْن يموت أبو بكر، قَالَ: سمعت خالي أبا عثمان عمرو بْن بحر الجاحظ، يقول:" ما بقي من اللذات إلا ثلاث: ذم البخلاء، وأكل القديد، وحك الجرب "

ص: 80

78 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْمُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الشِّيعِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ، يَقُولُ:«الْبَخِيلُ لا غِيبَةَ لَهُ» .

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ لَبَخِيلٌ» .

وَمُدِحَتِ امْرَأَةٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: صَوَّامَةٌ، قَوَّامَةٌ، إِلا أَنَّ فِيهَا بُخْلا.

قَالَ: " فَمَا خَيْرًا إِذًا؟

79 -

أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْخَزَّازُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَرَّاقُ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، أَنَّهُ ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً صَوَّامَةً، قَوَّامَةً مُصَلِّيَةً، امْرَأَةَ صِدْقٍ، غَيْرَ أَنَّهَا بَخِيلَةٌ.

فَقَالَ: «فَمَا خَيْرُهَا إِذًا»

80 -

وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: " ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مُتَعَبِّدَةٌ، فَقِيلَ: إِنَّهَا بَخِيلَةٌ.

قَالَ: «فَمَا خَيْرًا إِذًا»

81 -

أخبرنا أبو الحسين بْن بشران، وأبو الحسن العباس بْن عمر بْن العباس، قالا: حَدَّثَنَا عثمان بْن أَحْمَد بْن عبد اللَّه الدقاق، حَدَّثَنَا الحسن بْن عمرو الشيعي، وقال العباس: السبيعي ثم اتفقا، قَالَ: سمعت بشر بْن الحارث، يقول:«صاحب زيغ سخي أخف علي قلبي من عابد بخيل» .

زاد ابن بشران: والنظر إلى البخيل يقسي القلب

ص: 81

82 -

وأخبرنا ابن بشران، أنبأنا عثمان بْن أَحْمَد، حَدَّثَنَا هارون بْن زياد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أبي الورد، قَالَ: حدثني حسين الأنماطي، قَالَ: سمعت بشر بْن الحارث، يقول:«بقاء البخلاء كرب على قلوب المؤمنين»

83 -

أخبرنا أَحْمَد بْن علي بْن الحسين التوزي، حَدَّثَنَا الحسن بْن الحسين بْن حكمان الفقيه الهمداني، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن نصر البخاري، قَالَ: سمعت إسماعيل بْن الحسين المذكر القزويني، يقول: سمعت يحيى بْن معاذ، يقول:«يأبى القلب للأسخياء إلا حبا ولو كانوا فجارا، وللبخلاء إلا بغضا ولو كانوا أبرارا»

84 -

أخبرنا أبو الفتح مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي الفوارس الحافظ، حَدَّثَنَا أبو عبد اللَّه الحسين بْن أَحْمَد الهروي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أبي علي الجلادي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن موسى السمري، قَالَ: أنشدنا حماد بْن إسحاق الموصلي، للخليل بْن أَحْمَد، من السريع: «

ما أقبح النسك بسئال

وأقبح البخل بذي المال

والحرص من شر أداة الفتى

لا خير في الحرص على حال

وأقبح الثروة إن لم تكن

عند أخي جود وإفضال

ص: 82

من بات محتاجا إلى أهله

هان على ابن العم والخال

ما وقع الواقع في ورطة

أزرت به من رقة الحال

»

85 -

وأخبرنا أبو الفتح بْن أبي الفوارس، حَدَّثَنَا علي بْن عبد اللَّه بْن المغيرة، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سعيد الدمشقي، قَالَ: قَالَ عبد اللَّه بْن المعتز: «أبخل الناس بماله أجودهم بعرضه»

86 -

أخبرني أبو يعلى أَحْمَد بْن عبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن جعفر الوكيل، أنبأنا مُحَمَّد بْن جعفر التميمي الكوفي، أنبأنا أبو عمر هو مُحَمَّد بْن عبد الواحد اللغوي، عن ثعلب، عن ابن الأعرابي، يعني أنه أنشد، من الطويل: «

تكامل فيه الجود والبخل فاعتلى

بفضليهما والبخل بالمرء قد يزري

أراد الجود بماله، والبخل بعرضه، والبخل الثاني ضد السخاء»

87 -

أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بْن المحسن التنوخي، قَالَ: أنبأنا أبو عبيد اللَّه المرزباني، قَالَ: أنشدنا أبو الحسن علي بْن سليمان الأخفش، قَالَ: أنشدنا أبو العباس مُحَمَّد بْن يزيد، عن أبي محلم، لعباس المشوق، هكذا في أصل المرزباني مضبوط: «

قال البخيل أنا أسود عشيرتي

بدراهمي وبكسوتي ومواكبي

ص: 83

فأجابه أدنى العشيرة كلها

نسبا إليه في الحرام الكاذب

»

88 -

وأخبرنا التنوخي، أنبأنا مُحَمَّد بْن العباس، قَالَ: أنشدنا العباس بْن العباس الجوهري، قَالَ: أنشدنا أبو عبد اللَّه الصوفي لنفسه، من السريع: «

البخل شؤم وله قسوة

وكل ما ضر فمذموم

قد فاز من كانت له نعمة

تظهر والمعروف مكتوم

أمواله ينفقها راضيا

وهو بشكر اللَّه موسوم

وآخر يحرس أمواله

موكل بالجمع مهموم

قد عدم اللذات في ذوقه

كأنه الكشحان محموم

»

89 -

أخبرنا علي بْن مُحَمَّد بْن عبد اللَّه المعدل، أنبأنا الحسين بْن صفوان، حَدَّثَنَا بْن أبي الدنيا، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى المروزي، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْن خبيق، قَالَ:" لقي يحيى بْن زكريا عليهما السلام إبليس في صورته، فقال له: يا إبليس! ! " أخبرني بأحب الناس

ص: 84

إليك، وأبغض الناس إليك.

قَالَ: أحب الناس إلي المؤمن البخيل، وأبغضهم إلي الفاسق السمح.

قَالَ يحيى: وكيف ذلك؟ قَالَ: لأن البخيل قد كفاني بخله، والفاسق السخي أتخوف أن يطلع اللَّه عليه في سخائه فيقبله.

ثم ولي، وهو يقول: لولا أنك يحيى لم أخبرك "

90 -

أخبرنا أبو مُحَمَّد الجوهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران المرزباني، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى المكي، قَالَ: أنشدنا أبو العيناء، من الهزج: «

لحجل هكذا ميلا

على رجلين أو رجل

ووطء الحسك الملقى

بلا خف ولا نعل

ومشي في الليالي القر

في الماء وفي الوحل

وشرب المسكر المر

الذي يذهب بالعقل

وإقدام على الليث

مع اللبوة والشبل

لنا أصلح من أن ننزل

الحاجة بالنذل

»

91 -

أخبرنا أبو الحسن علي بْن محمود الزوزني الصوفي، أنبأنا

ص: 85

أبو عبد الرحمن مُحَمَّد بْن الحسين النيسابوري فيما أذن لنا أن نرويه عنه، قَالَ: سمعت طاهر بْن عبد اللَّه، يقول: " كان ببغداد أخوان يقال لأحدهما: عقبة، وكان من أجود الناس.

ويقال للآخر: عيسى، وكان من أبخل الناس.

فقال فيهما ابن بسام الشاعر، من البسيط:

لم يدر ما كرم عيسى فليم كما

لم يدر عقبة ما لؤم فلم يلم

فزهد عقبة في لا حين نسأله

كزهد عيسى إذا ما سيل في نعم

"

92 -

حَدَّثَنَا أبو القاسم عبيد اللَّه بْن علي بْن عبيد اللَّه الرقي، قَالَ: قرأت بخط أبي علي الفارسي مكتوبا، من مجزوء الرجز: «

وقائل لا أبدا

إن جد أو إن هزلا

حتى إذا اضطر إلى

قول نعم قَالَ بلى

تأنسا منه بما

تضمنت من ذكر لا

»

93 -

أخبرنا أبو يعلى أَحْمَد بْن عبد الواحد الوكيل، حَدَّثَنَا إسماعيل بْن سعيد بْن سويد المعدل، حَدَّثَنَا أبو علي الحسين بْن القاسم الكوكبي، قَالَ: قَالَ لي أبو العباس المبرد: قيل لأبي الحارث جمين: لو لقيت فلانا لحباك ونالك ببر، واستظرفك.

قَالَ: قد أتيته فوجدته

ص: 86

ألفا.

قَالَ: وما ألف؟ قَالَ: ألف نصف لا وهو ثلث لاش.

قال: وقيل له مرة: بلغنا أنك صرت إلى نصر بْن رستم، فكيف وجدته؟ قَالَ: مشجب.

قيل: وما معنى مشجب؟ قَالَ: من أين أتيته رأيت لا "

94 -

أخبرنا أبو عبد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي طاهر الدقاق، حَدَّثَنَا جعفر بْن مُحَمَّد بْن نصير الخلدي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مسروق، حدثني علي بْن سلام أبو الحسن القطان الهروي، قَالَ: حدثني روح بْن عمر العامري، قَالَ: كنت مع أبي وهب، فسأل رجلا من أهله حاجة، فبخل بها عنه فأنشد أبو وهب، يقول، من الطويل:

إذا أنا لم أثن بخير علمته

ولم أذمم الرجس البخيل المذمما

ففيم عرفت الخير والشر باسمه

وشق لي اللَّه المسامع والفما

"

95 -

أخبرني أبو الحسن أَحْمَد بْن عبد الواحد بْن مُحَمَّد السلمي بدمشق، قَالَ: أخبرني جدي، أنبأنا مُحَمَّد بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن سهل السامري، حَدَّثَنَا إبراهيم بْن الجنيد، حَدَّثَنَا إسماعيل بْن رجاء الجزري، حَدَّثَنَا معقل بْن عبيد اللَّه الجزري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن المنكدر، قَالَ: كان يقال: «إذ أراد اللَّه تعالى بقوم شرا أمر عليهم شرارهم، وجعل أرزاقهم بأيدي بخلائهم»

ص: 87

96 -

أخبرنا أبو الحسين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حماد الواعظ مولى بني هاشم، حَدَّثَنَا أبو بكر يوسف بْن يعقوب بْن إسحاق بْن البهلول الأزرق في سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة، حَدَّثَنَا أبو عتبة يعني: أَحْمَد بْن الفرج الحمصي، حَدَّثَنَا ضمرة، وحدثنا أبو القاسم سعيد بْن مُحَمَّد بْن الحسن المروذي، قَالَ: أخبرنا أَحْمَد بْن علي بْن الحسن الكسائي بزبيد اليمن، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الحسن بْن إسحاق بْن عتبة الرازي، حَدَّثَنَا عمار بْن وثيمة، حَدَّثَنَا أبو سعيد يعني: يحيى بْن سليمان الجعفي، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عمير، حَدَّثَنَا ضمرة، عن إبراهيم بْن أبي عبلة، قَالَ: سمعت أم البنين أخت عمر بْن عبد العزيز، تقول:«أف للبخل، لو كان البخل قميصا ما لبسته، ولو كان طريقا ما سلكته» .

وقال الواعظ: «واللَّه لو كان البخل طريقا ما سلكته، ولو كان ثوبا ما لبسته» .

قال أبو عمير: هذا يسوى خمسين حديثا.

هذا مما سألني عنه يحيى بْن معين

97 -

أخبرني أبو الحسن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عبد اللَّه التميمي المعروف بابن الجواليقي في كتابه إلي من الكوفة، أنبأنا أبو جعفر أَحْمَد بْن علي بْن عبد اللَّه الخزاز، أخبرنا أبو بكر عبد اللَّه بْن بحر بْن طيفور الجنديسابوري، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد بْن عبد الحكم النسائي، قَالَ: حدثني إبراهيم بْن عبد اللَّه مولى بني هاشم، عن عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد التميمي، قَالَ: أنشدني بعض الكرام بيتا، فقلت: ما هو يا أبا عبد الرحمن؟ ! قَالَ، من الوافر: «

ص: 88

له دين وليس عليه دين

وذاك علامة الرجل البخيل

»

98 -

وقال عمر: حَدَّثَنَا ناجية بْن عبد اللَّه البصري، قَالَ: كان عندنا بالبصرة رجل ميسر، وكان بخيلا على نفسه وعلى عياله، فدعاه بعض جيرانه، فوضع بين يديه طباهجة ببيض، فأكل فأكثر، وجعل يشرب الماء، فانتفخ بطنه ونزل به الكرب والموت، فجعل يتلوى، فلما أجهده الأمر، وخاف الموت على نفسه، بعث إلى جار له متطبب، فدخل عليه، فقال: ما حالك؟ قَالَ: أكلت طباهجة ببيض، وشربت ماء كثيرا، وقد نزل بي الموت.

فقال: لا بأس عليك، قم فتقيأ ما أكلت وقد برئت.

فقال: هاه! أتقيأ طباهجة ببيض؟ أموت ولا أتقيأ طباهجة ببيض أبدا "

99 -

أخبرنا أبو الحسن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد العتيقي، قَالَ: أنشدنا أبو عمر مُحَمَّد بْن العباس الخزاز، وأخبرنا علي بْن المحسن التنوخي، والحسن بْن علي الجوهري، قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العباس، قَالَ: أنشدنا علان بْن أَحْمَد الرزاز، قَالَ: أنشدنا أبو مُحَمَّد الأنباري، قَالَ: أنشدنا أبو عكرمة لحماد عجرد، من السريع: «

زرت امرأ في بيته مرة

له حياء وله خير

يكره أن يتخم زواره

إن أذى التخمة محذور

ويشتهي أن يؤجروا عنده

بالصوم والصائم مأجور

ص: 89

»

100 -

أنشدني أبو السرى مُحَمَّد بْن عبد اللَّه الموصلي، قَالَ: أنشدني العكلي، لبعضهم لدعبل الخزاعي، من البسيط: «

أضياف عثمان في خفض وفي دعة

وفي عطاء لعمري غير ممنوع

وضيف عمرو وعمرو يسهران معا

عمرو لتخمته والضيف للجوع

»

101 -

أخبرنا أبو الحسين مُحَمَّد بْن الحسن بْن أَحْمَد الأهوازي، قَالَ: أنشدنا وليد بْن معن الموصلي من المتقارب:

يقول إذا جاءه زائر

فديتك إن العشا متخمه

وإن زار هو قَالَ نفسي الفدا

تعش فترك العشا مهرمه

ولبعضهم من الخفيف:

ما يبالي أعينه فارقته

أم كسرنا رغيفه فأكلنا

قد نزلنا به نريد قراه

فابتدا يمدح الصيام فصمنا

"

102 -

أخبرنا أبو الحسن العتيقي، وأبو مُحَمَّد الجوهري، قالا: أنشدنا مُحَمَّد بْن العباس، قَالَ: أنشدنا علان بْن أَحْمَد الرزاز، قَالَ: أنشدنا قاسم بْن مُحَمَّد الأنباري، قَالَ: أنشدنا أبو عكرمة، من مجزوء الرجز: «

ص: 90

أتيت عمرا سحرا

فقال إني صائم

فقلت إني قاعد

فقال إني قائم

فقلت آتيك غدا

فقال صومي دائم

»

103 -

أنشدنا أبو عبد اللَّه مُحَمَّد بْن علي بْن عبد اللَّه الصوري، قَالَ: أنشدني أبو مُحَمَّد عبد المحسن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن غالب الصوري لنفسه من الخفيف: «

وأخ مسه نزولي بقرح

مثلما مسني من الجوع قرح

بت ضيفا له كما حكم الدهر

وفي حكمه على الحر قبح

فابتدأني يقول وهو من السكرة

بالهم طافح ليس يصحو

لم تغربت قلت قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

والقول منه نصح ونجح

سافروا تغنموا فقال وقد قال

تمام الحديث صوموا تصحوا

ص: 91

»

104 -

أخبرنا أبو نعيم عبد الرحمن بْن علي بْن القاسم المعدل بصور، لعبد المحسن بْن مُحَمَّد في رجل بخيل من المنسرح: «

إذا عزمتم على زيارته

فودعوا الخبز حيثما كنتم

فليس يحتاج أن يقول لكم

صوموا أضيفوا به وقد صمتم

»

105 -

أخبرني أبو القاسم الأزهري، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد البزاز، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى الصولي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسماعيل الكاتب، قَالَ: " كان جعفر بْن عبد الواحد الهاشمي بخيلا، وكان بسر من رأى يستهدي رطبا، وكان له صديق يوجه كل يوم بسلة رطب مع غلام له، فقال له: إن الغلا يشعث السلة فاختمها.

ففعل، فوجدها قد تشعثت، فقال له: إن أردت أن تبرني بها فاختمها بعد أن تودعها زنبورين يكونان فيها.

فكانت تجيء بهيئتها، فإذا فتحها طار الزنبوران وعلم أن اليد لم تدخل فيها "

106 -

قرأت على الحسن بْن علي الجوهري، عن أبي عبيد اللَّه مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ: أخبرني المظفر بْن يحيى، قَالَ: قَالَ ابن مناذر من الطويل: «

رأيت أبا القعقاع إن ذكر القرى

ترعد خوفا واقشعرت ذوائبه

ص: 92

رأى الصيف مكتوبا فظن بأنه

لتصحيفه ضيف فقام يواثبه

»

107 -

أنشدني أبو بكر مُحَمَّد بْن عبيد اللَّه بْن عبد اللَّه بْن توبة العكبري، لبعضهم من الطويل: «

رأى الصيف مكتوبا على باب داره

فصحفه ضيفا فقام إلى السيف

فقلت له خيرا رأيت فظنني

أقول له خبزا فمات من الخوف

»

108 -

أخبرنا عبيد اللَّه بْن أبي الفتح الفارسي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حميد الخزاز، أنبأنا الصولي، قَالَ: حدثني أبو الفضل مخلد بْن أبان، حَدَّثَنَا إسحاق الموصلي، حَدَّثَنَا الأصمعي، قَالَ: " أول ما تكلم به النابغة من الشعر أنه حضر مع عمه عند رجل، وكان عمه يشاهد به الناس، ويخاف أن يكون عييا، فوضع الرجل كأسا في يده، وقال من الوافر:

تطيب كئوسنا لولا قذاها

ونحتمل الجليس على أذاها

فقال له النابغة:

قذاها أن صاحبها بخيل

يحاسب نفسه بكم اشتراها

وحمي لذلك "

109 -

أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بْن عبد اللَّه بْن طاهر

ص: 93

الطبري، حَدَّثَنَا القاضي أبو الفرج المعافى بْن زكريا الجريري، حَدَّثَنَا الحسن بْن أَحْمَد بْن سعيد الكلبي، أخبرنا الغلابي، حدثني مهدي بْن سابق، قَالَ: " أقبل أعرابي يريد رجلا، وبين يدي الرجل طبق تين، فلما أبصر الأعرابي غطى التين بكساء كان عليه، والأعرابي يلاحظه، فجلس بين يديه، فقال له الرجل: هل تحسن من القرآن شيئا؟ قَالَ: نعم.

قَالَ: فاقرأ.

قَالَ: فقرأ الأعرابي: {وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ} [التين: 2 - 2] .

قَالَ الرجل: فأين التين؟ قَالَ: التين تحت كسائك "

110 -

أخبرنا أبو القاسم الأزهري، وأبو مُحَمَّد الجوهري، قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العباس الخزاز، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عبيد اللَّه الكاتب، قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن زكريا، قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن عبد الرحمن، قَالَ:" دعا مديني أخا له، فأقعده إلى العصر فلم يطعمه شيئا، فاشتد جوعه وأخذه مثل الجنون، فأخذ صاحب البيت العود، وقال له: بحياتي أي صوت تشتهي أن أسمعك؟ قَالَ: صوت المقلى "

111 -

أنشدني أبو الفضل عبد الصمد بْن مُحَمَّد الخطيب، لجحظة من المنسرح: "

أطعمني بيضة وناولني

من بعدها ذقت فقده قدحا

وقال: أي الأصوات يا ابن أخي

تريد؟ إني أراك مقترحا

ص: 94

فقلت مقلى وصوت جردقة

إن جاز ذا الاقتراح أو صلحا

فاشتط من ذاك وامتلا غضبا

وكان سكران طافحا فصحا

فقلت إني مزحت قَالَ كذا

رأيت حرا بمثل ذا مزحا

"

112 -

بلغني أن مُحَمَّد بْن يحيى بْن خالد بْن برمك كان بخيلا قبيح البخل، فسئل نسيب له كان يألفه عنه، وقال له قائل: صف مائدته.

فقال: هي فتر في فتر، وصحافه منقورة من حب الخشخاش، وبين نديمه والرغيف نقدة جوزة.

قَالَ: فمن يحضره؟ قَالَ: الكرام الكاتبون.

قَالَ: أفما يأكل معه أحد؟ قَالَ: بلى! الذباب.

فقال: سوأة له! أنت خاص به وثوبك مخرق.

فقال: إني واللَّه! ما أقدر على إبرة أخيطه بها، ولو ملك مُحَمَّد بيتا من بغداد إلى النوبة مملوءا إبرا، ثم جاءه جبريل وميكائيل، ومعهما يعقوب النبي صلى الله عليه وسلم يضمنون عنه إبرة، ويسألونه إعارته إياها ليخيط بها قميص يوسف الذي قد من دبر، ما فعل.

113 -

أخبرني الأزهري، قَالَ: أنشدنا أبو عمر بْن حيويه الخزاز، قَالَ: أنشدنا العباس بْن العباس هو ابن المغيرة الجوهري، قَالَ: أنشدنا مُحَمَّد بْن موسى، قَالَ: أنشدنا هلال بْن العلاء من الكامل: «

ص: 95

لو أن دارك أنبتت لك فاحتشت

إبرا يضيق بها فناء المنزل

وأتاك يوسف يستعيرك إبرة

ليخيط قد قميصه لم تفعل

»

114 -

أخبرنا أبو الحسن علي بْن أيوب القمي الكاتب، أنبأنا أبو عبيد اللَّه مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى المرزباني، أنبأنا ابن دريد، أنبأنا أبو عثمان الأشنداني، قَالَ: كان أبو عبيدة، يقول: " كان الأصمعي بخيلا، فكان يجمع أحاديث البخلاء ويتحدث بها، ويوصي بها ولده، وكان أبو عبيدة إذا ذكر الأصمعي أنشد من الكامل:

عظم الطعام بعينه فكأنه

هو نفسه للآكلين طعام

"

115 -

وأخبرني علي بْن أيوب، أنبأنا المرزباني، أخبرني الصولي، حَدَّثَنَا أبو خليفة، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سلام، قَالَ: كنا مع أبي عبيدة في جنازة ننتظر إخراج الميت، ونحن بقرب دار الأصمعي، فارتفعت ضجة من دار الأصمعي، فبادر الناس ليعرفوا ذلك، فقال أبو عبيدة: إنما يفعلون هذا عند الخبز، كذا يفعلون إذا فقدوا رغيفا "

116 -

أخبرنا القاضي أبو الطيب الطبري، أخبرنا المعافي بْن زكريا، قَالَ: حدثني الحسين بْن القاسم الكوكبي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عبيد، قَالَ: " كان جعفر بْن يحيى يعيب الأصمعي برثاثة الهيئة، وذلك بعد أن أوصل إليه خمس مئة ألف درهم، وقد كان جعفر في يوم من الأيام ركب ليقصد الأصمعي في منزله، وأمر خادما له بحمل ألف دينار، ليصله بها عند انصرافه، فلما دخل منزله ورأى رثاثة حاله

ص: 96

ووسخ منزله، ورأى في دهليزه حبا مكسورا، أمر الخادم برد ألف دينار، فقيل لجعفر في ذلك، فقال: إن لسان النعمة أنطق من لسانه، وإن ظهور الصنيعة أمدح وأهجى من مديحه وهجائه، فعلام نعطيه الأموال إذا لم تظهر الصنيعة عنده وتنطق النعمة بالشكر عنه، ويتزيا بزي أهل المروءات، ويتغذى غذاء أهل الجدات "

117 -

أنشدنا أبو الفتح مُحَمَّد بْن مظفر بْن مُحَمَّد بْن غالب الدينوري، قَالَ: أنشدني منصور بْن ربيعة الزهري لنفسه من المنسرح:

قوم غدا للطعام عندهم

وزن لجين ووزن ياقوت

إن كان قوتي إليهم وبهم

برئت منهم ومنك ياقوتي

"

118 -

أخبرني مُحَمَّد بْن أَحْمَد الجواليقي في كتابه إلي، قَالَ: أنبأنا أَحْمَد بْن علي الخزاز، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْن بحر، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد بْن عبد الحكم النسائي، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عيسى القارئ، حدثني مُحَمَّد بْن عبد الرحمن بْن غزوان، قَالَ: قَالَ بعض الشعراء من المنسرح: «

واصف داود بالندى غلط

كراقع الوشي بالكرابيس

ثياب طباخه إذا اتسخت

أنقى بياضا من القراطيس

ص: 97

مطبخ داود في نظافته

أشبه شيء بصرح بلقيس

لو طرح الخبز وسط مطبخه

ما طمعت فيه جوقة السوس

»

119 -

ولأبي الفرج علي بْن الحسين بْن هندو من المنسرح:

لو مات لم يأكل الطعام إذا

ما كان ذاك الطعام من كيسه

إن لم نشاهد دخان مطبخه

فقد شهدنا دخان تعبيسه.

120 -

أخبرنا الجوهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العباس، قَالَ: أنشدنا عبد العزيز بْن أَحْمَد الجوهري لأبي العنبر من البسيط:

يهوى النبيذ ولكن ليس ينبذه

وما به وله فقد ولا عدم

قد كلف النفس منه فوق طاقتها

ما يأكل اللحم إلا يوم يحتجم

ص: 98

"

121 -

قرأت على الجوهري، عن أبي عبد اللَّه المرزباني، قَالَ: أخبرني يوسف بْن يحيى بْن علي المنجم، عن أبيه، قَالَ: حدثني ابن مهرويه، قَالَ: حدثني علي بْن مُحَمَّد النوفلي، قَالَ: قَالَ سمعت أبي، يقول:" كان مروان بْن أبي حفصة لا يأكل اللحم بخلا حتى يقوم إليه، فإذا قرم أرسل غلامه، فاشترى له رأسا فأكله، فقيل له: نراك لا تأكل إلا الرءوس في الصيف والشتاء، فلم تختار ذلك؟ فقال: نعم، الرأس أعرف سعره، فآمن خيانة الغلام ولا يستطيع أن يغبنني فيه، وليس بلحم يطبخه الغلام فيقدر أن يأكل منه، إن مس عينا أو أذنا أو خدا وقفت على ذلك، وآكل منه ألوانا، آكل عينه لونا، وأذنيه لونا، وغلصمته لونا، ودماغه لونا، وأكفى مئونة طبخه، فقد اجتمعت لي فيه مرافق "

122 -

قَالَ المرزباني: وأخبرني يوسف بْن يحيى، عن أبيه، عن أبي غسان، عن أبي عبيدة، عن جهم بْن خلف، قَالَ: " آتينا اليمامة، فنزلنا على مروان بْن أبي حفصة، فأطعمنا تمرا، وأرسل غلامه بفلس وسكرجة ليشتري له زيتا، فلما جاء بالزيت، قَالَ: خنتني.

قَالَ: من فلس؟ كيف أخونك؟ قَالَ: أخذت الفلس لنفسك واستوهبت زيتا "

123 -

قرأت على الجوهري، عن المرزباني، قَالَ: حدثني أَحْمَد بْن عيسى الكرخي، أخبرنا أبو العيناء مُحَمَّد بْن القاسم اليمامي، قَالَ: " كان مروان بْن أبي حفصة من أبخل الناس، خرج يريد الخليفة

ص: 99

المهدي، فقالت له امرأة من أهله: ما لي عليك إن رجعت بالجائزة؟ قَالَ: إن أعطيت ألف درهم أعطيتك درهما.

فأعطي ستين ألفا، فدفع إليها أربعة دوانيق! وكان قد اشترى يوما لحما بدرهم، فدعاه صديق له، فرد اللحم على القصاب بنقصان دانق، وقال: أكره الإسراف.

وهجاه بعض الشعراء، فقال من الطويل:

وليس لمروان على العرس غيرة

ولكن مروانا يغار على القدر

"

124 -

حدثني مُحَمَّد بْن فتوح الأندلسي، أنبأنا منصور بْن النعمان الضيري، أنبأنا أبو عبد اللَّه مُحَمَّد بْن عبد اللَّه الحسيني، عن أبي العباس الصقري، قَالَ: قَالَ مخلد الموصلي من المتقارب:

فتى لا يغار على عرسه

ولكن يغار على خبزه

يد البخل قد شبكت كفه

وكف السماحة في عجزه

قال: وقال آخر من الوافر:

ألم تعجب لعلقمة بْن سيف

له غنم وليس له كلاب

ص: 100

مخافة أن تدل عليه ضيفا

فأنزل أهله بين الضراب

"

125 -

أخبرنا أبو علي الحسن بْن علي بْن عبد اللَّه المقرئ، أنبأنا أبو الحسن مُحَمَّد بْن جعفر التميمي الكوفي، أنشدنا أبو بكر الصولي، لدعبل بْن علي الخزاعي من الطويل: «

رأيت أبا عمران يبذل عرضه

وخبز أبي عمران في أحرز الحرز

يحن إلى جاراته بعد شبعه

وجاراته غرثى تحن إلى الخبز

»

126 -

وأخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا مُحَمَّد بْن جعفر التميمي، قَالَ: أنشدنا أبو علي المنصوري لدعبل بْن علي من البسيط: «

قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم

واستوثقوا من لزام الباب والدار

لا يقبس الجار منهم فضل نارهم

ولا تكف يد عن حرمة الجار

»

127 -

حَدَّثَنَا أبو رجاء هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن علي الشيرازي، قَالَ: أنشدنا علي بْن ما شاذ بأصفهان، قَالَ: أنشدنا مُحَمَّد بْن عبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أسيد، قَالَ: أنشدنا مُحَمَّد بْن زكريا البصري، قَالَ: أنشدنا إبراهيم بْن عمر بْن حبيب من البسيط: «

ص: 101

قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم

واستوثقوا من رتاج الباب والدار

لا يرتجي الجار منهم فضل نائلهم

ولا تكف يد عن حرمة الجار

»

128 -

أخبرني الأزهري، وعبيد اللَّه بْن علي الرقي، قالا: حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد المقرئ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى الصولي، حَدَّثَنَا يموت هو ابن المزرع، قَالَ: قَالَ الجاحط: " قَالَ رجل من البخلاء لغلامه: هات الطعام، وأغلق الباب.

فقال: هذا خطأ، بل أغلق الباب، وأت بالطعام.

قَالَ: أنت حر لعلمك بالحزم "

ص: 102

129 -

أنبأنا أبو الحسين مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن علي بْن رزمة البزاز، أنبأنا القاضي أبو سعيد الحسن بْن عبد اللَّه السيرافي، وأنبأنا أبو الحسين مُحَمَّد بْن الحسن بْن أَحْمَد الأهوازي، أنبأنا أبو أَحْمَد الحسن بْن عبد اللَّه بْن سعيد العسكري، قَالَ أبو سعيد أنبأنا، وقال أبو أَحْمَد: حَدَّثَنَا أبو بكر مُحَمَّد بْن الحسن بْن دريد، حَدَّثَنَا أبو حاتم، عن الأصمعي، عن يونس، قَالَ:" كتب زياد بْن عبيد اللَّه الحارثي إلى المنصور يسأله الزيادة في عطائه وأرزاقه، وأبلغ في كتابه، فوقع المنصور في القصة: إن الغنى والبلاغة إذا اجتمعا في رجل أبطراه، وأمير المؤمنين يشفق عليك من ذلك، فاكتف بالبلاغة ".

ولم يذكر الأهوازي في إسناده الأصمعي

ص: 107

130 -

وأخبرنا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن علي، أنبأنا أبو القاسم عمر بْن مُحَمَّد بْن يوسف، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العباس اليزيدي، حَدَّثَنَا الزبير بْن بكار أبو عبد اللَّه، قَالَ:" وكتب زياد يعني: ابن عبيد اللَّه إلى المنصور أمير المؤمنين في حوائج ذكرها، وأبلغ في كتابه، فوقع أمير المؤمنين المنصور في كتابه: إن البلاغة والغنى إذا اجتمعا في رجل أبطراه، فاكتف بالبلاغة "

131 -

أخبرنا أبو الحسن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزقويه، أنبأنا أبو الحسن المظفر بْن يحيى الشرابي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عبد اللَّه المرثدي، عن أبي إسحاق طلحة بْن عبيد اللَّه الطلحي، قَالَ: أخبرني أبو مُحَمَّد عمر بْن عيسى التميمي، قَالَ: " كان زياد بْن عبيد اللَّه الحارثي خال أبي العباس أمير المؤمنين، واليا لأبي العباس على مكة، فحضر أشعب مائدته في أناس من أهل مكة، وكان لزياد بْن عبيد اللَّه صحفة يخص بها، فيها مضيرة من لحم جدي فأتي بها، فأمر الغلام أن يضعها بين يدي أشعب، وهو لا يعلم أنها المضيرة، فأكلها أشعب حتى أتى على ما فيها، واستبطأ زياد بْن عبيد اللَّه المضيرة، فقال: يا غلام! الصحفة التي كنت تأتيني بها، قَالَ: قد أتيتك بها أصلحك اللَّه! فأمرتني أن أضعها بين يدي أبي العلاء.

قَالَ: هنأ اللَّه أبا العلاء وبارك له! فلما رفعت المائدة، قَالَ: يا أبا العلاء! وذاك في استقبال شهر رمضان، قد حضر هذا الشهر المبارك، وقد رققت لأهل السجن لما هم فيه من الضيق ثم لانهجام الصوم عليهم، وقد رأيت أن أصيرك إليهم، فتلهيهم بالنهار، وتصلي بهم

ص: 108

بالليل.

وكان أشعب حافظا، فقال: أو غير ذلك، أصلح اللَّه الأمير! ؟ قَالَ: وما هو؟ قَالَ: أعطي اللَّه عهدا ألا آكل مضيرة جدي أبدا "

132 -

أخبرني أبو القاسم الأزهري، وأبو مُحَمَّد الجوهري، قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العباس الخزاز، حَدَّثَنَا أبو بكر بْن الأنباري، حَدَّثَنَا أبي القاسم بْن مُحَمَّد الأنباري، حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عبد اللَّه بْن قحطبة الصلحي، أخبرنا أبو حاتم الرازي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أبي الفضل، حَدَّثَنَا سعيد الوراق، قَالَ: " كان للأعمش جار كان لا يزال يعرض عليه المنزل، يقول: لو دخلت فأكلت كسرة وملحا.

فيأبى عليه الأعمش، فعرض عليه ذات يوم، فوافق جوع الأعمش، فقال: مر بنا.

فدخل عليه، فقرب إليه كسرة وملحا، إذ سأل سائل، فقال له رب المنزل: بورك فيك! فأعاد إليه المسألة، فقال له: بورك فيك! .

فلما سأل الثالثة، قَالَ له: اذهب، وإلا خرجت إليك بالعصا.

قَالَ: فناداه الأعمش، فقال: أذهب ويحك، فلا واللَّه، ما رأيت أحدا أصدق مواعيد منه، هو منذ سنة يعدني على كسرة وملح، فلا واللَّه، ما زادني عليهما "

133 -

حَدَّثَنَا أبو طاهر هو مُحَمَّد بْن علي بْن مُحَمَّد السماك، أنبأنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى القرشي، حَدَّثَنَا أبو الفرج علي بْن الحسين الأصبهاني، قَالَ أنشدني جحظة لنفسه من الخفيف:

قل لقوم ما فيهم من رشيد

لا ولا فوق بخلهم من مزيد

ص: 109

لن تنالوا العلى بصحن قديد

وبناء بنيتموه مشيد

وستور قد علقت ودهاليز

طوال من خلف باب حديد

إنما تدرك المكارم بالصبر

لهدم الحلوى وأكل الثريد

ليس صدي عنكم صدود تجاف

هو ذم يشيب رأس الوليد

بهجاء في كل يوم عتيد

وبذم في كل يوم جديد

هاك خذها من ذي بيان فما قصر

عن شعر جرول ولبيد

"

134 -

أخبرنا أبو الحسن علي بْن طلحة بْن مُحَمَّد المقرئ، أخبرنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران الكاتب، قَالَ: أنشدني صالح بْن مُحَمَّد لبعضهم من مجزوء الرمل: «

قد رأينا حسن ساباطك

والدار الجميله

وعلمنا أن في بيتك

ما يكفي قبيله

غير أن الجن لا تحسن

في خبزك حيله

»

ص: 110

135 -

أنشدنا أبو عبد اللَّه بْن هلال بْن عبد اللَّه الطيبي مؤدبي رحمه الله من البسيط: «

لأضربن رجائي ألف مقرعة

حدا وأصلب آمالي على خشبه

إذ منياني مواتا لا حراك بهم

وإن سمعت لهم في دورهم جلبه

ستر رقيق وأبواب مفتحة

وفي القصور الأعالي أنفس خربه

»

136 -

أنبأنا أبو الحسن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عبد اللَّه بْن الجواليقي، أنبأنا أَحْمَد بْن علي بْن عبد اللَّه الخزاز، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْن بحر الجنديسابوري، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد بْن عبد الحكم النسائي، أخبرنا عبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عيسى، حدثني مُحَمَّد بْن عبد الرحمن بْن غزوان، قَالَ: قَالَ بعض الشعراء من السريع: «

دار أبي العباس محشوة

ما شئت من بسط وأنماط

ومنتهى بعدك من خبزه

كبعد بلخ من سميساط

عاتبه الدرهم في لحمه

في يوم إسراف وإفراط

ص: 111

مطبخه قفر وخبازه

أفرغ من حجام ساباط

وخبزه عدة إخوانه

كأنها أفلاق خراط

يكره أن يتخم إخوانه

إذا أتوه فعل محتاط

»

137 -

أخبرني الحسن بْن علي بْن عبد اللَّه العطار، أنبأنا أبو الحسن مُحَمَّد بْن جعفر التميمي المعروف بابن النجاد، أنبأنا أبو القاسم السكوني، قَالَ: حدثني الحسن بْن مُحَمَّد، قَالَ: حدثني يوسف بْن تميم، قَالَ: حَدَّثَنَا بعض شباب أهل البصرة: " أنّ رجلا كان موسرا كثير المال، وكان ينظر في دقيق الأشياء، فاشترى حوائج له، فدعا بحمال، فقال: بكم تحمل هذه الحوائج؟ قَالَ: بحبة.

قَالَ: أحسن.

قَالَ: أقل من حبة؟ لا أدري كيف أقول.

قَالَ: نشتري بالحبة جزرا، فنجلس جميعا فنأكله "

138 -

أخبرنا أبو القاسم الأزهري، أنبأنا مُحَمَّد بْن الحسن الدقاق، عن جعفر الخلدي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مسروق، حَدَّثَنَا إبراهيم بْن عبد الرحمن الطائفي، حدثني أبو جعفر مُحَمَّد بْن الأصبغ الحارثي، قَالَ: سمعت عمي، قَالَ: " كان زبيدة بْن حميد الصيرفي

ص: 112

استلف من بقال كان على بابه درهمين ونصف دانق، فقضاه بعد ستة أشهر درهمين وثلاث حبات شعير، فاغتاظ البقال، فقال: سبحان اللَّه، أنت رب مال، وأنا بقال أملك مئة فلس، وإنما أعيش باستفضال الحبة والحبتين، وإنما صاح على بابك جمال وحمال فلم يحضرك شيء، وغاب وكيلك، فنقدت عنك درهمين وأربع شعيرات، فتقضيني بعد ستة أشهر درهمين وثلاث شعيرات! ؟ فقال له زبيدة: يا مجنون، أسلفتني في الصيف وقضيتك في الشتاء، وثلاث شعيرات شتوية أوزن من أربع شعيرات صيفية، وما أشك أن معك فضلا كثيرا "

139 -

أخبرنا عبيد اللَّه بْن أبي الفتح الفارسي، قَالَ: أنشدنا أبو بكر أَحْمَد بْن إبراهيم بْن شاذان، قَالَ: أنشدني العباس ختن الصرصري لبعض إخوانه، من البسيط: «

قدر الرقاشي مضروب بها المثل

لكل شيء سوى النيران تبتذل

تشكو إلى قدر جارتها إذا التقتا

اليوم لي سنة ما مسني بلل

لكنني بي يرقى ماء بئرهم

وبي ترابهم إن جم ينتقل

فإنما بعد نقل الماء أخلقني

نقل التراب إذا ما عزت الزبل

» قلت: هذه الأبيات لأبي نواس، قالها في فضل بْن عبد الصمد الرقاشي

قرأت على الجوهري، عن أبي عبيد اللَّه المرزباني، قَالَ: أخبرني

ص: 113

مُحَمَّد بْن العباس، قَالَ: أنشد يوما رجل أبا العباس المبرد لأبي نواس، من البسيط:

قدر الرقاشي مضروب بها المثل

لكل شيء سوى النيران تبتذل

تشكو إلى قدر جارات إذا التقيا

اليوم لي سنة ما مسني بلل

فأنشده أبو العباس لغيره، من الطويل:

أقول متى باللحم عهد قدوركم

فقالت إذا ما كن يوما عواريا

من أضحى إلى أضحى وإلا فإنها

تكون بنسج العنكبوت كماهيا

"

140 -

أخبرنا أبو القاسم الأزهري، وعبد الكريم بْن مُحَمَّد الضبي، قالا: أنبأنا أبو الحسن الدارقطني، قَالَ: " كان عقبة بْن جبار المنقري بخيلا، وفيه يقول الشاعر، من البسيط:

لو أن قدرا بكت من طول محبسها

على القفور بكت قدر ابن جبار

ما مسها دسم مذ فض معدنها

ولا رأت بعد نار القين من نار

"

141 -

أخبرنا أَحْمَد بْن عبد الواحد الدمشقي، أنبأنا جدي، أنبأنا جعفر بْن مُحَمَّد السامري، قَالَ: سمعت أبا العباس مُحَمَّد بْن يزيد المبرد ينشد لبعضهم في ذم البخيل، من الطويل:

ص: 114

ألا ليت شعري يال خاقان هل لكم

إذا ما سلبتم نعمة اللَّه شاكر

فأما وأنتم لابسون ثيابها

فما لكم والحمد لله ذاكر

"

142 -

أنشدنا أبو الحسن علي بْن عبيد اللَّه اللغوي المعروف بالسمسماني، من المتقارب:

خنازير ناموا عن المكرمات

فأيقظهم قدر لم ينم

فيا قبحهم في الذي خولوا

ويا حسنهم في زوال النعم

"

143 -

أخبرنا أبو يعلى أَحْمَد بْن عبد الواحد الوكيل، أنبأنا إسماعيل بْن سعيد المعدل، حَدَّثَنَا أبو علي الحسين بْن القاسم الكوكبي، حَدَّثَنَا المبرد، قَالَ: " قيل لأبي الحارث جمين: تغديت عند فلان؟ قَالَ: لا، ولكنني مررت ببابه وهو يتغدى.

قيل: وكيف علمت ذلك قَالَ: رأيت غلمانه بأيديهم قسي البنادق يرمون الطير في الهواء "

144 -

ولأبي الحارث بْن التمار الواسطي، من الخفيف:

جئته زائرا فقال لي البواب

صبرا فإنه يتغدى

قلت سمعا فقد سمعت قديما

خبزه لازم ولا يتعدى

ص: 115

145 -

أخبرنا أبو الحسين مُحَمَّد بْن علي بْن مُحَمَّد بْن مخلد الوراق، وأبو مُحَمَّد الحسن بْن مُحَمَّد الخلال، قَالَ الخلال: حَدَّثَنَا، وقال الآخر أنبأنا أبو الحسن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، قَالَ: أنشدني وليد بْن مُحَمَّد لجحظة، من المتقارب:

تفزع إذ جئته للسلام

ومات من الخوف لما دخلت

فقلت له لا يرعك الدخول

فواللَّه ما جئت حتى أكلت

"

146 -

حدثني أبو عبد اللَّه مُحَمَّد بْن فتوح الأندلسي، قَالَ: " كتب بعض الأدباء إلى بعض إخوانه يشاوره في قصد بعض الرؤساء تأميلا له واستدعاءا لنائله، وكان معروفا بالبخل، فكتب إليه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، كتبت إلي تسألني عن فلان، وذكرت أنك هممت بزيارته، وحدثتك نفسك بالقدوم عليه، فلا تفعل أمتع اللَّه بك! فإن حسن الظن به لا يقع إلا بخذلان من اللَّه، وإن الطمع فيما عنده لا يخطر على القلوب إلا من سوء التوكل على اللَّه، والرجاء لما في يديه لا ينبغي إلا بعد اليأس من روح اللَّه، لأنه رجل يرى التقتير الذي نهى اللَّه عنه هو التبذير الذي يعاقب عليه، وأن الاقتصاد الذي أمر اللَّه به هو الإسراف الذي يعذب عليه، وإن بني إسرائيل لم يستبدلوا العدس بالمن، والبصل بالسلوى، إلا لفضل أحلامهم وقديم علم توارثوه عن آبائهم، وأن الضيافة مدفوعة، والهبة مكروهة، وأن الصدقة منسوخة، وأن التوسع ضلالة، والجود فسق، والسخاء من همزات الشياطين، كأنه لم يسمع بالمعروف إلا في الجاهلية الأولى التي

ص: 116

قطع اللَّه أخبارها ونهى عن اتباع آثارها، وكأن الرجفة لم تأخذ أهل مدين إلا لسخاء كان فيهم، ولا أهلكت الريح العقيم عادا إلا بجود أفضال كان معهم، وهل يخشى العقاب إلا على الإنفاق ويرجو العفو إلا على الإمساك، ويعد نفسه بالفقر ويأمرها بالبخل خيفة أن تنزل به قوارع الظالمين ويصيبه ما أصاب الأولين، فأقم رحمك اللَّه بمكانك، واصبر على عض زمانك، وامض على عسرتك عسى اللَّه أن يبدل لك خيرا منه زكاة وأقرب رحما "

147 -

أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي، أنبأنا مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى، أنّ مُحَمَّد بْن يحيى أخبره، قَالَ: حدثني علي بْن العباس يعني: النوبختي، قَالَ: " كان البختري معي جالسا، فسلم علينا ابن لعيسى بْن المنصور، فقال لي: من هذا؟ فقلت: هذا ابن عيسى بْن المنصور، الذي يقول ابن الرومي في أبيه، من المتقارب:

يقتر عيسى على نفسه

وليس بباق ولا خالد

ولو يستطيع لتقتيره

تنفس من منخر واحد

فقال لي: أف وتف، هذا من خاطر الجن لا من خاطر الأنس.

ووثب فمضى "

148 -

أخبرنا أبو عبد اللَّه الحسين بْن مُحَمَّد بْن جعفر الشاعر الخالع، أخبرني أبو الحسين علي بْن جعفر الحمداني، قَالَ: أنشدنا ابن الرومي في عيسى بْن موسى بْن المتوكل، كذا روى لنا الخالع، من المتقارب:

ص: 117

يقتر عيسى على نفسه

وليس بباق ولا خالد

ولو يستطيع لتقتيره

تنفس من منخر واحد

"

149 -

حَدَّثَنَا أبو بكر مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن مُحَمَّد الزنجاني بهمذان، حَدَّثَنَا الحسين بْن مُحَمَّد بْن جعفر الجرجاني، حَدَّثَنَا سلم بْن الفضل بمصر، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن موسى القرشي، قَالَ: سمعت الأصمعي، يقول:" ثلاثة لا يسألون الحوائج: رجل استغنى بعد فقر، فإنه يرى إن قضاها عاد إلى فقره، وعبد، فإنه يقول: ليس الأمر إلي، إنما الأمر إلى موالي، وصيرفي، فإن مروءته أن يستربح على إخوانه في مئة دينار حبة ذهب "

150 -

أخبرنا أبو الفتح منصور بْن ربيعة بْن أَحْمَد الزهري الخطيب بالدينور، قَالَ: أنشدني شعيب بْن علي القاضي الهمذاني، قَالَ: أنشدني أبو الحسين أَحْمَد بْن فارس، قَالَ: أنشدني المنقري لجحظة، من الكامل: «

قوم إذا استنجدتهم فكأنني

حاولت نتف الشعر في آنافهم

قم فأسقنيها بالكبير وغنني

ذهب الذين يعاش في أكنافهم

» فما أنشدتها أحدا، إلا قَالَ: صدقت، هم أهل هذا الزمان

151 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلِ بْنِ خَلَفِ بْنِ شَجَرَةَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو

ص: 118

إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: " قَاتَلَ اللَّهُ لَبِيدًا، حَيْثُ يَقُولُ، مِنَ الْكَامِلِ:

ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ

وَبَقِيتَ فِي نَسْلٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ

يَتَحَدَّثُونَ مَلاذَةً وَمَهَانَةً

وَيُعَابُ قَائِلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْغَبِ

قَالَ مَالِكٌ: قَالَ هِشَامٌ: قَالَ عُرْوَةُ: ثُمَّ تَقُولُ عَائِشَةُ: فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَ هَذَا الزَّمَانَ؟ قَالَ مَالِكٌ: قَالَ هِشَامٌ: أَمَّا أَنَا فَلا أَقُولُ شَيْئًا "

152 -

حَدَّثَنَا أبو الحسن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عمر بْن علي الصابوني من لفظه وحفظه، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عبد اللَّه بْن إبراهيم الشافعي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يونس الكديمي، قَالَ: سمعت أبا نعيم الفضل بْن دكين، يقول: " ما أكثر تعجبي من تمثل عائشة ببيت لبيد:

ذهب الذين يعاش في أكنافهم

وبقيت في خلف كجلد الأجرب

ولكن، من الخفيف:

ذهب الناس فاستقلوا وصرنا

خلفا في أراذل النسناس

في أناس نعدهم من عديد

فإذا فتشوا فليسوا بناس

ص: 119

كلما جئت أبتغي النيل منهم

بدروني قبل السؤال بياس

وبكوا لي حتى تمنيت أني

مفلت منهم فرارا براس

"

153 -

أخبرنا أبو الحسن علي بْن أيوب القمي، أنبأنا أبو عبيد اللَّه مُحَمَّد بْن عمران المرزباني، أنبأنا أبو بكر مُحَمَّد بْن دريد، أنبأنا أبو حاتم، قَالَ: كتب أَحْمَد بْن يوسف بْن القاسم بْن صبيح إلى سعيد بْن سلم: " لولا أن اللَّه ختم نبوته بمُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، وكتبه بالقرآن لانبعث فيكم نبي نقمة، وأنزل فيكم قرآن غدر، وما عسيت أن أقول في قوم محاسنهم مساوئ السفلة، ومساوئهم فضائح الأمم، وألسنتهم معقولة بالعي، وأيديهم معقودة بالبخل، وأعراضهم أغراض للذم، فهم كما قَالَ الشاعر، من البسيط:

لا يكثرون وإن طالت حياتهم

ولا تبيد مخازيهم وإن بادوا

"

154 -

أخبرنا علي بْن مُحَمَّد بْن عبد اللَّه المعدل، أنبأنا أبو الحسين إسحاق بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الكاذي، قَالَ: أنشدنا أَحْمَد بْن يحيى: ثعلب، وأنبأنا عبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عثمان الصيرفي، والقاضي أبو الحسين مُحَمَّد بْن علي بْن مُحَمَّد الهاشمي، قَالَ عبيد اللَّه: أنشدنا، وقال مُحَمَّد: أنبأنا أبو الفضل مُحَمَّد بْن الحسن بْن الفضل بْن المأمون، قَالَ: أنشدنا أبو بكر مُحَمَّد بْن القاسم الأنباري، قَالَ:

ص: 120

أنشدني أبي، قَالَ: أنشدنا أبو عكرمة الضبي، قَالَ: أنشدنا أبو العالية، من الطويل:

ترحل، فما بغداد دار إقامة

ولا عند من أضحى ببغداد طائل

محل ملوك سمنهم في أديمهم

فكلهم من حلية المجد عاطل

سوى معشر قلوا وجل قليلهم

مضاف إلى بذل الندى وهو باخل

ولا غرو أن شلت يد المجد والعلى

وقل سماح من رجال ونائل

إذا غضغض البحر الغطامط

ماءه فليس عجيبا أن تغيض الجداول

" لم يذكر ثعلب البيت الثالث، وقال: معنى سمنهم في أديمهم: خبزهم في بيوتهم

155 -

أخبرنا أبو الحسين مُحَمَّد بْن الحسين بْن مُحَمَّد بْن الحسين بْن علي الحراني المعدل، أنبأنا أبو الفضل عبيد اللَّه بْن عبد الرحمن بْن مُحَمَّد الزهري، قَالَ: قرأت في كتاب أبي، أخبرني الخلنجي الدلال، قَالَ: قَالَ الأصمعي: " ست يضنين بل يقتلن: انتظار المائدة، ودمدمة الخادم، والسراج المظلم، والوكف من أول الليل إلى آخره، وخلاف من تحبه، والنظر إلى بخيل "

156 -

أخبرنا أبو منصور مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن شعيب، أنبأنا

ص: 121

سهل بْن أَحْمَد الديباجي، قَالَ: حدثني قاسم بْن جعفر السراج، قَالَ: أنشدني منصور الفقيه، من المجتث: «

ما بالبخيل انتفاع

والكلب ينفع أهله

فنزه الكلب عن أن

ترى أخا البخل مثله

»

157 -

أخبرنا الأزهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حميد الخزاز، حَدَّثَنَا أبو بكر الصولي، قَالَ: أنشدنا لأبي هفان، من المجتث:

ما لي أراك بخيلا

أما تجود بشيء

أما مررت بسلح

لكلب حاتم طي

"

158 -

وأنشدني أبو الحسن علي بْن أَحْمَد النعيمي، لأبي الشمقمق: «

ما لي أراك بخيلا

أما تجود بشيء

» وذكر هذين البيتين

159 -

وأخبرنا أبو القاسم الأزهري، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد البزاز، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى، حَدَّثَنَا أبو أَحْمَد البزبزي، قَالَ: " أهدى رجل إلى إسماعيل الأعرج الطالبي فالوذجة عتيقة العمل قد سنخت، وكتب: إني اخترت لعملها جيد السكر السوسي، والعسل الماذي، والزعفران الأصبهاني.

فكتب إليه: برئت من اللَّه، لقد عملت هذه

ص: 122

الفالوذجة قبل أن تمصر أصبهان، وقبل أن تدحى السوس، وقبل أن يوحي اللَّه إلى النحل "

160 -

قرأت على الجوهري، عن أبي عبيد اللَّه المرزباني، قَالَ: أخبرني علي بْن عبد اللَّه الفارسي، عن أَحْمَد بْن منصور المروذي، قَالَ: قَالَ لي الجاحظ وأنا أقرأ عليه كتابه في البخلاء، وتذاكرنا ما دقق الشعراء فيه من ذم البخل لا أعرف شيئا أبلغ في الهجاء بالبخل من قول أبي الشمقمق، من الدافر: "

وما روحتنا لتذب عنا

ولكن خفت مرزئة الذباب

وقوله، من البسيط:

الحابس الروث في أعفاج بغلته

خوفا على الحب من لقط العصافير

" قلت: أما البيت الأول فلم يسم لنا المهجو به، وقبله بيت هو، من الوافر:

شرابك في السحاب إذا عطشنا

وخبزك عند مقتطع التراب

ص: 123

وبعده: وما روحتنا. . . . . . وأما البيت الثاني فالمهجو به أوفى بْن نوفل، وقبله بيت هو، من البسيط:

ما كنت أحسب أنّ الخبز فاكهة

حتى نزلت على أوفى بْن خنزير

وقد روي هذا الشعر لغير أبي الشمقمق

161 -

أخبرنا أبو الخطاب عبد الصمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مكرم، أنبأنا إسماعيل بْن سعيد بْن إسماعيل بْن سويد، حَدَّثَنَا الحسين بْن القاسم الكوكبي، حدثني القاسم بْن أَحْمَد الكاتب، أخبرني حجاج الكاتب، قَالَ: أمر المأمون لحفصويه الكاتب من مال زيد بْن زبر بمئة ألف درهم، فسأل زيد حفصويه أن يتجافى له عن بعض ما أمر له به، فأبى، وهجاه فقال، من البسيط:

ما كنت أحسب أنّ الخبز فاكهة

حتى رأيتك يا زيد بْن خنزير

يا حابس الروث في أعفاج بغلته

بخلا على الحب من لقط العصافير

"

162 -

أنشدنا هلال بْن عبد اللَّه الطيبي، وقال: لم أسمع في الهجاء أبلغ من هذين البيتين، من السريع:

مجتمع بالكلب لكنه

يفزع أن يسمع من نبحه

ص: 124

لو سقطت من فمه لقمة

في سلحة عض على سلحه

"

163 -

أخبرنا أبو علي الحسن بْن نصر الحنبلي، أنبأنا مُحَمَّد بْن عبد اللَّه بْن الحسين الدقاق، حَدَّثَنَا جعفر بْن مُحَمَّد بْن نصير، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مسروق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عبد اللَّه بْن سليمان، قَالَ: سمعت أبا الشمقمق، يقول: وأخبرنا أبو يعلى أَحْمَد بْن عبد الواحد الوكيل، أنبأنا إسماعيل بْن سعيد، قَالَ: أنشدنا أبو علي الكواكبي لأبي الشمقمق، من مجزوء الكامل: "

يا من يؤمل مبعدا

من بين أهل زمانه

لو كان في أستك درهم

لاستله بلسانه

وأنشدت لأبي الشمقمق، من السريع:

الخبز يبطي حين يدعى به

كأنما يقدم من قاف

ويمدح الملح لإخوانه

يقول هذا ملح سيراف

"

164 -

أخبرنا الأزهري، أنبأنا مُحَمَّد بْن جعفر الكوفي، حَدَّثَنَا أبو علي الحسن بْن داود، حَدَّثَنَا حبيب بْن نصر، حَدَّثَنَا يزيد بْن مُحَمَّد، قَالَ: سمعت أبا عاصم الضحاك بْن مخلد، ينشد لأبي الشمقمق من مجزوء الرمل:

ص: 125

أنا من زوار بيتي

وأنا ضيف لنفسي

أشتري في كل يوم

حزمة البقل بفلس

وإذا ما ذقت خلا

كان من أيام عرسي

"

165 -

قرأت على الجوهري، عن أبي عبيد اللَّه المرزباني، قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بْن يحيى، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن موسى، عن الجاحظ، قَالَ:" دعا أبو العتاهية عياش بْن القاسم إلى بعض المتنزهات، فاتخذ له ضروبا من الأطعمة، وكان في أبي العتاهية شح شديد، فدخلت إليهم، فإذا أبو العتاهية يأكل من صحفة بين يديه فيها ثريد بخل وبزر، فشممته، فقلت: أتدري ما تأكل؟ قَالَ: نعم، غلط الغلام بين دبة الزيت والبزر، فصب بزرا، فكرهت أن يرفع بين يدي فيبطل ولا يأكله أحد، وهما عندي قريب من قريب، فرأيت أن آكله ولا يضيع بعدي "

166 -

أخبرني أبو الحسن ابن الجواليقي في كتابه، أنبأنا أَحْمَد بْن علي الخزاز، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْن بحر، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد بْن عبد الحكم، قَالَ: أنشدني عبد اللَّه بْن عبد الرحمن بْن غزوان، من مجزوء الكامل:

وإذا سئلت تقول لا

وإذا طلبت تقول هات

أفلا سبيل إلى نعم

أو ترك لا حتى الممات

"

ص: 126

167 -

أنشدنا أبو الحسن علي بْن أَحْمَد النعيمي لنفسه، يهجو رجلا خلالا، من البسيط:

خلى التي لا تنافيها وتنقضها

فليته بدلا من ذاك خلى لا

وجه تلوح عليه من حموضته

شهادة أنه ما زال خلالا

"

أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بْن مخلد بْن جعفر المعدل، إجازة، وأنبأنا أبو عبد اللَّه الحسين بْن مُحَمَّد بْن عثمان النصيبي عنه، قراءة عليه، أخبرني عبد اللَّه بْن جعفر بْن درستويه النحوي، حَدَّثَنَا المبرد، قَالَ: " أتى أبو الشمقمق باب رجل يمدحه، فأقام ببابه أربعا، فخرجت في اليوم الرابع جارية تستقي ماء في جرة، فكتب على جرتها، من السريع:

آويت دهليزك مذ أربع

ولم أكن آوي الدهاليزا

خبزي من السوق ومدحي لكم

تلك لعمري قسمة ضيزى

قال ابن درستويه: أنشدنا المبرد، من المنسرح:

أصبحت لا تعرف الجميل ولا

تفضل بين القبيح والحسن

ص: 127

إن الذي ظل يرتجيك كمن

يحلب تيسا من شهوة اللبن

"

168 -

أنشدني أبو طالب البريدي الرازي لبعض أهل دمشق، من الكامل:

ودعوتني فأكلت عندك لقمة

وشربت شرب من استتم خروفا

وسألتني في إثر ذلك حاجة

ذهبت بمالي تالدا وطريفا

فجعلت أفكر فيك باقي ليلتي

ما كنت تفعل لو أكلت رغيفا

"

169 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْبَصْرِيُّ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ الْمُعَدَّلُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيِّ، قَالَ: قَوْلُهُمْ: " نَارُ الْحُبَاحِبِ.

قَالَ الْكَلْبِيُّ: عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ الْحُبَاحِبُ رَجُلا مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَكَانَ رَجُلا بَخِيلا، فَكَانَ لا يُوقِدُ نَارَهُ بِلَيْلٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَرَاهَا رَاءٍ، فَيَنْتَفِعُ بِضَوْئِهَا، فَإِذَا احْتَاجَ إِلَى إِيقَادِهَا، فَأَوْقَدَهَا، ثُمَّ بَصَرَ بِمُسْتَضِيءٍ بِهَا أَطْفَأَهَا، فَضَرَبَتِ الْعَرَبُ بِنَارِهِ الْمَثَلَ، وَذَكَرُوهَا عِنْدَ كُلِّ نَارٍ لا يُنْتَفَعُ بِهَا "

170 -

أخبرنا إبراهيم بْن مخلد إجازة، وأخبرنا ابن النصيبي عنه قراءة، قَالَ: أخبرني ابن درستويه، قَالَ: أنشدنا المبرد، من الطويل:

ص: 128

فتى يجعل الزاد المحب لبطنه

شعارا ويقري الضيف عضبا مهندا

وإن خاف أن يستوضح الكلب زاده

بها كعم الكلب العقور وأخمدا

"

171 -

أخبرنا مُحَمَّد بْن علي بْن مخلد الوراق، أنبأنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن يحيى، عن الغلابي، عن ابن عائشة، قَالَ: " صحب الغاضري رجلا من قريش من المدينة إلى مكة، فلما نزلوا المنزل دعا القرشي بالطعام، فأتوه في طعامه بدجاجة باردة مشوية، فقال: يا غلام، أسخنها.

فلم يردها الخباز حتى رفع الخوان، فلما نزلوا المنزل الثاني دعا القرشي بالطعام، فأتوه بالدجاجة، فأمر بها أن تسخن، فرفع الطعام قبل أن يأتوا بها، ففعل ذلك ثلاث مرات، فلما طال ذلك على الغاضري، قَالَ: ويحكم، أخبروني عن دجاجتكم هذه، أمن آل فرعون هي؟ قالوا: وما ذاك؟ قَالَ: لأنها تعرض على النار غدوا وعشيا.

فقال له القرشي: أكتم علي، ولك مئة دينار.

قَالَ: ما كنت لأبيع هذا بشيء "

172 -

أخبرنا أبو القاسم عبيد اللَّه بْن عمر بْن أَحْمَد بْن عثمان الواعظ، قَالَ: حدثني أبي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحسن بْن دريد الأزدي، أنبأنا أبو حاتم يعني: السجستاني، عن الأصمعي، قَالَ: سمعت أعرابية تهجو رجلا، وهي تقول من الوافر:

ص: 129

رأيتك في الغنى تزداد بخلا

وتزهى مثلما يزهى الغراب

ولا تعطي على حمد وأجر

وتعطي من تصانع أو تهاب

كأنك تحسب الأموال تبقى

عليك إذا تضمنك التراب

"

173 -

أنشدني أبو الحسن علي بْن أيوب القمي، قَالَ: أنشدنا أبو الحسن علي بْن هارون القرميسيني، قَالَ: أنشدنا مدرك الشيباني لنفسه يهجو أبا الفرج بْن الحصين الكاتب، من الطويل:

أبا الفرج اسمع قول من ليس ظالما

ولا عن سبيل العدل مذ كان يعدل

جزاك إله الخلق ما تستحقه

ولا زلت في الحاجات مثلك تسأل

بخلت بما لو يسأل الكلب ضعفه

لجاد به عفوا وما كان يبخل

فأم الذي ولاك ما أنا مضمر

أما كان ذا عقل بأن ليس تعقل

فقيل له: ما أضمرت؟ قَالَ: زانية "

174 -

أنشدني أبو النجيب عبد الغفار بْن عبد الواحد الأرموي،

ص: 130

قَالَ: أنشدني أبو تمام مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن أَحْمَد الهاشمي بتبريز، لنفسه، من الخفيف:

أخذ مال البخيل يا أيها الناس

عليه أشد من جذع أنفه

فخذوه وأرغموا الأنف منه

واصفعوه بنعله وبخفه

"

175 -

أخبرنا أبو طالب عمر بْن إبراهيم بْن سعيد الزهري الفقيه، أنبأنا مُحَمَّد بْن العباس الخزاز، حَدَّثَنَا أبو أَحْمَد ابن مهيار، حَدَّثَنَا العنزي، قَالَ: حدثني أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي أيوب، قَالَ: قَالَ أبو نواس في عثمان بْن نهيك، من البسيط:

اغسل يديك بأشنان فأنقهما

غسل الجنابة مما عند عثمان

واسلح على كل عثمان مررت به

سوى الخليفة عثمان بْن عفان

عثمان يعلم أن الحمد ذو ثمن

لكنه يشتري حمدا بمجان

والناس أبعد من أن يحمدوا رجلا

حتى يروا عنده آثار إحسان

قد سمج اللَّه في عيني وبغضهم

كل العثامين من بغضي لعثمان

يا أخت كندة ليس الرزق في يده

الرزق في كف من لو شاء أغناني

ص: 131

"

176 -

أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران المرزباني، قَالَ: أنشدني أبو بكر أَحْمَد بْن سعيد الطائي الدمشقي في مجلس أبي الحسن الأخفش، قَالَ: أنشدني مخلد بْن علي السلامي، يهجو نوح بْن عمرو بْن حوي، من السريع:

أشكو ويشكو سوء حالاته

فلست أدري أينا السائل

لو كان لي شيء لواسيته

لأنه المسكين يستاهل

"

177 -

أنبأنا الحسين بْن مُحَمَّد بْن جعفر الرافقي، أنبأنا علي بْن مُحَمَّد السري الهمذاني، قَالَ: أنشدنا جحظة، لنفسه، قلت: وقرأت أنا هذه الأبيات في كتاب جحظة بخطه، من الخفيف:

لي صديق يقول للسائل المعتر

لا در در من أعطاكا

زملوا ماءه فقالت له الجارة

هات اسقني جعلت فداكا

قال صبي في الحب كوزا بكوز

وأزيحي البردين هذا وذاكا

"

178 -

أخبرنا أبو عبد اللَّه الحسين بْن مُحَمَّد بْن جعفر الخالع، إجازة، وأخبرنا مُحَمَّد بْن عبد اللَّه البيع عنه، قراءة، قَالَ: أنبأنا أَحْمَد بْن

ص: 132

الفضل المعروف بسندانة، عن عبد اللَّه بْن المعتز، قَالَ: قَالَ بشار، من الطويل:

خليلي من كعب أعينا أخاكما

على دهره إن الكريم معين

ولا تبخلا بخل ابن قرعة إنه

مخافة أن يرجي نداه حزين

"

179 -

أخبرني أبو عبد اللَّه الحسين بْن مُحَمَّد بْن عثمان النصيبي، أنبأنا إسماعيل بْن سعيد بْن إسماعيل بْن مُحَمَّد بْن سويد المعدل، أنبأنا أبو بكر بْن دريد، حَدَّثَنَا أبو حاتم، حَدَّثَنَا الأصمعي، قَالَ: " قالت امرأة مدنية لزوجها: اشتر لي رطبا.

قَالَ لها وكيف يباع الرطب؟ قالت: كيلجة بدرهم.

فقال: واللَّه لو وأنت تمخضين بعيسى ما ينتظر إلا خرج الدجال أن تلديه فيقتل الدجال، ثم لم تلديه حتى تأكلي رطبا ما اشتريته لك، كيلجة بدرهم! ؟ "

180 -

أخبرني أبو الحسن الجواليقي في كتابه، أنبأنا أَحْمَد بْن علي الخزاز، أخبرنا عبد اللَّه بْن بحر، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد بْن عبد الحكم، قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن جعفر بْن سهل مولى بني هاشم، أنبأنا أَحْمَد بْن الحارث، قَالَ:" حفر لعكابة النميري في داره ركية، فخرج ماؤها عذبا، فقال: إنا لله، بأي شيء نبل الطين؟ "

181 -

أخبرنا عبيد اللَّه بْن أبي الفتح، حدثني مُحَمَّد بْن العباس الخزاز، حدثني أَحْمَد بْن سهل بْن أبي عاصم الحلواني، أخبرنا

ص: 133

يحيى بْن علي المنجم، أخبرني أَحْمَد بْن أبي طاهر، قَالَ: دعوت أبا هفان، فأبطئ عليه الغداء، قَالَ، فقال: من الجزوء الرمل:

أنا في بيت صديق

واصل بر شفيق

رجل أعمر من

منزله ظهر الطريق

ليس لي أكل سوى لحمي

وشرب غير ريقي

"

182 -

أخبرني أبو القاسم الأزهري، قَالَ: أنشدنا مُحَمَّد بْن العباس بْن حيويه، قَالَ: أنشدني جحظة البرمكي لنفسه، وأنا حاضر:

لي صديق عدمته من صديق

أبدا يلقني بوجه صفيق

قوله إن شدوت أحسنت عندي

وبأحسنت لا يباع الدقيق

"

183 -

أخبرنا عبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عثمان الصيرفي، وعلى بْن المحسن التنوخي، قالا: أنبأنا أَحْمَد بْن إبراهيم بْن شاذان، زاد التنوخي: ومُحَمَّد بْن عبد الرحمن المخلص، واللفظ لابن شاذان، قالا: حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن عبد الرحمن السكري، حَدَّثَنَا أبو يعلى المنقري، حَدَّثَنَا الأصمعي، عن أبيه، قَالَ: " كان السيد بْن مُحَمَّد بْن يزيد الحميري عند عقبة بْن مسلم، فغداه ثم سقاه نبيذا، فاستزاده السيد، فجعل يقول لخادمته: هاتي نبيذا.

ويشير عقبة إليها ألا تفعلي، فلم تزده الخادم على ما كان يسقى، فأنشأ السيد يقول، من الوافر:

ص: 134

بخيل بالنبيذ أبو مليك

جواد بالدنانير الجياد

أقول له اسقني فيقول هاتي

ودون نبيذه خرط القتاد

"

184 -

أخبرنا علي بْن أبي علي البصري، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إبراهيم بْن شاذان، حدثني أبو بكر بْن العلاف المعروف بالمخرف، قَالَ: " وجهت إلى حنانان النصراني بقنينة، وسألته أن يوجه لي فيها نبيذا، فاحتبس الرسول، ثم جاءني ومعه قنينة ناقصة، وإذا قد مزجها بالماء، فقلت فيه، من المتقارب:

نبيذ حنانان في بيته

أعز من الماء في واقصه

بعثنا إليه بقنينة

وأبصارنا نحوها شاخصه

فأمزجها الماء من بئره

وجاء بها بعد ذا ناقصه

"

185 -

أخبرني أبو مُحَمَّد الجوهري، قَالَ: ذكر علي بْن مُحَمَّد بْن أبي الفتح بْن العصب الشاعر، أنّ جحظة أنشدهم، لنفسه، من المتقارب:

دخلت على باخل مرة

وجنات بستانه زاهره

ص: 135

وقد قابل النور نقش الستور

فأعين زواره حائره

جنان تعجل للباخلين

ونحن نؤجل للآخره

"

186 -

وأخبرنا الجوهري، أنبأنا مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن شاذان، قَالَ: أنشدنا أبو بكر مُحَمَّد بْن الحسن بْن دريد، قَالَ: أنشدني الرياشي، قَالَ: أنشدني الأصمعي لمجنون من أهل البصرة، من السريع: «

رفضت بالبصرة أهل الغنى

إني لأمثالهم رافض

فيهم أناس لا أسميهم

طعم الندى عندهم حامض

» ووجدت في غير هذه الرواية في هذا الشعر بيتا ثالثا، هو:

قد جللوا بالقطف أعذاقهم

كأن حمى بسرهم نافض

187 -

أنشدني أبو شجاع فارس بْن الحسين المؤدب، قَالَ: أنشدنا أبو القاسم عبد الواحد بْن مُحَمَّد المطرز لنفسه، يصف بستان أبي الخطاب بْن عون الحريري، من المنسرح:

بستان عبد السلام مقبرة

لا تنظر العين فيه عمرانا

ص: 136

فيه نخيل أعذاقها حملت

من شهوات النفوس حرمانا

له خفير مقطب أبدا

من غير جزم تراه غضبانا

حماه فالريح لا تمر به

إلا إذا صادفته وسنانا

لو عبر الطائر الغريب به

لسب من أجله سليمانا

وإن رأى نملة تطوف به

مثلها في المكان ثعبانا

قد كتب اللؤم فوق جبهته

للشر قبل اللقاء عنوانا

دعا إليه يوما فقلت له

لا كنت من باخل ولا كانا

لا جزت يوما به ولو فتحت

جنة عدن وكان رضوانا

"

188 -

وأنشدني فارس أيضا، قَالَ: أنشدنا المطرز لنفسه في مثله، من المنسرح:

ص: 137

لما دعانا الغوي معترضا

بقول ساه لا قول معتمد

إلى قراح كالنجم موقعه

أعز بابا من جبهة الأسد

عليه سور وحارس لحز

وأعين لا تنام للرصد

قال ادخلوا قد أبحت لحظكم

ولا تمسوا أثماره بيد

قلنا له فالثمار مطلقة

قال بوزن الأثمان في البلد

فإن قنعتم فزتم بلحظكم

أو لا فيا بردها على كبدي

لا تأكلوا وانظروا على وجل

فهو لغير الأفواه والمعد

أما سمعتم ما سار من مثل

لم يشتبه قوله على أحد

كم أكلة داخلت حشا شره

فأخرجت روحه من الجسد

"

189 -

أخبرنا أبو بكر عبد اللَّه بْن علي بْن حمويه بْن أبرك

ص: 138

الهمذاني بها، أنبأنا أبو بكر أَحْمَد بْن عبد الرحمن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى الشيرازي، قَالَ: أنشدنا أبو جعفر مُحَمَّد بْن إبراهيم الفقيه الجرجاني بسمرقند، قَالَ: أنشدني أبو الحسين ابن الخيزراني لمدينة الشاعر، من الطويل:

إذا جمع الآفات فالبخل شرها

وشر من البخل المواعيد والمطل

فإن كنت ذا مال ولم تك عاقلا

فأنت كذي نعل وليس لها رجل

وإن كنت ذا عقل ولم تك ذا غنى

فأنت كذي رجل وليس لها نعل

ألا إنما الإنسان غمد لنفسه

ولا خير في غمد إذا لم يكن نصل

فإن كان للإنسان عقل فعقله

هو الفضل والإنسان من بعده فضل

"

ص: 139