الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
فصل من مدح بخيلا رجاء عطائه ثم أعقب مديحه بذمه وهجائه
207 -
أخبرنا أبو القاسم الأزهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حميد الخزاز، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد الحكيم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يونس، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حبيب، قَالَ: لقي أبو العتاهية العباس بْن مُحَمَّد، فقال: جعلني اللَّه فداك، تسمع مني؟ قَالَ: هات، فأنشده، من الكامل:
إن المكارم لم تزل معقولة
…
حتى حللت براحتيك عقالها
لو قيل للعباس يا ابن مُحَمَّد
…
قل لا وأنت مخلد ما قالها
فدخل ووجه إليه بدينارين، فقال أبو العتاهية للخادم: انتظر حتى أكتب جواب ما جئت به، فأخذ رقعة وكتب فيها، من الوافر:
مدحتك مدحة السيف المحلى
…
لتجري في الكرام كما جريت
فهبها مدحة ذهبت ضياعا
…
كذبت عليك فيها واعتديت
ورد الدينارين، فغضب العباس بْن مُحَمَّد من ذلك، وطلبه ليقتله، فلم يقدر عليه "
208 -
أخبرنا التنوخي، أنبأنا أَحْمَد بْن إبراهيم بْن شاذان، ومُحَمَّد بْن عبد الرحمن المخلص، واللفظ لابن شاذان، قالا: حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن عبد الرحمن السكري، حَدَّثَنَا أبو يعلى المنقري، حَدَّثَنَا الأصمعي، عن المعتمر، قَالَ:" مدح أعرابي رجلا، فلم يعطه شيئا، فقال: إن فلانا يكاد يعدي بلؤمه من يسمى باسمه، ولرب قافية قد ضاعت في طلب رجل كريم "
209 -
أخبرني أبو الحسين مُحَمَّد بْن الحسين بْن الفضل القطان، أنبأنا أبو بكر مُحَمَّد بْن الحسن بْن زياد النقاش، أن مسبح بْن حاتم أخبرهم بالبصرة، قَالَ: أخبرني عمرو بْن بحر الجاحظ، قَالَ: أخبرني سعيد بْن سلم الباهلي، قَالَ: دخل على بشار بْن برد يوما، فقال: إني قد امتدحتك وأعزك اللَّه، بقصيدة لم يقل مثلها عربي ولا أعجمي، وإني فيها لأشعر الناس.
قَالَ: قلت: هاتها، قَالَ: فأنشدني، من الخفيف:
حييا صاحبي أم العلاء
…
واحذرا طرف عينها الحوراء
عذبتني بالحب عذبها الله
…
بما تشتهي من الأهواء
إنما همة الجواد ابن سلم
…
في عطاء ومركب للقاء
ليس يعطيك للرياء وللخوف
…
ولكن يلتذ طعم العطاء
يسقط الطير حيث ينتثر الحب
…
وتغشى منازل الكرماء
قال: فقلت: يا بشار، أراك تبجح في شعرك، وقد جاءني أعرابي منذ مدة، فمدحني ببيتين لم أسمع أجود منهما، فأغفلت ثوابه فهجاني ببيتين لم أسمع أوجع منهما.
قَالَ: فقلت: فما البيتان اللذان امتدحك بهما؟ قَالَ: قوله، من الطويل:
فيا سائرا في الليل لا تخش ضلة
…
سعيد بْن سلم ظل كل بلاد
لنا سيد أربى على كل سيد
…
جواد حثا في وجه كل جواد
قال: قلت: فما البيتان اللذان هجاك بهما؟ قَالَ: قوله، من الطويل:
لكل أخي مدح ثواب يعده
…
وليس لمدح الباهلي ثواب
مدحت سعيدا والمديح مهزة
…
فكان كصفوان عليه تراب
قال: فقال بشار: وهذا أشعر مني ومن أبي وأمي "
210 -
أخبرنا عبد الصمد بْن مُحَمَّد الخطيب، حَدَّثَنَا الحسن بْن الحسين الفقيه الشافعي، قَالَ: سمعت عبد اللَّه بْن جعفر الرازي الكوفي، يقول: سمعت أبي، يقول: " رأيت رجلا يكتب على حائط بيتين فقرأتهما بعد أن كتبهما، من السريع:
يا ذا الذي أحسنت ظني به
…
ولم ينلني منه إحسان
أقل حقي ضرب حلقي على
…
توهمي أنك إنسان
"
211 -
أخبرنا الحسن بْن علي بْن عبد اللَّه المقرئ، أنبأنا أبو الحسن مُحَمَّد بْن جعفر التميمي الكوفي، قَالَ: أنشدنا عبد اللَّه بْن القاسم لابن الرومي، من الطويل:
إذا ما مدحت الباخلين فإنما
…
تذكرهم ما في سواهم من الفضل
فتهدي لهم غما طويلا وحسرة
…
فإن منعوا منك النوال فبالعدل
"
212 -
أخبرنا أبو عبد اللَّه أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد اللَّه الكاتب، أنبأنا أبو مُحَمَّد علي بْن عبد اللَّه بْن المغير الجوهري، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سعيد الدمشقي، حدثني الزبير بْن بكار، قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن الحسن المخزومي، قَالَ: " كان رجل يوصف باللؤم، فأتاه رجل من الشعراء فامتدحه، فوعده عدة لم يف بها، فقال، من السريع:
قد صرت في مدحكم شهرة
…
يقال لي أطمع من أشعب
هذا الذي جاء إلى صخرة
…
ينزع ما فيها بلا مخلب
يا سوءتي من طلبي سيبكم
…
أطلب شيئا قط لم يطلب
قد كان لي في ما ممضى عبرة
…
لو أن عقلا لي لم يعزب
"
213 -
أخبرنا أبو الحسن بْن الجوالقي في كتابه، قَالَ: أنبأنا أَحْمَد بْن علي بْن عبد اللَّه الخزاز، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْن بحر الجنديسابوري، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد بْن عبد الحكم، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد بْن حفص بْن الربيع، عن مُحَمَّد بْن بشير، قَالَ: " كان وال بفارس قد احتجب بجهده إذ نجم شاعر بين يديه، فأنشده شعرا مدحه فيه، فلما فرغ، قَالَ: قد أحسنت.
ثم أقبل على كاتبه، فقال: أعطه عشرة آلاف درهم.
قَالَ: ففرح الشاعر فرحا كاد أن يستطير به، فلما رأى حاله، قَالَ: وإني لأرى هذا القول قد وقع منك هذا الموقع، يا فلان، اجعلها عشرين ألف درهم.
قَالَ: فكاد الشاعر أن يخرج من جلده.
قَالَ: فلما رأى فرحه قد أضعف، قَالَ: وإن فرحك ليتضاعف على تضاعف القول، يا فلان، أعطه أربعين ألف درهم.
قَالَ: فكاد الفرح يقتله.
قَالَ: فلما رجعت نفسه إليه، قَالَ له: جعلت فداك، كلما رأيتني قد ازددت فرحا تزيدني في الجائزة؟ قَالَ: ثم دعا وخرج.
قَالَ: فأقبل عليه كاتبه، فقال: سبحان اللَّه، هذا يرضى منك بأربعين درهما، تأمر له بأربعين ألف درهم؟ قَالَ: وتريد أنّ تعطيه شيئا؟ إنما هذا رجل سرنا بكلام، وسررناه بمثله، فهو حين يزعم أني أحسن من القمر، وأشد من الأسد، وأن لساني أقطع من السيف، جعل في يدي من هذا شيئا أرجع به؟ أليس يعلم يعلم أنه قد كذب، ولكن قد سرنا حين كذب علينا، فنحن أيضا نسره بالقول، وإن كان كاذبا، فيكون كذبا بكذب "