الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَحَمْلُ تِهَامَةٍ وَجِبَالِ أُحْدٍ
…
وَمَاءُ الْبَحْرِ يُنْقَلُ بالزبيل
ونقل الصخر فوق الظهر عريا
…
لَأَهْوَنُ مِنْ مُجَالَسَةِ الثَّقِيلِ
وَلِبَعْضِهِمْ أَيْضًا، وَهُوَ مِمَّا أَنْشَدَهُ الْمَذْكُورُ:
وَإِذَا مَضَى لِلْمَرْءِ مِنْ أَعْوَامِهِ
…
خَمْسُونَ وَهْوَ إِلَى التُّقَى لَا يَجْنَحُ
عكفت عليه المخزيات فقولها
…
حَالَفْتَنَا، فَأَقِمْ كَذَا لَا تَبْرَحُ
وَإِذَا رَأَى الشَّيْطَانُ غُرَّةَ وَجْهِهِ
…
حَيَّا، وَقَالَ فَدَيْتُ مَنْ لَا يُفْلِحُ
اتَّفَقَ أَنَّهُ طُولِبَ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَالِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَاسْتَعْمَلَ شَيْئًا مِنَ الْأَفْيُونِ الْمِصْرِيِّ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ وَدُفِنَ بِالْوَرْدِيَّةِ.
وفيها توفى. قطب الدين الْعَادِلِ
بِالْفَيُّومِ وَنُقِلَ إِلَى الْقَاهِرَةِ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ إِمَامُ الْحَنَابِلَةِ بِمَكَّةَ. الشَّيْخُ نَصْرُ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ
الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحُصَرِيِّ، جَاوَرَ بِمَكَّةَ مُدَّةً لم يسافر، ثُمَّ سَاقَتْهُ الْمَنِيَّةُ إِلَى الْيَمَنِ، فَمَاتَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَشَايِخِ.
وَفِيهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ الشِّهَابُ
عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ نَجْمِ النيلي
أَخُو الْبَهَاءِ وَالنَّاصِحِ، وَكَانَ فَقِيهًا مُنَاظِرًا بَصِيرًا بِالْمُحَاكَمَاتِ. وَهُوَ الَّذِي أَخْرَجَ مَسْجِدَ الْوَزِيرِ مِنْ يد الشيخ علم الدين السخاوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سنة عشرين وستمائة
فِيهَا عَادَ الْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ الْعَادِلِ مِنْ عند أخيه الكامل صاحب مصر. فتلقاه أخوه المعظم وقد فهم أنهما تمالئا عليه، فمات لَيْلَةً بِدِمَشْقَ وَسَارَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَلَمْ يَشْعُرْ أَخُوهُ بِذَلِكَ، فَسَارَ إِلَى بِلَادِهِ فَوَجَدَ أخاه الشهاب غازى الّذي استنابه على خلاط وميافارقين وقد قووا رأسه وكاتبه المعظم صاحب إِرْبِلَ وَحَسَّنُوا لَهُ مُخَالَفَةَ الْأَشْرَفِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْأَشْرَفُ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْبَلْ، فَجَمَعَ لَهُ الْعَسَاكِرَ لِيُقَاتِلَهُ. وَفِيهَا سَارَ أَقْسِيسُ الْمَلِكُ مسعود صاحب اليمن ابن الْكَامِلِ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَقَاتَلَهُ ابْنُ قَتَادَةَ بِبَطْنِ مَكَّةَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ، فَهَزَمَهُ أَقْسِيسُ وَشَرَّدَهُ، وَاسْتَقَلَّ بِمُلْكِ مَكَّةَ مَعَ الْيَمَنِ، وَجَرَتْ أُمُورٌ فَظِيعَةٌ وَتَشَرَّدَ حَسَنُ بْنُ قَتَادَةَ قَاتِلُ أَبِيهِ وَعَمِّهِ وَأَخِيهِ في تلك الشعاب والأودية.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ
الشَّيْخُ الْإِمَامِ. مُوَفَّقِ الدِّينِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ
ابن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر. شيخ الإسلام، مصنف المغنى في المذهب، أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ
إِمَامٌ عَالِمٌ بَارِعٌ. لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ، بَلْ وَلَا قَبْلَ دَهْرِهِ بِمُدَّةٍ أَفْقَهُ مِنْهُ، وُلِدَ بْجَمَّاعِيلَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَقَدِمَ مَعَ أَهْلِهِ إِلَى دِمَشْقَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَرَحَلَ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْعِرَاقِ إِحْدَاهُمَا فِي سنة إحدى وستين مع ابن عمه الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ، وَالْأُخْرَى سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ، وَحَجَّ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَبَرَعَ وَأَفْتَى وَنَاظَرَ وَتَبَحَّرَ فِي فُنُونٍ كَثِيرَةٍ، مَعَ زُهْدٍ وَعِبَادَةٍ وَوَرَعٍ وَتَوَاضُعٍ وَحُسْنِ أَخْلَاقٍ وُجُودٍ وَحَيَاءٍ وَحُسْنِ سَمْتٍ وَنُورٍ وَبَهَاءٍ وَكَثْرَةِ تِلَاوَةٍ وَصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَقِيَامٍ وَطَرِيقَةٍ حَسَنَةٍ وَاتِّبَاعٍ لِلسَّلَفِ الصَّالِحِ، وَكَانَتْ لَهُ أَحْوَالٌ وَمُكَاشَفَاتٌ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ الله تعالى: إن لم تكن العلماء العاقلون أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَلَا أَعْلَمُ للَّه وَلِيًّا، وَكَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ لِلصَّلَاةِ فِي مِحْرَابِ الْحَنَابِلَةِ هُوَ وَالشَّيْخُ الْعِمَادُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الْعِمَادُ اسْتَقَلَّ هُوَ بِالْوَظِيفَةِ، فَإِنْ غَابَ صَلَّى عَنْهُ أَبُو سُلَيْمَانَ ابن الحافظ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ، وَكَانَ يَتَنَفَّلُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بِالْقُرْبِ مِنْ مِحْرَابِهِ، فَإِذَا صَلَّى الْعَشَاءَ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِدَرْبِ الدَّوْلَعِيِّ بِالرَّصِيفِ وَأَخَذَ مَعَهُ مِنَ الْفُقَرَاءِ مَنْ تَيَسَّرَ يَأْكُلُونَ مَعَهُ مِنْ طَعَامِهِ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ الْأَصْلِيُّ بقاسيون فينصرف بَعْضِ اللَّيَالِي بَعْدَ الْعَشَاءِ إِلَى الْجَبَلِ، فَاتَّفَقَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي أَنْ خَطِفَ رَجُلٌ عِمَامَتَهُ وَكَانَ فِيهَا كَاغِدٌ فِيهِ رَمْلٌ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: خُذِ الْكَاغِدَ وَأَلْقِ الْعِمَامَةَ، فَظَنَّ الرَّجُلُ أن ذلك نفقة فأخذه وألقى العمامة.
وهذا يدل على ذكاء مفرط واستخصار حَسَنٍ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ، حَتَّى خَلَّصَ عِمَامَتَهُ مِنْ يَدِهِ بِتَلَطُّفٍ.
وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ عَدِيدَةٌ مَشْهُورَةٌ، مِنْهَا الْمُغْنِي فِي شَرَحِ مُخْتَصَرِ الْخِرَقِيِّ فِي عشرة مجلدات، والشافي في مجلدين والمقنع للحفظ، والروضة فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ التَّصَانِيفِ الْمُفِيدَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ بَلَغَ الثَّمَانِينَ، وَكَانَ يَوْمَ سَبْتٍ وَحَضَرَ جَنَازَتَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ الْمَشْهُورَةِ، وَرُئِيَتْ لَهُ مَنَامَاتٌ صَالِحَةٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ، فلما كان حيا ماتوا فِي حَيَاتِهِ. وَلَمْ يُعْقِبْ مِنْهُمْ سِوَى ابْنِهِ عِيسَى وَلَدَيْنِ ثُمَّ مَاتَا وَانْقَطَعَ نَسْلُهُ، قَالَ أَبُو الْمُظَفَّرِ سِبْطُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: نَقَلْتُ مِنْ خط الشيخ موفق رحمه الله تعالى:
لا تجلسن بباب من
…
يأبى عليك وصول داره
وتقول حاجاتي إليه
…
يَعُوقُهَا إِنْ لَمْ أُدَارِهْ
وَاتْرُكْهُ وَاقْصِدْ رَبَّهَا
…
تُقْضَى وَرَبُّ الدَّارِ كَارِهْ
وَمِمَّا أَنْشَدَهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ لِنَفْسِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ قَوْلُهُ:
أَبَعْدَ بَيَاضِ الشَّعْرِ أَعْمُرُ مَسْكَنًا
…
سِوَى الْقَبْرِ، إِنِّي إِنْ فَعَلْتُ لَأَحْمَقُ
يُخَبِّرُنِي شيبى بأنى ميت
…
وشيكا، فينعانى إِلَيَّ وَيَصْدُقُ
يُخَرَّقُ عُمْرِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
…
فهل مستطاع رَقْعَ مَا يَتَخَرَّقُ