الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ اللهِ عليه السلام مِمَّا كَانَ مِنْهُ فِي الْمُسْتَعِيذَةِ مِنْهُ مِنْ نِسَائِهِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ
635 -
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا دُحَيْمُ بْنُ الْيَتِيمِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنِ الْمَرْأَةِ الَّتِي اسْتَعَاذَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَقَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِكَ " قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: نَرَى أَنَّ قَوْلَ الرَّجُلِ لِأَهْلِهِ: الْحَقِي بِأَهْلِكَ تَطْلِيقَةٌ
636 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
⦗ص: 98⦘
أَسَدٍ الْخُشِّيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ أَيُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ الْكِلَابِيَّةَ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " لَقَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِكِ "
637 -
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ ثُمَّ النَّوْفَلِيُّ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عِيسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْكِلَابِيَّةَ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ دَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا، فَقَالَتْ: إنِّي أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَقَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِكِ "
⦗ص: 99⦘
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ فَفِيمَا رَوَيْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْتَعِيذَةِ مِنْهُ، لَمَّا كَرِهَتْ مَكَانَهُ وَطَلَبَتْ فِرَاقَهُ:" الْحَقِي بِأَهْلِكِ " فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ وَقَعَ مَوْقِعَ الطَّلَاقِ؛ لِإِرَادَتِهِ عليه السلام كَانَ بِهِ الطَّلَاقُ
638 -
وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرَ تَوْبَةَ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَهُ رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَيَّامِ الَّتِي حَلَفَ النَّاسُ فِيهَا عَنْ كَلَامِهِمْ بِأَمْرِهِ بِاعْتِزَالِ امْرَأَتِهِ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَأُطَلِّقُهَا؟ قَالَ: " لَا وَلَكِنِ اعْتَزِلْهَا " قَالَ: فَقُلْتُ: لَهَا الْحَقِي بِأَهْلِكَ حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبًا يُحَدِّثُ حَدِيثَ تَوْبَتِهِ، فَذَكَرَ فِيهِ هَذَا الْكَلَامَ
639 -
وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنِ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
⦗ص: 100⦘
640 -
وَحَدَّثَنَاهُ فَهْدٌ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ كَعْبٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ: الْحَقِي بِأَهْلِكَ، يَكُونُ طَلَاقًا إذَا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ، وَلَا يَكُونُ طَلَاقًا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ، وَقَدْ رُوِيَ مَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْهَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا رَوَيْنَا فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ
641 -
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَهَيْنَا إلَى حَائِطٍ بَيْنَ حَائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اجْلِسُوا هَاهُنَا " فَدَخَلَ هُوَ وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي النَّخْلِ أُمَيْمَةُ ابْنَةُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ وَمَعَهَا صَاحِبَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" هِبِي نَفْسَكِ لِي " قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الْمَرْأَةُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ؟ فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ،
⦗ص: 101⦘
فَقَالَ: " لَقَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ " ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: " أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا "
642 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَا: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَخْلًا لِبَنِي سَاعِدَةَ، وَفِيهِ امْرَأَةٌ مِنْ كِنْدَةَ يُقَالُ لَهَا: أُمَيْمَةُ ابْنَةُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: " هَبِي لِي نَفْسَكِ " فَقَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ؟ فَضَرَبَ بِيَدِهِ نَحْرَهَا لِيَسْكُنَ فَقَالَتْ: إنِّي أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، فَقَالَ:" لَقَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ " وَأَمْسَكَ يَدَهُ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ:" يَا أَبَا أُسَيْدٍ جَهِّزْهَا، وَأَلْحِقْهَا وَاكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ "
643 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُسَيْدٍ يَقُولُ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ بَلْجَوْنَ فَأَنْزَلَهَا بِالشَّوْطِ مِنْ وَرَاءِ ذُبَابٍ فِي أَجَمٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: قَدْ جِئْتُ بِهَا، فَخَرَجَ يَمْشِي حَتَّى انْتَهَى إلَيْهَا فَأَقْعَى وَأَهْوَى لِيُقَبِّلَهَا وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا تَزَوَّجَ أَقْعَى وَقَبَّلَ، فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، فَقَالَ لَهَا:" لَقَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ " وَأَمَرَنِي أَنْ أَرُدَّهَا إلَى أَهْلِهَا " وَفِيمَا رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا أُسَيْدٍ بِإِلْحَاقِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِأَهْلِهَا فِي مَعْنَى، أَمْرِهِ إيَّاهُ بِطَلَاقِهَا، وَفِيهِ أَيْضًا مَا يَحْتَاجُ إلَى الْوَقْفِ عَلَيْهِ وَهُوَ رَدُّ حَمْلِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ إلَيْهِ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا، وَرَدُّهَا إلَى أَهْلِهَا مِنْ عِنْدِهِ مَعَ أَبِي أُسَيْدٍ وَلَيْسَ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا مِنَ النَّسَبِ
⦗ص: 103⦘
وَلَا عَلِمْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا رَضَاعًا يَكُونُ بِهِ مِنْهَا كَذِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمَةِ، مِنْهَا وَكَانَ الَّذِي أَطْلَقَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ فِيهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَزَوَّجَهَا صَارَتْ بِذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ أُمًّا، وَصَارَتْ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَرَامًا فَحَلَّ لِأَبِي أُسَيْدٍ ذَلِكَ فِيهَا إذْ كَانَ قَدْ عَادَ بِمَا ذَكَرْنَا مَحْرَمًا بِهَا، وَفِيهِ أَيْضًا أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُ أَنْ يُجَهِّزَهَا، أَوْ أَنْ يَكْسُوَهَا مَا أَمَرَهُ أَنْ يَكْسُوَهَا إيَّاهُ، أَوْ يُجَهِّزَهَا بِهِ وَذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ مُحْتَمِلٌ أَنْ يَكُونَ تَمْتِيعٌ مِنْهُ لَهَا، فَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ قَدْ كَانَ يَرَى لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا سُمِّيَ لَهَا صَدَاقٌ أَوْ لَمْ يُسَمَّ لَهَا صَدَاقٌ مُتْعَةً يُؤْمَرُ بِهَا مُطَلِّقُهَا، أَوْ يُؤْخَذُ بِذَلِكَ لَهَا
وَمِمَّنْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِهِ فِي الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ سُمِّيَ لَهَا صَدَاقٌ، كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَمُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ إيَاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:" لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ " وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا أَمَرَ بِهِ لَهَا مِنْ ذَلِكَ تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْهَا لَا عَنْ تَمْتِيعٍ مِنْهُ لَهَا كَمَا تُمَتَّعُ الْمُطَلَّقَةُ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ
92 -
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ رَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضًا وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي أَمْرِهَا بَعْدَ ذَلِكَ
644 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلَانِيُّ أَبُو يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ زَيْدٍ الطَّائِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ:" تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ عليه السلام امْرَأَةً مِنْ غِفَارٍ فَرَأَى فِي كَشْحِهَا بَيَاضًا فَخَلَّى سَبِيلَهَا " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رِوَايَةُ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ إيَّاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ خُولِفَ إسْمَاعِيلُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَرَوَوْهُ عَنْهُ عَنْ غَيْرِ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ نَعْلَمْ
⦗ص: 105⦘
أَحَدًا وَافَقَ إسْمَاعِيلَ بْنَ زَكَرِيَّا عَنْهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ الْقَاسِمِ بْنِ غُصْنٍ. فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ ذَكَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَاسِطِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ غُصْنٍ، سَمِعَ جَمِيلَ بْنَ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً
645 -
وَفِيهِ مَا حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمَرْوَزِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالسَّقَلِّيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ غُصْنٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جَمِيلٍ كَذَا قَالَ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا رَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضًا فَانْمَازَ عَنْهَا قَالَ: " أَرْخِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ " فَخَلَّى سَبِيلَهَا
⦗ص: 106⦘
وَأَمَّا مَنْ خَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ فَإِنَّ مِنْهُمْ عَبَّادَ بْنَ الْعَوَامِّ ذَكَرَهُ عَنْ جَمِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ
646 -
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ، حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ زَيْدٍ الطَّائِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ غِفَارٍ فَرَأَى بِكَشْحِهَا لَطْخًا فَقَالَ: " ضَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ، وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ " وَمِنْهُمْ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ رَوَاهُ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ
647 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ رَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضًا فَقَالَ: " الْبِسِي ثِيَابَكِ، وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ " نَحْوَهُ
⦗ص: 107⦘
قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنْ رَجُلٍ عَنْ جَمِيلٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ لَهَا بِالصَّدَاقِ، وَمِنْهُمْ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، فَرَوَاهُ عَنْ جَمِيلٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبٍ
648 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَزْوِينِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ، حَدَّثَنِي أَبُو أُسَامَةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُسَامَةَ الْكَلْبِيُّ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَمِيلٍ الطَّائِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ وَوُصِفَتْ فَتَزَوَّجَهَا، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ رَأَى مَا بِهَا وَكَانَ فِي كَشْحِهَا بَيَاضٌ وَكَرِهَهَا وَمَتَّعَهَا وَقَالَ:" الْحَقِي بِأَهْلِكِ " فَأُلْحِقَتْ بِأَهْلِهَا " وَمِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصٍ فَرَوَاهُ عَنْ جَمِيلٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ
649 -
كَمَا أَجَازَ لِي أَبُو يَزِيدَ هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلَانِيُّ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ غَسَّانَ الْغَلَّابِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْحِمَّانِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصٍ، حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ غِفَارٍ فَدَخَلَ بِهَا، فَوَجَدَ بِكَشْحِهَا بَيَاضًا، فَقَالَ:" الْبَسِي ثَوْبَكِ " وَأَعْطَاهَا الصَّدَاقَ وَقَالَ: " الْحَقِي بِأَهْلِكِ " فَفِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ: " الْحَقِي بِأَهْلِكِ " فَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ كَالْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْتَعِيذَةِ مِنْهُ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ: " الْحَقِي بِأَهْلِكِ " وَفِي هَذَا الْبَابِ إعْطَاءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ الصَّدَاقَ،
⦗ص: 108⦘
فَقَالَ قَائِلٌ: فَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَتَّعَهَا قِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا عِنْدَنَا بِمُخَالِفٍ لِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي حَفْصٍ هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَهَا كَالْمَدْخُولِ بِهَا لِخَلْوَتِهِ وَإِمْكَانِهَا إيَّاهُ نَفْسَهَا؛ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ كَانَ لِمَسِيسِهَا بِاخْتِيَارِهِ ذَلِكَ لَا لِمَا سِوَاهُ، فَقَامَ ذَلِكَ مِنْهُ مَقَامَ الْمُمَاسَّةِ مِنْهُ لَهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَمَسَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ، ثُمَّ طَلَبْنَا الْوُقُوفَ عَلَى أَحْوَالِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصٍ هَذَا هَلْ هِيَ أَحْوَالٌ تُوجِبُ لَهُ قَبُولَ الزِّيَادَةِ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ رَوَاهُ فَقَصُرَ عَنْ ذِكْرِ أَمْرِ النَّبِيِّ عليه السلام لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ بِالصَّدَاقِ فَوَجَدْنَا الْبُخَارِيَّ قَدْ ذَكَرَ فِي تَارِيخِهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حَفْصٍ هَذَا، فَقَالَ: هُوَ كُوفِيٌّ سَمِعَ مِنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو غَسَّانَ
وَذَكَرَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَضْرَمِيُّ أَنَّ أَبَا حَفْصٍ عُمَرَ بْنَ حَفْصِ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ رَاشِدٍ السَّكُونِيَّ قَالَ: وَهُوَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْإِمَامِ الَّذِي كَانَ عِنْدَنَا هَاهُنَا قَالَ: وَكَانَ عَمُّهُ هَذَا أَحَدَ الثِّقَاتِ بِبَغْدَادَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ الْعِجْلِيَّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْعَطَّارُ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ غِفَارٍ فَدَخَلَ بِهَا فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْزِعَ ثِيَابَهَا، فَأَبْصَرَ بَيَاضًا مِنْ بَرَصٍ عِنْدَ ثَدْيِهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ:" خُذِي ثِيَابَكِ، وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ " وَأَكْمَلَ لَهَا الصَّدَاقَ فَوَقَفْنَا بِمَا ذَكَرْنَا عَلَى جَلَالَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصٍ فِي الرِّوَايَةِ بِرِوَايَةِ
⦗ص: 109⦘
الْوُجُوهِ عَنْهُ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَمِنْ أَبِي غَسَّانَ، وَمِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَالِحٍ الْعِجْلِيِّ، وَمِنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيِّ، ثُمَّ طَلَبْنَا الْوُقُوفَ عَلَى كَعْبِ بْنِ زَيْدٍ، أَوْ زَيْدِ بْنِ كَعْبٍ، أَوْ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ هَلْ لَهُ صُحْبَةٌ أَمْ لَا؟ فَوَجَدْنَا الْبُخَارِيَّ فِي تَارِيخِهِ لَمَّا ذَكَرَ الْمُسَمَّيْنَ بِكَعْبٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِنْهُمْ كَعْبَ بْنَ عَمْرٍو أَبَا الْيُسْرِ، وَذَكَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، وَذَكَرَ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، وَذَكَرَ كَعْبًا الْأَشْعَرِيَّ، وَذَكَرَ كَعْبَ بْنَ عِيَاضٍ، ثُمَّ ذَكَرَ كَعْبًا الَّذِي قُطِعَتْ يَدُهُ يَوْمَ الْيَمَامَةِ ثُمَّ قَالَ: وَكُلُّ هَؤُلَاءِ لَهُمْ صُحْبَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ بِعَقِبِ ذَلِكَ كَعْبَ بْنَ زَيْدٍ فَقَالَ: وَيُقَالُ زَيْدُ بْنُ كَعْبٍ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ كَعْبَ بْنَ مَاتِعٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْأَحْبَارُ وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى إدْخَالِهِ إيَّاهُ فِي الصَّحَابَةِ أَوْ عَلَى قُرْبِهِ مِنْهُمْ كَانَ عِنْدَهُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةً لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ الصَّدَاقِ لِمَنْ أَمْكَنَ مَسِيسُهُ فَطَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَاسَّ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ جَمَاعَةٌ مِنْ وُجُوهِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ عليه السلام، وَمِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْهُمْ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ قَالَا: " إذَا أَغَلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَلَهَا الصَّدَاقُ
⦗ص: 110⦘
كَامِلًا، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ "
وَبِهِ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الْأَحْنَفِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ:" إذَا أُرْخِيَتِ السُّتُورُ، وَغُلِّقَتِ الْأَبْوَابُ، فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الْمَرْأَةِ يَتَزَوَّجُهَا الرَّجُلُ " أَنَّهُ إذَا أَرْخَى السِّتْرَ فَقَدْ وَجَبَ لَهَا الصَّدَاقُ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْبَدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مِنْهَالٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ " إذَا أُرْخِيَ السِّتْرُ وَأُغْلِقَ الْبَابُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ حَيَّانَ بْنِ مَرْثَدٍ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ: " إذَا أُغْلِقَ الْبَابُ وَأُرْخِيَ السِّتْرُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ يَعْنِي الْأَعْرَابِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: " قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَنَّ مَنْ أَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ، وَوَجَبَتِ الْعِدَّةُ " فَفِي هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ وَإِدْخَالُ بَقِيَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْضًا
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ الْحَكَمِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ خَضْرَاءُ فَكَرِهَهَا، فَلَمْ يَكْشِفْهَا كَمَا يَقُولُ وَاسْتَحْيَى أَنْ يَخْرُجَ مَكَانَهُ فَقَالَ عِنْدَهَا مُخَلِّيًا بِهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَطَلَّقَهَا وَقَالَ:" لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَمْ أَكْشِفْهَا " وَهِيَ تَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ ذَلِكَ إلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَأَرْسَلَ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ رَجُلٌ صَالِحٌ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ عَدْلٌ هَلْ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ؟ فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْآنَ حَمَلَتْ فَقَالَتْ هُوَ مِنْهُ أَكُنْتَ مُقِيمًا عَلَيْهَا الْحَدَّ؟ فَقَالَ مَرْوَانُ: لَا، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ " بَلْ لَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا "
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الرَّجُلِ يَخْلُو بِالْمَرْأَةِ فَيَقُولُ: لَمْ أَقْرَبْهَا وَتَقُولُ: قَدْ قَرِبَنِي قَالَ: " الْقَوْلُ قَوْلُهَا " فَهَذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَدْ كَانَ مَذْهَبُهُ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ مَنْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ فِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّمَا ذَلِكَ كَانَ لِدَعْوَى الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ مَعَ الْخَلْوَةِ مَا ادَّعَتْ مِنْ قُرْبِ زَوْجِهَا إيَّاهَا، قِيلَ لَهُ: لَوْ كَانَ مَا ذَكَرْتَ كَمَا وَصَفْتَ لَمَا كَانَتْ دَعْوَاهَا مَقْبُولَةً لِمَا يُوجِبُ لَهَا مَعْنًى لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا قَبْلَ ذَلِكَ مَعَ نَفْيِ مَنْ يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ إيَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ إلَّا بِحُجَّةٍ تُوجِبُ لَهَا ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ مَسْئُولَةً عَنْ ذَلِكَ حُجَّةٌ كَانَ إرْخَاءُ السُّتُورِ وَإِغْلَاقُ الْأَبْوَابِ وَإِمْكَانُهَا زَوْجَهَا مِنْ نَفْسِهَا بِحَيْثُ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْهَا يُوجِبُ لَهَا الصَّدَاقَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ بِهِ فِي حُكْمِ الْمُمَاسِّ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَمَسُّهَا، فَقَدْ تَوَاتَرَتْ أَقْوَالُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ، وَاتَّفَقَتْ عَلَى أَنَّ الْإِمْكَانَ الَّذِي ذَكَرْنَا يَكُونُ بِهِ الَّذِي مُكِّنَ مِنْهُ كَالْمُمَاسِّ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي أَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَلَا نَعْلَمُ مُخَالِفًا لَهُمْ سِوَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ
⦗ص: 113⦘
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: بَلَى قَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ
فَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" إذَا نَكَحَ الرَّجُلُ فَفُوِّضَ إلَيْهِ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمَتَاعُ " قِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا عِنْدَنَا لِمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ فِي الْخَلْوَةِ وَالْمَكَانِ عَنْ مَنْ رَوَيْنَاهُمَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَالتَّفْوِيضُ عِنْدَنَا الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ التَّفْوِيضُ إلَى الزَّوْجِ فِي تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ لِمَنْ يُزَوِّجُهُ عَلَى غَيْرِ صَدَاقٍ فَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ ثُمَّ يُطَلِّقُ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْمُتْعَةُ، وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَنَا عَلَى تَفْوِيضٍ مَعَهُ خَلْوَةٌ، وَلَا إمْكَانَ لَهُ مِنَ الْجِمَاعِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُحْتَمَلًا لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا عِنْدَنَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ عَمَّنْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنْ قَالَ: فَإِنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَا عَلَيْهِ مِمَّا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ اللهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] ، وَكَانَ مَعْقُولًا بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ وَلَمْ يُمَاسَّ أَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ بِهَذِهِ
⦗ص: 114⦘
الْآيَةِ هُوَ نِصْفُ الصَّدَاقِ لَا كُلُّهُ، قِيلَ لَهُ: إنَّ الَّذِينَ قَالُوا فِي هَذَا بِوُجُوبِ الصَّدَاقِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ هُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيُّ وَلَحِقَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَهُوَ كَاتِبُ الْوَحْيِ وَالْمُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ، وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ وَهُمْ يَعْرِفُونَ تَأْوِيلَهُ، وَكَانَ بِمَا أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ مِنْهُ يَسْتَعْلِمُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيُعْلِمُهُمْ بِمُرَادِ اللهِ تَعَالَى بِهِ، وَفِي خِلَافِهِمْ تَجْهِيلٌ لَهُمْ وَالْخُرُوجُ عَنْ مَذَاهِبِهِمْ إلَى مَا سِوَاهَا مِمَّا نَعُوذُ بِاللهِ مِنْهُ مَعَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي اللُّغَةِ مَا قَدْ أَبَاحَ لَنَا أَنْ نُسَمِّيَ مَنْ أَمْكَنَهُ الْمَسِيسُ وَلَمْ يُمَاسَّ بِاسْمِ الْمَسِيسِ كَمَا سُمِّيَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ عليهما السلام إمَّا إسْمَاعِيلُ، وَإِمَّا إِسْحَاقُ ذَبِيحًا؛ لَا لِأَنَّهُ ذُبِحَ وَلَكِنْ لَمَّا أَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ، وَأُمْكِنَ أَبُوهُ ذَلِكَ مِنْهُ بِأَنْ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ سُمِّيَ بِذَلِكَ ذَبِيحًا وَإِنْ لَمْ يُذْبَحْ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ إمْكَانِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا زَوْجَهَا مِنْ جِمَاعِهِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ حَائِلٌ وَلَا لَهُ مِنْهُ مَانِعٌ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مُمَاسٍّ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَاسًّا لَهَا فِي الْحَقِيقَةِ، وَتَدْخُلُ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمُطَلَّقِ بَعْدَ الْمَسِيسِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُطَلَّقِ قَبْلَهُ، وَقَدْ وَجَدْنَا مَا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي مَنْ بَاعَ شَيْئًا لَهُ بِثَمَنٍ حَبَسَهُ حَتَّى يَقْبِضَ ذَلِكَ الثَّمَنَ فَمُكِّنَ مِنْ قَبْضِهِ، وَخُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَلَحِقَهُ
⦗ص: 115⦘
هَلَاكٌ أَنَّهُ يَكُونَ هَالِكًا مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ مَالِ بَائِعِهِ وَفِي ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ دَلِيلٌ مَعَ تَعَلُّقِ أَكْثَرِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بِهَذَا مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ فِي مُتَّبِعِيهِ، وَمَالِكٌ فِي مُتَّبِعِينَ مِنْ مُتَّبِعِيهِ، وَاللَّيْثُ فِي مُتَّبِعِيهِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي مُتَّبِعِيهِ، وَالثَّوْرِيُّ فِي مُتَّبِعِيهِ أَيْضًا، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ