الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِي انْشِقَاقِ الْقَمَرِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ عليه السلام تَصْدِيقًا لِقَوْلِ اللهِ عز وجل: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [
القمر: 1]
696 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا لُوَيْنٌ، حَدَّثَنَا حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ سَلَمَةُ بْنُ صُهَيْبٍ الْأَرْحَبِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ:" انْشَقَّ الْقَمَرُ، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ عليه السلام "
697 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ:" انْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: هَذَا سِحْرٌ سَحَرَكُمْ بِهِ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ "
698 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:" انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام: " اشْهَدُوا "
699 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ الْجَوَارِبِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِلْقَتَيْنِ فَسَتَرَ الْجَبَلُ فِلْقَةً وَكَانَتْ فِلْقَةٌ فَوْقَ الْجَبَلِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اللهُمَّ اشْهَدْ "
⦗ص: 179⦘
700 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنَ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَ ذَلِكَ
701 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا مُخَوَّلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ، ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حَدِيثِهِ: حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخْعِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:" انْشَقَّ الْقَمَرُ فَأَبْصَرْتُ الْجَبَلَ بَيْنَ فُرْجَتَيِ الْقَمَرِ "
702 -
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ فَانْفَلَقَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُ خَلْفَ الْجَبَلِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" اشْهَدُوا "
703 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى فَانْشَقَّ الْقَمَرُ فَذَهَبَتْ فِلْقَةٌ مِنْهُ خَلْفَ الْجَبَلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اشْهَدُوا "
704 -
حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّعَيْنِيُّ، وَفَهْدٌ قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ،
⦗ص: 181⦘
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " انْشَقَّ الْقَمَرُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم "
705 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
706 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي إلَى الْجُمُعَةِ بِالْمَدَائِنِ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا فَرْسَخٌ وَحُذَيْفَةُ عَلَى الْمَدَائِنِ فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ، وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1]" أَلَا وَإِنَّ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ، أَلَا وَإِنَّ الْقَمَرَ قَدِ انْشَقَّ "
707 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ مِثْلَهُ
708 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ} [القمر: 1] الْقَمَرُ قَالَ: " قَدِ انْشَقَّ " فَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٍ تَحْقِيقُهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، وَمَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ كَمَعْنَاهُمْ فِيهِ، وَلَا نَعْلَمْ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ غَيْرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُمْ فِيهِ وَهُمُ الْقُدْوَةُ وَالْحُجَّةُ الَّذِينَ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ إلَّا جَاهِلٌ، وَلَا يَرْغَبُ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ إلَّا خَاسِرٌ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ مَنْ يَدَّعِي التَّأْوِيلَ وَيَسْتَعْمِلُ رَأْيَهُ فِيهِ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى ذَلِكَ وَيَتْرُكُ ذِكْرَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مَنْ قَبْلَهُ فِيهِ مِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ تَابِعِيهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَنْشَقَّ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَنْشَقُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تَعَالَى:{وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1] إنَّمَا هُوَ عَلَى صِلَةٍ قَدْ ذُكِرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي السُّورَةِ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ فِيهَا ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى
⦗ص: 183⦘
: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إلَى شَيْءٍ نُكُرٍ} [القمر: 6] أَيْ فَيَنْشَقُّ الْقَمَرُ حِينَئِذٍ، وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْقِيَامَةِ، وَذَكَرَ بِجَهْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرْوِهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ إلَّا ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مِمَّا قَدْ مَضَى كَمَا رُوِيَ عَنْهُ لَتَسَاوَى فِيهِ النَّاسُ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى إضَافَتِهِ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ دُونَ مَنْ سِوَاهُ فَكَفَى بِذَلِكَ جَهْلًا إذْ كَانَ مَا أَضَافَهُ إلَى انْفِرَادِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِهِ قَدْ شَرَكَهُ فِيهِ خَمْسَةٌ سِوَاهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ ذَكَرْنَاهُمْ فِي الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى:{وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1] إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى مَا ذُكِرَ أَنَّهُ صِلَةٌ لَهُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنَ السُّورَةِ الْمَذْكُورِ ذَلِكَ فِيهَا، فَإِنَّ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى:{وَإِنْ يَرَوْا آيَةً} [القمر: 2] يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ دَلِيلًا عَلَى خِلَافِ مَا قَالَهُ فِيهَا، وَدَلِيلًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَعْنِ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; لِأَنَّ الْآيَاتِ إنَّمَا تَكُونُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ اللهُ وَتَعَالَى:{وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59] وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} [القمر: 6] : أَيْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ} [الصافات: 174]، وَكَمَا قَالَ:{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ} [الذاريات: 54] دَلِيلٌ عَلَى تَمَامِ مَا ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَاسْتِقْبَالِ غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ:{يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إلَى شَيْءٍ نُكُرٍ} [القمر: 6] مَا هُوَ ظَرْفٌ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ مِنْ خُرُوجِهِمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ، وَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صِلَةً؛ لِمَا قَدِ انْقَطَعَ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي قَدْ تَقَدَّمَهُ. ثُمَّ قَالَ هَذَا الشَّاذُّ: وَقَدْ يُحْتَمَلُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ يَعْنِي الَّذِي حَكَاهُ هَذَا الشَّاذُّ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّهُ ذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَقَدْ يُحْتَمَلُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ: " كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ فِلْقَتَيْنِ وَحِرَاءُ بَيْنَهُمَا " أَيْ كَأَنِّي أَرَاهُ إذَا انْشَقَّ كَذَلِكَ
⦗ص: 184⦘
فَكَانَ كَلَامُهُ هَذَا فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَفَى انْشِقَاقَهُ فِي زَمَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَذَكَرَ أَنَّ انْشِقَاقَهُ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ لَا يَرَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ حِينَئِذٍ. قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَرَاهُ حَيْثُ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَرَاهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَقَدْ زَعَمَ هَذَا الشَّاذُّ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْقِيَامَةِ لَا فِي الدُّنْيَا، وَحِرَاءُ يَوْمَئِذٍ جَبَلٌ مِنَ الْجِبَالِ الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى خَبَرًا عَمَّا يَكُونُ مِنْهُ فِيهَا يَوْمَئِذٍ:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنَ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا، فَيَذَرُهَا} [طه: 106] الْآيَةَ، وَقَالَ:{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} [الكهف: 47] وَقَالَ: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 5] فَكَيْفَ يَكُونُ حِرَاءُ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ فِلْقَتَيِ الْقَمَرِ؟ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ خِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْخُرُوجِ عَنْ مَذَاهِبِهِمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَالِاسْتِكْبَارِ عَنْ كِتَابِ اللهِ وَمَنِ اسْتَكْبَرَ عَنْ كِتَابِ اللهِ، وَعَنْ مَذَاهِبِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَابِعِيهِمْ فِيهِ كَانَ حَرِيًّا أَنْ يَمْنَعَهُ اللهُ فَهْمَهُ
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إسْرَائِيلَ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: 146] قَالَ: " أَمْنَعُهُمْ فَهْمَ كِتَابِي "
⦗ص: 185⦘
وَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ قُرَيْشٍ عِنْدَ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ: هَذَا سِحْرٌ سَحَرَكُمْ بِهِ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ يُرِيدُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مَا كَانَ مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ؟ وَمَنْ أَبُو كَبْشَةَ الَّذِي نَسَبُوهُ إلَيْهِ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَحْسَنَ مَا وَجَدْنَاهُ مِمَّا قِيلَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَخَلَ فِيمَا أَجَازَهُ لَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلَانِيُّ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ غَسَّانَ الْغَلَّابِيِّ قَالَ: وَهْبٌ جَدُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو أُمِّهِ قَيْلَةَ ابْنَةَ أَبِي قَيْلَةَ وَاسْمُ أَبِي قَيْلَةَ وَجْزُ بْنُ غَالِبٍ وَهُوَ مِنْ خُزَاعَةَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَبَدَ الشِّعْرَى الْعَبُورَ، وَكَانَ يَقُولُ: إنَّ الشِّعْرَى تَقْطَعُ السَّمَاءَ عَرْضًا، وَلَا أَرَى فِي السَّمَاءِ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا، وَلَا نَجْمًا يَقْطَعُ السَّمَاءَ عَرْضًا غَيْرَهَا وَوَجْزٌ هَذَا هُوَ: أَبُو كَبْشَةَ الَّتِي كَانَتْ قُرَيْشٌ تَنْسُبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا لَا يَعْلَمُ شَيْئًا إلَّا بِعِرْقٍ يَنْزِعُهُ شَبَهُهُ، فَلَمَّا خَالَفَ رَسُولُ اللهِ دِينَ قُرَيْشٍ قَالَتْ قُرَيْشٌ: نَزَعَهُ أَبُو كَبْشَةَ؛ لِأَنَّ أَبَا كَبْشَةَ خَالَفَ النَّاسَ فِي عِبَادَةِ الشِّعْرَى، فَكَانُوا يَنْسُبُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِ، ذَلِكَ وَكَانَ أَبُو كَبْشَةَ سَيِّدًا فِي خُزَاعَةَ لَمْ يُعَيِّرُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهِ مِنْ تَقْصِيرٍ كَانَ فِيهِ، وَلَكِنْ أَرَادُوا أَنْ يُشَبِّهُوهُ بِهِ فِي الْخِلَافِ لِمَا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ