الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام مِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ النِّسْعَةِ لِأَخِي الْمَقْتُولِ الْمَذْكُورِ فِيهِ: " أَمَا إنَّكَ إِنْ قَتَلْتَهُ يَعْنِي قَاتِلَ أَخِيهِ " كُنْتَ مِثْلَهُ
"
942 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرِ بْنُ النَّحَّاسِ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ بِقَاتِلِ وَلِيِّهِ إلَى رَسُولِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ لَهُ: " اعْفُ فَأَبَى " قَالَ: " خُذْ أَرْشًا فَأَبَى " قَالَ: " أَتَقْتُلُهُ؟ فَإِنَّكَ مِثْلُهُ " قَالَ: فَخَلَّى سَبِيلَهُ فَرُئِيَ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ ذَاهِبًا إلَى أَهْلِهِ
943 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جَنَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ مَطَرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ النَّبِيِّ عليه السلام فَجَاءَ رَجُلٌ فِي عُنُقِهِ نِسْعَةٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ هَذَا وَأَخِي كَانَا فِي جُبٍّ يَحْفِرَانِهَا
⦗ص: 401⦘
فَرَفَعَ الْمِنْقَارَ فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَ صَاحِبِهِ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام:" اعْفُ عَنْهُ، فَأَبَى ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا وَأَخِي كَانَا فِي جُبٍّ يَحْفِرَانِهَا فَرَفَعَ الْمِنْقَارَ فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَ صَاحِبِهِ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام: " اعْفُ عَنْهُ، فَأَبَى " ثُمَّ قَامَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ هَذَا وَأَخِي كَانَا فِي جُبٍّ يَحْفِرَانِهَا فَرَفَعَ الْمِنْقَارَ فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَ صَاحِبِهِ، فَقَتَلَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام:" اعْفُ عَنْهُ فَأَبَى " قَالَ: " اذْهَبْ بِهِ إنْ قَتَلْتَهُ كُنْتَ مِثْلَهُ " فَخَرَجَ بِهِ حَتَّى جَاوَزَ فَنَادَيْنَاهُ أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَرَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إنْ قَتَلْتُهُ كُنْتُ مِثْلَهُ؟ قَالَ: " نَعَمْ " فَعَفَا عَنْهُ فَخَرَجَ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، فَوَجَدْنَا فِيهِمَا مَا قَدْ حَمَلَ أَنَّ قَتْلَ صَاحِبِ النِّسْعَةِ صَاحِبَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَتْلُهُ إيَّاهُ قَدْ كَانَ ثَبَتَ عِنْدَ النَّبِيِّ عليه السلام بِبَيِّنَةٍ قَبْلَهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَزَجَرَ خَصْمَهُ عَنِ النِّسْعَةِ الَّتِي أَسَرَهُ بِهَا حَتَّى جَاءَ بِهِ كَذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللهِ عليه السلام وَلَمَا قَالَ لِصَاحِبِهِ:" اعْفُ عَنْهُ " وَلَمَا قَالَ لَهُ: " خُذْ أَرْشًا "
⦗ص: 402⦘
لَمَّا أَبَى أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ وَفِي ذَلِكَ مَا حَقَّقَ مَا قُلْنَا وَاللهُ أَعْلَمُ. وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ عليه السلام فِي حَدِيثِ أَنَسٍ لِلْخَصْمِ: " اعْفُ عَنْهُ "، فَلَمَّا أَبَى قَالَ لَهُ:" خُذْ أَرْشًا " مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْعَفْوَ مِنْ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ لَا يُوجِبُ لَهُ عَلَى قَاتِلِهِ أَرْشًا كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِيهِ وَعَلَى خِلَافِ مَا يَقُولُهُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ فِيهِ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ لَهُ عَلَى الْقَاتِلِ، ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَعْنَى قَوْلِهِ:" إنَّكَ إنْ قَتَلْتَهُ كُنْتَ مِثْلَهُ "
944 -
فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَدَفَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، فَقَالَ الْقَاتِلُ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام:" أَمَا إنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا، ثُمَّ قَتَلْتَهُ دَخَلْتَ النَّارَ " قَالَ: فَخَلَّى سَبِيلَهُ، وَكَانَ مَكْتُوفًا بِنِسْعَةٍ فَخَرَجَ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ، فَسُمِّيَ ذَا النِّسْعَةِ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ،
⦗ص: 403⦘
فَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ الَّتِي كَانَتْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ أَخَا خَصْمِهِ شَهِدَتْ بِظَاهِرِ فِعْلِهِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهَا أَنَّهُ عَمْدٌ لَهُ لَا شَكَّ عِنْدَهَا فِيهِ، وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَعْلَمَ بِنَفْسِهِ، وَبِمَا كَانَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ، فَادَّعَى بَاطِنًا كَانَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَعَهُ فِيمَا كَانَ مِنْهُ فِيهِ قَوَدٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام لِلْوَلِيِّ عِنْدَ ذَلِكَ:" أَمَا إنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا، ثُمَّ قَتَلْتَهُ دَخَلْتَ النَّارَ ". فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ: " أَمَا إنَّكَ إنْ قَتَلْتَهُ كُنْتَ مِثْلَهُ ": أَيْ أَنَّهُ فِي الظَّاهِرِ عِنْدَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ؛ لِثُبُوتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ مَنْ قَتَلَ، وَإِنْ قَتَلْتَهُ وَهُوَ فِي مَا قَالَ إنَّهُ صَادِقٌ كُنْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَوَجَدْنَا حَدِيثَ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ مِنْ غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي رَوَيْنَاهُ مِنْهَا قَدْ جَاءَ بِمَعْنًى يُخَالِفُ مَعْنَى حَدِيثِهِ الَّذِي حَدَّثَنَا بِهِ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ
945 -
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ يُوسُفَ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جِيءَ بِالْقَاتِلِ الَّذِي قَتَلَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ بِهِ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَتَعْفُو؟ " قَالَ: لَا، قَالَ " أَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟ " قَالَ: لَا، قَالَ:" أَتَقْتُلُ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:" فَاذْهَبْ "، فَلَمَّا ذَهَبَ دَعَاهُ، فَقَالَ:" أَتَعْفُو؟ " قَالَ: لَا قَالَ: " أَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟ " قَالَ: لَا، قَالَ:" أَتَقْتُلُ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " اذْهَبْ " فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ: " أَمَا إنَّكَ إنْ عَفَوْتَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ " فَعَفَا عَنْهُ فَأَرْسَلَهُ قَالَ: فَرَأَيْتُهُ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ
⦗ص: 404⦘
946 -
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، حَدَّثَنِي حَمْزَةُ أَبُو عُمَرَ الْعَائِذِيُّ، حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ، عَنْ وَائِلٍ قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ عليه السلام حِينَ جِيءَ بِالْقَاتِلِ يَقُودُهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ فِي نِسْعَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ عليه السلام لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ: " أَتَعْفُو؟ " ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ سَوَاءً فَزَادَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَلَى إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيَاهُ جَمِيعًا عَنْ عَوْفِ بْنِ حَمْزَةَ الْعَائِذِيَّ قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، وَحَمْزَةُ: هَذَا رَجُلٌ مَشْهُورٌ قَدْ رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ
947 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ مَطَرٍ الْحَبَطِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ،
⦗ص: 405⦘
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام بِمِثْلِهِ، قَالَ يَحْيَى وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ فَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ وَائِلٍ هَذَا مَكَانَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ وَائِلٍ، وَعَنْ أَنَسٍ:" إنَّكَ إنْ قَتَلَتْهُ كُنْتَ مِثْلَهُ، أَمَا إنَّكَ إنْ عَفَوْتَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِهِ "، فَمَعْنَى ذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ ، إنْ كَانَ هُوَ الصَّحِيحَ فِي حَدِيثِ وَائِلٍ أَنَّكَ إنْ عَفَوْتَ عَنْهُ بَاءَ بِإِثْمِ صَاحِبِكَ الَّذِي لَمْ تُقِمْ عَلَيْهِ عُقُوبَتَهُ وَبَاءَ بِإِثْمِكَ، فِيمَا أَدْخَلَ عَلَى قَلْبِكَ فِي قَتْلِهِ صَاحِبَكَ، مِمَّا لَمْ تُقِمْ عَلَيْهِ عُقُوبَتُهُ