الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام مِنْ قَوْلِهِ: " وَلَنْ يُؤْتَى اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ
"
572 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشْرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ "
⦗ص: 46⦘
فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا شَرَكَهُ فِيهِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ غَيْرَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ كَانَ خَالَفَنَا فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَدْ شَرَكَ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ فِيهِ عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ فَرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ
573 -
وَذُكِرَ لَنَا فِي ذَلِكَ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ إيَّاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ يَعْنِي لُوَيْنًا عَنْ حِبَّانَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ عليه السلام: " خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ " وَذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا أَنْ لَا يُهْزَمَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ إذَا صَبَرُوا وَصَدَقُوا ،
⦗ص: 47⦘
ثُمَّ قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ عِنْدَ ذَلِكَ: وَحِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ أَنَّ حِبَّانَ بْنَ عَلِيٍّ إنَّمَا أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُقَيْلٍ
574 -
فِيمَا ذُكِرَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ، وَحِبَّانُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُؤْتَى اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ " فَعَادَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ حِبَّانَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُقَيْلٍ بِإِسْنَادِهِ وَبِمَتْنِهِ وَكَانَ حِبَّانُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي رِوَايَتِهِ كَمَا ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، وَكَذَلِكَ يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَسَانِيدِ سِوَاهُ وَمِنْدَلٌ أَخُوهُ عِنْدَهُمْ دُونَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ عَادَ الْحَدِيثُ إلَى يُونُسَ عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ بِلَا شَرِيكٍ لَهُ مِنَ الثَّبْتِ فِي الرِّوَايَةِ فِيهِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ رَوَى غَيْرُ مِنْدَلٍ وَغَيْرُ حِبَّانَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُقَيْلٍ؟ قِيلَ لَهُ: نَعَمْ، قَدْ رَوَاهُ سِوَاهُمَا عَنْ عُقَيْلٍ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ،
⦗ص: 48⦘
وَهُوَ مِنَ الْأَمَانَةِ فِي عُقَيْلٍ وَالثَّبْتِ وَالضَّبْطِ عَنْهُ عَلَى مَا لَا خَفَاءَ بِهِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَسَانِيدِ وَبِرُوَاتِهَا
575 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي مَتْنِهِ خَاصَّةً دُونَ إسْنَادِهِ، فَعَادَ هَذَا الْحَدِيثُ إلَى يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرٍ مَوْصُولًا، وَإِلَى عُقَيْلٍ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْهُ مَقْطُوعًا، ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" وَلَنْ يُؤْتَى اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ " فَوَجَدْنَا فَرْضَ اللهِ قَدْ كَانَ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ لَا يَفِرَّ عِشْرُونَ صَابِرُونَ مِنْ مِائَتَيْنِ بِقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ "} [الأنفال: 65] الْآيَةَ، فَكَانَ الْفَرْضُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَفِرَّ قَوْمٌ مِنْ عَشَرَةِ أَمْثَالِهِمْ، ثُمَّ خَفَّفَ اللهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ رَحْمَةً لَهُمْ فَأَنْزَلَ:{الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ، وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [الأنفال: 66] الْآيَةَ، فَعَادَ الْفَرْضُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ
⦗ص: 49⦘
أَنْ لَا يَفِرُّوا مِنْ مِثْلَيْهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ مُطْلَقًا فِي قَلِيلِ الْعَدَدِ وَفِي كَثِيرِهِ ، ثُمَّ خَصَّ اللهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ عليه السلام الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا كَمَا خَصَّهَا بِهِ أَنْ لَا تَفِرَّ مِمَّا فَوْقَهَا مِنَ الْأَعْدَادِ، وَأَخْبَرَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ لَنْ يُؤْتَوْا مِنْ قِلَّةٍ وَهَكَذَا كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ذَهَبَ إلَيْهِ فِي كِتَابِ سِيَرِهِ الْكَبِيرِ، وَقَالَ بِهِ فِيهِ وَلَمْ يَحْكِ
⦗ص: 50⦘
فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهَكَذَا كَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَمَلَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنَ الْمُنْكَرِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ مِنْهُمُ ابْنُ شُبْرُمَةَ عَبْدُ اللهِ الضَّبِّيُّ كَمَا كَتَبَ إلَى إِسْحَاقَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى الْأَيْلِيِّ أَبُو يَعْقُوبَ يُحَدِّثُنِي عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" إنْ فَرَّ رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ فَقَدْ فَرَّ ، وَإِنْ فَرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَلَمْ يَفِرَّ " قَالَ سُفْيَانُ فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ شُبْرُمَةَ فَقَالَ: هَكَذَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنَ الْمُنْكَرِ،
⦗ص: 51⦘
وَكَانَ هَذَا أَيْضًا مُطْلَقًا عِنْدَ ابْنِ شُبْرُمَةَ فِي الْأَعْدَادِ كُلِّهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِيهِ عَلَى مِثْلِ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ مِنَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَبَيْنَ مَا دُونَهَا مِنَ الْأَعْدَادِ كَمَا سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى بْنِ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْخُزَاعِيَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَذْكُرُ أَنَّ الْعُمَرِيَّ الْعَابِدَ ، وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ جَاءَ إلَى مَالِكٍ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ قَدْ نَرَى هَذِهِ الْأَحْكَامَ الَّتِي قَدْ بُدِّلَتْ أَفَيَسَعُنَا مَعَ ذَلِكَ التَّخَلُّفُ عَنْ مُجَاهَدَةِ مَنْ بَدَّلَهَا، فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: إنْ كَانَ مَعَكَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِثْلُكَ لَمْ يَسَعْكَ التَّخَلُّفُ عَنْ ذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَكَ هَذَا الْعَدَدُ مِنْ أَمْثَالِكَ فَأَنْتَ فِي سَعَةٍ مِنَ التَّخَلُّفِ عَنْ ذَلِكَ، وَكَانَ هَذَا الْجَوَابُ مِنْ مَالِكٍ أَحْسَنَ جَوَابٍ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ:" وَلَنْ يُؤْتَى اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ "، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ