الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا فِي جَوَابِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَمِنْ عُمَرَ، وَمِنْ سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ سُؤَالِهِ إيَّاهُ مَا يَفْعَلُ بِرَجُلٍ لَوْ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ
؟
948 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبَّوَيْهِ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ: " أَرَأَيْتَ لَوْ وَجَدْتَ مَعَ أُمِّ رُومَانَ رَجُلًا مَا كُنْتَ صَانِعًا بِهِ؟ " قَالَ: كُنْتُ صَانِعًا بِهِ شَرًّا قَالَ: " فَأَنْتَ يَا عُمَرُ؟ " قَالَ: كُنْتُ قَاتِلَهُ، قَالَ:" فَأَنْتَ يَا سُهَيْلُ بْنَ بَيْضَاءَ؟ " قَالَ: كُنْتُ أَقُولُ أَوْ قَائِلًا: لَعَنَ اللهُ الْأَبْعَدَ وَلَعَنَ اللهُ الْبَعْدَاءَ وَلَعَنَ أَوَّلَ الثَّلَاثَةِ، أَخْبَرَ بِهَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ عليه السلام:" تَأَوَّلْتَ الْقُرْآنَ يَا ابْنَ بَيْضَاءَ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] " الْآيَةَ
⦗ص: 407⦘
فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا مَا فِيهِ مِنْ جَوَابِ أَبِي بَكْرٍ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ سُؤَالِهِ إيَّاهُ الْمَذْكُورِ فِيهِ مَكْشُوفَ الْمَعْنَى، وَوَجَدْنَا مَا فِيهِ مِنْ جَوَابِ عُمَرَ إيَّاهُ عَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ فِيهِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلِهِ وَالْوُقُوفِ عَلَى الْمَعْنَى فِيهِ فَتَأَمَّلْنَاهُ، فَوَجَدْنَا فِيهِ إخْبَارَ عُمَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ قَاتِلًا مَنْ وَجَدَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، وَتَرْكَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْإِنْكَارَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ وَالزَّجْرَ لَهُ عَنْهُ، وَالْمَنْعَ لَهُ مِنْهُ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إطْلَاقِهِ إيَّاهُ لَهُ عَلَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ لَا تَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ مَنْ دَارَتْ عَلَيْهِ الْفُتْيَا عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ قَائِلُونَ مِنْهُمْ لَمْ نَقِفْ عَلَى قَوْلِهِمْ بِهِ؛ لِأَنَّ مِمَّا قَدْ يَجُوزُ أَنْ نَقِفَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ أَوْ مِمَّا قَدْ يَجُوزُ أَنْ لَا نَقِفَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا قَائِلَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانَ تَرْكُهُمُ الْقَوْلَ بِهِ أَوِ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى ضِدِّهِ دَلِيلًا عَلَى نَسْخِهِ؛ لِأَنَّا إنَّمَا نَقُولُ كَمَا يَقُولُ بِهِ لِأَخْذِنَا إيَّاهُ عَنْهُ وَامْتِثَالِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِيهِ أَوْ فِي مِثْلِهِ مِنْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ يَجِبَ الْقَوْلُ بِهِ فِيهِ ، وَلَمَّا كَانُوا مَأْمُونِينَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا حُجَّةً فِيهِ كَانُوا كَذَلِكَ فِي تَرْكِهِمْ مِثْلَهُ وَالْعَمَلِ بِضِدِّهِ ،،
⦗ص: 408⦘
وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ فِي الْمُتْعَةِ فِي الْحَجِّ
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: " نَهَى عَنْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ رضي الله عنهم، يَعْنِي مُتْعَةَ الْحَجِّ ، وَهُمْ شَهِدُوهَا وَهُمْ نَهَوْا عَنْهَا فَلَيْسَ فِي رَأْيِهِمْ مَا يُرَدُّ وَلَا فِي نَصِيحَتِهِمْ مَا يُتَّهَمُ وَإِنْ كَانَ لَهُ قَائِلُونَ بِهِ كَانَ مِنْ مَا لَا يَجِبُ تَرْكُهُ وَلَا يَمْتَنِعُ الْقَوْلُ بِغَيْرِهِ " وَوَجَدْنَا مَا فِيهِ مِنْ جَوَابِ سُهَيْلٍ إيَّاهُ عَنْ مَا سَأَلَهُ عَنْهُ فِيهِ مَوْضِعَانِ مِنَ الْفِقْهِ أَحَدُهُمَا إبَاحَةُ لَعْنِ أَهْلِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ خَارِجٌ مِنْ نَهْيِهِ عليه السلام أُمَّتَهُ أَنْ يَكُونُوا لَعَّانِينَ وَدَلِيلٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي مَا رُوِيَ عَنْهُ النَّهْيُ فِيهِ غَيْرُ الْمُطْلَقِ مِنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَسَنَذْكُرُ مَا وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللهِ عليه السلام فِي اللَّعْنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي مَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوْضِعٍ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إنْ شَاءَ اللهُ. وَالْمَوْضِعُ الْآخَرُ سُكُوتُهُ عَنْ مَا رَأَى مِنْ زَوْجَتِهِ، وَعَنْ ذِكْرِهِ لِإِمَامِهِ حَتَّى يُجْرِيَ بَيْنَهُمَا اللَّعْنَ الَّذِي حَكَمَ اللهُ بِهِ فِي أَمْثَالِهِمَا بِقَوْلِهِ:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] الْآيَةَ، إذْ كَانَ إظْهَارُهُ ذَلِكَ وَكَشْفُهُ إيَّاهُ وَإِخْبَارُهُ بِهِ يَكُونُ بِهِ قَاذِفًا لِمُحْصَنَةٍ وَيَلْحَقُهُ بِهِ فِي الظَّاهِرِ عِنْدَ النَّاسِ الْوَعِيدُ فِي قَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَإِنْ كَانَ
⦗ص: 409⦘
فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَلَكِنَّ اللهَ تَوَلَّى السَّرَائِرَ وَرَدَّ أَحْكَامَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا إلَى الظَّاهِرِ الَّذِي يُدْرِكُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَكَانَ فِي سُكُوتِهِ عَنْ ذَلِكَ مَحْمُودًا، وَكَانَ اللِّعَانُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ لَوْ أَظْهَرَ ذَلِكَ وَطَالَبَتْهُ زَوْجَتُهُ بِالْوَاجِبِ لَهَا عَلَيْهِ فِيهِ لَا يُوصِلُهُ إلَّا إلَى فُرْقَتِهَا، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى فُرْقَتِهَا بِطَلَاقِهِ لَهَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْحَقُهُ مِنْ ذَلِكَ فَحَمِدَهُ رَسُولُ اللهِ عليه السلام وَأَعْلَمَهُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَأَنَّهُ الْآيَةُ الَّتِي تَلَاهَا عَلَيْهِ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ