الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام فِي مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فِي يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ هَلْ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَمْ لَا
؟
535 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَأَبِي عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَذَكَرَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَ مَرْوَانُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتَذْهَبَنَّ إلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ تَسْأَلُهُمَا عَنْ ذَلِكَ قَالَ: فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَذَهَبْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إنَّا كُنَّا عِنْدَ مَرْوَانَ فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بِئْسَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَتَرْغَبُ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ؟ فَقَالَ: لَا وَاللهِ، فَقَالَتْ:" فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ " قَالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا مَرْوَانَ فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا قَالَتَا فَقَالَ مَرْوَانُ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَتَرْكَبَنَّ دَابَّتِي فَإِنَّهَا بِالْبَابِ فَلَتَذْهَبَنَّ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ بِأَرْضِهِ بِالْعَقِيقِ فَلَتُخْبِرَنَّهُ ذَلِكَ، فَرَكِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَرَكِبْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَتَحَدَّثَ مَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
⦗ص: 14⦘
سَاعَةً ، ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ إنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِرٌ
536 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ مَوْلَى بَنِي تَيْمٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيِّ ، ثُمَّ الزُّرَقِيِّ قَالَ: كِلَاهُمَا حَدَّثَنِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ: جَلَسْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الصَّائِمِ إذَا أَصْبَحَ وَهُوَ جُنُبٌ، فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ:" فَلَا صِيَامَ لَهُ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ، قَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبِي لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ لَتَأْتِيَنَّ عَائِشَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
⦗ص: 15⦘
فَلَتَسْأَلُهُمَا عَنْ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ عليه السلام فَإِنَّهُ لَا أَحَدَ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَائِهِ قَالَ: فَخَرَجَ أَبِي، وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ:" قَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصْبِحُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ نِكَاحٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ، ثُمَّ يَصُومُ " قَالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهَا فَجَلَسْنَا عَلَى بَابِ عَائِشَةَ، فَبَعَثَ إلَيْهَا أَبِي ذَكْوَانَ مَوْلَاهَا، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَجَاءَهُ ذَكْوَانُ فَقَالَ: تَقُولُ لَكَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصْبِحُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ نِكَاحٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ، ثُمَّ يَصُومُ " قَالَ: فَرَجَعَ أَبِي إلَى مَرْوَانَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: إنِّي عَزَّمْتُ عَلَيْكَ لَتَأْتِيَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَتَّى تُخْبِرَهُ بِهَذَا، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَغْفِرُ اللهُ لَكَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ بَلَّغْتُكَ حَدِيثًا عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَمْرٍ فَتَجِيئُهُ حَتَّى إذَا وَجَدْتَ خِلَافَهُ أَمَرْتَنِي أَنْ أُعَرِّفَهُ بِهِ قَالَ: فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: عَزَّمْتُ عَلَيْكَ لَتَفْعَلَنَّ، فَخَرَجَ مَرْوَانُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى إذَا كُنَّا بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَبِي هُرَيْرَةَ بِهَا أَرْضٌ هُوَ فِيهَا قُمْنَا إلَيْهِ، وَأَنَا مَعَ أَبِي فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إنِّي أَخْبَرْتُ الْأَمِيرَ أَنَّكَ قُلْتَ: " مَنْ أَدْرَكَ الْفَجْرَ ، وَهُوَ جُنُبٌ فَلَا صِيَامَ لَهُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَسْأَلَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَفَعَلْتُ، فَحَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ، وَعَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصْبِحُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ نِكَاحٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ، ثُمَّ يَصُومُ قَالَ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: " لَا أَدْرِي أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ "
537 -
وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ
⦗ص: 16⦘
ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ مِثْلَ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عِرَاكٍ، وَالنُّعْمَانِ
538 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: أَصْبَحْتُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ، فَأَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لِي:" أَفْطِرْ " فَأَتَيْتُ مَرْوَانَ فَسَأَلْتُهُ وَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَبَعَثَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ إلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا، فَقَالَتْ:" كَانَ النَّبِيُّ عليه السلام يَخْرُجُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مِنْ جِمَاعٍ ، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ " فَرَجَعَ إلَى مَرْوَانَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: ائْتِ أَبَا هُرَيْرَةَ فَأَخْبِرْهُ، فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: " إنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا حَدَّثَنِيهِ الْفَضْلُ عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام
539 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
⦗ص: 17⦘
فَفِيمَا رُوِّينَا مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ مَا ذَكَرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فِيهَا عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْعِهِ مِنَ الصَّوْمِ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا، وَفِيهَا إخْبَارُ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فِي مَنْعِهِ ، فَقَالَ قَائِلٌ: مِنْ أَيْنَ اتَّسَعَ لَكُمْ أَنْ تَمِيلُوا فِي هَذِهِ إلَى مَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ عَنَ النَّبِيِّ عليه السلام؟ وَتَتْرُكُوا مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يُخَالِفُهُ دُونَ أَنْ تُصَحِّحُوهُمَا جَمِيعًا فَتَجْعَلُونَ حَدِيثَ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ عَنْهُ عليه السلام إخْبَارًا مِنْهُمَا عَنْ حُكْمِهِ، كَانَ فِي ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ، وَتَجْعَلُونَ حَدِيثَ الْفَضْلِ عَنْهُ فِي حُكْمِ غَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ حَتَّى لَا يُضَادَّ وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَعْنَى الْآخَرَ مِنْهُمَا، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا عَنْهُ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ فِي نَفْسِهِ كَانَ فِي ذَلِكَ كَحُكْمِ سَائِرِ أُمَّتِهِ فِيهِ وَذَلِكَ:
540 -
أَنَّ يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْمَرٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَنَا أَسْمَعُ: يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ " فَقَالَ الرَّجُلُ: إنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:" وَاللهِ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي "
⦗ص: 18⦘
وَلَمَّا وَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهِ وَحُكْمِ سَائِرِ أُمَّتِهِ فِي ذَلِكَ عَقَلْنَا أَنَّ ذَيْنَكَ الْمَعْنَيَيْنِ قَدْ كَانَا حُكْمَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى نَسَخَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ الْفَضْلِ مِنْهُمَا التَّغْلِيظَ، وَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ التَّخْفِيفَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا أَنَّ النَّسْخَ بِلَا مَعْصِيَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ، وَرَدُّ التَّغْلِيظِ إلَى التَّخْفِيفِ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا كَانَ مِنْ أَجْلِهِ هَذَا النَّسْخُ مَعْصِيَةً يَكُونُ مَعَهَا التَّغْلِيظُ، فَجَعَلْنَا النَّسْخَ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَانَ مِنَ التَّغْلِيظِ إلَى التَّخْفِيفِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ دُونَ مَا فِي حَدِيثِ الْفَضْلِ مَعَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا كِتَابَ اللهِ قَدْ أَوْجَبَ ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى فِيهِ:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] إلَى قَوْلِهِ: {إلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إبَاحَةِ إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي اللَّيْلِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَا يَكُونُ الِاغْتِسَالُ الَّذِي يُوجِبُهُ ذَلِكَ الْإِتْيَانُ إلَّا فِي النَّهَارِ، وَفِي ذَلِكَ مَا يُبِيحُ الصَّوْمَ مَعَ الْجَنَابَةِ، وَفِيهِ مُوَافَقَةُ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ عليه السلام فِيهِ، وَمِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ مِمَّا يُوَافِقُ هَذَا الْمَعْنَى
541 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ عليه السلام وَأَخْبَرَتْنِي: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ ، ثُمَّ يَغْدُو إلَى الْمَسْجِدِ، وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ ، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ " فَأَخْبَرْتُهُ مَرْوَانَ فَقَالَ: ائْتِ أَبَا هُرَيْرَةَ فَأَخْبِرْهُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: إنَّهُ لِي صَدِيقٌ فَأَعْفِنِي، قَالَ: عَزَّمْتُ عَلَيْكَ لَتَأْتِيَنَّهُ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنِي إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَائِشَةُ أَعْلَمُ مِنِّي قَالَ شُعْبَةُ: وَفِي الصَّحِيفَةِ: عَائِشَةُ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
542 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَخِيهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ وَلَا يُفْطِرُ، فَدَخَلَ عَلَى أَبِيهِ يَوْمًا ، وَهُوَ مُفْطِرٌ فَقَالَ لَهُ:" مَا شَأْنُكَ الْيَوْمَ مُفْطِرًا " فَقَالَ: إنِّي أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فَلَمْ أَغْتَسِلْ حَتَّى أَصْبَحْتُ، فَأَفْتَانِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنْ أُفْطِرَ،
⦗ص: 20⦘
فَأَرْسَلُوا إلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُونَهَا فَقَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ، فَيَغْتَسِلُ بَعْدَمَا يُصْبِحُ ، ثُمَّ يَخْرُجُ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَيُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ "
543 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ:" أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ ، وَهُوَ جُنُبٌ ، ثُمَّ يَصُومُ "
544 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ.
545 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ
⦗ص: 21⦘
قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ.
546 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ عليه السلام بِذَلِكَ.
547 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ عليه السلام بِذَلِكَ أَيْضًا ، قَالَ فَرَدَّ أَبُو هُرَيْرَةَ فُتْيَاهُ.
⦗ص: 22⦘
فَهَذَا أَبُو هُرَيْرَةَ أَيْضًا قَدْ رَأَى أَنَّ مَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ عليه السلام فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى مِمَّا حَدَّثَهُ بِهِ الْفَضْلُ عَنْ رَسُولِ اللهِ عليه السلام مِمَّا يُخَالِفُهُ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ