الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام مِنْ قَوْلِهِ: " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أُصَلِّيَ عَلَيْهِ " يَعْنِي: الْمُعْتِقَ لِعَبِيدِهِ السِّتَّةِ الَّذِينَ هُمْ جَمِيعُ مَالِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَمِنْ غَضَبِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ
740 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيُّ أَبُو عَلِيٍّ قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، أَخْبَرَنَا أَبُو قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةً مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ عليه السلام فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ:" لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أُصَلِّيَ عَلَيْهِ " ثُمَّ دَعَا مَمَالِيكَهُ فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً "
⦗ص: 209⦘
741 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَهُوَ: ابْنُ زَاذَانَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ عليه السلام مِثْلَهُ.
742 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
743 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ:" أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا، فَدَعَاهُمْ فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً " فَفِيمَا رُوِّينَا عَنْهُ عليه السلام إنْكَارُهُ عَلَى الْمُعْتِقِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ
⦗ص: 210⦘
جَمِيعَ عَبِيدِهِ، وَغَضَبُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَهَمُّهُ مِنْ أَجْلِهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الْمَرِيضُ مَالِكًا لِمَمَالِيكِهِ حِينَ كَانَ مِنْهُ فِيهِمْ مَا كَانَ مِنَ الْعِتْقِ لَهُمْ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَفْعَالَ الْمَرْضَى فِي أَمْرَاضِهِمُ الَّتِي يُتَوَفَّوْنَ مِنْهَا مُقَصِّرٌ بِهِمْ فِيهَا عَنْ نُفُوذِهَا مِنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ، وَمَرْدُودُهُ إلَى أَثْلَاثِ أَمْوَالِهِمْ غَيْرَ مُتَجَاوِزَةٍ إلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَنْ حَلَّ بِهِ مَرَضٌ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَمُوتُ فِيهِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ أَنْ لَا يَتَبَسَّطَ فِي أَمْوَالِهِ تَبَسُّطَ الْأَصِحَّاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَرَضٍ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَرَضٍ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى بِهِ الِاحْتِيَاطُ لِنَفْسِهِ، وَلِمَنْ حُبِسَ بَقِيَّةُ مَالِهِ بَعْدَ ثُلُثِهِ عَلَيْهِ مِمَّنْ يَرِثُهُ، فَإِذَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ وَتَبَسَّطَ فِي جَمِيعِهِ كَمَا يَتَبَسَّطُ الْأَصِحَّاءُ فِي مِثْلِهِ كَانَ بِذَلِكَ مَذْمُومًا، وَمِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكُهُ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْمَذْمُومِينَ فَهَذَا عِنْدَنَا وَجْهُ هَمِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكَهُ الصَّلَاةَ عَلَى ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى قَدْ لَحِقَهُ هَذَا الذَّمُّ، وَغَضَبِهِ مِنْ فِعْلِهِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ حَلَّ ذَلِكَ الْمَحَلَّ عِنْدَهُ وَسَأَلَ سَائِلٌ آخَرُ عَنِ الْقُرْعَةِ فِي مِثْلِ هَذَا، هَلْ هِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ الْآنَ أَمْ لَا؟
⦗ص: 211⦘
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: هِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، وَإِنَّ الْوَاجِبَ مَكَانَهَا عَلَى الْعَبِيدِ الْمُعْتَقِينَ السِّعَايَةُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِمْ لِوَرَثَةِ مُعْتِقِهِمْ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ سِوَاهُمْ وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى نَسْخِهَا بِأَنَّهُمْ وَمُخَالِفُوهُمْ جَمِيعًا قَدْ جَعَلُوا الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي عَتَاقِ الْمَرِيضِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ دَلِيلٌ لَهُمْ وَحُجَّةٌ عَلَى مُخَالِفِهِمُ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّ عَتَاقَ الْمَرِيضِ وَهِبَاتِهِ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ كَعَتَاقِ الصَّحِيحِ وَهِبَاتِهِ ، وَيَحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ مَالَهُ لَمْ يُمْلَكْ عَلَيْهِ حَتَّى وَقَعَتْ أَفْعَالُهُ تِلْكَ فِيهِ. وَإِذَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يُرَدَّ إلَيْهِ أَشْكَالُهُ، وَأَنْ يُعْطَفَ عَلَيْهِ أَمْثَالُهُ مِمَّا يَفْعَلُهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ لَهُ وَأَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ فِي الْمَرَضِ، إذَا كَانَ لَهُ سِتُ مِائَةِ دِرْهَمٍ هِيَ جَمِيعُ مَالِهِ فَوَهَبَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ كُلَّ مِائَةٍ مِنْهَا لِرَجُلٍ وَأَقْبَضَهُ إيَّاهَا، ثُمَّ مَاتَ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ فِيهَا كَمَا أَقْرَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَبِيدِ الْمُعْتَقِينَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا فَيُسَلَّمُ مِنْهَا لِمَنْ قُرِعَ هِبَتُهُ، وَيُرْجَعُ مَا بَقِيَ مِنْهَا مِيرَاثًا كَمِثْلِ مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ عليه السلام فِي الْعَبِيدِ الْمُعْتَقِينَ، وَفِي تَرْكِهِمْ لِذَلِكَ وَخُرُوجِهِمْ عَنْهُ إلَى الْمُحَاصَّةِ بَيْنَ أَهْلِ الْهِبَاتِ فِيهَا، وَتَرْكِهِمُ الْقُرْعَةَ عَلَيْهَا قَدْ كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي غَيْرِ الْعَتَاقِ الَّذِي ذَكَرْنَا ، ثُمَّ تُرِكَتْ وَاسْتُعْمِلَ مَكَانَهَا خِلَافُهَا فَمِنْهَا ادِّعَاءُ الْأَنْسَابِ إذَا تَكَافَأَتْ مِنَ الْمُدَّعِينَ لَهَا
744 -
كَمَا حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ الْعُمَرِيُّ أَوْ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ الشَّيْخُ: أَنَا أَشُكُّ فِي الَّذِي
⦗ص: 212⦘
حَدَّثَنِي بِهِ عَنْهُ مِنْهُمَا عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْخَلِيلِ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَعَلِيٌّ يَوْمَئِذٍ بِهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ " أَتَى عَلِيًّا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَخْتَصِمُونَ فِي وَلَدٍ وَقَعُوا عَلَى أُمِّهِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَقُرِعَ أَحَدُهُمْ فَرُفِعَ إلَيْهِ الْوَلَدُ، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ أَوْ قَالَ أَضْرَاسُهُ "
745 -
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ
⦗ص: 213⦘
الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ:" كَانَ عَلِيٌّ بِالْيَمَنِ فَأُتِيَ بِامْرَأَةٍ وَطِئَهَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلَ اثْنَيْنِ أَنْ يُقِرَّا لِهَذَا بِالْوَلَدِ فَلَمْ يُقِرَّا ، ثُمَّ سَأَلَ اثْنَيْنِ أَنْ يُقِرَّا لِهَذَا بِالْوَلَدِ فَلَمْ يُقِرَّا ، ثُمَّ سَأَلَ اثْنَيْنِ حَتَّى فَرَغَ يَسْأَلُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ غَيْرَ وَاحِدٍ فَلَمْ يُقِرُّوا فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَأَلْزَمَ الْوَلَدَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ ثُلُثَيِ الدِّيَةِ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام فَضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ "
⦗ص: 214⦘
وَفِي تَرْكِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنْكَارَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رِضَاهُ بِهِ مِنْهُ، وَأَنَّ الْحُكْمَ كَانَ فِيهِ عِنْدَهُ يَوْمَئِذٍ كَذَلِكَ ، ثُمَّ وَجَدْنَا عَلِيًّا بَعْدَ هَذَا، أَوْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أُتِيَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ فَحَكَمَ فِيهَا بِخِلَافِ هَذَا الْحُكْمِ
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَابُوسٍ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَتَاهُ رَجُلَانِ وَقَعَا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ فَقَالَ: " الْوَلَدُ
⦗ص: 215⦘
بَيْنَكُمَا، وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْكُمَا " فَاسْتَحَالَ عِنْدَنَا ، وَاللهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ يَقْضِي بِخِلَافِ مَا كَانَ قَضَى بِهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا لَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَرُدَّ الْحُكْمَ فِيهِ إلَى خِلَافِ مَا كَانَ قَضَى بِهِ فِيهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ إلَّا وَقَدْ نُسِخَ مَا كَانَ قَضَى بِهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ عليه السلام فِي ذَلِكَ إلَى الَّذِي كَانَ قَضَى بِهِ هُوَ فِي زَمَنِهِ وَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، لَكَانَ فِيهِ سُقُوطُ عَدْلِهِ وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُ رَجَعَ عَنْ مَنْسُوخٍ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ إلَى نَاسِخٍ لَهُ ، وَاللهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ تَكُونُ الْقُرْعَةُ مَنْسُوخَةً، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهَا بَيْنَ نِسَائِهِ عِنْدَ إرَادَتِهِ السَّفَرَ بِإِحْدَاهُنَّ
746 -
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، وَسَعِيدٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ، وَعَلْقَمَةَ،
⦗ص: 216⦘
عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ "
747 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
748 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عِيسَى بْنِ تَلِيدٍ، حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ الْقِتْبَانِيُّ، عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ:
⦗ص: 217⦘
حَدَّثَتْنِي خَالَتِي عَمْرَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ: فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَعْمِلُ مَا قَدْ نُسِخَ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ عَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ فِي أَقْسَامِهِمْ، وَجَرَتْ عَلَيْهِ فِيهِ أُمُورُهُمْ إلَى الْآنِ اسْتِعْمَالُ الْقُرْعَةِ فِيهَا. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْقُرْعَةِ الْمَنْسُوخَةِ هِيَ الْقُرْعَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ كَانَتْ فِي الْأَحْكَامِ بِهَا حَتَّى يَلْزَمَ لُزُومَ مَا يُحْكَمُ فِيهِ بِمَا سِوَاهَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَغَيْرِهَا، وَأَمَّا هَذَا الَّذِي ذَكَرْتَ فَلَمْ يُسْتَعْمَلْ عَلَى سَبِيلِ الْحُكْمِ بِهِ، وَإِنَّمَا اسْتُعْمِلَ عَلَى تَطْيِيبِ النَّفْسِ وَنَفْيِ الظُّنُونِ، لَا لِمَا سِوَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرَى أَنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَافِرَ بِغَيْرِ أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ، وَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ دُونَهُنَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ دُونَ بَعْضِهِنَّ. وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ إقْرَاعَهُ كَانَ بَيْنَهُنَّ لَمَّا كَانَ يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى حُكْمٍ بَيْنَهُنَّ، وَلَا عَلَيْهِنَّ، وَلَا لَهُنَّ وَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لِتَطْيِيبِ أَنْفُسِهِنَّ، وَأَنْ لَا يَقَعَ فِي قُلُوبِ بَعْضِهِنَّ مَيْلٌ مِنْهُ إلَى مَنْ يُسَافِرُ بِهَا مِنْهُنَّ دُونَ بَقِيَّتِهِنَّ، وَذَلِكَ الْأَقْسَامُ لَوْ عُدِّلَتِ الْأَجْزَاءُ ، ثُمَّ أُعْطِيَ كُلُّ ذِي جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا جُزْءًا مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ عَلَى ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا مُسْتَقِيمًا، فَدَلَّ
⦗ص: 218⦘
ذَلِكَ أَنَّ الْقُرْعَةَ إنَّمَا اسْتُعْمِلَتْ فِي ذَلِكَ لِإِنْفَاءِ الظُّنُونِ بِهَا عَنْ مَنْ يَتَوَلَّى الْقِسْمَةَ بَيْنَ أَهْلِهَا بِمَيْلٍ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، أَوْ بِمَا سِوَى ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنَ السَّفَرِ بِالنِّسَاءِ، وَمِنَ الْأَقْسَامِ الْمُسْتَعْمَلَةِ الْقُرْعَةُ فِيهَا لِمَا اسْتُعْمِلَتْ فِيهَا قَضَاءٌ بِقُرْعَةٍ، فَكَذَلِكَ نَقُولُ مَا كَانَ مِنْ أَمْثَالِ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ مِمَّا لَا يَقَعُ فِيهِ بِالْقُرْعَةِ حُكْمٌ إنَّمَا يَقَعُ فِيهِ تَطْيِيبُ الْأَنْفُسِ وَإِنْفَاءُ الظُّنُونِ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ الْقُرْعَةِ فِيهِ وَمَا كَانَ مِنْ سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ فِيهِ الْقَضَاءُ، وَالْأَحْكَامُ فَلَا وَجْهَ؛ لِاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ لِمَا قَدْ حَكَيْنَاهُ فِي مِثْلِهَا عَنْ عَلِيٍّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ عليه السلام، وَفِي تَرْكِهِ بَعْدَهُ لِذَلِكَ وَاسْتِعْمَالِهِ خِلَافَهُ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا عَلَى مَا قَدْ رُوِيَ فِيهِ مِمَّا قَدْ وَصَفْنَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْجِنْسُ الْآخَرُ مِنْهُمَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا يُوجِبُهُ فِيهِ مَا وَصَفْنَاهُ فِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ