الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما ينبغي التنبيه عليه أن قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع» تدل على الاستعجال بالاستخارة وعدم التباطؤ فيها.
****
المسألة الخامسة
هل تؤدي صلاة الاستخارة في وقت النهي
؟
هذه المسألة تعرف بذوات الأسباب، ومؤداها: هل يجوز أداء ذوات الأسباب في وقت النهي؟ وقد اختلف العلماء في ذلك على قولين (1):
القول الأول: جواز فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي عند وجود أسبابها، وهذا قول الشافعي، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها بعض الحنابلة، كأبي الخطاب، وابن عقيل، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، واستدلوا بما يلي:
1 -
أن أحاديث النهي عن الصلاة من العام غير المحفوظ؛ لأنه قد دخله التخصيص بأحاديث أخرى، مثل:
- قضاء الفائتة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك» (2).
- وبمثل إعادة الجماعة فيمن دخل مسجدًا فوجد الناس يصلون وهو قد صلى، فإنه يصلي معهم، ولو كان الوقت نهيًا، لحديث يزيد بن الأسود في قصة الرجلين؛ وفيه: عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فما تأمرني قال: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة» (3)، وغير ذلك مما دلت عليه السنة.
(1) منحة العلام 1/ 159 وما بعدها مختصرًا.
(2)
رواه مسلم (314).
(3)
أخرجه مسلم (1497).
ومثل حديث صلاة الاستخارة وتحية المسجد فإنه عام في جميع الأوقات، محفوظ لم يدخله التخصيص، لقوله صلى الله عليه وسلم:«فليركع ركعتين من غير الفريضة» لهذا لفظ عام، والقاعدة أن العام الذي لم يدخله التخصيص مقدم على العام الذي دخله التخصيص.
2 -
أن ذوات الأسباب كصلاة الاستخارة وتحية المسجد مثلًا مقرونة بسبب، فلا تدخل في أحاديث النهي، كقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها» (1)، والذي يصلي لسبب لا يقال: إنه تحرى الصلاة، بخلاف التطوع المطلق الذي لا سبب له.
القول الثاني: أنه لا يجوز فعل ذوات الأسباب من النوافل في أوقات النهي مطلقًا، وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، وأحمد في المشهور عنه، واستدلوا:
1 -
بعموم أحاديث النهي عن الصلاة في هذه الأوقات؛ لأن أحاديث النهي أقوى، فإنها قد بلغت حد التواتر، كما جزم بذلك الطحاوي، وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما.
والراجح:
هو القول الأول؛ لقوة دليله، يضاف إلى ذلك أن ذوات الأسباب تفوت بفوات أسبابها ومن ذلك صلاة الاستخارة في وقت النهي، وتكون مخصوصة من عموم النهي.
****
(1) متفق عليه: أخرجه البخاري (585)، ومسلم (1961).