المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الرابعة: صلاة الغائب على الشهداء: - صلاة الغائب

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الموت حق:

- ‌الاستعداد للموت:

- ‌كراهية تمني الموت:

- ‌الصبر عند الموت:

- ‌شهود الجنازة والصلاة عليها وتشييعها:

- ‌صلاة الجنازة وحكمها وفضلها:

- ‌تعريف الصلاة على الغائب:

- ‌المبحث الأولالأحاديث الواردة في صلاة الغائب

- ‌أولاً: الروايات الواردة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي

- ‌ثانياً: الروايات الواردة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على معاوية بن معاوية الليثي أو المزني:

- ‌ثالثاً: الروايات الواردة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما:

- ‌المبحث الثانياختلاف الفقهاء في مشروعية صلاة الغائب

- ‌ أقوالهم

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌القول الرابع:

- ‌القول الخامس:

- ‌الأدلة:

- ‌مناقشة الأدلة:

- ‌إعترض الحنفية والمالكية على أدلة الشافعية والحنابلة

- ‌مناقشة أدلة القولين الرابع والخامس

- ‌القول الراجح:

- ‌المبحث الثالثمسائل تتعلق بصلاة الغائب

- ‌المسألة الأولى: حد المدة التي تصلى فيها صلاة الغائب

- ‌المسألة الثانية: من هو الغائب الذي تصلى عليه صلاة الغائب

- ‌المسألة الثالثة: إسقاط الفرض بصلاة الغائب

- ‌المسألة الرابعة: صلاة الغائب على الشهداء:

- ‌المسألة الخامسة: صلاة الغائب على أكثر من ميت غائب

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المراجع

الفصل: ‌المسألة الرابعة: صلاة الغائب على الشهداء:

‌المسألة الرابعة: صلاة الغائب على الشهداء:

الشهيد هو من مات من المسلمين في قتال الكفار وبسببه (1).

إن صلاة الغائب على الشهيد مبنية على مسألة صلاة الجنازة على الشهيد لذا سأبين أقوال العلماء وأدلتهم في صلاة الجنازة على الشهيد ثم نعرف هل يصلى على الشهيد الغائب صلاة الغائب أم لا؟

اختلف الفقهاء في صلاة الجنازة على الشهيد كما يلي:

أولا: قال الحنفية يصلى على الشهيد صلاة الجنازة وهو رواية عن أحمد وبه قال الثوري والخلال (2).

ثانيا: قال جمهور الفقهاء لا يصلى على الشهيد وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة في أصح الروايتين لديهم ونقل عن عطاء والنخعي وحماد والليث وإبن المنذر وغيرهم (3).

واحتج الحنفية على ما ذهبوا إليه بما يلي:

1 -

عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلى على شهداء أحد صلاته على الميت) رواه البخاري ومسلم (4).

(1) الموسوعة الفقهية 26/ 272.

(2)

تحفة الفقهاء 1/ 260، الاختيار 1/ 97، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب 1/ 360، المغني 3/ 394، الموسوعة الفقهية 26/ 274.

(3)

شرح الخرشي 2/ 140، المجموع 5/ 264، المغني 3/ 394، بداية المجتهد 4/ 361، الموسوعة الفقهية 26/ 275 - 276.

(4)

انظر صحيح البخاري مع الفتح 3/ 454، صحيح مسلم بشرح النووي 15/ 455.

ص: 57

2 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة حين قام الناس من القتال

فقال رجل: رأيته عند تلك الشجرات فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه: فلما رآه ورأى ما مثل به شهق وبكى فقام رجل من الأنصار فرمى عليه بثوب ثم جيء بحمزة فصلى عليه ثم جيء بالشهداء فيوضعون إلى جانب حمزة فصلى عليهم ثم يرجعون ويترك حمزة حتى صلى على الشهداء كلهم

).

رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي فقال فيه متروك (1).

3 -

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان النساء يوم احد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين إلى ان قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم حمزة وجيء برجل من الأنصال فوضع إلى جنبه فصلى عليه فرفع الأنصاري وترك حمزة ثم جيء بآخر فوضع إلى جنب حمزة فصلى عليه ثم رفع وترك حمزة حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة) رواه أحمد ورواه عبد الرزاق في المصنف مرسلا عن الشعبي (2).

(1) نصب الراية 2/ 309.

(2)

المصدر السابق 2/ 309.

ص: 58

وأما الجمهور فإحتجوا على مذهبهم بما يلي:

1 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في الثوب الواحد ثم يقول أيهم أكثر أخذاً للقران؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة. وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم) رواه البخاري (1).

2 -

وعن أنس رضي الله عنه أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم) رواه أحمد وأبو داوود والترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وقال النووي إسناده حسن أو صحيح وقال الألباني صحيح (2) وغير ذلك من الأدلة.

وقد رجح بعض العلماء أن الصلاة على الشهداء مستحبة لا واجبة وأن الصلاة عليهم على التخيير بين فعلها وتركها وهذا قول ابن حزم وإبن القيم وهو رواية عن الامام أحمد وبه قال الشيخ الألباني (3).

قال ابن القيم (والصواب في المسألة أنه مخير بين الصلاة عليهم وتركها لمجيء الآثار بكل واحد من الأمرين وهذه إحدى الروايات عن أحمد وهي الأليق بأصول مذهبه)(4).

(1) صحيح البخاري مع الفتح 3/ 453.

(2)

انظر الفتح الرباني 7/ 205، عون المعبود 8/ 283، صحيح سنن الترمذي 1/ 297 - 298، المجموع 4/ 265.

(3)

المحلى 3/ 336، أحكام الجنائز ص83.

(4)

تهذيب السنن مع عون المعبود 8/ 284.

ص: 59

هذا إيجاز لأقوال العلماء وأدلتهم في الصلاة على الشهداء ولا شك ان صلاة الغائب على الشهداء مبنية على مسألة الصلاة على الشهداء الحاضرين كما قلت وقد تبين لنا أن الحنفية يرون الصلاة على الشهداء الحاضرين والجمهور على خلافهم.

وبناء على ما تقدم أقول إن الذي يظهر لي في هذه المسألة أن إقامة صلاة الغائب على الشهداء لم يقل به أحد من الفقهاء فيما أعلم. وذلك لأن الحنفية الذين يقولون بإقامة صلاة الجنازة على الشهداء لايقولون بمشروعية صلاة الغائب أصلا.

والجمهور الذين يقولون بمشروعية صلاة الغائب لا يرون الصلاة على الشهداء لذلك كله لا ارى أن صلاة الغائب على الشهداء مشروعة. ومما يؤكد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ترك الصلاة على الشهداء حال إستشهادهم كما في غزوة بدر وأحد وبقية المشاهد حيث إنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى عليهم فمن باب أولى ترك صلاة الغائب على الشهداء.

قال الشيخ الألباني (لقد إستشهد كثير من الصحابة في غزوة بدر وغيرها ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليهم ولو فعل لنقلوه عنه (1).

(1) أحكام الجنائز ص 83.

ص: 60