الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القَوْل فِي ذكر من تحققنا حَاله من أهل بلد حراز وملحان وبرع وَمَا والى ذَلِك
فَمنهمْ الشَّيْخ الصَّالح ولي الله تَعَالَى محيي الدّين أَبُو حَفْص عمر بن مُحَمَّد العرابي الشاوري
اشْتهر هَذَا الشَّيْخ بِمذهب التصوف وبالعبادة وَمن شُيُوخه شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد الحرضي بحرض
ثمَّ سَافر مِنْهَا إِلَى مَكَّة المشرفة وَإِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة وَصَحب الشُّيُوخ هُنَالك وتأدب بآدابهم وتحكم على أَيْديهم ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْيمن فَأَقَامَ ببلدة حراز فَكَانَ محفوفا محشودا ثمَّ طَاف أَكثر مدن الْيمن وقراها وَاجْتمعَ إِلَيْهِ بِكُل بلد المتصوفون بذلك الْوَقْت وفقهاؤها فنصب جمَاعَة كَثِيرَة أَمرهم باعتماد ذكر قد أَلفه ليتلونه من الصُّبْح إِلَى طُلُوع الشَّمْس وَمن الْمغرب إِلَى الْعشَاء بعد كل صَلَاة من هذَيْن الْوَقْتَيْنِ فَقَالَ بعض تلامذة هَذَا الشَّيْخ إِنَّه قد منح من الْعَطاء الإلهي علما ونورا وارتقى بِالْعلمِ اللدني منزلَة كبرى فَصَارَ أَعلَى شُيُوخ وقته قدرا وأشهرهم ذكرا
وَمِمَّا قَالَه تِلْمِيذه القَاضِي وجيه الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد النحواني من قصيدة طَوِيلَة تغزل بهَا ثمَّ خرج إِلَى مدحه فَقَالَ فِي أَولهَا
(تراءت وَهِي سافرة النقاب
…
كَمثل الْبَدْر لَيْسَ بِذِي سَحَاب)
وَقَالَ فِي الْمَدْح
(لَعَلَّ الشَّيْخ محيي الدّين فضلا
…
يداوي علتي عمر العرابي)
(إِمَام فِي الْفَضَائِل جَاءَ سَيْفا
…
بهمته وَلَا سيف العرابي)
وَقد ذكرت فِي الأَصْل معظمها فَمن أحب ذَلِك فلينظرها مِنْهُ رضي الله عنه وأرضاه آمين
وَمِنْهُم المقرىء الإِمَام جمال الدّين مُحَمَّد بن يحيى بن مُحَمَّد الْهَمدَانِي الأسخني الْمَشْهُور بالشارقي نفع الله بِهِ كَانَ رجلا عَالما عابدا زاهدا صَالحا أَخذ الْقرَاءَات عَن أبي نَافِع عَن ابْن أبي بكر الْحَضْرَمِيّ العمدي عَن ابْن شَدَّاد وَأخذ النَّحْو عَن جمَاعَة من الشُّيُوخ مِنْهُم الْفُقَهَاء أهل الْحَرْف وَكَذَا سَائِر الْعُلُوم
وَقَرَأَ أَيْضا على جمَاعَة من الْأَئِمَّة من أهل مَدِينَة تعز وَذي جبلة وإب وَغَيرهم
ثمَّ دخل مَدِينَة زبيد فَكَانَ أَكثر انتفاعه بهَا ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده الشارقة فَأَقَامَ بهَا ثمَّ انْتقل مِنْهَا إِلَى قَرْيَة أسخن من صعفان بلد مَعْرُوف بِتِلْكَ النواحي فاستوطنها وتصدر للتدريس فقصده النَّاس من الْآفَاق الْبَعِيدَة والقريبة فَانْتَفع بِهِ كل من تخرج على يَده
وصل إِلَيْهِ من دمشق الشَّام المقرىء أَحْمد الأريحي والمقرىء عَليّ النخلي فَقَرَأَ عَلَيْهِ وَأَجَازَ لَهما وَقَرَأَ عَلَيْهِ من أهل
الْيمن جمع كثير مِنْهُم المقرىء أَحْمد الشويظي والمقرىء عَليّ الأبيني والمقرىء عبد الرَّحْمَن الملحاني والمقرىء سعيد السورقي وَكَانَ رَفِيق المقرىء شمس الدّين الشرعبي بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ
وَكَانَت النَّاس تحبه وَمِمَّنْ وضع لَهُ الْقبُول فِي الأَرْض وَكَانَت فِيهِ الْبركَة يقْصد لكل مُهِمّ
أَخْبرنِي المقرىء شمس الدّين عَليّ الشرعبي بكرامات لَهُ وَأَن لَهُ معرفَة جَيِّدَة فِي علم الْأَسْمَاء والرمل وَأَنه حدث لَهُ ولدان أَحدهمَا اسْمه إِبْرَاهِيم اسْتَفَادَ من وَالِده بعض الْعُلُوم
وَالثَّانِي اسْمه أَحْمد غلب عَلَيْهِ معرفَة الْأَسْمَاء والرمل وشارك فِي الْقرَاءَات السَّبع وَغَيرهَا وَكَانَ مُجْتَهدا فِي الْعِبَادَة
توفّي هَذَا المقرىء بقرية أسخن سنة عشْرين وثمانمئة سنة رحمه الله ونفع بِهِ وبعلومه آمين
وَمِنْهُم الْفَقِيه الصَّالح عماد الدّين يحيى بن أَحْمد بن مُحَمَّد عَليّ بن حَاتِم الحتيفي كَانَ فَقِيها صَالحا قَرَأَ بالفقه بِمَدِينَة ذِي جبلة وإب على فقهائها ثمَّ بِمَدِينَة تعز على الْفَقِيه عفيف الدّين عبد الْوَلِيّ بن مُحَمَّد الوحصي ثمَّ جذبه الشوق إِلَى مَكَّة المشرفة فسافر من غير وداع لأحد وَترك كتبه فِي خلوته فِي الْمدرسَة المؤيدية
فظنوا أَنه اخْتَطَف فشاع ذَلِك وصاروا يسْأَلُون عَنهُ حَتَّى علم عَلَيْهِ أَنه بِمَكَّة يقْرَأ هُنَاكَ ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده حراز وَأرْسل للكتب الَّتِي كَانَت فِي المؤيدية فَأَقَامَ بِبَلَدِهِ يدرس ويفتي ويعبد الله تَعَالَى فَاعْتقد أهل بَلَده صَلَاحه وفضله فانقادوا لأَمره واحترموه وعظموه إِلَى أَن توفّي بِبَلَدِهِ حراز بعد سنة خمسين وثمانمئة سنة رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ وبعلومه آمين
وَمن أهل برع الْفَقِيه الْعَالم الْفَاضِل عفيف الدّين عبد الرَّحِيم بن عَليّ
الْمُهَاجِرِي نفع الله بِهِ بَلَده النيابتين كَانَ يسكنهَا إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى
قَرَأَ الْفِقْه والنحو على جمَاعَة من أَئِمَّة وقته فَلَمَّا تأهل للتدريس وَالْفَتْوَى أَتَتْهُ الطّلبَة من أَمَاكِن شَتَّى فدرس وَأفْتى واشتهر بِالْعلمِ وَالْعَمَل ترْجم لَهُ بَعضهم فَقَالَ هُوَ أحد الْعلمَاء الْأَحْبَار وَبَقِيَّة الْفُضَلَاء الأخيار سبق الْعلمَاء المجيدين وَالشعرَاء المجودين وَله ممادح فِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم مِنْهَا القصيدة الْمَشْهُورَة الَّتِي أَولهَا
(بالأبرق الْفَرد أطلال دريسات
…
لال هِنْد عقبهن الغمامات)
وَهِي طَوِيلَة وَله غير ذَلِك توفّي رحمه الله سنة ثَلَاث وثمانمئة سنة
وَمن أهل ملْحَان الْفَقِيه بدر الدّين حسن بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الملحاني نفع الله بِهِ قَرَأَ على جمَاعَة مِنْهُم القَاضِي شرف الدّين إِسْمَاعِيل المقرىء بالفقه وعَلى الإِمَام نَفِيس الدّين الْعلوِي وَالشَّيْخ أَحْمد الرداد وَكَانَ فَقِيها مدرسا لَهُ الْعِبَادَة كَانَ راتبه أَن يخْتم كل لَيْلَة ختمة وَكَانَ لَهُ شعر مِنْهُ مَا قَالَه وَكتبه إِلَى وَلَده أَحْمد
(أَلا لَيْت شعري يَا أَحْمد
…
إِذا فاتك الْعلم هَل تسعد)
(وَهل يفصل الحكم فِي محفل
…
إِذا أَنْت فِي الدست مسترشد)
(فَإِنِّي جهدت ليَالِي الشَّبَاب
…
وَمن عشق الْعلم قد يجْهد)
(نهاري فِي الْعلم مُسْتَعْمل
…
وَفِي اللَّيْل جفني لَا يرقد)
(وَفِي الْعلم عز لأهل التقى
…
وجاه يُقَاس بِهِ العسجد)
أَخْبرنِي وَلَده أَنه توفّي بعد سنة عشْرين ثمانمئة سنة رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ
وَمن أعالي حراز الْفَقِيه الْعَلامَة عفيف الدّين عبد الْوَاحِد بن إِبْرَاهِيم الجريبي بِالْجِيم وَالرَّاء قَرَأَ فِي الْفِقْه على الإِمَام رَضِي الدّين أبي بكر بن عمر الأصبحي الْمَشْهُور بالشنيني وعَلى غَيره من عُلَمَاء وقته فأجازوا لَهُ ثمَّ قطن بِبَلَدِهِ فدرس وَأفْتى وانتهت إِلَيْهِ الرياسة هُنَالك وانتفع على يَده جمَاعَة من الْفُقَهَاء وَقصد للمهمات وَظَهَرت عَلَيْهِ الكرامات
وَله شعر حسن مِنْهُ مَا كتبه إِلَى بعض أخصائه من قصيدة أَولهَا
(سَلام من النُّور الْبَهِي إِذا انجلى
…
وَمن رِيقه اليعسوب من شهده أحلا)
(وآنق من نور تشقق نوره
…
وألطف من هَب النسيم على الثملا)
(يَدُوم مدى الْأَيَّام مَا هبت الصِّبَا
…
وَمَا طلعت شمس وَمَا عَابِد صلى)
(من الله تغشى سادتي وصحابتي
…
وَمن كَانَ لي صهرا وَمن كَانَ لي خلا)
وَتَمام القصيدة مثبتة فِي الأَصْل توفّي سنة عشر وثمانمئة سنة وَخَلفه بمنصبه وَلَده الْفَقِيه برهَان الدّين إِبْرَاهِيم قَرَأَ فِي الْعُلُوم على وَالِده الْمُقدم الذّكر وعَلى غَيره فَانْتَفع
ودرس وَأفْتى واشتهر بِالْكَرمِ وَلِهَذَا الْفَقِيه برهَان الدّين ولد يُسمى داءود قَرَأَ فِي الْعُلُوم على فُقَهَاء بَلَده وحذا حَذْو أهاليه وَهُوَ وَولده فِي قيد الْحَيَاة عِنْد جمع هَذَا الْمُخْتَصر
وَمن أهل حراز الْفَقِيه شرف الدّين مَحْفُوظ بن إِبْرَاهِيم كَانَ فَقِيها عَالما عَاملا يدرس ويفتي ويجتهد بِالْعبَادَة
وَمِنْهُم صَاحبه بدر الدّين حسن الجبرتي ظَهرت لَهُ كرامات وَعبادَة خَالِصَة حَتَّى كَانَ هُوَ وَصَاحبه الْفَقِيه شرف الدّين الْمُقدم الذّكر يعبدان الله تَعَالَى بمَكَان الْأسد وهما فِي قيد الْحَيَاة عِنْد جمع هَذَا الْمَجْمُوع كَمَا أخْبرت بذلك جَمِيعه من الثِّقَة
وَفِي حراز أَيْضا من بني اليحيوي عماد الدّين بن مُحَمَّد بن يحيى وشمس الدّين عَليّ بن عبد الله اليحيوي وَولده إِبْرَاهِيم وَغَيرهم من أَهَالِيهمْ اشتهرت عَنْهُم كرامات وفضائل تدل على خَيرهمْ