الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: حقية خلافته رضي الله عنه
لا يشك مؤمن في حقية خلافة عثمان رضي الله عنه وصحتها وأنه لا مطعن فيها لأحد إلا ممن أصيب في قلبه بزيغ فنقم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب ما حل في قلبه من الغيظ منهم وهذا لم يحصل إلا من الشيعة الرافضة الذين جعلوا رأس مالهم في هذه الحياة الدنيا هو سب الصحابة رضي الله عنهم وبغضهم ولا قيمة لما يوجهونه من المطاعن على خلافة الثلاثة رضي الله عنهم لظهور بطلانه وأنها افتراءات لا تصح، وقد جاء في جملة من النصوص القطعية الصحيحة والآثار الشهيرة التنبيه والإيماء إلى حقية خلافة عثمان رضي الله عنه ومن ذلك:-
1-
قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ} 1 الآية وجه الاستدلال بهذه الآية على حقية خلافة عثمان رضي الله عنه أنه من الذين استخلفهم الله في الأرض ومكن لهم فيها وسار في الناس أيام خلافته سيرة حسنة حيث حكم فيهم بالعدل وأقام الصلاة وآتى الزكاة وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهذه الآية تضمنت الإشارة إلى حقية خلافته رضي الله عنه.
2-
قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} 2.
1ـ سورة النور آية/55.
2ـ سورة الفتح آية/16.
ووجه الاستدلال بهذه الآية على حقية خلافة عثمان رضي الله عنه هو أن الداعي لهؤلاء الأعراب داع يدعوهم بعد نبيه صلى الله عليه وسلم وهو أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فأبو بكر دعاهم إلى قتال مرتدي العرب بني حنيفة وأصحاب الأسود، وسجاح وطليحة والروم والفرس وغيرهم ودعاهم عمر إلى قتال الروم والفرس وعثمان دعاهم إلى قتال الروم والفرس والترك فوجبت طاعة هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم بنص القرآن، وإذا وجبت طاعتهم صحت خلافتهم1 رضي الله عنهم وأرضاهم.
3-
روى الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: " إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطاً وأمرني بحفظ باب الحائط، فجاء رجل يستأذن فقال: ائذن له وبشره بالجنة فإذا أبو بكر، ثم جاء آخر يستأذن فقال: ائذن له وبشره بالجنة فإذا عمر ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال: ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فإذا هو عثمان بن عفان" 2 هذا الحديث فيه إشارة إلى ترتيب الثلاثة في الخلافة وإخبار عن بلوى تصيب عثمان وهذه البلوى حصلت له رضي الله عنه وهي حصاره يوم الدار حتى قتل آنذاك مظلوماً فالحديث علم من أعلام النبوة وفيه الإشارة إلى كونه شيهداً رضي الله عنه وأرضاه.
4-
وروى أبو داود بإسناده إلى أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: "من رأى منكم رؤيا؟ " فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزاناً أنزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ووزن عمر وأبو بكر فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان فرجح عمر، ثم رفع الميزان فرأينا الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم"3.
تضمن هذا الحديث الإشارة إلى ترتيب الخلفاء الثلاثة في الفضل كما تضمن
1ـ انظر الفصل في الملل والأهواء والنحل 4/109-110.
2ـ صحيح البخاري 2/296، صحيح مسلم 4/1867.
3ـ سنن أبي داود 2/512.
الإشارة إلى أن ترتيبهم في الخلافة يكون على حسب ترتيبهم في الفضل وإلى حقية خلافتهم جميعاً رضي الله عنهم وأرضاهم.
5-
وروى أبو داود رحمه الله بإسناده إلى جابر بن عبد الله أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر" قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما تنوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم"1.
هذا الحديث علم من أعلام النبوة الدالة على صدق المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث حصل في شأن ترتيب الخلافة الراشدة طبقاً لهذه الرؤيا كما اشتمل على التنبيه على حقية خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم "وفيه إشارة واضحة إلى ترتيب الخلافة الراشدة بعده صلى الله عليه وسلم وقد فهم هذا راوي الحديث وكان كما قال"2.
6-
وروى الشيخان في صحيحيهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما كان يحدث أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الليلة في المنام ظلة تنطف السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون منها: فالمستكثر والمستقل وإذا سبب واصل من الأرض إلى السماء فأراك أخذت به فعلوت، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به ثم أخذ به رجل آخر فانقطع ثم وصل، فقال أبو بكر: يا رسول الله بأبي أنت والله لتدعني فأعبرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: اعبرها قال: أما الظلة فالإسلام، وأما الذي ينطف من العسل السمن فالقرآن حلاوته تنطف فالمستكثر من القرآن والمستقل، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله، ثم يأخذ به رجل فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو
1ـ سنن أبي داود 2/513.
2ـ الدين الخالص 3/445.
به، ثم يأخذ به رجل فينقطع به، ثم يوصل له فيعلو به، فأخبرني يا رسول الله ـ بأبي أنت ـ أصبت أم أخطأت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً" قال: فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت قال: "لا تقسم"1.
تضمن هذا الحديث الإشارة إلى حقية خلافة عثمان رضي الله عنه، فقوله في الحديث:"ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع ثم يوصل له فيعلوا به" هو عثمان رضي الله عنه لكن قوله: "ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع ثم يوصل له فيعلو به" فيه إشكال من حيث كونه يوصل له بعد انقطاعه مع العلم ان خلافة عثمان رضي الله عنه لم يحصل فيها انقطاع ولم تنقطع إلا بموته رضي الله عنه وأرضاه. وقد ذكر العلامة ابن القيم وجه الإشكال في شرحه الحديث على سنن أبي داود مع بيان إزالته حيث قال رحمه الله تعالى: "وهذا يشكل عليه شيئآن:
أحدهما: أن في نفس الرؤيا "ثم وصل له، فعلا به" فتفسير الصديق لذلك مطابق لنفس الرؤيا.
والثاني: أن قتل عثمان رضي الله عنه لا يمنع أن يوصل له، بدليل أن عمر قد قتل ومع هذا فأخذ به وعلا به، ولم يكن قتله مانعاً من علوه به.
أما الأول: فلفظه: "ثم وصل له" لم يذكر هذا البخاري، ولفظ حديثه " ثم أخذ به رجل آخر فانقطع به، ثم وصل" فقط وهذا لا يقتضي أن يوصل له بعد انقطاعه به وقال الصديق في تفسيره في نفس حديث البخاري: "فينقطع به ثم يوصل له" فهذا موضع الغلط، وهذا مما يبين فضل صدق معرفة البخاري، وغور علمه في إعراضه عن لفظة "له" وإنما انفرد بها مسلم، وأما الثاني: فيجاب عنه: بأن عمر رضي الله عنه لم ينقطع به السبب من حيث علا به، وإنما انقطع به بالأجل المحتوم، كما ينقطع الأجل بالسم وغيره، وأما عثمان فانقطع
1ـ صحيح البخاري 2/294، صحيح مسلم 4/1860-1862، سنن أبي داود 2/511-512.
به من حيث وصل له من الجهة التي علا بها وهي الخلافة، فإنه إنما أريد منه أن يخلع نفسه، وإنما قتلوه لعدم إجابتهم إلى خلع نفسه، فخلعوه هم بالقتل ظلماً وعدواناً، فانقطع به من الجهة التي أخذ به منها ثم وصل لغيره رضي الله عنه وهذا سر سكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن تعيين موضع خطأ الصديق فإن قيل: لم تكلفتم أنتم بيانه، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم الصديق من تعرفه، والسؤال عنه؟ قيل: منعه من هذا: ما ذكرناه من تعلق ذلك بأمر الخلافة، وما يحصل للرابع من المحنة، وانقطاع السبب به فأما وقد حدث ذلك ووقع فالكلام فيه كالكلام إلى غيره من الوقائع التي يحذر الكلام فيها قبل وقوعها سداً للذريعة، ودرءا للمفسدة فإذا وقعت زال المعنى الذي سكت عنها لأجله"أ. هـ1 فالحديث فيه إشارة إلى حقية خلافة عثمان رضي الله عنه وأرضاه.
7-
وروى أبو عبد الله الحاكم بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنها ستكون فتنة واختلاف أو اختلاف وفتنة قال قلنا يا رسول الله: فما تأمرنا قال: عليكم بالأمير وأصحابه وأشار إلى عثمان"2.
وهذا الحديث أيضاً: فيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم الدالة على صدق نبوته حيث أخبر بالفتنة التي حصلت أيام خلافة عثمان وكانت كما أخبر تضمن الحديث التنبيه على حقية خلافة عثمان إذ أنه صلى الله عليه وسلم أرشد الناس إلى أن يلزموه وأخبر بأنه حين وقوع الفتنة والاختلاف أمير المؤمنين ومقدمهم وأمرهم بالالتفاف حوله وملازمته لكونه على الحق، والخارجون عليه على الباطل أهل زيغ وهوى، وقد شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه سيكون مستمراً على الهدى لا ينفك عنه.
8-
فقد روى الترمذي بإسناده إلى أبي الأشعث الصنعاني أن خطباء قامت
1ـ شرح ابن القيم على سنن أبي داود على حاشية عون المعبود 13/383-386.
2ـ المستدرك 3/99 ثم قال عقبه: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
بالشام وفيهم رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقام آخرهم رجل يقال له: مرة بن كعب فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت وذكر الفتن فقربها فمر رجل مقنع في ثوب فقال: هذا يومئذ على الهدى فقمت إليه إذا هو عثمان بن عفان فأقبلت عليه بوجهه فقلت هذا؟ قال نعم"1.
9-
وروى الإمام أحمد بإسناده إلى جبير بن نفير قال: كنا معسكرين مع معاوية بعد قتل عثمان رضي الله تعالى عنه فقام كعب بن مرة البهزي فقال: لولا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت هذا المقام فلما سمع بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلس الناس فقال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر عثمان عليه مرجلاً قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتخرجن فتنة من تحت قدمي أو من بين رجلي هذا، هذا يومئذ ومن اتبعه على الهدى" قال: فقام ابن حوالة الأزدي من عند المنبر فقال: إنك لصاحب هذا قال: نعم قال: والله إني لحاضر ذلك المجلس ولو علمت أن لي في الجيش مصدقاً كنت أول من تكلم به"2.
10-
وروى أيضاً: بإسناده إلى كعب بن عجرة قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر فتنة فقربها فمر رجل متقنع فقال هذا يؤمئذ على الهدى قال فاتبعته حتى أخذت بضبعيه فحولت وجهه إليه وكشفت عن رأسه وقلت: هذا يا رسول الله قال: نعم فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه"3.
فهذه الثلاثة الأحاديث كلها تضمنت الإشارة إلى حقية خلافة عثمان رضي الله عنه وأنه سيبتلى بالفتنة المذكورة في الحديث والتي كان من آثارها قتله رضي الله عنه ظلماً وعدواناً بغير حق لما علم الله تعالى له أن سيكون في عداد الشهداء كما وضحت هذه الأحاديث أنه هو ومن اتبعه على الهدى عند وقوع تلك الفتن
1ـ سنن الترمذي 5/291-292، المسند 4/235، وابن ماجه 1/41.
2ـ المسند 4/236.
3ـ المصدر السابق 4/243.
الفتن من قبيل قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} 1 فعثمان رضي الله عنه كان على الحق، والفتنة التي وقعت في زمنه أهلها على الباطل ففي ذلك فضيلة عظيمة لعثمان رضي الله عنه.
ولقد أعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن عثمان رضي الله عنه سيكون أحد الخلفاء الراشدين من بعده، الذين يتولون أمر الأمة، فقد أوصاه في غير ما حديث أنه إن خرج عليه الخارجون وأرادوا منه أن يخلع نفسه فلا يستجيب لهم ولا كرامة وأنه يتمسك بحقه فيه ولا يطع أحداً في تركه.
11-
فقد روى أبو عيسى الترمذي بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا عثمان إنه لعل الله يقمصك قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه لهم"2.
ففي هذا الحديث "الإشارة إلى الخلافة واستعارة القميص لها وذكر الخلع ترشيح أي: سيجعلك الله خليفة، فإن قصد الناس عزلك، فلا تعزل نفسك عنها لأجلهم لكونك على الحق، وكونهم على الباطل"3.
12-
وروى الترمذي بإسناده إلى أبي سهلة قال: "قال لي عثمان يوم الدار: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إلي عهداً فأنا صابر عليه"4.
فقوله: "قد عهد إلي عهداً" أي: أوصاني أن لا أخلع بقوله: "وإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه لهم" فأنا صابر عليه "أي: على ذلك العهد"5.
1ـ سورة البقرة آية/5.
2ـ سنن الترمذي 5/292 وقال عقبه: "هذا حديث حسن غريب".
3ـ الدين الخالص 3/446.
4ـ سنن الترمذي 5/295، وقال عقبه:"هذا حديث حسن صحيح".
5ـ تحفة الأحوذي 10/209.
13-
وروى أبو عبد الله الحاكم بإسناده إلى أبي سهلة مولى عثمان عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ادعوا لي أو ليت عندي رجلاً من أصحابي" قالت قلت: أبو بكر قال: "لا" قلت: عمر قال: "لا" قلت ابن عمك علي قال: " لا" قلت فعثمان قال: "نعم" قالت: فجاء عثمان فقال: "قومي" قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلى عثمان ولون عثمان يتغير قال: فلما كان يوم الدار قلنا: ألا تقاتل قال: لا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي أمراً فأنا صابر نفسي عليه"1.
فهذا الحديث والذي قبله فيهما دلالة على صحة خلافته، فمن أنكر خلافته لم يره من أهل الجنة والشهداء وأساء الأدب فيه باللسان، أو الجنان فهو خارج عن دائرة الإيمان وحيز الإسلام"2.
ولقد عمل رضي الله عنه وأرضاه بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم طبقاً لما أوصاه به ولذلك ما عزل نفسه حين حاصروه يوم الدار.
14-
وروى ابن سعد بإسناده إلى عبد الله بن عمر قال: قال لي عثمان وهو محصور في الدار: ما ترى فيما أشار به علي المغيرة بن الأخنس؟ قال قلت: ما أشار به عليك؟ قال: إن هؤلاء القوم يريدون خلعي فإن خلعت تركوني وإن لم أخلع قتلوني؟ قال قلت: أرأيت إن خلعت تترك مخلداً في الدنيا؟ قال: لا، قال: فهل يملكون الجنة والنار؟ قال: لا قال: قلت: أرأيت إن لم تخلع هل يزيدون على قتلك؟ قال: لا قلت: فلا أرى أن تسن هذه السنة في الإسلام كلما سخط قوم على أميرهم خلعوه، لا تخلع قميصاً قمصكه الله"3.
15-
ومما دل على صحة خلافته وإمامته ما رواه البخاري بإسناده عن
1ـ المستدرك 3/99 وقال عقبه: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، سنن ابن ماجه 1/42.
2ـ الدين الخالص 3/446.
3ـ الطبقات الكبرى لابن سعد 3/96.
ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم"1.
وفي هذا إشارة إلى أن الله ـ تعالى ـ ألهمهم وألقى في روعهم ما كان صانعه بعد نبيه صلى الله عليه وسلم من أمر ترتيب الخلافة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فهذا إخبار عما كان عليه الصحابة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من تفضيل أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان وقد روي أن ذلك كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره، وحينئذ فيكون هذا التفضيل ثابتاً بالنص وإلا فيكون ثابتاً بما ظهر بين المهاجرين والأنصار على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من غير نكير، وبما ظهر لما توفي عمر فإنهم كلهم بايعوا عثمان بن عفان من غير رغبة ولا رهبة ولم ينكر هذه الولاية منكر منهم"2.
وكل ما تقدم ذكره من النصوص في هذا المبحث أدلة قوية كلها فيها الإشارة والتنبيه إلى حقية خلافة عثمان رضي الله عنه وأرضاه وأنه لا مرية في ذلك ولا نزاع عند المتمسكين بالكتاب والسنة والذين هم أسعد الناس بالعمل بهما وهم أهل السنة والجماعة فيجب على كل مسلم أن يعتقد حقية خلافة عثمان رضي الله عنه وأن يسلم تسلمياً كاملاً للنصوص المشيرة إلى ذلك.
1ـ صحيح البخاري 2/297.
2ـ منهاج السنة 3/165.