المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌البحث الثالث: الشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم - عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي - جـ ٢

[ناصر بن علي عائض حسن الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌الباب الثاني: أهل السنة والجماعة يثبتون إمامة الخلفاء الراشدين على حسب ترتيبهم في الفضل

- ‌الفصل الأول: خلافة الصديق رضي الله عنه

- ‌المبحث الأول: الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنه

- ‌المبحث الثاني: كيفية مبايعته رضي الله عنه بالخلافة

- ‌المبحث الثالث: ذكر النصوص التي فيها الإشارة إلى خلافته من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية

- ‌المبحث الرابع: بيان الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌المبحث الخامس: ذكر بعض شبه الشيعة الإمامية في أن الخليفة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبيان بطلانها

- ‌الفصل الثاني: خلافة الفاروق رضي الله عنه

- ‌المبحث الأول: استخلاف الفاروق بعهد من أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌المبحث الثاني: حقية خلافته رضي الله عنه

- ‌المبحث الثالث: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌الفصل الثالث: خلافة ذي النورين عثمان رضي الله عنه

- ‌المبحث الأول: كيفية تولية الخلافة

- ‌المبحث الثاني: حقية خلافته رضي الله عنه

- ‌المبحث الثالث: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌الفصل الرابع: خلافة علي رضي الله عنه

- ‌المبحث الأول: كيف تمت له البيعة بالخلافة

- ‌المبحث الثاني: حقية خلافته رضي الله عنه

- ‌المبحث الثالث: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌المبحث الرابع: ذكر الحرب التي دارت بينه وبين بعض الصحابة وموقف أهل السنة منها

- ‌المبحث الخامس: خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌الباب الثالث: سلامة قلوب وألسنة أهل السنة والجماعة للصحابة الكرام رضي الله عنهم

- ‌الفصل الأول: وجوب محبتهم والدعاء والاستغفار لهم والشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم

- ‌المبحث الأول: وجوب محبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني: الدعاء والاستغفار لهم

- ‌البحث الثالث: الشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم

- ‌الفصل الثاني: إثبات عدالتهم رضي الله عنهم

- ‌المبحث الأول: معنى العدالة في اللغة والاصطلاح

- ‌المبحث الثاني: تعديل الله ورسوله للصحابة

- ‌المبحث الثالث: الإجماع على عدالتهم رضي الله عنهم

- ‌الفصل الثالث: تحريم سبهم رضي الله عنهم

- ‌المبحث الأول: تحريم سبهم بنص الكتاب العزيز

- ‌المبحث الثاني: دلالة السنة على تحريم سب الصحابة

- ‌المبحث الثالث: من كلام السلف في تحريم سب الصحابة

- ‌المبحث الرابع: حكم ساب الصحابة وعقوبته

الفصل: ‌البحث الثالث: الشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم

‌البحث الثالث: الشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم

المبحث الثالث: الشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم

من عقائد أهل السنة والجماعة أنهم يشهدون لمن شهد له المصطفى صلى الله عليه وسلم بالجنة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم فهناك أشخاص أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم من أهل الجنة، وهناك آخرون أخبر ببعض النعيم المعد لهم في الجنة، وكل ذلك شهادة منه صلى الله عليه وسلم لهم بالجنة، وسواء ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم الشخص من أهل الجنة أو أخبر أن له كذا أو مكانته في الجنة كذا أو أخبر أنه رآه في الجنة الكل يشهد له أهل السنة والجماعة بالجنة تصديقاً منهم لخبر الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم فلقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن عشرة من المهاجرين بأنهم في الجنة وسماهم بأعيانهم وبشرهم بها وأولئك العشرة هم:

1-

أبو بكر: عبد الله بن عثمان الصديق الأكبر.

2-

أبو حفص: عمر بن الخطاب.

3-

أبو عبد الله: عثمان بن عفان.

4-

أبو الحسن: علي بن أبي طالب.

5-

أبو محمد: طلحة بن عبيد الله.

6-

أبو عبد الله: الزبير بن العوام.

7-

أبو إسحاق: سعد بن أبي وقاص.

8-

أبو محمد: عبد الرحمن بن عوف.

9-

أبو عبيدة: عامر بن عبد الله بن الجراح.

10-

أبو الأعور: سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.

ص: 775

وهؤلاء العشرة رضي الله عنهم انتظم تبشيرهم بالجنة حديث واحد.

روى الإمام الترمذي وغيره عن سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عشرة في الجنة: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي وعثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن وأبو عبيدة، وسعد بن أبي وقاص" قال: فعد هؤلاء التسعة، وسكت عن العاشر، فقال القوم ننشدك الله يا أبا الأعور من العاشر؟، قال:"نشدتموني بالله أبو الأعور في الجنة"1.

هؤلاء هم العشرة المبشرون بالجنة رضي الله عنهم وكلهم من المهاجرين وتبشير العشرة هؤلاء بالجنة لا ينافي تبشير غيرهم، فقد جاء تبشير غيرهم في غير ما خبر، ولأن العدد في الحديث لا ينفي الزائد وممن بشر بالجنة سوى هؤلاء العشرة كثير منهم:-

11-

"بلال بن رباح":

بلال بن رباح الحبشي المؤذن واسم أمه حمامة اشتراه أبو بكر الصديق من المشركين لما كانوا يعذبونه على التوحيد، فأعتقه، فلزم النبي صلى الله عليه وسلم، وأذن له، شهد بدراً وأحداً وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخى بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، خرج رضي الله عنه مجاهداً بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن مات بالشام زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه2.

وقد بشر رضي الله عنه بالجنة في غير ما حديث، فقد روى البخاري رحمه الله من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء 3 امرأة أبي طلحة وسمعت خشفة

1ـ سنن الترمذي 3/311-312، وسنن أبي داود 2/515-516، وابن ماجه 1/48.

2ـ انظر ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد 3/232-239، الاستيعاب على حاشية الإصابة 1/145-150، أسد الغابة 1/206-209، تهذيب الأسماء واللغات 1/136-137، سير أعلام النبلاء 1/347، الإصابة 1/169، تهذيب التهذيب 1/502.

3ـ جاء في النهاية: 2/263: "يقال غمصت العين ورمصت والرمص وهو البياض الذي =

ص: 776

فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال" 1.

وعند مسلم بلفظ: "..ثم سمعت خشخشة أمامي فإذا بلال"2.

وروى الإمام مسلم بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الغداة: "يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة، فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة"، قال بلال: ما عملت عملاً في الإسلام أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهوراً تاماً في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي 3.

12-

"زيد بن حارثة":

هو زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي بن عبد العزى بن زيد بن امريء القيس وزيد هذا هو ولد أسامة بن زيد بن زيد الحب ابن الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يدعى زيد بن محمد حتى نزلت:{ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} 4، استشهد في مؤتة من أرض الشام سنة ثمان من الهجرة رضي الله عنه5.

ومما جاء في بشارته بالجنة ما أخرجه ابن عساكر عن زيد بن الحباب: حدثني حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دخلت الجنة فاستقبلتني جارية شابة، فقلت: لمن أنت؟ قالت: أنا

= تقطعه العين ويجتمع في زوايا الأجفان والرمص الرطب والغمص اليابس".

1ـ صحيح البخاري 2/293.

2ـ صحيح مسلم 4/1908.

3ـ صحيح مسلم 4/1910.

4ـ من الآية رقم 5 من سورة الأحزاب.

5ـ انظر ترجمته في طبقات ابن سعد 3/40-47، الجرح والتعديل 3/559، الاستيعاب على حاشية الإصابة 1/525-530، أسد الغابة 2/224-227، تهذيب الأسماء واللغات 1/202-203، سير أعلام النبلاء 1/220-230، مجمع الزوائد 9/274-275، الإصابة 1/545-546.

ص: 777

لزيد بن حارثة" 1.

فهذا الحديث اشتمل على منقبة ظاهرة لزيد بن حارثة حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحد الذين رأى لهم بعض النعيم المعد لهم في الجنة.

13-

"حاطب بن أبي بلتعة":

هو حاطب بن أبي بلتعة اللخمي من ولد لخم بن عدي، يكنى أبا عبد الله، وقيل يكنى أبا محمد واسم أبي بلتعة عمرو بن راشد بن معاذ اللخمي، حليف قريش، ويقال: إنه من مذجح، وقيل: هو حليف للزبير بن العوام، وهو من أهل اليمن، والأكثر أنه حليف لبني أسد بن عبد العزى، شهد بدراً والحديبية، ومات سنة ثلاثين بالمدينة، وهو ابن خمس وستين سنة وصلى عليه ذو النورين عثمان2.

وقد جاء النص عليه في أنه من أصحاب الجنة، وممن يقطع له بدخولها فيما رواه مسلم بإسناده إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنه: أن عبداً لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطباً، فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كذبت لا يدخلها، فإنه شهد بدراً والحديبية"3.

فهذا الحديث تضمن فضيلة لأهل بدر والحديبية على وجه العموم ولحاطب

1ـ أورده السيوطي في "الجامع الصغير" وعزاه للروياني والضياء في المختارة عن بريدة. انظر: فيض القدير للمناوي 3/521، وذكره الألباني في كتابه "سلسلة الأحاديث الصحيحة" 4/474، وقال: رواه ابن عساكر 6/399/2، من طريقين عن زيد بن الحباب

إلخ السند المذكور، ثم قال: وهذا سند صحيح على شرط مسلم، وأورده أيضاً في: صحيح الجامع 3/141، وقال عقبه: صحيح.

2ـ انظر ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد 3/114-115، الاستيعاب على حاشية الإصابة 1/347-350، سير أعلام النبلاء 2/43-45، البداية والنهاية 7/171، الإصابة 1/299-300.

3ـ صحيح مسلم 4/1942.

ص: 778

على وجه الخصوص، حيث نص عليه باسمه أنه من أهل الجنة وأن النار لا تمسه رضي الله عنه وأرضاه.

14-

"عكاشة بن محصن":

هو عكاشة بن محصن بن حرثان بن مرة بن بكير بن غنم بن دودان بن أسيد بن خزيمة الأسدي حليف بني عبد شمس من السابقين الأولين البدريين أهل الجنة، قتل شهيداً في قتال أهل الردة زمن أبي بكر الصديق قتله طليحة بن خويلد الأسدي الذي ادعى النبوة وقد هداه الله عز وجل فرجع إلى الإسلام1.

شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة.

فقد روى البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: "عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل والنبي معه الرجلان والنبي معه الرهط، والنبي ليس معه أحد ورأيت سواداً كثيراً سد الأفق، فرجوت أن تكون أمتي، فقيل: هذا موسى وقومه، ثم قيل لي: انظر فرأيت سواداً كثيراً سد الأفق، فقيل لي: انظر هكذا وهكذا، فرأيت سواداً كثيراً سد الأفق فقيل: هؤلاء أمتك، ومع هؤلاء سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب" فتفرق الناس، ولم يبين لهم فتذاكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أما نحن فولدنا في الشرك، ولكنا آمنا بالله ورسوله، ولكن هؤلاء هم أبناؤنا، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"هم الذين لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون" فقام عكاشة بن محصن، فقال: أمنهم أنا يا رسول الله؟ قال: "نعم" فقام آخر، فقال: أمنهم أنا؟ فقال: "سبقك بها عكاشة"2.

1ـ انظر ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد 3/92-93، الجرح والتعديل 7/39، حلية الأولياء 2/12-13، الاستيعاب على حاشية الإصابة 3/155-157، تهذيب الأسماء واللغات 1/338، الإصابة 2/487-489.

2ـ صحيح البخاري 4/18-19، وانظر صحيح مسلم 1/199.

ص: 779

وعند الإمام مسلم من حديث عمران بن حصين، قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب" قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: "هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون" فقام عكاشة بن محصن، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، قال:"أنت منهم"1.

فهذان الحديثان فيهما منقبة لعكاشة بن محصن رضي الله عنه وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه من المقطوع لهم بدخول الجنة.

15-

"سعد بن معاذ":

هو أبو عمرو سعد بن معاذ بن النعمان بن امريء القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن النبيت بن مالك بن الأوس الأنصاري الأشهلي سيد الأوس، وأمه كبشة بنت رافع، لها صحبة، أسلم رضي الله عنه بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية علي يدي مصعب بن عمير، ثم كان سبباً في إسلام قومه كلهم، شهد بدراً، وأحداً، والخندق، ورمي يوم الخندق بسهم فعاش بعد ذلك شهراً حتى حكم في بني قريظة حكمه المشهور2 الذي وافق حكم الله من فوق سبع سموات، وبعد ذلك مات بسبب انتقاض جرحه وذلك سنة خمس3.

وقد أخبر صلى الله عليه وسلم ببعض ما أعد الله له في الجنة من النعيم، فقد روى الشيخان

1ـ صحيح مسلم 1/198.

2ـ وهو أن من أنبت منهم قتل ومن لم ينبت خلي سبيله، انظر حديث عطية القرظي في سنن أبي داود 2/453، سنن الترمذي 3/72، وقال:"هذا حديث حسن صحيح".

3ـ انظر ترجمته في انظر ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد 3/420-436، الجرح والتعديل 4/93، الاستيعاب على حاشية الإصابة 2/25-30، أسد الغابة 2/296-299، تهذيب الأسماء واللغات 1/214-215، سير أعلام النبلاء 1/279-297، البداية والنهاية 4/143-146، الإصابة 2/35.

ص: 780

من حديث البراء رضي الله عنه قال: أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم حلة حرير، فجعل أصحابه يمسونها ويعجبون من لينها، فقال:"تعجبون من لين هذه؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين"1.

ورويا أيضاً من حديث أنس رضي الله عنه قال: أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم جبة2 سندس وكان ينهى عن الحرير فعجب الناس منها فقال: "والذي نفس محمد بيده إن مناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا"3.

ففي هذين الحديثين: إشارة إلى عظيم منزلة سعد في الجنة، وأن أدنى ثيابه فيها التي هي المناديل خير من تلك الجبة التي أثارت العجب في نفوس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن المناديل أدنى الثياب فغيره أفضل، وفيها إثبات الجنة لسعد بن معاذ رضي الله عنه4.

16-

"ثابت بن قيس بن شماس":

هو: ثابت بن قيس بن شماس من مالك بن امريء القيس بن مالك بن الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي، وأمه امرأة من طيء، يكنى أبا محمد بابنه محمد، وقيل: أبا عبد الرحمن، كان رضي الله عنه خطيب الأنصار، ويقال له: خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد أحداً وما بعدها من المشاهد، وقتل يوم اليمامة شهيداً في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه5.

1ـ صحيح البخاري 2/95، صحيح مسلم 4/1916، وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 3/158.

2ـ الجبة: هي ما قطع من الثياب مشمراً. هدي الساري، ص/96، وانظر شرح النووي 16/23-24.

3ـ صحيح البخاري 2/95، صحيح مسلم 4/1916، وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 3/158.

4ـ انظر شرح النووي على صحيح مسلم: 16/23.

5ـ انظر ترجمته في الاستيعاب على حاشية الإصابة 1/193-197، تهذيب الأسماء واللغات 1/139-140، سير أعلام النبلاء 1/308-314، تهذيب التهذيب: 2/12-13، الإصابة 1/197.

ص: 781

وقد وردت بشارته بالجنة فيما رواه البخاري بإسناده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالساً في بيته منكساً رأسه، فقال له: ما شأنك؟ فقال: شر. كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، فقد حبط عمله، وهو من أهل النار فأتى الرجل1 النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه قال كذا وكذا، فقال موسى2: فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال: "اذهب إليه، فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكنك من أهل الجنة" 3.

وروى الإمام مسلم بإسناده إلى أنس بن مالك أنه قال: لما نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} 4 إلى آخر الآية، جلس ثابت بن قيس في بيته، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ فقال:"يا أبا عمر، وما شأن ثابت؟ أشتكى5"؟ قال سعد: إنه لجاري وما علمت له بشكو، قال: فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ثابت: أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بل هو من أهل الجنة".

وفي رواية أخرى له عن أنس قال: لما نزلت هذه الآية. واقتص الحديث6 ولم يذكر سعد بن معاذ، وزاد: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة7.

1ـ هذا الرجل هو سعد بن معاذ كما في رواية مسلم التي ستأتي بعد هذا الحديث.

2ـ هو ابن أنس راوي الحديث عن أنس. انظر: فتح الباري 8/592.

3ـ صحيح البخاري: 3/191.

4ـ سورة الحجرات آية/2.

5ـ أشتكى: الهمزة للاستفهام أي: أمرض، فالشكوى هنا المرض وهمزة الوصل ساقطة كما في قوله تعالى:{أصطفى البنات على البنين} .

6ـ أي: وروى الحديث على وجهه.

7ـ الحديثان في صحيح مسلم: 1/110-111.

ص: 782

هذه الأحاديث تضمنت منقبة عظيمة لثابت بن قيس رضي الله عنه وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه من أهل الجنة رضي الله عنه وأرضاه.

17-

"حارثة بن سراقة":

هو حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري، أمه الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك، شهد بدراً، وقتل يومئذ شهيداً، قتله حبان بن العرقة بسهم وهو يشرب من الحوض، وكان خرج نظاراً يوم بدر ورماه فأصاب حنجرته فقتله، وهو أول قتيل قتل ببدر من الأنصار1.

وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة، فقد روى البخاري رحمه الله تعالى بإسناده إلى أنس رضي الله عنه قال:"أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام، فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى تر ما أصنع، فقال: "ويحك ـ أو هبلت ـ أو جنة واحدة هي؟ إنها جنات كثيرة، وإنه في جنة الفردوس" 2.

وروى أيضاً: بإسناده إلى أنس بن مالك أن أم حارثة بن سراقة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة ـ وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب ـ فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، قال:"يا أم حارثة إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى"3.

في هذين الحديثين منقبة ظاهرة لحارثة بن سراقة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر

1ـ انظر ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد 3/510-511، الاستيعاب على حاشية الإصابة 1/284، الإصابة في تمييز الصحابة 1/297، فتح الباري 7/305، أسد الغابة 1/355-356.

2ـ صحيح البخاري 3/7.

3ـ صحيح البخاري 2/139.

ص: 783

أمه بأنه في الجنة وأنه أصاب من الجنان أعلاها، وهي الفردوس.

18-

حارثة بن النعمان:

هو: حارثة بن النعمان بن نقع بن زيد بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري، يكنى أبا عبد الله، شهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من فضلاء الصحابة، توفي رضي الله عنه في خلافة معاوية بن أبي سفيان1.

وحارثة هذا وردت بشارته بالجنة فيما صح من الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نمت فرأيتني في الجنة فسمعت صوت قاريء يقرأ فقلت: من هذا؟، قالوا: حارثة بن النعمان" فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذاك البر كذاك البر" وكان أبر الناس بأمه"2.

ورواه أبو عبد الله الحاكم بلفظ: "دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة فقلت: من هذا؟ قالوا: حارثة بن النعمان" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذلكم البر كذلكم البر"3.

قال الطيبي في قوله صلى الله عليه وسلم: "كذلكم البر كذلكم البر" المشار إليه ما سبق والمخاطبون الصحابة، فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم رأى هذه الرؤيا وقصها على أصحابه، فلما بلغ إلى قوله النعمان نبههم على سبب نيل تلك الدرجة بقوله

1ـ انظر ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد 3/487-488، طبقات خليفة ص/90، المستدرك 3/208، الاستيعاب على حاشية الإصابة 1/282-284، أسد الغابة 1/358-359، سير أعلام النبلاء 2/378-380، الإصابة 1/298-299.

2ـ المسند 6/151-152، قال الحافظ: إسناده صحيح. الإصابة 1/298.

3ـ المستدرك 3/208، وقال عقبه: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي. وأورده السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بالصحة. انظر فيض القدير للمناوي 3/519، وأورده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/616.

ص: 784

"كذلكم البر"، أي: حارثة، نال تلك الدرجة بسبب البر وموقع هذه الجملة التذييل كقوله تعالى:{وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} ، وفيه من المبالغة أنه جعل جزاء البر براً، وعرف الخبر بلام الجنس تنبيهاً على أن هذه الدرجة القصيا لا تنال إلا ببر الوالدين والتكرار للاستيعاب. أ.هـ1.

19-

"عبد الله بن سلام":

هو: عبد الله بن سلام بن الحارث أبو يوسف من ذرية يوسف بن يعقوب صلى الله عليه وسلم، كان حليفاً للأنصار، وهو أحد أحبار اليهود أسلم رضي الله عنه حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان اسمه في الجاهلية الحصين، فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، توفي بالمدينة في خلافة معاوية سنة ثلاث وأربعين2.

أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة.

روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث سعد بن أبي وقاص قال: ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض "إنه من أهل الجنة"، إلا لعبد الله بن سلام، قال: وفيه نزلت هذه الآية: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ} 3 الآية.

ورويا أيضاً ـ عن قيس بن عباد، قال: كنت جالساً في مسجد المدينة، فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة، فصلى ركعتين تجوز فيهما، ثم خرج، وتبعته، فقلت: إنك حين دخلت المسجد قالوا: هذا رجل من أهل الجنة، قال: والله ما ينبغي لأحد4 أن يقول ما لا يعلم،

1ـ ذكره عنه المناوي في فيض القدير 3/519 والآية رقم 34 من سورة النمل.

2ـ انظر ترجمته في الاستيعاب في أسماء الأصحاب لابن عبد البر على حاشية الإصابة 2/374-376، أسد الغابة 3/176، البداية والنهاية 8/30، الإصابة 2/312-313.

3ـ صحيح البخاري 2/314، صحيح مسلم 4/1930، والآية رقم 10 من سورة الأحقاف.

4ـ هذا إنكار من عبد الله بن سلام حيث قطعوا له بالجنة فيحمل على أن هؤلاء بلغهم خبر سعد بن

ص: 785

وسأحدثك لم ذاك رأيت رؤيا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، ورأيت كأني في روضة ذكر من سعتها وخضرتها وسطها عمود من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء، في أعلاه عروة1 فقيل له: ارقه، قلت: لا أستطيع فأتاني منصف2 فرفع ثيابي من خلفي فرقيت حتى كنت في أعلاها فأخذت العروة فقيل له: استمسك فاستيقطت وإنها لفي يدي، فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"تلك الروضة الإسلام، وذلك العمود عمود الإسلام، وتلك العروة عروة الوثقى، فأنت على الإسلام حتى تموت" وذاك الرجل عبد الله بن سلام"3.

وفي سنن الترمذي من حديث طويل عن معاذ بن جبل، قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ـ أي في ابن سلام ـ "إنه عاشر عشرة4 في الجنة"5.

هذه الأحاديث تضمنت الشهادة بالجنة لعبد الله بن سلام وأنه من المقطوع لهم بها.

قال ابن كثير في ترجمة عبد الله بن سلام: "وهو ممن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وهو ممن يقطع له بدخولها"6.

= أبي وقاص بأن ابن سلام من أهل الجنة ولم يسمع هو، ويحتمل أنه كره الثناء عليه بذلك تواضعاً وإيثاراً للخمول وكراهة للشهرة. شرح النووي: 16/42، فتح الباري 7/131.

1ـ العروة: هي مقبض الشيء. انظر لسان العرب 15/45.

2ـ هو الخادم الصغير المدرك للخدمة. شرح النووي 16/42، النهاية في غريب الحديث 5/66.

3ـ صحيح البخاري 2/314-315، صحيح مسلم 4/1930-1931، وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 3/164.

4ـ جاء في تحفة الأحوذي: 10/307: "عاشر عشرة في الجنة" أي: مثل عاشر عشرة، أو المعنى يدخل بعد تسعة نفر من الصحابة في الجنة ذكره السيد جمال الدين. قال القاريء: وفيه أنه يلزم تقدمه على بعض العشرة، فلعله العاشر من الذين أسلموا من اليهود، أو مما عدا العشرة فيدخل الجنة بعد تسعة عشر من الصحابة. أهـ.

5ـ سنن الترمذي 5/336، وقال عقبه: وفي الباب عن سعد هذا حديث حسن غريب.

6ـ البداية والنهاية 8/30.

ص: 786

20-

"أم سليم بنت ملحان":

هي: أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، اختلف في اسمها، فقيل: سهلة، وقيل: رميلة، وقيل: رميثة، وقيل: مليكة، ويقال: الغميصاء أو الرميصاء كانت تحت مالك بن النضر، أبي أنس بن مالك في الجاهلية، فولدت أنساً في الجاهلية، وأسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار، فغضب مالك وخرج إلى الشام، فمات، فتزوجت بعده أبا طلحة الأنصاري1.

أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآها وسمع صوت حركة مشيها في الجنة.

فقد روى البخاري بإسناده إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء2 امرأة أبي طلحة"3.

وعند مسلم بلفظ: "أريت الجنة، فرأيت امرأة أبي طلحة"4.

وروى مسلم بإسناده إلى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"دخلت الجنة فسمعت خشفة 5 فقلت: من هذا؟ قالوا: هذه الغميصاء بنت ملحان أم أنس بن مالك"6.

فهذه الأحاديث تضمنت شهادة النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة لأم سليم رضي الله عنها.

1ـ الطبقات الكبرى لابن سعد 8/424-434، الجرح والتعديل 9/464، الاستيعاب على حاشية الإصابة 4/437-438، سير أعلام النبلاء 2/304-311، الإصابة 4/441-442، تهذيب التهذيب 12/471.

2ـ الرمص: قذى يابس وغير يابس يكون في أطراف العينين. انظر شرح النووي: 16/11، النهاية في غريب الحديث 2/263.

3ـ صحيح البخاري 2/293.

4ـ صحيح مسلم 4/1908.

5ـ هي: حركة المشي وصوته. انظر: شرح النووي 16/11، النهاية في غريب الحديث 2/34.

6ـ صحيح مسلم 4/1908.

ص: 787

وهناك جماعة من أهل بيت النبوة غير علي بن أبي طالب رضي الله عنه وردت نصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها دلالة واضحة في أنهم ممن يقطع لهم بدخول الجنة، منهم أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد، فقد بشرها النبي صلى الله عليه وسلم ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب1، وابنته فاطمة رضي الله عنها أخبر بأنها سيدة نساء أهل الجنة2 وولداها الحسن والحسين فقد بين عليه الصلاة والسلام بأنهما سيدا شباب أهل الجنة3، وحمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما، فقد أخبر عليه الصلاة والسلام أنه دخل الجنة فنظر فيها فإذا جعفر يطير مع الملائكة وإذا حمزة متكيء على سرير4.

فكل من تقدم ذكره شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة على سبيل التنصيص عليه باسمه منفرداً، كما شهد صلى الله عليه وسلم بالجنة لخلق كثير من الصحابة على سبيل الجمع كأهل بدر وأهل بيعة الرضوان، فأهل بدر كان عددهم رضي الله عنهم بضعة5 عشر وثلاثمائة6، فهؤلاء أخبر عنهم صلى الله عليه وسلم أنهم من أهل الجنة فقد روى البخاري من حديث طويل عن علي رضي الله عنه، وفيه أنه قال:"لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم"7.

1ـ صحيح البخاري 2/315-316، صحيح مسلم 4/1887.

2ـ انظر صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 6/627-628، المستدرك 3/151.

3ـ انظر المسند 3/3، سنن الترمذي 5/321، سنن ابن ماجه 1/44، وأورده السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بالصحة. انظر فيض القدير للمناوي 3/415.

4ـ انظر المستدرك 3/209، الجامع الصغير للسيوطي. انظر فيض القدير للمناوي 3/521، صحيح الجامع الصغير للألباني 3/140-141.

5ـ البضع: في العدد بالكسر وقد يفتح ما بين الثلاث إلى التسع، وقيل ما بين الواحد إلى العشرة لأنه قطعة من العدد. النهاية في غريب الحديث 1/133.

6ـ صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 7/290-291.

7ـ صحيح البخاري 3/7.

ص: 788

وأما أهل بيعة الرضوان فقد كان عددهم ألفاً وأربعمائة1 وكلهم شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، وأنهم ممن يقطع لهم بدخولها، فقد قال صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر عند مسلم رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها"2.

فقد قال أهل العلم: "معناه لا يدخلها أحد منهم قطعاً

وإنما قال: إن شاء الله للتبرك لا للشك" 3.

فأهل السنة والجماعة يشهدون بالجنة لكل من قدمنا ذكره في هذا المبحث 4، بل يشهدون بالجنة لجميع الصحابة من مهاجرين وأنصار حيث إن الله تعالى وعدهم جميعاً بالحسنى كما قال:{لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} 5.

1 ـ ذكر البخاري ثلاثة أقوال في عددهم وأرجحها ما أوردناه هنا. انظر صحيح البخاري 3/42-43، وشرحه فتح الباري 7/440.

2ـ صحيح مسلم 4/1942.

3ـ شرح النووي على صحيح مسلم 16/58.

4ـ انظر كتاب الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة لابن بطة ص/261-264، عقيدة السلف وأصحاب الحديث لأبي عثمان الصابوني ضمن مجموعة الرسائل المنيرية 1/128، لمعة الاعتقاد لابن قدامة ص/28، العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية مع شرحها لمحمد خليل هراس ص/169، قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر لصديق حسن خان ص/98.

5ـ سورة الحديد آية/10.

ص: 789