المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عناية العلماء بالإسناد وعلم الجرح والتعديل وأثر ذلك في حفظ - عناية العلماء بالإسناد وعلم الجرح والتعديل - صالح الرفاعي

[صالح حامد الرفاعي]

الفصل: عناية العلماء بالإسناد وعلم الجرح والتعديل وأثر ذلك في حفظ

عناية العلماء بالإسناد وعلم الجرح والتعديل وأثر ذلك في حفظ السنة النبوية

تأليف: صالح بن حامد الرفاعي

ال‌

‌مقدمة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:

فإن الله عز وجل أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة، وجعله خاتم النبيين، قال تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] .

واختار له الإسلام دينا، وجعله ناسخا لما سبقه من الأديان، ولا يَقبل من أحد ديناً سواه، قال تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ} [آل عمران:19] وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] .

فمحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، والإسلام آخر الأديان، فلا تنتظر البشرية نبياً جديداً، ولا ديناً جديداً.

من أجل ذلك تكفل الله عز وجل بحفظ مصدرَي التشريع في هذا الدين: القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، حتى يبقى هذا الدين غضاً طرياً للأجيال المتعاقبة، سليماً من التحريف والتبديل الذي حصل في الأديان السابقة.

قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] .

وهذا الحفظ يشمل القرآن والسنة. فأما القرآن فقد هيأ الله عز وجل أسباب حفظه على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان عليه الصلاة والسلام يقرأ

ص: 1

ما أُنزل إليه من القرآن على أصحابه فيحفظونه، وكان يأمر أيضاً بكتابة ما يُنَزَّل عليه منه في حينه، فَحُفِظَ القرآن في الصدور وفي السطور في عهده صلى الله عليه وسلم وتواتر نقله عنه صلى الله عليه وسلم (1) .

وأما السنة فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر أن يكتب عنه شيء غير القرآن، ثم أذن في الكتابة بعد ذلك (2) ، فكتب بعض الصحابة أحاديث في صحف، ولكن هذه الكتابة لم تكن شاملة، وإنما اقتصرت على بعض الأحاديث (3) ، وكان جل اعتمادهم في رواية الحديث على الحفظ، ولله الحكمة البالغة في ذلك، فقد شاء الله عز وجل أن تحفظ السنة النبوية بجهود علماء الحديث ورواته، إذ قَيَّضهم الله عز وجل لذلك، فقامت في القرون الثلاثة الأولى نهضة علمية فريدة، شملت أقطار العالم الإسلامي في ذلك الوقت، ونشأت علوم تفتخر الأمة الإسلامية بها، بل انفردت بها عن غيرها من الأمم، كان لها أثر عظيم في حفظ السنة النبوية، فمن تلك العلوم: علم الإسناد، وعلم الجرح والتعديل (علم الرجال) .

وفي هذا البحث أُلمح إلى شيء من عناية العلماء بهذين العلمين، وأثر ذلك في حفظ السنة النبوية.

(1) انظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي: (1/164)، وتاريخ توثيق نص القرآن الكريم لخالد العك:(ص43-52) .

(2)

انظر: صحيح مسلم: (كتاب الزهد، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم حديث رقم3004) وتقييد العلم للخطيب البغدادي: (ص29، 65-86) .

(3)

انظر: صحائف الصحابة رضي الله عنهم

لأحمد الصويان، ودراسات في الحديث النبوي للدكتور محمد مصطفى الأعظمي، ومعرفة النسخ والصحف الحديثية لبكر أبو زيد، ودلائل التوثيق المبكر للسنة والحديث للدكتور امتياز أحمد.

ص: 2

وقد جعلته - بعد المقدمة - في فصلين:

الفصل الأول: عناية العلماء بالإسناد وأثر ذلك في حفظ السنة النبوية وفيه أربعة مباحث

1.

تعريف الإسناد.

2.

الإسناد من خصائص الأمة الإسلامية.

3.

أهمية الإسناد وعناية العلماء به.

4.

أثر عناية العلماء بالإسناد في حفظ السنة النبوية.

الفصل الثاني: عناية العلماء بعلم الجرح والتعديل وأثره في حفظ السنة النبوية وفيه أربعة مباحث:

1.

تعريف علم الجرح والتعديل.

2.

ظهور علم الجرح والتعديل والأسباب التي أدت إلى ظهوره.

3.

عناية العلماء بعلم الجرح والتعديل.

4.

أثر هذه العناية في حفظ السنة النبوية.

وأختم البحث بخاتمة تتضمن نتائج البحث والتوصيات التي ظهرت لي.

ولا يفوتني في هذا المقام أن أشكر القائمين على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف على مبادرتهم لعقد هذه الندوة بعنوان: (عناية المملكة العربية السعودية بالسنة والسيرة النبوية) . وهذا البحث ثمرة من ثمراتها. أسأل الله عز وجل أن ينفع به كاتبه وكل من قرأه. إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

ص: 3