الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهكذا الأمر في الثناء على الله سبحانه عند ذكر اسمه نحو عز وجل وتبارك وتعالى، وما ضاهى ذلك) . إلى أن قال (ثم ليتجنب في إثباتها نقصين أحدهما أن يكتبها منقوصة صورة رامزًا إليها بحرفين أو نحو ذلك، والثاني أن يكتبها منقوصة معنى بألَاّ يكتب (وسلم) . وروي عن حمزة الكناني رحمه الله تعالى أنه كان يقول كنت أكتب الحديث، وكنت أكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه.. ولا أكتب (وسلم) فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي ما لك لا تتم الصلاة علي؟ قال فما كتبت بعد ذلك صلى الله عليه إلا كتبت (وسلم) .. إلى أن قال ابن الصلاح قلت ويكره أيضا الاقتصار على قوله عليه السلام والله أعلم) . انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى ملخَّصًا. وقال العلامة السخاوي رحمه الله تعالى في كتابه (فتح المغيث شرح ألفية الحديث للعراقي) ما نصه (واجتنب أيها الكاتب (الرمز لها) أي الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطك، بأن تقتصر منها على حرفين ونحو ذلك فتكون منقوصة - صورة - كما يفعله (الكسائي) والجهلة من أبناء
العجم غالبا، وعوام الطلبة، فيكتبون بدلا من "صلى الله عليه وسلم (ص) أو (صم) أو (صلعم) فذلك لما فيه من نقص الأجر لنقص الكتاب خلاف الأولى) .
وقال السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه (تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي)(ويكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم هنا وفي كل موضع شرعت فيه الصلاة، كما في شرح مسلم وغيره لقوله تعالى {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} إلى أن قال (ويكره الرمز إليهما في الكتابة بحرف أو حرفين كمن يكتب (صلعم) بلى يكتبهما بكمالها) انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى ملخصا. هذا ووصيتي لكل مسلم وقارئ وكاتب أن يلتمس الأفضل ويبحث عما فيه زيادة أجره وثوابه ويبتعد عما يبطله أو ينقصه. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا إلى ما فيه رضاه، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
الشيخ ابن باز
* * *
حول زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعدد من النساء
س لماذا يتزوج الرسول مجموعة من النساء؟
ج لله الحكمة البالغة، ومن حكمته أنه سبحانه أباح للرجال في الشرائع السابقة وفي شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أن يجمع في عصمته أكثر من زوجة، فلم يكن تعدد الزوجات خاصًّا
بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان ليعقوب عليه الصلاة والسلام زوجتان، وجمع سليمان بن داود عليه الصلاة والسلام بين مائة امرأة إلا واحدة، وطاف بهن في ليلة واحدة رجاء أن يرزقه الله من كل واحدة منهن غلامًا يقاتل في سبيل الله، وليس هذا بدعا في التشريع ولا مخالفا للعقل ولا لمقتضى الفطرة، بل هو مقتضى الحكمة، فإن النساء أكثر من الرجال حسب ما دل عليه الإحصاء المستمر وأن الرجل قد يكون لديه من القوة ما يدعوه إلى أن يتزوج أكثر من واحدة، لقضاء وطره في الحلال بدلاً من قضائه في الحرام، أو كبت نفسه، وقد يعتري المرأة من الأمراض أو الموانع كالحيض والنفاس ما يحول بين الرجل وقضاء وطره معها، فيحتاج إلى أن يكون لديه زوجة أخرى يقضي معها وطره بدلاً من الكبت أو ارتكاب الفاحشة، وإذا كان تعدد الزوجات مباحًا ومستساغًا عقلاً وفطرة وشرعًا، وقد وجد العمل به في الأنبياء السابقين وقد توجبه الضرورة أو تستدعيه الحاجة أحيانًا، فلا عجب أن يقع ذلك من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهناك حكم أخرى لجمعه صلى الله عليه وسلم بين زوجات، ذكرها العلماء، منها توثيق العلاقات بينه وبين بعض القبائل، وتقوية الروابط عسى أن يعود ذلك على الإسلام بالقوة ويساعد على نشره لما في المصاهرة من زيادة الألفة وتأكيد أواصر المحبة والإخاء، ومنها إيواء بعض الأرامل وتعويضهن خيرًا مما فقدن، فإن في ذلك تطييبًا للخواطر وجبْرًا للمصائب، وشرع سنة للأمة في نهج سبيل الإحسان إلى من أصيب أزواجهن في الجهاد ونحوه، ومنها رجاء زيادة النسل مسايرة للفطرة وتكثيرًا لسواد الأمة ودعمًا لها بمن يؤمل أن ينهض بها في نصر الدين ونشره.. وليس الداعي إلى جَمْعه صلى الله عليه وسلم، مجرد الشهوة، لما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يتزوج بكرًا ولا صغيرة إلا عائشة رضي الله عنها، وبقية نسائه ثيّبات، ولو كانت شهوته تحكمُه والغريزة الجنسية هي التي تدفعه إلى كثرة الزواج لتخيّر الأبكار الصغيرات لإشباع غريزته، وخاصة بعد أن هاجر وفتحت الفتوحات وقامت دولة الإسلام وقويت شوكة المسلمين وكثر سوادهم، ومع رغبة كل أسرة في أن يصاهرها، وحبها أن يتزوج منها، ولكنه لم يفعل، إنما كان يتزوج لمناسبات كريمة ودواعٍ سامية يعرفها من تتبع ظروف زواجه بكل واحدة من نسائه، وأيضًا لو كان شهوانيًّا لعرف ذلك في سيرته أيام شبابه وقوته، يوم لم يكن عنده إلا زوجته الكريمة خديجة بنت خويلد، وهي تكبره سنًّا، ولعرف عنه الانحراف والجور في قسمه بين نسائه وهن متفاوتات في السن والجمال، ولكنه لم يعرف عنه إلا كمال العفة والأمانة في عِرضه وصيانته لنفسه وحفظه لفرجه في شبابه وكِبَر سنه، مما يدل على كمال نزاهته وسمو خُلُقه. واستقامته في جميع شؤونه حتى عرف بذلك واشتهر بين أعدائه.
اللجنة الدائمة
* * *