المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌[باب صلاة الجماعة]

أَنْ يَفْصِلَ الرَّكْعَةَ هَذَا لَفْظُ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَا ذَكَرْنَاهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ فَضَعِيفٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْقَوَاعِدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي النِّيَّةِ الْوَاحِدَةِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ لَا تَتَأَدَّى إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ غَرِيبٌ اهـ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ نَوَى بِالثِّنْتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَبِالثَّالِثَةِ الْوِتْرَ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ يَقْصِدُ أَنْ يَتَهَجَّدَ فَيُؤَخِّرَ الْوِتْرَ فَيَفُوتَهُ غَالِبًا بِغَلَبَةِ النَّوْمِ هَلْ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ جَمِيعَهُ وَقْتَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ أَوْ يُؤَخِّرَهُ فَيَقْضِيَهُ فَإِذَا قَضَى فَهَلْ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقْضِيَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ بَعْدَهَا وَبَعْدَ زَوَالِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ وَثِقَ بِتَيَقُّظِهِ آخِرَ اللَّيْلِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ تَأْخِيرُ وِتْرِهِ، وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهُ، وَإِذَا فَاتَهُ بِسَبَبِ نَوْمِهِ سُنَّ لَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ وَلَوْ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ.

[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

(بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)(سُئِلَ) رضي الله عنه عَنْ مُنْقَطِعٍ لِلَّهِ عز وجل فِي أَرْضٍ قَفْرَةٍ مَعْزُولٍ عَنْ النَّاسِ مُغْتَنِمٍ لِلْخَيْرِ هَلْ هُوَ أَفْضَلُ أَوْ مُقِيمٌ بِبَلْدَةٍ يُقِيمُ الْجَمَاعَةَ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِقَامَةَ بَيْنَ النَّاسِ بِبَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ لِأَجْلِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَغَيْرِهِمَا أَفْضَلُ

ص: 222

مِنْ الِانْفِرَادِ عَنْ النَّاسِ بِبَرِّيَّةٍ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا فِي دِينِهِ مِنْ الْإِقَامَةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ ضَرَرًا فِي دِينِهِ فَالِانْقِطَاعُ فِي بَرِّيَّةٍ أَفْضَلُ.

(سُئِلَ) عَنْ مَعْنَى قَوْلِ الْقَاضِي زَكَرِيَّا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مَسْأَلَةِ السِّوَاكِ وَالْخَبَرِ الْوَارِدِ فِيهِ وَالْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: يُحْمَلُ خَبَرُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهَا وَصَلَاةُ الِانْفِرَادِ بِسِوَاكٍ أَوْ بِدُونِهِ، وَالْخَبَرُ الْآخَرُ أَعْنِي قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلَا سِوَاكٍ» عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ وَالْأُخْرَى بِدُونِهِ فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ بِعَشْرٍ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَهَلْ هَذَا الْحَمْلُ صَحِيحٌ مُقَرٌّ عَلَيْهِ، وَالْعَشَرَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَتَانِ أَوْ لَا وَهَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي التَّنَاقُضُ أَوْ لَا بَيِّنُوا لَنَا الْجَوَابَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مَبْسُوطًا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ شَيْخِنَا يُحْمَلُ خَبَرُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهَا وَصَلَاةُ الِانْفِرَادِ بِسِوَاكٍ أَوْ بِدُونِهِ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ تَضْعُفُ عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ

ص: 223

ضِعْفًا حَيْثُ اتَّفَقْنَا فِي وُجُودِ السِّوَاكِ فِيهِمَا أَوْ انْتِفَائِهِ فِيهِمَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَالْخَبَرُ الْآخَرُ إلَى قَوْلِهِ: وَالْأُخْرَى بِدُونِهِ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ مَحْمُولٌ عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بِسِوَاكٍ، وَجَمَاعَةٌ فُضِّلَتَا عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بِلَا جَمَاعَةٍ وَلَا سِوَاكٍ فَلِلْجَمَاعَةِ فِي ذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلِلسِّوَاكِ عَشَرَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ بِعَشْرٍ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ بِعَشْرٍ، وَهِيَ الْبَاقِيَةُ فِي مُقَابَلَةِ السِّوَاكِ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي فِي مُقَابَلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَنَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ هِيَ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي لِلْجَمَاعَةِ بَعْدَ إسْقَاطِ عَشَرَةٍ مِنْهَا لِلسِّوَاكِ فَالْحَمْلُ صَحِيحٌ مُقَرٌّ عَلَيْهِ، وَالْعَشَرَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَتَانِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَنَاقُضٌ وَلَا مُخَالَفَةٌ.

(سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ رَكَعَ إمَامُهُ، وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ شَكَّ فِي كَوْنِهِ مُوَافِقًا أَوْ مَسْبُوقًا فَهَلْ لَهُ أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ أَمْ يَقْطَعَ وَيُتَابِعَ لِيُدْرِكَ الرُّكُوعَ مَعَهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ عَلِمْنَا وُجُوبَ الْفَاتِحَةِ عَلَيْهِ

ص: 224

وَشَكَكْنَا فِي تَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَحَمُّلِهِ فَيَتَأَخَّرُ وَيُتِمُّ الْفَاتِحَةَ وَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ وَهِيَ الطَّوِيلَةُ فَإِنْ سُبِقَ بِذَلِكَ تَابَعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ.

(سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ نَامَ مُتَمَكِّنًا فِي تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ ثُمَّ انْتَبَهَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا مَاذَا يَفْعَلُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقُومُ وَيَقْرَأُ وَيَجْرِي عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ كَمَا لَوْ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ، وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْبُوقٍ، وَلَا فِي حُكْمِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَزْحُومِ حَيْثُ يَرْكَعُ مَعَ إمَامِهِ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ فَوَجَدَهُ رَاكِعًا إلْزَامُهُ بِمَا فَاتَ فِيهِ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ هَذَا.

(سُئِلَ) عَمَّنْ اقْتَدَى فِي تَشَهُّدِهِ الْأَخِيرِ بِمَنْ يُصَلِّي قَائِمًا مَاذَا يَفْعَلُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ لِمَا فِيهَا مِنْ الزِّيَادَةِ بَلْ إنْ شَاءَ فَارَقَهُ بِالنِّيَّةِ وَسَلَّمَ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ قَطْعًا لِقَطْعِهِ الْقُدْوَةَ بِعُذْرٍ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ فِي تَشَهُّدِهِ، وَطَوَّلَ الدُّعَاءَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ مَعَهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَنْ اقْتَدَى فِي الْمَغْرِبِ بِمُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ

ص: 225

لَهُ انْتِظَارُ الْإِمَامِ فِي جُلُوسِهِ إحْدَاثُ مُصَلِّي الْمَغْرِبِ حَالَ اقْتِدَائِهِ جُلُوسًا وَتَشَهُّدًا لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ الْمَأْمُومَ لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا بَعْدَ اقْتِدَائِهِ ذَلِكَ

(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْوَسْوَسَةِ فِي كَوْنِهَا لَيْسَتْ عُذْرًا أَوْ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالظَّاهِرَةِ وَمَا الظَّاهِرَةُ الْخَفِيَّةُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْوَسْوَسَةَ الْيَسِيرَةَ لَا تَمْنَعُ مِنْ إدْرَاكِ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ مَعَ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ مِنْهَا الظَّاهِرَةُ، وَهِيَ الَّتِي يَطُولُ زَمَنُهَا عُرْفًا.

(سُئِلَ) عَمَّنْ اقْتَدَى بِشَخْصٍ فِي الِاعْتِدَالِ فَاعْتَدَلَ مَعَهُ وَجَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ الثَّانِيَةَ وَجَدَ الْإِمَامَ رَافِعًا رَأْسَهُ مِنْهَا فَهَلْ يَسْجُدُ أَمْ يُتَابِعُهُ كَمَا فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْمَسْبُوقُ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ الرُّكُوعَ أَنْ يَسْجُدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مُتَابَعَةً لِإِمَامِهِ فَوَجَدَهُ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهَا يُتَابِعُهُ، وَلَا يَسْجُدُهَا.

(سُئِلَ) عَنْ مُصَلٍّ فِي ظَاهِرِ ثَوْبِهِ، أَوْ عَلَى صَدْرِهِ أَوْ مَسَّ ثَوْبَهُ مِنْ قُدَّامِهِ نَجَاسَةٌ، وَكَانَ الْمَأْمُومُ بَعِيدًا عَنْ إمَامِهِ هَلْ حُكْمُهَا حُكْمُ النَّجَاسَةِ الْخَفِيَّةِ حَتَّى لَا يَلْزَمَ الْمَأْمُومَ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ الْمَذْكُورَةَ مِمَّا تَخْفَى عَلَى الْمَأْمُومِ خُصُوصًا إنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ النَّجَاسَةَ الْمَذْكُورَةَ ظَاهِرَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ

ص: 226

إذْ لَا تَخْلُو مِنْ تَقْصِيرٍ، وَالنَّجَاسَةُ الظَّاهِرَةُ أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا أَبْصَرَهَا بِأَنْ كَانَتْ فِي ظَاهِرِ الثَّوْبِ وَالْخَفِيَّةُ بِخِلَافِهَا.

(سُئِلَ) عَمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْ إمَامِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَقَرَأَ مِنْهُ شَيْئًا يَسِيرًا جِدًّا فَهَلْ تَبْطُلُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا قَامَ إمَامُهُ وَتَخَلَّفَ عَنْهُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ مِنْهُ إلَّا يَسِيرًا.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَحْدَثَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَاسْتَخْلَفَ غَيْرَ مُقْتَدِيهِ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُ غَيْرِ الْمُقْتَدِي لِمُخَالَفَةِ نَظْمِ صَلَاتِهِ نَظْمَ صَلَاتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْقِيَامِ، وَهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى الْقُعُودِ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَجَلَسَ الْإِمَامُ لِلِاسْتِرَاحَةِ هَلْ لَهُ الِانْتِظَارُ، وَفِيمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَتَرَكَ الْإِمَامُ التَّشَهُّدَ فَهَلْ لَهُ الِانْتِظَارُ أَمْ تَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَأْمُومِ انْتِظَارُ إمَامِهِ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ تَشَهَّدَ فِي الثَّالِثَةِ ظَانًّا أَنَّهَا الرَّابِعَةُ فَأَخْبَرَهُ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ فَهَلْ يَعْمَلُ بِخَبَرِهِ أَمْ بِظَنِّهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِأَنَّهَا ثَالِثَةٌ وَيَأْتِي بِالرَّابِعَةِ؛ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ وَهُوَ الْأَقَلُّ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ أَخْبَرَهُ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ بِفِعْلِهِ

ص: 227

فِي صَلَاتِهِ مَا يُبْطِلُهَا وَفِي ظَنِّهِ خِلَافُهُ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا فِي ظَنِّهِ أَوْ بِمَا أُخْبِرَ بِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا فِي ظَنِّهِ لَا بِمَا أُخْبِرَ بِهِ؛ إذْ فِعْلُ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لِقَوْلِ غَيْرِهِ

(سُئِلَ) عَمَّنْ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ ظَانًّا أَنَّهَا الرَّابِعَةُ فَأَخْبَرَهُ مَجْمَعٌ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ بِأَنَّهَا خَامِسَةٌ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يَرْجِعَ إلَى قَوْلِهِمْ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَمْ لَا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِهِ لِأَبِي شُجَاعٍ وَهَلْ فِعْلُ الْجَمَاعَةِ قَائِمٌ مَقَامَ قَوْلِهِمْ كَمَا لَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يَرْجِعَ إلَى قَوْلِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِينَ؛ إذْ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ مَحَلُّهُ فِي إخْبَارٍ لَا يُفِيدُهُ الْعِلْمُ وَلَيْسَ فِعْلُهُمْ كَقَوْلِهِمْ.

(سُئِلَ) عَنْ الْإِمَامِ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَيْسَ خَلْفَهُ نِسَاءٌ هَلْ السُّنَّةُ لَهُ الْقِيَامُ مِنْ مُصَلَّاهُ فَوْرًا أَمْ جُلُوسُهُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ انْتِقَالُهُ إلَى مَكَان قَرِيبٍ مِنْهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ السُّنَّةَ لِلْإِمَامِ بَعْدَ سَلَامِهِ تَحْوِيلُ وَجْهِهِ إلَى الْمَأْمُومِينَ بِأَنْ يَجْعَلَ يَمِينَهُ إلَيْهِمْ وَيَسَارَهُ فِي الْمِحْرَابِ عَلَى الْأَصَحِّ.

(سُئِلَ) عَنْ مَسْجِدٍ لَهُ بَابٌ بَحْرِيٌّ وَفِي بَابِهِ شَخْصٌ مُقْتَدٍ بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْ خَلْفِ هَذَا الشَّخْصِ شَخْصٌ آخَرُ مُقَابِلٌ لِبَابِ الْمَسْجِدِ مُقْتَدٍ بِالْإِمَامِ الْمَذْكُورِ يَرَى مَنْ فِي بَابِ الْمَسْجِدِ، وَعَنْ يَمِينِ

ص: 228

هَذَا الشَّخْصِ الْمُقَابِل فَهَلْ اقْتِدَاؤُهُمْ صَحِيحٌ فَإِنْ قُلْتُمْ بِصِحَّتِهِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ السُّبْكِيّ فِي الْمُصَلِّي فِي مُصْطَفِّ الْمَدَارِسِ الشَّرْقِيَّةِ وَالْغَرْبِيَّةِ إذَا لَمْ يَرَ الْإِمَامَ وَلَا مَنْ خَلْفَهُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ إلَّا إذَا اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ مِنْ الصَّحْنِ بِالصَّفِّ هَلْ مُرَادُهُ بِالِاتِّصَالِ مَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ اتِّصَالِ الْمَنَاكِبِ عَلَى مَا قُرِّرَ فِي طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَمْ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ أَشْكَلَ الْجَوَابُ بِالصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَتِنَا لِعَدَمِ اتِّصَالِ الْمَنَاكِبِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَمَا بَالُ النَّوَوِيِّ عَبَّرَ فِي مَجْمُوعِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا بِنَحْوِ عِبَارَةِ السُّبْكِيّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ فَلَوْ اتَّصَلَ صَفٌّ بِالْوَاقِفِ فِي الْمُقَابَلَةِ وَرَاءَهُ وَخَرَجُوا عَنْ الْمُقَابَلَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ لِاتِّصَالِهِمْ بِمَنْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ اهـ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ اقْتِدَاءَ مَنْ عَنْ يَمِينِ الْمُقَابِلِ صَحِيحٌ وَكَلَامُ السُّبْكِيّ الْمَذْكُورُ جَارٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ وَالْمُرَادُ بِاتِّصَالِ الصُّفُوفِ فِيهِ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ اتِّصَالُ الْمَنَاكِبِ وَعَلَى طَرِيقَةِ النَّوَوِيِّ حُصُولُ الرَّابِطَةِ بِدَلِيلِ مَا قُرِّرَ فِيهَا وَهَذَا الثَّانِي هُوَ مُرَادُ النَّوَوِيِّ

ص: 229

بِمَا عَبَّرَ بِهِ فِي مَجْمُوعِهِ مِنْ الِاتِّصَالِ فِي قَوْلِهِ لِاتِّصَالِهِمْ بِمَنْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ.

(سُئِلَ) هَلْ يُغْتَفَرُ لِلْمُوَسْوَسِ فِي الْفَاتِحَةِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَتْ الْوَسْوَسَةُ عُذْرًا فِي تَخَلُّفِ الْمَأْمُومِ عَنْ إمَامِهِ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا قَرَأَهَا فِيهِمَا عَلَى النَّصِّ عَلَامَ يَعُودُ الضَّمِيرَانِ فِي قَوْلِهِ: بِهِمَا وَفِيهِمَا، وَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ قَاضِي شُهْبَةَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ الشُّرَّاحُ مِنْ عَوْدِ الضَّمِيرِ الْأَوَّلِ إلَى الْأَوَّلِيَّيْنِ، وَالثَّانِي إلَى الْأَخِيرَيْنِ وَعَوْدِهِمْ الضَّمِيرَيْنِ مَعًا إلَى الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ أَوْ الْأَوَّلِ إلَيْهِمَا مُمْتَنَعٌ فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا وَلَا يُعْقَلُ سَبَقُهُ بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَعَ إدْرَاكِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ نَفْسِهِ وَلَا بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ إنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِالْأُولَيَيْنِ قَرَأَ السُّورَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: تُسَنُّ سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ فَاسْتَثْنَى مِنْ سُنِّيَّةِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الصَّلَاةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الثُّلَاثِيَّةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ يَبْقَى الْمَعْنَى تُسَنُّ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا أَيْ بِمَا يُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِيهِ

ص: 230

وَهِيَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ قَرَأَهَا فِيهِمَا أَيْ فِيمَا لَا تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِيهَا لِغَيْرِ الْمَسْبُوقِ.

وَهُوَ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالضَّمِيرُ كَمَا يَعُودُ إلَى الْمَلْفُوظِ يَعُودُ إلَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْمَلْفُوظِ وَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ مَا يُوهِمُ كَوْنَ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ الثَّالِثَةَ وَالرَّابِعَةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَّا قَوْلَ الْإِسْنَوِيِّ فَإِنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِالْأُولَيَيْنِ قَرَأَ السُّورَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَقَوْلُهُ: بِالْأُولَيَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَصَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ بِكَوْنِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ نَفْسِهِ فَقَالَ: وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَيْ فِي أُخْرَيَيْهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِلَا شَكٍّ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ: يَقْرَؤُهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ فِيهِمَا، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَتِهِمَا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ فَتُسْتَحَبُّ قِرَاءَتُهَا فِيهِمَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا أُولَى وَثَانِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ الْمَحَلِّيِّ: إنْ سَبَقَ بِهِمَا أَيْ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ لَا يُعْقَلُ، وَقَوْلُهُ: قَرَأَهَا فِيهِمَا لَمْ يُبَيِّنْ رُجُوعَ الضَّمِيرِ فِي فِيهِمَا إلَى مَنْ يَعُودُ، وَقَوْلُهُ: حِينَ تَدَارَكَهُمَا يُوهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ؛ إذْ الْمَسْبُوقُ يَتَدَارَكُهُمَا حِينَئِذٍ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ بَلْ

ص: 231

كَلَامُ الْمِنْهَاجِ الَّذِي أَشَارَ إلَى خِلَافٍ فِي قِرَاءَتِهِمَا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إنَّمَا هُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ نَفْسِهِ.

وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْمَسْبُوقِ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ فَقَدْ ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَقْلًا عَنْ التَّبْصِرَةِ لِلْجُوَيْنِيِّ فَقَالَ: مَتَى أَمْكَنَ الْمَسْبُوقَ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ بِأَنْ كَانَ الْإِمَامُ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ أَوْ كَانَ يَرَى قِرَاءَةَ السُّورَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَيْضًا قَرَأَهَا مَأْمُومٌ مَعَهُ، وَلَا يُعِيدُهَا فِي آخِرَتَيْهِ وَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ مَعَهُ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ قَرَأَهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ اهـ فَهَلْ مَا أَجَابَ بِهِ صَحِيحٌ، أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُوَ الصَّوَابُ مِنْ عَوْدِ الضَّمِيرَيْنِ وَأَنَّ غَيْرَهُ خَطَأٌ مَمْنُوعٌ فَيَصِحُّ عَوْدُ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ فِي بِهِمَا إلَى الْأُولَيَيْنِ، وَفِيهِمَا إلَى الْأُخْرَيَيْنِ، وَعَوْدُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْأُخْرَيَيْنِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ الْجَلَالُ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ وَهُوَ الْأَوْلَى لِعَوْدِهِ إلَى مَلْفُوظٍ بِهِ وَلِمُوَافَقَتِهِ لِقَاعِدَةِ عَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَلِاتِّفَاقِ مَرْجِعِ الضَّمِيرَيْنِ وَسَلَامَتِهِ مِنْ اعْتِبَارِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْأُخْرَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ إذْ الْكَلَامُ فِي صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ سَبْقُهُ

ص: 232

بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَعَ إدْرَاكِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ نَفْسِهِ وَلَا بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ مَمْنُوعٌ؛ إذْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ سَبَقَ بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْهُمَا مَعَ الْإِمَامِ؛ إذْ لَا يَفْعَلُهُمَا إلَّا بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ أَوْ جُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ وَقَدْ فَارَقَهُ بِالنِّيَّةِ وَقَدْ أَدْرَكَ أُولَاهُ وَثَانِيَتَهُ مَعَ ثَالِثَةِ الْإِمَامِ وَرَابِعَتِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُدْرِكُ الْمَسْبُوقُ أَوَّلُ صَلَاتِهِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ إلَخْ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَقَدْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاحِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ إلَخْ قَدْ تَقَدَّمَ رَدُّهُ وَقَوْلُهُ قَرَأَهَا فِيهِمَا لَمْ يُبَيِّنْ رُجُوعَ الضَّمِيرِ فِي فِيهِمَا إلَى مَا يَعُودُ عَجِيبٌ لِظُهُورِ رُجُوعِهِ إلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ ضَمِيرُ بِهِمَا وَهِيَ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ لِمَا مَرَّ وَقَدْ أَوْضَحَهُ بِقَوْلِهِ حِينَ تَدَارَكَهُمَا إذَا لَا يَتَدَارَكُ الْمَسْبُوقُ إلَّا هُمَا فَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَةَ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ الشِّقُّ الثَّانِي مِنْ كَلَامِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

(سُئِلَ) عَنْ مَسْبُوقٍ بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ وَيَقْرَأَ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَدْرَ مَا يَقْرَؤُهُ لَوْ اعْتَدَلَتْ قِرَاءَتُهُ أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ فَاقْتَدَى مُوَافِقًا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ إلَّا بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ هَلْ يَرْكَعُ مَعَهُ لِقَوْلِهِمْ الْمَسْبُوقُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ

ص: 233

زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ إلَّا بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ أَمْ يَتَخَلَّفُ لِإِتْمَامِ قِرَاءَتِهِ وَلَا يُسَمَّى هَذَا مَسْبُوقًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَيَرْكَعُ فِيهَا الْمَسْبُوقُ مَعَ إمَامِهِ وَيَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ غَيْرَ مَا قَرَأَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ تَسْقُطُ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ وَيَرْكَعُ مَعَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ تَأَخَّرَ لِلْقِرَاءَةِ فَفَاتَهُ الرُّكُوعُ مَعَ إمَامِهِ لَغَتْ رَكْعَتُهُ وَإِنَّمَا أَلْزَمَ الْأَئِمَّةُ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ بِالتَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِهَا إذَا كَانَ مُوَافِقًا أَمَّا الْمَسْبُوقُ فَلَا بَلْ قِيلَ فِي الْمَسْبُوقُ الْمُشْتَغِلُ بِالِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ أَنَّهُ يَرْكَعُ مَعَ إمَامِهِ لِلْمُتَابَعَةِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنْ الْفَاتِحَةِ لِخَبَرِ «إذَا رَكَعَ الْإِمَامُ فَارْكَعُوا» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُعْظَمُ غَيْرَهُ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَالْمَأْمُومُ فِيهَا مُوَافِقٌ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَحَلَّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَيَتَخَلَّفُ لِإِتْمَامِهَا وَهُوَ مَعْذُورٌ فَيَجْرِي عَلَى تَرْتِيبِ صَلَاةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إمَامُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ.

(سُئِلَ) عَنْ مَسْبُوقٍ وَافَقَ تَشَهُّدُهُ الْأَوَّلُ تَشَهُّدَ الْإِمَامِ الْأَخِيرِ هَلْ يُوَافِقُهُ فِيهِ إلَخْ أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا يُسَنُّ فِي الْأَوَّلِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُوَافِقُ إمَامَهُ فِي إتْيَانِهِ بِالْمَسْنُونِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ.

(سُئِلَ) عَنْ الْمُصَلِّينَ فِي الْمَسْطَبَةِ عَلَى

ص: 234

سَلَالِمِ الْغُورِيَّةِ الْمُقْتَدِينَ بِإِمَامِهَا وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ الشِّبَاكُ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَلَاتَهُمْ صَحِيحَةٌ إنْ وَقَفَهَا الْغُورِيُّ جَامِعًا وَإِنْ سَمَّاهَا النَّاسُ مَدْرَسَةً وَإِلَّا فَلَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ.

(سُئِلَ) هَلْ تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ صَلَّى فَرِيضَةً خَلْفَ الْعِيدِ صُبْحًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ «مُعَاذًا رضي الله عنه كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ» وَخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيَؤُمُّهُمْ» وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ فَلَمَّا انْتَقَلَ مِنْ صَلَاتِهِ رَأَى فِي آخِرِ الْقَوْمِ رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ فَقَالَ مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» وَهُوَ يَدُلُّ بِالْعُمُومِ وَعَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً إمَامًا

ص: 235

أَوْ مَأْمُومًا وَقَدْ عَلَّلَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا الْوَجْهَ الْمَرْجُوحَ الْقَائِلَ بِأَنَّ صَلَاةَ ذَاتِ نَخْلٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ بَطْنِ الرِّقَاعِ لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى التَّمَامِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ وَمُرَادُهُمْ أَنَّ إيقَاعَ الصَّلَاةِ بِكَمَالِهَا خَلْفَ الْإِمَامِ أَكْمَلُ مِنْ إيقَاعِ الْبَعْضِ وَإِنْ حَصَلَتْ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِالْمُتَنَقِّلِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَحَمَلَهُ فِي النَّفْلِ الْمُتَمَحِّضِ أَمَّا الصَّلَاةُ الْمُعْتَادَةُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا إذْ قِيلَ إنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا يَحْتَسِبُ اللَّهُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا وَرُبَّمَا قِيلَ يَحْتَسِبُ بِأَكْمَلِهِمَا؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَوْ تَعَيَّنَتْ لِلنَّفْلِيَّةِ لَمْ يُسَنَّ فِعْلُهَا فِي جَمَاعَةٍ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ إنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَالْفَرْضُ الثَّانِيَةُ لِكَمَالِهَا وَإِنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فَالْأُولَى وَقِيلَ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضٌ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مَأْمُورٌ بِهَا وَالْأُولَى مُسْقِطَةٌ لِلْحَرَجِ لَا مَانِعَةٌ مِنْ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ فَرْضًا بِدَلِيلِ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ كَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ الْمُصَلِّيَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهَا.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ لَمْ تَصِحَّ وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي تَأَخُّرِ إحْرَامِهِ وَقَدْ قَالُوا بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَنَّ تَأَخُّرَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ هَلْ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَمْ يُفَرَّقُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَأْتِي

ص: 236

فِيهَا إذَا ظَنَّ إتْيَانَهُ بِهَا وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُ مَا ذُكِرَ فِي ظَنِّ تَأَخُّرِ الْإِحْرَامِ بَلْ أَوْلَى لِانْعِقَادِ صَلَاتِهِ فُرَادَى عِنْدَ فَقْدِهَا أَوْ الشَّكِّ فِيهَا وَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِالْمُتَابَعَةِ فِي فِعْلٍ بَعْدَ انْتِظَارٍ طَوِيلٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ التَّحَرُّمِ فَأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ.

(سُئِلَ) عَنْ الْبُصَاقِ فِي التُّرَابِ الْكَائِنِ فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَا بَصَقَ فِيهِ تُرَابَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ أَوْ مَفْرُوشَاتِهِ بِحَيْثُ صَارَ بِمَثَابَةِ أَرْضِهِ فَهُوَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ بَاصِقًا فِي الْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِحَرَامٍ إذَا لَمْ يَصِلْ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى الْمَسْجِدِ وَحُصُولُهُ فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ لَا يُؤَثِّرُ بَلْ حُصُولُ دَمِ الْفَصْدِ فِي هَوَائِهِ لَا يَحْرُمُ.

(سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَقَامَ فَوَجَدَ إمَامَهُ قَدْ قَرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ أَتَمَّهَا وَرَكَعَ قَبْلَ إتْمَامِ الْمَأْمُومِ فَاتِحَتَهُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا أَمْ لَا وَإِذَا أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَأَتَمَّ رَكْعَتَهُ ثُمَّ قَرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ فَرَكَعَ إمَامُهُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا أَمْ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ كَالْمَسْبُوقِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ إتْمَامُ فَاتِحَتِهِ وَهُوَ بِتَخَلُّفِهِ لَمْ يَتَخَلَّفْ بِغَيْرِ عُذْرٍ إذْ إتْيَانُهُ بِجُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ دُونَ إمَامِهِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مِنْهُ لَكِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا لَوْ أَتَى بِهَذَا الْجُلُوسِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْ

ص: 237

إمَامِهِ بِتَمَامِ رَكْعَتَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ مُتَعَمِّدًا وَإِلَّا لَغَا مَا أَتَى بِهِ بَعْدَهُمَا عَلَى غَيْرِ مُتَابَعَةِ إمَامِهِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مُتَابَعَتُهُ فِي رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ إلَيْهَا وَتَكْمُلُ لَهُ رَكْعَةٌ مِنْ رَكْعَتَيْهِ.

(سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ عَمُودَيْنِ مِنْ أَعْمِدَةِ الْمَسْجِدِ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا أَمْ إمَامًا وَكَذَا الْمَأْمُومُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّفِّ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ يُصَلِّي فَرِيضَةً مُنْفَرِدًا فَأَحْرَمَ بِهَا فَقَطَعَ صَلَاتَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ بِهَا مَأْمُومًا فَهَلْ الْقَطْعُ الْمَذْكُورُ جَائِزٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) هُوَ جَائِزٌ.

(سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ وَمَأْمُومَيْنِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقِفَا خَلْفَهُ بَلْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ فَمَا الْأَفْضَلُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ وُقُوفُ أَحَدِهِمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ.

(سُئِلَ) هَلْ الصَّفُّ الْمُسْتَدِيرُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ الْمُتَّصِلُ بِمَا وَرَاءَ الْإِمَامِ هَلْ يُسَمَّى صَفًّا أَوَّلَ وَكَذَلِكَ مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ صَادِقٌ عَلَى مَنْ ذُكِرَ إذَا لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ صَفٌّ فَقَدْ قَالُوا إنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّفُّ

ص: 238

الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ سَوَاءٌ حَالَتْ مَقْصُورَةٌ وَأَعْمِدَةٌ أَمْ لَا وَمِمَّا عُلِّلَتْ بِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ الْخُشُوعُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِهِ بِمَنْ أَمَامَهُ.

(سُئِلَ) هَلْ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ الْمَقَامِ حَتَّى لَوْ وَقَفَ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً لَمْ يَحْصُلْ الْفَضْلُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَلَاتَهُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِمَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَقَفَ مُتَبَاعِدًا فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ أَفْضَلِيَّةٌ خَلْفَ الْمَقَامِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ فَقَدْ قَالُوا فِعْلُهَا خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ ثُمَّ فِي الْحِجْرِ تَحْتَ الْمِيزَابِ ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ فِي الْحَرَمِ.

(سُئِلَ) عَنْ مَسْبُوقٍ أَدْرَكَ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ زَمَنًا يَسَعُ قِرَاءَةَ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ رُكُوعِهِ مَعَ إمَامِهِ فِي أَنَّهُ قَرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ أَوْ اشْتَغَلَ بِالِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ هَلْ تُحْسَبُ رَكْعَتُهُ هَذِهِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُحْسَبُ رَكْعَتُهُ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ الظُّهْرِ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ فَارَقَ إمَامَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِي حُكْمِ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ أَمْ لَا لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ الْأَوْلَى الِانْفِرَادُ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمَحَلِّيِّ رحمه الله وَظَاهِرٌ أَنَّ الْفَضِيلَةَ لَا تَفُوتُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ فَارَقَ إمَامَهُ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ وَعِبَارَةُ ابْنِ الْعِمَادِ فَإِنْ شَاءَ نَوَى مُفَارَقَتَهُ وَسَلَّمَ

ص: 239

وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ فَإِنْ فَارَقَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَمْ تَفُتْ الْفَضِيلَةُ بِلَا خِلَافٍ اهـ.

أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الِاقْتِدَاءِ وَعَلَّلُوا فَضِيلَةَ انْتِظَارِهِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ بِهِ فَضْلُ أَدَاءِ السَّلَامِ مَعَ الْإِمَامِ وَقَالُوا تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَتَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ فَارَقَ لِعُذْرٍ فَأَشْبَهَ مَا إذَا قَطَعَ الْإِمَامُ الْقُدْوَةُ وَقَالُوا تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمُصَلِّي الْجِنَازَةِ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَغَيْرِهَا بَلْ فَائِدَةُ حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لَا تَفُوتُ فِي الْمُفَارَقَةِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الِانْتِظَارِ وَلِهَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي مَسْأَلَتِنَا لَك أَنْ تَقُولَ إذَا كَانَ الْأَوْلَى الِانْفِرَادَ فَلِمَ حَصَلَتْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ. وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ صَلَاةَ الْعُرَاةِ وَنَحْوِهِمْ جَمَاعَةً صَحِيحَةٌ وَلَا ثَوَابَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ اهـ.

أَيْ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ طَلَبِهَا مِنْهُمْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لَهَا بِسَبَبِ صِفَةٍ قَامَتْ بِهِمْ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَلَا قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْأَوْلَى فِيهَا الِانْفِرَادُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا فِيهِ

ص: 240

بِخِلَافِهَا فِي الْجَمَاعَةِ وَإِنْ نَالَ فَضْلَهَا عَلَى الْأَظْهَرِ بَلْ مَا ذَكَرْته أَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَمِنْ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ إنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً اُسْتُحِبَّ لَهُ الْإِعَادَةُ مَعَهُمْ لِحِيَازَةِ فَضْلِهَا وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى الصَّحِيحِ لَوْ أَعَادَهَا صَحَّتْ نَفْلًا عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ فَرْضًا كَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ اهـ. وَالصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَطْلُوبٌ تَرْكُهَا فَضْلًا عَنْ طَلَبِ تَرْكِ جَمَاعَتِهَا وَالصَّلَاةُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَاجِبٌ فِعْلُهَا وَإِنْ انْتَفَى طَلَبُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا.

(سُئِلَ) عَمَّنْ رَأَى جَمَاعَةً يُصَلُّونَ فَظَنَّ أَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ بِإِمَامٍ وَلَمْ يَدْرِ أَيُّهُمْ هُوَ فَاقْتَدَى بِهِ وَصَلَّى مَعَهُمْ ثُمَّ تَبَيَّنَ كَوْنُهُمْ مُنْفَرِدِينَ فَهَلْ تَجِبُ إعَادَةُ صَلَاتِهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجِبُ إعَادَةُ صَلَاتِهِ إذْ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ تَفْصِيلًا أَوْ جُمْلَةً يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ جَاهِلًا بِأَنَّهُ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَكَانَتْ إزَالَتُهُ غَيْرَ عَسِرَةٍ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَةُ ذَلِكَ لِيَحْضُرَ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَلَوْ لَمْ يُزِلْهَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ لَمْ يُزِلْهَا؛ لِأَنَّ إزَالَتَهُ سُنَّةٌ.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَمَّ عُذْرٌ كَالْمَطَرِ هَلْ تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ عَنْ أَهْلِ مَحَلِّهِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ عَنْ أَهْلِ

ص: 241

مَحَلٍّ عَمَّهُ الْعُذْرُ الْمَذْكُورُ.

(سُئِلَ) هَلْ تُعَادُ الْمَكْتُوبَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خَلَلٌ أَكْثَرُ مِنْ مَرَّةٍ وَيُثَابُ الْعَبْدُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالَ فِي الْإِسْعَادِ عَلَى قَوْلِ الْإِرْشَادِ وَتُعَادُ نَدْبًا مَرَّةً أُخْرَى وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْإِعَادَةِ فِي الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ اسْتِحْبَابُهَا أَكْثَرُ مِنْ مَرَّةٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ فَفِي الْخَادِمِ كَالتَّوْسِيطِ أَنَّ الْإِمَامَ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ يَعْنِي الْإِمَامَ وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاقُ الْوَقْتِ وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنْ السَّلَفِ قُلْت وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ يُفْهَمُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فَعِبَارَةُ الْمُخْتَصَرِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ قَدْ صَلَّى مَرَّةً مَعَ الْجَمَاعَةِ كُلَّ صَلَاةٍ فَقَوْلُهُ مَرَّةً ظَاهِرُهُ الِاحْتِرَازُ عَمَّنْ صَلَّى مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ اهـ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا تُسْتَحَبُّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَقُوَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ تُرْشِدُ إلَيْهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ؟

(فَأَجَابَ) الْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُ اسْتِحْبَابِ إعَادَةِ الْمَكْتُوبَةِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمَرَّةٍ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ أَحَدٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ سِوَى الْأَذْرَعِيِّ

ص: 242

وَالْمُعْتَمَدُ اسْتِحْبَابُ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا.

(سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى خَارِجَ الْمَسْجِدِ خَلْفَ شِبَاكِهِ الْحَائِلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ وَلَا يُمْكِنُهُ الِاتِّصَالُ بِالْإِمَامِ إلَّا بِانْعِطَافٍ مِنْ جِهَتِهِ فَهَلْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِانْعِطَافُ الْمَذْكُورُ مِنْ صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْكِفَايَةِ أَنَّهُ إذَا جَذَبَ وَاحِدًا مِنْ الصَّفِّ قَبْلَ التَّحَرُّمِ حَرُمَ عَلَيْهِ أَهُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْجَذْبُ الْمَذْكُورُ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ مَأْمُومٌ عَنْ يَمِينِ إمَامِهِ فَجَاءَ آخَرُ فَأَحْرَمَ عَنْ يَسَارِهِ يُكْرَهُ لِلثَّانِي أَنْ يَجْذِبَ الَّذِي عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ قَبْلَ إحْرَامِهِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتَأَخَّرُ إلَى الثَّانِي قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ اهـ بَلْ أَنْكَرَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ كَوْنَ الْجَذْبِ بَعْدَ التَّحَرُّمِ وَقَالَ وَافَقَ الرَّافِعِيَّ عَلَى نَقْلِهِ الْفَارِقِيُّ فِي فَوَائِدِهِ وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ بَعْدَ الْكَشْفِ إلَّا فِي التَّحْلِيَةِ لِلرُّويَانِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّ الْجَذْبَ يَكُونُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ فَإِنَّ الْقَصْدَ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ وَمَتَى أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا

ص: 243

فَلَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْمُخَالِفِينَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْجَذْبِ حِينَئِذٍ اهـ. وَقَدْ أَنْكَرَهُ أَيْضًا ابْنُ أَبِي الدَّمِ فَقَوْلُ الْكِفَايَةِ لَا يَجُوزُ جَذْبُهُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ يُحْمَلُ عَلَى الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ.

(سُئِلَ) هَلْ تُكْرَهُ إقَامَةُ جَمَاعَتَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ إذَا كَانَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) لَا تُكْرَهُ وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ نَفْيِ كَرَاهَةِ إقَامَةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ قَبْلَ إمَامِهِ وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ إنْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ إمَامٌ رَاتِبٌ وَلَيْسَ مَطْرُوقًا كُرِهَ لِغَيْرِ إمَامِهِ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَيُقَالُ لَا إنْ أُقِيمَتْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيُكْرَهُ أَنْ تُقَامَ جَمَاعَةٌ فِي مَسْجِدٍ بِغَيْرِ إذْنِ إمَامِهِ إلَّا إذَا كَانَ مَطْرُوقًا وَعِبَارَةُ جَامِعِ الْمُخْتَصَرَاتِ وَتُكْرَهُ الْجَمَاعَةُ بِذِي رَاتِبٍ لَا يُطْرَقُ وَلَوْ بَعْدَهُ فِي الْأَصَحِّ اهـ. وَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ مِنْ كَرَاهَةِ عَقْدِ جَمَاعَتَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَطْرُوقِ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ الْقَبَلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ وَسَكَتَ عَنْ الْمُقَارَنَةِ.

(سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَخْبَرَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ مُصَلِّيًا بِأَنَّهُ صَلَّى كَذَا أَوْ حَاكِمًا بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا أَوْ شَاهِدًا بِأَنَّهُ شَهِدَ بِكَذَا هَلْ يُعْمَلُ بِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ

ص: 244

سُئِلَ) عَمَّا إذَا وَقَفَ الْمَأْمُومُ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ هَلْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.

(سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ أَكْلُ الثُّومِ أَوْ الْبَصَلِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ نِيئًا فَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ جَعَلَهُ مَقِيسًا عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ وَكُرِهَ لَهُ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكْلُ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا كَمَا كُرِهَ لَنَا نِيئًا اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ إذْ عَادَتُهُ غَالِبًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ عَزْوُهُ إلَى قَائِلِهِ وَإِنْ اعْتَمَدَهُ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ أَحْرَمَ مُقْتَدِيًا بِإِمَامٍ ثُمَّ شَرَعَ فِي الْفَاتِحَةِ إلَى نِصْفِهَا ثُمَّ شَكَّ فَكَرَّرَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ اسْتَمَرَّ فِي شُرُوعِهِ الْأَوَّلِ لَوَسِعَهَا الزَّمَنُ وَزِيَادَةٌ ثُمَّ أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ وَاعْتَدَلَ فَهَلْ تُحْسَبُ لَهُ الرَّكْعَةُ أَمْ لَا وَتَلْزَمُهُ رَكْعَةٌ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُحْسَبُ رَكْعَتُهُ بِلَا شَكٍّ.

(سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ أَحْرَمَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَأَحْرَمَ عَنْ يَمِينِهِ هَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ يُكْرَهُ، هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِهَا أَمْ لَا وَهَلْ الْكَرَاهَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِذَاتِ الصَّلَاةِ كَالِالْتِفَاتِ وَالْخُطْوَتَيْنِ تَبْطُلُ فَضِيلَةُ الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُكْرَهُ وُقُوفُ الْمَأْمُومِ الثَّانِي عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَتَفُوتُ

ص: 245

الْجَمَاعَةُ، نَعَمْ إنْ عَقِبَ تَحَرُّمَ الثَّانِي تَقَدُّمُ الْإِمَامِ أَوْ تَأَخُّرُهُ نَالَ أَفْضَلِيَّةَ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا فَلَا تَحْصُلُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَفِعْلُ الْمَكْرُوهِ بِلَا حَاجَةٍ يُفَوِّتُ ثَوَابَ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ فِيهِ.

(سُئِلَ) عَنْ مُنْفَرِدٍ شَكَّ فِي رُكُوعِهِ بَعْدَمَا اطْمَأَنَّ فِيهِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي قِيَامِهِ الَّذِي رَكَعَ مِنْهُ فَعَادَ إلَيْهِ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ قَرَأَهَا فَهَلْ يَسْجُدُ مِنْ قِيَامِهِ وَيَقُومُ قِيَامُهُ مَقَامَ اعْتِدَالِهِ كَمَا لَوْ قَامَ مِنْ سَجْدَةٍ نَاسِيًا بَعْدَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ الثَّانِيَةَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رُكُوعِهِ لِيَعُودَ مِنْهُ إلَى الِاعْتِدَالِ لِقَصْدِهِ بِقِيَامِهِ غَيْرَ الِاعْتِدَالِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِهَذَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْجُدُ مِنْ قِيَامِهِ لِشُمُولِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ السَّابِقَةِ لَأَنْ يَكُونَ قِيَامُهُ الْمَذْكُورُ اعْتِدَالًا لِوُقُوعِهِ بَعْدَ رُكُوعٍ مَحْسُوبٍ وَقَصْدُهُ قِيَامَ الْقِرَاءَةِ بِهِ لَا يُؤَثِّرُ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ سَجْدَتَيْهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ سَجَدَ سَجْدَةً ظَانًّا أَنَّهَا الثَّانِيَةُ فَتَبَيَّنَتْ الْأُولَى وَالْمَقِيسُ عَلَيْهَا فِي السُّؤَالِ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنْ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لِقَصْدِهِ فِيهِ النَّفَلَ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ وَأَوْلَى أَيْضًا مِمَّا لَوْ غَسَلَ اللَّمْعَةَ بِقَصْدِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ.

(سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ هَوِيَ إمَامُهُ لِلرُّكُوعِ فَهَوَى مَعَهُ ظَانًّا أَنَّهُ هَوَى لِلسُّجُودِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ

ص: 246

هَوَى لِلرُّكُوعِ فَهَلْ يُحْسَبُ هَوِيُّهُ أَمْ يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُحْسَبُ هَوِيُّ الْمَأْمُومِ عَنْ هَوِيِّ رُكُوعِهِ وَإِنْ أَتَى بِهِ عَلَى قَصْدِ هَوِيِّ السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْمُتَابَعَةُ وَقَعَتْ وَاجِبَةً فِي مَحَلِّهَا فَكَفَتْ وَكَمَا تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ عَنْ الْوَاجِبِ إذَا هَوَى الْمَأْمُومُ خَلْفَ الْإِمَامِ ظَانًّا أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ آيَتِهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ إنَّمَا هَوَى لِلرُّكُوعِ وَمَسْأَلَتُنَا أَوْلَى بِالْحُسْبَانِ مِنْ هَذِهِ.

(سُئِلَ) عَنْ مَسْبُوقٍ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً يَقِفُ فِيهَا فَيَجُرُّ شَخْصًا مِنْ الصَّفِّ لِيَقِفَ مَعَهُ فَبَانَ رَقِيقًا فَأَبَقَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ فَيَصِيرُ غَاصِبًا لَهُ.

(سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ الْبُصَاقُ عَلَى حَصِيرِ الْمَسْجِدِ فِيهِ أَمْ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا كَالْجُزْءِ مِنْهُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ.

(سُئِلَ) عَمَّا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ فِي صَفٍّ قَبْلَ إتْمَامِ مَا أَمَامَهُ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِوُقُوفِهِ الْمَذْكُورِ.

(سُئِلَ) هَلْ كَرَاهَةُ عُلُوِّ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ عَامٌّ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَمْ تَخْتَصُّ بِغَيْرِ الْمَسْجِدِ كَمَا نُقِلَ

ص: 247

عَنْ فَتْوَى الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْعِرَاقِيِّ وَمَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ كَرَاهَةَ ارْتِفَاعِ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ وَعَكْسُهُ عَامَّةٌ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ لِشُمُولِ النَّهْيِ لَهُمَا وَعِبَارَةُ الْقَمُولِيِّ فِي جَوَاهِرِهِ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْقِفُ الْإِمَامِ أَعْلَى مِنْ مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ وَبِالْعَكْسِ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ الْإِمَامُ لِتَعْلِيمِهِ صِفَةَ الصَّلَاةِ أَوْ الْمَأْمُومُ لِتَبْلِيغِ الْقَوْمِ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ عِنْدَ كَثْرَتِهِمْ إلَى أَنْ قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ فِي سَطْحِهِ وَأَوْلَى هُنَا بِالْكَرَاهَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا بَحَثَهُ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ مَمْنُوعٌ

(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِي الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَتِهِ نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اضْطَرَبَ فِيهِ كَلَامُ النَّوَوِيِّ فَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ دَلِيلًا وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ أَقْيَسُهُمَا وَنَقَلَ فِيهِمَا عَدَمَهُ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَنَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ جَزْمِ الصَّيْمَرِيِّ أَيْضًا وَقَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي.

(سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ شَكَّ فِي قِيَامِ الْأُولَى فِي نِيَّتِهِ وَطَالَ الزَّمَنُ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ سِرًّا ثُمَّ يَقْرَأَ

ص: 248

الْفَاتِحَةَ وَتَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ بِتَحَرُّمِهِمْ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَلِمُوا بِذَلِكَ بَعْدُ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَأَخُّرِ تَحَرُّمِهِمْ عَنْ تَحَرُّمِ الْإِمَامِ الصَّحِيحِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ سِرًّا ثُمَّ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ وَتَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ بِهِ وَإِنْ عَلِمُوا بَعْدَ ذَلِكَ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى النِّيَّةِ وَلِهَذَا لَوْ تَبَيَّنَ لِلْمَأْمُومِينَ بَعْدَ سَلَامِهِمْ عَدَمُ نِيَّةِ إمَامِهِمْ لَمْ تَلْزَمْهُمْ الْإِعَادَةُ.

(سُئِلَ) عَنْ شَافِعِيٍّ اقْتَدَى بِمُخَالِفٍ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ إذَا كَانَ مُخَالِفًا فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّ كَلَامَهُمْ يُشْعِرُ بِهِ وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ أَفْضَلُ إلَّا لِبِدْعَةِ إمَامِهِ أَوْ تَعْطِيلِ مَسْجِدٍ قَرِيبٍ بِغَيْبَتِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ فَاسِقًا أَوْ يَعْتَقِدُ عَدَمَ وُجُوبِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ فَفِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْمَسْجِدُ الْقَلِيلُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْجَمَاعَةُ إلَّا مَعَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَهِيَ أَفْضَلُ وَقَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ اهـ وَهَذَا وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ أَنَّ الِانْفِرَادَ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ

ص: 249

نُقِلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْمُخَالِفِ لَا يَصِحُّ.

(سُئِلَ) هَلْ يُعَدُّ الْمِنْبَرُ فَاصِلًا حَتَّى يَمْنَعَ اتِّصَالَ الصَّفِّ أَوْ لَا فَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ الصَّفِّ كَفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ الْمِنْبَرُ فَاصِلًا بَيْنَ الْمُصَلِّي وَرُفْقَتِهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ يَعُدُّهُ صَفًّا وَاحِدًا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ وَلَمْ يَقِفْ فِي قَدْرِ مَكَانِهِ أَحَدٌ فَتَحْصُلُ مَعَهُ فَضِيلَةُ الصَّفِّ كَفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَقَدْ أَطْلَقُوا أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ.

(سُئِلَ) عَنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ صَلَّوْا رَكْعَةً مِنْ الْفَرِيضَةِ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ نَوَوْا قَطْعَ الْقُدْوَةِ وَأَتَمُّوهَا مُنْفَرِدِينَ هَلْ يَسْقُطُ عَنْهُمْ طَلَبُ الْجَمَاعَةِ فَلَا يَأْثَمُونَ وَإِنْ كَانَتْ جُمُعَةً أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ طَلَبُ الْجَمَاعَةِ لِتَأَدِّي شِعَارِهَا بِصَلَاتِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْفَرِيضَةُ الْجُمُعَةَ.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ لَوْ صَلَّى مَعْذُورٌ الْجُمُعَةَ الظُّهْرَ ثُمَّ أَدْرَكَ مَعْذُورِينَ يُصَلُّونَهَا لَا يُعِيدُهَا مَعَهُمْ وَتُحْتَمَلُ غَيْرَهُ مَا الْمُعْتَمَدُ؟

(فَأَجَابَ) تُسَنُّ إعَادَتُهَا وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لَهَا وَمَا ذَكَرَهُ فِيهَا أَخَذَهُ مِنْ الْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي تَوَسُّطِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يُسْتَحَبَّ لَهُ إعَادَتُهَا وَفِي قُوتِهِ الظَّاهِرُ أَنْ لَا يُعِيدَهَا وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ وَفِي غَنِيَّتِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيَظْهَرُ أَنْ لَا يُعِيدَهَا

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ

ص: 250

وَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُ يَمِينِ الرَّدِّ بِذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ إذْ صُورَتُهُ مَا لَوْ عَلِمَ مِنْ وَرَعِ خَصْمِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ حَلِفَهُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِإِعْسَارِهِ لَمْ يَحْلِفْ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ وَقَدْ شَمَلَهُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي بَسِيطِهِ أَوْ مَدْيُونًا مُعْسِرًا يَعْسُرُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْإِعْسَارِ.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَوَى الْمُعِيدُ قَطْعَ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ هَلْ تَبْطُلُ كَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبْطُلُ إذْ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا مُسَوِّغَ لِإِعَادَتِهَا إلَّا هِيَ.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَعَادَ الصَّلَاةَ ثَالِثًا وَقُلْتُمْ إنَّهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا تَنْعَقِدُ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ إعَادَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي عَدَمِ إعَادَةِ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ أَكْثَرُ مِنْ مَرَّةٍ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ عَدَمِ انْعِقَادِ الْعِبَادَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً وَمَسْأَلَةُ إعَادَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خَارِجَةٌ عَنْهَا فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَلِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الشَّفَاعَةُ لَهُ وَقَدْ تُقْبَلُ الشَّفَاعَةُ الثَّانِيَةُ دُونَ الْأُولَى.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ مُقَارَنَةُ الْإِمَامِ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ هَلْ الْمُرَادُ فَضِيلَةُ مَا قَارَنَ فِيهِ أَمْ فَضِيلَتُهَا كُلُّهَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ تَرَدَّدَ فِيهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ فَضِيلَةُ مَا قَارَنَهُ فِيهِ.

(سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ الْجَمَاعَةُ الْقَلِيلَةُ فِي

ص: 251

الْمَسْجِدِ أَمْ الْكَثِيرَةُ فِي غَيْرِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ قَلَّتْ أَفْضَلُ مِنْهَا خَارِجَهُ وَإِنْ كَثُرَتْ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَمَا كَانَ أَكْثَرُ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ وَإِنْ كَانَ عَكَسَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعِبَادَةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مَوْجُودَةٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.

(سُئِلَ) هَلْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ لِجَمَاعَةٍ لَمْ يَحْضُرْ فِيهَا غَيْرُهُمْ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَتَصْوِيرُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ إذَا حَضَرَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاقُ ذَلِكَ الْوَقْتِ اهـ. وَإِطْلَاقُهُمْ اسْتِحْبَابَ الْإِعَادَةِ شَامِلٌ لِلْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ وَاللَّازِمُ الْمَذْكُورُ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّ الْإِعَادَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَالرَّاجِحُ تَقْيِيدُهَا بِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَتَصْوِيرُهُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَيُعْمَلُ بِإِطْلَاقِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ صَلَّى الْفَرِيضَةَ

ص: 252

مُنْفَرِدًا بِسِوَاكٍ وَآخَرَ صَلَّاهَا بِلَا سِوَاكٍ فِي جَمَاعَةٍ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا إذْ هِيَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ فَائِدَةً وَأُجِيبَ عَنْ خَبَرِ «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةٍ بِلَا سِوَاكٍ» بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتَا بِجَمَاعَةٍ أَيْضًا.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ هَلْ الْمُرَادُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ أَمْثِلَتُهُمْ حَتَّى لَا يَسْقُطَ ثَوَابُ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهَا فِي الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَمَاكِنِ النَّهْيِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ لِرُجُوعِهَا إلَى أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا بَلْ قَالُوا إنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا فِي الْمَغْصُوبِ مِنْ جِهَتِهَا وَإِنْ عُوقِبَ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ فَقَدْ يُعَاقَبُ بِغَيْرِ حِرْمَانِ الثَّوَابِ أَوْ بِحِرْمَانِ بَعْضِهِ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا ثَوَابَ عَلَيْهَا عُقُوبَةً لَهُ تَقْرِيبٌ رَادِعٌ عَنْ إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبَةِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ طَوَّلَ الْإِمَامُ عَلَى الْمَشْرُوعِ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَثَوَابُ الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى طَوَّلَ الْإِمَامُ تَطْوِيلًا مَكْرُوهًا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ أُثِيبَ عَلَى صَلَاتِهِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ أَمَّ قَوْمًا وَأَكْثَرُهُمْ لَهُ كَارِهُونَ

ص: 253

لِأَمْرٍ فِيهِ مَذْمُومٌ شَرْعًا.

(سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ فَاتَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَوْ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَوْ أَفْضَلُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَمَا وَجَّهَهُ وَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَقُولُ إنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مُنْفَرِدًا أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهَا مَعَ جَمَاعَةٍ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ إذَا صَلَّى فِيهِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَا يَلِيهِ وَهَذَا مَا فِي مَنَاسِكِ النَّوَوِيِّ رحمه الله وَعِبَارَتُهَا فَإِذَا عُرِفَتْ حَالَةُ الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَاةِ فِيمَا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم لَكِنْ إذَا صَلَّى فَالتَّقَدُّمُ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَا يَلِيهِ أَفْضَلُ فَلْيُتَفَطَّنْ لِمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَوْنِ الصَّلَاةِ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مُنْفَرِدًا أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً.

(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ خَلْفَ مُصَلٍّ نَفْلًا جَالِسًا ظَانًّا أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ فَجَلَسَ

ص: 254

يَتَشَهَّدُ مَعَهُ فَرَكَعَ الْإِمَامُ فَهَلْ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُومَ وَيَرْكَعَ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ يَرْكَعَ أَوْ يُفَارِقَهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ وَيَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ إنْ أَدْرَكَ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ زَمَنًا يَسَعُهَا قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ وَإِلَّا فَقَدْرُ مَا يَسَعُهُ مِنْهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ.

(سُئِلَ) عَنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَضْعُفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَوَرَدَ فِي حَدِيثِ «فَضْلِ الصَّلَاةِ بِسِوَاكٍ عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ سَبْعُونَ ضِعْفًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَظَاهِرُ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ بِخَمْسِ وَعِشْرِينَ صَلَاةً وَإِنَّ الصَّلَاةَ بِالسِّوَاكِ بِسَبْعِينَ صَلَاةٍ بِغَيْرِ سِوَاكٍ فَهَلْ الْحَدِيثَانِ عَلَى ظَاهِرِهِمَا أَوْ هُمَا مُؤَوَّلَانِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِظَاهِرِهِمَا فَصَلَّى شَخْصٌ فِي جَمَاعَةٍ بِسِوَاكٍ هَلْ تَكُونُ صَلَاتُهُ بِخَمْسٍ وَتِسْعِينَ صَلَاةً وَذَلِكَ مَجْمُوعُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِينَ أَوْ بِأَلْفٍ وَسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ صَلَاةٍ وَذَلِكَ الْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ سَبْعِينَ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ رَوَى الْحُمَيْدِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ خَبَرُ «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلَا سِوَاكٍ» اهـ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ الثَّوَابَ الْمُرَتَّبَ عَلَى صَلَاةِ

ص: 255

الْجَمَاعَةِ يَزِيدُ عَلَى الثَّوَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الصَّلَاةِ بِسِوَاكٍ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَيْهَا وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّرَجَاتِ الْمُرَتَّبَةَ عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ قَدْ تَعْدِلُ الْوَاحِدَةَ مِنْهَا كَثِيرًا مِنْ الرَّكَعَاتِ بِسِوَاكٍ وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْجَمَاعَةِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ وَإِذَا ضُمَّ إلَى حَدِيثِ السِّوَاكِ حَدِيثُ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلَ بِأَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ وَتِسْعِينَ اهـ.

وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ رَكْعَتَانِ بِالسِّوَاكِ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الرَّكْعَةُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ بِالسِّوَاكِ بِتِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً نَعَمْ يَصِحُّ مَا ذَكَرُوهُ عَلَى رِوَايَةِ صَلَاةٍ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةٍ لَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ اهـ. وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بَعْدَ خَبَرِ السِّوَاكِ فَإِنْ قُلْت حَاصِلُهُ إنَّ صَلَاتَهُ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِدُونِهِ وَقَضِيَّتُهُ مَعَ خَبَرِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تَضْعُفُ عَلَى صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا» أَنَّ السِّوَاكَ لِلصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ لَهَا فَتَكُونُ السُّنَّةُ أَفْضَلَ مِنْ الْفَرْضِ وَهُوَ خِلَافُ

ص: 256

الْمَشْهُورِ قُلْت هَذَا الْخَبَرُ لَا يُقَاوِمُ خَبَرَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الصِّحَّةِ وَلَوْ سَلَّمَ فَيُجَابُ بِأَنَّ السِّوَاكَ أَفْضَلُ لِكَثْرَةِ آثَارِهِ وَمِنْهَا تَعَدِّي نَفْعِهِ مِنْ طِيبِ الرَّائِحَةِ إلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ نَفْعِ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ تَفْضُلُ السُّنَّةُ الْفَرْضَ كَمَا فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ مَعَ رَدِّهِ وَإِبْرَاءُ الْمُعْسِرِ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ مَعَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ إلَى الْيَسَارِ أَوْ يُحْمَلُ خَبَرُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهَا وَصَلَاةُ الِانْفِرَادِ بِسِوَاكٍ أَوْ بِدُونِهِ وَالْخَبَرُ الْآخَرُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ وَالْأُخْرَى بِدُونِهِ فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ بِعَشْرٍ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ اهـ. .

(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُهَا بِهَا فِيهَا

(سُئِلَ) عَمَّا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ» قِيلَ لِلْأَعْمَشِ أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ فَكَيْفَ يُطَابِقُ هَذَا الْحَدِيثَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ قُدْوَةٌ بِمُقْتَدٍ وَمِنْ أَنَّ مَنْ تَابَعَ غَيْرَهُ فِي

ص: 257

الْأَفْعَالِ بِلَا نِيَّةٍ اقْتِدَاءً بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ بِصَوْتِهِ الدَّالِّ عَلَى أَفْعَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَالْمُبَلِّغِ لَهُمْ وَهَذَا التَّفْسِيرُ مَأْخُوذٌ مِمَّا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي بَابِ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ لِقَوْلِهِ «وَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ الْأَرْضَ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَشَارَ إلَيْهِ أَنْ صَلِّ فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَقَعَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى جَنْبِهِ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ» وَحِينَئِذٍ فَاتَّضَحَ الْحَالُ وَزَالَ الْإِشْكَالُ.

(سُئِلَ) عَنْ الْمُتَحَيِّرَةِ هَلْ يَلْزَمُهَا قَضَاءُ الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ أَمْ لَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهَلْ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ النَّوَافِلَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَأَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَهَلْ عَلَيْهَا فِدْيَةٌ إذَا أَفْطَرَتْ لِلْإِرْضَاعِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهَا قَضَاءُ الْفَرَائِضِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهَا تَسْتَبِيحُ النَّوَافِلَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ عَلَى الْأَصَحِّ وَخَالَفَ ذَلِكَ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ بِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ النَّوَافِلَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ

ص: 258

وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ بِأَنَّ حَدَثَهَا مُتَجَدِّدٌ وَنَجَاسَتَهَا مُتَزَايِدَةٌ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى رَوَاتِبِ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالثَّانِي عَلَى غَيْرِهَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا إذَا أَفْطَرَتْ لِلْإِرْضَاعِ

(سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ سَجَدَ عَلَى كُمِّهِ الَّذِي يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ هَلْ يَلْزَمُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ إعَادَةُ تِلْكَ الصَّلَاةِ إذَا بَانَ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَ إمَامُهُ أَبْصَرَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ إعَادَتُهَا وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ وَهَذَا قِيَاسُ حُكْمِ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ وَالْخَفِيَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِمَا.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ أَفْضَلُ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ قَلِيلَ الْجَمْعِ فِي الْمَسَاجِدِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي غَيْرِهَا هَلْ هَذَا الْمَفْهُومُ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِاعْتِمَادِهِ خَالَفَهُ قَوْلُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ أَوْ غَيْرِهَا أَفْضَلُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فَإِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَحَيْثُ كَانَ الْجَمْعُ فِي الْمَسَاجِدِ أَكْثَرَ فَهِيَ أَفْضَلُ اهـ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَكَسَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ النَّصِّ يُومِئُ إلَيْهِ وَتُعَضِّدُهُ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ

ص: 259

بِمَكَانِهَا اهـ وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ فَضِيلَةَ الْعِبَادَةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا وَفَضِيلَةُ الْمَكَانِ سَالِمَةٌ عَنْ الْمُعَارَضَةِ.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي شُرُوطِ الِانْتِظَارِ فِي الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَحَيْثُ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ يُجْزَمُ بِكَرَاهَةِ الِانْتِظَارِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ وَبِعَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ أَيْ إبَاحَتُهُ عَلَى الثَّانِي اهـ. وَقَوْلُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَوْلِي لِلَّهِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِي وَبِهَا صَرَّحَ صَاحِبُ الرَّوْضِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ قُلْت الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ انْتِظَارُهُ فِي الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَيُكْرَهُ فِي غَيْرِهِمَا الْمَأْخُوذُ مِنْ طَرِيقَةٍ ذَكَرَهَا فِيهَا قَبْلُ وَبَدَأَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهِيَ أَنَّ فِي الِانْتِظَارِ قَوْلَيْنِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يُكْرَهُ لَا مِنْ الطَّرِيقَةِ النَّافِيَةِ لِلْكَرَاهَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِلَافِ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَعَدَمِهِ فَلَا يُقَالُ إذَا فُقِدَتْ الشُّرُوطُ كَانَ الِانْتِظَارُ مُبَاحًا كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ اهـ.؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الرَّوْضِ.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُفَارِقَ الْإِمَامَ أَوْ يَنْتَظِرَهُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟

(فَأَجَابَ)

ص: 260

بِأَنَّ انْتِظَارَهُ أَفْضَلُ.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِشَخْصٍ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي السَّلَامِ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِإِدْرَاكِهِ جُزْءًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ النِّيَّةَ وَالْإِمَامُ فِي التَّحْلِيلِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ.

(سُئِلَ) عَنْ مَسْبُوقَيْنِ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِمَا هَلْ تَصِحُّ الْقُدْوَةُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ الْقُدْوَةُ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ وَكَذَا فِي مَجْمُوعِهِ وَقَالَ اعْتَمَدَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِتَصْحِيحِ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ الْمَنْعَ وَلَعَلَّهُ اغْتَرَّ بِقَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لَعَلَّ الْأَصَحَّ الْمَنْعُ لَكِنَّهُمَا قَالَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْجُمُعَةِ وَهَلْ لِلْمَسْبُوقِينَ أَوْ لِلْمُقِيمِينَ خَلْفَ مُسَافِرٍ الِاقْتِدَاءُ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِمْ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ حَصَلَتْ وَإِذَا أَتَمُّوا فُرَادَى نَالُوا فَضْلَهَا وَعَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ تَنَاقُضًا وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا مِنْ حَيْثُ حُصُولُ الْفَضِيلَةِ وَذَاكَ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ اقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ جَوَازَ اقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ قَالَ وَاقْتِدَاءُ الْمَسْبُوقِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَغَيْرِهِ اهـ. وَبَعْضُهُمْ يَحْمِلُ مَا فِي الْجُمُعَةِ

ص: 261

عَلَى مَا إذَا اقْتَدَى ثَانِيًا بِمَنْ يُخَالِفُهُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَمَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يُخَالِفْهُ فِيهَا.

(سُئِلَ) عَمَّا إذَا قَامَ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَاهِيًا وَعَلِمَ الْمَأْمُومُونَ بِذَلِكَ مَاذَا يَفْعَلُونَ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ جُمُعَةً أَوْ غَيْرَهَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَامُوا مَعَهُ عَالِمِينَ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ لِتَرْكِهِمْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَرْكَانِهَا وَإِتْيَانِهِمْ بِمَا لَا يُحْسَبُ لَهُمْ مُتَابَعَةً لَهُ فِي سَهْوِهِ وَكَذَا إنْ انْتَظَرُوهُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِتَطْوِيلِهِمْ الرُّكْنَ الْقَصِيرَ أَوْ سَجَدُوا وَقَامُوا مَعَهُ لِسَبْقِهِمْ إيَّاهُ بِرُكْنَيْنِ وَلِمُتَابَعَتِهِمْ إيَّاهُ فِي السَّهْوِ كَالرَّكْعَةِ الْخَامِسَةِ أَوْ سَجَدُوا وَانْتَظَرُوهُ فِي الْقِيَامِ لِسَبْقِهِمْ إيَّاهُ بِرُكْنَيْنِ أَوْ سَجَدُوا وَانْتَظَرُوهُ جَالِسِينَ لِجُلُوسِهِمْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْجُلُوسِ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ فِي الْجُمُعَةِ أَنْ يَسْجُدُوا وَيَنْتَظِرُوهُ فِي السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ طَوِيلٌ فَلَا يَضُرُّهُمْ تَقَدُّمُهُمْ عَلَيْهِ بِرُكْنٍ لِعُذْرِهِمْ وَيَتَخَيَّرُونَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ بَيْنَ مُفَارَقَتِهِمْ بِالنِّيَّةِ أَوْ انْتِظَارِهِمْ إيَّاهُ فِي السُّجُودِ وَقَدْ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى الْقَاضِي مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ مَسْأَلَةٌ إمَامٌ هَوَى لِلرُّكُوعِ ثُمَّ شَكَّ فِي أَنَّهُ هَلْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فَعَادَ إلَى الْقِيَامِ لِيَقْرَأَ وَتَحَقَّقَ الْمَأْمُومُونَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ قَالَ لَيْسَ لَهُمْ

ص: 262

أَنْ يَنْتَظِرُوهُ فِي هَذَا الِاعْتِدَالِ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَهْوُوا إلَى السُّجُودِ وَيَنْتَظِرُوهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ مُمْتَدٌّ وَالِاعْتِدَالُ عَنْ الرُّكُوعِ غَيْرُ مُمْتَدٍّ قَالَ وَلَوْ هَوَى الْإِمَامُ إلَى الرُّكُوعِ فِي الْفَاتِحَةِ لَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ انْتَظَرَهُ قَائِمًا حَتَّى يَعُودَ إلَيْهِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ إنْ تَنَبَّهْ الْإِمَامُ وَقَامَ قَامَ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ وَسَلَّمَ قَضَى هُوَ رَكْعَتَهُ.

(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَعَادَ الْمَكْتُوبَةَ إمَامًا هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَجِبُ إذْ طَلَبَ إعَادَتَهَا إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْجَمَاعَةِ فَإِنْ تَرَكَهَا عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِ تَرْكِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.

(سُئِلَ) عَنْ طَائِفَةٍ مُسَافِرِينَ أَقَامُوا الْجَمَاعَةَ فِي بَلْدَةٍ وَأَظْهَرُوهَا فَهَلْ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ وَيَسْقُطُ بِفِعْلِهِمْ الطَّلَبُ عَنْ الْمُقِيمِينَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ وَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِمْ الطَّلَبَ عَنْ الْمُقِيمِينَ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ إذَا أَقَامَ الْجَمَاعَةُ طَائِفَةً يَسِيرَةً مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَمْ يَحْضُرْهَا جُمْهُورُ الْمُقِيمِينَ فِي الْبُدِّ حَصَلَتْ الْجَمَاعَةُ وَلَا إثْمَ عَلَى الْمُتَخَلِّفِينَ كَمَا إذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ طَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ هَكَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ

(سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ يَعْلَمُ أَنَّ إمَامَهُ لَا يَقْرَأُ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ فَهَلْ يَجِبُ أَنْ يَقْرَأَ مَعَ إمَامِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ

ص: 263

الْأَنْوَارِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ فِيهَا أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَ إمَامِهِ فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَالزِّحَامُ وَالنِّسْيَانُ وَالْبُطْءُ فِي الْقِرَاءَةِ وَاشْتِغَالِ الْمُوَافِقِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ أَعْذَارٌ فَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ تَتِمَّ فَاتِحَةُ الْمَأْمُورِ لِلْبُطْءِ أَوْ الِاشْتِغَالِ أَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَسِيَ الْفَاتِحَةَ أَوْ شَكَّ فِي قِرَاءَتِهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ وَالسَّعْيُ خَلْفَ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَزِدْ التَّخَلُّفُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ اهـ. فَقَوْلُهُ فِي فَصْلٍ لِلصَّلَاةِ أَرْكَانٌ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقْرَأُ السُّورَةَ أَوْ إلَّا سُورَةً قَصِيرَةً وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَهُ اهـ. مُرَادُهُ بِهِ الِاسْتِحْبَابُ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ عَمْدًا حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ هَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَوْ مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْقَاضِي فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُخْرِجُ نَفْسَهُ مِنْ مُتَابَعَتِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِقِرَاءَتِهَا إلَى أَنْ يَخَافَ أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ فَيُخْرِجُ نَفْسَهُ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ

ص: 264

(سُئِلَ) عَنْ الْمَأْمُومِ الْمُنْفَرِدِ عَنْ الصَّفِّ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ.

(سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَجْعَلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَعِنْدَ السُّجُودِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مُخْتَصَرِ اللُّبَابِ كَأَصْلِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مَكْرُوهٌ جَزَمَ بِهِ فِي الزَّوَائِدِ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ ظَاهِرَةٌ فَهَلْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ الْعَالِمِ بِالنَّجَاسَةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إنْ جَهِلَهَا.

(سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَرَكَ الرَّجُلُ الْجَمَاعَةَ لِعُذْرٍ فَهَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِمَنْ تَخَلَّفَ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِعُذْرٍ فَضِيلَتُهَا وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ مَحْمُولٌ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ كَأَكْلِ بَصَلٍ أَوْ ثُومٍ وَكَوْنِ خَبْزِهِ فِي الْفُرْنِ أَوْ التَّنُّورِ.

(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وُشِمَ حَالَ صِغَرِهِ فِي يَدِهِ مَثَلًا ثُمَّ بَلَغَ وَخَافَ مِنْ إزَالَتِهِ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ هَلْ يَصِحُّ وُضُوءُهُ وَغُسْلُهُ وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ بِحَالِهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ كُلٌّ مِمَّا ذُكِرَ إذَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ لِتَضَرُّرِهِ بِهَا.

(سُئِلَ) عَمَّنْ لَزِمَتْهُ صَلَاةٌ فَصَلَّاهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادَ الْأُولَى فَهَلْ تَكْفِيهِ الْمُعَادَةُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَكْفِيهِ

ص: 265

الْمُعَادَةُ؛ لِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ مَحْضٌ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَأَقَرَّهُ

(سُئِلَ) عَمَّنْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ فَلَمَّا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ مَثَلًا نَوَى مُفَارَقَتَهُ وَاقْتَدَى بِآخَرَ قَدْ رَكَعَ بِقَصْدِ إسْقَاطِ الْفَاتِحَةِ هَلْ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَعَمْ صَحِيحٌ اقْتِدَاؤُهُ.

(سُئِلَ) عَمَّا إذَا قَدَّمَ الْإِمَامُ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى مُعْتَمِدًا عَلَيْهَا وَوَقَفَ الْمَأْمُومُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فَهَلْ تَصِحُّ قُدْوَتُهُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ.

(سُئِلَ) عَمَّا إذَا صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مُصَلِّي الظُّهْرِ وَتَرَكَ الْإِمَامُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ هَلْ تَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ الْمُفَارَقَةُ كَمَا قَالُوهُ فِي الْمَغْرِبِ خَلْفَ الظُّهْرِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَةُ إمَامِهِ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ جَوَازَ انْتِظَارِ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ وَافَقَهُ فِي جُلُوسِ تَشَهُّدِهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ وَتَعْلِيلُهُمْ لُزُومُ مُفَارَقَةِ مُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةِ بِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ رَأَى شَخْصًا مُشَمَّرَ الْأَكْمَامِ فِي الصَّلَاةِ فَبَادَرَ وَحَلَّ أَكْمَامَهُ فَكَانَ فِيهَا مَالٌ فَتَلِفَ هَلْ يَضْمَنُهُ الْحَالُّ لِذَلِكَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضْمَنُ مَنْ حَلَّ الْأَكْمَامَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لِتَرَتُّبِ تَلَفِهِ عَلَى فِعْلِهِ.

ص: 266

سُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ خَارِجَ الْمَسْجِدِ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ اقْتَدُوا بِإِمَامِهِ فِيهِ وَيَلِيهِمْ وَيَلِي الْإِمَامَ بَابُ الْمَسْجِدِ مَفْتُوحًا وَلَا وَاقِفَ دَاخِلَهُ بِإِزَاءِ الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَيَعْلَمُونَ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ بِسَمَاعِ مُبَلِّغٍ مَثَلًا فَهَلْ اقْتِدَاؤُهُمْ صَحِيحٌ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الصُّفُوفُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى الْبَابِ وَالْمُتَأَخِّرَةُ عَنْهُ وَالْمُسَامِتَةُ لَهُ عَمَلًا بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ لَوْ أَمْكَنَتْ مُشَاهَدَةُ الْإِمَامِ بِانْعِطَافٍ وَازْوِرَارٍ مِنْ جِهَتِهِ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ وَإِذًا يَكُونُ قَوْلُ السُّبْكِيّ لَوْ اقْتَدَى وَاقِفٌ فِي إيوَانِ الْمَدْرَسَةِ الشَّرْقِيِّ أَوْ الْغَرْبِيِّ بِمَنْ هُوَ فِي الْقِبْلِيِّ وَلَمْ يَرَهُ وَلَا أَحَدًا مِنْ الْمَأْمُومِينَ لَمْ تَصِحَّ ضَعِيفًا وَيَكُونُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِآخَرَ فِيهِ وَوَقَفَ شَخْصٌ بِإِزَاءِ بَابِ الْمَسْجِدِ يَرَاهُ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَيَكُونُ فِي حَقِّهِ كَالْإِمَامِ إلَخْ مَحْمُولًا عَلَى مَا كَانَ مُشَاهَدَتُهُ لِلْإِمَامِ لَوْلَا هَذِهِ الرَّابِطَةُ لَا تَتَأَتَّى إلَّا بِانْعِطَافٍ وَازْوِرَارٍ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ إمَامِهِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِصِحَّةِ كَلَامِ السُّبْكِيّ وَعَدَمِ حَمْلِ مَا يَلِيهِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَمَا صُورَةُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ لِمَنْ هُوَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ بِمَنْ هُوَ فِيهِ مَثَلًا مَعَ الِانْعِطَافِ وَالِازْوِرَارِ مِنْ جِهَتِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ اقْتِدَاءَهُمْ غَيْرُ صَحِيحٍ لِانْتِفَاءِ الرَّابِطَةِ وَهُوَ وُقُوفُ وَاحِدَةٍ مُقَابِلَ الْبَابِ

ص: 267

أَمَّا إذَا وَقَفَ وَاحِدٌ مُقَابِلَهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُمْ وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ فِي قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَوْ أَمْكَنَتْ مُشَاهَدَةُ الْإِمَامِ إلَخْ.

إذَا كَانَ هُنَاكَ بَابٌ أَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ مُقَابِلَهُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَ السُّبْكِيّ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ وَاصْطَفَّ الْمَدَارِسُ الشَّرْقِيَّةُ وَالْغَرْبِيَّةُ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ فِيهَا لَا يَرَى الْإِمَامَ وَلَا مَنْ خَلْفَهُ الظَّاهِرُ امْتِنَاعُ الْقُدْوَةِ فِيهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ لِامْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ دُونَ الْمُرُورِ وَإِنَّمَا يَجِيءُ اخْتِلَافُهُمَا إذَا حَصَلَ إمْكَانُ الرُّؤْيَةِ وَالْمُرُورِ جَمِيعًا فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ مِنْ الصَّحْنِ بِهَا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحًا اهـ. وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ عِنْدَ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ بِالْمُرُورِ وَلَوْ بِالِانْعِطَافِ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ خَارِجَ الْمَسْجِدِ إلَخْ صُورَتُهُ أَنَّ رُؤْيَةَ الْإِمَامِ مُمْكِنَةٌ وَلَوْ بِانْعِطَافٍ مِنْ جِهَتِهِ وَإِذَا كَانَ هُنَاكَ بَابٌ أَنْ يَقِفَ مُقَابِلُهُ وَاحِدٌ.

(سُئِلَ) عَنْ الْمُرَادِ بِالْكَرَاهَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْكَرَاهَةِ الْإِرْشَادِيَّةِ وَهَلْ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا إذَا وُجِدَتْ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ تُفْسِدْهَا تَمْنَعُ حُصُولَ ثَوَابِهَا لِفَاعِلِهَا سَوَاءٌ وُجِدَتْ فِي رُكْنٍ وَاحِدٍ وَانْقَطَعَتْ أَوْ اسْتَمَرَّتْ إلَى

ص: 268

فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْكَرَاهَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْكَرَاهَةِ الْإِرْشَادِيَّةِ أَنَّ الْإِرْشَادِيَّةَ مَرْجِعُهَا إلَى الطِّبِّ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهَا دُنْيَوِيَّةٌ لَا دِينِيَّةٌ وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ إذَا كَانَتْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا تَمْنَعُ حُصُولَ الثَّوَابِ.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ظَنَّ الْمَأْمُومُ أَنَّ إمَامَهُ جَلَسَ لِلرَّابِعَةِ فَجَلَسَ فِي الثَّالِثَةِ فَعَلِمَ الْحَالَ فَقَامَ لِيَلْحَقَهُ فَقَبْلَ انْتِصَابِهِ هَوَى الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ فَهَلْ يُتَابِعُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ أَوْ يَمْشِي عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ أَيْضًا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَمْشِي الْمَأْمُومُ عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَتْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا تَمْنَعُ حُصُولَ الثَّوَابِ لِلْمُصَلِّي مَا مَعْنَى ذَلِكَ وَمَا مِثَالُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَتْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ الذَّاتِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لَهَا لَا تَمْنَعُ حُصُولَ الثَّوَابِ كَالزِّيَادَةِ فِي تَطْهِيرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الثَّلَاثِ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ شَكَّ هَلْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ تَقَدَّمَ فِي الْمَوْقِفِ عَلَيْهِ أَمْ لَا حَيْثُ تَصِحُّ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَلَاتُهُ فِيهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ شَكِّهِ فِي تَقَدُّمِهِ فِي

ص: 269

الْمَوْقِفِ حَيْثُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي مَسْأَلَتِنَا شَكٌّ فِي الِانْعِقَادِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَفِي تِلْكَ شَكٌّ فِي الْإِبْطَالِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الْقَدِيمَ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ مَعَ تَحَقُّقِ التَّقَدُّمِ.

(سُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ بِمَسْجِدٍ لَيْسَ فِيهِمْ إمَامٌ رَاتِبٌ وَبَعْضُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ فَهَلْ يُكْرَهُ تَقْدِيمُ الْمَفْضُولِ مَعَ حُضُورِ الْفَاضِلِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِهِ وَأَذِنَ لَهُ الْفَاضِلُ تَرْتَفِعُ الْكَرَاهَةُ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا كَانَ الْإِمَامُ فَاسِقًا أَوْ مُبْتَدِعًا وَقُلْتُمْ بِكَرَاهَةِ إمَامَتِهِ فَهَلْ عَدَمُ الثَّوَابِ مُخْتَصٌّ بِهِ أَوْ بِمَنْ اقْتَدَى بِهِ وَهَلْ تُكْرَهُ قُدْوَتُهُ بِمِثْلِهِ وَالْفَاسِقُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُكْرَهُ إمَامَةُ الْمَفْضُولِ وَتُكْرَهُ إمَامَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُتَابِعَهُ فِيهَا لِكَوْنِهَا رَابِعَتَهُ أَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعُ الْقُدْوَةِ لِكَوْنِهَا خَامِسَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمَامِ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ بَعْدَ قِيَامِ الْإِمَامِ يَنْتَظِرُ سَلَامَهُ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ جُلُوسِ الْإِمَامِ لَوْلَا قِيَامُهُ إلَى الْخَامِسَةِ الْمَذْكُورَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَةُ إمَامِهِ فِي خَامِسَتِهِ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعُ الْقُدْوَةِ وَحِينَئِذٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ انْتِظَارُ إمَامِهِ بَعْدَ رَكْعَتِهِ.

(سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ مُوَافِقٍ لِلْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِ

ص: 270

الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ مَثَلًا ثُمَّ أَنَّهُ شَكَّ عِنْدَ جُلُوسِ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ أَثَالِثَةٌ هِيَ أَمْ رَابِعَةٌ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ وَقَطْعُ الْقُدْوَةِ لِكَوْنِهَا تَحْتَمِلُ أَنَّهَا الثَّالِثَةُ أَمْ لَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَيَنْتَظِرَ سَلَامَهُ ثُمَّ يَأْتِيَ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي شَكَّ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ قَطْعُ الْقُدْوَةِ ثُمَّ إتْيَانُهُ بِرَكْعَةٍ.

(سُئِلَ) عَنْ الْمَأْمُومِ الْمَتْبُوعِ الْوَاقِفِ بِحِذَاءِ مَنْفَذِ الْمَسْجِدِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وَاقِفًا بِجَانِبِ الْعَتَبَةِ مِنْ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ إذَا كَانَتْ الْعَتَبَةُ لَا تَسَعُهُ أَمْ لَا وَهَلْ يَكْفِي وُقُوفُهُ عَلَى أَوَّلِ الدَّرَجَاتِ الَّتِي يَصْعَدُ مِنْهَا إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ أَمْ لَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصُّفُوفِ التَّابِعِينَ لَهُ أَنْ يَتَّصِلَ بِهَا الصَّفُّ الْوَاقِفُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ الِاتِّصَالُ الْمُعْتَبَرُ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَرَاوِزَةِ أَمْ لَا وَهَلْ مَا نُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا حَالَةَ التَّحَرُّمِ بِالصَّلَاةِ فَانْغَلَقَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ أَوْ إذَا أَحْدَثَ الْمَأْمُومُ الْمَتْبُوعُ أَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ قُدْوَةُ الصُّفُوفِ التَّابِعِينَ لَهُ مُعْتَمَدٌ ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ تَصِحُّ قُدْوَةُ الْوَاقِفِ عَلَى سَطْحِهِ بِالْإِمَامِ الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا رَآهُ أَوْ بَعْضُ صَفٍّ مِنْ غَيْرِ الِاتِّصَالِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْمُرُورُ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِانْعِطَافٍ أَمْ لَا

ص: 271

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَقِفَ مُقَابِلَ الْمَنْفَذِ بِحَيْثُ يُشَاهِدُ الْإِمَامَ أَوْ بَعْضَ الْمُقْتَدِينَ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الصُّفُوفِ التَّابِعِينَ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ الصَّفُّ الْخَارِجُ عَنْ الْمَسْجِدِ وَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ مُعْتَمَدٌ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ سَجَدَ فِي أَثْنَاءِ فَاتِحَتِهِ لِتِلَاوَةِ إمَامٍ فَلَمَّا عَادَ مِنْ السُّجُودِ اسْتَأْنَفَ الْفَاتِحَةَ مِنْ أَوَّلِهَا أَمَّا جَاهِلًا وَأَمَّا نَاسِيًا أَوْ مُوَسْوِسًا فَرَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ إتْمَامِهِ الْفَاتِحَةَ فَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْحَالَةُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ إتْمَامُ فَاتِحَتِهِ وَالْجَرْيُ عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ؛ لِأَنَّ اسْتِئْنَافَهُ لِفَاتِحَتِهِ سُنَّةٌ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا قَائِلًا بِانْقِطَاعِ مُوَالَاةِ فَاتِحَتِهِ بِمَا فَعَلَهُ كَالْحَمْدِ عِنْدَ الْعُطَاسِ وَغَيْرِهِ

(سُئِلَ) عَمَّنْ انْتَظَرَ سَكْتَةَ الْإِمَامِ لِيَقْرَأَ فِيهَا الْفَاتِحَةَ فَرَكَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ فَاتِحَتِهِ قَالَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالنَّاسِي خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي قَوْلِهِ بِسُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ هَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالنَّاسِي أَوْ كَالْمُشْتَغِلِ بِسُنَّةٍ حَتَّى يَقْرَأَ قَدْرَ السَّكْتَةِ وَيُعْذَرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ السَّكْتَةَ سُنَّةٌ وَمَا الرَّاجِحُ فِي ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَقْرَبَ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

ص: 272