الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دفع شبهة الحلول
فتوى رقم (4715) :
س ما معنى قوله تعالى في الحديث القدسي «فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها (1) » ؟
ج إذا أدى المسلم ما فرض عليه ثم اجتهد في التقرب إلى الله تعالى بنوافل الطاعات واستمر على ذلك وسعه أحبه الله تعالى، وكان عونا له في كل ما يأتي ويذر، فإذا سمع كان مسددا من الله في سمعه فلا يستمع إلا الخير ولا يقبل إلا الحق، وينزاح عنه الباطل، وإذا أبصر بعينه أو قلبه أبصر بنور من الله فكان في ذلك على هدى من الله وبصيرة نافذة بتأييد الله وتوفيقه، فيرى الحق حقا والباطل باطلا، وإذا بطش بشيء بطش بقوة من الله فكان بطشه من
(1) الإمام البخاري [فتح الباري] برقم (6502) ، وأحمد مختصرا (6 / 656) ، وعبد الرزاق في [المصنف] برقم (20301) مرسلا عن الحسن، وابن أبي شيبة برقم (17330) عن حسان بن عطية مرسلا، وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب [الأولياء] ، والحكيم الترمذي في [نوادر الأصول] ، وابن مردويه، وأبو نعيم في [الحلية] وابن عساكر في تاريخه من حديث أنس بن مالك كما في [الدر المنثور](9 / 6) .
بطش الله نصرة للحق، وإذا مشى كان مشيه في طاعة الله طلبا للعلم وجهادا في سبيل الله، وبالجملة كان عمله بجوارحه الظاهرة والباطنة بهداية من الله وقوة منه سبحانه.
وبهذا يتبين أنه ليس في الحديث دليل على حلول الله في خلقه أو اتحاده بأحد منهم، ويرشد إلى ذلك ما جاء في آخر الحديث من قوله تعالى «ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه (1) » وما جاء في بعض الروايات من قوله «فبي يسمع وبي يبصر» إلخ؛ فإن ذلك إرشاد إلى المراد في أول الحديث، وتصريح بسائل ومسؤول ومستعيذ ومعيذ ومستعين ومعين، وهذا الحديث نظير الحديث القدسي الآخر يقول الله تعالى «عبدي مرضت فلم تعدني (2) » إلخ، فكل منهما يشرح آخره أوله، لكن أرباب الهوى يتبعون ما تشابه من النصوص ويعرضون عن المحكم منها فضلوا سواء السبيل.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) صحيح البخاري الرقاق (6502) .
(2)
مسلم برقم (2569) ، والبيهقي في [الأسماء والصفات] ، كما في [الدر المنثور](5 / 135) .
السؤال الأول من الفتوى رقم (5213) :
س1 كيف الرد على القائلين بأن (الله في كل مكان) تعالى عن ذلك وما حكم قائلها؟
ج1 أولا: عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى مستو على عرشه بذاته وهو ليس داخل العالم، بل منفصل وبائن عنه وهو مطلع على كل شيء لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء قال تعالى:{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (1) الآية، وقال تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (2) وقال الله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} (3) وقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (4) الآية، وقال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} (5) ومما يدل على علوه على خلقه نزول القرآن من عنده والنزول لا يكون إلا من أعلى إلى أسفل، قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} (6)
(1) سورة الأعراف الآية 54
(2)
سورة طه الآية 5
(3)
سورة الفرقان الآية 59
(4)
سورة السجدة الآية 4
(5)
سورة هود الآية 7
(6)
سورة المائدة الآية 48
الآية، وقال تعالى:{حم} (1){تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (2) وقال تعالى: {حم} (3){تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (4) إلى غير ذلك في الآيات الدالة على علو الله سبحانه وتعالى، وفي حديث معاوية بن الحكم السلمي قال:«كانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية، فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي، قلت يا رسول الله، أفلا أعتقها؟ قال ائتني بها فأتيته بها، فقال لها أين الله؟ قالت في السماء، قال من أنا؟ قالت أنت رسول الله، قال أعتقها فإنها مؤمنة (5) » أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم وفي الصحيحين حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء (6) » .
(1) سورة غافر الآية 1
(2)
سورة غافر الآية 2
(3)
سورة فصلت الآية 1
(4)
سورة فصلت الآية 2
(5)
الإمام أحمد (5 / 447) ، ومالك في [الموطأ] كتاب العتاقة (666) ، ومسلم برقم (537) واللفظ له، وأبو داود برقم (3282) ، والنسائي في [المجتبي](3 / 15) ، وابن خزيمة في التوحيد برقم (178، 179، 180) ، وأورده ابن أبي عاصم في [السنة](1 / 215) ، واللالكائي في [أصول أهل السنة](3 / 392) ، والذهبي في [العلو](81) .
(6)
أحمد (3 / 4، 68، 73) ، والبخاري [فتح الباري] برقم (3344، 4351) ، ومسلم برقم (1064) ، وأبو داود (4764) ، والنسائي في [المجتبي](5 / 87) .
ثانيا: من اعتقد أن الله في كل مكان فهو من الحلولية، ويرد عليه بما تقدم من الأدلة على أن الله في جهة العلو، وأنه مستو على عرشه بائن من خلقه فإن انقاد لما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وإلا فهو كافر مرتد عن الإسلام.
وأما قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (1) فمعناه عند أهل السنة والجماعة أنه معهم بعلمه واطلاعه على أحوالهم، وأما قوله تعالى:{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} (2) فمعناه أنه سبحانه هو معبود أهل السماوات ومعبود أهل الأرض، وأما قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} (3) فمعناه: أنه سبحانه إله أهل السماوات وإله أهل الأرض لا يعبد بحق سواه، وهذا هو الجمع بين الآيات والأحاديث الواردة في هذا الباب عند أهل الحق.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) سورة الحديد الآية 4
(2)
سورة الأنعام الآية 3
(3)
سورة الزخرف الآية 84