المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ - فتح البيان في مقاصد القرآن - جـ ١

[صديق حسن خان]

الفصل: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ‌

(125)

(وإذ جعلنا البيت مثابة للناس) أي لأجلهم أو لأجل مناسكهم، والبيت هو الكعبة غلب عليه كما غلب النجم على الثريا، ويدخل فيه جميع الحرم لوصفه بكونه آمناً كما سيأتي، ومثابة مصدر من ثاب يثوب مثاباً ومثابة أي مرجعاً يرجع الحجاج إليه بعد تفرقهم عنه، وقيل المثابة من الثواب أي يثابون هنالك قال مجاهد الراد أنهم لا يقضون منه أوطارهم، قال الأخفش ودخلت الهاء لكثرة من يثوب إليه كعلامة ونسابة، وقال غيره هي للتأنيث وليست للمبالغة وهو مصدر أو اسم مكان، قولان.

(وأمناً) هو اسم مكان أي موضع أمن وهو أظهر من جعله اسم الفاعل على سبيل المجاز كقوله (حرماً آمنا) فإن الآمن هو الساكن والملتجىء والأول لا مجاز فيه، وقد استدل بذلك جماعة من أهل العلم على أنه لا يقام الحد على من لجأ إليه، ويؤيد ذلك قوله تعالى (ومن دخله كان آمناً) وقيل إن ذلك منسوخ، وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكة: " إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة وأنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاه فقال العباس: يا رسول الله إلا الأذخر فإنه لقينهم وبيوتهم، فقال: إلا الأذخر " أخرجه البخاري ومسلم (1) وكان الناس يأمنون فيه من أذى المشركين فإنهم كانوا لا يتعرضون لأهل مكة ويقولون هم أهل الله، وقال ابن عباس في الآية معاذاً وملجأً.

(1) رواه مسلم/1353 وقد ورد في فضائل مكة أحاديث كثيرة صحيحة.

ص: 275

(واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) قرىء على أنه فعل ماض أي واتخذوه مصلى، وقرىء على صيغة الأمر، ويجوز أن يكون تقديره وقلنا اتخذوا والمقام في اللغة موضع القيام قال النحاس هو من قام يقوم يكون مصدراً واسماً للموضع، ومقام من أقام، ومن للتبعيض وهذا هو الظاهر، وقيل بمعنى في وقيل زائدة على قول الأخفش وليسا بشيء، اختلف في تعيين المقام على أقوال أصحها أنه الحجر الذي يعرفه الناس ويصلون عنده ركعتي الطواف، وقيل المقام الحرم كله روي ذلك عن عطاء ومجاهد وقيل عرفة والمزدلفة، وقال الشعبي: الحرم كله مقام، والمعنى اتخذوا مصلى كائناً عند مقام إبراهيم، والعندية تصدق بجهاته الأربع والتخصيص يكون المصلى خلفه إنما استفيد من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والصحابة بعده.

أخرج البخاري وغيره من حديث أنس عن عمر بن الخطاب قال: " وافقت ربي في ثلاث ووافقني ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت هذه الآية وقلت: يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب واجتمع على رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم نساؤه في الغيرة فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن فنزلت كذلك " وأخرجه مسلم وغيره مختصراً من حديث ابن عمر عنه (1).

وأخرج مسلم وغيره من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعاً حتى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين ثم قرأ (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وفي مقام إبراهيم عليه السلام أحاديث كثيرة مستوفاة في الأمهات وغيرها، والأحاديث الصحيحة تدل على أن مقام إبراهيم هو الحجر الذي كان يقوم عليه لبناء الكعبة لما ارتفع

(1) وانظر الحديث بطوله في صحيح مسلم/1479.

ص: 276

الجدار أتاه إسماعيل به ليقوم فوقه كما في البخاري من حديث ابن عباس، وهو الذي كان ملصقاً بجدار الكعبة وأول من نقله عمر بن الخطاب كما أخرجه عبد الرزاق والبيهقي بإسناد صحيح، وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق مختلفة.

وأخرج ابن أبي حاتم من حديث جابر في وصف حج النبي صلى الله عليه وسلم قال لما طاف النبي صلى الله عليه وسلم قال له عمر هذا مقام إبراهيم، قال نعم، وأخرج نحوه ابن مردويه قيل: كان أثر أصابع رجلي إبراهيم فيه فاندرست بكثرة المسح بالأيدي، وإنما أمروا بالصلاة عنده ولم يؤمروا بمسحه وتقبيله.

وقد روى البخاري في بدء قصة المقام أثراً طويلاً عن ابن عباس وقد ورد في حديث الترمذي أن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما (1).

واختلفوا في قوله (مصلى) فمن فسر المقام بمشاهد الحج ومشاعره قال مصلى مدعى من الصلاة التي هي الدعاء، ومن فسر المقام بالحجر قال معناه واتخذوا من مقامه قبلة أمروا بالصلاة عنده، وهذا هو الصحيح لأن لفظ الصلاة إذا أطلق لا يعقل منه إلا الصلاة المعهودة ذات الركوع والسجود ولأن مصلى الرجل هو الوضع الذي يصلي فيه.

(وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) معنى عهدنا هنا أمرنا أو أوحينا، وقيل ألزمنا وأوجبنا، ومن أغرب ما نقل في تسمية إسماعيل أن إبراهيم كان يدعو الله أن يرزقه ولداً ويقول في دعائه اسمع يا إيل، وإيل بلسان السريانية هو الله، فلما رزق الولد سماه به وقيل هو اسم أعجمي، وفيه لغتان اللام والنون ويجمع على سماعله وسماعيل وأساميع، والمراد بالتطهير قيل من الأوثان قاله ابن عباس، وقيل من الآفات

(1) الترمذي كتاب الحج الباب 49 - أحمد بن حنبل 2/ 212، 214.

ص: 277

والريب وقول الزور والرجس، قاله مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة، وقيل من الكفار، وقيل من النجاسات وطواف الجنب والحائض وكل خبيث، والظاهر أنه لا يختض بنوع من هذه الأنواع وأن كل ما يصدق عليه مسمى التطهير فهو يتناوله إما تناولاً شمولياً أو بدلياً.

والإضافة في قوله " بيتي " للتشريف والتكريم، والمراد بالبيت الكعبة، والطائف الذي يطوف به أي الدائر حوله، وقيل الغريب الطاريء على مكة والعاكف المقيم، وأصل العكوف في اللغة اللزوم واللبث والإقبال على الشيء، وقيل هو المجاور دون المقيم من أهلها، والمراد بقوله (الركع السجود) المصلون، وخص هذين الركنين بالذكر لأنهما أشرف أركان الصلاة، عن ابن عباس قال: إذا كان قائماً فهو من الطائفين، وإذا كان جالساً فهو من العاكفين، وإذا كان مصلياً فهو من الركع السجود، وعن عمر بن الخطاب أنه سئل عن الذين ينامون في المسجد فقال: هم العاكفون.

وفي الآية مشروعية طهارة المكان للطواف والصلاة، قال الرازي والكيا الهراسي وفيها دلالة على أن الطواف للغرباء أفضل، والصلاة للمقيم أمثل (قلت): ولم يظهر لي وجه ذلك، قالا وفيها دلالة على جواز الصلاة في نفس الكعبة حيث قال (بيتي) خلافاً لمالك (قلت): وفيه أن الطواف لا يكون في نفس الكعبة، قال الرازي: وفيها دلالة على أن الطواف قبل الصلاة (قلت) وقد سبقه بذلك ابن عباس، وفيها دلالة على جواز المجاورة بمكة لأن قوله (والعاكفين) يحتمله، والسجود جمع ساجد نحو قاعد وقعود، وهو مناسب لما قبله، وقيل أنه مصدر نحو الدخول والقعود، والمعنى ذوي السجود، ذكره أبو البقاء والأول أولى، ولتقارب الأخيرين ذاتاً وزماناً ترك العاطف بينهما وجمع صفتين جمع سلامة وأخريين جمع تكسير لأجل المقابلة وهو نوع من الفصاحة.

ص: 278

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)

ص: 279

(وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا) أي مكة وقيل الحرم (بلداً آمنا) والمراد الدعاء لأهله من ذريته وغيرهم كقوله عيشة راضية أي راض صاحبها أو الإسناد إلى المكان مجاز كما في ليل نائم أي نائم فيه، قاله السعد التفتازاني، وعلى هذا المراد أمن الملتجىء إليه فأسند إليه مبالغة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها فلا يصاد صيدها ولا يقطع عضاهها (1) " كما أخرجه أحمد ومسلم والنسائي وغيرهم من حديث جابر وقد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق جماعة من الصحابة، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض وهي حرام إلى يوم القيامة (2) " أخرجه البخاري وأهل السنن من حديث أبي هريرة تعليقاً، وابن ماجة من حديث صفية بنت شيبة، وفي الباب أحاديث غير ما ذكرنا.

ولا تعارض بين هذه الأحاديث فإن إبراهيم عليه السلام لما بلغ الناس أن الله حرمها وأنها لم تزل حرماً آمناً نسب إليه أنه حرمها أي أظهر للناس حكم الله فيها، وإلى هذا الجمع ذهب ابن عطية وابن كثير، وقال ابن جرير: أنها كانت حراماً ولم يتعبد الله الخلق بذلك حتى سأله إبراهيم فحرمها وتعبدهم بذلك انتهى وكلا الجمعين حسن.

(1) مسلم 1362.

(2)

صحيح الجامع الصغير 1747.

ص: 279

(وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر) إنما سأل إبراهيم ذلك لأن مكة لم يكن بها زرع ولا ثمرة فاستجاب الله له وجعل مكة حرماً آمناً تجبى إليه ثمرات كل شيء، عن محمد بن مسلم الطائفي قال: بلغني أنه لما دعا إبراهيم للحرم نقل الله الطائف من فلسطين (ومن) للتبعيض أي بعض الثمرات، ولم يقل من الحبوب لما في تحصيله من الذل الحاصل بالحرث وغيره، فاقتصاره على الثمرات لتشريفهم، وقيل " من " للبيان وليس بشيء إذ لم يتقدم مبهم يبين بها، والمراد بالأمن المذكور في قوله (مثابة للناس وآمنا) هو الأمن من الأعداء والخسف والمسخ والمراد هنا من الأمن هو الأمن من القحط، ولهذا قال (وارزق أهله من الثمرات) ذكره الكرخي.

والمعنى وارزق من آمن من أهله دون من كفر، وسبب هذا التخصيص أن إبراهيم لما سأل ربه أن يجعل النبوة والإمامة في ذريته: فأجابه الله بقوله: (لا ينال عهدي الظالمين) وصار ذلك تأديباً له في المسئلة فلا جرم خص هنا بدعائه المؤمنين دون الكافرين، ثم أعلمه أن الرزق في الدنيا يستوي فيه المؤمن والكافر بقوله:

(قال ومن كفر فأمتعه) أي سأرزق الكافر أيضاً (قليلاً) أي في الدنيا مدة حياته، وعن محمد بن كعب القرظي قال: دعا إبراهيم للمؤمنين وترك الكفار، ولم يدع لهم بشيء فقال تعالى (ومن كفر فأمتعه) الآية. وعن ابن عباس قال: كان إبراهيم احتجزها على المؤمنين دون الناس، فأنزل الله ومن كفر فأنا أرزقهم أيضاً كما أرزق المؤمنين، أخلق خلقاً لا أرزقهم، ثم قرأ ابن عباس (كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء) الآية، فالظاهر أن هذا من كلام الله سبحانه رداً على إبراهيم حيث طلب الرزق للمؤمنين دون غيرهم، ويحتمل أن يكون كلاماً مستقلاً بياناً لحال من كفر ويكون في حكم الإخبار عن حال الكافرين بهذه الجملة الشرطية، أي من كفر فإني أمتعه في هذه الدنيا بما يحتاجه من الرزق إلى منتهى أجله وذلك قليل لأنه ينقطع.

ص: 280

(ثم أضطره) أي ألزه لز المضطر لكفره بعد هذا التمتع (إلى عذاب النار)، أخبر سبحانه أنه لا ينال الكفرة من الخير إلا تمتعهم في هذه الدنيا، وليس لهم بعد ذلك إلا ما هو شر محض، وأما على قراءة من قرأ فأمتعه وأضطره بصيغة الأمر فهي مبنية على أن ذلك من جملة كلام إبراهيم، وأنه لما فرغ من الدعاء للمؤمنين دعا للكافرين بالإمتاع قليلاً، ثم دعا عليهم بأن يضطرهم الله إلى عذاب النار، وحاصل معنى أضطره ألزمه حتى أصيره مضطراً لذلك لا يجد عنه مخلصاً ولا منه متحولاً (وبئس المصير) أي المرجع هي، والواو فيه ليست للعطف والإلزم عطف الإنشاء على الإخبار بل للإستئناف كما قال في المغنى في قوله (واتقوا الله ويعلمكم الله).

ص: 281

(وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) حكاية حال ماضية استحضاراً لصورته العجيبة، والقواعد جمع قاعدة وهي الأساس، قاله أبو عبيدة والفراء وهي صفة غالبة من القعود بمعنى الثبات، ولعله مجاز من المقابل للقيام ومنه قعدك الله، وقال الكسائي: هي الجدر والمراد برفعها رفع ما هو مبنى فوقها لا رفعها في نفسها فإنها لم ترفع، لكنها لما كانت متصلة بالبناء المرتفع فوقها صارت كأنها مرتفعة بارتفاعه أو المراد بها سافات البناء، فإن كل ساف قاعدة لما يبنى عليه وبرفعها بناؤها أو المراد رفع مكانته ودعاء الناس إلى حجه، وفي إبهام القواعد وتبيينها ثانياً بقوله من البيت تفخيم لشأنها.

(ربنا) أي قائلين ربنا، وقرأ أبيّ وابن مسعود يقولان ربنا (تقبل منا) أي طاعتنا إياك وعبادتنا لك (إنك أنت السميع) لدعائنا (العليم) بنياتنا.

وقد أكثر المفسرون في تفسير هذه الآية من نقل أقوال السلف في كيفية بناء البيت، ومن أي أحجار الأرض بني، وفي أي زمان عرف، ومن حجه، وما ورد فيه من الأدلة الدالة على فضله أو فضل بعضه كالحجر الأسود، وفي الدر المنثور من ذلك ما لم يكن في غيره فليرجع إليه، وفي تفسير ابن كثير بعض من ذلك.

ص: 281

ولما لم يكن ما ذكروه متعلقاً بالتفسير لم نذكره

وفي القسطلاني على البخاري بنيت الكعبة عشر مرات:

الأول: بناء الملائكة.

الثاني: بناء آدم.

الثالث: بناء ابنه شيث بالطين والحجارة وغرق بالطوفان.

الرابع: بناء إبراهيم (1)

الخامس: بناء العمالقة.

السادس: بناء جرهم والذي بناه منهم هو الحرث بن مضاض الأصغر.

السابع: بناء قصي خامس جد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

الثامن: بناء قريش.

التاسع: بناء عبد الله بن الزبير في أوائل سنة أربع وستين.

العاشر: بناء الحجاج انتهى حاصله، قال سليمان الجمل وهذا بحسب ما اطلع عليه وإلا فقد بناه بعد ذلك بعض الملوك سنة ألف وتسع وثلاثين كما نقله بعض المؤرخين، قال الرازي فيه: أن بناء المسجد قربة وفيه استحباب الدعاء بقبول الأعمال.

(1) روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كانت الملائكة تحج إلى البيت قبل آدم. وقال ابن عباس: لما أهبط آدم؛ قال الله تعالى: يا آدم! اذهب فابن لي بيتاً فطف به، واذكرني حوله كما رأيت ملائكتي تصنع حول عرشي. فأقبل يسعى حتى انتهى إلى البيت الحرام، وبناه من خمسة أجبل: من لبنان، وطور سيناء، وطور زيتا، والجودي، وحراء، فكان آدم أول من أسس البيت، وطاف به، ولم يزل كذلك حتى بعث الله الطوفان، فدرس موضع البيت، فبعث الله إبراهيم وإسماعيل. وقال علي ابن أبي طالب، رضي الله عنه: لما أمر الله تعالى إبراهيم ببناء البيت؛ ضاق به ذرعاً، ولم يدر كيف يصنع، فأنزل الله عليه كهيئة السحابة، فيها رأس يتكمل، فقال: يا إبراهيم! علّم على ظلي، فلما علّم ارتفعت. وفي رواية أنه كان يبني عليها كل يوم صقال: وحفر إبراهيم من تحت السكينة، فأبدى عن قواعد، ما تحرك القاعدة منها دون ثلاثين رجلاً. فلما بلغ موضع الحجر، قال لإسماعيل: التمس لي حجراً، فذهب يطلب حجراً، فجاء جبريل بالحجر الأسود، فوضعه، فلما جاء إسماعيل، قال: من جاءك بهذا الحجر؟ قال: جاء به من يتكل على بنائي وبنائك.

ص: 282