الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
(221)
وأوقعكم فيما فيه الحرج والمشقة، وقيل العنت هنا معناه الهلاك، قاله أبو عبيده وأصل العنت المشقة، وقال ابن الأنباري: أصل العنت التشديد، ثم نقل إلى معنى الهلاك (إن الله عزيز) أي لا يمتنع عليه شيء لأنه غالب لا يغالب (حكيم) يتصرف في ملكه بما تقتضيه مشيئته وحكمته وليس لكم أن تختاروا لأنفسكم.
(ولا تنكحوا المشركات) أي لا تتزوجوا، والمراد بالنكاح العقد لا الوطء حتى قيل أنه لم يرد في القرآن بمعنى الوطء أصلاً (حتى يؤمنَّ) حتى بمعنى إلى أي إلى أن يؤمنَّ.
وفي هذه الآية النهي عن نكاح المشركات فقيل المراد بها الوثنيات، وقيل أنها تعم الكتابيات لأن أهل الكتاب مشركون قالت: اليهود عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله.
وقد اختلف أهل العلم في هذه الآية فقالت طائفة: إن الله حرم نكاح المشركات فيها والكتابيات من الجملة، ثم جاءت آية المائدة فخصصت الكتابيات من هذا العموم، وهذا محكي عن ابن عباس ومالك وسفيان بن سعيد وعبد الرحمن بن عمرو والأوزاعي.
وذهبت طائفة إلى أن هذه الآية ناسخة لآية المائدة وأنه يحرم نكاح الكتابيات والمشركات، وهذا أحد قولي الشافعي وبه قال جماعة من أهل
العلم، ويجاب عن قولهم إن هذه الآية ناسخة لآية المائدة بأن سورة البقرة من أول ما أنزل، وسورة المائدة من آخر مما نزل، والقول الأول هو الراسخ، وقد قال به مع من تقدم عثمان بن عفان وطلحة وجابر وحذيفة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن وطاوس وعكرمة والشعبي والضحاك كما حكاه النحاس والقرطبي، وقد حكاه ابن المنذر عن المذكورين، وزاد عمر بن الخطاب وقال: لا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك.
وقال بعض أهل العلم: إن لفظ المشرك لا يتناول أهل الكتاب لقوله تعالى (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين) وعلى فرض أن لفظ المشركين يعم فهذا العموم مخصوص بآية المائدة كما قدمنا عن مقاتل بن حيان قال: نزلت هذه الآية في أبي مرثد الغنوي استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في عناق أن يتزوجها، وكانت ذات حظ من جمال، وهي مشركة وأبو مرثد يومئذ مسلم فقال يا رسول الله إنها تعجبني، فأنزل الله (ولا تنكحوا المشركات) أخرجه ابن أبي حاتم وابن المنذر.
وأخرج البخاري عن ابن عمر قال: حرم الله نكاح المشركات على المسلمين ولا أعرف شيئاً من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى أو عبد من عباد الله.
(ولأمة مؤمنة خير من مشركة) أي ولرقيقة مؤمنة أنفع وأصلح وأفضل من حرة مشركة، وقيل المراد بالأمة الحرة لأن الناس كلهم عبيدٌ لله وإماؤه والأول أولى لأنه الظاهر من اللفظ ولأنه أبلغ فإن تفضيل الأمة المؤمنة على الحرة المشتركة يستفاد منه تفضيل الحرة المؤمنة على الحرة المشركة بالأولى.
قال ابن عرفة: يجيء التفضيل في كلامهم إيجاباً للأول ونفياً عن الثاني، فعلى هذا لا يلزم وجود خير في المشركة مطلقاً.
(ولو أعجبتكم) المشركة من جهة كونها ذات جمال أو مال أو نسب أو شرف وهذه الجملة حالية، قال السيوطي: وهذا مخصوص بغير الكتابيات بآية (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب)(1).
(ولا تنكحوا المشركين) أي لا تزوجوا الكفار بالمؤمنات خطاب للأولياء (حتى يؤمنوا) قال القرطبي: وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه، لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام (ولعبد) الكلام فيه كالكلام في قوله ولأمة والترجيح كالترجيح (مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) أي بحسنه وجماله ونسبه وماله.
(أولئك) إشارة إلى المشركين والمشركات (يدعون إلى النار) أي إلى الأعمال الموحبة للنار فكان في مصاهرتهم ومعاشرتهم ومصاحبتهم من الخطر العظيم ما لا يجوز للمؤمنين أن يتعرضوا له ويدخلوا فيه.
(والله يدعو إلى الجنة والمغفرة) أي إلى الأعمال الموجبة للجنة، وقيل المراد أن أولياء الله وهم المؤمنون يدعون إلى الجنة (بإذنه) أي بأمره قاله الزجاج، وقيل بتيسيره وتوفيقه قاله في الكشاف، فتجب إجابته بالتزويج من أوليائه وهم المسلمون (ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون) أي يوضح أدلته وحججه في أوامره ونواهيه وأحكامه لعلهم يتعظون.
(1) وقيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث صحابياً إلى مكة سراً ليخرج رجلاً من أصحابه، وكان له بمكة امرأة يحبها في الجاهلية يقال لها عناق فجاءته فقال لها: إن الإسلام حرم ما كان في الجاهلية قالت فتزوجني قال: حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاستأذنه فنهاه عن التزوج بها.
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)
(ويسئلونك عن المحيض) السائل أبو الدحداح في نفر من الصحابة، والمحيض هو الحيض وهو مصدر ميمي، يقال حاضت المرأة حيضاً ومحيضاً فهي حائض وحائضة كذا قال الفراء، ونساء حيض وحوائض، والحيضة بالكسر المرة الواحدة وقيل الاسم، وقيل المحيض عبارة عن الزمان والمكان وهو مجاز فيهما.
وقال ابن جرير الطبري: المحيض اسم الحيض أي الحدث، وأصل هذه الكلمة من السيلان والإنفجار، يقال حاض السيل وفاض وحاضت الشجرة أي سالت رطوبتها، ومنه الحوض لأن الماء يحوض إليه أي يسيل.
(قل هو أذى) أي شيء يتأذى به أي برائحته، والأذى كناية عن القذر أو محله ويطلق على القول المكروه، ومنه قوله تعالى (ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) ومنه قوله تعالى (ودع أذاهم)(فاعتزلوا النساء في المحيض) أي فاجتنبوهن واتركوا وطأهن في زمان الحيض أن حمل المحيض على المصدر أو في محل الحيض إن حمل على الاسم.
والمراد من هذا الاعتزال ترك المجامعة لا ترك المجالسة أو الملابسة فإن ذلك جائز، بل يجوز الاستمتاع منها بما عدا الفرج أو بما دون الإزار على خلاف في ذلك.
وأما ما يروى عن ابن عباس وعبيدة السلماني أنه يجب على الرجل أن يعتزل فراش زوجته إذا حاضت فليس ذلك بشيء.
ولا خلاف بين أهل العلم في تحريم وطء الحائض وهو معلوم من ضرورة الدين.
وقد أخرج مسلم وأهل السنن وغيرهم عن أنس، " أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت، فسئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فأنزل الله (ويسئلونك عن المحيض) الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء إلا النكاح (1) ".
(ولا تقربوهن) بالجماع (حتى يطهرن) قرىء بالتخفيف والتشديد، والطهر انقطاع الحيض والتطهير الاغتسال، وبسبب اختلاف القراء اختلف أهل العلم فذهب الجمهور إلى أن الحائض لا يحل وطؤها لزوجها حتى تتطهر بالماء، وقال محمد بن كعب القرظي ويحيى بن بكير: إذا طهرت الحائض وتيممت حيث لا ماء حلت لزوجها وإن لم تغتسل، وقال مجاهد وعكرمة إن انقطع الدم يحلها لزوجها ولكن تتوضأ.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن انقطع دمها بعد مضي عشرة أيام جاز له أن يطأها قبل الغسل وإن كان انقطاعه قبل العشرة لم يجز حتى تغتسل أو يدخل عليها وقت صلاة، وقد رجح ابن جرير الطبري قراءة التشديد.
والأولى أن يقال أن الله سبحانه جعل للحل غايتين كما تقتضيه القراءتان إحداهما انقطاع الدم والأخرى التطهر منه، والغاية الأخرى مشتملة على زيادة على الغاية الأولى فيجب المصير إليها، وقد دل على أن الغاية الأخرى هي
(1) مسلم 302.
المعتبرة قوله تعالى بعد ذلك (فإذا تطهرن) فإن ذلك يفيد أن المعتبر التطهر لا مجرد انقطاع الدم، وقد تقرر أن القراءتين بمنزلة الآيتين فكما أنه يجب الجمع بين الآيتين المشتملة إحداهما على زيادة ما والعمل بتلك الزيادة، كذلك يجب الجمع بين القراءتين.
(فأتوهن من حيث أمركم الله) أي فجامعوهن، وكنى عنه بالإتيان والمراد أنهم يجامعوهن في المأتى الذي أباحه الله، وهو القبل، وقيل من حيث بمعنى في حيث كما في قوله تعالى (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) أي في يوم الجمعة وقوله (ماذا خلقوا من الأرض) أي في الأرض وقيل أن المعنى من الوجه الذي أذن الله لكم فيه أي من غير صوم وإحرام واعتكاف، وقيل أن المعنى من قبل الطهر لا من قبل الحيض، وقيل من قبل الحلال لا من قبل الزنا.
(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) قيل المراد التوابون من الذنوب والمتطهرون من الجنابة والأحداث، وقيل التوابون من إتيان النساء في أدبارهن وقيل من إتيانهن في المحيض والأول أظهر.
(نساؤكم حرث لكم) لفظ الحرث يفيد أن الإباحة لم تقع إلا في الفرج الذي هو القبل خاصة إذ هو مزدرع الذرية كما أن الحرث مزدرع النبات فقد شبه ما يلقى في أرحامهم من النطف التي منها النسل بما يلقى في الأرض من البذور التي منها النبات بجامع أن كل واحد منهما مادة لما يحصل منه، وهذه الجملة بيان للجملة الأولى أعني قوله (فأتوهن من حيث أمركم الله).
(فأتوا حرثكم) أي محل زرعكم واستنباتكم الولد وهو القبل، وهذا على سبيل التشبيه، فجعل فرج المرأة كالأرض والنطفة كالبذر، والولد كالزرع (أنى شئتم) أي من أي جهة شئتم من خلف وقدام وباركةً ومستلقية ومضطجعة وقائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة إذا كان في موضع الحرث، وإنما عبر سبحانه بكلمة أنى لكونها أعم في اللغة من أين وكيف ومتى، وأما سيبويه ففسرها بكيف.
وقد ذهب السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة إلى ما ذكرناه من تفسير الآية وأن إتيان الزوجة في دبرها حرام، وروي عن سعيد بن المسيب ونافع وابن عمر ومحمد بن كعب القرظي وعبد الملك ابن الماجشون أنه يجوز ذلك، حكاه عنهم القرطبي في تفسيره قال: وحكي ذلك عن مالك في كتاب له يسمى كتاب السر، وحذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب، ومالك أجل من أن يكون له كتاب سر، ووقع هذا القول في العتبية.
وذكر ابن العربي أن ابن شعبان أسند جواز ذلك إلى زمرة كثيرة من الصحابة والتابعين وإلى مالك من روايات كثيرة عن كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن.
قال الطحاوي: روى أصبغ بن الفرج عن عبد الرحمن بن القاسم قال: ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني شك في أنه حلال، يعني وطء المرأة في دبرها ثم قرأ (نساؤكم حرث لكم) ثم قال: فأي شيء أبين من هذا.
وقد روى الحاكم والدارقطني والخطيب البغدادي عن مالك من طرق ما يقتضي إباحة ذلك وفي أسانيدها ضعف.
وقد روى الطحاوي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه سمع الشافعي يقول: ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحليله ولا تحريمه شيء، والقياس أنه حلال، وقد روى ذلك أبو بكر الخطيب. (1)
قال ابن الصباغ: كان الربيع يحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد كذب ابن عبد الحكم على الشافعي في ذلك فإن الشافعي نص على تحريمه في ستة كتب من كتبه.
وأخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم عن جابر قال: كانت
(1) وقد ورد التحريم صريحاً بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. " لا تأتوا النساء في أعجازهن " رواه أحمد والنسائي.
اليهود تقول إذا أتى الرجل امرأته من خلفها في قبلها ثم حملت جاء الولد أحول فنزلت (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) إن شاء مجبية وإن شاء غير مجبية غير أن ذلك في صمام واحد.
وقد روي هذا عن جماعة من السلف وصرحوا أنه السبب، والصمام السبيل.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه والنسائي والضياء في المختارة وغيرهم عن ابن عباس قال: " جاء عمر إلى رسول الله فقال: يا رسول الله هلكت قال: وما أهلكك قال حولت رحلي الليلة فلم يرد عليه شيئاً فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية (نساؤكم حرث لكم) يقول أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة.
وأخرج الشافعي في الأم وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن ماجة وآبن المنذر والبيهقي في سننه من طريق خزيمة بن ثابت أن سائلاً سائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن فقال " حلال، أو لا بأس " فلما ولى دعاه فقال: كيف قلت أمن دبرها في قبلها فنعم أم من دبرها في دبرها فلا، إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن ".
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأة من الدبر "(1).
وأخرج أحمد والبيهقي في سننه عن ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى (2) ".
(1) وقد صحح الحديث ابن خزيمه في صحيحه.
(2)
رواه البزار والطبراني وصححه المنذري.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ملعون من أتى امرأته في دبرها "(1).
وقد ورد النهي عن ذلك من طرق.
وقد ثبت نحو ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين مرفوعاً وموقوفاً.
وقد روي القول بحل ذلك عن بعضهم كما قدمنا، وليس في أقوال هؤلاء حجة البتة ولا يجوز لأحد أن يعمل على أقوالهم فإنهم لم يأتوا بدليل يدل على الجواز فمن زعم منهم أنه فهم ذلك من الآية فقد أخطأ في فهمه، وقد فسرها لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأكابر أصحابه بخلاف ما قاله هذا المخطىء في فهمه كائناً من كان.
ومن زعم منهم أن سبب نزول الآية أن رجلاً أتى امرأته في دبرها فليس في هذا ما يدل على أن الآية أحلت ذلك، ومن زعم ذلك فقد أخطأ بل الذي تدل عليه الآية أن ذلك حرام، فكون ذلك هو السبب لا يستلزم أن تكون الآية نازلة في تحليله، فإن الآيات النازلة على أسباب تأتي تارة بتحليل هذا وتارة بتحريمه.
(وقدموا لأنفسكم) أي خيراً كما في قوله تعالى (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله) وقيل ابتغاء الولد وقيل التزويج بالعفائف، وقيل التسمية والدعاء عند الجماع وقيل غير ذلك (واتقوا الله) فيه تحذير عن الوقوع في شيء من المحرمات (واعلموا أنكم ملاقوه) بالبعث مبالغة في التحذير (وبشر المؤمنين) الذين اتقوه بالجنة تأنيس لمن يفعل الخير ويجتنب الشر.
(1) صحيح الجامع الصغير 1848.
الجزء الأول
تم الجزء الأول بفضل الله ونعمته ويليه الجزء الثاني وأوله تفسير الآية 224 من سورة البقرة وتبدأ بقوله تعالى: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)