المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في خياري المجلس والشرط وخيار العيب - فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين

[زين الدين المعبري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌باب الصلاة

- ‌مدخل

- ‌فصل في شروط الصلاة

- ‌فصل في صفة الصلاة

- ‌فصل في أبعاد الصلاة ومقتضى سجود السهو

- ‌فصل [في مبطلات الصلاة]

- ‌فصل [في الأذان والإقامة]

- ‌فصل في صلاة النفل

- ‌فصل [في صلاة الجماعة]

- ‌فصل في صلاة الجمعة

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌باب الزكاة

- ‌مدخل

- ‌فصل في أداء الزكاة

- ‌باب الصوم

- ‌مدخل

- ‌فصل في صوم التطوع

- ‌باب الحج والعمرة

- ‌مدخل

- ‌فصل في محرمات الإحرام

- ‌باب البيع

- ‌مدخل

- ‌فصل في خياري المجلس والشرط وخيار العيب

- ‌فصل في حكم المبيع قبل القبض

- ‌فصل في بيع الأصول والثمار

- ‌فصل في اختلاف المتعاقدين

- ‌فصل [في القرض والرهن]

- ‌فصل [في بيان حجر المجنون والصبي والسفيه]

- ‌فصل في الحوالة

- ‌باب في الوكالة والقراض

- ‌باب في الإجارة

- ‌باب في العارية

- ‌فصل [في بيان أحكام الغصب]

- ‌باب في الهبة

- ‌باب في الوقف

- ‌باب في الإقرار

- ‌باب في الوصية

- ‌باب الفرائض

- ‌فصل في بيان أصول المسائل

- ‌فصل في بيان احكام الوديعة

- ‌فصل في بيان أحكام اللقطة

- ‌باب النكاح

- ‌مدخل

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌فصل في نكاح الأمة

- ‌فصل في الصداق

- ‌فصل [في القسم والنشوز]

- ‌فصل في الخلع

- ‌فصل في الطلاق

- ‌فرع [في حكم المطلقة بالثلاث]

- ‌فصل في الرجعة

- ‌فصل [في أحكام الإيلاء]

- ‌فصل [في بيان أحكام الظهار]

- ‌فصل في العدة

- ‌فصل في النفقة

- ‌فرع في فسخ النكاح

- ‌فصل [في بيان أحكام الحضانة ونفقة المملوك]

- ‌باب الجناية

- ‌باب في الردة

- ‌باب الحدود

- ‌مدخل

- ‌فصل في التعزير

- ‌فصل في الصيال

- ‌باب الجهاد

- ‌باب القضاء

- ‌باب الدعوى والبينات

- ‌مدخل

- ‌فصل في الشهادات

- ‌باب في الإعتكاف

الفصل: ‌فصل في خياري المجلس والشرط وخيار العيب

ومائة وإحدى وعشرين شاتان ومائتين وواحدة ثلاث وأربع مائة أربع ثم في كل مائة شاة.

وتجب الفطرة

ــ

وفي مائة وإحدى وعشرين إلى مائتين وواحدة شاتان.

وفي مائتين وواحدة إل ثلاثمائة1 ثلاث من الشياه.

وفي أربعمائة: أربع منها.

ثم في كل مائة: شاة جذعه ضأن لها سنة أو ثنية معز لها سنتان.

وما بين النصابين يسمى وقصا.

ولا يؤخذ خيار كحامل ومسمنة للأكل وربى وهي حديثة العهد بالنتاج بأن يمضي لها من ولادتها نصف شهر إلا برضا مالك.

وتجب الفطرة أي زكاة الفطر سميت بذلك لأن وجوبها به وفرضت كرمضان في ثاني سني

الهجرة.

وقول ابن اللبان بعدم وجوبها غلط كما في الروضة.

قال وكيع: زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدة السهو للصلاة تجبر نقص الصوم كما يجبر السجود نقص الصلاة.

ويؤيده ما صح أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث.

1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله صوابه إلى أربع مائة إذ ما بين المائتين والواحدة والأربع مائة وقص لا يتغير به الواجب تأمل انتهى. والوقص بفتحتين واحد الأوقاص في الصدقة وهو ما بين الفريضتين وكذا الشنق وبعض العلماء يجعل الوقص في البقر خاصة والشنق في الإبل خاصة انتهى مختار الصحاح.

ص: 239

على حر بغروب ليلة فطر عمن تلزمه نفقته ولو رجعية،

ــ

على حر فلا تلزم على رقيق عن نفسه بل تلزم سيده عنه ولا عن زوجته بل إن كانت أمة فعلى سيدها وإلا فعليها1 كما يأتي ولا على مكاتب لضعف ملكه ومن ثم لم تلزمه زكاة ماله ولا نفقة أقاربه ولاستقلاله لم تلزم سيده عنه.

بغروب شمس ليلة فطر من رمضان أي بإدراك آخر جزء منه وأول جزء من شوال فلا تجب بما حدث بعد الغروب من ولد ونكاح وملك قن وغنى وإسلام ولا تسقط بما يحدث بعده من موت وعتق وطلاق ومزيل ملك.

ووقت أدائها من وقت الوجوب إلى غروب شمس يوم الفطر فيلزم الحر المذكور أن يؤديها قبل غروب شمسه.

عمن أي عن كل مسلم تلزمه نفقته بزوجية أو ملك أو قرابة حين الغروب ولو رجعية أو حاملا بائنا ولو أمة فيلزم فطرتهما كنفقتهما.

ولا تجب عن زوجة ناشزة لسقوط نفقتها عنه بل تجب عليها إن كانت غنية ولا عن حرة غنية غير ناشزة تحت معسر فلا تلزم عليه لانتفاء يساره ولا عليها لكمال تسليمها نفسها له ولا عن ولد صغير غني فتجب من ماله فإن أخرج الأب عنه من ماله جاز ورجع إن

1 هذا ضعيف والمعتمد لا تلزمها راجع الحاشية التالية.

ص: 240

إن فضل عن قوت ممون يوم عيد وليلته وعن دين ما يخرجه فيها،

ــ

نوى الرجوع.

وفطرة ولد الزنا على أمه.

ولا عن ولد كبير قادر على كسب.

ولا تجب الفطرة عن قن كافر ولاعن مرتد إلا أن عاد للإسلام.

وتلزم على الزوج فطرة خادمة الزوجة إن كانت أمته أو أمتها وأخدمها إياها لا مؤجرة ومن صحبتها ولو بأذنه على المعتمد.

وعلى السيد فطرة أمته المزوجة لمعسر وعلى الحرة1 الغنية المزوجة لعبد لا عليه ولو غنيا.

قال في البحر: ولو غاب الزوج فللزوجة اقتراض نفقتها للضرورة لا فطرتها لأنه المطالب وكذا بعضه المحتاج.

وتجب الفطرة على من مر عمن ذكر إن فضل عن قوت ممون له تلزمه مؤنته من نفسه وغيره يوم عيد وليلته وعن ملبس ومسكن وخادم يحتاج إليهما هو أو ممونه.

وعن دين على المعتمد خلافا للمجموع ولو مؤجلا وإن رضي صاحبه بالتأخير.

ما يخرجه فيها أي الفطرة.

1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله وما جرى عليه المؤلف من أنها تلزمها ضعيف.

والمعتمد الذي صرح به النووي في منهاجه أنها لا تلزمها. انتهى.

ص: 241

وهي صاع من غالب قوت بلده وحرم تأخيرها عن يومه.

ــ

وهي أي زكاة الفطر صاع1 وهو أربعة أمداد والمد رطل وثلث وقدره جماعة بحفنة بكفين معتدلين عن كل واحد من غالب قوت بلده أي بلد المؤدى عنه.

فلا تجزئ من غير غالب قوته أو قوت مؤد أو بلده لتشوف النفوس لذلك ومن ثم وجب صرفها لفقراء بلده مؤدى عنه فإن لم يعرف كأبق ففيه آراء: منها: إخراجها حالا ومنها: أنها لا تجب إلا إذا عاد وفي قول: لا شيء.

فرع لا تجزئ قيمة ولا معيب ولا مسوس ومبلول أي إلا إن جف وعاد لصلاحية الادخار والاقتيات ولا اعتبار لاقتياتهم المبلول إلا أن فقدوا غيره فيجوز.

وحرم تأخيرها عن يومه أي العبد بلا عذر كغيبة مال أو مستحق.

ويجب القضاء فورا لعصيانه.

ويجوز تعجيلها من أول رمضان.

ويسن أن لا تؤخر عن صلاة العيد بل يكره ذلك نعم يسن تأخيرها لانتظار نحو قريب أو جار ما لم تغرب الشمس.

1 والصاع عند الشافعية مكعب طول ضلعه 6 ،14 سانتي مترا.

ص: 242

‌فصل في أداء الزكاة

يجب أداءها فورا بتمكن بحضور مال ومستحقيها وحلول دين مع قدرة،

ــ

فصل في أداء الزكاة

يجب أداءها أي الزكاة وإن كان عليه دين مستغرق حال لله أو لآدمي فلا يمنع الدين وجوب الزكاة في الأظهر.

فورا ولو في مال صبي ومجنون حاجة المستحقين إليها.

بتمكن من الأداء فإن أخر أثم وضمن إن تلف بعده نعم إن أخر لانتظار قريب أو جار أو أحوج أو أصلح لم يأثم لكنه يضمنه إن تلف كمن أتلفه أو قصر في دفع متلف عنه كأن وضعه في غير حرزه بعد الحول وقبل التمكن.

ويحصل التمكن بحضور مال غائب سائر أو قار بمحل عسر الوصول إليه فإن لم يحضر لم يلزمه الأداء من محل

آخر وإن جوزنا نقل الزكاة.

وحضور مستحقيها أي الزكاة أو بعضهم فهو متمكن بالنسبة لحصته حتى لو تلفت ضمنها ومع فراغ من مهم ديني أو دنيوي كأكل وحمام.

وحلول دين من نقد أو عرض تجارة مع قدرة على استيفائه بأن كان على ملئ حاضر باذل أو جاحد عليه بينة أو يعلمه القاضي أو قدر

ص: 243

ولو أصدقها نصاب نقد زكته.

ــ

هو على خلاصه فيجب إخراج الزكاة في الحال وإن لم يقبضه لأنه قادر على قبضه.

أما إذا تعذر استيفاؤه بإعسار أو مطل أو غيبة أو جحود ولا بينة فكمغصوب فلا يلزمه الإخراج إلا إن قبضه.

وتجب الزكاة في مغصوب وضال لكن لا يجب دفعها إلا بعد تمكن بعوده إليه.

ولو أصدقها نصاب نقد وإن كان في الذمة أو سائمة معينة زكته وجوبا إذا تم حول من الإصداق وإن لم تقبضه ولا وطئها لكن يشترط إن كان النقد في الذمة إمكان قبضه بكونه موسرا حاضرا.

تنبيه: الأظهر أن الزكاة تتعلق بالمال تعلق شركة وفي قول قديم اختاره الريمي: لأنها تتعلق بالذمة لا بالعين.

فعلى الأول أن المستحق للزكاة شريك بقدر الواجب وذلك لأنه لو امتنع من إخراجها أخذها الإمام منه قهرا كما يقسم المال المشترك قهرا إذا امتنع بعض الشركاء من قسمته ولم يفرقوا في الشركة بين العين والدين فلا يجوز لربه أن يدعي ملك جميعه بل إنه يستحق قبضه ولو قال: بعد حول إن أبرأتني من صداقك فأنت طالق فأبرأته منه لم تطلق لأنه لم يبرأ من جميعه بل مما عدا قدر الزكاة فطريقها أن يعطيها ثم تبرئه.

ويبطل البيع والرهن في قدر الزكاة فقط فإن فعل أحدهما بالنصاب أو ببعضه

ص: 244

وشرط له: 1- نية كهذا زكاة أو صدقة مفروضة

ــ

بعد الحول صح لا في قدر الزكاة كسائر الأموال المشتركة على الأظهر نعم يصح في قدرها في مال التجارة لا الهبة في قدرها فيه.

فرع: تقدم الزكاة ونحوها من تركة مديون ضاقت عن وفاء ما عليه من حقوقه الآدمي وحقوق الله

كالكفارة والحج والنذر والزكاة كما إذا اجتمعتا على حي لم يحجر عليه ولو اجتمعت فيها حقوق الله

فقط قدمت الزكاة إن تعلقت بالعين بأن بقي النصاب وإلا بأن تلف بعد الوجوب والتمكن استوت مع غيرها فيوزع عليها.

وشرط له أي أداء الزكاة شرطان.

1-

أحدهما: نية بقلب لا نطق كهذا زكاة مالي ولو بدون فرض إذ لا تكون إلا فرضا.

أو صدقة مفروضة أو هذا زكاة مالي المفروضة.

ولا يكفي: هذا فرض مالي لصدقه بالكفارة والنذر.

ولا يجب تعيين المال المخرج عنه في النية.

ولو عين لم يقع عن غيره وإن بان المعين تالفا لأنه لم ينو ذلك الغير ومن ثم لو نوى إن كان تالفا فعن غيره فبان تالفا وقع عن غيره بخلاف ما لو قال: هذه زكاة مالي الغائب إن كان باقيا أو صدقة لعدم الجزم بقصد الفرض.

ص: 245

لا مقارنتها للدفع بل تكفي عند عزل أو إعطاء وكيل أو بعد أحدهما وقبل التفرقة،

ــ

وإذا قال فإن كان تالفا فصدقة فبان تالفا وقع صدقة أو باقيا وقع زكاة.

ولو كان عليه زكاة وشك في إخراجها فأخرج شيئا ونوى: إن كان علي شيء من الزكاة فهذا عنه وإلا فتطوع فإن بان عليه زكاة أجزأه عنها وإلا وقع له تطوعا كما أفتى به شيخنا.

ولا يجزئ عن الزكاة قطعا إعطاء المال للمستحقين بلا نية.

لا مقارنتها أي النية للدفع فلا يشترط ذلك بل تكفي النية قبل الأداء إن وجدت عند عزل قدر الزكاة عن المال أو إعطاء وكيل أو إمام والأفضل لهما أن ينويا أيضا عند التفرقة.

أو وجدت بعد أحدهما أي بعد عزل قدر الزكاة أو التوكيل.

وقبل التفرقة لعسر اقترانها بأداء كل مستحق.

ولو قال لغيره: تصدق بهذا ثم نوى الزكاة قبل تصدقه بذلك أجزأه عن الزكاة.

ولو قال لآخر: اقبض ديني من فلان وهو لك زكاة لم يكف حتى ينوي هو بعد قبضه ثم يأذن له في أخذها وأفتى بعضهم أن التوكيل المطلق في إخراجها يستلزم التوكيل في نيتها.

قال شيخنا: وفيه نظر بل المتجه أنه لا بد من نية المالك أو تفويضها للوكيل.

ص: 246

وجاز لكل إخراج زكاة المشترك بغير إذن الآخر وتوكيل كافر وصبي في إعطائها لمعين وتعجيلها قبل حول

ــ

وقال المتولي وغيره: يتعين نية الوكيل إذا وقع الفرض بماله بأن قال له موكله أد زكاتي من مالك لينصرف فعله عنه وقوله له ذلك متضمن للإذن له في النية.

وقال القفال: لو قال لغيره أقرضني خمسة أؤدها عن زكاتي ففعل صح.

قال شيخنا: وهو مبني على رأيه بجواز اتحاد القابض والمقبض.

وجاز لكل من الشريكين إخراج زكاة المال المشترك بغير إذن الشريك الآخر كما قاله الجرجاني وأقره غيره لأذن الشرع فيه.

وتكفي نية الدافع منهما عن نية الآخر على الأوجه.

وجاز توكيل كافر وصبي في إعطائها المعين أي إن عين المدفوع إليه لا مطلقا ولا تفويض النية إليهما لعدم الأهلية.

وجاز توكيل غيرهما في الإعطاء والنية معا.

وتجب نية الولي في مال الصبي والمجنون فإن صرف الولي الزكاة بلا نية ضمنها لتقصيره ولو دفعها المزكي للإمام بلا نية ولا إذن منه له فيها لم تجزئه نيته نعم تجزئ نية الإمام عند أخذها قهرا من الممتنع وإن لم ينو صاحب المال.

وجاز للمالك دون الولي تعجيلها أي الزكاة قبل تمام حول

ص: 247

لا تعجيلها لعامين وحرم تأخيرها وضمن إن تلف بعد تمكن.

2-

وإعطاؤها لمستحقيها.

ــ

لا قبل تمام نصاب في غير التجارة.

ولا تعجيلها لعامين في الأصح.

وله تعجيل الفطرة من أول رمضان.

أما في مال التجارة فيجزئ التعجيل وإن لم يملك نصابا وينوي عند التعجيل كهذه زكاتي المعجلة.

وحرم تأخيرها أي الزكاة بعد تمام الحول والتمكن.

وضمن إن تلف بعد تمكن بحضور المال والمستحق أو أتلفه بعد حول ولو قبل التمكن كما مر بيانه.

2-

وثانيهما: إعطاؤها لمستحقيها أي الزكاة يعني من وجد من الأصناف الثمانية المذكورة في آية: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [9 سورة التوبة الآية: 60] والفقير: من ليس له مال ولا كسب لائق يقع موقعا من كفايته وكفاية ممونه ولا يمنع الفقر مسكنه وثيابه ولو للتجمل في بعض أيام السنة وكتب يحتاجها وعبده الذي يحتاج إليه للخدمة وماله الغائب بمرحلتين أو الحاضر وقد حيل بينه وبينه والدين المؤجل والكسب الذي لا يليق به.

وأفتى بعضهم أن حلي المرأة اللائق بها المحتاجة للتزين به عادة

ص: 248

000000000000000000000000000000000

ــ

لا يمنع فقرها وصوبه شيخنا.

والمسكين: من قدر على مال أو كسب يقع موقعا من حاجته ولا يكفيه كمن يحتاج لعشرة وعنده ثمانية ولا

يكفيه الكفاية السابقة وإن ملك أكثر من نصاب حتى أن للإمام أن يأخذ زكاته ويدفعها إليه فيعطى كل منهما إن تعود تجارة رأس مال يكفيه ربحه غالبا أو حرفة آلتها ومن لم يحسن حرفة ولا تجارة يعطى كفاية العمر الغالب.

وصدق مدعي فقر ومسكنة وعجز عن كسب ولو قويا جلدا بلا يمين لا مدعي تلف مال عرف بلا بينة.

والعامل كساع: وهو من يبعثه الإمام لأخذ الزكاة وقاسم وحاشر لا قاض.

والمؤلفة: من أسلم ونيته ضعيفة أو له شرف يتوقع بإعطائه إسلام غيره.

والرقاب: المكاتبون كتابة صحيحة فيعطى المكاتب أو سيده بإذنه دينه إن عجز عن الوفاء وإن كان

كسوبا لا من زكاة سيده لبقائه على ملكه.

والغارم: من استدان لنفسه لغير معصية فيعطي له إن عجز عن وفاء الدين وإن كان كسوبا إذ الكسب لا يدفع حاجته لوفائه إن حل الدين ثم إن لم يكن معه شيء أعطي الكل وإلا فإن كان بحيث لو قضى دينه مما معه تمسكن ترك له مما معه ما يكفيه أي العمر

ص: 249

000000000000000000000000000000000

ــ

الغالب كما استظهره شيخنا وأعطي ما يقضي به باقي دينه أو لإصلاح ذات البين فيعطى ما استدانه لذلك ولو غنيا أما إذا لم يستدن بل أعطي ذلك من ماله فإنه لا يعظاه.

ويعطى المستدين لمصلحة عامة كقري ضيف وفك أسير وعمارة نحو مسجد وإن غنيا.

أو للضمان فإن كان الضامن والأصيل معسرين أعطي الضامن وفاءه أو الأصيل موسرا دون الضامن أعطي إن ضمن بلا إذن أو عكسه أعطي الأصيل لا الضامن.

وإذا وفى من سهم الغارم لم يرجع على الأصيل وإن ضمن بإذنه.

ولا يصرف من الزكاة شيء لكفن ميت أو بناء مسجد.

ويصدق مدعي كتابة أو غرم بإخبار عدل وتصديق سيد أو رب دين أو اشتهار حال بين الناس.

فرع: من دفع زكاته لمدينه بشرط أن يردها له عن دينه لم يجز ولا يصح قضاء الدين بها.

فإن نويا ذلك بلا شرط جاز وصح وكذا إن وعده المدين بلا شرط فلا يلزمه الوفاء بالوعد.

ولو قال لغريمه: جعلت ما عليك زكاة لم يجزئ على الأوجه إلا إن قبضه ثم رده إليه.

ولو قال: اكتل من طعامي عندك كذا ونوى به الزكاة ففعل

ص: 250

0000000000000000000000000000000000

ــ

فهل يجزئ؟ وجهان وظاهر كلام شيخنا ترجيح عدم الإجزاء.

وسبيل الله: وهو القائم بالجهاد متطوعا ولو غنيا.

ويعطى المجاهد النفقة والكسوة له ولعياله ذهابا وإيابا وثمن آلة الحرب.

وابن السبيل: وهو مسافر مجتاز ببلد الزكاة أو منشئ سفر مباح منها ولو لنزهة أو كان كسوبا بخلاف المسافر لمعصية إلا إن تاب.

والمسافر لغير مقصد صحيح كالهائم.

ويعطى كفايته وكفاية من معه من ممونه أي جميعها نفقة وكسوة ذهابا وإيابا إن لم يكن له بطريقه أو مقصده مال.

ويصدق في دعوى السفر وكذا في دعوى الغزو بلا يمين ويسترد منه ما أخذه إن لم يخرج.

ولا يعطى أحد بوصفين نعم إن أخذ فقير بالغرم فأعطاه غريمه أعطي بالفقر لأنه الآن محتاج.

تنبيه: [من حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبع ذلك] ولو فرق المالك الزكاة سقط سهم العامل ثم إن انحصر المستحقون ووفى بهم المال لزم تعميمهم وإلا لم يجب ولم يندب لكن يلزمه إعطاء ثلاثة من كل صنف وإن لم يكونوا بالبلد وقت

ص: 251

000000000000000000000000000000000

ــ

الوجوب ومن المتوطنين أولى ولو أعطى اثنين من كل صنف والثالث موجود لزمه أقل متمول غرما له من ماله ولو فقد بعض الثلاثة رد حصته على باقي صنفه إن احتاجه وإلا فعلى باقي الأصناف.

ويلزم التسوية بين الأصناف وإن كانت حاجة بعضهم أشد لا التسوية بين آحاد الصنف بل تندب.

واختار جماعة من أئمتنا جواز صرف الفطرة إلى ثلاثة مساكين أو غيرهم من المستحقين ولو كان كل صنف أو بعض الأصناف وقت الوجوب محصورا في ثلاثة فأقل استحقوها في الأولى وما يخص المحصورين في الثانية من وقت الوجوب فلا يضر حدوث غنى أو موت أحدهم بل حقه باق بحاله فيدفع نصيب الميت لوارثه وإن كان هو المزكي ولا يشاركهم قادم عليهم ولا غائب عنهم وقت الوجوب فإن زادوا على ثلاثة لم يملكوا إلا بالقسمة.

ولا يجوز لمالك نقل الزكاة عن بلد المال ولو إلى مسافة قريبة ولا تجزئ ولا دفع القيمة في غير مال التجارة ولا دفع عينه فيه.

ونقل عن عمر وابن عباس وحذيفة رضي الله عنهم جواز صرف الزكاة إلى صنف واحد وبه قال أبو حنيفة ويجوز عنده نقل الزكاة مع الكراهة ودفع قيمتها وعين مال التجارة.

ص: 252

ولو أعطاها لكافر أو من به رق أو هاشمي أو مطلبي أو غني أو مكفي بنفقة قريب لم يجزئ.

ــ

ولو أعطاها أي الزكاة ولو الفطرة لكافر أو من به رق ولو مبعضا غير مكاتب أو هاشمي أو

مطلبي أو مولى لهما لم يقع عن الزكاة لان شرط الآخذ: الإسلام وتمام الحرية وعدم كونه هاشميا ولا مطلبيا وإن انقطع عنهم خمس الخمس لخبر: إن هذه الصدقات أي الزكوات إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآله.

قال شيخنا: وكالزكاة: كل واجب كالنذر والكفارة بخلاف التطوع والهدية.

أو غني وهو من له كفاية العمر الغالب على الأصح.

وقيل: من له كفاية سنة أو الكسب الحلال اللائق.

أو مكفي بنفقة قريب من أصل أو فرع أو زوج بخلاف المكفي بنفقة متبرع.

لم يجزئ ذلك عن الزكاة ولا تتأدى بذلك إن كان الدافع المالك وإن ظن استحقاقهم.

ثم إن كان الدافع يظن الاستحقاق الإمام: برئ المالك ولا يضمن الإمام بل يسترد المدفوع وما استرده صرفه للمستحقين.

أما من لم يكتف بالنفقة الواجبة له من زوج أو قريب فيعطيه المنفق

ص: 253

0000000000000000000000000000000000

ــ

وغيره حتى بالفقر ويجوز للمكفي بها الأخذ بغير المسكنة والفقر إن وجد فيه حتى ممن تلزمه نفقته.

ويندب للزوجة إعطاء زوجها من زكاتها حتى بالفقر والمسكنة وإن أنفقها عليها.

قال شيخنا: والذي يظهر أن قريبه الموسر لو امتنع من الإنفاق عليه وعجز عنه بالحاكم أعطي حينئذ لتحقق فقره أو مسكنته الآن.

فائدة: أفتى النووي في بالغ تاركا للصلاة كسلا أنه لا يقبضها له إلا وليه أي كصبي ومجنون فلا تعطى له وإن غاب وليه خلافا لمن زعمه: بخلاف ما لو طرأ تركه لها أو تبذيره ولم يحجر عليه: فإنه يقبضها.

ويجوز دفعها لفاسق إلا إن علم أنه يستعين بها على معصية فيحرم وإن أجزأ.

تتمة في قسمة الغنيمة ما أخذناه من أهل حرب قهرا: فهو غنيمة وإلا فهو فئ.

ومن الأول: ما أخذناه من دارهم اختلاسا أو سرقة على الأصح خلافا للغزالي وإمامه: حيث قالا إنه مختص بالآخذ بلا تخميس.

وادعى ابن الرفعة الإجماع عليه.

ومن الثاني: جزية وعشر تجارة وتركة مرتد

ص: 254

000000000000000000000000000000000

ــ

ويبدأ في الغنيمة بالسلب للقاتل المسلم بلا تخميس وهو ملبوس القتيل وسلاحه ومركوبه وكذا سوار ومنطقة وخاتم وطوق وبالمؤن: كأجرة حمال ثم يخمس باقيها فأربعة أخماسها ولو عقارا لمن حضر الوقعة وإن لم

يقاتل فما أحد أولى به من أحد.

لا لمن لحقهم بعد انقضائها ولو قبل جمع المال.

ولا لمن مات في أثناء القتال قبل الحيازة على المذهب.

وأربعة أخماس الفيء للمرصدين للجهاد.

وخمسهما يخمس: سهم للمصالح: كسد ثغر وعمارة حصن ومسجد وأرزاق القضاة والمشتغلين بعلوم الشرع وآلاتها ولو مبتدئين وحفاظ القرآن والأئمة والمؤذنين ويعطى هؤلاء مع الغنى ما رآه الإمام.

ويجب تقديم الأهم مما ذكر وأهمها: الأول ولو منع هؤلاء حقوقهم من بيت المال وأعطي أحدهم منه شيئا: جاز له الأخذ ما لم يزد على كفايته على المعتمد.

وسهم للهاشمي والمطلبي: للذكر منهما مثل حظ الأنثيين ولو أغنياء وسهم للفقراء اليتامى وسهم للمسكين وسهم لابن السبيل الفقير ويجب تعميم الأصناف الأربعة بالعطاء حاضرهم وغائبهم عن المحل.

ص: 255

ويسن صدقة تطوع

ــ

نعم يجوز التفاوت بين آحاد الصنف غير ذوي القربى لا بين الأصناف ولو قل الحاصل بحيث لو عم لم يسد مسدا: خص به الأحوج ولا يعم للضرورة ولو فقد بعضهم: وزع سهمه على الباقين.

ويجوز عند الأئمة الثلاثة صرف جميع خمس الفيء إلى المصالح.

ولا يصح شرط الإمام: من أخذ شيئا فهو له وفي قول: يصح وعليه الأئمة الثلاثة وعند أبي حنيفة ومالك: يجوز للإمام أن يفضل بعضا.

فرع [في بيان حكم الغنيمة قبل القسمة] لو حصل لأحد من الغانمين شيء مما غنموا قبل التخميس والقسمة الشرعية: لا يجوز التصرف فيه لأنه مشترك بينهم وبين أهل الخمس والشريك لا يجوز له التصرف في المشترك بغير إذن شريكه.

ويسن صدقة تطوع لآية: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} [2 سورة القرة الآية: 245] وللأحاديث الكثيرة الشهيرة وقد تجب: كأن يجد مضطرا ومعه ما يطعمه فاضلا عنه.

ويكره برديء وليس منه: التصدق بالفلوس والثوب الخلق ونحوهما بل ينبغي أن لا يأنف من التصدق بالقليل.

ص: 256

كل يوم بما تيسر سرا وبرمضان ولقريب

ــ

والتصدق بالماء أفضل: حيث كثر الاحتياج إليه وإلا فالطعام.

ولو تعارض الصدقة حالا والوقف فإن كان الوقت وقت حاجة وشدة: فالأول أولى وإلا فالثاني لكثرة جدواه قاله ابن عبد السلام وتبعه الزركشي.

وأطلق ابن الرفعة ترجيح الأول لأنه قطع حظه من المتصدق به حالا.

وينبغي للراغب في الخير أن لا يخلي كل يوم من الأيام من الصدقة بما تيسر وإن قل.

وإعطاؤها سرا أفضل منه جهرا.

أما الزكاة: فإظهارها أفضل إجماعا.

وإعطاؤها برمضان: أي فيه لا سيما في عشره الأواخر أفضل ويتأكد أيضا: في سائر الأزمنة والأمكنة الفاضلة: كعشر ذي الحجة والعيدين والجمعة وكمكة والمدينة.

وإعطاؤها لقريب لا تلزمه نفقته أولى1 الأقرب فالأقرب من المحارم ثم الزوج أو الزوجة ثم غير المحرم والرحم من جهة الأب ومن جهة إلام سواء ثم محرم الرضاع ثم المصاهرة أفضل.

1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله أنه وجد في بعض نسخ الخط الصحيحة تلزمه نفقته أولا ثم أضاف وهو المتعين انتهى.

ص: 257

وجار أفضل لا بما يحتاجه.

ــ

وصرفها بعد القريب إلى جار أفضل منه لغيره فعلم أن القريب البعيد الدار في البلد: أفضل من الجار الأجنبي.

لا يسن التصدق بما يحتاجه بل يحرم بما يحتاج إليه: لنفقة ومؤنة من تلزمه نفقته يومه وليلته أو لوفاء دينه ولو مؤجلا وإن لم يطلب منه ما لم يغلب على ظنه حصوله من جهة أخرى ظاهرة لان الواجب لا يجوز تركه لسنة وحيث حرمت الصدقة بشيء لم يملكه المتصدق عليه على ما أفتى به شيخنا المحقق ابن زياد رحمه الله تعالى لكن الذي جزم به شيخنا في شرح المنهاج أنه يملكه.

والمن بالصدقة حرام محبط للأجر كالأذى.

فائدة: قال في المجموع: يكره الأخذ ممن بيده حلال وحرام كالسلطان الجائز وتختلف الكراهة بقلة الشبهة وكثرتها ولا يحرم إلا إن تيقن أن هذا من الحرام وقول الغزالي: يحرم الأخذ ممن أكثر ماله حرام وكذا معاملته: شاذ.

ص: 258

‌باب الصوم

‌مدخل

باب الصوم

يجب صوم رمضان

ــ

باب الصوم

وهو لغة: الإمساك وشرعا: إمساك عن مفطر بشروطه الآتية.

وفرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة وهو من خصائصنا ومن المعلوم من الدين بالضرورة.

يجب صوم شهر رمضان إجماعا بكمال شعبان ثلاثين يوما أو رؤية عدل واحد ولو مستورا هلاله بعد الغروب إذا شهد بها عند القاضي ولو مع إطباق غيم بلفظ: أشهد أني رأيت الهلال أو أنه هل.

ولا يكفي: قوله: أشهد أن غدا من رمضان ولا يقبل على شهادته إلا بشهادة عدلين.

وبثبوت رؤية هلال رمضان عند القاضي بشهادة عدل بين يديه كما مر ومع قوله ثبت عندي: يجب الصوم على جميع أهل البلد المرئي فيه.

وكالثبوت عند القاضي: الخبر المتواتر برؤيته ولو من كفار لإفادته العلم الضروري وظن دخوله بالأمارة الظاهرة التي لا تتخلف عادة: كرؤية القناديل المعلقة بالمنائر.

ويلزم الفاسق والعبد والأنثى: العمل برؤية نفسه وكذا من اعتقد صدق نحو فاسق ومراهق في أخباره برؤية نفسه أو ثبوتها في بلد متحد

ص: 259

000000000000000000000000000000000

ــ

مطلعه: سواء أول رمضان وآخره على الأصح.

والمعتمد: أن له بل عليه اعتماد العلامات بدخول شوال إذا حصل له اعتقاد جازم بصدقها كما أفتى به شيخانا: ابن زياد وحجر كجمع محققين.

وإذا صاموا ولو برؤية عدل أفطروا بعد ثلاثين وإن لم يروا الهلال ولم يكن غيم لكمال العدة بحجة شرعية.

ولو صام بقول من يثق ثم لم ير الهلال بعد ثلاثين مع الصحو: لم يجز له الفطر ولو رجع الشاهد بعد شروعهم في الصوم: لم يجز لهم الفطر وإذا ثبت رؤيته ببلد لزم حكمه البلد القريب دون البعيد ويثبت البعد باختلاف المطالع على الأصح والمراد باختلافها: أن يتباعد المحلان بحيث لو رؤي في أحدهما: لم ير في الآخر غالبا قاله في الأنوار.

وقال التاج التبريزي وأقره غيره: لا يمكن اختلافها في أقل من أربعة وعشرين فرسخا.

ونبه السبكي وتبعه غيره: على أنه يلزم من الرؤية في البلد الغربي من غير عكس إذ الليل يدخل في البلاد الشرقية قبل.

وقضية كلامهم أنه متى رؤي في شرقي: لزم كل غربي بالنسبة إليه العمل بتلك الرؤية وإن اختلفت المطالع.

ص: 260

على مكلف مطيق له وفرضه نية لكل يوم وشرط لفرضه تبييت

ــ

وإنما يجب صوم رمضان على كل مكلف أي بالغ عاقل مطيق له أي للصوم حسا وشرعا فلا يجب على صبي ومجنون ولا على من لا يطيقه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه ويلزمه مد لكل يوم: ولا على حائض ونفساء لأنهما لا تطيقان شرعا.

وفرضه أي الصوم نية بالقلب ولا يشترط التلفظ بها بل يندب.

ولا يجزئ عنها التسحر وإن قصد به التقوي على الصوم ولا الامتناع من تناول مفطر خوف الفجر ما لم يخطر بباله الصوم بالصفات التي يجب التعرض له في النية.

لكل يوم: فلو نوى أول ليلة رمضان صوم جميعه: لم يكف لغير اليوم الأول.

قال شيخنا: لكن ينبغي ذلك ليحصل له صوم اليوم الذي نسي النية فيه عند مالك.

كما تسن له أول اليوم الذي نسيها فيه ليحصل له صومه عند أبي حنيفة وواضح أن محله: إن قلد وإلا كان متلبسا بعبادة فاسدة في اعتقاده.

وشرط لفرضه أي الصوم ولو نذرا أو كفارة أو صوم استسقاء أمر به الإمام.

تبييت أي إيقاع النية ليلا: أي فيما غروب الشمس وطلوع الفجر ولو في صوم المميز.

ص: 261

وتعيين،

ــ

قال شيخنا: ولو شك هل وقعت نيته قبل الفجر أو بعده؟ لم تصح لان الأصل عدم وقوعها ليلا إذ الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن بخلاف ما لو نوى ثم شك: هل طلع الفجر أو لا؟ لان الأصل عدم طلوعه للأصل المذكور أيضا انتهى.

ولا يبطلها نحو أكل وجماع بعدها وقبل الفجر نعم لو قطعها قبله احتاج لتجديدها قطعا.

وتعيين لمنوي في الفرض كرمضان أو نذر أو كفارة بأن ينوي كل ليلة أنه صائم غدا عن رمضان أو النذر أو الكفارة وإن لم يعين سببها.

فلو نوى الصوم عن فرضه أو فرض وقته: لم يكف نعم من عليه قضاء رمضانين أو نذر أو كفار من جهات مختلفة: لم يشترط التعيين لاتحاد الجنس واحترز باشتراط التبييت في الفرض عن النفل فتصح فيه ولو مؤقتا النية قبل الزوال: للخبر الصحيح [مسلم رقم: 1154، أبو داود رقم: 2455، الترمذي رقم: 733، النسائي رقم: 2322- 2300] وبالتعيين فيه النفل أيضا فيصح ولو مؤقتا بنية مطلقة كما اعتمده غير واحد.

نعم بحث في المجموع اشتراط التعيين في الرواتب كعرفة وما معها فلا يحصل غيرها معها وإن نوى بل مقتضى القياس كما قال الأسنوي أن نيتهما مبطلة كما لو نوى الظهر وسنته أو سنة الظهر

ص: 262

وأكملها نويت صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى ويفطر عامد عالم

ــ

وسنة العصر.

فأقل النية المجزئة: نويت صوم رمضان ولو بدون الفرض على المعتمد كما صححه في المجموع تبعا للأكثرين لان صوم رمضان من البالغ لا يقع إلا فرضا ومقتضى كلام الروضة والمنهاج وجوبه أو بلا غد كما قال الشيخان.

لان لفظ الغد اشتهر في كلامهم في تفسير التعيين وهو في الحقيقة ليس من حد التعيين فلا يجب التعرض له بخصوصه بل يكفي دخوله في صوم الشهر المنوي لحصول التعيين حينئذ لكن قضية كلام شيخنا كالمزجد: وجوبه.

وأكملها أي النية: نويت صوم غد عن أداء فرض رمضان بالجر لإضافته لما بعده هذه السنة لله تعالى لصحة النية حينئذ اتفاقا.

وبحث الأذرعي أنه لو كان عليه مثل الأداء كقضاء رمضان قبله: لزمه التعرض للأداء أو تعيين1 السنة.

ويفطر عامد لأناس للصوم وإن كثر منه نحو جماع وأكل.

عالم لا جاهل بأن ما تعاطاه مفطر لقرب إسلامه أو نشئه ببادية

1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله وفي بعض نسخ الخط وتعيين بالواو وهو الموافق لما في التحفة لكن عليه تكون الواو بمعنى أو كما هو الظاهر لأن أحدهما كاف في حصول التمييز. انتهى.

ص: 263

مختار بجماع واستمناء لا بضم بحائل واستقاءة لا بقلع نخامة،

ــ

بعيدة عمن يعرف ذلك.

مختار لا مكره لم يحصل منه قصد ولا فكر ولا تلذذ بجماع وإن لم ينزل واستمناء ولو بيده أو بيد حليلته أو بلمس لما ينقض لمسه بلا حائل.

لا بـ قبلة وضم لامرأة بحائل: أي معه وإن تكرر بشهوة أو كان الحائل رقيقا فلو ضم امرأة أو قبلها بلا ملامسة بدن بلا بحائل بينهما فأنزل: لم يفطر لانتفاء المباشرة كالاحتلام والإنزال بنظر وفكر ولو لمس محرما أو شعر امرأة فأنزل: لم يفطر لعدم النقض به.

ولا يفطر بخروج مذي خلافا للمالكية.

واستقاءة أي استدعاء قئ وإن لم يعد منه شيء لجوفه: بأن تقيأ منكسا أو عاد بغير اختياره فهو مفطر لعينه. أما إذا غلبه ولم يعد منه أو من ريقه المتنجس به شيء إلى جوفه بعد وصوله لحد الظاهر أو عاد بغير اختياره: فلا يفطر به للخبر الصحيح بذلك [الترمذي رقم: 720، أبو داود رقم: 2380، ابن ماجه رقم: 1676، مسند أحمد رقم: 10085، الدارمي رقم: 1729] .

لا بقلع نخامة من الباطن أو الدماغ إلى الظاهر فلا يفطر به إن

ص: 264

وبدخول عين جوفا،

ــ

لقطها لتكرر الحاجة إليه أما لو ابتلعها مع القدرة على لفظها بعد وصولها لحد الظاهر وهو مخرج الحاء المهملة فيفطر قطعا.

ولو دخلت ذبابة جوفه: أفطر بإخراجها مطلقا وجاز له إن ضره بقاؤها مع القضاء: كما أفتى به شيخنا.

ويفطر بدخول عين وإن قلت إلى ما يسمى جوفا: أي جوف من مر: كباطن أذن وإحليل وهو مخرج بول ولبن وإن لم يجاوز الحشفة أو الحلمة.

ووصول أصبع المستنجية إلى وراء ما يظهر من فرجها عند جلوسها على قدميها: مفطر وكذا وصول بعض الأنملة إلى المسربة كذا أطلقه القاضي وقيده السبكي بما إذا وصل شيء منها إلى المحل المجوف منها بخلاف أولها المنطبق فإنه لا يسمى جوفا.

وألحق به أول الإحليل الذي يظهر عند تحريكه بل أولى.

قال ولده: وقول القاضي: الاحتياط أن يتغوط بالليل: مراده أن إيقاعه فيه خير منه في النهار لئلا يصل شيء إلى جوف مسربته لا أنه يؤمر بتأخيره إلى الليل لان أحدا لا يؤمر بمضرة في بدنه.

ولو خرجت مقعدة مبسور: لم يفطر بعودها وكذا إن أعادها بأصبعه لاضطراره إليه.

ومنه يؤخذ كما قال شيخنا أنه لو اضطر لدخول الإصبع إلى الباطن لم يفطر وإلا أفطر وصول الإصبع إليه.

ص: 265

ولا بريق طاهر صرف من معدنه،

ــ

وخرج بالعين: الأثر كوصول الطعم بالذوق إلى حلقه.

وخرج بمن مر أي العامد العالم المختار الناسي للصوم والجاهل المعذور بتحريم إيصال شيء إلى الباطن وبكونه مفطرا والمكره فلا يفطر كل منهم بدخول عين جوفه وإن كثر أكله.

ولو ظن أن أكله ناسيا مفطر فأكل جاهلا بوجوب الإمساك: أفطر.

ولو تعمد فتح فمه في الماء فدخل جوفه أو وضعه فيه فسبقه أفطر.

أو وضع في فيه شيئا عمدا وابتلعه ناسيا فلا.

ولا يفطر بوصول شيء إلى باطن قصبة أنف حتى يجاوز منتهى الخيشوم وهو أقصى الأنف.

ولا يفطر بريق طاهر صرف أي خالص ابتلعه من معدنه وهو جميع الفم ولو بعد جمعه على الأصح وإن كان بنحو مصطكى أما لو ابتلع ريقا اجتمع بلا فعل فلا يضر قطعا.

وخرج بالطاهر: المتنجس بنحو دم لثته فيفطر بابتلاعه وإن صفا ولم يبق فيه أثر مطلقا لأنه لما حرم ابتلاعه لتنجسه صار بمنزلة عين أجنبية.

قال شيخنا: ويظهر العفو عمن ابتلي بدم لثته بحيث لا يمكنه الاحتراز عنه.

وقال بعضهم: متى ابتلعه المبتلى به مع علمه به وليس له عنده بد فصومه صحيح.

ص: 266

00000000000000000000000000000000

ــ

وبالصرف المختلط بطاهر آخر فيفطر من ابتلع ريقا متغيرا بحمرة نحو تنبل وإن تعسر إزالتها.

أو بصبغ خيط فتله بفمه.

وبمن معدنه ما إذا خرج من الفم لا على لسانه ولو إلى ظاهر الشفة ثم رده بلسانه وابتلعه أو بل خيطا أو سواكا بريقه أو بماء فرده إلى فمه وعليه رطوبة تنفصل وابتلعها: فيفطر بخلاف ما لو لم يكن على الخيط ما ينفصل لقلته أو لعصره أو لجفافه فإنه لا يضر كأثر ماء المضمضة وإن أمكن مجه لعسر التحرز عنه فلا يكلف تنشيف الفم عنه.

فرع لو بقي طعام بين أسنانه فجرى به ريقه بطبعه لا بقصده: لم يفطر إن عجز عن تمييزه ومجه.

وإن ترك التخلل ليلا مع علمه ببقائه وبجريان ريقه به نهارا لأنه إنما يخاطب بهما إن قدر عليهما حال الصوم لكن يتأكد التخلل بعد التسحر أما إذا لم يعجز أو ابتلعه قصدا: فإنه مفطر جزما.

وقول بعضهم: يجب غسل الفم مما أكل ليلا وإلا أفطر: رده شيخنا.

ص: 267

ولا يفطر بسبق ماء جوف مغتسل عن جنابة بلا انغماس.

ــ

ولا يفطر بسبق ماء جوف مغتسل عن نحو جنابة كحيض ونفاس إذا كان الاغتسال بلا انغماس في الماء فلو غسل أذنيه في الجنابة فسبق الماء من إحداهما لجوفه: لم يفطر وإن أمكنه إمالة رأسه أو الغسل قبل الفجر.

كما إذا سبق الماء إلى الداخل للمبالغة في غسل الفم المتنجس لوجوبها: بخلاف ما إذا اغتسل منغمسا فسبق الماء إلى باطن الأذن أو الأنف فإنه يفطر ولو في الغسل الواجب لكراهة الانغماس: كسبق ماء المضمضة بالمبالغة إلى الجوف مع تذكره للصوم وعلمه بعدم مشروعيتها بخلافه بلا مبالغة.

وخرج بقولي عن نحو جنابة: الغسل المسنون1 وغسل التبرد فيفطر بسبق ماء فيه ولو بلا انغماس.

فروع يجوز للصائم الإفطار بخبر عدل بالغروب وكذا بسماع أذانه ويحرم للشاك الأكل آخر النهار حتى يجتهد ويظن انقضاءه ومع ذلك الأحوط الصبر لليقين.

ويجوز الآكل إذا ظن بقاء الليل باجتهاد أو إخبار وكذا لو شك لأن الأصل بقاء الليل لكن يكره ولو أخبره عدل بطلوع الفجر

1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله في خروج هذا نظر فإنه مأمور به فحكمه حكم غسل الجنابة بلا خلاف انتهى.

ص: 268

يباح فطر بمرض مضر وفي سفر قصر ولخوف هلاك ويجب قضاء كرمضان،

ــ

اعتمده وكذا فاسق ظن صدقه.

ولو أكل باجتهاد أولا وآخرا فبان أنه أكل نهارا بطل صومه إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه فإن لم يبن شيء: صح.

ولو طلع الفجر وفي فمه طعام فلفظه قبل أن ينزل منه شيء لجوفه: صح صومه وكذا لو كان مجامعا عند ابتداء طلوع الفجر فنزع في الحال أي عقب طلوعه فلا يفطر وإن أنزل لان النزع ترك للجماع.

فإن لم ينزع حالا: لم ينعقد الصوم وعليه القضاء والكفارة.

ويباح فطر في صوم واجب بمرض مضر ضررا يبيح التيمم كأن خشي من الصوم بطء برء.

وفي سفر قصر1 دو باب الصوم ن قصير وسفر معصية.

وصوم المسافر بلا ضرر أحب من الفطر.

ولخوف هلاك بالصوم من عطش أو جوع وإن كان صحيحا مقيما.

وأفتى الأذرعي بأنه يلزم الحصادين أي ونحوهم تبييت النية كل ليلة ثم من لحقه منهم مشقة شديدة أفطر وإلا فلا.

ويجب قضاء ما فات ولو بعذر من الصوم الواجب كرمضان ونذر

1 سفر القصر أن تكون مسافته مرحلتين أو أكثر وتعادل المرحلتان 5 ،82 كيلو مترا تقريبا.

ص: 269

وإمساك فيه إن أفطر بغير عذر أو بغلط وعلى من أفسده بجماع كفارة معه،

ــ

وكفارة بمرض أو سفر أو ترك نية أو بحيض أو نفاس لا بجنون وسكر لم يتعد به.

وفي المجموع أن قضاء يوم الشك على الفور لوجوب إمساكه.

ونظر فيه جمع بأن تارك النية يلزمه الإمساك مع أن قضاءه على التراخي قطعا.

ويجب إمساك عن مفطر فيه أي رمضان فقط دون نحو نذر وقضاء إن أفطر بغير عذر من مرض أو سفر أو بغلط كمن أكل ظانا بقاء الليل أو نسي تبييت النية أو أفطر يوم الشك وبان من رمضان لحرمة الوقت.

وليس الممسك في صوم شرعي لكنه يثاب عليه فيأثم بجماع ولا كفارة وندب إمساك لمريض شفي ومسافر قدم أثناء النهار مفطرا وحائض طهرت أثناءه.

ويجب على من أفسده أي صوم رمضان بجماع أثم به لأجل الصوم لا باستمناء وأكل: كفارة متكررة بتكرر الإفساد وإن لم يكفر عن السابق معه أي مع قضاء ذلك الصوم.

والكفارة عتق رقبة مؤمنة فصوم شهرين مع التتابع إن عجز عنه فإطعام ستين مسكينا أو فقيرا إن عجز عن الصوم لهرم أو مرض بنية كفارة ويعطى لكل واحد مد1 من غالب القوت.

1 المد مكعب طول ضلعه2 ،9 سانتي مترا.

ص: 270

وعلى من أفطر لعذر لا يرجى زواله مد بلا قضاء وعلى مؤخر قضاء بلا عذر مد لكل سنة.

ــ

ولا يجوز صرف الكفارة لمن تلزمه مؤنته.

ويجب على من أفطر في رمضان لعذر لا يرجى زواله ككبر ومرض لا يرجى برؤه: مد1 لكل يوم منه إن كان موسرا حينئذ بلا قضاء وإن قدر عليه بعد لأنه غير مخاطب بالصوم فالفدية في حقه واجبة ابتداء لا بدلا.

ويجب المد مع القضاء على: حامل ومرضع أفطرتا للخوف على الولد.

ويجب على مؤخر قضاء لشيء من رمضان حتى دخل رمضان آخر بلا عذر في التأخير: بأن خلا عن

السفر والمرض قدر ما عليه مد لكل سنة فيتكرر بتكرر السنين على المعتمد.

وخرج بقولي بلا عذر: ما إذا كان التأخير بعذر كأن استمر سفره أو مرضه أو إرضاعها إلى قابل فلا شيء عليه ما بقي العذر وإن استمر سنين.

ومتى أخر قضاء رمضان مع تمكنه حتى دخل آخر فمات: أخرج من تركته لكل يوم مدان: مد للفوات ومد للتأخير إن لم يصم عنه قريبه أو مأذونه وإلا وجب مد واحد للتأخير.

1 إن أراد تقليد الأحناف بإخراج القيمة فيخرج عن نصف صاع عندهم والصاع عندهم مكعب ضلعه 7 ، 16 سانتي مترا ونصفه مكعب ضلعه3 ، 13 سانتي مترا.

ص: 271

000000000000000000000000000000000

ــ

والجديد: عدم جواز الصوم عنه مطلقا بل يخرج من تركته لكل يوم مد طعام وكذا صوم النذر والكفارة. وذهب النووي كجمع محققين إلى تصحيح القديم القائل: بأنه لا يتعين الإطعام فيمن مات بل يجوز للولي أن يصوم عنه ثم إن خلف تركة وجب أحدهما وإلا ندب.

ومصرف الإمداد: فقير ومسكين وله صرف أمداد لواحد.

فائدة:من مات وعليه صلاة فلا قضاء ولا فدية وفي قول كجمع مجتهدين أنها تقضى عنه لخبر البخاري [رقم: 1952، مسلم رقم: 1147، وهو في الصوم لا الصلاة] وغيره1 ومن ثم اختاره جمع من أئمتنا وفعل به السبكي عن بعض أقاربه [راجع الصفحة: 38، 433] ونقل ابن برهان عن القديم أنه يلزم الولي إن خلف تركه أن يصلي عنه كالصوم وفي وجه عليه كثيرون من أصحابنا أنه يطعم عن كل صلاة مدا.

وقال المحب الطبري: يصل للميت كل عبادة تفعل عنه: واجبة أو مندوبة.

وفي شرح المختار لمؤلفه: مذهب أهل السنة أن للإنسان أن

1 قال النووي في شرحه لصحيح مسلم الحديث رقم: 1148: قال القاضي [أي: القاضي عياض] : وأصحابنا أجمعوا على أنه لا يصلى عنه [أي: عن الميت] صلاة فائتة.

ص: 272

وسن تسحر وتعجيل فطر وبتمر فماء،

ــ

يجعل ثواب عمله وصلاته لغيره ويصله. [راجع الصفحات: 37، 433] .

وسن لصائم رمضان وغيره تسحر وتأخيره ما لم يقع في شك وكونه على تمر لخبر فيه [مسند أحمد رقم: 20996] ويحصل ولو بجرعة ماء.

ويدخل وقته بنصف الليل.

وحكمته: التقوي أو مخالفة أهل الكتاب؟ وجهان.

وسن تطيب وقت سحر وسن تعجيل فطر إذا تيقن الغروب ويعرف في العمران والصحارى التي بها جبال بزوال الشعاع من أعالي الحيطان والجبال.

وتقديمه على الصلاة إن لم يخش من تعجيله فوات الجماعة أو تكبيرة الإحرام.

وكونه بتمر للأمر به والأكمل أن يكون بثلاث.

فإن لم يجده فعلى حسوات ماء ولو من زمزم.

فلو تعارض التعجيل على الماء والتأخير على التمر قدم الأول فيما استظهره شيخنا.

وقال أيضا: يظهر في تمر قويت شبهته وماء حفت شبهته أن الماء أفضل.

قال الشيخان: لا شيء أفضل بعد التمر غير الماء فقول الروياني:

ص: 273

وغسل عن نحو جنابة قبل فجر وكف شهوة،

ــ

الحلو أفضل من الماء ضعيف كقول الأذرعي: الزبيب أخو التمر وإنما ذكره لتيسره غالبا بالمدينة.

ويسن أن يقول عقب الفطر: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت [أبو داود رقم: 2358] ويزيد من أفطر بالماء: ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى. [أبو داود رقم: 2357] .

وسن غسل عن نحو جنابة قبل فجر لئلا يصل الماء إلى باطن نحو أذنه أو دبره.

قال شيخنا: وقضيته أن وصوله لذلك مفطر وليس عمومه مرادا كما هو ظاهر أخذا مما مر: إن سبق ماء نحو المضمضة المشروع أو غسل الفم المتنجس: لا يفطر لعذره فليحمل هذا على مبالغة منهي عنها.

وسن كف نفس عن طعام فيه شبهة وشهوة مباحة من مسموع ومبصر ومس طيب وشمه ولو تعارضت كراهة مس الطيب للصائم ورد الطيب: فاجتناب المس أولى لان كراهته تؤدي إلى نقصان العبادة.

قال في الحلية: الأولى للصائم ترك الاكتحال.

ويكره سواك بعد الزوال وقت غروب وإن نام أو أكل كريها ناسيا.

وقال جمع: لم يكره بل يسن إن تغير الفم بنحو نوم.

ومما يتأكد للصائم: كف اللسان عن كل محرم ككذب وغيبة

ص: 274

وبرمضان إكثار صدقة وتلاوة،

ــ

ومشاتمة لأنه محبط للأجر كما صرحوا به ودلت عليه الأخبار الصحيحة ونص عليه الشافعي والأصحاب وأقرهم في المجموع وبه يرد بحث الأذرعي حصوله وعليه إثم معصيته.

وقال بعضهم: يبطل أصل صومه وهو قياس مذهب أحمد في الصلاة في المغصوب.

ولو شتمه أحد فليقل ولو في نفل إني صائم مرتين أو ثلاثا في نفسه تذكيرا لها وبلسانه: حيث لم يظن رياء فإن اقتصر على أحدهما: فالأولى بلسانه.

وسن مع التأكيد برمضان وعشره الأخير آكد إكثار صدقة وتوسعة على عيال وإحسان على الأقارب والجيران للاتباع وأن يفطر الصائمين أي يعشيهم إن قدر وإلا فعلى نحو شربة وإكثار تلاوة للقرآن في غير نحو الحش ولو نحو طريق وأفضل الأوقات للقراءة من النهار: بعد الصبح ومن الليل: في السحر.

فبين العشاءين وقراءة الليل أولى وينبغي أن يكون شأن القارئ: التدبر.

قال أبو الليث في البستان: ينبغي للقارئ أن يختم القرآن في السنة مرتين إن لم يقدر على الزيادة.

وقال أبو حنيفة: من قرأ القرآن في كل سنة مرتين: فقد أدى حقه.

وقال أحمد: يكره تأخير ختمة أكثر من أربعين يوما بلا عذر،

ص: 275

واعتكاف سيما عشر آخره.

ــ

لحديث ابن عمر1.

وإكثار عبادة واعتكاف للاتباع سيما بتشديد الياء وقد يخفف والأفصح جر ما بعدها وتقديم لا عليها.

وما زائدة وهي دالة على أن ما بعدها أولى بالحكم مما قبلها.

عشر آخره فيتأكد له إكثار الثلاثة المذكورة للاتباع.

ويسن أن يمكث معتكفا إلى صلاة العيد وأن يعتكف قبل دخول العشر ويتأكد إكثار العبادات المذكورة فيه رجاء مصادفة ليلة القدر أي الحكم والفصل2 أو الشرف والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وهي منحصرة عندنا فيه فأرجاها: أو تارة وأرجى أوتاره عند الشافعي: ليلة الحادي أو الثالث والعشرين واختار النووي وغيره انتقالها.

وهي أفضل ليالي السنة وصح [البخاري رقم: 2014، مسلم رقم: 760] : "من قام ليلة القدر إيمانا" أي تصديقا بأنها حق وطاعة واحتسابا أي طلبا لرضا الله تعالى وثوابه غفر له ما تقدم من ذنبه وفي رواية: "وما تأخر".

وروى البيهقي خبر: "من صلى المغرب والعشاء في جماعة حتى

1 قال الشيخ علوي السقاف رحمه الله: لعله ابن عمرو بفتح العين انتهى.

2 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله بالصاد المهملة وما يوجد في غالب النسخ من أنه بالضاد المعجمة تحريف من النساخ انتهى.

ص: 276

0000000000000000000000000000000000

ــ

ينقضي شهر رمضان: فقد أخذ من ليلة القدر بحظ وافر" [الدر المنثور تفسير سورة القدر] .

وروى أيضا: "من شهد العشاء الأخيرة في جماعة من رمضان فقد أدرك ليلة القدر". [الدر المنثور تفسير سورة القدر] .

وشذ من زعم أنها ليلة النصف من شعبان.

تتمة [في بيان حكم الاعتكاف] يسن اعتكاف كل وقت وهو لبث فوق قدر طمأنينة الصلاة ولو مترددا في مسجد أو رحبته التي لم يتيقن حدوثها بعده وأنها غير مسجد بنية اعتكاف.

ولو خرج ولو لخلاء من لم يقدر الاعتكاف المندوب أو المنذور بمدة بلا عزم عود جدد النية وجوبا إن أراده وكذا إذا عاد بعد الخروج لغير نحو خلاء من قيده بها كيوم فلو خرج عازما لعود فعاد لم يجب تجديد النية.

ولا يضر الخروج في اعتكاف نوى تتابعه كأن نوى اعتكاف أسبوع أو شهر متتابع وخرج لقضاء حاجة ولو بلا شدتها وغسل جنابة وإزالة نجس وإن أمكنهما في المسجد لأنه أصون لمروءته ولحرمة المسجد أكل طعام لأنه يستحيا منه في المسجد وله الوضوء بعد قضاء الحاجة تبعا له لا الخروج له قصدا ولا لغسل مسنون ولا يضر بعد موضعها إلا أن يكون لذلك موضع أقرب منه أو يفحش البعد

ص: 277

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيضر مالم يكن الأقرب غير لائق به ولا يكلف المشي على غير سجيته.

وله صلاة على جنازة إن لم ينتظر ويخرج جوازا في اعتكاف متتابع لما استثناه من غرض دنيوي: كلقاء أمير أو أخروي كوضوء وغسل مسنون وعيادة مريض وتعزية مصاب وزيارة قادم من سفر.

ويبطل بجماع وإن استثناه أو كان في طريق قضاء الحاجة وإنزال مني بمباشرة بشهوة كقبلة.

وللمعتكف الخروج من التطوع لنحو عيادة مريض.

وهل هو أفضل أو تركه أو سواء؟ وجوه والأوجه كما بحث البلقيني أن الخروج لعيادة نحو رحم وجار وصديق أفضل واختار ابن الصلاح الترك لأنه ص كان يعتكف ولم يخرج لذلك.

مهمة قال في الأنوار: يبطل ثواب الاعتكاف بشتم أو غيبة أو أكل حرام.

ص: 278

‌فصل في صوم التطوع

ــ

فصل في صوم التطوع

وله من الفضائل والمثوبة ما لا يحصيه إلا الله تعالى ومن ثم أضافه

ص: 279

وستة من شوال وأيام البيض والاثنين والخميس.

ــ

وفي الأم: لا بأس أن يفرده.

وأما أحاديث الاكتحال والغسل والتطيب في يوم عاشوراء فمن وضع الكذابين.

وصوم ستة أيام من شوال لما في الخبر الصحيح [مسلم رقم: 1164] أن صومها مع صوم رمضان كصيام الدهر واتصالها بيوم العيد أفضل: مبادرة للعبادة.

وأيام الليالي البيض وهي: الثالث عشر وتالياه لصحة الأمر بصومها لان صوم الثلاثة كصوم الشهر إذ لحسنة بعشر أمثالها ومن ثم تحصل السنة بثلاثة وغيرها لكنها أفضل ويبدل على الأوجه ثالث عشر ذي الحجة بسادس عشره.

وقال الجلال البلقيني: لا بل يسقط.

ويسن صوم أيام السود: وهي الثامن والعشرون وتالياه.

وصوم الاثنين والخميس للخبر الحسن [الترمذي رقم: 745] أنه صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صومهما وقال: "تعرض فيهما الأعمال فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم"[الترمذي رقم: 747] والمراد عرضها على الله تعالى.

وأما رفع الملائكة لها: فإنه مرة بالليل ومرة بالنهار ورفعها في شعبان محمول على رفع أعمال العام مجملة.

وصوم الاثنين أفضل من صوم الخميس لخصوصيات ذكروها فيه وعد الحليمي اعتياد صومهما مكروها: شاذ.

ص: 280

000000000000000000000000000000000

ــ

فرع [في بيان أن صوم هذه الأيام المتأكد يندرج في غيره] : أفتى جمع متأخرون بحصول ثواب عرفة وما بعده بوقوع صوم فرض فيها خلاف للمجموع وتبعه الأسنوي فقال: إن نواهما لم يحصل له شيء منهما.

قال شيخنا كشيخه والذي يتجه أن القصد وجود صوم فيها فهي كالتحية فإن نوى التطوع أيضا حصلا وإلا سقط عنه الطلب.

فرع أفضل الشهور للصوم بعد رمضان: الأشهر الحرم وأفضلها المحرم ثم رجب ثم الحجة ثم القعدة ثم شهر شعبان وصوم تسع ذي الحجة أفضل من صوم عشر المحرم اللذين يندب صومهما.

فائدة: من تلبس بصوم تطوع أو صلاته فله قطعهما لا نسك تطوع ومن تلبس بقضاء واجب حرم قطعه ولو موسعا.

ويحرم على الزوجة أن تصوم تطوعا أو قضاء موسعا وزوجها حاضر إلا بإذنه أو علم رضاه.

تتمة: يحرم الصوم في أيام التشريق والعيدين وكذا يوم الشك لغير ورد وهو يوم ثلاثي شعبان وقد شاع الخبر بين الناس برؤية الهلال ولم يثبت وكذا بعد نصف شعبان ما لم يصله بما قبله أو لم يوافق عادته أو لم يكن عن نذر أو قضاء ولو عن نفل.

ص: 281

‌باب الحج والعمرة

‌مدخل

باب الحج [والعمرة]

ــ

باب الحج [والعمرة]

وهو: بفتح أوله وكسره لغة: القصد أو كثرته إلى من يعظم وشرعا: قصد الكعبة للنسك الآتي.

وهو من الشرائع القديمة.

وروي أن آدم عليه السلام حج أربعين حجة من الهند ماشيا وأن جبريل قال له: إن الملائكة كانوا يطوفون قبلك بهذا البيت سبعة آلاف سنة.

قال ابن إسحاق: لم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلا حج.

والذي صرح به غيره أنه ما من نبي إلا حج خلافا لمن استثنى هودا وصالحا.

والصلاة أفضل منه خلافا للقاضي.

وفرض في السنة السادسة على الأصح.

وحج صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وبعدها وقبل الهجرة حججا لا يدرى عددها وبعدها حجة الوداع لا غير وورد: "من حج هذا البيت خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"[البخاري رقم: 1521، مسلم رقم: 1350] .

ص: 282

يجبان على مكلف حر مستطيع

ــ

قال شيخنا في حاشية الإيضاح: قوله: كيوم ولدته أمه يشمل التبعات1 وورد التصريح به في رواية وأفتى به بعض مشايخنا لكن ظاهر كلامهم يخالفه والأول أوفق بظواهر السنة والثاني أوفق بالقواعد.

ثم رأيت بعض المحققين نقل الإجماع عليه وبه يندفع الإفتاء المذكور تمسكا بالظواهر.

والعمرة وهي لغة: زيادة مكان عامر وشرعا: قصد الكعبة للنسك الآتي.

يجبان أي الحج والعمرة ولا يغني عنها الحج وإن اشتمل عليها وخبر: سئل ص عن العمرة أواجبة هي؟ قال: لا ضعيف اتفاقا وإن صححه الترمذي [رقم: 931] .

على كل مسلم مكلف أي بالغ عاقل حر: فلا يجبان على صبي ومجنون ولا على رقيق فنسك غير المكلف ومن فيه رق يقع نفلا لا فرضا.

مستطيع للحج بوجدان الزاد ذهابا وإيابا وأجرة خفير أي مجير

1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله جمع تبعة بضمة بين فتحتين وهي حق الآدمي صغيرة أو كبيرة انتهى. عبد الرءوف ثم أضاف والضبط المذكور خلاف ما في القاموس فإن الذي فيه كفرحة وكتابة وكذا خلاف ما في المصباح فإن الذي فيه ككلمة تأمل انتهى.

ص: 283

مرة بتراخ

ــ

يأمن معه والراحلة أو ثمنها: إن كان بينه وبين مكة مرحلتان أو دونهما وضعف عن المشي مع نفقة من يجب عليه نفقته وكسوته إلى الرجوع.

ويشترط أيضا للوجوب: أمن الطريق على النفس والمال ولو من رصدي وإن قل ما يأخذه وغلبة السلامة لراكب البحر فإن غلب الهلاك لهيجان الأمواج في بعض الأحوال أو استويا: لم يجب بل يحرم الركوب فيه له ولغيره.

وشرط للوجوب على المرأة مع ما ذكر أن يخرج معها محرم أو زوج أو نسوة ثقات ولو إماء وذلك

لحرمة سفرها وحدها وإن قصر أو كانت في قافلة عظيمة ولها بلا وجوب أن تخرج مع امرأة ثقة لأداء فرض الإسلام وليس لها الخروج لتطوع ولو مع نسوة كثيرة وإن قصر السفر أو كانت شوهاء.

وقد صرحوا بأنه يحرم على المكية التطوع بالعمرة من التنعيم مع النساء خلافا لمن نازع فيه.

مرة واحدة في العمر بتراخ لا على الفور نعم إنما يجوز التأخير بشرط العزم على الفعل في المستقبل وأن لا يتضيقا عليه بنذر أو قضاء أو خوف عضب أو تلف مال بقرينة ولو ضعيفة وقيل يجب على القادر أن لا يترك الحج في كل خمس سنين لخبر فيه [رواه ابن حبان في صحيحه رقم: 3703 ،9/ 16] .

ص: 284

أركانه: 1- إحرام، 2- ووقوف بعرفة

ــ

فرع تجب إنابة عن ميت عليه نسك من تركته كما تقضى منه ديونه فلو لم تكن له تركة سن لوارثه أن

يفعله عنه فلو فعله أجنبي جاز ولو بلا إذن وعن آفاقي معضوب1 عاجز عن النسك بنفسه: لنحو زمانه أو مرض لا يرجى برؤه بأجرة مثل فضلت عما يحتاجه المعضوب يوم الاستئجار وعما عدا مؤنة نفسه وعياله

بعده ولا يصح أن يحج عن معضوب بغير إذنه لان الحج يفتقر للنية والمعضوب أهل لها وللإذن.

أركانه أي الحج: ستة:

1-

أحدها: إحرام به أي بنية دخول فيه لخبر [البخاري رقم: 1، مسلم رقم: 1907] : "إنما الأعمال بالنيات".

ولا يجب تلفظ بها وتلبية بل يسنان فيقول بقلبه ولسانه: نويت الحج وأحرمت به لله تعالى لبيك اللهم لبيك إلى آخره.

2-

وثانيها: وقوف بعرفة أي حضوره بأي جزء منها ولو لحظة وإن كان نائما أو مارا لخبر الترمذي [رقم: 889] : الحج عرفة وليس منها: مسجد إبراهيم عليه السلام ولا نمرة.

1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: معضوب بعين مهملة فضاد معجمة من العضب وهو القطع كأنه قطع عن عمال الحركة أو بعين فصاد مهملة من العصب كأنه قطع عصبه انتهى.

ص: 285

بين زوال وفجر نحر 3- وطواف إفاضة 4- وسعي سبعا،

ــ

والأفضل للذكر تحري موقفه ص وهو عند الصخرات المعروفة.

وسميت عرفة قيل: لان آدم وحواء تعارفا بها وقيل غير ذلك.

ووقته بين زوال للشمس يوم عرفة وهو تاسع ذي الحجة وبين طلوع فجر يوم نحر.

وسن له الجمع بين الليل والنهار وإلا أراق دم تمتع ندبا.

3-

وثالثها: طواف إفاضة ويدخل وقته بانتصاف ليلة النحر.

وهو أفضل الأركان حتى من الوقوف خلافا للزركشي.

4-

ورابعها: سعي بين الصفا والمروة سبعا يقينا بعد طواف قدوم ما لم يقف بعرفة أو بعد طواف إفاضة.

فلو اقتصر على ما دون السبع لم يجزه ولو شك في عددها قبل فراغه أخذ بالأقل لأنه المتيقن.

ومن سعى بعد طواف القدوم لم يندب له إعادة السعي بعد طواف الإفاضة بل يكره.

ويجب أن يبدأ فيه في المرة الأولى بالصفا ويختم بالمروة للاتباع فإن بدأ بالمروة لم يحسب مروره منها إلى الصفا وذهابه من الصفا إلى المروة مرة وعوده منها إليه مرة أخرى.

ويسن للذكر أن يرقى على الصفا والمروة قدر قامة.

وأن يمشي أول السعي وآخره ويعدو الذكر في الوسط ومحلهما معروف.

ص: 286

5-

وإزالة شعر 6- وترتيب ولا تجبر بدم وغير وقوف أركان العمرة.

ــ

5-

وخامسها: إزالة شعر من الرأس بحلق أو تقصير لتوقف التحلل عليه وأقل ما يجزئ ثلاث شعرات. فتعميمه صلى الله عليه وسلم لبيان الأفضل خلافا لمن أخذ منه وجوب التعميم.

وتقصير المرأة أولى من حلقها.

ثم يدخل مكة بعد رمي جمرة العقبة والحلق ويطوف للركن فيسعى إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم كما هو الأفضل.

والحلق والطواف والسعي لا آخر لوقتها ويكره تأخيرها عن يوم النحر وأشد منه: تأخيرها عن أيام التشريق ثم عن خروجه من مكة.

وسادسها: ترتيب بين معظم أركانه بأن يقدم الإحرام على الجميع والوقوف على طواف الركن والحلق والطواف على السعي إن لم يسع بعد طواف القدوم ودليله الإتباع.

ولا تجبر أي الأركان بدم وسيأتي ما يجبر بالدم.

وغير وقوف من الأركان الستة أركان العمرة لشمول الأدلة لها.

وظاهر أن الحلق يجب تأخيره عن سعيها فالترتيب فيها في جميع الأركان.

تنبيه يؤديان بثلاثة أوجه:

ص: 288

وشروط الطواف: 1- طهر 2- وستر 3- ونيته إن استقل 4- وبدؤه بالحجر الأسود محاذيا له،

ــ

إفراد: بأن يحج ثم يعتمر.

وتمتع: بأن يعتمر ثم يحج.

وقران: بأن يحرم بهما معا.

وأفضلها: إفراد إن اعتمر عامه ثم تمتع.

وعلى كل من المتمتع والقارن: دم إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام وهم من دون مرحلتين.

وشروط الطواف ستة1:

1-

أحدها: طهر عن حدث وخبث.

2-

وثانيها: ستر لعورة قادر فلو زالا فيه جدد وبنى على طوافه وإن تعمد ذلك وطال الفصل.

3-

وثالثها: نيته: أي الطواف إن استقل بأن لم يشمله نسك كسائر العبادات وإلا فهي سنة.

4-

ورابعها: بدؤه بالحجر الأسود محاذيا له في مروره ببدنه: أي بجميع شقه الأيسر وصفة المحاذاة: أن يقف بجانبه من جهة

1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: بل ثمانية فسابعها: كونه في المسجد وثامنها: عدم صرفه لغيره كطلب غريم وكإسراعه خوفا من أن تلمسه امرأة انتهى.

ص: 289

5-

وجعل البيت عن يساره 6- وكونه سبعا وسن أن يفتتح باستلام الحجر ويستلمه في كل طوفة والركن وأن يرمل ذكر في الثلاث الأول من طواف بعده سعي.

ــ

اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ثم ينوي ثم يمشي مستقبلة حتى يجاوزه فحينئذ ينفتل ويجعل يساره للبيت ولا يجوز استقبال البيت إلا في هذا.

5-

وخامسها: جعل البيت عن يساره مارا تلقاء وجهه فيجب كونه خارجا بكل بدنه حتى بيده عن

شاذروانه وحجره للاتباع فإن خالف شيئا من ذلك لم يصح طوافه وإذا استقبل الطائف لنحو دعاء فليحترز عن أن يمر منه أدنى جزء قبل عوده إلى جعل البيت عن يساره.

ويلزم من قبل الحجر أن يقر قدميه في محلهما حتى يعتدل قائما فإن رأسه حال التقبيل في جزء من البيت.

6-

وسادسها: كونه سبعا يقينا ولو في الوقت المكروه فإن ترك منها شيئا وإن قل لم يجزئه.

وسن أن يفتتح الطائف باستلام الحجر الأسود بيده وأن يستلمه في كل طوفة وفي الأوتار آكد وأن يقبله ويضع جبهته عليه ويستلم الركن اليماني ويقبل يده بعد استلامه وأن يرمل ذكر في الطوافات الثلاث الأول من طواف بعده سعي بإسراع مشيه مقاربا خطاه وأن يمشي في الأربعة الأخيرة على هيئته للاتباع ولو ترك الرمل في الثلاث الأول: لا يقضيه في البقية.

ص: 290

وو1جباته: 1- إحرام من ميقات.

ــ

ويسن أن يقرب الذكر من البيت ما لم يؤذ أو يتأذ بزحمة فلو تعارض القرب منه والرمل: قدم لان ما يتعلق بنفس العبادة أولى من المتعلق بمكانها وأن يضطبع في طواف يرمل فيه وكذا في السعي: وهو جعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على الأيسر للاتباع وأن يصلي بعده ركعتين خلف المقام ففي الحجر.

فرع [في ما يسن للقادم مكة أول قدومه] يسن أن يبدأ كل من الذكر والأنثى بالطواف عند دخول المسجد للاتباع رواه الشيخان [البخاري رقم: 1615، مسلم رقم: 1235] إلا أن يجد الإمام في مكتوبة أو يخاف فوت فرض أو راتبة مؤكدة فيبدأ بها لا بالطواف.

وواجباته أي الحج خمسة وهو ما يجب بتركه الفدية:

1-

إحرام من ميقات فميقات الحج لمن بمكة: هي:

وهو للحج والعمرة للمتوجه من المدينة: ذو الحليفة المسماة ببئر علي.

ومن الشام ومصر والمغرب: الجحفة.

ومن تهامة اليمن: يلملم.

ومن نجد اليمن والحجاز: قرن.

ص: 291

2-

ومبيت بمزدلفة 3- وبمنى،

ــ

ومن المشرق: ذات عرق.

وميقات العمرة لمن بالحرم الحل وأفضله الجعرانة فالتنعيم فالحديبية.

وميقات من لا ميقات له في طريقه: محاذاة الميقات الوارد إن حاذاه في بر أو بحر وإلا فمرحلتان من مكة. فيحرم الجائي في البحر من جهة اليمين من الشعب المحرم الذي يحاذي يلملم ولا يجوز له تأخير إحرامه إلى الوصول إلى جدة خلافا لما أفتى به شيخنا من جواز تأخيره إليها وعلل بأن مسافتها إلى مكة كمسافة يلملم إليها.

ولو أحرم من دون الميقات لزمه دم ولو ناسيا أو جاهلا ما لم يعد إليه قبل تلبسه بنسك ولو طواف قدوم وأثم غيرهما.

2-

ومبيت بمزدلفة ولو ساعة1 من نصف ثان من ليلة النحر.

3-

ومبيت بمنى معظم ليالي أيام التشريق نعم إن نفر قبل غروب شمس اليوم الثاني جاز وسقط عنه مبيت الليلة الثالثة ورمي يومها وإنما يجب المبيت في لياليها لغير الرعاء وأهل السقاية.

1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: والمراد القطعة من الزمن لا الساعة الفلكية. انتهى أي: يكفي دقيقة.

ص: 292

4-

وطواف الوداع 5- ورمي بحجر وتجبر.

وسننه: غسل لإحرام ودخول مكة ووقوف وتطيب قبيله،

ــ

4-

وطواف الوداع لغير حائض ومكي إن لم يفارق مكة بعد حجه.

5-

ورمي إلى جمرة العقبة بعد انتصاف ليلة النحر سبعا وإلى الجمرات الثلاث بعد زوال كل يوم من أيام التشريق سبعا سبعا مع ترتيب بين الجمرات.

بحجر أي بما يسمى به ولو عقيقا وبلورا ولو ترك رمي يوم تداركه في باقي أيام التشريق وإلا لزمه دم بترك ثلاث رميات1 فأكثر.

وتجبر أي الواجبات بدم.

وتسمى هذه أبعاضا.

وسننه أي الحج:

غسل فتيمم لإحرام ودخول مكة ولو حلالا بذي طوي وقوف بعرفة عشيتها وبمزدلفة ولرمي أيام التشريق. وتطيب البدن والثوب ولو بما له جرم قبيله أي الإحرام وبعد الغسل.

ولا يضر استدامته بعد الإحرام ولا انتقاله بعرق.

1 قال الشيخ السيد البكري رحمه: وصورة ذلك لا تكون إلا في آخر جمرة من آخر أيام التشريق لزمه دم. انتهى

ص: 294

وتلبية وطواف قدوم ومبيت بمنى ليلة عرفة ووقوف بجمع وأذكار.

ــ

وتلبية وهي: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

ومعنى لبيك: أنا مقيم على طاعتك.

ويسن الإكثار منها والصلاة على النبي ص وسؤال الجنة والاستعاذة من النار بعد تكرير التلبية ثلاثا.

وتستمر التلبية إلى رمي جمرة العقبة لكن لا تسن في طواف القدوم والسعي بعده لورود أذكار خاصة فيهما. وطواف قدوم لأنه تحية البيت وإنما يسن لحاج أو قارن دخل مكة قبل الوقوف ولا يفوت بالجلوس ولا بالتأخير نعم يفوت بالوقوف بعرفة.

ومبيت بمنى ليلة عرفة ووقوف بجمع المسمى الآن بالمشعر الحرام وهو جبل في آخر مزدلفة فيذكرون في وقوفهم ويدعون إلى الأسفار مستقبلين القبلة للاتباع.

وأذكار وأدعية مخصوصة بأوقات وأمكنة معينة وقد استوعبها الجلال السيوطي في وظائف اليوم والليلة فليطلب1.

1 في نسخ: فليطلبه وفي بعضها: فلتطلبه.

ص: 296

000000000000000000000000000000000000

ــ

فائدة [في زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم] يسن متأكدا زيارة قبر النبي ص ولو لغير حاج ومعتمر لأحاديث وردت في فضلها.

وشرب ماء زمزم مستحب ولو لغيرهما وورد أنه أفضل المياه حتى من الكوثر. [راجع كتاب فضل ماء زمزم لسائد بكداش] .

ص: 298

‌فصل في محرمات الإحرام

يحرم بإحرام: وطء وقبلة واستمناء بيد ونكاح وتطيب،

ــ

فصل في محرمات الإحرام

يحرم بإحرام على رجل وأنثى وطئ لآية: {فَلا رَفَثَ} [2 سورة البقرة الآية: 197] أي لا ترفثوا.

والرفث مفسر بالوطء. ويفسد به الحج والعمرة.

وقبلة ومباشرة بشهوة واستمناء بيد بخلاف الإنزال بنظر أو فكر1.

ونكاح لخبر مسلم [رقم: 1409] : "لا ينكح المحرم ولا ينكح".

وتطيب في بدن أو ثوب بما يسمى طيبا كمسك وعنبر وكافور حي

1 قال السيد البكري رحمه الله: وهو مخالف لما في النهاية والتحفة وشرح المختصر من حرمة النظر إذا كان بشهوة وإن لم ينزل. انتهى.

ص: 298

ودهن شعر وإزالته وقلم ويحرم ستر رجل بعض رأس بما يعد ساترا ولبسه محيطا بلا عذر،

ــ

أو ميت وورد ومائه ولو بشد نحو مسك بطرف ثوبه أو بجعله في جيبه.

ولو خفيت رائحة الطيب كالكاذي والفاغية وهي تمر الحناء فإن كان بحيث لو أصابه الماء فاحت حرم وإلا فلا.

ودهن بفتح أوله شعر رأس أو لحية بدهن ولو غير مطيب كزيت وسمن.

وإزالته أي الشعر ولو واحدة من رأسه أو لحيته أو بدنه نعم إن احتاج إلى حلق شعر بكثرة قمل أو جراحة فلا حرمة وعليه الفدية فلو نبت شعر بعينه أو غطاها فأزال ذلك فلا حرمة ولا فدية.

وقلم لظفر ولو بعضه من يد أو رجل نعم له قطع ما انكسر من ظفره إن تأذى به ولو أدنى تأذ.

ويحرم ستر رجل لا امرأة بعض رأس بما يعد ساترا عرقا من مخيط أو غير كقلنسوة وخرقة إما ما لا يعد ساترا كخيط رقيق وتوسد نحو عمامة ووضع يد لم يقصد بها الستر فلا يحرم بخلاف ما إذا قصده على نزاع فيه وكحمل نحو زنبيل لم يقصد به ذلك أيضا واستظلال بمحمل وإن مس رأسه.

ولبسه أي الرجل مخيطا بخياطة: كقميص وقباء أو نسج أو عقد في سائر بدنه بلا عذر فلا يحرم على الرجل ستر رأس لعذر كحر وبرد.

ص: 299

وستر امرأة لا رجل بعض وجه وفدية ما يحرم ذبح شاة أو تصدق بثلاثة آصع لستة أو صوم ثلاثة.

ــ

ويظهر ضبطه هنا بما لا يطيق الصبر عليه وإن لم يبح التيمم فيحل مع الفدية قياسا على وجوبها في الحلق مع العذر.

ولا لبس مخيط إن لم يجد غيره ولا قدر على تحصيله ولو بنحو استعارة بخلاف الهبة لعظم المنة فيحل ستر العورة بالمخيط بلا فدية.

ولبسه في باقي بدنه لحاجة نحو حر وبرد مع فدية.

ويحل الارتداء والالتحاف بالقميص والقباء وعقد الإزار وشد خيط عليه ليثبت: لا وضع طوق القباء على رقبته وإن لم يدخل يده.

ويحرم ستر امرأة لا رجل بعض وجه بما يعد ساترا.

وفدية ارتكاب واحد م ما يحرم بالإحرام غير الجماع ذبح شاة مجزئة في الأضحية وهي جذعة ضأن أو ثنية معز أو تصدق بثلاثة آصع لستة من مساكين الحرم الشاملين للفقراء لكل واحد نصف صاع1 أو صوم ثلاثة أيام.

فمرتكب المحرم مخير في الفدية بين الثلاثة المذكورة.

فرع لو فعل شيئا من المحرمات ناسيا أو جاهلا بتحريمه وجبت

1 الصاع هو: مكعب طول ضلعه 6 ،14 سانتي مترا ونصفه يساوي مدين.

ص: 300

ودم ترك مأمور ذبح فصوم ثلاثة وقبل نحر وسبعة بوطئه ويجب على مفسد نسك بوطء بدنة

ــ

الفدية إن كان إتلافا كحلق شعر وقلم ظفر وقتل صيد.

ولا تجب إن كان تمتعا كلبس وتطيب.

والواجب في إزالة ثلاث شعرات أو أظفار ولا اتحاد زمان ومكان عرفا فدية كاملة وفي واحدة: مد1 طعام.

وفي اثنتين مدان.

ودم ترك مأمور كإحرام من الميقات ومبيت بمزدلفة ومنى ورمي الأحجار وطواف الوداع كدم التمتع والقران ذبح أي ذبح شاة تجزئ أضحية في الحرم.

فـ الواجب على العاجز عن الذبح فيه ولو لغيبة ماله وإن وجد من يقرضه أو وجده بأكثر من ثمن المثل صوم أيام ثلاثة فورا بعد إحرام وقبل يوم نحر ولو مسافرا فلا يجوز تأخير شيء منها عنه لأنها تصير قضاء.

ولا تقديمه على الإحرام بالحج الآية.

ويلزمه أيضا صوم سبعة بوطنه أي إذا رجع إلى أهله.

ويسن تواليها كالثلاثة قال تعالى: {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} [2 سورة البقرة الآية: 196] .

ويجب على مفسد نسك من حج وعمرة بوطء: بدنة بصفة الأضحية،

1 المد هو: مكعب طول ضلعه 2 ،9 سانتي مترا وهو يساوي ربع صاع.

ص: 301

وقضاء فورا.

ــ

وإن كان النسك نفلا.

والبدنة المرادة الواحد من الإبل ذكرا كان أو أنثى فإن عجز عن البدنة فبقرة فإن عجز عنها فسبع شياه ثم يقوم البدنة ويتصدق بقيمتها طعاما ثم يصوم عن كل مد يوما ولا يجب شيء على المرأة بل تأثم.

وعلم من قولي بمسد نسك: أنه يبطل بوطء ومع ذلك يجب مضي في فاسدة.

وقضاء فورا وإن كان نسكه نفلا لأنه وإن كان وقته موسعا تضيق عليه بالشروع فيه والنفل من ذلك يصير بالشروع فيه فرضا: أي واجب الإتمام كالفرض بخلاف غيره من النفل.

تتمة يسن لقاصد مكة وللحاج آكد أن يهدي شيئا من النعم يسوقه من بلده وإلا فيشتريه من الطريق ثم من مكة ثم من عرفة ثم من منى وكونه سمينا حسنا ولا يجب إلا بالنذر.

مهمات [في بيان جمل من المسائل كالأضحية والعقيقة والصيد والذبائح وغير ذلك] : يسن متأكدا لحر قادر تضحية بذبح جذع ضأن له

ص: 302

000000000000000000000000000000000

ــ

سنة أو سقط سنه ولو قبل تمامها أو ثني معز أو بقر لهما سنتان أو إبل له خمس سنين بنية أضحية عند ذبح أو تعيين.

وهي أفضل من الصدقة.

ووقتها من ارتفاع شمس نحر إلى آخر أيام التشريق.

ويجزئ سبع بقر أو إبل عن واحد.

ولا يجزئ عجفاء ومقطوعة بعض ذنب أو أذن أبين وإن قل وذات عرج وعور ومرض بين ولا يضر شق أذن أو خرقها.

والمعتمد عدم إجزاء التضحية بالحامل خلافا لما صححه ابن الرفعة.

ولو نذر التضحية بمعيبة أو صغيرة أو قال: جعلتها أضحية فإنه يلزم ذبحها ولا تجزئ أضحية وإن اختص ذبحها بوقت الأضحية وجرت مجراها في الصرف.

ويحرم الأكل من أضحية أو هدي وجبا بنذره.

ويجب التصدق ولو على فقير واحد بشيء نيئا ولو يسيرا من المتطوع بها والأفضل: التصدق بكله إلا لقما يتبرك بأكلها وأن تكون من الكبد وأن لا يأكل فوق ثلاث والتصدق بجلدها وله إطعام أغنياء لا تمليكهم.

ويسن أن يذبح الرجل بنفسه وأن يشهدها من وكل به وكره

ص: 303

000000000000000000000000000000000

ــ

لمريدها إزالة نحو شعر في عشر ذي الحجة وأيام التشريق حتى يضحي.

ويندب لمن تلزمه نفقة فرعه: أن يعق عنه من وضع إلى بلوغ وهي كضحية ولا يكسر عظم والتصدق بمطبوخ يبعثه إلى الفقراء: أحب من ندائهم إليها ومن التصدق نيئا وأن يذبح سابع ولادته ويسمى فيه وإن مات قبله بل يسن تسمية سقط بلغ زمن نفخ الروح.

وأفضل الأسماء: عبد الله وعبد الرحمن ولا يكره اسم نبي أو ملك بل جاء في التسمية بمحمد فضائل علية.

ويحرم التسمية بملك الملوك وقاضي القضاة وحاكم الحكام.

وكذا عبد النبي وجار الله والتكني بأبي القاسم.

وسن أن يحلق رأسه ولو أنثى في السابع ويتصدق بزنته ذهبا أو فضة وأن يؤذن ويقرأ سورة الإخلاص وآية: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [3 سورة آل عمران الآية: 36] بتأنيث الضمير ولو في الذكر في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى عقب الوضع وأن يحنكه رجل فامرأة من أهل الخير بتمر فحلو لم تمسه النار حين يولد ويقرأ عندها وهي تطلق آية الكرسي [2 سورة البقرة الآية: 255] و {إن ربكم الله} [7 سورة الأعراف الآية: 54] الآية والمعوذتان والإكثار من دعاء الكرب [راجع الأذكار للنووي، الأرقام: 663- 672] .

قال شيخنا: أما قراءة سورة الأنعام إلى: {رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [6 سورة الأنعام الآيات: 1- 59] يوم يعق عن المولود فمن

ص: 304

000000000000000000000000000000000

ــ

مبتدعات العوام الجهلة فينبغي الانكفاف عنها وتحذير الناس منها ما أمكن انتهى.

فرع يسن لكل أحد الادهان غبا والاكتحال بالإثمد وترا عند نومه وخضب شيب رأسه ولحيته: بحمرة أو صفرة.

ويحرم حلق لحية وخضب يدي الرجل ورجليه بحناء خلافا لجمع فيهما.

وبحث الأذرعي كراهة حلق ما فوق الحلقوم من الشعر وقال غيره إنه مباح.

ويسن الخضب للمفترشة ويكره للخلية.

ويحرم وشر الأسنان ووصل الشعر بشعر نجس أو شعر آدمي وربطه به لا بخيوط الحرير أو الصوف ويستحب أن يكف الصبيان أول ساعة من الليل وأن يغطي الأواني ولو بنحو عود يعرض عليها وأن يغلق الأبواب مسميا الله فيهما وأن يطفئ المصابيح عند النوم.

واعلم أن ذبح الحيوان البري المقدور عليه بقطع كل حلقوم وهو مخرج النفس وكل مريء وهو مجرى الطعام تحت الحلقوم بكل محدد يجرح غير عظم وسن وظفر كحديد وقصب وزجاج وذهب وفضة.

ص: 305

000000000000000000000000000000000

ــ

فيحرم ما مات بثقل ما أصابه من محدد أو غيره كبندقة وإن أنهر الدم وأبان الرأس أو ذبح بكال لا يقطع إلا بقوة الذابح فلذا ينبغي الإسراع بقطع الحلقوم بحيث لا ينتهي إلى حركة المذبوح قبل تمام القطع.

ويحل الجنين بذبح أمه إن مات في بطنها أو خرج في حركة مذبوح ومات حالا.

أما غير المقدور عليه بطيرانه أو شدة عدوه وحشيا كان أو إنسيا كجمل أو جدي نفر شاردا ولم يتيسر لحوقه حالا وإن كان لو صبر سكن وقدر عليه وإن لم يخف عليه نحو سارق فيحل بالجرح المزهق بنحو سهم أو سيف في أي محل كان ثم إن أدركه وبه حياة مستقرة ذبحه فإن تعذر ذبحه من غير تقصير منه حتى مات كأن اشتغل بتوجيهه للقبلة أو سل السكين فمات قبل الإمكان حل وإلا كأن لم يكن معه سكين أو علق في الغمد بحيث تعسر إخراجه فلا.

ويحرم قطعا رمي الصيد بالبندق المعتاد الآن وهو ما يصنع بالحديد ويرمى بالنار لأنه محرق مذفف سريعا غالبا.

قال شيخنا: نعم إن علم حاذق أنه إنما يصيب نحو جناح كبير: فيشقه فقط احتمل الجواز.

والرمي بالبندق المعتاد قديما وهو ما يصنع من الطين جائز على المعتمد خلافا لبعض المحقين.

وشرط الذابح أن يكون مسلما أوكتابيا ينكح.

ص: 306

000000000000000000000000000000000

ــ

ويسن أن يقطع الود جين وهما عرقا صفحتي عنق وأن يحد شفرته ويوجه ذبيحته لقبلة وأن يكون الذابح رجلا عاقلا فامرأة فصبيا ويقول ندبا عند الذبح وكذا عند رمي الصيد ولو سمكا وإرسال الجارحة: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل وسلم على سيدنا محمد.

ويشترط في الذبيح غير المريض شيئان.

أحدهما: أن يكون فيه حياة مستقرة أول ذبحه ولو ظنا بنحو شدة حركة بعده ولو وحدها على المعتمد وانفجار دم وتدفقه إذا غلب على الظن بقاؤها فيهما فإن شك في استقرارها لفقد العلامات حرم.

ولو جرح حيوان أو سقط عليه نحو سيف أو عضه نحو هرة فإن بقيت فيه حياة مستقرة فذبحه حل.

وإن تيقن هلاكه بعد ساعة1 وإلا لم يحل كما لو قطع بعد رفع السكين ولو لعذر ما بقي بعد انتهائها إلى حركة مذبوح.

قال شيخنا في شرح المنهاج: وفي كلام بعضهم أنه لو رفع يده لنحو اضطرابه فأعادها فورا وأتم الذبح حل وقول بعضهم: لو رفع يده ثم أعادها لم يحل مفرع على عدم الحياة المستقرة عند إعادتها أو محمول على ما إذا لم يعدها على الفور ويؤيده إفتاء غير

1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: أي: لحنطة كما ذكر الشبراملسي. انتهى.

ص: 307

000000000000000000000000000000000

ــ

واحد فيما لو انفلتت شفرته فردها حالا أنه يحل انتهى.

ولو انتهى لحركة مذبوح بمرض وإن كان سببه أكل نبات مضر كفى ذبحه في آخر رمقه إذ لم يوجد ما يحال عليه الهلاك من جرح أو نحوه فإن وجد كأن أكل نباتا يؤدي إلى الهلاك اشترط فيه وجود الحياة المستقرة فيه عند ابتداء الذبح ولو بالظن بالعلامة المذكورة بعده.

فائدة من ذبح تقريا لله تعالى لدفع شر الجن عنه لم يحرم أو بقصدهم حرم.

وثانيهما: كونه مأكولا وهو من الحيوان البري: الأنعام والخيل وبقر وحش وحماره وظبي وضبع وضب وأرنب وثعلب وسنجاب وكل لقاط للحب لا أسد وقرد وصقر وطاووس وحدأة وبوم ودرة وكذا غراب أسود ورمادي اللون خلافا لبعضهم ويكره جلالة ولو من غير نعم كدجاج إن وجد فيها ريح النجاسة.

ويحل أكل بيض غير المأكول خلافا لجمع.

ويحرم من الحيوان البحري: ضفدع وتمساح وسلحفاة وسرطان لا قرش ودنليس على الأصح فيهما.

قال في المجموع: الصحيح المعتمد أن جميع ما في البحر يحل ميتته إلا الضفدع.

ص: 308

0000000000000000000000000000000000

ــ

ويؤيده نقل ابن الصباغ عن الأصحاب حل جميع ما فيه إلا الضفدع.

ويحل أكل ميتة الجراد والسمك إلا ما تغير في جوف غيره ولو في صورة كلب أو خنزير.

ويسن ذبح كبيرهما الذي يطول بقاؤه ويكره ذبح صغيرهما وأكل مشوي سمك قبل تطييب جوفه وما أنتن منه كاللحم وقلي حي في دهن مغلي.

وحل أكل دود نحو الفاكهة حيا كان أو ميتا بشرط أن لا ينفرد عنه وإلا لم يحل أكله ولو معه كنمل السمن لعدم تولده منه على ما قاله الرداد خلافا لبعض أصحابنا.

ويحرم كل جماد مضر لبدن أو عقل كحجر وتراب وسم وإن قل إلا لمن لا يضره ومسكر ككثير أفيون وحشيش وبنج.

فائدة أفضل المكاسب الزراعة ثم الصناعة ثم التجارة.

قال جمع: هي أفضلها.

ولا تحرم معاملة من أكثر ماله حرام ولا الأكل منها كما صححه في المجموع.

وأنكر النووي قول الغزالي بالحرمة مع أنه تبعه في شرح مسلم.

ولو عم الحرام الأرض جاز أن يستعمل منه ما تمس حاجته إليه دون

ص: 309

النذر: التزام مكلف قربة لم تتعين

ــ

ما زاد هذا إن توقع معرفة أربابه وإلا صار لبيت المال فيأخذ منه بقدر ما يستحقه فيه كما قاله شيخنا.

فرع نذكر فيه ما يجب على المكلف بالنذر وهو قربة على ما اقتضاه كلام الشيخين وعليه كثيرون

بل بالغ بعضهم فقال: دل على ندبه الكتاب والسنة والإجماع والقياس وقيل مكروه للنهي عنه.

وحمل الأكثرون النهي على نذر اللجاج فإنه تعليق قربة بفعل شيء أو تركه كإن دخلت الدار أو إن لم أخرج منها فلله علي صوم أو صدقة بكذا فيتخير من دخلها أو لم يخرج بين ما التزمه وكفارة يمين.

ولا يتعين الملتزم ولو حجا والفرع: ما اندرج تحت أصل كلي.

النذر: التزام مسلم مكلف رشيد: قربة لم تتعين نفلا كانت أو فرض كفاية كإدامة وتر وعيادة مريض وزيادة رجل قبرا وتزوج حيث سن خلافا لجمع وصوم أيام البيض والاثنين فلو وقعت في أيام التشريق أو الحيض أو النفاس أو المرض لم يجب القضاء وكصلاة جنازة وتجهيز ميت ولو نذر صوم يوم بعينه لم يصم قبله فإن فعل أثم كتقديم الصلاة على وقتها المعين ولا يجوز تأخيره عنه كهي بلا عذر فإن فعل صح وكان قضاء ولو نذر صوم يوم خميس ولم يعين كفاه أي خميس ولو نذر صلاة: فيجب ركعتان بقيام قادر.

أو صوما: فصوم يوم أو صوم أيام فثلاثة أو صدقة فمتمول ويجب صرفه لحر

ص: 310

بلفظ منجز ك: لله علي كذا أو علي كذا أو نذرت كذا أو معلق،

ــ

مسكين ما لم يعين شخصا أو أهل بلد وإلا تعين صرفه له ولا يتعين لصوم وصلاة مكان عينه ولا لصدقة زمان عينه.

وخرج بالمسلم المكلف: الكافر والصبي والمجنون فلا يصح نذرهم كنذر السفيه وقيل يصح من الكافر.

وبالقربة: المعصية كصوم أيام التشريق وصلاة لا سبب لها في وقت مكروه فلا ينعقدان وكالمعصية: المكروه كالصلاة عند القبر والنذر لأحد أبويه أو أولاده فقط وكذا المباح: كلله علي أن آكل أو أنام وإن قصد تقوية على العبادة أو النشاط لها.

ولا كفارة في المباح على الأصح.

وبلم تتعين: ما تعين عليه من فعل واجب عيني كمكتوبة وأداء ربع عشر مال تجارة وكترك محرم.

وإنما ينعقد النذر من المكلف بلفظ منجز بأن يلتزم قربة به من غير تعليق بشيء وهذا نذر تبرر كلله على كذا من صلاة أو صوم أو نسك أو صدقة أو قراء أو اعتكاف أو علي كذا وإن لم يقل لله.

أو نذرت كذا وإن لم يذكر معها لله على المعتمد الذي صرح به البغوي وغيره من اضطراب طويل.

أو بلفظ معلق ويسمى نذر مجازاة وهو أن يلتزم قربة في مقابلة ما يرغب في حصوله من حدوث

نعمة أو اندفاع نقمة ك: إن

ص: 311

ك: إن شفاني الله أو سلمني الله فعلى كذا فيلزم ما التزمه حالا في منجز وعند وجود صفة في معلق.

ــ

شفاني الله أو سلمني الله فعلى كذا أو ألزمت نفسي أو واجب على كذا.

وخرج بلفظ النية فلا يصح بمجرد النية كسائر العقود إلا باللفظ وقيل يصح بالنية وحدها.

فيلزم عليه ما التزمه حالا في منجز وعند وجود صفة في معلق.

وظاهر كلامهم أنه يلزمه الفور بأدائه عقب وجود المعلق عليه خلافا لقضية كلام ابن عبد السلام.

ولا يشترط قبول المنذور له في قسمي النذر ولا القبض بل يشترط عدم رده.

ويصح النذر بما في ذمة المدين ولو مجهولا فيبرأ حالا وإن لم يقبل خلافا للجلال البلقيني ولو نذر لغير أحد أصليه أو فروعه من ورثته بماله قبل مرض موته بيوم ملكه كله من غير مشارك لزوال ملكه عنه ولا يجوز للأصل الرجوع فيه وينعقد معلقا في نحو: إذا مرضت فهو نذر قبل مرضي بيوم وله التصرف قبل حصول المعلق عليه ويلغو قوله: متى حصل لي الأمر الفلاني أجئ لك بكذا ما لم يقترن به لفظ التزام أو نذر.

وأفتى جمع فيمن أراد أن يتبايعا فاتفقا على أن ينذر كل للآخر

ص: 312

000000000000000000000000000000000

ــ

بمتاعه ففعلا صح.

وإن زاد المبتدئ: إن نذرت لي بمتاعك.

وكثيرا ما يفعل ذلك فيما لا يصح بيعه ويصح نذره.

ويصح إبراء المنذور له الناذر عما في ذمته.

قال القاضي: ولا يشترط معرفة الناذر ما نذر به كخمس ما يخرج له مع معشر وككل ولد أو ثمرة يخرج من أمتي أو شجرتي هذه.

وذكر أيضا أنه لا زكاة في الخمس المنذور.

وقال غيره: محله إن نذر قبل الاشتداد.

ويصح النذر للجنين كالوصية له بل أولى لا للميت إلا لقبر الشيخ الفلاني وأراد به قربة ثم: كإسراج ينتفع1 به أو اطرد عرف فيحمل النذر له على ذلك ويقع لبعض العوام: جعلت هذا للنبي ص فيصح كما بحث لأنه اشتهر في عرفهم للنذر ويصرف لمصالح الحجرة النبوية.

قال السبكي: والأقرب عندي في الكعبة والحجرة الشريفة والمساجد الثلاثة أن من خرج من ماله عن شيء لها واقتضى العرف

1 قال الشيخ السيد البكري رحمه: الانتفاع به شرط فلو لم يوجد هناك من ينتفع به من مصل أو نائم أو نحوهما لم يصح النذر لأنه إضاعة مال انتهى وأضيف: كانت القبور تلحق بها أوقاف تفيد طبقات من الناس فيكون النذر ليس لذات القبر وإنما للناس الذين يشغلون الأوقاف الملحقة بالقبر حيث النذر للقبر لا يصح قولا واحدا.

ص: 313

00000000000000000000000000000000000

ــ

صرفه في جهة من جهاتها: صرف إليها واختصت به. انتهى.

قال شيخنا: فإن لم يقتض العرف شيئا فالذي يتجه أنه يرجع في تعيين المصرف لرأي ناظرها.

قال: وظاهر أن الحكم كذلك في النذر لمسجد غيرها انتهى.

وأفتى بعضهم في إن قضى الله حاجتي فعلي للكعبة كذا بأنه غيرها انتهى يتعين لمصالحها ولا يصرف لفقراء الحرم كما دل عليه كلام المهذب وصرح به جمع متأخرون.

ولو نذر شيئا للكعبة ونوى صرفه لقربة معينة كالإسراج تعين صرفه فيها إن احتيج لذلك وإلا بيع وصرف لمصالحها كما استظهره شيخنا.

ولو نذر إسراج نحو شمع أو زيت بمسجد صح إن كان ثم من ينتفع به ولو على ندور وإلا فلا.

ولو نذر إهداء منقول إلى مكة لزمه نقله والتصدق بعينه على فقراء الحرم ما لم يعين قربة أخرى كتطييب الكعبة فيصرفه إليها.

وعلى الناذر مؤنة إيصال الهدي إلى الحرم فإن كان معسرا باع بعضه لنقل الباقي فإن تعسر نقله كعقار أو حجر رحى باعه ولو بغير إذن حاكم ونقل ثمنه وتصدق به على فقراء الحرم.

وهل له إمساكه بقيمته أو لا؟ وجهان.

ولو نذر الصلاة في أحد المساجد الثلاثة أجزأ بعضها عن بعض

ص: 314

000000000000000000000000000000000

ــ

كالاعتكاف.

ولا يجزئ ألف صلاة في غير مسجد المدينة عن صلاة نذرها فيه كعكسه.

كما لا يجزئ قراءة الإخلاص عن ثلث القرآن المنذور.

ومن نذر إتيان سائر المساجد وصلاة التطوع فيه صلى حيث شاء ولو في بيته.

ولو نذر التصدق بدرهم لم يجزئ عنه جنس آخر.

ولو نذر التصدق بمال بعينه زال عن ملكه فلو قال: علي أن أتصدق بعشرين دينارا وعينها على فلان أو إن شفي مريضي فعلي ذلك: ملكها وإن لم يقبضها ولا قبلها بل وإن رد فله التصرف فيها.

وينعقد حول زكاتها من حين النذر وكذا إن لم يعينها ولم يردها المنذور له فتصير دينا له عليه ويثبت لها أحكام الديون من زكاة وغيرها.

ولو تلف المعين لم يضمنه إلا أن قصر على ما استظهره شيخنا.

ولو نذر أن يعمر مسجدا معينا أو في موضع معين لم يجز له أن يعمر غيره بدلا عنه ولا في موضع آخر كما لو نذر التصدق بدرهم فضة لم يجز التصدق بدله بدينار لاختلاف الأغراض.

ص: 315

00000000000000000000000000000000

ــ

تتمة [في بيان حكم نذر المقترض لمقرضه] اختلف جمع من مشايخ شيوخنا في نذر مقترض مالا معينا لمقرضه ما دام دينه في ذمته فقال بعضهم لا يصح لأنه على هذا الوجه الخاص غير قربة بل يتوصل به إلى ربا النسيئة.

وقال بعضهم يصح لأنه في مقابلة حدوث نعمة ربح القرض إن اتجر به أو فيه اندفاع نقمة المطالبة إن احتاج لبقائه في ذمته لإعسار أو إنفاق ولأنه يسن للمقترض أن يرد زيادة عما اقترضه فإذا التزمها بنذر انعقد ولزمته فهو حينئذ مكافأة إحسان لا وصلة للربا إذ هو لا يكون إلا في عقد كبيع ومن ثم لو شرط عليه النذر في عقد القرض كان ربا.

وقال شيخ مشايخنا العلامة المحقق الطنبداوي فيما إذا نذر المديون للدائن منفعة الأرض المرهونة مدة بقاء الدين في ذمته: والذي رأيته لمتأخري أصحابنا اليمنيين ما هو صريح في الصحة وممن أفتى بذلك شيخ الإسلام محمد بن حسين القماط والعلامة الحسين بن عبد الرحمن الأهدل.

ص: 316

‌باب البيع

‌مدخل

باب البيع

ــ

باب البيع

هو لغة: مقابلة شيء بشيء. وشرعا: مقابلة مال بمال على وجه مخصوص.

والأصل فيه قبل الإجماع آيات كقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}

ص: 316

يصح بإيجاب كبعتك وملكتك ذا بكذا وقبول كاشتريت وقبلت هذا بكذا،

ــ

[2 سورة البقرة الآية: 275] وأخبار كخبر: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: "أي الكسب أطيب؟ فقال: "عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور" [مسند أحمد رقم: 16814] أي لا غش فيه ولا خيانة.

يصح البيع بإيجاب من البائع ولو هزلا وهو ما دل على التمليك دلالة ظاهرة: كبعتك ذا بكذا أو هو لك بكذا وملكتك أو وهبتك ذا بكذا وكذا جعلته لك بكذا إن نوى به البيع.

وقبول من المشتري ولو هزلا وهو ما دل على التملك كذلك: كاشتريت هذا بكذا وقبلت أو رضيت أو أخذت أو تملكت هذا بكذا.

وذلك لتتم الصيغة الدال على اشتراطها قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما البيع عن تراض"[ابن ماجه رقم: 2185] .

والرضا خفي فاعتبر ما يدل عليه من اللفظ فلا ينعقد بالمعاطاة لكن اختير الانعقاد بكل ما يتعارف البيع بها فيه: كالخبز واللحم دون نحو الدواب والأراضي.

فعلى الأول: المقبوض بها كالمقبوض بالبيع الفاسد أي في أحكام الدنيا أما في الآخرة فلا مطالبة بها.

ويجري خلافها في سائر العقود وصورتها: أن يتفقا على ثمن ومثمن وإن لم يوجد لفظ من واحد ولو قال متوسط للبائع: بعت؟

ص: 317

بلا فصل وتخلل لفظ أجنبي وتعليق وتأقيت وشرط في عاقد تكليف وإسلام لتملك مسلم

ــ

فقال: نعم أو إي وقال للمشتري اشتريت؟ فقال: نعم صح.

ويصح أيضا بنعم منهما لجواب قول المشتري بعت والبائع اشتريت.

ولو قرن بالإيجاب أو القبول حرف استقبال كأبيعك لم يصح.

قال شيخنا: ويظهر أنه يغتفر من العامي نحو فتح تاء المتكلم.

وشرط صحة الإيجاب والقبول كونهما بلا فصل بسكوت طويل يقع بينهما بخلاف اليسير.

ولا تخلل لفظ وإن قل.

أجنبي عن العقد بأن لم يكن من مقتضاه ولا من مصالحه.

ويشترط أيضا أن يتوافقا معنى لا لفظا فلو قال بعتك بألف فزاد أو نقص أو بألف حالة فأجل أو عكسه أو مؤجلة بشهر فزاد لم يصح للمخالفة.

وبلا تعليق فلا يصح معه كإن مات أبي فقد بعتك هذا ولا تأقيت كبعتك هذا شهرا.

وشرط في عاقد بائعا كان أن مشتريا تكليف فلا يصح عقد صبي ومجنون وكذا من مكره بغير حق لعدم رضاه.

وإسلام لتملك رقيق مسلم لا يعتق عليه.

ص: 318

ومصحف وفي معقود ملك له عليه

ــ

وكذا يشترط أيضا: إسلام لتملك مرتد على المعتمد لكن الذي في الروضة وأصلها: صحة بيع المرتد للكافر.

ولتملك شيء من مصحف يعني ما كتب فيه قرآن ولو آية وإن أثبت لغير الدراسة كما قاله شيخنا.

ويشترط أيضا عدم حرابة من يشتري آلة حرب كسيف ورمح ونشاب وترس ودرع وخيل بخلاف غير آلة الحرب ولو مما تتأتى منه كالحديد إذ لا يتعين جعله عدة حرب ويصح بيعها للذمي أي في دارنا.

وشرط في معقود عليه مثمنا كان أو ثمنا ملك له أي للعاقد عليه.

فلا يصح بيع فضولي ويصح بيع مال غيره ظاهرا إن بان بعد البيع أنه له كأن باع مال مورثه ظانا حياته فبان ميتا حينئذ لتبين أنه ملكه ولا أثر لظن خطأ بأن صحته لان الاعتبار في العقود بما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلف.

فائدة لو أخذ من غيره بطريق جائز ما ظن حله وهو حرام باطنا فإن كان ظاهر المأخوذ منه الخير لم يطالب في الآخرة وإلا طولب قاله البغوي.

ولو اشترى طعامه في الذمة وقضى من حرام فإن أقبضه له البائع

ص: 319

وطهره ورؤيته.

ــ

برضاه قبل توفية الثمن حل له أكله أو بعدها مع علمه أنه حرام حل أيضا وإلا حرم إلى أن يبرئه أو يوفيه من حل قاله شيخنا.

وطهره أو إمكان طهره بغسل فلا يصح بيع نجس كخمر وجلد ميتة وإن أمكن طهرها بتخلل أو دباغ ولا متنجس لا يمكن طهره ولو دهنا تنجس بل يصح هبته.

ورؤيته أي المعقود عليه إن كان معينا فلا يصح بيع معين لم يره العاقدان أو أحدهما: كرهنه وإجارته للغرر المنهي عنه وإن بالغ في وصفه.

وتكفي الرؤية قبل العقد فيما لا يغلب تغيره إلى وقت العقد وتكفي رؤية بعض المبيع إن دل على باقيه

كظاهر صبرة نحو بر وأعلى المائع ومثل أنموج متساوي الأجزاء كالحبوب أو لم يدل على باقيه بل كان صوانا للباقي لبقائه كقشر رمان وبيض وقشرة سفلى لنحو جوز فيكفي رؤيته لان صلاح باطنه في إبقائه وإن لم يدل هو عليه.

ولا يكفي رؤية القشرة العليا إذا انعقدت السفلى.

ويشترط أيضا قدرة تسليمه فلا يصح بيع آبق وضال ومغصوب لغير قادر على انتزاعه وكذا سمك بركة شق تحصيله.

ص: 320

وشرط في بيع مطعوم ونقد بجنسه حلول وتقابض قبل تفرق

ــ

مهمة [في بيان حكم من تصرف في مال غيره ظاهرا ثم تبين أنه له] : من تصرف في مال غير ببيع أو غيره ظانا تعديه فبان أن له عليه ولاية كأن كان مال مورثه فبان موته أو مال أجنبي فبان إذنه له أو ظانا فقد شرط فبان مستوفيا للشروط صح تصرفه لان العبرة في العقود بما في نفس الأمر وفي العبادات بذلك وبما في ظن المكلف ومن ثم لو توضأ ولم يظن أنه مطلق: بطل طهوره وإن بان مطلقا لان المدار فيها على ظن المكلف.

وشمل قولنا ببيع أو غيره: التزويج والإبراء وغيرهما فلو أبرأ من حق ظانا أنه لا حق له فبان له حق صح على المعتمد.

ولو تصرف في إنكاح فإن كان مع الشك في ولاية نفسه فبان وليا لها حينئذ: صح اعتبارا بما في نفس الأمر.

وشرط في بيع ربوي وهو محصور في شيئين:

مطعوم كالبر والشعير والتمر والزبيب والملح والأرز والذرة والفول.

ونقد أي ذهب وفضة ولو غير مضروبين كحلي وتبر.

بجنسه كبر ببر وذهب بذهب.

حلول للعوضين وتقابض قبل تفرق ولو تقابضا البعض: صح فيه فقط.

ص: 321

ومماثلة وبغير جنسه حلول وتقابض وفي بيع موصوف في ذمة

ــ

ومماثلة بين العوضين يقينا: بكيل في مكيل ووزن في موزون وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد"[مسلم رقم: 1587، الترمذي رقم: 1240، النسائي رقم: 4560- 4566، أبو داود رقم: 3349، ابن ماجه رقم: 2254، مسند أحمد رقم: 22175، 22217، 22220، الدارمي رقم: 2579] أي: مقابضة.

قال الرافعي: ومن لازمه الحلول أي غالبا فيبطل بيع الربوي بجنسه جزافا أو مع ظن مماثلة وإن خرجتا سواء.

وشرط في بيع أحدهما بغير جنسه واتحدا في علة الربا كبر بشعير وذهب بفضة حلول وتقابض قبل تفرق لا مماثلة فيبطل بيع الربوي بغير جنسه إن لم يقبضا في المجلس بل يحرم البيع في الصورتين إن اختل شرط من الشروط.

واتفقوا على أنه من الكبائر لورود اللعن لآكل الربا وموكله وكاتبه.

وعلم بما تقرر أنه لو بيع طعام بغيره كنقد أو ثوب أو غير طعام بطعام: لم يشترط شيء من الثلاثة.

وشرط في بيع موصوف في ذمة1 ويقال له السلم مع الشروط

1 في نسخة: الذمة معرفة.

ص: 322

قبض رأس مال قبل تفرق وكون مسلم فيه دينا ومقدورا في محله ومعلوم قدر.

ــ

المذكورة للبيع غير الرؤية.

قبض رأس مال معين أو في الذمة في مجلس خيار وهو قبل تفرق من مجلس العقد ولو كان رأس المال منفعة.

وإنما يتصور تسليم المنفعة بتسليم العين كدار وحيوان ولمسلم إليه قبضه ورده لمسلم ولو عن دينه.

وكون مسلم فيه دينا في الذمة: حالا كان أو مؤجلا لأنه الذي وضع له لفظ السلم فأسلمت إليك ألفا في

هذا العين أو هذا في هذا: ليس سلما لانتفاء الشرط ولا بيعا لاختلال لفظه.

ولو قال اشتريت منك ثوبا صفته كذا بهذه الدراهم فقال بعتك كان بيعا عند الشيخين نظرا للفظ.

وقيل سلم نظرا للمعنى واختاره جمع محققون.

وكون المسلم فيه مقدورا على تسليمه في محله بكسر الحاء: أي وقت حلوله فلا يصح السلم في منقطع عند المحل: كالرطب في الشتاء وكونه معلوم قدر بكيل في مكيل أو وزن في موزون أو ذرع في مزروع أو عد في معدود.

وصح في نحو جوز ولوز بوزن وموزون بكيل يعد فيه ضابطا ومكيل بوزن ولا يجوز فيه بيضة ونحوها لأنه يحتاج إلى ذكر جرمها

ص: 323

وحرم ربا

ــ

مع وزنها فيورث عزة الوجود.

ويشترط أيضا بيان محل تسليم للمسلم فيه إن أسلم بمحل لا يصلح للتسليم أو لحمله إليه مؤنة.

ولو ظفر المسلم بالمسلم إليه بعد المحل في غير محل التسليم ولنقله إلى محل الظفر مؤنة لم يلزمه أداء ولا يطالبه بقيمته.

ويصح السلم حالا ومؤجلا بأجل معلوم لا مجهول ومطلقه حال ومطلق المسلم فيه جيد.

وحرم ربا مر بيانه قريبا وهو أنواع:

ربا فضل بأن يزيد أحد العوضين.

ومنه ربا القرض: بأن يشترط فيه ما فيه نفع للمقرض.

وربا يد: بأن يفارق أحدهما مجلس العقد قبل التقابض.

وربا نساء: بأن يشترط أجل في أحد العوضين.

وكلها مجمع عليها.

ثم العوضان أن اتفقا جنسا: اشترط ثلاثة شروط تقدمت أو علة: وهي الطعم والنقدية اشترط شرطان تقدما.

قال شيخنا ابن زياد: لا يندفع إثم إعطاء الربا عند الاقتراض للضرورة بحيث أنه إن لم يعط الربا لا يحصل له القرض إذ له طريق إلى إعطاء الزائد بطريق النذر أو التمليك لاسيما إذا قلنا النذر لا يحتاج

ص: 324

وتفريق بين أمة وفرع لم يميز بنحو بيع وبطل فيهما،

ــ

إلى قبول لفظا على المعتمد.

وقال شيخنا: يندفع الإثم للضرورة.

فائدة: وطريق الخلاص من عقد الربا لمن يبيع ذهبا بذهب أو فضة بفضة أو برا ببر أو أرزا بأرز متفاضلا بأن يهب كل من البائعين حقه للآخر أو يقرض كل صاحبه ثم يبرئه ويتخلص منه بالقرض في بيع الفضة بالذهب أو الأرز بالبر بلا قبض قبل تفرق.

وحرم تفريق بين أمة وإن رضيت أو كانت كافرة.

وفرع لم يميز ولو من زنا المملوكين لواحد.

بنحو بيع كهبة وقسمة وهدية.

لغير من يعتق عليه لخبر: "من فرق بين الوالدة وولدها: فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة"[الترمذي رقم: 1283، مسند أحمد رقم: 22988، 23002، الدارمي رقم: 2469] .

وبطل العقد فيهما أي الربا والتفريق بين الأمة والولد.

وألحق الغزالي في فتاويه وأقره غيره التفريق بالسفر بالتفريق بنحو البيع وطرده في التفريق بين الزوجة وولدها وإن كانت حرة بخلاف المطلقة.

ص: 325

وبيع نحو عنب ممن ظن أنه يتخذه مسكرا،

ــ

والأب وإن علا والجدة وإن علت ولو من الأب كالأم إذا عدمت.

أما بعد التمييز فلا يحرم لاستغناء المميز عن الحضانة: كالتفريق بوصية وعتق ورهن.

ويجوز تفريق ولد البهيمة إن استغنى عن أمه بلبن أو غيره لكن يكره في الرضيع: كتفريق الآدمي المميز قبل البلوغ عن الأم فإن لم يستغن عن اللبن حرم وبطل إلا إن كان لغرض الذبح لكن بحث السبكي حرمة ذبح أمه مع بقائه.

وحرم أيضا: بيع نحو عنب ممن علم أو ظن أنه يتخذه مسكرا للشرب والأمرد ممن عرف بالفجور به والديك للمهارشة والكبش للمناطحة والحرير لرجل يلبسه وكذا بيع نحو المسك لكافر يشتري1 لتطييب الصنم والحيوان لكافر علم أنه يأكله بلا ذبح لان الأصح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كالمسلمين عندنا خلافا لأبي حنيفة رضي الله تعالى عنه فلا يجوز الإعانة عليهما ونحو ذلك من كل تصرف يفضي إلى معصية يقينا أو ظنا ومع ذلك يصح البيع.

ويكره بيع ما ذكر ممن توهم منه ذلك وبيع السلاح لنحو بغاة

1 في نص إعانة الطالبين يشتريه.

ص: 326

واحتكار قوت وسوم على سوم بعد تقرر ثمن ونجش.

ــ

وقطاع طريق ومعاملة من بيده حلال وحرام وإن غلب الحرام الحلال نعم: إن علم تحريم ما عقد به: حرم وبطل.

وحرم احتكار قوت كتمر وزبيب وكل مجزئ في الفطرة وهو إمساك ما اشتراه في وقت الغلاء لا الرخص ليبيعه بأكثر عند اشتداد حاجة أهل محله أو غيرهم إليه وإن لم يشتره بقصد ذلك لا ليمسكه لنفسه أو عياله أو ليبيعه بثمن مثله ولا إمساك غلة أرضه.

وألحق الغزالي بالقوت: كل ما يعين عليه كاللحم وصرح القاضي بالكراهة في الثوب.

وسوم علي سوم أي سوم غيره بعد تقرر ثمن بالتراضي به وإن فحش نقص الثمن عن القيمة للنهي عنه وهو أن يزيد على آخر في ثمن ما يريد شراءه أو يخرج له أرخص منه أو يرغب المالك في استرداده ليشتريه بأغلى وتحريمه بعد البيع وقبل لزومه لبقاء الخيار أشد.

ونجش للنهي عنه وللإيذاء: وهو أن يزيد في الثمن لا لرغبته بل ليخدع غيره وإن كانت الزيادة في مال محجور عليه ولو عند نقص القيمة على الأوجه.

ولا خيار للمشتري إن غبن فيه وإن واطئ البائع الناجش لتفريط المشتري حيث لم يتأمل ويسأل.

ومدح السلعة ليرغب فيها بالكذب كالنجش.

وشرط التحريم في الكل: علم النهي حتى في النجش ويصح البيع مع التحريم في هذه المواضع.

ص: 327

فصل [في خيار المجلس والشرط وخيار العيب]

يثبت خيار مجلس في كل بيع وسقط خيار من اختار لزومه،

ــ

فصل في خياري المجلس والشرط وخيار العيب.

يثبت خيار مجلس في كل بيع حتى في الربوي والسلم وكذا في هبة ذات ثواب على المعتمد.

وخرج بفيء: كل بيع غير البيع: كالإبراء والهبة بلا ثواب وشركة وقراض ورهن وحوالة وكتابة وإجارة ولو في الذمة أو مقدرة بمدة فلا خيار في جميع ذلك لأنها لا تسمى بيعا.

وسقط خيار من اختار لزومه أي البيع من بائع ومشتر: كأن يقولا اخترنا لزومه أو أجزناه فيسقط خيارهما أو من أحدهما: كأن يقول اخترت لزومه: فيسقط خياره ويبقى خيار الآخر ولو مشتريا.

ص: 328

ويحصل فسخ بنحو فسخت وإجازة بنحو أجزت ولمشتر جاهل خيار بعيب قديم كاستحاضة وسرقة وإباق وزنا وبول بفراش

ــ

والملك في المبيع مع توابعه في مدة الخيار لمن انفرد بخيار من بائع ومشتر ثم إن كان لهما: فموقوف فإن تم البيع: بان أنه لمشتر من حين العقد وإلا فلبائع.

ويحصل فسخ للعقد في مدة الخيار بنحو فسخت البيع كاسترجعت المبيع وإجازة فيها بنحو: أجزت البيع كأمضيته والتصرف في مدة الخيار بوطء وإعتاق وبيع وإجارة وتزويج من بائع: فسخ ومن مشتر: إجازة للشراء.

ويثبت لمشتر جاهل بما يأتي خيار في رد المبيع ب ظهور عيب قديم منقص قيمة في المبيع وكذا للبائع بظهور عيب قديم في الثمن وآثروا الأول: لان الغالب في الثمن الانضباط فقيل: فيه ظهور العيب.

والقديم ما قارن العقد أو حدث قبل القبض وقد بقي إلى الفسخ ولو حدث بعض القبض فلا خيار للمشتري وهو كاستحاضة ونكاح لأمة وسرقة وإباق وزنا من رقيق أي بكل منها وإن لم يتكرر وتاب ذكرا كان أو أنثى.

وبول بفراش إن اعتاده وبلغ سبع سنين وبخر وصنان مستحكمين.

ومن عيوب الرقيق: كونه نماما أو شتاما أو كذابا أو آكلا

ص: 330

وجماح وعض وكتصرية لا بغبن فاحش كظن زجاجة جوهرة والخيار فوري.

ــ

لطين أو شاربا لنحو خمر أو تاركا للصلاة ما لم يتب عنها أو أصم أو أبله أو مصطك الركبتين أو رتقاء أو حاملا في آدمية لا بهيمة أو لا تحيض من بلغت عشرين سنة أو أحد ثدييها أكبر من الآخر.

وجماح لحيوان وعض ورمح وكون الدار منزل الجند أو كون الجن مسلطين على ساكنها بالرجم أو القردة مثلا يرعون زرع الأرض.

ويثبت بتغرير فعلي وهو حرام للتدليس والضرر كتصرية له: وهي أن يترك حلبه مدة قبل بيعه ليوهم المشتري كثرة اللبن وتجعيد شعر الجارية لا خيار بغبن فاحش: كظن مشتر نحو زجاجة: جوهرة لتقصيره بعمله بقضية وهمه من غير بحث.

والخيار بالعيب ولو بتصرية فوري فيبطل بالتأخير بلا عذر ويعتبر الفور عادة فلا يضر صلاة وأكل دخل وقتهما وقضاء حاجة ولا سلامة على البائع بخلاف محادثته ولو عليه ليلا: فله التأخير حتى يصبح

ويعذر في تأخيره بجهله جواز الرد بالعيب إن قرب عهده بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء وبجهل فوريته إن خفي عليه.

ثم إن كان البائع في البلد: رده المشتري بنفسه أو وكليه على البائع أو وكيله ولو كان البائع غائبا عن البلد ولا وكيل له بها: رفع الأمر إلى الحاكم وجوبا ولا يؤخر لحضوره فإذا عجز عن الإنهاء لنحو مرض

ص: 331

000000000000000000000000000000000

ــ

أشهد على الفسخ فإن عجز عن الإشهاد: لم يلزمه تلفظ وعلى المشتري ترك استعمال فلو استخدم رقيقا ولو بقوله اسقني أو ناولني الثوب أو أغلق الباب فلا رد قهرا وإن يفعل الرقيق ما أمر به فإن فعل شيئا من ذلك بلا طلب: لم يضر.

فرع لو باع حيوانا أو غيره بشرط براءته من العيوب في المبيع أو أن لا يرد بها: صح العقد وبرئ من عيب باطن بالحيوان موجود حال العقد لم يعلمه البائع لا عن عيب باطن في غير الحيوان ولا ظاهر فيه.

ولو اختلفا في قدم العيب واحتمل صدق كل: صدق البائع بيمينه في دعواه حدوثه لان الأصل: لزوم العقد.

وقيل لان الأصل عدم العيب في يده.

ولو حدث عيب لا يعرف القديم بدونه ككسر بيض وجوز وتقوير بطيخ مدود رد ولا أرش عليه للحادث. ويتبع في الرد بالعيب: الزيادة المتصلة كالسمن وتعلم الصنعة ولو بأجرة وحمل قارن بيعا لا المنفصلة: كالولد والثمر وكذا الحمل الحادث في ملك المشتري فلا تتبع في الرد بل هي للمشتري.

ص: 332

‌فصل في خياري المجلس والشرط وخيار العيب

وكل بفرقة بدن عرفا وحلف نافي فرقة أو فسخ قبلها ولهما شرط خيار ثلاثة أيام فأقل من الشرط،

ــ

وسقط خيار كل منهما بفرقة بدن منهما أو من أحدهما ولو ناسيا أو جاهلا عن مجلس العقد عرفا.

فما يعده الناس فرقة: يلزم به العقد وما لا: فلا فإن كانا في دار صغيرة فالفرقة بأن يخرج أحدهما منها أو في كبيرة: فبأن ينتقل أحدهما إلى بيت من بيوتها أو في صحراء أو سوق: فبأن يولي أحدهما ظهره ويمشي قليلا وإن سمع الخطاب فيبقى خيار المجلس ما لم يتفرقا ولو طال مكثهما في محل وإن بلغ سنين أو تماشيا منازل.

ولا يسقط بموت أحدهما: فينتقل الخيار للوارث المتأهل.

وحلف نافي فرقة أو فسخ قبلها أي قبل الفرقة: بأن جاءا معا وادعى أحدهما فرقة وأنكرها الآخر ليفسخ أو اتفقا عليها وادعى أحدهما فسخا قبلها وأنكر الآخر: فيصدق النافي لموافقته للأصل.

ويجوز لهما أي للعاقدين شرط خيار لهما أو لأحدهما في كل بيع فيه خيار مجلس إلا فيما يعتق فيه المبيع فلا

يجوز شرطه لمشتر للمنافاة وفي ربوي وسلم: فلا يجوز شرط فيهما لأحد لاشتراطه القبض فيهما في المجلس. ثلاثة أيام فأقل بخلاف ما لو أطلق أو أكثر من ثلاثة أيام فإن زاد عليها: لم يصح العقد من حين الشرط للخيار سواء أشرط في العقد أم في مجلسه.

ص: 239