المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تعارض الجرح والتعديل] - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ٢

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مَعْرِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ]

- ‌[من هو مقبول الرواية]

- ‌[شُرُوطُ الضَّبْطِ]

- ‌[نَوْعَا الضَّبْطِ]

- ‌[شُرُوطُ الْعَدَالَةِ]

- ‌[مَا تُعْرَفُ بِهِ الْعَدَالَةُ]

- ‌[الاستفاضة والشهرة في العدالة]

- ‌[الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ]

- ‌[مَا يُعْرَفُ بِهِ الضَّبْطُ]

- ‌[سَبَبُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ]

- ‌[تَعَارُضِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ]

- ‌[التَّعْدِيلُ الْمُبْهَمُ]

- ‌[الاختلاف في المجهول]

- ‌[عَدَمُ قَبُولِ الْمَجْهُولِ]

- ‌[رِوَايَةُ الْمُبْتَدِعِ]

- ‌[تَوْبَةِ الْكَاذِبِ]

- ‌[إِنْكَارِ الْأَصْلِ تَحْدِيثَ الْفَرْعِ]

- ‌[الْأَخْذِ عَلَى التَّحْدِيثِ]

- ‌[مَا يَخْرِمُ الضَّبْطَ]

- ‌[تسهيل في الشروط]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّعْدِيلِ]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّجْرِيحِ]

- ‌[مَتَى يَصِحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيثِ أَوْ يُسْتَحَبُّ]

- ‌[أَقْسَامُ التَّحَمُّلِ وَالْأَخْذِ]

- ‌[أَوَّلُهَا سَمَاعُ لَفْظِ الشَّيْخِ]

- ‌[الثَّانِي الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ]

- ‌[تَفْرِيعَاتٌ]

- ‌[الثَّالِثُ الْإِجَازَةُ وَأَنْوَاعهَا]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلُ تَعْيِينُهُ الْمُجَازَ وَالْمُجَازَ لَهْ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يُعَيِّنَ الْمُجَازَ لَهْ دُونَ الْمُجَازِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ التَّعْمِيمُ فِي الْمُجَازِ]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعُ الْجَهْلُ بِمَنْ أُجِيزَ لَهْ]

- ‌[النَّوْعُ الْخَامِسُ التَّعْلِيقُ فِي الْإِجَازَهْ]

- ‌[النَّوْعُ السَّادِسُ الْإِجَازَةُ لِمَعْدُومٍ]

- ‌[النَّوْعُ السَّابِعُ الْإِذْنُ لِغَيْرِ أَهْلِ لِلْأَخْذِ عَنْهُ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّامِنُ الْإِذْنُ بِمَا سَيَحْمِلُهْ الشَّيْخُ]

- ‌[النَّوْعُ التَّاسِعُ الْإِذْنُ بِمَا أُجِيزَا لِشَيْخِهِ]

- ‌[لَفْظُ الْإِجَازَةِ وَشَرْطُهَا]

- ‌[الرَّابِعُ الْمُنَاوَلَةُ]

- ‌[كَيْفَ يَقُولُ مَنْ رَوَى بِالْمُنَاوَلَةِ وَبِالْإِجَازَةِ]

الفصل: ‌[تعارض الجرح والتعديل]

وَقَيَّدَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَبُولَ الْجَرْحِ الْمُفَسَّرِ فِيمَنْ عُدِّلَ أَيْضًا، بِمَا إِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ يَشْهَدُ الْعَقْلُ بِأَنَّ مِثْلَهَا يُحْمَلُ عَلَى الْوَقِيعَةِ مِنْ تَعَصُّبٍ مَذْهَبِيٍّ، أَوْ مُنَافَسَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَعَ مَزِيدٍ فِي مَعْرِفَةِ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ.

[تَعَارُضِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ]

279 -

وَقَدَّمُوا الْجَرْحَ وَقِيلَ إِنْ ظَهَرْ

مَنْ عَدَّلَ الْأَكْثَرَ فَهْوَ الْمُعْتَبَرْ

[تَعَارُضِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ] الْخَامِسُ: فِي تَعَارُضِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِي رَاوٍ وَاحِدٍ (وَقَدَّمُوا) أَيْ: جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا (الْجَرْحَ) عَلَى التَّعْدِيلِ مُطْلَقًا، اسْتَوَى الطَّرَفَانِ فِي الْعَدَدِ أَمْ لَا.

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إِنَّهُ الصَّحِيحُ، وَكَذَا صَحَّحَهُ الْأُصُولِيُّونَ كَالْفَخْرِ وَالْآمِدِيِّ، بَلْ حَكَى الْخَطِيبُ اتِّفَاقَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ إِذَا اسْتَوَى الْعَدَدَانِ، وَصَنِيعُ ابْنِ الصَّلَاحِ مُشْعِرٌ بِذَلِكَ.

وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ عَسَاكِرَ: " أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَقْدِيمِ قَوْلِ مَنْ جَرَّحَ رَاوِيًا عَلَى قَوْلِ مَنْ عَدَّلَهُ، وَاقْتَضَتْ حِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ فِي التَّسَاوِي كَوْنَ ذَلِكَ أَوْلَى فِيمَا إِذَا زَادَ عَدَدُ الْجَارِحِينَ ".

قَالَ الْخَطِيبُ: " وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجَارِحَ يُخْبِرُ عَنْ أَمْرٍ بَاطِنِيٍّ قَدْ عَلِمَهُ، وَيُصَدِّقُ الْمُعَدِّلَ وَيَقُولُ لَهُ: قَدْ عَلِمْتَ مِنْ حَالِهِ الظَّاهِرِ مَا عَلِمْتُهُ، وَتَفَرَّدْتُ بِعِلْمٍ لَمْ تَعْلَمْهُ مِنِ اخْتِبَارِ أَمْرِهِ "، يَعْنِي: فَمَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ.

قَالَ: " وَإِخْبَارُ الْمُعَدِّلِ عَنْ

ص: 33

الْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ لَا يَنْفِي صِدْقَ قَوْلِ الْجَارِحِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ، فَوَجَبَ لِذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ الْجَرْحُ أَوْلَى مِنَ التَّعْدِيلِ "، وَغَايَةُ قَوْلِ الْمُعَدِّلِ كَمَا قَالَ الْعَضَدُ: " إِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فِسْقًا وَلَمْ يَظُنَّهُ فَظَنَّ عَدَالَتَهُ ; إِذِ الْعِلْمُ بِالْعَدَمِ لَا يُتَصَوَّرُ، وَالْجَارِحُ يَقُولُ: أَنَا عَلِمْتُ فِسْقَهُ، فَلَوْ حَكَمْنَا بِعَدَمِ فِسْقِهِ كَانَ الْجَارِحُ كَاذِبًا، وَلَوْ حَكَمْنَا بِفِسْقِهِ كَانَا صَادِقَيْنِ فِيمَا أَخْبَرَا بِهِ، وَالْجَمْعُ أَوْلَى مَا أَمْكَنَ ; لِأَنَّ تَكْذِيبَ الْعَدْلِ خِلَافُ الظَّاهِرِ " انْتَهَى.

وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْخَطِيبُ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الْعَمَلَ بِقَوْلِ الْجَارِحِ غَيْرُ مُتَضَمِّنٍ لِتُهَمَةِ الْمُزَكِّي بِخِلَافِ مُقَابِلِهِ.

قَالَ: وَلِأَجْلِ هَذَا وَجَبَ إِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ، وَشَهِدَ لَهُ آخَرَانِ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْهُ، أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ بِالْقَضَاءِ أَوْلَى ; لِأَنَّ شَاهِدَيِ الْقَضَاءِ يُصَدِّقَانِ الْآخَرَيْنِ، وَيَقُولَانِ: عَلِمْنَا خُرُوجَهُ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَأَنْتُمَا لَمْ تَعْلَمَا ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ شَاهِدَا ثُبُوتِ الْحَقِّ: نَشْهَدُ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْحَقِّ، لَكَانَتْ شَهَادَةً بَاطِلَةً.

لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْحُكْمِ بِتَقْدِيمِ الْجَرْحِ بِمَا إِذَا فُسِّرَ، وَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا يُسَاعِدُهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَدَّمَ التَّعْدِيلَ ; كَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ

ص: 34

وَغَيْرِهِ، أَمَّا إِذَا تَعَارَضَا مِنْ غَيْرِ تَفْسِيرٍ فَالتَّعْدِيلُ كَمَا قَالَهُ الْمِزِّيُّ وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: " إِنَّ الْأَقْوَى حِينَئِذٍ أَنْ يُطْلَبَ التَّرْجِيحُ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَنْفِي قَوْلَ الْآخَرِ "، وَتَعْلِيلُهُ يُخْدَشُ فِيهِ بِمَا تَقَدَّمَ. وَكَذَا قَيَّدَهُ الْفُقَهَاءُ بِمَا إِذَا أُطْلِقَ التَّعْدِيلُ، أَمَّا إِذَا قَالَ الْمُعَدِّلُ: عَرَفْتُ السَّبَبَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْجَارِحُ، لَكِنَّهُ تَابَ مِنْهُ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ ; فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْمُعَدِّلُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَذِبِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ.

وَكَذَا لَوْ نَفَاهُ بِطَرِيقٍ مُعْتَبَرٍ، كَأَنْ يَقُولَ الْمُعَدِّلُ عِنْدَ التَّجْرِيحِ بِقَتْلِهِ لِفُلَانٍ فِي يَوْمِ كَذَا: إِنَّ فُلَانًا الْمُشَارَ إِلَيْهِ قَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ وَهُوَ حَيٌّ ; فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَقَعُ التَّعَارُضُ ; لِعَدَمِ إِمْكَانِ الْجَمْعِ، وَيُصَارُ إِلَى التَّرْجِيحِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ:(أَمَّا عِنْدَ إِثْبَاتِ مُعَيَّنٍ وَنَفْيِهِ بِالْيَقِينِ فَالتَّرْجِيحُ) .

(وَقِيلَ: إِنْ ظَهَرْ مَنْ عَدَّلَ الْأَكْثَرَ) بِالنَّصْبِ حَالًا بِاعْتِقَادِ تَنْكِيرِهِ، يَعْنِي: إِنْ كَانَ الْمُعَدِّلُونَ أَكْثَرَ عَدَدًا (فَهُوَ) أَيِ: التَّعْدِيلُ (الْمُعْتَبَرْ) .

حَكَاهُ الْخَطِيبُ عَنْ طَائِفَةٍ، وَصَاحِبُ (الْمَحْصُولِ) لِأَنَّ الْكَثْرَةَ تُقَوِّي الظَّنَّ، وَالْعَمَلُ بِأَقْوَى الظَّنَّيْنِ وَاجِبٌ كَمَا فِي تَعَارُضِ الْحَدِيثَيْنِ.

قَالَ الْخَطِيبُ: " وَهَذَا خَطَأٌ وَبُعْدٌ مِمَّنْ تَوَهَّمَهُ ; لِأَنَّ الْمُعَدِّلِينَ وَإِنْ كَثُرُوا لَيْسُوا يُخْبِرُونَ عَنْ عَدَمِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْجَارِحُونَ، وَلَوْ أَخْبَرُوا بِذَلِكَ وَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُ، لَخَرَجُوا بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونُوا أَهْلَ تَعْدِيلٍ أَوْ جَرْحٍ ; لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بَاطِلَةٌ عَلَى نَفْيِ مَا يَصِحُّ وَيَجُوزُ وُقُوعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوهُ فَثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ "، وَإِنَّ تَقْدِيمَ

ص: 35