الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع والعشرون
عن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: ((يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي، كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي، لو أن أولكم وآخر كم ،وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا.
يا عبادي لو أن أولكم واخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خير فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)) رواه مسلم.
المفردات:
حرمت: منعت.
الظلم: وهو لغة وضع الشيء في غير موضعه.
على نفسي: فضلا مني، وجود وإحسانا إلى عبادي، فلا أعاقب البريء على ما لم يفعل من السيئات، ولا أعاقب أحدا بذنب غيره، ولا أنقص المحسن شيئا من جزاء حسناته، ولا أحكم بين الناس إلا بالعدل والقسط.
وجعلته بينكم محرما: حكمت بتحريمه عليكم.
فلا تظالموا: بتشديد الظاء وبتخفيفها أصله تتظالموا، لا يظلم بعضكم بعضا.
كلكم ضال: عن الحق لو ترك، وما يدعوا الطبع من الراحة وإهمال الشرع.
إلا من هديته: وفقته لا متثال الأمر واحتناب النهي.
فاستهدوني: اطلبوا مني الدلالة على طريق الحق والإيصال إليها.
أهدكم: أنصب لكم أدلة ذلك الواضحة، وأوفقكم لها.
فاستطعموني: اطلبوا مني الطعام.
تخطئون: بضم التاء على الرواية المشهورة، وروي بفتحها وفتح الطاء: تأثمون.
وأنا أغفر الذنوب جميعا: غير الشرك وما لا يشاء مغفرته.
فاستغفروني: سلوني المغفرة، وهي ستر الذنب ومحو أثره. وأمن عاقبته.
قاموا في صعيد واحد: في أرض واحدة ومقام واحد.
المخيط: بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الياء _ الإبرة.
أحصيها: أضبطها وأحفظها بعلمي وملائكتي.
أوفيكم إياها: أعطيكم جزاءها وافيا تاما.
فمن وجد خيرا: ثوابا ونعيما بأن وفق لأسبابهما. أو حياة طيبة هنيئة.
فليحمد الله: على توفيقه للطاعات التي ترتب عليها ذلك الخير والثواب، فضلا منه ورحمة.
غير ذلك: شرا.
فلا يلومن إلا نفسه: فإنها آثرت شهواتها على رضا رازقها، فكفرت بأنعمه، ولم تذعن لأحكامه.
يستفاد منه:
1 -
تحريم الظلم، وذلك متفق عليه في كل ملة، لاتفاق سائر الملل على مراعاة حفظ النفس والأنساب والأعراض والعقول والأموال، والظلم يقع في هذه أو بعضها، وأعظم الظلم الشرك، قال تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم.
2 -
وجوب الإقبال على المولى في جميع ما ينزل بالإنسان لافتقار سائر الخلق إليه وعجزهم عن جلب منافعهم ودفع مضارهم إلا بتيسيره. فيجب إفراده بأنواع العبادة: من السؤال والتضرع والاستعانة وغيرها، فإنه المتفرد بخلق العبد وبهدايته وبرزقه، وإحيائه وإماتته، ومغفرة ذنوبه.
3 -
كمال فعله تعالى لتنزيهه عن الظلم وكمال ملكه فلا يزاد بالطاعة ولا ينقص بالمعاصي. وكما غناه فإن خزائنه لا تنفد ولا تنقص بالعطاء. وكمال إحسانه إلى عباده فإنه يجب أن يسألوه جميع مصالحهم الدينية والدنيوية كما يسألونه الهداية والمغفرة، فله تعالى الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله.
4 -
أن الأصل في التقوى والفجور هو القلوب، فإذا بر القلب وأتقى برت الجوارح، وإذا فجر القلب فجرت الجوارح.
5 -
أن الخير كله من فضل الله تعالى على عباده من غير استحقاق. والشر كله من عند ابن آدم من إتباع
هوى نفسه.