الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا الْمَدْح سيد بني حمدَان لسلا بِهِ عَن مدح شاعره الَّذِي سَاد كل شَاعِر وَرَأى ان هَذِه الطَّرِيقَة أولى بمدح الْمُلُوك من كل مَا تفنن فِيهِ كل ناظم وناثر
وان ذكر الغربة عَن الأوطان ومكابدة نَوَائِب الزَّمَان قَالَ
…
قَالَت وَقد مزج الْفِرَاق مدامعا
…
بمدامع وترائبا بترائب
…
اتفرق حَتَّى بمنزل غربَة
…
كم نَحن للأيام نهبة ناهب
…
وَلَئِن جنيت عَلَيْك ترحة راحل
…
فَأَنا الزعيم لَهَا بفرحة آيب
…
هَل ابصرت عَيْنَاك بَدْرًا طالعا
…
فِي الْأُفق الا من هِلَال غارب
…
وان شبه قَالَ
…
كمعاقل من سوسن قد شيدت
…
ايدي الرّبيع بناءها فَوق القضب
…
شرفاتها من فضَّة وحماتها
…
حول الْأَمِير لَهُم سيوف من ذهب
…
وَهل من شعرائكم من تعرض لذكر الْعِفَّة فاستنبط مَا يسحر بِهِ السحر ويطيب بِهِ الزهر وَهُوَ ابو عمر بن فرج فِي قَوْله
…
وطائعة الْوِصَال عففت عَنْهَا
…
وَمَا الشَّيْطَان وفيهَا بالمطاع
…
بَدَت فِي اللَّيْل سافرة فباتت
…
دياجي اللَّيْل سافرة القناع
…
وَمَا من لَحْظَة الا فِيهَا
…
إِلَى فتن الْقلب لَهَا دواعي
…
فملكت النهى جمحات شوقي
…
لأجري فِي العفاف على طباعي
…
وَبت بهَا مبيت السقب يظما
…
فيمنعه الكعام من الرَّضَاع
…
كَذَاك الرَّوْض مَا فِيهِ لمثلي
…
سوى نظر وشم من مَتَاع
…
وَلست من السوائم مهملات
…
فأتخذ الرياض من المراعي
…
وَهل بلغ أحد من مشبهي شعرائكم ان يَقُول مثل قَول أبي جَعْفَر اللماي
(عَارض اقبل فِي جنح الدجا
…
يتهادى كتهادي ذِي الوجا)
(بددت ريح الصِّبَا لؤلؤه
…
فانبرى يُوقد عَنْهَا سرجا)
وَمثل قَول أبي حَفْص بن برد
(وَكَأن اللَّيْل حِين لوى
…
ذَاهِبًا وَالصُّبْح قد لاحا)
(كلة سَوْدَاء احرقها
…
عَامِد أَسْرج مصباحا)
وَهل مِنْكُم من وصف مَا تحدثه الْخمْرَة من الْحمرَة على الوجنة بِمثل قَول الشريف الطليق
(اصبحت شمسا وفوه مغربا
…
وَيَد الساقي المحيي مشرقا)
و (إِذا مَا غربت فِي فَمه
…
تركت فِي الخد مِنْهُ شفقا) بِمثل هَذَا الشّعْر فليطلق اللِّسَان ويفخر كل انسان
وَهل مِنْكُم من عمد إِلَى قَول امرىء الْقَيْس
(سموت اليها بعد مَا نَام أَهلهَا
…
سمو حباب المَاء حَالا على حَال) فأختلسه أختلاس النسيم لنفحة الأزهار وسلبه بلطف استلاب الشَّمْس لرضاب طل الإسحار فلطفه تلطيفا يمتزج بالأرواح ويغني فِي الإرتياح عَن شرب الراح وَهُوَ ابْن شَهِيد فِي قَوْله
(وَلما تملأ من سكره
…
ونام ونامت عُيُون الحرس)
(دَنَوْت اليه على رَقَبَة
…
دنو رَفِيق درى مَا تلاتمس)
(ادب اليه دَبِيب الْكرَى واسمو اليه سمو النَّفس
…
اقبل مِنْهُ بَيَاض الطلى)
(وارشف مِنْهُ سَواد اللعس
…
فَبت بِهِ لَيْلَتي نَاعِمًا
…
إِلَى ان تَبَسم ثغر الْغَلَس)
وَقد تنأول هَذَا الْمَعْنى ابْن أبي ربيعَة على عظم قدره وتقدمه فعارض الصهيل بالنهاق وقابل العذب بالزعاق فَقَالَ وليته سكت
(ونفضت عني الْعين أَقبلت مشْيَة الْحباب
…
وركني خيفة الْقَوْم ازور)
وَأَنا اقْسمْ لَو زار جمل محبوبة لَهُ لَكَانَ ألطف فِي الزِّيَارَة من هَذَا الْأَزْوَر الرُّكْن المنفض للعيون لكنه ان اساء هُنَا فقد احسن فِي قَوْله
(قَالَت لقد اعييتنا حجَّة
…
فأت إِذا مَا هجع الساهر)
(واسقط علينا كسقوط الندى
…
لَيْلَة لَا ناه وَلَا زاجر)
وَللَّه در مُحَمَّد بن سفر أحد شعرائنا المتآخرين عصرا الْمُتَقَدِّمين قدرا حَيْثُ نقل السَّعْي إِلَى محبوبته فَقَالَ وليته لم يزل يَقُول مثل هَذَا فبمثله يَنْبَغِي ان يتَكَلَّم وَمثله يَلِيق ان يدون
(وواعدتها وَالشَّمْس تجنح للنوى
…
بزورتها شمسا وَبدر الدجى يسري)
(فَجَاءَت كَمَا يمشي سنى الصُّبْح فِي الدجى
…
وطورا كَمَا مر النسيم على النَّهر)
(فعطرت الْآفَاق حَولي فاشعرت
…
بمقدمها وَالْعرْف يشْعر بالزهر)
(فتابعت بالتقبيل آثَار سعيها
…
كَمَا يتقصى قارىء احرف السطر)
(فَبت بهَا وَاللَّيْل قد نَام والهوى
…
تنبه بَين الْغُصْن والحقف والبدر)
(اعانقها طورا والثم تَارَة
…
إِلَى ان دعتنا للنوى راية الْفجْر)
(ففضت عقودا للتعانق بَيْننَا
…
فيا لَيْلَة الْقدر اتركي سَاعَة النَّفر)
وَهل مِنْكُم من قيد بِالْإِحْسَانِ فَأطلق لِسَانه الشُّكْر فَقَالَ وَهُوَ ابْن اللبانة
(بنفسي واهلي جيرة مَا استعنتهم
…
على الدَّهْر إِلَّا وانثنيت معانا)
(اراشوا جناحي ثمَّ بلوه بالندى
…
فَلم استطع من ارضهم طيرانا)
وَمن يَقُول وَقد قطع عَنهُ ممدوحه مَا كَانَ يعتاده مِنْهُ من الْإِحْسَان فقابل ذَلِك بِقطع مدحه لَهُ فَبَلغهُ أَنه عَتبه على ذَلِك وَهُوَ ابْن وضاح
(هَل كنت إِلَّا طائرا بثنائكم
…
فِي دوح مجدكم أقوم وأقعد)
(ان تسلبوني ريشكم وتقلصوا
…
عني ظلالكم فَكيف أغرد)
وَهل مِنْكُم شَاعِر رأى النَّاس قد ضجوا من تَشْبِيه الثغر بالأقاح وتشبيه الزهر بالنجوم وتشبيه الخدود بالشقائق فتلطف لذَلِك فِي ان يَأْتِي بِهِ فِي منزع يصير خلقه فِي الأسماع جَدِيدا وكليله فِي الافكار حديدا فأغرب احسن اغراب واعرب عَن فهمه بِحسن تخيله انبل اعراب وَهُوَ ابْن الزقاق
(واغيد طَاف بالكؤس ضحى
…
وحثها والصباح قد وضحا)
(وَالرَّوْض اهدى لنا شقائقه
…
وآسه الْعَنْبَري قد نفحا)
(قُلْنَا واين الأقاح قَالَ لنا
…
أودعته ثغر من سقى القدحا)
(فظل ساقي المدام يجْحَد مَا
…
قَالَ فَلَمَّا تَبَسم افتضحا)
وَقَالَ
(اديراها على الرَّوْض المفدى
…
وَحكم الصُّبْح فِي الظلماء ماضي)
(وكأس الرّيح تنظر عَن حباب
…
يَنُوب لنا عَن الحدق المراض)
(وَمَا غربت نُجُوم الافق لَكِن
…
نقلن من السَّمَاء إِلَى الرياض)
وَقَالَ
(ورياض من الشقائق اضحت
…
يتهادى بهَا نسيم الرِّيَاح)