الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب اللباس
1 -
عن أبى عامر الأشعرى رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليكونن من أمتى أقوام يستحلون الحر والحرير. رواه أبو داود وأصله فى البخارى.
[المفردات]
أبو عامر الأشعرى: هو عبد اللَّه بن هانئ وقيل ابن وهب وقيل عبيد بن وهب وليس هو عم أبى موسى الأشعرى فإن عم أبى موسى الأشعرى قتل يوم حنين أما هذا فقد توفى فى عهد عبد الملك ابن مروان.
الحر: قد ضبطت هذه الكلمة بالخاء والزاى المعجمتين وضبطها بعضهم بالحاء والراء المهملتين قال ابن الأثير فى النهاية: والمشهور فى هذا الحديث على اختلاف طرقه هو الأول. والخز: هو الخالص من الحرير وهو ضرب من ثياب الابريسم معروف. أما الحر فهو الفرج والمراد به استحلال الزنا أما على الأول فالمراد به استحلال خالص الحرير. وأكثر الرواة عن البخارى فى صحيحه رووه بالمهملتين.
والحرير: من عطف العام على الخاص فى رواية الخز أما على رواية الحر فالعطف للمغايرة. وإنما سمى
الحرير حريرا لخلوصه يقال لكل خالص محرر وحررت الشئ خلصته من الاختلاط بغيره.
[البحث]
قال أبو داود فى سننه: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ثنا بشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ثنا عطية بن قيس قال سمعت: عبد الرحمن بن غنم الأشعرى قال: حدثنى أبو عامر أو أبو مالك. واللَّه يمين أخرى ما كذبنى أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ليكونن من أمتى أقوام يستحلون الخز والحرير وذكر ما قال: يمسخ منهم آخرون قردة وخنازير إلى يوم القيامة اهـ. والعجيب أن المصنف رحمه الله اكتفى هنا بقوله: عن أبى عامر الأشعرى مع أنه قال فى تهذيب التهذيب بعد ذكر أن هذا الحديث أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن غنم حدثنى أبو عامر أو أبو مالك الأشعرى حديث ليكونن فى أمتى أقوام يستحلون الخمر والحرير الحديث ثم قال المصنف: قلت: ليس فى روية أبى داود إلا عن أبى مالك الأشعرى من غير شك وهكذا رواه مالك بن أبى مريم عن عبد الرحمن بن غنم عن أبى مالك بلا شك والحديث لأبى مالك وإنما وقع الشك فيه من صدقة بن خالد راوى الحديث عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر عن عطية. وأبو داود إنما أخرجه من رواية بشر ابن بكر عن ابن جابر من غير شك فيه وقد أوضحت ذلك فى تعليق التعليق اهـ.
ورجال أبى داود فى هذا الحديث كلهم موصوفون بالصدق. أما الأصل الذى أشار اليه المصنف بأنه فى البخارى فهو ما أخرجه البخارى فى كتاب الأشربة من صحيحه قال: باب ما جاء فيمن
يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه وقال هشام بن عمار: حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنى عطية ابن قيس الكلابى حدثنى عبد الرحمن بن غنم الأشعرى قال حدثنى أبو عامر أو أبو مالك الأشعرى واللَّه ما كذبنى: سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: ليكونن من أمتى أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة فيقولون: ارجع إلينا غدا فيبيتهم اللَّه ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة. والعجيب أن الحافظ ابن حجر قال فى الفتح وهو يشرح هذا الحديث عند قوله: حدثنى أبو عامر أو أبو مالك الأشعرى قال: هكذا رواه أكثر الحفاظ عن هشام بن عمار بالشك وكذا وقع عند الإسماعيلى من رواية بشر بن بكر لكن وقع عند أبى داود من رواية بشر بن بكر حدثنى أبو مالك بغير شك اهـ. فكيف ذهل الحافظ رحمه الله هذا الذهول عن كلامه هنا وفى تهذيب التهذيب: ويقتصر فى روايته فى البلوغ عن أبى عامر الأشعرى. والصواب خلاف ما قال هنا وفى التهذيب كما رأيت من لفظ سنن أبى داود رحمه الله.
[ما يفيده الحديث]
1 -
تحريم لبس الحرير على الرجال وأنه من الكبائر.
2 -
تحريم المعازف.
3 -
استحلال الزنا والحرير والمعازف من أكبر الكبائر التى قد تؤدى إلى مسخ أصحابها قردة وخنازير.
4 -
هذا الحديث من أعلام النبوة فقد وقع ما أشار إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولا سيما فى زماننا
2 -
وعن حذيفة رضى اللَّه عنه قال: نهى النبى صلى الله عليه وسلم أن نشرب فى آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه. رواه البخارى.
[المفردات]
الديباج: هو ما غلظ من ثياب الحرير.
[البحث]
تقدم فى باب الآنية حديث حذيفة المتفق عليه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تشربوا فى آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا فى صحافهما فإنها لهم فى الدنيا ولكم فى الآخرة. وسبق شرحه هناك وقد أورد البخارى هذا الحديث فى كتاب اللباس من صحيحه فقال: باب افتراش الحرير. وقال عبيدة هو كلبسه ثم ساق الحديث. وقد أورد البخارى ومسلم رحمهما اللَّه فى صحيحيهما حديث حذيفة رضى اللَّه عنه من عدة أوجه دون قوله: وأن نجلس عليه. فهى مما انفرد بها البخارى رحمه الله وسيجئ فى هذا الباب حديث أبى موسى فى حل الذهب والحرير للنساء وتحريمهما على الذكور.
[ما يفيده الحديث]
1 -
تحريم الشرب فى آنية الذهب والفضة.
2 -
تحريم الأكل فى آنية الذهب والفضة.
3 -
تحريم لبس الحرير والديباج للرجال من غير ضرورة.
4 -
تحريم الجلوس على فراش الحرير والديباج.
3 -
وعن عمر رضى اللَّه عنه قال: نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع. متفق عليه واللفظ لمسلم.
[المفردات]
إلا موضع إصبعين: أى إلا مقدار أصبعين.
[البحث]
لفظ هذا الحديث فى مسلم من طريق سويد بن غفلة أن عمر ابن الخطاب خطب بالجابية فقال: نهى نبى اللَّه صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع. ولفظ البخارى من طريق أبى عثمان النهدى قال: أتانا كتاب عمر ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير إلا هكذا وأشار بإصبعيه اللتين تليان الإبهام قال: فيما علمنا أنه يعنى الاعلام وفى لفظ عن أبى عثمان قال: كتب إِلينا عمر ونحن بأذربيجان أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير إلا هكذا وصف لنا النبى صلى الله عليه وسلم إصبعيه. والمراد بالأعلام ما يكون فى الثوب من تطريف وتطريز ونحوهما، قال الحافظ فى الفتح عن رواية مسلم: إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع. وأو هنا للتنويع والتخيير، قال وقد أخرج ابن أبى شيبة من هذا الوجه بلفظ: إن الحرير لا يصلح منه إلا هكذا وهكذا وهكذا. اهـ.
[ما يفيده الحديث]
1 -
جواز لبس الثوب الذى يكون به أعلام من الحرير لا تتجاوز أربع أصابع.
2 -
جواز إحاطة جيب الثوب بخيوط من حرير لا تتجاوز أربع أصابع.
4 -
وعن أنس رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير فى قميص الحرير فى سفر من حكة كانت بهما. متفق عليه.
[المفردات]
حكة: أى التهاب فى الجلد يحمل صاحبه على كثرة حكه وهى أنواع أشدها الجرب. نعوذ باللَّه تعالى منه.
[البحث]
عنون البخارى لهذا الحديث فقال: باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة قال الحافظ فى الفتح: وذكر الحكة مثالا لا قيدا. اهـ. وقد روى مسلم هذا الحديث بألفاظ عن أنس منها: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام فى القميص الحرير فى السفر من حكة كانت بهما أو وجع كان بهما. وفى بعض ألفاظها: ولم يذكر فى السفر. ومنها: أن عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام شكوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم القمل فرخص لهما فى قمص
الحرير فى غزاة لهما. قال الحافظ فى الفتح: وكأن الحكة نشأت من أثر القمل. قلت: وهذا من الطب النبوى وهو مثال من أمثلة دفع الحرج فى الشريعة.
[ما يفيده الحديث]
1 -
جواز لبس الحرير للتداوى به من الحكة.
2 -
جواز لبس الحرير لدفع القمل عمن أصيب به.
5 -
وعن على رضى اللَّه عنه قال: كسانى النبى صلى الله عليه وسلم حلة سيراء فخرجت فرأيت الغضب فى وجهه فشققتها بين نسائى. متفق عليه وهذا لفظ مسلم.
[المفردات]
سيراء: بكسر السين وفتح الياء وراء مهملة وألف ممدودة هى برود مضلعة بالحرير وقيل حرير خالص.
[البحث]
روى مسلم رحمه الله حديث على رضى اللَّه عنه بألفاظ منها: قال: أهديت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حلة سيراء فبعث بها إلى فلبستها فعرفت الغضب فى وجهه فقال: "إنى لم أبعث بها إليك لتلبسها إنما بعثت بها إليك لتشققها خمرا بين النساء". وفى لفظ: فأمرنى فأطرتها بين نسائى، وفى لفظ: أن أكيدر دومة أهدى إلى النبى صلى الله عليه وسلم ثوب حرير فأعطاه عليا فقال: "شققه خمرا بين الفواطم". والخمر جمع خمار وهى ما تغطى
به المرأة رأسها ووجهها. والفواطم جمع فاطمة. والمراد هنا ثلاث: فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورضى اللَّه عنها. وفاطمة بنت أسد وهى أم على بن أبى طالب. وفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب رضى اللَّه عنها.
[ما يفيده الحديث]
1 -
تحريم لبس الحرير على الرجال.
2 -
إباحة لبس الحرير للنساء.
3 -
يجوز اهداء الحرير للرجل للانتفاع بثمنه أو إعطائه لنسائه.
6 -
وعن أبى موسى رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أحل الذهب والحرير لأناث أمتى وحرم على ذكورهم". رواه أحمد والنسائى والترمذى وصححه.
[المفردات]
أحل: أى أبيح.
وصححه: قال الترمذى: حديث حسن صحيح.
[البحث]
هذا الحديث من رواية سعيد بن أبى هند الفزارى مولى سمرة بن جندب عن أبى موسى. وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لم يسمع منه وإنما أرسل عنه لكن فى تهذيب التهذيب قال: رَوَى عن أبى موسى وأبى هريرة وابن عباس وأم هانئ بنت أبى طالب ثم قال: وذكر عبد الحق أن فى مصنف عبد الرزاق عن معمر عن
أيوب عن نافع عن سعيد بن أبى هند عن رجل عن أبى موسى فى لباس الحرير كذا قال. وقوله عن رجل زيادة ليست فى كتاب عبد الرزاق ولا غيره من حديث نافع. نعم رواه عبد الرزاق قال: سمعت عبد اللَّه بن سعيد بن أبى هند يحدث عن أبيه عن رجل عن أبى موسى. أخرجه الحاكم فى المستدرك من حديث أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق وقال: هو وهم وقع من عبد اللَّه بن سعيد بن أبى هند لسوء حفظه كذا قال. وأراد ترجيح رواية نافع عن سعيد عن أبى موسى اهـ، كما روى البخارى فى صحيحه من حديث أنس بن مالك أنه رأى على أم كلثوم بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم برد حرير سيراء، وعلى كل حال فقد تقدم فى حديث على السابق إباحة الحرير للنساء وقد نقل القاضى عياض رحمه الله انعقاد الإجماع على تحريم الحرير على الرجال وإباحته للنساء. وأما ما رواه البخارى ومسلم من طريق خليفة بن كعب أبى ذبيان قال سمعت عبد اللَّه بن الزبير يخطب يقول: ألا لا تلبسوا نساءكم الحرير فإنى سمعت عمر بن الخطاب يقول قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا الحرير فإن من لبسه فى الدنيا لم يلبسه فى الآخرة، فإنه إن عكر على دعوى الإجماع التى ذكرها عياض غير أن استدلال عبد اللَّه بن الزبير رضى اللَّه عنه كان بلفظ عام وقد تقدمت النصوص الصحيحة الخاصة بجوازه للنساء ولعل ابن الزبير رجع عن استنباطه هذا وانعقد الإجماع بعده رضى اللَّه عنه.
7 -
وعن عمران بن حصين رضى اللَّه عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن اللَّه يحب إذا أنعم على عبده نعمة
أن يرى أثر نعمته عليه. رواه البيهقى.
[المفردات]
أثر نعمته: أى ثمرة عطائه وجوده.
[البحث]
أخرج الترمذى وقال حديث حسن من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن اللَّه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده" ولا شك أن التجمل فى الملبس تحدثا بنعمة اللَّه لا ترفعا على الغير من آداب الإسلام. وقد صح الخبر من حديث عبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر" فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال:"إن اللَّه جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس" أى احتقارهم. روى أحمد والنسائى بسند وصف بأنه صحيح من حديث أبى الأحوص عن أبيه قال: أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعلى ثوب دون، فقال لى: ألك مال؟ قلت: نعم قال: من أى المال؟ قلت: من كل المال قد أعطانى اللَّه: من الإبل والبقر والغنم والخيل والرقيق قال: فإذا آتاك اللَّه مالا فلير أثر نعمة اللَّه عليك وكرامته.
8 -
وعن على رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم نهى عن لبس القسى والمعصفر. رواه مسلم.
[المفردات]
القَسِّى: بفتح القاف وتشديد السين المهملة المكسورة بعدها ياء وهى ثياب مضلعة بالحرير منسوبة إلى قرية بمصر يقال لها القس وذكر أبو عبيد فى غريب الحديث أن أهل الحديث يقولونه بكسر القاف وأهل مصر يفتحونها. وهى نسبة إلى بلد يقال لها القس ولم يعرفها الأصمعى وهى على ساحل مصر بالقرب من الفرما من جهة الشام.
والمعصفر: هى الثياب المصبوغة بالعصفر.
[البحث]
قد أفاد هذا الحديث تحريم القسى والمعصفر أما القسى فقد قال البخارى فى صحيحه: باب لبس القسى وقال عاصم عن أبى بردة قال: قلت لعلى ما القسية؟ قال: ثياب أتتنا من الشام أو من مصر مضلعة فيها حرير وفيها أمثال الأترج ثم قال البخارى: وقال جرير عن يزيد فى حديثه: القسية ثياب مضلعة يجاء بها من مصر فيها الحرير ثم روى عن ابن عازب رضى اللَّه عنه قال: نهانا النبى صلى الله عليه وسلم عن المياثر الحمر وعن القسى أما المعصفر فسيأتى الكلام عليه فى الحديث الذى يلى هذا الحديث.
[ما يفيده الحديث]
1 -
تحريم لبس الثياب المضلعة بالحرير على الرجال.
2 -
تحريم لبس المعصفر على الرجال.
9 -
وعن عبد اللَّه بن عمرو رضى اللَّه عنهما قال: رأى على النبى صلى الله عليه وسلم ثوبين معصفرين فقال: أمك أمرتك بهذا؟ رواه مسلم.
[المفردات]
ثوبين معصفرين: أى مصبوغين بالعصفر قال فى القاموس: العصفر بالضم نبت يهرئ اللحم الغليظ. وبزره القرطم وعصفر ثوبه صبغه به فتعصفر اهـ.
[البحث]
قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعبد اللَّه بن عمرو فى هذا الحديث "أمك أمرتك بهذا" معناه أن هذا من لباس النساء وزيهن وأخلاقهن وقد روى مسلم هذا الحديث عن عبد اللَّه بن عمرو بعدة ألفاظ منها: رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علىَّ ثوبين معصفرين فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها.
وفى لفظ: رأى النبى صلى الله عليه وسلم علىَّ ثوبين معصفرين قال: أأمك أمرتك بهذا؟ قلت: أغسلهما قال: بل أحرقهما. قال النووى: وأما الأمر بإحراقهما فقيل هو عقوبة وتغليظ لزجره وزجر غيره عن مثل هذا الفعل وهو نظير أمر المرأة التى لعنت الناقة بإرسالها اهـ.
[ما يفيده الحديث]
1 -
تحريم لبس الثياب المصبوغة بالعصفر على الرجال.
2 -
أن لبسها يعتبر تشبها بالنساء.
10 -
وعن أسماء بنت أبى بكر رضى اللَّه عنهما أنها أخرجت جبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج. رواه أبو داود وأصله فى مسلم وزاد: كانت عند عائشة حتى قبضت فقبضتها وكان النبى صلى الله عليه وسلم يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها. وزاد البخارى فى الأدب المفرد: وكان يلبسها للوفد والجمعة.
[المفردات]
الجيب: هى الفتحة فى الثوب عند النحر ليسهل خلعه من الرأس.
والفرجين: أى الشقين فى الثوب وهى شق من خلف وشق من قدام.
وزاد: أى مسلم فى روايته عن أسماء.
وزاد البخارى فى الأدب المفرد: أى من حديث أسماء.
[البحث]
قال أبو داود: باب الرخصة فى العلم وخيط الحرير حدثنا مسدد ثنا عيسى بن يونس ثنا المغيرة بن زياد ثنا عبد اللَّه أبو عمر مولى أسماء بنت أبى بكر رضى اللَّه عنهما قال: رأيت ابن عمر فى السوق اشترى ثوبا شاميا فرأى فيه خيطا أحمر فرده فأتيت أسماء فذكرت ذلك لها فقالت: يا جارية ناولينى جبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخرجت جبة طيالسة مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج. أما أصله الذى فى مسلم فهو ما أخرجه مسلم من طريق
عبد اللَّه مولى أسماء بنت أبى بكر وكان خال ولد عطاء قال: أرسلتنى أسماء إلى عبد اللَّه بن عمر فقالت: بلغنى أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم فى الثوب وميثرة الأرجوان وصوم رجب كله فقال لى عبد اللَّه: أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الأبد؟ وأما ما ذكرت من العلم فى الثوب فإنى سمعت عمر ابن الخطاب يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إنما يلبس الحرير من لا خلاق له" فخفت أن يكون العلم منه، وأما ميثرة الأرجوان فهذه ميثرة عبد اللَّه فإذا هى أرجوان فرجعت إلى أسماء فخبرتها فقالت: هذه جبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخرجت إلىَّ جبة طيالسة كسروانية، لها لبنة ديباج وفرجيها مكفوفين بالديباج فقالت: هذه كانت عند عائشة حتى قبضت فلما قبضت قبضتها، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها. ومعنى جبة طيالسة كسروانية أى إنها جبة فارسية ولبنة بكسر اللام وسكون الباء فنون هى رقعة توضع فى جيب القميص والجبة. وزيادة البخارى فى الأدب المفرد تشير إلى أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما كان يلبسها دائما بل يتجمل بها للوفود ولصلاة الجمعة.
[ما يفيده الحديث]
1 -
الرخصة فى العلَم وخيط الحرير فى الثوب للرجال.
2 -
استحباب التجمل للوفود والجمعة.
انتهى الجزء الثانى ويليه الجزء الثالث وأوله كتاب الجنائز. وقد بدئ فى تحرير هذا الجزء ليلة الثالث عشر من شهر صفر 1401 هـ وكان الفراغ منه فى أول جمادى الأولى سنة 1401 هـ، والحمد للَّه رب العالمين
عبد القادر شيبة الحمد
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة والمدرس بالمسجد النبوى