المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ ‌باب الفرائض

‌باب الفرائض

ص: 129

1 -

عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألْحِقُوا الفَرَائِضَ بأهلها، فما بقى فهو لِأوْلى رَجلٍ ذَكَرٍ" متفق عليه.

[المفردات]

الفرائض: هى جمع فريضة وهى فعيلة بمعنى مفعولة أى مفروضة مأخوذة من الفرض وهو القطع وفى الاصطلاح: هى الحصص المقدرة فى كتاب اللَّه تعالى من تركة الميت. وهى النصف والريع والثمن والثلثان والثلث والسدس. وقد سمى اللَّه تبارك وتعالى النصاب المقدر من التركة فريضة حيث قال: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} ونظام المواريث فى الإسلام برهان من براهين سمو الشريعة الإسلامية، وآية فى دقة نظامها المالى، وعلامة بارزة على عناية الإسلام بالأموال، وهو حجة ظاهرة فى كمال الإسلام وشموله، وصيانة الأسرة من عوامل التناحر بسبب التركات.

ألحقوا: أى أَوْصِلُوا.

ص: 129

بأهلها: أى بالمستحقين لها المبيَّنين فى كتاب اللَّه عز وجل.

فما بقى: أى فما فضل بينهم من المال بعد إعطاء ذوى الفروض فروضهم.

فهو لأولْى رجل: أى فالباقى لأقرب رجل نسبا من الميت.

ذكر: وصف الرجل بالذكورية هنا مع أنه لا يكون إلا ذكرا إما لإخراج الخنثى المشكل وإما للتأكيد وإما لبيان أن العصبة يرث صغيرا كان أو كبيرا بخلاف عادة أهل الجاهلية الذين كانوا لا يورثون الصغار من العصبة بدعوى أنهم لا يحمون الذمار ولا يدافعون عن القبيل. فأبطل ذلك الإِسلام وورث العصبة صغيرا كان أو كبيرا ما دام متصفا بالذكورة.

[البحث]

قال البخارى فى صحيحه: كتاب الفرائض وقول اللَّه تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أو دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا

ص: 130

وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أو دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أو دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أو أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أو دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} ثم أورد من حديث جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه عنهما قال: مرضت فعادني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهما ماشيان فأتانى وقد أُغمِىَ على، فتوضأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصب علىّ وَضُوءَه فأفقت، فقلت: يا رسول اللَّه كيف أصنع فى مالى؟ كيف أقضى فى مالى؟ فلم يجبنى بشئ حتى نزلت آية المواريث "وقد ساق مسلم حديث جابر رضى اللَّه عنه بقريب من هذا اللفظ وقال فى آخره: حتى نزلت آية الميراث {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} وفى لفظ: فنزلت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} وقد أورد البخارى ومسلم حديث الباب باللفظ الذى أورده المصنف كما أخرجه البخارى عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم بلفظ: ألحقوا الفرائض بأهلها فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر" وأورده مسلم عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم بلفظ: "اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب اللَّه فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر" هذا وقد يرث الشخص فرضا ويكون أقرب العصبات إلى الميت فيرث ما قد يبقى من التركة بعد

ص: 131

ذوى الفروض باعتباره أقرب العصبات.

[ما يفيده الحديث]

1 -

وجوب إعطاء ذوى الفرائض من الورثة فرائضهم المقدرة فى كتاب اللَّه.

2 -

أن ذوى الفرائض مقدمون على العصبات.

3 -

أن ما بقى من التركة من ذوى الفرائض يُعْطَى لأقرب العصبات نسبا.

ص: 132

2 -

وعن أسامة بن زيد رضى اللَّه عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا يرث الكافرُ المسلمَ" متفق عليه.

[المفردات]

أسامة بن زيد: هو أسامة الحِبُّ بن زيد الحِبِّ بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد وُدٍّ بن عوف بن كنانة بن عوف بن عُذْرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثَوْر بن كلب الكلبى كان حِبَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وابن حبه ويكنى أبا محمد وأمه أم أيمن واسمها بركة حاضنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومولاته. كان أبوه زيد ابن حارثة أول الناس إسلاما من الموالى ولم يفارق زيد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم،

ص: 132

وولد أسامة بمكة ونشأ حتى أدرك ولم يعرف إلا الإِسلام وهاجر إلى المدينة. وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحبه حبا شديدا وكان عنده كبعض أهله. وقد أخرج ابن سعد عن أسامة رضى اللَّه عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأخذنى فيقعدنى على فخذه ويقعد الحسن بن على على فخذه الأخرى ثم يضمنا ثم يقول: اللهم ارحمهما فإنى أرحمهما. وكان أسامة رضى اللَّه عنه أفطس أسود وكان أبوه رضى اللَّه عنه أبيض، وقد رقدا مرة عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتغطا بقطيفة بدت منها أقدامهما فدخل مجزز المُدْلِجِىِّ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرأى أقدامهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. ففرح بذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ودخل على عائشة رضى اللَّه عنها مسرورا تبرق أسارير وجهه. ولما أهدى حكيم بن حزام لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حُلَّةً كانت لذى يزن كساها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد رضى اللَّه عنهما. وقد بعثه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على سرية فيها أبو بكر وعمر رضى اللَّه عنهما وعقد له اللواء لغزو الروم وكان من وصايا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى مرضه أنه قال: أنفذوا جيش أسامة.

ص: 133

وتوفى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأسامة ابن عشرين سنة. وقد سكن وادى القرى بعد النبى صلى الله عليه وسلم ثم نزل إلى المدينة فمات بالجُرْف فى آخر خلافة معاوية بن أبى سفيان وحمل إلى المدينة ودفن بها رضى اللَّه عنه.

لا يرث المسلمُ الكافرَ: أى لا نصيب للمسلم من تركة الكافر مهما كان بسبب اختلاف الدين.

ولا يرث الكافرُ المسلمَ: أى ولا نصيب للكافر من تركة المسلم مهما كان بسبب اختلاف الدِّين.

[البحث]

أجمع المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم سواء كان كفره كفرا أصليا أو كفر رِدَّةٍ، وظاهر هذا الحديث الصحيح يثبت أن المسلم لا يرث الكافر كذلك، ولم يرد حديث صحيح صريح يناقض ما أفاده هذا الحديث المتفق عليه. وأما ما رواه أبو داود من حديث معاذ أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"الإِسلام يزيد ولا ينقص" فليس صريحا فى توريث المسلم من الكافر. وتوريث المسلم من الكافر دون العكس قياسا على جواز نكاح المسلم الكتابية دون العكس هو قياس فى مقابلة النص. وسيأتى فى الحديث الرابع من أحاديث هذا الباب: "لا يتوارث أهل ملتين" مزيد بحث لهذا إن شاء اللَّه تعالى. هذا وقد قال الحافظ فى تلخيص الحبير: حديث أسامة بن زيد: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم: متفق عليه. وأخرجه أصحاب السنن أيضا، وأغرب ابن تيمية فى المنتقى فادعى أن

ص: 134

مسلما لم يخرجه، وكذا ابن الأثير فى الجامع ادعى أن النسائى لم يخرجه اهـ.

[ما يفيده الحديث]

1 -

أن المسلم لا يرث الكافر.

2 -

وأن الكافر لا يرث المسلم.

ص: 135

3 -

وعن ابن مسعود رضى اللَّه عنه فى بنت وبنت ابن وأخت "قضى النبى صلى الله عليه وسلم للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقى فللأخت" رواه البخارى.

[المفردات]

فى بنت وبنت ابن وأخت: أى فى مسألة تركة ميت خلف وراءه بنتا وبنت ابن وأختا.

قضى النبى صلى الله عليه وسلم: أى حكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى هذه المسألة.

للبنت النصف: أى لبنت الميت نصف تركته.

ولابنة الابن السدس: أى ولبنت ابن الميت سدس تركته.

تكملة الثلثين: أى يكون مجموع ما تأخذه البنت وبنت الابن الثلثين من تركة الميت.

وما بقى فللأخت: أى وما بقى من تركة الميت وهو الثلث فإنه يكون للأخت أى بطريق التعصيب.

ص: 135

[البحث]

أورد البخارى رحمه الله هذا الحديث فى كتاب الفرائض من صحيحه فى باب ميراث ابنة ابن مع ابنة قال: حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا أبو قيس ععت هُذَيْلَ بن شرحبيل قال: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت فقال: للابنة النصف وللأخت النصف وأْتِ ابن مسعود فسيتابعنى، فسئل ابن مسعود وأُخْبِرَ بقول أبى موسى فقال: لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين، أقضى فيها بما قضى النبى صلى الله عليه وسلم، للابنة النصف ولابنة ابن السدس تكملة الثلثين، وما بقى فللأخت، فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال: لا تسألونى ما دام هذا الحبر فيكم" وقد أورد البخارى فى باب ميراث الأخوات مع البنات عَصَبَةٌ من طريق سليمان عن إبراهيم عن الأسود قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم النصف للابنة والنصف للأخت ثم قال سليمان: قضى فينا ولم يذكر على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. ثم ساق البخارى من طريق سفيان عن أبى قيس عن هُذَيْل قال: قال عبد اللَّه "لأقضين فيها بقضاء النبى صلى الله عليه وسلم، للابنة النصف، ولابنة الابن السدس وما بقى فللأخت" هذا وقد أجمع المسلمون على أن الأخت مع البنت عَصَبَةٌ فتعطى الأخت ما بقى من التركة بعد ذوى الفروض.

[ما يفيده الحديث]

1 -

أن الأخوات مع البنات عصبة.

ص: 136

2 -

أنه إذا اجتمع بنت وبنت ابن وأخت يكون النصف للبنت، والسدس لبنت الابن والباقى للأخت.

ص: 137

4 -

وعن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يتوارث أهل مِلَّتَيْن" رواه أحمد والأربعة إلا الترمذى وأخرجه الحاكم بلفظ أسامة وروى النسائى حديث أسامة بهذا اللفظ.

[المفردات]

أهل ملتين: أى أهل دينين مختلفين.

بلفظ أسامة: أى بلفظ: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" الذى أخرجه البخارى ومسلم من حديث أسامة رضى اللَّه عنه وهو الحديث الثانى من أحاديث هذا الباب.

بهذا اللفظ: أى بلفظ: لا يتوارث أهل ملتين.

[البحث]

قال الحافظ فى تلخيص الحبير: حديث: لا يتوارث أهل ملتين شتى" أحمد والنسائى وأبو داود وابن ماجه والدارقطنى وابن السكن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ورواه ابن حبان من حديث ابن عمر فى حديث. ومن حديث جابر رواه الترمذى واستغربه وفيه ابن أبى ليلى وأخرجه البزار من حديث أبى سلمة عن أبى هريرة بلفظ: "لا ترث ملة من ملة" وفيه عمر بن راشد قال إنه

ص: 137

تفرد به وهو لين الحديث ورواه النسائى والحاكم والدارقطنى بهذا اللفظ من حديث أسامة بن زيد قال الدارقطنى: هذا اللفظ فى حديث أسامة غير محفوظ ووهم عبد الحق فعزاه لمسلم اهـ وفى حديث أسامة المتقدم فى هذا الباب غنية، ولو صح حديث "لا يتوارث أهل ملتين" لحمل على معنى حديث أسامة. واللَّه أعلم.

ص: 138

5 -

وعن عمران بن حصين رضى اللَّه عنهما قال: جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابن ابنى مات فَمَالى من ميراثه؟ فقال: "لك السدس" فلما ولَّى دعاه فقال: "لك سدس آخر" فلما ولَّى دعاه فقال: "إن السدس الآخر طُعْمَةٌ" رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذى وهو من رواية الحسن البصرى عن عمران وفى سماعه خلاف.

[المفردات]

فَمَالي من ميراثه: أى فما نصيبى من تركته.

فلما ولَّى: أى فلما انصرف وأدبر.

دعاه: أى ناداه.

سدس آخر: أى مع السدس الأول.

فلما ولَّى: أى فلما انصرف للمرة الثانية.

الآخِر: بكسر الخاء أى الثانى.

طعمة: أى زيادة على الفريضة.

ص: 138

وهو: أى هذا الحديث.

الحسن البصرى: هو أبو سعيد الحسن بن أبى الحسن يسار وقد اختلف فى أصله فقيل: كان من سَبىْ مَيْسان اشترته الرُّبَيِّع بنت النضر فأعتقته قال ابن سعد: وذُكر عن الحسن أنه قال: كان أبواى لرجل من بنى النجار وتزوج امرأة من بنى سلمة من الأنصار فساقهما إليها من مهرها فأعتقتها، ويقال: بل كانت أم الحسن مولاة لأم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم ووُلدَ الحسن بالمدينة لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب فيذكرون أن أمه كانت ربما غابت فيبكى الصبى فتعطه أم سلمة ثديها تعلله به إلى أن تجئ أمه فدرَّ عليها ثديها فشربه فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك. ونشأ الحسن بوادى القُرَى وكان فصيحا اهـ. وقد نقل عن أبى قتادة العدوى أنه كان يقول: عليكم بهذا الشيخ يعنى الحسن بن أبى الحسن، فإنى واللَّه ما رأيت رجلا قط أشبه رأيا بعمر بن الخطاب منه. ونقل عن الشعبى أنه قال: أدركت سبعين من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فلم أر أحدا قط أشبه بهم من هذا الشيخ يعنى الحسن البصرى.

ص: 139

قال ابن سعد: أخبرنا الحسن بن موسى قال: حدثنا أبو هلال قال: حدثنا خالد بن رياح أن أنس ابن مالك سُئِلَ عن مسألة فقال: عليكم مولانا الحسن فسلوه فقالوا يا أبا حمزة نسألك وتقول: سلوا مولانا الحسن فقال: إنا سمعنا وسمع فحفظ ونسينا. وتوفى الحسن البصرى سنة عشر ومائة فى شهر رجب رحمه الله. هذا وقد وصفه الحافظ فى التقريب بأنه ثقة فقيه فاضل مشهور قال وكان يرسل كثيرا ويدلس قال البزار: كان يروى عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوز ويقول: حدثنا وخطبنا يعنى قومه الذين حدثوا وخطبوا بالبصرة. هو رأس أهل الطبقة الثانية اهـ

وفى سماعه خلاف: أى وفى سماع الحسن البصرى من عمران بن حصين رضى اللَّه عنهما خلاف، فبعض أهل العلم يثبت سماع الحسن من عمران وبعضهم ينفيه.

[البحث]

قال أبو داود: باب فى يراث الجد حدثنا محمد بن كثير أخبرنا همام عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابن ابنى مات فما لى من ميراثه؟ فقال: "لك السدس" فلما أدبر دعاه فقال: "لك سدس آخر" فلما أدبر

ص: 140

دعاه فقال: "إن السدس الآخر طعمة" قال قتادة فلا يدرى مع أى شئ ورثه؟ قال قتادة: أقل شئ ورث الجد السدس" وقول المصنف فى هذا الحديث رواه أحمد والأربعة فيه نظر فإن ابن ماجه لم يخرجه من حديث عمران بن حصين وإنما أخرج نحوه من طريق معقل بن يسار رضى اللَّه عنه. قال ابن ماجه: باب فرائض الجد: حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة ثنا شبابة، ثنا يونس بن أبى إسحاق عن أبى إسحاق عن عمرو بن ميمون عن معقل بن يسار المزنى قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم أُتى بفريضة فيها جَدٌّ فأعطاه ثلثا أو سُدْسًا حدثنا أبو حاتم ثنا ابن الطباع ثنا هُشَيْم عن يونس عن الحسن عن معقل ابن يسار قال: قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى جَدٍّ كان فينا بالسدس اهـ وقد أخرج الدارقطنى: بنحو حديث الباب وقال أبو الطب محمد شمس الحق العظيم آبادى فى التعليق المغنى على الدارقطنى: الحديث رواه أحمد والترمذى وأبو داود عن عمران بن حصين نحوه ورواه ابن ماجه عن معقل بن يسار المزنى قال: قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى جد كان فينا بالسدس. قالوا: فى صورة المسألة بأن مات رجل وخلف بنتين وهذا السائل الذى هو الجد فللبنتين الثلثان فبقى الثلث فدفع السدس إليه بالفرض ثم دفع سدسا آخر للتعصيب. ولم يدفع الثلث مرة لئلا يتوهم أن فرضه الثلث وإنما سماه طعمة لكونه زائدا على أصل الفرض الذى لا يتغير، كذا فى اللمعات اهـ.

ص: 141

6 -

وعن ابن بريدة عن أبيه رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل للجدة السدس إذا لم يكن دُونَهَا أُمٌّ" رواه أبو داود والنسائى وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وقوَّاه ابن عدى.

[المفردات]

عن أبيه: أى بريدة بن الحصيب رضى اللَّه عنه.

جعل للجدة: أى فرض للجدة. والجدة تطلق على أم الأب وأم الأم.

ابن عدى: هو الإمام الحافظ الكبير أبو أحمد عبد اللَّه بن عدى بن عبد اللَّه بن محمد بن مبارك الجرجانى ويعرف أيضا بابن القطان صاحب كتاب الكامل فى الجرح والتعديل كان أحد الأعلام. ولد سنة سبع وسبعين ومائتين وسمع سنة تسعين ومائتين وقد سمع أبا عبد الرحمن النسائى وأبا يعلى الموصلى وخلائق، وعنه أبو العباس ابن عقدة وحمزة بن يوسف السهمى وخلائق، وقال ابن عساكر: كان ثقة على لحن فيه. وقال السهمى سألت الدارقطنى أن يصنف كتابا فى الضعفاء فقال: أليس عندك كتاب ابن عدى؟ فقلت: بلى. قال فيه كفاية لا يزاد عليه. قال يوسف السهمى فى تاريخ جرجان: توفى أبو أحمد فى جمادى الآخرة سنة خمس وستين وثلثمائة هـ.

ص: 142

[البحث]

أخرج أبو داود هذا الحديث فى "باب فى الجدة" قال: حدثنا محمد بن عبد العزير بن أبى رِزْمَةَ أخبرنى أو ثنا عبد اللَّه العتكى عن ابن بريدة عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم" ومحمد بن عبد العزيز هو أبو عمرو محمد بن عبد العزيز بن أو رزمة بكسر الراء وسكون الزاى غزوان بفتح المعجمة وسكون الزاى قال الحافظ فى التقريب: ثقة. وأشار إلى أنه من رجال البخارى. وأبوه عبد العزيز بن أبى رزمة اليشكرى مولاهم أبو محمد ثقة كذلك. وعبد اللَّه العتكى هو عبد اللَّه بن أبى بكر السَّكن بن الفضل بن المؤتمن العتكى الأزدى أبو عبد الرحمن البصرى وصفه الحافظ فى التقريب بأنه صدوق. وقال الحافظ فى تلخيص الحبير: حديث بريدة أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل للجدة السدس إذا لم تكن دونها أم. أبو داود والنسائى وفى إسناده عبيد اللَّه العتكى مختلف فيه وصححه ابن السكن اهـ والذى فى سند أبى داود هو عبد اللَّه العتكى لا عبيد اللَّه العتكى، وعبيد اللَّه العتكى هو أبو المنيب عبيد اللَّه بن عبد اللَّه العتكى المروزى قال فى التقريب: صدوق يخطئ اهـ وقد أخرج مالك وأحمد وأصحاب السنن من حديث قبيصة بن ذؤيب أنه قال: جاءت الجدة إلى أبى بكر الصديق تسأله ميراثها فقال: مالكِ فى كتاب اللَّه تعالى شئ وما علمت لك فى سنة نبى اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئا فارجعى حتى أسأل الناس فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت

ص: 143

رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة فأنفذه لها أبو بكر ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه تسأله ميراثها فقال: مالك فى كتاب اللَّه تعالى شئ وما كان القضاء الذى قضى به إلا لغيرك وما أنا بزائد فى الفرائض ولكن هو ذلك السدس فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما. وأيكما خلت به فهو لها. قال الحافظ فى التلخيص: وإسناده صحيح لثقة رجاله إلا أن صورته مرسل فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق، ولا يمكن شهوده للقصة قاله ابن عبد البر بمعناه وقد اختلف فى مولده والصحيح أنه ولد عام الفتح فيبعد شهوده القصة اهـ

[ما يفيده الحديث]

1 -

أن الجدة ترث السدس من التركة إذا لم يكن دونها أم أو أب.

2 -

أنه إذا اجتمع للميت جدتان اشتركتا فى السدس كذلك.

ص: 144

7 -

وعن المقدام بن معديكرب رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الخال وارث من لا وارث له" أخرجه أحمد والأربعة سوى الترمذى وحسَّنه أبو زُرْعَةَ الرازى وصححه ابن حبان والحاكم.

[المفردات]

الخال: هو أخو الأم.

ص: 144

وارث من لا وارث له: أى يرث الخالُ الميِّتَ إذا لم يترك الميتُ أصحاب فروض أو عصبات.

أبو زُرْعة الرازى: هو الإمام الحافظ عبيد اللَّه بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ أبو زرعة الرازى أحد أئمة فن الجرح والتعديل قال الحافظ فى التقريب: ثقة مشهور اهـ وقد ولد سنة مائتين من الهجرة وتوفى سنة أربع وستين ومائتين وله أربع وستون سنة رحمه الله.

[البحث]

قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمرو ثنا شعبة عن بديل عن على بن أبى طلحة عن راشد بن سعد عن أبى عامر عن المقدام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من ترك كَلًّا فإلىَّ" وربما قال: إلى اللَّه وإلى رسوله" ومن ترك مالا فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له أعقل له وأرثه، والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه. حدثنا سليمان بن حرب فى آخرين فقالوا: ثنا حماد عن بديل عن على بن أبى طلحة عن راشد بن سعد عن أبى عامر الهوزنى عن المقدام الكندى قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فمن ترك دينا أو ضيعة فإلىَّ ومن ترك مالا فلورثته، وأنا مولى من لا مولى له، أرث ماله، وأفك عانه، والخال مولى من لا مولى له يرث ماله ويفك عانه. قال أبو داود: رواه الزبيدى عن راشد عن ابن عائذ عن المقدام. ورواه معاوية بن صالح عن راشد قال:

ص: 145

سمعت المقدام سمعت أبا داود يقول: الضيعة معناه عيال. حدثنا عبد السلام بن عتيق الدمشقى ثنا محمد بن المبارك ثنا إسماعيل بن عياش عن يزيد بن حجر عن صالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا وارث من لا وارث له أفك عانيه وأرث ماله، والخال وارث من لا وارث له يفك عانيه ويرث ماله اهـ وقال ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة ثنا شبابة ح حدثنا محمد بن الوليد ثنا محمد بن جعفر قالا: ثنا شعبة حدثنى بُدَيْلُ بن مَيْسَرَة العُقَيْلىُّ عن على بن أبى طلحة عن راشد بن سعد عن أبى عامر الهوزنى عن المقدام أبى كريمة. رجل من أهل الشام من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من ترك مالا فلورثته، ومن ترك كَلًّا فإلينا وربما قال: فإلى اللَّه وإلى رسوله وأنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه والخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه ويرثه اهـ قال الحافظ فى تلخيص الحبير: حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: أنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه. أبو داود والنسائى وابن ماجه والحاكم وصححه وابن حبان من حديث المقدام ابن معديكرب، فى حديث، فيه: والخال وارث وحكى ابن أبى حاتم عن أبى زرعة أنه حديث حسن، وأعله البيهقى بالاضطراب، ونقل عن يحيى بن معين أنه كان يقول: ليس فيه حديث قوى، وفى الباب عن عمر رواه الترمذى بلفظ: اللَّه ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له، وعن

ص: 146

عائشة رواه الترمذى والنسائى والدارقطنى من حديث طاوس عنها بقصة الخال حسب، وأعله النسائى بالاضطراب، ورجح الدارقطنى والبيهقى وقفه اهـ وأما قول النبى صلى الله عليه وسلم: من ترك مالا فلورثته فقد رواه البخارى ومسلم من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه ومن ترك مالا فلورثته.

ص: 147

8 -

وعن أمامة بن سهل رضى اللَّه عنه قال: كتب عمر إلى أبى عبيدة رضى اللَّه عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "اللَّه ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له" رواه أحمد والأربعة سوى أبى داود وحسنه الترمذى وصححه ابن حبان.

[المفردات]

أبو أمامة بن سهل: هو أبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف بن واهب بن العُكَيْم بن ثعلبة بن الحارث بن مجدعة بن عمرو وهو بَحْزَج بن حنش بن عوف بن عمرو بن عوف الأوسى. وأُمُّه حبيبة بنت أبى أمامة أسعد بن زرارة نقيب بنى النجار رضى اللَّه عنه ويذكر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هو الذى سماه أسعد وكناه أبا أمامة باسم

ص: 147

جده أبى أمه وكنيته. قال ابن سعد: وكان ثقة كثير الحديث.

أبو عبيدة: هو عامر بن عبد اللَّه بن الجرَّاح بن هلال بن أُهيب ابن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أسلم أبو عبيدة مع عثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عوف قبل دخول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دار الأرقم. وذكره محمد ابن إسحاق فيمن هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، وكان من علية أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومن كبار قادة السرايا فى عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. ولما قدم أهل اليمن على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سألوه أن يبعث معهم رجلا يعلمهم السنة والإسلام فأخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيد أبى عبيدة ابن الجراح فقال: هذا أمين هذه الأمة. وقد روى البخارى ومسلم من حديث أنس بن مالك رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل أمة أمينا، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة ابن الجراح. كما روى البخارى ومسلم من حديث حذيفة رضى اللَّه عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم لأهل

ص: 148

نجران: لأبعثن يعنى عليكم أمينا حقَّ أمين، فأشرف أصحابه فبعث أبا عبيدة رضى اللَّه عنه. وقد كان رضى اللَّه عنه يصبغ رأسه ولحيته بالحناء والكتم ومات فى طاعون عمواس سنة ثمانى عشرة فى خلافة عمر رضى اللَّه عنهما.

[البحث]

قال ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة وعلى بن محمد قالا: ثنا وكيع عن سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبى ربيعة الزُّرقى عن حكيم بن حكيم بن عبَّاد بن حُنَيْف الأنصارى عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف، أن رجلا رمى رجلا بسهم فقتله وليس له وارث إلا الخال، فكتب فى ذلك أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر فكتب إليه عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اللَّه ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له اهـ وقد أخرج الدارقطنى حديث أبى أمامة بن سهل بن حنيف من طريق وكيع عن سفيان بمثل سند ابن ماجه، وكذلك أخرجه الإمام أحمد فى مسنده قال: حدثنا وكيع ثنا سفيان الخ سند ابن ماجه والدارقطنى وفى سند هؤلاء جميعا عبد الرحمن بن الحارث بن عبد اللَّه بن عياش المخزومى قال أحمد: متروك الحديث، وقال أبو حاتم: شيخ، وقال النسائى: ليس بالقوى وقال ابن نمير: لا أقدم على ترك حديثه. وقال الحافظ فى التقريب: صدوق له أوهام.

ص: 149

وقد جاء فى سند ابن ماجه: عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبى ربيعة الزرقى. قال الحافظ فى التقريب: صوابه المخزومى وأشار إلى أنه قد بيَّن ذلك أبو أحمد الزبيرى عن الثورى فى الحديث بعينه.

ص: 150

8 -

وعن جابر رضى اللَّه عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اسْتَهَلَّ المولود وَرِثَ" رواه أبو داود وصححه ابن حبان.

[المفردات]

استهل المولود: أى صاح عند ولادته والمراد أنه ولد حيا وعلم ذلك إما ببكائه أو عطاسه أو غير ذلك.

[البحث]

قال أبو داود: "باب فى المولود يستهل ثم يموت" حدثنا حسين بن معاذ ثنا عبد الأعلى ثنا محمد يعنى ابن إسحاق عن يزيد بن عبد اللَّه ابن قسيط عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا استهل المولود ورث" وفى سند هذا الحديث محمد بن إسحاق وقد عنعنه وهو معروف بالتدليس. وثبوت الميراث للمولود الذى استهل لا نزاع فيه عند أهل العلم.

ص: 150

10 -

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضى اللَّه عنهم قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ليس للقاتل من الميراث شئ" رواه النسائى والدارقطنى وقواه ابن عبد البر وأعله النسائى والصواب وقفه على عمرو.

ص: 150

[المفردات]

ليس للقاتل من الميراث شئ: أى لا نصيب للقاتل فى تركة من قتله.

[البحث]

تقدم الكلام أكثر من مرة عن سند عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال الحافظ جمال الدين المزى: عمرو بن شعيب يأتى على ثلاثة أوجه: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد اللَّه بن عمرو. فعمرو له ثلاثة أجداد: محمد وعبد اللَّه وعمرو بن العاص، فمحمد تابعى وعبد اللَّه وعمرو صحابيان فإن كان المراد بجده محمدا فالحديث مرسل لأنه تابعى وإن كان المراد به عمرًا فالحديث منقطع لأن شعيبا لم يدرك عمرا، وإن كان المراد به عبد اللَّه فيحتاج إلى معرفة سماع شعيب من عبد اللَّه، وقد ثبت فى الدارقطنى وغيره بسند صحيح سماع عمرو من أبى شعيب. وسماع شعيب من جده عبد اللَّه اهـ وقد أخرج الدارقطنى هذا الحديث من طريق إسماعيل بن عياش عن ابن جريح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ليس للقاتل من الميراث شئ" ثم أخرجه من طريق إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد وابن جريج والمثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله سواء.

ص: 151

قال الشيخ أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادى فى التعليق المغنى على الدارقطنى: وكذا أخرجه النسائى عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج ويحيى بن سعيد عن عمرو به ثم رواه من طريق مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن عمرا قال: إن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ليس لقاتل شئ قال: وهو الصواب، وحديث ابن عياش خطأ. وضعف ابن القطان الأول بأنه من رواية إسماعيل بن عياش من غير الشاميين وهى ضعيفة عند البخارى وغيره اهـ وعدم توريث القاتل من تركة القتيل أمر متفق عليه عند أهل العلم.

ص: 152

11 -

وعن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان" رواه أبو داود والنسائى وابن ماجه وصححه ابن المدينى وابن عبد البر.

[المفردات]

ما أحرز: أى ما حاز وامتلك.

لعصبته من كان: المراد بالعصبة هنا -إن صح الحديث- هم الورثة مطلقا أو أقرب الرجال إلى الميت بعد ذوى الفروض إذ أن حظ العصبة من التركة إنما يكون بعد ذوى الفروض كما تقدم فى الحديث الأول من

ص: 152

أحاديث هذا الباب. والعصبة فى الاصطلاح كل ذكر يدلى بنفسه بالقرابة ليس بينه وبين الميت أنثى.

ابن عبد البر: هو الإمام الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد اللَّه بن محمد بن عبد البر بن عاصم النَّمَرِى القرطبى. ولد سنة ثمان وستين وثلثمائة فى ربيع الآخر، وطلب الحديث، قال أبو الوليد الباجى: لم يكن بالأندلس مثله فى الحديث، وقد ألف التمهيد والاستذكار والاستيعاب، وفضل العلم والتقصى على الموطأ. وقبائل الرواة، والشواهد فى إثبات خبر الواحد، والكنى والمغازى والأنساب. وتوفى فى ليلة الجمعة سلخ ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة عن خمس وتسعين سنة.

[البحث]

هذا الحديث من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفى ألفاظه بعض اختلاف ففى سنن أبى داود أن رئاب بن حذيفة تزوج امرأة فولدت له ثلاثة غلمة فماتت أمهم فورثوها رباعها وولاء مواليها وكان عمرو بن العاص عصبة بنيها فأخرجهم إلى الشام فماتوا فقدم عمرو بن العاص ومات مولى لها وترك مالا فخاصمه إخوتها إلى

ص: 153

عمر بن الخطاب فقال عمر: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما أحرز الولد أو الوالد فهو لعصبته من كان. قال: فكتب له كتابا فيه شهادة عبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت ورجل آخر، فلما استخلف عبد الملك اختصموا إلى هشام بن إسماعيل أو إسماعيل بن هشام فرفعهم إلى عبد الملك فقال: هذا من القضاء الذى ما كنت أراه. قال: فقضى لنا بكتاب عمر بن الخطاب فنحن فيه إلى الساعة اهـ وقد ساقه ابن ماجه بأوضح من ذلك ولفظه: تزوج رَبَاب بن حذيفة بن سعيد بن سهم أم وائل بنت معمر الجُمَحِيَّةَ فولدت له ثلاثة، فتوفيت أمهم، فورثها بنوها رِبَاعًا وولاء مواليها، فخرج بهم عمرو بن العاص إلى الشام، فماتوا فى طاعون عمواس فورثهم عمرو، وكان عَصَبَتَهُمْ، فلما رجع عمرو بن العاص جاء بنو معمر يخاصمونه فى ولاء أختهم إلى عمر، فقال عمر: أقضى بينكم بما سمعتُ من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. سمعته يقول: "ما أحرز الولد والوالد فهو لعصبته من كان" قال: فقضى لَنَا بِه، وكتب لنا به كتابا فيه شهادة عبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت وآخر، حتى إذا استخلف عبد الملك بن مروان توفى مولى لها وترك ألفى دينار. فبلغنى أن ذلك القضاء قد غُيِّرَ، فخاصموا إلى هشام بن إسماعيل، فَرَفَعَنَا إلى عبد الملك، فأتيناه بكتاب عمر فقال: إن كنت لأرى أن هذا من القضاء الذى لا يُشَكُّ فيه، وما كنت أرى أن أمر أهل المدينة بلغ هذا، أن يشُكُّوا فى هذا القضاء. فقضى لنا فيه، فلم نزل فيه بَعْدُ اهـ هذا وقد أخرج مسلم فى صحيحه من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن

ص: 154

رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "والذى نَفْسُ محمد بيده إن على الأرض من مؤمن إلا أنا أولى الناس به، فأيكم ما ترك دَيْنًا أو ضَيَاعا فأنا مولاه وأيكم ترك مالا فإلى العصبة من كان" وفى لفظ: "أنا أولى الناس بالمؤمنين فى كتاب اللَّه عز وجل، فأيكم ما ترك دينا أو ضَيْعَةً فادعونى فأنا وليه، وأيكم ما ترك مالا فَلْيُؤثرْ بَمَالِه عَصَبَتُه من كان" ومعنى "فَلْيُؤثر بماله عصبته من كان" أى فَلْيُقَدَّموا ويُفَضلُوا منفردين بماله صغارا كانوا أو كبارا، أى بعد استيفاء ذوى الفروض فروضهم كما أشرت إلى ذلك فى مفردات حديث الباب. كما أخرجه البخارى فى تفسير سورة الأحزاب من صحيحه بلفظ:"فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا" أى بعد ذوى الفرائض كما تقدم. وقد تقدم مزيد بحث لذلك فى الحديث الثالث من أحاديث باب الحوالة والضمان.

ص: 155

12 -

وعن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "الوَلَاءُ لُحْمَة كَلُحْمَةِ النَّسَب لا يباع ولا يوهب" رواه الحاكم من طريق الشافعى عن محمد بن الحسن عن أبى يوسف وصححه ابن حبان وأعَلَّهُ البيهقى.

[المفردات]

الولاء: أى ولاء العتق وهو إذا مات العتيق ورثه مُعْتِقه أو ورثة مُعْتِقِه.

ص: 155

لُحْمَة كَلُحْمَةِ النَّسَبِ: اللحمة بضم اللام هى القرابة.

لا يباع: أى لا ينتقل بعوض.

ولا يوهب: أى ولا ينتقل بغير عوض.

الشافعى: هو أبو عبد اللَّه محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان ابن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر المطلبى القرشى. ولد بغزة من فلسطين أو باليمن سنة خمسين ومائة من الهجرة ونشأ بمكة وطلب العلم بها وبالمدينة المنورة وقدم بغداد مرتين وحدث بها وخرج إلى مصر فنزلها إلى حين وفاته، وقد سمع من مالك بن أنس وإبراهيم بن سعد وسفيان بن عيينة وداود بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن محمد الدراوردى ومسلم بن خالد الزنجى ومحمد بن الحسن الشيبانى وإسماعيل بن علية وغيرهم، وعنه أحمد بن حنبل وأبو ثور إبراهيم ابن خالد والحسين بن على الكرابيسى وسليمان ابن داود الهاشمى وغيرهم. وتوفى فى آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين، رحمه الله.

محمد بن الحسن: هو أبو عبد اللَّه محمد بن الحسن

ص: 156

مولى بنى شيبان، كان أصله من أهل الجزيرة وكان أبوه فى جند أهل الشام فقدم واسط فولد محمد بها سنة اثنتين وثلاثين ومائة ونشأ بالكوفة وطلب الحديث وسمع من مسعر ومالك بن مِغْوَل وعمر ابن ذر وسفيان الثورى والأوزاعى وابن جريج وغيرهم، وجالس أبا حنيفة وسمع منه ونظر فى الرأى فغلب عليه وعرف به ونفذ فيه وقدم بغداد فاختلف إليه الناس يسمعون منه الحديث والرأى وخرج إلى الرقة وبها هارون الرشيد أمير المؤمنين فولاه قضاء الرقة ثم عزله فقدم بغداد فلما خرج هارون إلى الرى أمره فخرج معه فمات بالرى سنة تسع وثمانين ومائة رحمه الله.

عن أبى يوسف: هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن بُجَيْر بن معاوية بن قحافة بن نُفَيل بن سدوس بن عبد مناف بن أبى أسامة بن سُحْمَةَ بن سعد بن عبد اللَّه بن قرادة بن ثعلبة بن معاوية بن زيد ابن الغوث بن بجيلة البجلى. وكانت أم جده سعد ابن بجير حَبْتَةَ بنت مالك من بنى عمرو بن عوف فكانوا يعرفونه بها ويقولون: سعد بن حبتة. وحالف جده بنى عمرو بن عوف من الأنصار رضى اللَّه عنهم

ص: 157

وقد اشتغل أبو يوسف رحمه الله بالحديث وحفظ منه الكثير عن مطرف وهشام بن عروة والأعمش وغيرهم قال ابن سعد: وكان يحضر المحدث فيحفظ خمسين وستين حديثا فيقوم فيمليها على الناس. ثم لزم أبا حنيفة النعمان بن ثابت فتفقه وغلب عليه الرأى اهـ وقد تولى القضاء فى بغداد إلى أن مات لخمس ليال خلون من ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين ومائة فى خلافة هارون الرشيد.

[البحث]

النهى بيع الولاء وهبته قد رواه الجماعة من حديث ابن عمر رضى اللَّه عنهما وتقدم الكلام عليه فى الحديث السادس عشر من كتاب البيوع أما حديث: الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب فقد قال الحافظ فى تلخيص الحبير: الشافعى عن محمد بن الحسن عن أبى يوسف عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر بهذا، ورواه ابن حبان فى صحيحه من طريق بشر بن الوليد عن أبى يوسف لكن قال: عن عبيد اللَّه بن عمر عن عبد اللَّه بن دينار، كذلك رواه البيهقى، وقال فى المعرفة: كان الشافعى حدَّث به من حفظه فنسى عبيد اللَّه بن عمر من إسناده وقد رواه محمد بن الحسن فى كتاب الولاء له عن أبى يوسف عن عبيد اللَّه بن عمر عن عبد اللَّه بن دينار به، وقال أبو بكر النيسابورى: هذا خطأ، لأن الثقات رووه عن عبد اللَّه بن دينار بغير هذا اللفظ، وهذا اللفظ إنما هو رواية الحسن المرسلة ثم ساقه الدارقطنى من طريق يزيد بن

ص: 158

هارون عن هشام بن حسان عن الحسن عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال البيهقى: ورويناه من طريق ضمرة عن الثورى عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر قال الطبرانى: تفرد به ضمرة يعنى باللفظ المذكور، قال البيهقى: وقد رواه إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابى عن ضمرة على الصواب كرواية الجماعة، فالخطأ فيه ممن دونه، وقد جمع أبو نعيم طرق حديث النهى عن بيع الولاء وعن هبته فى مسند عبد اللَّه ابن دينار له فرواه عن نحو من خمسين رجلا أو أكثر من أصحابه عنه، ورواه الترمذى من حديث يحيى بن سليم عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر وقال: أخطأ فيه يحيى بن سليم، وإنما رواه عبيد اللَّه عن عبد اللَّه بن دينار، وروى الحاكم من طريق محمد بن مسلم الطائفى عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر مثل لفظ أبى يوسف، والطائفى فيه مقال، وتابعه يحيى بن سليم عن إسماعيل ابن أمية، قال البيهقى: ويحيى بن سليم ضعيف سئ الحفظ، ورواه أبو جعفر الطبرى فى تهذيبه، وأبو نعيم فى معرفة الصحابة، والطبرانى فى الكبير من حديث عبد اللَّه بن أبى أوفى، وظاهر إسناده الصحة، وهو يعكر على البيهقى حيث قال عقب حديث أبى يوسف: يروى بأسانيد أخر كلها ضعيفة اهـ.

ص: 159

13 -

وعن أبى قلابة عن أنس رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أفرضكم زبد بن ثابت" أخرجه أحمد

ص: 159

والأربعة سوى أبى داود وصححه الترمذى وابن حبان والحاكم وأعِلَّ بالإرسال.

[المفردات]

أبو قِلَابَةَ: هو عبد اللَّه بن زيد الجَرْمِىِّ، كان رحمه الله من أشد أهل السنة والجماعة على أهل الأهواء والمبتدعة وكان ثقة كثير الحديث. وتوفى بديرايا بالشام فى سنة أربع أو خمس ومائة رحمه الله.

أفرضكم: أى أعلمكم بأحكام الفرائض والمواريث.

زيد بن ثابت: هو زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان ابن عمرو بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار الخزرجى الأنصارى رضى اللَّه عنه كان عمره لما قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة إحدى عشرة سنة، وكان يوم بعاث ابن ست سنين وفيها قتل أبوه، وقد استصغره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم بدر فرده، وشهد أحدا، وقيل لم يشهدها وإنما أول مشاهده الخندق، ودفع له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم تبوك راية بنى مالك بن النجار. وقد روى البخارى ومسلم من طريق قتادة عن أنس رضى اللَّه عنه قال: جَمعَ القرآن على عهد النبى صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار أُبَىُّ، ومعاذ بن جبل،

ص: 160

وأبو زيد وزبد بن ثابت قلت لأنس: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتى. وهو أحد كتاب المصحف فى عهد أبى بكر رضى اللَّه عنه كما روى البخارى فى صحيحه عن أنس رضى اللَّه عنه أن عثمان دعا زيد بن ثابت عبد اللَّه بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها فى المصاحف، وقد بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت ليتعلم لغة اليهود فتعلمها فى خمسة عشر يوما. وقد اختلف فى وفاته فقيل سنة 42 أو 43 أو 45 أو 51 أو 52 أو 55 من الهجرة رضى اللَّه عنه.

[البحث]

هذا الحديث من رواية أبى قلابة عن أنس رضى اللَّه عنه ولا نزاع عند أهل العلم فى صحة سماع أبى قلابة من أنس رضى اللَّه عنه إلا أنه قيل: إن أبا قلابة لم يسمع من أنس رضى اللَّه عنه هذا الحديث. واللَّه أعلم. ولا شك عند أهل العلم فى أن زيد بن ثابت رضى اللَّه عنه كان إمَامًا فى الفقه والفرائض قال ابن سعد فى الطبقات: أخبرنا عفان بن مسلم ووهب بن جرير بن حازم وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسى قالوا: أخبرنا شعبة وأخبرنا الفضل بن دكين

ص: 161

والحسن بن موسى قالا: أخبرنا زهير بن معاوية جميعا عن أبى إسحاق عن مسروق قال: قدمت المدينة فسألت عن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فإذا زيد بن ثابت من الراسخين فى العلم. وقال ابن سعد: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسى أخبرنا أبو عوانة عن قتادة قال: لما مات زيد بن ثابت ودفن قال ابن عباس: هكذا يذهب العلم.

ص: 162