الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب القَسْم
1 -
عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ بين نسائه فَيَعْدِلُ، ويقول:"اللهم هذا قَسْمِى فيما أملك، فلا تَلُمْنى فيما تَمْلِكُ ولا أمْلِكُ" رواه الأربعة وصححه ابن حبان والحاكم ولكن رَجَّحَ الترمذىُّ إِرْسَالَهُ.
[المفردات]
القَسْم: يعنى بين الزوجات وفى بعض نسخ بلوغ المرام:
باب القسم
بين الزوجات. والمراد بالقسم بين الزوجات هو أن يجعل لكل زوجة من زوجاته يوما وليلة، ليقيم العدل بيهن فيما يقدر عليه من الكسوة والنفقة والمبيت.
يقسم بين نسائه فيعدل: أى يجعل لكل زوجة من زوجاته نوبة فلا يجور صلى الله عليه وسلم.
هذا قسمى فيما أملك: أى هذا الذى أقدر عليه من القسم بين الزوجات.
فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك: أى فلا تؤاخذنى إن حصل من قلبى مودة وحب وميل لإِحداهن أكثر من الأخرى، فإن هذا الميل ليس بيدى وقدرتى وإنما هو منك أنت وحدك لا أستطيع أن أتصرف فيه ولا قدرة لى على ذلك.
[البحث]
قال الحافظ فى الفتح: روى الأربعة وصححه ابن حبان والحاكم
من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن أبى قلابة عن عبد اللَّه بن يزيد عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: اللهم هذا قسمى فيما أملك، فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك" قال الترمذى: يعنى به الحب والمودة، كذلك فسره أهل العلم. قال الترمذى: رواه غير واحد عن حماد بن زيد عن أيوب عن أو قلابة مرسلا وهو أصح من رواية حماد بن سلمة. وقد أخرج البيهقى من طريق على بن أبى طلحة عن ابن عباس فى قوله: "ولن تستطيعوا" الآية. قال: فى الحب والجماع، وعن عبيدة بن عمرو السلمانى مثله اهـ وقال فى تلخيص الحبير: حديث أنه كان يقول: اللهم هذا قسمى فيما أملك، فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك. أحمد والدارمى وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم عن عائشة، وأعله النسائى والترمذى والدارقطنى بالإرسال وقال أبو زرعة: لا أعلم أحدا تابع حماد بن سلمة على وصله اهـ
2 -
وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشِقُّهُ مائل" رواه أحمد والأربعة وسنده صحيح.
[المفردات]
امرأتان: أى زوجتان.
فمال إلى إحداهما: أى فَجَارَ ولم يعدل بينهما يعنى فى النفقة والمبيت بل انعطف إلى واحدة منهما.
جاء يوم القيامة: أى حشر يوم البعث.
وشقه مائل: أى وجانبه ساقط كأنه أصيب بشلل "نصفى"
[البحث]
قال الحافظ فى تلخيص الحبير: حديث أبى هريرة: إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل أو ساقط. أحمد والدارمى وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم واللفظ له، والباقون نحوه، وإسناده على شرط الشيخين، قاله الحاكم وابن دقيق العيد، واستغربه الترمذى مع تصحيحه. وقال عبد الحق: هو خبر ثابت لكن عليه أن هماما تفرد به، وأن هماما رواه عن قتادة فقال: كان يقال، وفى الباب عن أنس أخرجه أبو نعيم فى تاريخ أصبهان اهـ والميل إلى إحدى الزوجات دون غيرها من الزوجات قد ورد القرآن بالنهى عنه فى قوله عز وجل:"ولن تستطعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل" والميل إما مقدور عليه كالمبيت والنفقة ونحوهما وإما غير مقدور عليه كالحب والشهوة إليها. فالمطلوب من الرجل أن يعدل فيما هو قادر عليه. أما بعض الميل الذى لا يقدر عليه كالحب وشهوته لها فإنه لا حرج عليه فى ذلك ولا يجوز له إذا كان عند إحداهما واشتهاها أن يمتنع عن قضاء شهوته منها ليدخرها للأخرى. وقد قال البخارى: باب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض ثم ساق من حديث ابن عباس عن عمر رضى اللَّه عنهم: دخل على حفصة فقال: يا بنية، لا يغرنك هذه التى أعجبها حُسْنُهَا وحُبُّ رسول اللَّه إياها -يريد عائشة- فَقَصَصْتُ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتبسم" وفى لفظ للبخارى ومسلم من حديث ابن عباس رضى اللَّه عنهما عن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه فى قصة اعتزال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نساءه فى المشربة قال عمر رضى اللَّه عنه: فدخلت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فإذا هو مضطجع على رمال حصير
ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه متكئا على وسادة من أدْم حَشْوُها ليف. فسلمت عليه ثم قلت - وأنا قائم-: يا رسول اللَّه أطلقت نساءك؟ فرفع إلىَّ بَصَرَهُ فقال: "لا" فقلت: اللَّه أكبر ثم قلت -وأنا قائم أستأنس- يا رسول اللَّه لو رأيتنى وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا المدينة إذا قوم تغلبهم نساؤهم فتبسم النبى صلى الله عليه وسلم ثم قلت: لو رأيتنى ودخلت على حفصة فقلت لها: لا يغرنك أن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى النبى صلى الله عليه وسلم يريد عائشة- فتبسم النبى صلى الله عليه وسلم تَبَسُّمَةً أخرى. فجلست حين رأيته تبسم اهـ وحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعائشة أكثر من جاراتها أمر ثابت مشهور.
3 -
وعن أنس رضى اللَّه عنه قال: من السنة إذا تزوج الرجل البِكْرَ على الثيب أقام عندها سَبْعًا ثم قسم، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا ثم قسم. متفق عليه واللفظ للبخارى.
[المفردات]
من السنة: قال النووى هذا اللفظ يقتضى رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم فإذا قال الصحابى: السنة كذا أو من السنة كذا فهو فى الحكم كقوله: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم قال: وجعله بعضهم موقوفا وليس بشئ اهـ
البِكْر على الثيب: أى إذا تزوج فتاة بكرا وتحته امرأة ثيب أيضا.
أقام عندها سبعا ثم قسم: أى أقام عند الزوجة الجديدة البكر سبعة أيام لا يجعل فيها لغيرها من زوجاته مبيتا ثم
بعد مرور الأيام السبعة بلياليها يبدأ القسم للزوجتين أو للزوجات.
وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا ثم قسم: أى وإذا كانت الزوجة الجديدة ثيبا أقام عندها ثلاثة أيام بلياليها ثم يبدأ القسم.
[البحث]
قال البخارى: باب إذا تزوج البكر على الثيب. حدثنا مسدد حدثنا بشر حدثنا خالد عن أبى قلابة عن أنس رضى اللَّه عنه ولو شئت أن أقول: قال النبى صلى الله عليه وسلم، ولكن قال: السنة إذا تزوج البكر أقام عندها سبعا وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا. باب إذا تزوج الثيب على البكر. حدثنا يوسف بن راشد حدثنا أبو أمامة عن سفيان حدثنا أيوب وخالد عن أبى قلابة عن أنس قال: من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا ثم قسم. قال أبو قلابة: ولو شئت لقلت: إن أنسا رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم. وقال عبد الرازق: أخبرنا سفيان عن أيوب وخالد قال خالد: ولو شئت لقلت: رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم. اهـ وقال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن خالد عن أبى قلابة عن أنس بن مالك قال: إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا قال خالد: ولو قلت إنه رفعه لصدقتُ ولكنه قال: السنةُ كذلك، وحدثنى محمد بن رافع حدثنا عبد الرازق أخبرنا سفيان عن أيوب وخالد الحذاء عن أبى قلابة عن أنس قال: من السنة أن يقيم
عند البكر سبعا. قال خالد: ولو شئت قلتُ رَفَعَهُ إلى النبى صلى الله عليه وسلم اهـ.
[ما يفيده الحديث]
1 -
ثبوت حق الزوجة الجديدة فى ثلاثة أيام دون مشاركة إن كانت ثيبا ثم يبدأ القسم.
2 -
ثبوت حق الزوجة الجديدة فى سبعة أيام دون مشاركة إن كانت بكرا ثم يبدأ القسم.
3 -
أن هذا هو هدى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لمن تزوج على زوجته.
4 -
إدخال مزيد من السرور على الزوجة الجديدة والعمل على إزالة الوحشة عنها فى حدود ما جعلته الشريعة الإِسلامية لها من الأيام الثلاثة للثيب والسبعة للبكر.
4 -
وعن أم سلمة رضى اللَّه عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم لَمَّا تزوجها أقَامَ عندها ثلاثا وقال: "إنه ليس بكِ على أهلكِ هوانٌ، إن شئتِ سَبَّعْتُ لكِ، وإن سَبَّعْتُ لكِ سَبَّعْتُ لنسائى" رواه مسلم.
[المفردات]
لما تزوجها: أى لما تزوج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أم سلمة رضى اللَّه عنها.
أقام عندها ثلاثا: أى مكث عندها ثلاث ليال لم يجعل لزوجاته فيهن نوبة.
إنه ليس بكِ على أهلكِ هوان: أى إن لكِ عندنا منزلةً كريمة فالمراد بأهلها هنا هو زوجها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
إن شئتِ سَبَّعْتُ لكِ: أى إن رغبت أن أبقى عندك إلى تمام سبعة أيام دون أن أقسم لنسائى بقيت عندك إلى تمام سبعة أيام.
وإن سَبَّعْتُ لكِ سَبَّعتُ لنسائى: أى لكنى إن بقيت عندك سبعة أيام، جعلت لكل امرأة من نسائى سبعة أيام كذلك.
[البحث]
قوله فى هذا الحديث: "وإن سبعت لك سبعت لنسائى" فيه إجمال لأن المقرر أنه إن تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا وإن تزوج البكر أقام عندها سبعا ثم قسم كما تقدم فى الحديث الثالث من أحاديث هذا الباب. إلا أن مسلما رحمه الله قد أخرج حديث أم سلمة رضى اللَّه عنها بعدة ألفاظ تفسر الإجمال فى هذا اللفظ الذى أورده المصنف بما يعود الأمر فيه إلى معنى: أن حق البكر أن يقيم عندها سبعا ثم يقسم وأن حق الثيب أن يقيم عندها ثلاثا ثم يقسم وأن الثيب إن رغبت أن يستمر عندها سبعا ثم يقسم ويقضى لنسائه الأيام الأربعة التى زادها للثيب جاز ذلك، فقد روى مسلم من طريق سفيان عن محمد بن أبى بكر عن عبد الملك بن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه عن أم سلمة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثا وقال: "إنه ليس بك على أهلكِ هوان إن شئت سبعت لك وإن سبعت لك سبعت لنسائى ثم ساق مسلم من طريق مالك عن عبد اللَّه بن أبى بكر عن
عبد الملك بن أبى بكر بن عبد الرحمن أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين تزوج أم سلمة وأصبحت عنده قال لها: "ليس بكِ على أهلكِ هوان إن شئت سبعت عندك وإن شئت ثلَّثْتُ ثم دُرْتُ" قالت: ثَلِّثْ. ثم ساقه مسلم من طريق عبد الرحمن بن حميد عن عبد الملك بن أبى بكر عن أبى بكر بن عبد الرحمن أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين تزوج أم سلمة فدخل عليها فلما أراد أن يخرج أخذت بثوبه فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن شئت زِدْتُكِ وحاسبْتُكِ به، للبكر سبع وللثيب ثلاث. ثم ساقه من طريق حفص يعنى ابن غياث عن عبد الواحد بن أيمن عن أبى بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أم سلمة ذَكَرَ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تزوجها -وذكر أشياء هذا فيه- قال: "إن شئت أن أُسَبِّعَ لكِ وأسبِّع لنسائى، وإن سَبَّعْتُ لكِ سَبَّعْتُ لنسائى" اهـ وبهذا يتضح أن مسلما رحمه الله أخرج هذا الحديث مرسلا ومتصلا، قال النووى: قال الدارقطنى: قد أرسله عبد اللَّه بن أبى بكر وعبد الرحمن ابن حميد كما ذكره مسلم، وهذا الذى ذكره الدارقطنى من استدراكه هذا على مسلم فاسد لأن مسلما رحمه الله قد بين اختلاف الرواة فى وصله وإرساله، ومذهبه ومذهب الفقهاء والأصوليين ومحققى المحدثين أن الحديث إذ روى متصلا ومرسلا حكم بالاتصال ووجب العمل به لأنها زيادة ثقة اهـ.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن الزوج إذا زفت إليه الثيب أقام عندها ثلاثا ثم قسم لنسائه.
2 -
وأنه إذا زفت إليه البكر أقام عندها سبعا ثم قسم لنسائه.
3 -
وأنه إذا رغبت الثيب أن يقيم عندها سبعا من وقت الزفاف جاز أن يقيم عندها سبعا، ثم يقضى لنسائه ما زاد على الثلاث عند الثيب.
4 -
استحباب إدخال السرور على الزوجة الجديدة وحسن ملاطفتها.
5 -
وجوب العدل بين الزوجات.
5 -
وعن عائشة رضى اللَّه عنها أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة. متفق عليه.
[المفردات]
سودة بنت زمعة: هى أم المؤمنين سودة بنت زَمْعَة بن قيس بن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى العامرية. كانت تحت السكران بن عمرو بن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى العامرى ولما بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أسلمت وبايعت وأسلم زوجها السكران بن عمرو وخرجا مهاجرين إلى أرض الحبشة فى الهجرة الثانية، ثم قدما مكة فمات بها زوجها رضى اللَّه عنه
ولما توفيت خديجة رضى اللَّه عنها تزوجها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمكة. وكان قد عقد على عائشة رضى اللَّه عنها إلا أنه لم يدخل على عائشة رضى اللَّه عنها إلا بالمدينة فهى بعد عائشة فى العقد وقبلها فى الدخول. وكانت سودة امرأة ثبطة أى ثقيلة. وكانت تمازح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالت مرَّةً لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: صليت خلفك البارحة فركعت بى حتى أمسكت بأنفى مخافة أن يقطر الدم فضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكانت تضحكه الأحيان بالشئ. وقد توفيت رضى اللَّه عنها سنة أربع وخمسين وقيل سنة خمس وخمسين وصححه الحافظ ابن حجر فى التقريب.
وهبت يومها لعائشة: أى تنازلت عن نوبتها من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لتكون هذه النوبة لعائشة رضى اللَّه عنها مع النوبة المقررة لعائشة رضى اللَّه عنها.
وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة: أى وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يجعل لعائشة ليلتين ولكل واحدة من نسائه ليلة واحدة عدا سودة رضى اللَّه عنها، إذ تنازلت عن ليلتها لعائشة رضى اللَّه عنها.
[البحث]
يبين هذا الحديث أن من حق الزوجة أن تتنازل عن ليلتها
لجارتها وأن للزوج أن يقبل ذلك، وأنه إذا قبل ذلك صار للمتنازل لها نوبتان، ولا يكون الزوج بذلك جائرا فى القَسم ومن حق الزوج أن يرفض هذا التنازل إذا كان له رغبة فى المتنازلة، وليس من حق الزوج أن ينقل ليلة المتنازلة لتتوالى مع ليلة المتنازل لها بل تبقى كل نوبة على ما كانت عليه إلا برضى باقى الزوجات. وقد أورد البخارى هذا الحديث فى كتاب النكاح فى "باب المرأة تهب يومها لضَرَّتها كيف يقسم ذلك" وساقه من طريق زهير (وهو ابن معاوية) عن هشام عن أبيه عن عائشة رضى اللَّه عنها أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة بيومها ويوم سودة. وقد أورده فى كتاب الهبة فى باب هبة المرأة لغير زوجها، وعتقها إذا كان لها زوج فهو جائز إذا لم تكن سفيهة فإذا كانت سفيهة لم يجز. قال اللَّه تعالى {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} فساقه من طريق الزهرى عن عروة عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليبتها غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم، تبتغى بذلك رضا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. كما أورده مسلم من طريق جرير عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ما رأيت امرأة أحبَّ إلىَّ أن أكون فى مِسْلاخِها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حِدَّةٌ، قالت: فلما كبِرَتْ جعلتْ يومها من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعائشة قالت: يا رسول اللَّه
قد جعلت يومى منك لعائشة فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومين يومها ويوم سودة. ثم ساقه من طريق عقبة بن خالد وزهير وشريك كلهم عن هشام بهذا الإِسناد: أن سودة لما كبرت بمعنى حديث جرير وزاد فى حديث شريك قالت: وكانت أول امرأة تزوجها بعدى. وقولها فى الحديث "أن أكون فى مسلاخها" المسلاخ هو الجِلْدُ ومعناه أن أكون أناهى، وقولها فى الحديث:(وكانت أول امرأة تزوجها بعدى) المراد أن سودة أول امرأة عقد عليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد عقده على عائشة رضى اللَّه عنها لكنه دخل على سودة بمكة ولم يدخل على عائشة رضى اللَّه عنها إلا بالمدينة كما أوضحت ذلك فى مفردات حديث الباب فى ترجمة سودة رضى اللَّه عنها.
[ما يفيده الحديث]
1 -
جواز هبة المرأة نوبتها لضرتها.
2 -
وأن للزوجة أن تتصرف فى حقها بالهبة.
3 -
وأنه لا حرج على الزوج الذى تنازلت زوجته لجارتها عن نوبتها فى قبول ذلك.
4 -
وأن نوبة الواهبة تكون للموهوبة لها على ما كانت عليه.
6 -
وعن عروة رضى اللَّه عنه قال: قالت عائشة رضى اللَّه عنها: "يا ابن أختى كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض فى القَسم من مكثه عندنا، وكان قَلَّ يومٌ إلا وهو يطوف
علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسِيسِ حتى يبلغ التى هو يومها فيبيت عندها" رواه أحمد وأبو داود واللفظ له وصححه الحاكم، ولمسلم عن عائشة قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر دار على نسائه ثم يدنو منهن" الحديث.
[المفردات]
لا يفضل بعضنا على بعض فى القسم: أى لا يزيد واحدة من نسائه على واحدة فيما جعل لهن من نوبة.
من مكثه عندنا: أى جلوسه عند زوجاته فى منازلهن.
وكان قلَّ يومٌ: أى وكان صلى الله عليه وسلم يَنْدُرُ أن يَمُرَّ يومٌ.
إلا وهو يطوف علينا جميعا: أى إلا وهو يدور علينا فى منازلنا جميعا.
فيدنو من كل امرأة من غير مسيس: أى فيقرب من كل زوجة من زوجاته فيقبلها أو يلمسها دون أن يجامعها.
حتى يبلغ التى هو يومها: أى حتى يصل إلى منزل الزوجة التى تكون الليلة لها.
فيبيت عندها: أى فيستقر فى منزلها طول الليل.
دار على نسائه: أى طاف على زوجاته.
ثم يدنو منهن: أى يقرب من كل واحدة من نسائه عندما يمر بحجرتها فيقبلها أو يلمسها من غير جماع.
الحديث: أى أكمل الحديث.
[البحث]
قال الحافظ فى تلخيص الحبير: حديث عائشة: كان النبى صلى الله عليه وسلم يطوف علينا جميعا فيقبل ويلمس، فإذا جاء وقت التى هو فى بيتها أقام عندها. أحمد وأبو داود والبيهقى وصححه الحاكم، ولفظ أحمد: ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا امرأة امرأة، فيدنو، ويلمس من غير مسيس حتى يفضى إلى التى هو يومها فيبيت عندها. زاد أبو داود فى أوله: كان لا يفضل بعضنا على بعض فى القَسم من مكثه عندنا، وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ التى هو يومها فيبيت عندها. اهـ أما ما أشار إليه المصنف من حديث عائشة رضى اللَّه عنها عند مسلم فلفظه من طريق أبى أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحب الحلْوَاء والعسل فكان إذا صلى العصر دار على نسائه فيدنو منهن، فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس، فسألت عن ذلك فقيل لى: أهدت لها امرأة من قومها عُكَّةً من عسل، فسقت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منه شَرْبةً، فقلت: أمَا واللَّه لَنحتالنَّ له، فذكرت ذلك لسودة، وقلت: إذا دخل عليك فإنه سيدنو منك، فقولى له: يا رسول اللَّه أكَلْتَ مغافير، فإنه سيقول لكِ: لا. فقولى له: ما هذه الريح؟ وكان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح. فإنه سيقول لك: "سقتنى حفصة شربة عسل" فقولى له: جَرَسَتْ نحْلُهُ
العُرْفُطَ، وسأقول ذلك له، وقُوليه أنتِ يا صفية، فلما دخل على سودة قالت: تقول سودة والذى لا إله إلا هو لقد كدتُ أن ابَادِئهُ بالذى قلتِ لى وإنه لعلى الباب فَرَقًا منكِ، فلما دنا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول اللَّه أكلتَ مغافير، قال:"لا" قالت: فما هذه الريح؟ قال: "سقتنى حفصةُ شربةَ عسل" قالت: جرست نَحلُه العُرفُطَ فلما دخل علىَّ قلتُ له مثل ذلك، ثم دخل على صفية فقالت بمثل ذلك، فلما دخل على حفصة قالت: يا رسول اللَّه أَلَا أسقيك منه؟ قال: لا حاجة لى به: قالت: تقول سودة: سبحان اللَّه، واللَّه لقد حَرَمْناه. قالت: قلْتُ لها اسكتى. وصنيع المصنف رحمه الله يشعر بأن مسلما تفرد بهذا الحديث، وقد أخرجه البخارى من طريق على بن مُسْهِرٍ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى اللَّه عنها بلفظ: قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحب العسل والحلوى، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن، فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فغِرْتُ، فسألت عن ذلك، فقيل لى: أهدت لها امرأة من قومها عُكَّة عسل، فسَقَت النبىَّ صلى الله عليه وسلم منه شربةً، فقلت: أما واللَّه لنحتالنَّ له، فقلت لسودة بنت زمعة: إنه سيدنو منكِ، فإذا دنا منك فقولى: أكلتَ مغافير؟ فإنه سيقول لكِ: لا. فقولى له: ما هذه الريح التى أجد منكَ؟ فإنه سيقول لكِ: "سقتنى حفصة شَربةَ عسل" فقولى له: جرست نحله العُرْفُطَ. وسأقول ذلك. وقولى أنت يا صفيةُ ذاكِ، قالت تقول سودة: فواللَّه ما هو إلا أن قام على الباب فأردتُ أن أبادئه بما أَمرتِنى
به فَرَقًا منك فلما دنا منها قالت له سودة: يا رسول اللَّه أكلتَ مغافير؟ قال: "لا" قالت: فما هذه الريح التى أجد منكَ؟ قال: "سقتنى حفصة شربة عسل" فقالت: جرست نحله العرفُطَ. فلما دار إلىَّ قلت لى نحو ذلك، فلما دَار إلى صفية قالت له مثلَ ذلك. فلما دار إلى حفصة قالت يا رسول اللَّه ألا أسقيك منه؟ قال:"لا حاجة لى فيه" قالت تقول سودة: واللَّه لقد حَرَمْناه. قلتُ لها: اسكتى. وقوله فى الحديث "مغافير" هى جمع مُغفور، والمغفور صَمْغٌ حلو له رائحة كريهة. أو هو شبيه بالصَّمغ يكون فى الرِّمْث -وهو من الحمض الذى ترعاه الإِبل وتنتفع به- يقال: أغفر الرمث إذا ظهر ذلك فيه. وقد قيل: إن المغافير توجد أيضا فى الثمام والسلم والطلح. ويؤكد ذلك ما جاء فى هذا الحديث: "جرست نحله العرفط" والعرفط شجر العضاه والعضاه: كل شجر له شوك، وقوله فى الحديث "جرست" أى رعت وأكلت. واللَّه أعلم.
[ما يفيده الحديث]
1 -
يجوز للزوج أن يؤنس زوجته فى غير نوبتها إذا كان يعامل جميع زوجاته كذلك.
2 -
جواز الاستمتاع من الزوجة فى غير نوبتها ما دام الزوج يعامل جميع نسائه كذلك.
3 -
استحباب ملاطفة الرجل زوجاته جميعا من غير تفضيل فى ذلك.
7 -
وعن عائشة رضى اللَّه عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يَسْأَلُ فى
مرضه الذى مات فيه "أين أنا غدا؟ " يريد يوم عائشة، فأذن له أزواجه يكون حيث شاء فكان فى بيت عائشة" متفق عليه.
[المفردات]
يسأل فى مرضه الذى مات فيه: أى يستفهم من نسائه صلى الله عليه وسلم وهو فى مرض الموت.
أين أنا غدا؟ : أى أين أكون فى اليوم التالى؟ وفى نوبة أى زوجة.
يريد يوم عائشة: أى يظهر رغبته فى نوبة عائشة ليكون عندها.
فأذن له أزواجه أن يكون حيث شاء: أى فتنازلت زوجاته عن نوبتهن لأجل أن يكون فى المنزل الذى يحب صلى الله عليه وسلم.
فكان فى بيت عائشة: أى فاختار أن يُمَرَّضَ صلى الله عليه وسلم فى بيت عائشة رضى اللَّه عنها.
[البحث]
أخرج البخارى رحمه الله فى آخر كتاب المغازى فى باب مرض النبى صلى الله عليه وسلم ووفاته من طريق عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود أن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت: لما ثَقلَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه استأذن أزواجه أن يُمَرَّضَ فى بيتى فأذِنَّ له" ثم ساق من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى اللَّه عنها أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يسأل فى مرضه الذى مات فيه يقول: "أين أنا غدا؟ أين أنا غدا؟ " يريد يوم عائشة فأذن له أزواجه يكون حيث
شاء فكان فى بيت عائشة حتى مات عندها. قالت عائشة: فمات فى اليوم الذى كان يدور علىَّ فيه فى بيتى. فقبضه اللَّه، وإن رأسه لبين نَحْرى وسَحْرى وخالط ريقه ريقى. وأخرجه البخارى من هذا الطريق وبهذا اللفظ أيضا فى كتاب النكاح فى باب إذا استأذن الرجل نساءه فى أن يُمَرَّضَ فى بيت بعضهن فأَذِنَّ له. وأخرجه مسلم من طريق هشام بن عروة أيضا عن أبيه عن عائشة قالت: إن كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليَتَفَقَّدُ يقول: "أين أنا اليوم؟ أين أنا غدا؟ " استبطاء ليوم عائشة قالت: فلما كان يومى قبضه اللَّه بين سحرى ونحرى.
[ما يفيده الحديث]
1 -
الحرص على العدل بين النساء.
2 -
وأن المرأة إذا أسقطت حقها فى النوبة اندفع الحرج عن الزوج.
3 -
وأن الإِذن للزوج فى ترك النوبة إسقاط لحق الزوجة التى أذنت.
8 -
وعنها رضى اللَّه عنها قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد سَفَرًا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه. متفق عليه.
[المفردات]
وعنها: أى وعن عائشة رضى اللَّه عنها.
إذا أراد سفرا: أى إذا عزم على السفر وأراد الخروج له.
أقرع بين نسائه: أى أجرى القرعة بين زوجاته. والقرعة إعداد سهام بعدد الأسماء التى يراد الاقتراع بينها تكتب أسماء المساهمين عليها ثم توضع فى إناء أو نحوه ليجيلها شخص لا يتمكن من التمييز بينها ثم يخرج سهما منها فمن خرج اسمه تعين اللمطلوب من الاقتراع.
خرج سهمها: أى فازت فى القرعة.
خرج بها معه: أى استصحبها معه فى هذا السفر.
[البحث]
هذا الحديث الذى أورده المصنف هنا قد أورده البخارى ومسلم فى صدر حديث الإِفك من طريق الزهرى عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود عن عائشة رضى اللَّه عنها ولفظه عند البخارى: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. ولفظه عند مسلم: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم معه. وقد أورده البخارى باللفظ الذى ساقه المصنف أيضا فى صدر حديث هبة سودة يومها وليلتها لعائشة رضى اللَّه عنهما وقد سقته بتمامه فى بحث الحديث الخامس من أحاديث هذا الباب. وساقه فى كتاب الشهادات فى باب تعديل النساء بعضهن بعضا فى صدر حديث قصة الإِفك بلفظ كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين أزواجه فأيتهن
خرج سهمها خرج بها معه. وساقه فى كتاب النكاح فى باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرا من طريق القاسم عن عائشة رضى اللَّه عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فطارت القرعة لعائشة وحفصة، وكان النبى صلى الله عليه وسلم إذا كان الليل سار مع عائشة يتحدث، فقالت حفصة: ألا تركبين الليلة بعيرى وأركب بعيرك تنظرين وأنظر؟ فقالت: بلى. فركبت فجاء النبى صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم عليها، ثم سار حتى نزلوا، وافتقدته عائشة، فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإِذخر وتقول: رب سَلِّطْ علىَّ عقربا أو حية تلدغنى، ولا أستطيع أن أقول له شيئا. وقد أخرج مسلم حديث قصة عائشة وحفصة هذه إلا أنه وقع عنده بعد قوله فى سياق البخارى (تلدغنى): رسولك لا أستطيع أن أقول له شيئا.
[ما يفيده الحديث]
1 -
استحباب القرعة بين الزوجات لتسافر مع الزوج من وقعت عليها القرعة.
2 -
أن القرعة ليست من باب القمار والمخاطرة.
3 -
الحض على تطييب قلوب الزوجات.
9 -
وعن عبد للَّه بن زمعة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "لا يجْلِدْ أحدُكم امرأته جَلْدَ العبد" رواه البخارى.
[المفردات]
عبد اللَّه بن زمعة: هو عبد اللَّه بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشى الأسدى رضى اللَّه عنه. صحايى مشهور. استشهد يوم الدار مع عثمان رضى اللَّه عنهما.
لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد: أى لا يضرب أحدكم امرأته كما يضرب عبده.
[البحث]
أخرج البخارى فى كتاب النكاح فى باب ما يكره من ضرب النساء وقول اللَّه تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} أى ضربا غير مُبَرِّح ثم ساق من طريق سفيان (وهو الثورى) عن هشام عن أبيه عن عبد اللَّه بن زمعة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَجْلِدْ أحدكم امرأته جَلْدَ العبد ثم يجامعها فى آخر اليوم" وقد أخرجه البخارى فى كتاب الأدب ومسلم من طريق هشام عن أبيه عن عبد اللَّه بن زمعة قال: "نهى النبى صلى الله عليه وسلم أن يضحك الرجل مما يخرج من الأنفس" وقال: "بم يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل ثم لعله يعانقها" قال البخارى: وقال الثورى ووهيب وأبو معاوية عن هشام: "جلد العبد" قال الحافظ فى الفتح: وكذا أخرجه أحمد عن ابن عيينة وعن وكيع وعن أبى معاوية وعن ابن نمير وأخرجه مسلم وابن ماجه من رواية ابن نمير والترمذى والنسائى من رواية عبدة بن سليمان
ففى رواية أبى معاوية وعبدة "إلَامَ يجلد؟ " وفى رواية وكيع وابن نمير "عَلَامَ يجلد؟ " وفى رواية ابن عيينة: وعظهم فى النساء فقال: "يضرب أحدكم امرأته" اهـ وقال الحافظ فى الفتح أيضا: قوله (جلد العبد): أى مثل جلد العبد وفى إحدى روايتى ابن نمير عند مسلم (ضرب الأمة) وللنسائى من طريق ابن عيينة (كما يضرب العبد والأمة) اهـ وكل هذه الروايات تؤكد كراهية أن يضرب الرجل زوجته كما يضرب عبده أو أمته أو بعيره. وأصل ضرب المرأة للتعليم أو للتأديب بسبب عصيانها زوجها فيما يجب من حقه عليها قد أباحته الشريعة فى الجملة لقوله تعالى: {فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} إلا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أشار إلى أن ضرب الزوجة ينبغى أن يكون غير مبرح وأن يكون ضربا رفيقا، فقد روى مسلم فى صحيحه من حديث جابر رضى اللَّه عنه فى صفة حجة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قوله فى خطبته يوم عرفة: فاتقوا اللَّه فى النساء فإنكم أخذتموهن بأمان اللَّه، واستحللتم فروجهن بكلمة اللَّه، ولكم عليهن أن لا يوطئن فُرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مُبَرِّح" الحديث. وينبغى أن يكون هذا الضرب آخر ما يلجأ إليه الرجل فى تأديب امرأته، وأن يتقى اللَّه عز وجل فيها.
[ما يفيده الحديث]
1 -
كراهية ضرب الزوجة لغير ضرورة.
2 -
تحريم ضرب المرأة للتأديب ضربا مبرحا.
3 -
ينبغى الرفق بالنساء.