الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الإسلام
شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله
تأليف
عبد القادر شيبة الحمد
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة والمدرس بالمسجد النبوي الشريف
[الجزء السابع]
باب اللعان
1 -
عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما قال: سأل فلان فقال: يا رسول اللَّه أرأيت أن لو وجد أحدُنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ إن تَكَلَّمَ تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مِثل ذلك؟ فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذى سألتُك عنه قد ابْتُليتُ به، فأنزل اللَّه الَايات فى سورة النور، فتلاهن عليه ووعظه، وذكَّرَه، وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، قال: لا والذى بعثك بالحق ما كذبت عليها، ثم دعاها فوعظها كذلك، قالت: لا. والذى بعثك بالحق إنه لكاذب، فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات باللَّه، ثم ثَنىَّ بالمرأة ثم فرَّق بينهما" رواه مسلم.
[المفردات]
اللعان: مأخوذ من اللعن ويقال فيه: الملاعنة والتلاعن. ومادته تدور على معنى الطرد والإِبعاد. وهو ملاعنة الرجل امرأته. يقال: تلاعنا والتعنا. ولاعن القاضى بينهما. ويقال للرجل ملاعن، وللمرأة ملاعنة. وحمى لعانا لأن الزوج يقول:"لعنة اللَّه عليه إن كان من الكاذبين" ولم يختر لفظ الغضب وإن
كانت المرأة تقول: "غضب اللَّه عليها إن كان من الصادقين" لان اللعن قول الرجل، وقد بدئ به فى الآية، وهو أيضا يبدأ به، وله أن يرجع عنه فيسقط عن المرأة بغير عكس وقيل: سمى لعانا لأن اللعن الطرد والإِبعاد وهو مشترك بينهما لأن كلا منهما يبعد من صاحبه ويحرم النكاح بينهما على التأبيد. وإنما خصت المرأة بلفظ الغضب لعظَم الذنب بالنسبة إليها لأن الرجل إن كان كاذبا لم يصل ذنبه إلى أكثر من القذف وإن كانت هى كاذبة فذنبها أعظم لما فيه من تلويث الفراش، والاعتداء على الأنساب، مع ما قد يترتب على ذلك من الاختلاط بغير المحارم وثبوت الولاية والميراث لمن لا يستحقهما.
فلان: هو كناية عن شخص معين، ويكنى بذلك كراهية التصريح باسمه، والظاهر أنه عويمر العجلانى كما صرحت بذلك الروايات الصحيحة. وعويمر هو ابن الحارث بن زيد بن الجد بن العجلان بن حارثة ابن ضبيعة بن حرام بن جُعَل بن عمرو بن جشم ابن وَدْم بن ذُبْيان بن هُمَيم بن ذُهل بن هَنىٍّ بن بلىٍّ بن عمرو بن الحاف بن قضاعة. ويقال
لعويمر: ابن أبيض وابن أشقر. قال الحافظ فى الفتح: فلعل أباه كان يلقب أشقر أو أبيض اهـ وكان العجلان قد حالف فى الجاهلية بنى عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس وسكن المدينة فدخلوا فى الأنصار. وقال ابن سعد فى الطبقات عن بنى العجلان: هم حلفاء بنى زيد بن مالك بن عوف اهـ هذا وقد صح الخبر أن عويمر العجلانى قبل أن يجئ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جاء إلى عاصم ابن عدى بن الجد بن العجلان وكان عاصم سيد بنى العجلان وشكا إليه ما وقع له وكانت امرأة عويمر العجلانى قريبة عاصم، فهى أيضا من بنى العجلان والذى رميت به هو شريك بن سحماء -وسحماء أمه. وهو شريك بن عبدة بن مغيث بن الجد ابن العجلان فهو عجلانى أيضا. وهو المتهم كذلك بامرأة هلال بن أمية التى نزلت آيات اللعان بسببهما كما سيتضح ذلك عند سياق أحاديث الشيخين الواردة فى ذلك الشأن، والتى تصف ما تضعه امرأة هلال وامرأة عويمر بوصف واحد إن جاء على الوجه المكروه. قال الحافظ فى الفتح: وفى حديث عبد اللَّه بن جعفر عند الدارقطنى: لاعن بين عويمر العجلانى وامرأته فأنكر حملها الذى فى بطنها وقال هو لابن سحماء. قال الحافظ:
ولا يمتنع أن يتهم شريك بن سحماء بالمرأتين معا اهـ لكن حديث عبد اللَّه بن جعفر عند الدارقطنى هو من طريق الواقدى وهو ضعيف جدا.
على فاحشة: يعنى على جريمة الزنا متلبسة بها.
كيف يصنع؟ : أى ماذا يفعل؟ أيسكت؟ أم يتكلم؟ أو يقتله فتقتلونه.
إن تكلم تكلم بأمر عظيم: أى إن ذكر ذلك وأعلنه ذكر أمرا خطيرا وشأنا عظيما، عاقبته تذهب بالألباب وتحير العقول.
سكت على مثل ذلك: أى سكت على أمر خطير ونار فى القلب مشتعلة.
فلم يجبه: أى فلم يتكلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بجوابه لأنه صلى الله عليه وسلم كره المسائل وعابها.
بعد ذلك: أى بعد مدة من هذا السؤال الذى لم يتلق عليه جوابا.
أتاه فقال: أى جاء هذا السائل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال له.
إن الذى سألتك عنه قد ابتلِيتُ به: أى أنا لا أسأل سؤال افتراض عن شئ لم يحدث وإنما الذى سألتك عنه قد وقع، ولا طاقة لى بالسكوت عليه.
فأنزل اللَّه الآيات فى سورة النور: وهى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7). وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ
الصَّادِقِين} وليس قوله: فأنزل اللَّه الآيات أن هذا سبب نزولها بل نزلت هذه الآيات فى قصة هلال ابن أمية وزوجته وكانت قريبة الوقت من هذه القصة.
فتلاهن عليه: أى قرأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الآيات التى أنزلت من سورة النور فى اللعان على الرجل الذى قذف زوجته.
ووعظه وذكَّره: أى نصحه وخوفه من عقوبة اللَّه إن كان كاذبا.
وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة: أى وأعلمه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه إن رجع عن هذا القذف وضُرِبَ حَدَّ القذف أيسر من أن يستمر على قذفه لزوجته إن كان كاذبا لأن عقاب اللَّه فى الآخرة للكاذبين أشد من عقوبة الدنيا فإذا رجع وأقر بكذبه ضرب جد القذف فإن من ابتلى بشئ من المعاصى ثم أخذ به فى الدنيا كان كفارة له.
لا والذى بعثك بالحق ما كذبت عليها: أى لا أكذب فيما أقول واللَّه الذى بعثك بالحق ما افتريت عليها وما تكلمت إلا بما رأيت وعلمت وإنى لصادق.
ثم دعاها فوعظها كذلك: أى طلب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تحضر المرأة فحضرت ووعظها ونصحها أن لا تشهد باللَّه كاذبة لأنها إن شهدت باللَّه أربع شهادات وهى كاذبة واستجلبت غضب اللَّه عليها، كانت أهلا لعقوبة اللَّه فى الآخرة فلو لم تدرأ العذاب
الدنيوى عن نفسها بالكذب لكان خيرا لها فإن عذاب الدنيا -مهما كان- أهون من عذاب الآخرة.
إنه لكاذب: أى إن زوجى لكاذب فيما رمانى به من الزنا.
فبدأ بالرجل فشهد الخ: أى فقدم رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم الرجل فى الملاعنة على المرأة فشهد باللَّه أربع مرات إنه لصادق فيما رماها به من الزنا وقال فى الخامسة: لعنة اللَّه عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا.
ثم ثَنَّى بالمرأة: أى ولما انتهى الرجل تقدمت المرأة فشهدت أربع شهادات باللَّه إنه لمن الكاذبين فيما رماها به من الزنا وقالت فى الخامسة: غضب اللَّه عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنا.
ثم فرق بينهما: أى حرَّمَها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم على الرجل بعد الانتهاء من الملاعنة.
[البحث]
لما شرع اللَّه تبارك وتعالى حد القذف على من رمى محصنة بالزنا، خص من ذلك الزوج فجعل له حكما خاصا به وهو اللعان لحفظ الأنساب ودفع المعرة عن الأزواج، وقد جاء فى حديث ابن عمر هذا: فأنزل اللَّه الآيات فى سورة النور فتلاهن عليه. وفى حديث سهل بن سعد الساعدى الذى صرح فيه باسم عويمر العجلانى عند مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: "قد نزل فيك وفى صاحبتك فاذهب فأت بها".
وعند البخارى من حديث سهل هذا قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قد أنزل اللَّه القرآن فيك وفى صاحبتك فاذهب فأت بها. وجاء فى حديث أنس بن مالك عند مسلم فى قصة قذف هلال بن أمية زوجته بشريك بن سحماء "وكان أول رجل لاعن فى الإسلام" وجاء فى حديث ابن عباس عند البخارى أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبى صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء فقال النبى صلى الله عليه وسلم: البينة أو حدٌّ فى ظهرك" وفيه "فقال هلال: والذى بعثك بالحق إنى لصادق فَلَيُنزلَنَّ اللَّهُ ما يبرئ ظهرى من الحد، فنزل جبريل، وأنزل عليه:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فقرأ حتى بلغ {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فانصرف النبى صلى الله عليه وسلم فأرسل إليها فجاء هلال فشهد. الحديث. وقد أشار الحافظ فى الفتح إلى احتمال أن يكون عاصم سأل قبل النزول ثم جاء هلال بعده فنزلت عند سؤاله فجاء عويمر فى المرة الثانية التى قال فيها: إن الذى سألتك عنه قد ابتليت به فوجد الآية نزلت فى شأن هلال فأعلمه النبى صلى الله عليه وسلم بأنها نزلت فيه يعنى أنها نزلت فى كل من وقع لى ذلك لأن ذلك لا يختص بهلال. هذا ولفظ حديث الباب عند مسلم قال: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن نمير حدثنا أبى ح وحدثنا أبو بكر بن أبى شيبة (واللفظ له) حدثنا عبد اللَّه بن نمير حدثنا عبد الملك ابن أبى سليمان عن سعيد بن جبير قال: سُئِلتُ عن المتلاعنين فى إِمْرَةِ مصعب: أَيُفَرَّق بينهما؟ قال: فما دَرَيْتُ ما أقول، فمضيت إلى منزل ابن عمر بمكة فقلت للغلام: استأذن لى. قال إنه قائل. فسمع صوتى قال: ابنُ جُبَيْر؟ قلتُ: نعم. قال: ادخل فواللَّه ما جاء بك هذه
الساعة إلا حاجة، فدخلت فإذا هو مفترش بَرْذَعَةً، مُتَوَسِّدٌ وِسادَةً حَشْوُهَا لِيفٌ، قلت: أبا عبد الرحمن: المتلاعنان أَيُفَرَّقُ بينهما؟ قال: سبحان اللَّه، نعم، إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان. قال: يا رسول اللَّه: أرأيتَ أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك. قال: فسكت النبى صلى الله عليه وسلم فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذى سألتُكَ عنه قد ابتليت به، فأنزل اللَّه عز وجل هؤلاء الآيات فى سورة النور {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فتلاهن عليه، ووعظه، وذَكَّره، وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة قال: لا والذى بعثك بالحق ما كذبت عليها، ثم دعاها، فوعظها، وذكَّرهَا، وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. قالت: لا والذى بعثك بالحق إنه لكاذب، فبدأ بالرجل. فشهد أربع شهادات باللَّه إنه لمن الصادقين. والخامسة أن لعنة اللَّه عليه إن كان من الكاذبين. ثم ثَنَّى بالمرأة فشهدت أربع شهادات باللَّه إنه لمن الكاذبين. والخامسة أن غضب اللَّه عليها إن كان من الصادقين. ثم فرَّق بينهما. وحدثنيه على بن حُجْر السَّعْدى حدثنا عيسى بن يونس حدثنا عبد الملك بن أبى سليمان قال: سمعت سعيد بن جبير قال: سئلت عن المتلاعنين زمن مصعب بن الزبير فلم أدر ما أقول فأتيت عبد اللَّه بن عمر فقلت: أرأيت المتلاعنين أيفرق بينهما؟ ثم ذكر بمثل حديث ابن نمير. وقد
أخرج البخارى ومسلم واللفظ للبخارى من حديث سهل بن سعد الساعدى أن عويمرا أتى عاصم بن عدى -وكان سيد بنى عجلان- فقال: كيف تقولون فى رجل وجد مع امرأته رجلا؟ أيقتله فققتلونه؟ أم كيف يصنع؟ سل لى رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأتى عاصمٌ النبىَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه. فكره رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم المسائل، فسأله عويمر فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كره المسائل وعابها، قال عويمر: واللَّه لا أنتهى حتى أسأل رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فجاء عويمرٌ فقال: يا رسول اللَّه رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قد أنزل اللَّه القرآن فيك وفى صاحبتك" فأمرهما رسولُ اللَّه بالملاعنة بما سمَّى اللَّهُ فى كتابه فلاعنها، ثم قال: يا رسول اللَّه إن حَبَسْتُها فقد ظلمتها، فطلقها، فكانت سنة لمن كان بعدهما فى المتلاعنين، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"انظروا فإن جاءت به أَسْحَمَ أَدْعجَ العينين، عَظِيم الألْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ الساقين، فلا أحسب عويمرا إلا قد صدق عليها، وإن جاءت به أُحَيْمِرَ كأنه وَحَرَةٌ. فلا أحسب عويمرا إلا قد كذب عليها" فجاءت به على النعت الذى نعت به رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم من تصديق عويمر فكان بعد يُنْسَبُ إلى أمه. كما روى البخارى من حديث ابن عباس رضى اللَّه عنهما أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبى صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "البينةَ أو حَدٌّ فى
ظهرك؟ " فقال: يا رسول اللَّه إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة؟ فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يقول: "البينة وإلا حدٌّ فى ظهرك" فقال هلال: والذى بعثك بالحق إنى لصادق فَليُنْزِلَنَّ اللَّه مَا يُبَرِّئ ظهرى من الحد، فنزل جبريل وأنزل عليه {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فقرأ حتى بلغ {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فانصرف النبى صلى الله عليه وسلم فأرسل إليها، فجاء هلال فشهد والنبى صلى الله عليه وسلم يقول: "إن اللَّه يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ " ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وَقَّفُوها وقالوا: إنها موجبة. قال ابن عباس: فَتَلَكَّأتْ ونَكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومى سائر اليوم، فمضت، فقال النبى صلى الله عليه وسلم "أبْصِرُوهَا فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الالْيَتَيْن، خَدَلَّجَ الساقين، فهو لشريك بن سحماء" فجاءت به كذلك، فقال النبى صلى الله عليه وسلم "لولا ما مضى من كتاب اللَّه لكان لى ولها شأن" وقد ساق مسلم من حديث أنس بن مالك رضى اللَّه عنه: أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء -وكان أخا البراء بن مالك لأمه- وكان أول رجل لاعن فى الإسلام قال: فلاعنها، فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أبصروها فإن جاءت به أبيض سَبِطًا قَضِئَ العينين، فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به أكحلَ جَعْدًا حَمْشَ الساقين فهو لشريك بن سحماء" قال: فأُنبئتُ أنها جاءت به أكحل جعْدًا حمش الساقين.
[ما يفيده الحديث]
1 -
مشروعية اللعان.
2 -
استحباب عدم المبادرة إلى إجابة طالب اللعان.
3 -
لا يحل اللعان إلا إذا كان الزوج متحققا مما يقول.
4 -
البداعة فى اللعان بالزوج.
5 -
وجوب التفريق بين الزوجين بعد تمام اللعان.
6 -
أن اللعان يسقط حد القذف عن الرجل.
7 -
أن اللعان يدرأ حد الزنا عن الزوجة.
8 -
يجب التقيد فى التلاعن بالألفاظ الواردة فى ذلك.
9 -
استحباب وعظ الزوجين قبل الشروع فى اللعان وتخويفهما من عذاب اللَّه فى الآخرة.
10 -
أن عقوبة الدنيا مهما كانت فهى دون عقوبة الآخرة.
11 -
أن من أخذ من المؤمنين بذنبه فى الدنيا لا يعاقبه اللَّه به فى الآخرة.
2 -
وعنه رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال للمتلاعنين: "حِسَابكما على اللَّه، أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها" قال: يا رسول اللَّه مَالِى؟ فقال: "إن كنتَ صَدَقْتَ عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنتَ كذبتَ فذاك أبعد لك منها" متفق عليه.
[المفردات]
وعنه: أى وعن ابن عمر رضى اللَّه عنهما.
للمتلاعنين: أى للزوج والزوجة وقت تلاعنهما أو بعده وهو الظاهر حضا لهما على التوبة وتخويفا لهما من عقوبة اللَّه واشعارًا بأن هذا التلاعن إنما يمنع عنهما عقوبة الدنيا فقط. والمراد بالمتلاعنين هنا هما عويمر العجلانى وزوجته.
حسابكما على اللَّه: أى جزاء الكاذب منكما عند اللَّه يوم القيامة.
أحدكما كاذب: أى لابد أن يكون أحدكما كاذبا فى الواقع ونفس الأمر، وأن يكون أحدكما صادقا فى الواقع ونفس الأمر.
لا سبيل لك عليها: أى وقعت الفرقة بينكما ولا طريق لك عليها ما دام قد تم التلاعن بينكما.
مَالِى: أى تَردُّ علىَّ صداقى الذى كنت أصدقتها إياه أو أيذهب مالى؟ .
صدقت عليها: أى كنت صادقا فى دعواك أنها زانية.
فهو بما استحللت من فرجها: أى فقد استحقت الصداق الذى دفعته لها لأنك استبحت فرجها.
وإن كنت كذبت فذاك أبعد لك منها: أى وإن كنت غير صادق فى دعواك أنها زانية، فلا شئ لك من الصداق لأنك استحللت فرجها. وزدت على ذلك أنك ظلمتها بالكذب عليها.
[البحث]
هذا اللفظ الذى ساقه المصنف هو أقرب إلى لفظ مسلم، وأبعد من لفظ البخارى فلفظه عند مسلم من حديث ابن عمر رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين: "حسابكما على اللَّه أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها" قال: يا رسول اللَّه: مالى؟ قال: لا مال لك، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبتَ عليها فذاك أبعد لك منها" أما لفظ البخارى من حديث ابن عمر رضى اللَّه عنهما قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين: "حسابكما على اللَّه أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها، قال: مالى، قال: "لا مال لك، إن كنت صَدَقْتَ عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها، فذاك أبعد لك" وقد أورد البخارى من طريق إسماعيل عن أيوب عن سعيد بن جبير قال: قلتُ لابن عمر: رجلٌ قذف امرأته. فقال: فرَّق النبى صلى الله عليه وسلم بين أخوى بنى العجلان، وقال:"اللَّه يعلم أن أحدكما لكاذب فهل منكما تائب؟ " فأبَيَا، وقال:"اللَّه يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ " فأبيا، فقال:"اللَّه يعلم أن أحدكما لكاذب فهل منكما تائب؟ " فأبيا. ففرَّق بينهما. قال أيوب: فقال لى عمرو بن دينار: إن فى الحديث شيئا لا أراك تُحَدِّثُه، قال: قال الرجل: مالى قال: قيل: لا مال لك، إن كنت صادقا فقد دخلتَ بها، وإن كنت كاذبا فهو أبعد منك اهـ.
[ما يفيده الحديث]
1 -
وجوب التفريق بين المتلاعنين.
2 -
أن الرجل الملاعن لا يستحق شيئا من الصداق الذى أصدقه للمرأة.
3 -
أن أحد المتلاعنين كاذب فى نفس الأمر.
4 -
أن اللَّه تعالى بالمرصاد لمن يحلف كاذبا ليسقط ما عليه من الحد أو الحق.
3 -
وعن أنس رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "أبصروها فإن جاءت به أبيض سَبْطًا فهو لزوجها، وإن جاءت به أكحلَ جعْدًا فهو للذى رماها به" متفق عليه.
[المفردات]
أبصروها: أى انظروا ما تجئ به من الولد.
سبطا: قال النووى: السبط بكسر الباء وإسكانها وهو الشعر المسترسل اهـ. وقيل: السبط: التام الخلق.
فهو لزوجها: أى فهو لهلال بن أمية.
أكحل: بفتح الهمزة وسكون الكاف وهو الذى منابت أجفانه كلها سود كأن فيها كحلا.
جعدا: قال النووى: أما الجعد بفتح الجيم وإسكان العين قال الهروى: الجعد فى صفات الرجال يكون مدحا ويكون ذما فإذا كان مدحا فله معنيان: أحدهما أن يكون معصوب الخَلْق شديد الأسر. والثانى أن يكون شعره غير سبط لأن السبوطة أكثرها فى شعور
العجم وأما الجعد المذموم. فله معنيان: أحدهما القصير المتردد والآخر البخيل يقال: جعد الأصابع وجعد اليدين أى بخيل اهـ وقد جاء فى حديث أنس رضى اللَّه عنه فى وصف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ولا بالأبيض الأمهق ولا بالآدم ولا بالجعد القطط ولا بالسبط.
فهو للذى رماها به: أى فهو لشريك بن سحماء.
[البحث]
أشرت فى مفردات الحديث الأول من أحاديث هذا الباب إلى أنه يتضح من سياق أحاديث الشيخين فى قصتى لعان عويمر العجلانى وهلال بن أمية أن المتهم بالمرأتين هو شريك بن سحماء، وأوضح هنا أن الصفات التى ذكرت عن المتهم فى القصتين واحدة أو متقاربة بخلاف صفات هلال بن أمية وعويمر العجلانى فهى مختلفة. فالمتهم بالعجلانية: أكحل أسود جعد والمتهم بامرأة هلال بن أمية أكحل جعد حمش الساقين. كما جاء فى حديث مسلم وقد جاء فى وصف المتهم بالعجلانية عند البخارى: أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين خَدَلَّج الساقين. كما جاء فى وصف المتهم بامرأة هلال بن أمية عند البخارى: أكحل العينين، سابغ الأليتين، خدلج الساقين. وفى لفظ للشيخين: آدم خدلا كثير اللحم. وقد صرح فى رواية البخارى ومسلم بأنه شريك بن سحماء. وقد وصف عويمر العجلانى بأنه مصفر قليل اللحم سبط الشعر أحيمر قصير كأنه وَحَرة (وهى دويبة تترامى
على الطعام واللحم فتفسده، وهى من نوع الوزغ). وجاء فى وصف هلال. أبيض مصفر قليل اللحم سبط قضئ العينين. والأسحم والأسود بمعنى وأدعج العينين أكحل بمعنى فأدعج العينين
واسعهما شديد سوادهما
…
وخدلج ممتلئ وسابغ
الآليتين وعظيم الأليتين بمعنى أى ضخم الأليتين وآدم أى قريب من السواد والخدل الممتلئ الساق. وقوله فى وصف هلال: قضئ العينين. أى فاسدهما بسبب كثرة دمع أو حمرة أو غير ذلك. ولفظ حديث الباب عند مسلم: "أبصروها فإن جاءت به أبيض سبطا قضئ العينين فهو لهلال بن أمية وإن جاءت به أكحل جعدا حمش الساقين فهو لشريك بن سحماء قال: فأنبئت أنها جاءت به أكحل جعدا، حمش الساقين اهـ وقول المصنف فى حديث أنس هذا: متفق عليه. غير ظاهر إذ قد تتبعت باب اللعان فى صحيح البخارى وكذلك تفسير سورة النور فيه فلم أجد لأنس رضى اللَّه عنه هذا الحديث فيه. واللَّه أعلم. قال النووى: وأما حمش الساقين فبحاء مهملة مفتوحة ثم ميم ساكنة ثم شين معجمة أى رقيقهما والحموشة: الدقة اهـ وتفسير حمش الساقين بهذا المعنى غير واضح وإن كان عليه أكثر علماء اللغة. لأنه يعارض ما رواه البخارى فى هذه القصة من حديث ابن عباس رضى اللَّه عنهما ولفظه: فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الأليتين خَدَلَّج الساقين، فهو لشريك بن سحماء" فهو يدل على
أن حمش الساقين بمعنى خدلج الساقين أى عظيمهما وجاء نفس هذا اللفظ فى حديث سهل بن سعد عند البخارى فى قصة عويمر العجلانى: انظروا فإن جاءت به أسحم أدعج العينين، عظيم الأليتين خدلج الساقين، فلا أحسب عويمرا إلا قد صدق عليها. قال فى اللسان: حمش الشئ جمعه والحموشة والحموشة الدقة ثم قال: الليث: ساق حمشة جَزْمٌ، ثم قال: وحمش الشر اشتد اهـ وهو يشعر بأنه قد يراد بحمش الساقين خدلج الساقين. هذا وقد جاء فى لفظ للبخارى ومسلم من حديث سهل بن سعد قال: فجاءت به على النعت الذى نعت به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من تصديق عويمر فكان بعد ذلك ينسب إلى أمه. وفى لفظ للبخارى ومسلم: وكانت حاملا فأنكر حملها، وكان ابنها يدعى إليها. وفى لفظ للبخارى ومسلم من حديث ابن عباس فجاءت شبيها بالرجل الذى ذكر زوجها أنه وجده. وفى لفظ للبخارى من حديث سهل: فجاءت به على المكروه من ذلك.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أنه يجوز ملاعنة الحامل قبل وضع حملها.
2 -
جواز ذكر الأوصاف المذمومة عند الضرورة الداعية لذلك ولا يكون ذلك من باب الاغتياب.
3 -
أنه إذا تم اللعان بين الزوجين وقامت الشبهة على المرأة بعد ذلك فإنها لا تعاقب.
4 -
أن الغالب فى شبه الولد أن ينزعه العرق القريب من آبائه.
4 -
وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه، وقال:"إنها مُوجِبَةٌ" رواه أبو داود والنسائى ورجاله ثقات.
[المفردات]
عند الخامسة: أى بعد أن شهد أربع شهادات باللَّه إنه لمن الصادقين. فلما أراد أن يقول فى الخامسة: لعنة اللَّه عليه إن كان من الكاذبين.
على فيه: أى على فم الملاعن تخويفا له وزجرا خشية أن يكون كاذبا.
إنها موجبة: أى إن الشهادة الخامسة بها يتم لعان الرجل فيستحق لعنة اللَّه إن كان من الكاذبين.
[البحث]
قال النسائى: باب الأمر بوضع اليد على فى المتلاعنين عند الخامسة. أخبرنا على بن ميمون قال: حدثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر رجلا حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا أن يضع يده عند الخامسة على فيه وقال: إنها موجبة.
[ما يفيده الحديث]
1 -
استحباب تخويف المتلاعنين من عقوبة اللَّه عز وجل للكاذبين.
2 -
استحباب أمر الإِمام أو القاضى من يقوم بوضع يده عند الخامسة على فم الرجل لعله أن ينزجر ويمتنع.
5 -
وعن سهل بن سعد رضى اللَّه عنه فى قصة المتلاعنين قال: فلما فَرَغَا من تلاعنهما قال: كذبتُ عليها يا رسول اللَّه إن أمسكتها، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
[المفردات]
فى قصة المتلاعنين: أى فى حديث المتلاعنين وهما عويمر العجلانى وزوجته.
فلما فرغا من تلاعنهما: أى فلما انتهيا من شهادتهما ولعنة الرجل نفسه فى الخامسة إن كان من الكاذبين ودعوة المرأة على نفسها بغضب اللَّه إن كان من الصادقين.
قال: كذبت عليها يا رسول اللَّه إن أمسكتها: أى قال عويمر العجلانى: افتريت عليها فيما ذكرت إن تمسكت بحبلها بعد ذلك وإن حبستها فقد ظلمتها.
فطلقها ثلاثا قبل أن يأمُرَهُ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أى فعاجلها بأن طلقها ثلاثا فى لفظ واحد قبل أن يطلب منه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم طلاقها ومفارقتها.
[البحث]
ساق البخارى رحمه الله هذا الحديث بلفظ: أن رجلا
من الأنصار جاء إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه أرأيتَ رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله أم كيف يفعل؟ فأنزل اللَّه فى شأنه ما ذكر فى القرآن من أمر المتلاعنين. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "قد قضى اللَّه فيك وفى امرأتك" قال: فتلاعنا فى المسجد وأنا شاهد، فلما فرَغَا قال: كذبت عليها يا رسول اللَّه إن أمسكتها. فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حين فرغا من التلاعن، ففارقها عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال:"ذاك تفريق بين كل متلاعنين". قال ابن جريج قال ابن شهاب: فكانت السنة بعدهما أن يُفَرَّقَ بين المتلاعنين، وكانت حاملا، وكان ابنها يُدْعَى لأمه. قال: ثم جرت السنة فى ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض اللَّه له اهـ وفى لفظ لمسلم: قال: قال عويمر: واللَّه لا أنتهى حتى أسأله عنها فأقبل عويمر حتى أتى رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم وسط الناس فقال: يا رسول اللَّه أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قد نزل فيك وفى صاحبتك فاذهب فأت بها" قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما فَرَغَا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول اللَّه إن أمسكتها، فطَلَّقَهَا ثلاثا قبل أن يأمره رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال ابن شهاب: فكانت سنةَ المتلاعنين. وفى لفظ لمسلم قال سهل: فكانت حاملا فكان ابنها يُدْعى إلى أمه. ثم جرت السنة أنه يرثها وترث منه ما فرض اللَّه لها، وفى لفظ لمسلم: فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ففارقها عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال
فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "ذاكم التفريق بين كل متلاعنين" اهـ.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أنه لابد من التفريق بين المتلاعنين.
2 -
أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع وتبين منه ألبتة لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه إيقاع الثلاث مجموعة.
6 -
وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتى لا تَرُدُّ يَدَ لَامس، قال:"غَرَّبها" قال: أخاف أن تَتْبَعهَا نفسى! قال: فاستمتع بها. رواه أبو داود والترمذى والبزار ورجاله ثقات، وأخرجه النسائى من وجه آخر عن ابن عباس بلفظ قال: طلقها. قال: لا أصبر عنها. قال: فأمسكها.
[المفردات]
لا تَرَدُّ يَدَ لَامِس: أى لا تمنع أحدا عن نفسها. وتفسيره بأنها مسرفة فى ماله تفسير بعيد.
غَرِّبْهَا: أى أبعدها عنك وفارقها.
أخاف أن تتبعها نفسى: أى أخشى أن يشتد تعلقى بها ولا أصبر عليها.
فاستمتع بها: أى فأبقها وتلذذ منها.
من وجه آخر: أى من طريق آخر.
لا أصبر عنها: أى لا أطيق فراقها.
فأمسكها: أى فأبقها فى عصمتك.
[البحث]
قال النسائى أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا يزيد قال حدثنا حماد بن سلمة وغيره عن هارون بن رئاب عن عبد اللَّه بن عُبَيْد بن عمير وعبدُ الكريم عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن ابن عباس عبد الكريم يرفعه إلى ابن عباس وهارون لم يرفعه -قالا: جاء رجل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إن عندى امرأة هى من أحب الناس إلىَّ وهى لا تمنع يد لامس، قال: طلقها، قال: لا أصبر عنها قال: استمتع بها، قال أبو عبد الرحمن: هذا الحديث ليس بثابت، وعبد الكريم ليس بالقوى، وهارون بن رئاب أثبت منه، وقد أرسل الحديث، وهارون ثقة، وحديثه أولى بالصواب من حديث عبد الكريم اهـ وقد نقل ابن الجوزى عن أحمد بن حنبل أنه قال: لا يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الباب شئ، وليس له أصل اهـ وقد عده ابن الجوزى فى الموضوعات. وقد نقل عن أحمد رحمه الله أنه قال: لم يكن ليأمره بإمساكها وهى تفجر اهـ. أقول: إن أمارة الوضع على هذا الحديث ظاهرة فهو يناقض ما علم من دين الإسلام بالضرورة من تحريم مصاحبة الفاجرة، وإبقائها فى العصمة، ولا يأمر رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم الرجل أن يكون ديوثا، وقد قال اللَّه عز وجل:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أو مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أو مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} .
7 -
وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية المتلاعنين: "أيما امرأة أدخلت على قوم من
ليس منهم فليست من اللَّه فى شئ ولن يُدْخِلَهَا اللَّه جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب اللَّه عنه، وفضحه على رءوس الأولين والآخرين" أخرجه أبو داود والنسائى وابن ماجه وصححه ابن حبان.
[المفردات]
حين نزلت آية المتلاعنين: أى لما نزل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} إلى قوله: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} .
أدخلت على قوم من ليس منهم: أى جاءت بولد من زنا وهى فى فراش الزوجية، فنسب إلى الزوج وهو ليس منه.
فليست من اللَّه فى شئ: أى ليست أهلا لرحمة اللَّه.
جحد ولده وهو ينظر إليه: أى انتفى من ولده وهو يعلم أنه ولده.
احتجب اللَّه عنه: أى حرمه اللَّه من النظر إليه يوم القيامة.
وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين: أى وأظهر خزيه عند المتقدمين والمتأخرين يعنى يوم القيامة.
[البحث]
هذا الحديث عند أبى داود والنسائى وابن ماجه من طريق عبد اللَّه ابن يونس عن سعيد بن أبى سعيد المقبرى عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه. وقد تفرد به عبد اللَّه بن يونس وهو مجهول الحال قال فى التلخيص: وصححه الدارقطنى فى العلل مع اعترافه بتفرد عبد اللَّه بن
يونس به عن سعيد المقبرى وأنه لا يعرف إلا بهذا الحديث وفى الباب عن ابن عمر فى مسند البزار وفيه إبراهيم بن سعيد الخوزى وهو ضعيف اهـ وقوله إبراهيم بن سعيد الخوزى صوابه إبراهيم بن يزيد الخوزى. قال فى التقريب: إبراهيم بن يزيد الخوزى بضم المعجمة وبالزاى أبو إسماعيل المكى متروك الحديث اهـ قال البزار: حدثنا عمرو بن عيسى الضبعى ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ثنا إبراهيم بن يزيد عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اشتد غضب اللَّه على امرأة أدخلت على قوم ولدا ليس منهم، يطلع على عوراتهم، ويشركهم فى أموالهم اهـ. قال البزار: لا نعلمه عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد، وإبراهم لين الحديث اهـ. وقال الهيثمى: رواه البزار والطبرانى فى الأوسط وفيه إبراهيم بن يزيد وهو ضعيف اهـ واللَّه أعلم.
8 -
وعن عمر رضى اللَّه عنه قال: من أَقَرَّ بولده طَرْفَةَ عين فليس له أن ينفيه. أخرجه البيهقى وهو حسن موقوف.
[المفردات]
أقر بولده: أى اعترف بأن ما حملت به زوجته هو ابنه.
طرفة عين: أى ولو كان اعترافه وإقراره بولده لمدة لحظة واحدة.
فليس له أن ينفيه: أى فلا يقبل منه الانتفاء من هذا الولد بعد
ذلك مهما كان.
موقوف: أى على عمر رضى اللَّه عنه وليس مرفوعا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
[البحث]
قال الحافظ فى تلخيص الحبير: حديث عمر: إذا أقر بولده طرفة عين لم يكن له نفيه. موقوف البيهقى من رواية مجالد عن الشعبى عن شريح عن عمر، ومن طريق قبيصة بن ذؤيب أنه كان يحدث عن عمر: أنه قضى فى رجل أنكر ولدا من المرأة وهو فى بطنها ثم اعترف به وهو فى بطنها حتى إذا ولدت أنكره فأمر به عمر فجلد ثمانين جلدة لفريته عليها، ثم ألحق به الولد. إسناده حسن اهـ.
هذا وقد قال البيهقى: أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا على ابن عمر الحافظ نا أبو محمد بن صاعد نا سعد بن عبد اللَّه بن الحكم نا قدامة بن محمد نا مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت محمد بن مسلم بن شهاب يزعم أن قبيصة بن ذؤيب كان يحدث عن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه أنه قضى فى رجل أنكر ولد امرأته وهو فى بطنها، ثم اعترف به وهو فى بطنها، حتى إذا ولد أنكره، فأمر به عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه فجلد ثمانين جلدة لفريته عليها ثم ألحق به ولدها. وأخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا سعدان بن نصر نا أبو معاوية عن مجالد بن سعيد عن الشعبى عن شريح عن عمر رضى اللَّه عنه قال: إذا
أقر الرجل بولده طرفة عين فليس له أن ينفيه. واللَّه أعلم اهـ وما يقرره أثر عمر رضى اللَّه عنه هذا من أنه لا يقبل نفى الولد بعد الإِقرار به هو أمر انعقد عليه إجماع المسلمين، واللَّه أعلم.
9 -
وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رجلا قال: يا رسول اللَّه إن امرأتى ولدت غلاما أسود، قال:"هل لك من إبل؟ " قال: نعم. قال: "فما ألوانُها؟ " قال: حُمْرٌ. قال: هل فيها من أوْرَق؟ " قال: نعم. قال: "فأنَّى ذلك؟ " قال: لعله نزعه عِرْقٌ. قال: "فلعل ابنك هذا نزعه عرق" متفق عليه. وفى رواية لمسلم: وهو يُعَرِّضُ بأن ينفيه. وقال فى آخره: ولم يُرَخِّصْ له فى الانتفاء منه.
[المفردات]
أن رجلا: هو ضمضم بن قتادة وهو أعرابى من بنى فزارة. كما ذكره عبد الغنى بن سعيد فى كتاب (المبهمات) له.
إن امرأتى ولدت غلاما: قال الحافظ فى الفتح: لم أقف على اسم المرأة ولا على اسم الغلام اهـ. وهذه المرأة من بنى عجل كما ذكر ذلك عبد الغنى بن سعيد فى كتاب (المبهمات) أيضا.
أسود: أى لا يشبهنى ولا يشبه أمه فى اللون فلست بأسود
وليست أمه بسوداء. فأنا أبيض وهى بيضاء.
هل لك من إبل: أى هل عندك جِمَال؟ .
وهل فيها من أورق: أى هل يوجد بين جمالك الحمر جمل أورق. والأورق بوزن الأحمر هو ما فيه سواد ليس بحالك بل يميل إلى الغبرة ومنه قيل للحمامة ورقاء.
فأنَّى ذلك: أى فمن أين أتاها اللون الذى خالفها؟ هل هو بسبب فحل أجنبى من غير لونها طرأ عليها أو لأمر آخر؟ .
لعله نزعه عرق: أى ربما كان فى أصولها ما هو باللون المذكور فاجتذبه إليه فجاء على لونه. والمراد بالعرق هنا الأصل من النسب تشبيها بعرق الثمرة. ومعنى نزعه اجتذبه إليه وأظهر لونه عليه، وأصل النزع الجذب. وقد ينزع لولد إلى أبيه وقد ينزع إلى أمه. ويقال: نزعه أبوه ونزعته أمه ومنه حديث عبد اللَّه بن سلام: ما بال الولد ينزع إلى أبيه أو ينزع إلى أمه قال: إن سبق ماء الرجل نزعه وإن سبق ماء المرأة نزعته.
فلعل ابنك هذا نزعه عرق: أى فربما يكون ابنك هذا قد اجتذبه عرق من أصوله البعيدة فجاء بهذا اللون المغاير لألوان إبلك الموجودة لديك، أى وأنت تعلم
أنه لم يطرأ على إبلك فحل أجنبى. وقد علمنا أن محمدا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد اجتذبه عرق أبيه إبراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام فجاء أشبه الناس بأبيه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام كما جاء فى الأخبار الصحيحة الثابتة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى قصة الإِسراء والمعراج.
وفى رواية لمسلم: أى من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه من طريق معمر عن الزهرى.
وهو يُعَرِّض بأن ينفيه: أى والرجل وهو يتكلم بهذا الكلام كان يُلَمِّح بأن ينتفى من ولده والتعريض هو ذكر شئ يفهم منه شئ آخر لم يذكر. ويفارق الكناية بأنها ذكر شئ بغير لفظه الموضوع له يقوم مقامه.
وقال فى آخره: أى وذكر فى آخر الرواية الأخرى التى جاءت عند مسلم من طريق معمر عن الزهرى. وسيأتى فى بحث هذا الحديث أن قوله: ولم يرخص له الخ فى البخارى أيضا.
ولم يرخص له فى الانتفاء منه: أى ولم يجزْ له أن ينتفى من ولده لهذه العلة، ولم يوسع له أن يتبرأ منه.
[البحث]
هذا الحديث أخرجه البخارى فى كتاب الطلاق فى باب إذا
عَرَّض بنفى الولد من طريق يحيى بن قزعة عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه وُلِدَ لى غلام أسود، فقال:"هل لك من إبل؟ " قال: نعم. قال: "ما ألوانها؟ " قال: حُمْرٌ. قال: "هل فيها من أَوْرق؟ " قال: نعم. قال: "فأَنَّى ذلك؟ " قال: لعل نزعه عِرْقٌ: قال: "فلعل ابنك هذا نزعه" وأورده فى كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة فى باب ما جاء فى التعريض من طريق إسماعيل عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جاءه أعرابى فقال يا رسول اللَّه إن امرأتى ولدت غلاما أسود، فقال:"هل لك من إبل؟ " قال: نعم. قال: "ما ألوانها؟ " قال: حُمْرٌ. قال: "فيها من أورق؟ " قال: نعم. قال: "فأنى كان ذلك؟ " قال: أُراهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ. قال: "فلعل ابنك هذا نزعه عرق" وأورده فى كتاب الاعتصام فى باب من شَبَّهَ أصلا معلوما بأصل مُبَيَّن قد بين اللَّه حكمهما لِيُفْهِمَ السائلَ من طريق أصبغ بن الْفَرَج عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة أن أعرابيا أتى رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتى وَلَدَتْ غلاما أسود وإنى أنكرته، فقال له رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"هل لك من إبل؟ " قال: نعم. قال: "فما ألوانها؟ " قال: حُمْرٌ. قال: "هل فيها من أورق؟ " قال: إن فيها لَوُرْقًا. قال: "فأنَّى تُرَى ذلك
جاءها؟ " قال: يا رسول اللَّه عرق نزعها. قال: "ولعل هذا عرق نزعه" ولم يرخص له فى الانتفاء منه. أما مسلم رحمه الله فقد أخرجه من طريق قتيبة بن سعيد وأبى بكر بن أبى شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب (واللفظ لقتيبة) قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة قال: جاء رجل من بنى فزارة إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتى ولدت غلاما أسود فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "هل لك من إبل؟ " قال: نعم قال: "فما ألوانها؟ " قال: حمر. قال: هل فيها من أورق؟ قال: إن فيها لورْقا. قال: "فأنَّى أتاها ذلك؟ " قال: عسى أن يكون نزعه عرق. قال: "وهذا عسى أن يكون نزعه عرق" قال مسلم: وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد قال ابن رافع حدثنا وقال الآخران أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر ح وحدثنا ابن رافع حدثنا ابن أبى فديك أخبرنا ابن أبى ذئب جميعا عن الزهرى بهذا الإسناد نحو حديث ابن عيينة غير أن فى حديث معمر فقال: يا رسول اللَّه ولدت امرأتى غلاما أسود وهو حينئذ يُعَرِّضُ بأن ينفيه وزاد فى آخر الحديث: ولم يرخص له فى الانتفاء منه. وحدثنى أبو الطاهر وحرملة بن يحيى (واللفظ لحرملة) قالا: أخبرنا ابن وهب أخبرنى يونس عن ابن شهاب عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة أن أعرابيا أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه إن امرأتى ولدت غلاما أسود وإنى أنكرته فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: "هل لك
من إبل؟ " قال: نعم. قال: "ما ألوانها؟ " قال: حمر. قال: "فهل فيها من أورق؟ " قال: نعم. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "فأنَّى هو؟ " قال: لعله يا رسول اللَّه أن يكون نزعه عرق له فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: "وهذا لعله يكونُ نزعه عرق له" ومعنى قوله (وإنى أنكرته) أى استغربته بقلبى أن يكون منى لا أنه نفاه عن نفسه بلفظه فهو لم يرد أنه أنكر كونه ابنه بلسانه وإلا لكان تصريحا بالنفى لا تعريضا.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن التعريض بنفى الولد ليس نفيا.
2 -
وأنه لا يجوز للوالد أن ينتفى من ولده بمجرد الظن أو اختلاف اللون.
3 -
وأن الولد يلحق بأبيه مهما اختلف لونه.
4 -
صحة الاستدلال بالقياس.
5 -
أنه ينبغى العمل على إزالة الشبه من قلوب الناس بضرب الأمثال.
6 -
الاحتياط للأنساب وإلحاقها بمجرد إمكان ذلك.
7 -
أن تشبيه المجهول بالمعلوم تقريبا لفهم السائل من وسائل التربية والتعليم فى الإسلام.
8 -
أن الأصل هو أن الولد للفراش.
9 -
كراهية ظن السوء بالمسلمين دون برهان واللَّه أعلم.
تم بحمد اللَّه الجزء السابع من فقه الإِسلام شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام بمنزلنا بمدينة أبها فى اليوم الثانى والعشرين من شهر ذى القعدة الحرام عام 1402 هـ ويليه إن شاء اللَّه تعالى - الجزء الثامن وأوله (باب العدة والإحداد) وما توفيقى إلا باللَّه تعالى. وصلى اللَّه على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد القادر شيبة الحمد
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإِسلامية بالمدينة المنورة المدرس بالمسجد النبوي الشريف