الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة.
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
وبعد:
فبين أيدينا كتاب قيم للحافظ العراقي ألا وهو كتاب [قرة العين بالمسرة بوفاء الدين] ولعظم أمر الدَّيْنِ فقد أفرد الحافظ العراقي له تصنيفاً ممتعاً هو الذى بين أيدينا الآن.
فإن الدَّيْنَ أمره عظيم وخطبه جليل فقد ترك النبى صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة على المدين حتى يقضى عنه دينه.
وقد جُعل الدين مانعاً للذى يقاتل فى سبيل الله من دخول الجنة حتى يقضى عنه، لأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر لا تكفر حقوق الآدميين إنما
تكفر حقوق الله تعالى، ولكن هذا التشديد ليس في حق من مات وليس عنده وفاؤه كما ثبت في بعض الأحاديث الصحيحة وهو قول العراقي وغيره.
أما الكتاب الذي بين أيدينا للحافظ العراقي فقد قسمه إلى مقدمة، وسبعة أبواب.
أما المقدمة: فقد اشتملت على أن الله عز وجل قد قسم الأرزاق بين العباد وجعل فيهم الغنى والفقير لحكمة عظيمة ألا وهي شكره سبحانه وتعالى، وجعل للفقراء في أموال الأغنياء نصيباً معلوماً وجعل بعض العباد فتنة لبعض فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأمن بن هذه الفتنة بالنظر إلى من دونهم في المال والرزق فإن ذلك أحق أن لا يحقر نعمة الله عز وجل لأن الإِنسان إن رأى مَنْ فُضِّل عليه في الدنيا. طلبت نفسه مثل ذلك واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى، وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أو يقاربه هذا هو الموجود في غالب الناس وأما إذا نظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه فيها ظهرت له نعمة الله تعالى عليه فيشكرها، ومع ذلك فإن الواجب على الناس أن يتواسوا فيها بينهم بالأموال كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، ولقد استدان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بنية الوفاء فأعانهم الله عز وجل على أداء الدين.
أما الباب الأول: فقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم في الدين حتى جعله من إخافة النفوس بعد أمنها، وأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر لا تكفر حقوق الآدميين وإنما يكفر حقوق الله تعالى، وجعل الدين مانعاً للذى يقاتل في سبيل الله من دخول الجنة حتى يقضى عنه دينه، ولكن هذا التشديد في حق من كان عليه الدين وعنده وفاؤه.
أما الباب الثاني: ففيه الترغيب لأصحاب الأموال بالإِقراض وأن الإِقراض كالصدقة وترغيب أصحاب الأموال في إقراض المحتاجين وذوى العسرة من الناس وفى ذلك من الثواب العظيم يوم القيامة.
أما الباب الثالث: ففيه الترغيب في إنظار المعسر والوضع عنه وما في ذلك من الثواب العظيم، والتجاوز عن المدين فإن الله عز وجل يتجاوز عنه يوم القيامة، فإن الله عز وجل ييسر هذا اليوم على من يسر على معسر والتيسير على
المعسر في الدنيا من جهة المال يكون بأحد أمرين إما بإنظاره إلى الميسرة، وذلك واجب كما قال تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} : وتارة بالوضع عنه وإن كان غريماً، وإلا فبإعطائه ما يزول به إعساره، وكلاهما له فضل عظيم.
أما الباب الرابع: ففيه أن الله عز وجل يعين صاحب الدين الذي ينوى أداءه، ومن أخذ الدين وينوى وفاءه فالله عز وجل معه حتى يؤديه: وذلك ما لم يكن فيما يكره الله عز وجل فهذا هو الذي يكون الله في عونه ويؤديه عنه، أما المستدين في مكروه لله كراهة تحريم أو تنزيه ولا يجد لقضائه سبيلاً، ونوى ترك القضاء فهو المستعيذ منه صلى الله عليه وسلم، فعلم أن من أخذ أموال الناس يريد أداءها فإن الله عز وجل يتكفل بأدائها عنه أما من أخذها يريد إتلافها أتلفه الله.
أما الباب الخامس: ففيه الترهيب من أن نفس المؤمن مرتهنة بدينه ومعلقة حتى يقضى عنه فإن روحه محبوسة عن مقامها الكريم من دخولها الجنة في زمرة الصالحين حتى يقضى دينه، فإن الرجل يكون مأسوراً بدينه حتى يقضى عنه.
أما الباب السادس: ففيه استعاذته صلى الله عليه وسلم من ضلع الدين ومن الفقر والقلة والذلة، وأن الدين يعادل في العقاب بالكفر والذلة والإهانة وغلبة صاحب الدين عليه وسلطانه على المدين ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من ضلع الدين.
أما الباب السابع: فقد ختم به المصنف كتابه وجاء فيه ببعض الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم لوفاء الدين.
فدونك هذا الكتاب ففز به.