الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
/93 أ/
حرف الهاء
ذكر من اسمه هاشم
[876]
هاشم بن حبيب، أبو الوليد، الأديب الفقيه النحوىّ الخطيب
المقرئ الزاهد البيغىّ.
ينسب إلى بيغوىوهى قلعة حصينة من أعمال غرناطة.
كان أبو الوليد يتولى خطابتها. وكان رجلا من خيار عباد الله الصالحين، وأوليائه
الأبرار العاملين، قارئا للقرآن الكريم، كثير التلاوة له، زاهدا متعبدا متفننا في كل فضل فيها بالعلوم الدينية والأدبية، لا يقعد عن شيئ منها، بل يقوم بها أحسن قيام. وكان قد تصدّر لقراءتها وإفادتها، والناس يغشونه ويأتون إليه، ويقرأون عليه، ويستفيدون منه، ويأخذون عنه، فتخّرج به خلق كثير.
وكان له- مع ذلك- النصيب الوافر، والحظ الوافى في قرض الشعر، وقال منه قصائد مطوّلات، ومقاطيع مستحسنات ومات مقتولا.
/93 ب/استشهد على أيدى الفرنج في سنة اثنتين وعشرين وستمائه- رضى الله عنه
أنشدنى الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن على الأسدىلبيغىلمقرئ بحلب
المحروسة، في سنة ثمان وأربعين وستمائة، قال: أنشدنى الشيخ الأستاذ الزاهد أبو الوليد هاشم بن حبيب البيغىّ لنفسه من قصيدة أولها: [من الكامل]
بان الخليط وزوّدوك غراما
…
فأبت جفونك ان تذوق مناما
وحشوا فؤادك لوعة لا تنقضى
…
ونأوا بصبرك ظاعنين ظلاما
ومنها:
ناديت دارهم أدار ألم تزل
…
ألقى بها الغزلان والاراما
يا معهد اللذات يا ملقى المنى
…
كنت الشّفاء فقد رجعت سقاما
يبكي حمام الأيك طول حنينه
…
ولربّ مشتاق يهيج حماما
وله أشعار كثيرة ، إلا أنني لم يقع إليّ شيء منها غير [ما] أثبته.
[877]
هاشم بن عبد السلام بن يوسف بن عمرو بن مندو ، أبو الفضل الإربليّ.
أخبرني أنه ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة.
وكان يكتب الطغرة لمليكها الفقير إلى الله تعالى أبي سعيد كوكبوري بن علي بن بكتين – رحمه الله – ونال عنده تمكنا ووجاهة. وكان قبل اتصاله به مملقا جدا فحين اتصل به أثرى وكثرت أمواله، وأقبلت عليه الدنيا، وصار ذا ثروة وافرة، ونعمة واسعة، ولم ينله في حال خدمته سوء، ولا وصله مكروه، على أن أبا سعيد كوكبوري بن علي كان كثير المصادرات لأرباب الولايات، ومتصرّفي الدواوين. وذلك لقوة جد هاشم وسعادته.
وكان رجلا عاميا جاهلا بكل شيء، كثير الغلط في كتبه التي كان يكتبها، قلّ أن كتب كتابا إلا ويظهر فيه لحن وغلط.
وكنت أجتمع به بإربل كثيرا، وسافر إلى بغداد حين دخلها التتار- خذلهم الله تعالى - /94 ب/في سنة أربع وثلاثين وستمائة، ثم لقيته في بغداد في سنة تسع وثلاثين وستمائة، وهو يتصرف لبعض أمرائها. وكان يزعم أنه يعمل الشعر.
أنشدني لنفسه بإربل ما كتبه إلى الوزير جلال الدين أبي الحسن علي بن شماس الإربليّ – رحمه الله – (1): [من البسيط]
شوقا وإن دنت الأحباب والدار
…
وأضلع حشوها همّ وأفكار
وأدمع مستهلات عليك ولّ
…
إلى لقائك آمال وأوطار
ما حيلتي يا عذولي لا تلحّ فقد
…
تهتكت فيه أعراض وأستار
م منها:
ما للعيون إذا أظهرت أحد
…
غير الوزير جلال الدين ستّار
مولى إذا امحلت أرض وحلّ بها
…
ربت كأنّ ندى كفيه أمطار
وأنشدني أيضا لنفسه ما كتبه إلى الأمير الكبير ركن الدين أبي شجاع/95 أ/ أحمد بن قرطايا الإربليّ-أسعده الله تعالى- (1): [من الكامل]
مولاي ركن الدين إن مطيّتي
…
وقفت ببابك تبتغي المقصودا
فكشفت من خمر القريحة أبتغي
…
مدحا فحلت عقده وبنودا
مازلت أطلب في الرجال محمدا
…
أو أحمدا نمضي إليه القودا
حتى رأيت كليهما في واحد
…
لمّا رأيتك أحمدا محمودا
وكتب إليه أبو المجد أسعد بن إبراهيم الإربليّ النشابي الكاتب (2) يعاتبه: [من الطويل]
وكيف احتيالي فيك إذا لم يكن إلى
…
ودادك إلا بالخداع طريق
ولست بخدّاع ولا جرى على
…
لساني قول كان فيه خلوق
وفيك خلال لا تليق صفاتها
…
وإنّك بالعتب الممض خليق
توهّم ما تنويه والخبث والرّيا
…
بصدك أب يصفو لديك صديق
فلا أنت ممن يتقي من مخافة
…
ولا محسن تزكو لديه حقوق
/95 ب / ولا لك فعل في المكارم يرتجي
…
ولا لك وجه بالوفاء طليق
ولا لك علم يستفاد ولا ندى
…
فهذا الذي تبديه كيف يليق
وما زلت أوليك الوداد واغتدى
…
وقلبي على ما أنت فيه شفيق
وهذا عتابي والعتاب طرائق
…
ومعنى عتابي إن فهمت دقيق
وأنفذها إليه في رجب سنة ثمان وعشرين وستمائة، فكتب هاشم بن عبد السلام
جوابها على رويها ووزنها بهذه الأبيات: [من الطويل]
رويدك ما ساد الكرام أولو النّهى
…
بهجو ولا سبّ الرّجال يليق
ولا أنا ممّن يجهل النّاس حالتي
…
ولا أنا ممّن لا يقال صديق
تعرّضت بي فاعدد لعرضك سترة
…
من الصّمت واحذر أن تلوح بروق
وقدّرت أنّي جاهل بك تغتدي
…
وعرضك من لدغ الهجاء طليق
وأوهمت أنّ النّاس غرّ وجاهل
…
بما أنت فيه ما عليك طريق
/96 أ/ ولم تدري أنّي حيّة لك كلما
…
تعرّض واش أو يقول صديق
متى اعتلقت كفي بودّك ساعة
…
من الدّهر أولى منك قطّ وثوق
متى علمت منك المصافاة لا مرئ
…
يودّك إلا غدرة وعقوق
وكم غرّ من صافاك لمع سرابه
…
وكم من سراب غرّ منه بريق
إذا استوت الأقدام فالحكم باطل
…
ولا شكّ أنّ الحقّ منك زهوق
[878]
هاشم بن محمد بن هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم، أبو طاهر بن أبي عبد الرحمن الأسديّ.
من أهل حلب وبيت الخطابة والعلم والرواية وأبناء الخطباء أبوه وجده وأعمامه. كلّ كان خطيبا يخطب على منبر حلب.
وأبو طاهر هذا شاب جميل كيس أحمر اللون طويل من الرجال حافظ للقرآن العزيز، له عناية بقول الشعر، يعمل منه المقطعات. وفيه فضل حسن وأدب جيد إلا أنّه مبخوس الحظ من أبناء زمانه، ولم يزل شاكيا منه ومن صروفه عليه.
أخبرني أنّه كان مولده بحلب في العشرين من ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين /96 ب/خمسمائة.
ومما أنشدني لنفسه: [من السريع]
يا سادة ملّكتهم مهجتي
…
هل لي إلى وصلكم من وصول
وهل لأيّامي التي مذ حلت
…
بكم خلت من عودة بالملول
أحبابنا لا وزمان مضى
…
بوصلكم لا كنت ممّن يحول
بنتم وخلّفتم معنّاكم
…
يندب مغناكم ويبكي الطّلول
نعم ومغناكم ومأواكم
…
قلب معنّى كم بكم لايزول
واحربا جاروا ولا ذنب لي
…
وعذّبوا قلبي المعنّى الحمول
وما دروا أنّهم مذ نأوا
…
عن ناظري في وسط قلبي نزول
ومنها:
يا من أعار الغصن قدّا إذا
…
ماس به أذهل كلّ العقول
كم حرّم الوصل
…
كما ترجم ال
…
حسن على خدّيك أن لا وصول
وأنشدني أيضا لنفسه يتغزل: [من الخفيف]
يا بديع الجمال يا من إذا [ما]
…
ماس أزرى بالذّابل الخطّار
/97 أ/ ورد خدّيك قد كساني سقما
…
إذ تبدّى من تحت آس العذار
فيك معنى من الغزال ولولا
…
ذال ما كنت مولعا بالنّفار
وأنشدني أيضا لنفسه يمدح السلطان الملك الناصر صلاح الدنيا والدين ركن الإسلام والمسلمين أبا المظفر يوسف بن محمد بن غازي- أدام اله دولته-: [من الكامل]
قسما بسحر فواتر الأجفان
…
وبغصن بان قوامك الفتّان
إنّي كئيب لا أفيق من الجوى
…
متململ من خيفة الهجران
من لي بظبي قد أصاب مقاتلي
…
يسبى بسحر لحاظه الثّقلان
هجرانه إن دام متّ بحسرتي
…
ووصاله إن أعاد لي أحياني
ملك القلوب بلحظه وبلفظه
…
فلذاك قلبي في يديه عاني
ومنها:
/97 ب/ أحبابنا رحلوا وواصل بعدهم
…
وجدي كما جفت الكرى أجفاني
فرضوا على سهاد عيني بعدهم
…
فرضوا بذاك ولم يبن خسراني
لله ريم رمت منه زورة
…
فأبى وأرّق ناظري وقلاني
مذ عاينت عيناي وردة خدّه ال
…
قاني ففي بحر الهوى ألقاني
إن صدني عجلا وردّ وسائلي
…
خجلا ومن هجرانه أرداني
فلأظفرنّ بكلّ ما أمّلته
…
بمدائحي للناصر السّلطان
وأنشدني فيه أيضا لنفسه يمدحه: [من البسيط]
ألام ألام القلب خانه القدر
…
وقد غدا بصلاح الدين ينتصر
وما لآمال هذا الصّبّ خائبة
…
وقلبه دون كلّ النّاس منكسر
وجود جودك قد عمّ الأنام بلا
…
سؤال [سؤل] وبالآمال قد ظفروا (1)
وقد تكرّر مطلوبي وإنّ لي النّ
…
فس الأبيّة حتى بنفد العمر
فما لحظي كخطّي ناقص أكذا
…
كلّ المحبّين ما يقضى لهم وطر
حاشاك ترجع آمالي مخيّبة
…
وسعر شعري قد سارت به السير
/98 أ/ أو أن يروح حسودي وهو مبتسم
…
جذلان من كون كسري ليس ينجبر
وأنت أندى الورى كفّا وأعظمهم
…
قدرا وبالعرف والمعروف مشتهر
وأنشدني أيضا نفسه من أبيات طويلة يرثي بها والدته –رحمها الله تعالى -: [من الطويل]
نعم هذه يا صاح أطلال عزة
…
وآثار من غرّت وصدّت وعزّت
وملعب آرام بسحر لحاظها
…
رنت ورمت قلب المعنّى فأصمت
أأحبابنا زاد اشتياقي ووحشتي .. إليكم وأنتم في فؤادي ومهجتي
فمقدار شوقي لا يحدّ إليكم
…
ولا حسرتي تفنى ولا فيض عبرتي
وقفت على وادي الغضا أسأل الرضا
…
فلم تشف روحي بل على الهلك أشفت
وأما وليال كدّر البين صفوها
…
وأطنب في تفريقنا والتشتّت
وحملني ما لا أطيق وما كفى
…
احتمالي له حتّى بفقد أحبّتي
وأنشدني له أيضا من قصيدة أولها: [من الكامل]
/98 ب/ سهم اللّحاظ رمى الفؤاد فأغرضا
…
واختار رائشه البعاد فأعرضا
قمر على غصن تكامل وصفه
…
فات الصّفات فكم فؤاد أمرضا
أحبابنا هل عندكم هذا رضا
…
أحشاء صبّ حشوها جمر الغضا
شوقا إليكم لو تحمل بعضه
…
رضوى لأهوى صلده وتقوّضا
بنتم فكم في عبرتي من عبرة
…
لمتيّم يقضي ونحبا ما قضى
ونسيتم لمدّله من بعدكم
…
وله براه جوى تذكّر ما مضى
صبّ يرى [أنّ] الوداد على النّوى
…
فرضا فكيف يسرّكم أن يرفضا
وحياتكم إنّي أرى هجرانكم
…
عين الرّضا إذا كان عندكم رضا
لا كان حادي العيس كدّر صافيا .. وأمرّ حلو العيش ساعة قوّضا
وأنشدني لنفسه: [من السريع]
يهني اشتياقا كلّ عن وصفه
…
كلّ لسان ناطق بالصّواب
مثن على فضلك يا خير من
…
قد ولي الحكم وفصل الخطاب
وأشعاره كثيرة، وفيما كتبنا منها فيه مقنع وغنى
[879]
هاشم بن يحيى بن سالم بن يوسف بن كامل بن نصّار، أبو المفاخر بن أبي الفضل التنوخي.
من أهل حلب، وممّن يقول الشعر بها ويمدح. وكان من الشيعة المغالين في المذهب.
أخبرني أنه ولد تقديرا في سنة اثنين وسبعين وخسمائة بحلب، وتوفي بها ليلة يوم الثلاثاء الثاني عشر من جمادى الأولى سنة اثنين وأربعين وستمائة، ودفن بمشهد الدكة غربي المدينة.
وكانت له نعمة حسنة، وحال جيدة، ورزق صالح. وكن مع ذلك يسترفد وينتجع بأشعاره، ولم يكن شعره بذاك إلا [أنّ] معظمه نازل ركيك، خال من المعاني والعيون، وهو يشتمل على مدائح وغيرها، ويدخل في مجلدين.
لقيته في حلب يوم الإثنين الخامس جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وستمائة. واستنشدته فأنشدني لنفسه يمدح الأمير بدر الدين أبا الفضائل لؤلؤ بن عبد الله صاحب الموصل: [من الكامل]
/99 ب/المجد أعلى ما بناه الباني
…
والشكر أحلى ما جناه الجاني
والعلم فخر والسّماحة رفعة
…
والفضل بين يد وبين لسان
والجود والإحسان خلّة ماجد
…
يعتادها في السّرّ والإعلان
وكذا الندى والباس لا يحويهما
…
إلاّ الهمام الشّامخ التّيجان
والغارة الشّعواء لا يقوى بها
…
في الحرب إلاّ فارس الفرسان
ونداوة الكفين ليس ينالها
…
إلاّ امرؤ رجم الدّنى بهوان
الذّكر باق والمديح مدى المدى
…
والمال شيء فان (1)
والنّشر بين الخافقين علامة
…
تسمو بصاحبها على كيوان
وترى الجميع خصال بدر الدّين وال
…
دّنيا خدّين الجود والإحسان
ربّ الفضائل مالك الرّق الّذي
…
دهري إليه بلطفه الجاني
حامي حمى الإسلام رافع قدره
…
ومبيد عداه بحدّ سنان
ملك المحامد كلّها فصفاته ال
…
حسنى وحاز شجاعة الشجعان
لو أنّ رفعة قدره تسمو به
…
لسما على الجوزاء والسّرطان
والكفّ بحر والمدائح ساحل
…
وبنانها من جملة الخلجان
/100 أ/ معزى بنجح الطالبين وفلّ جيش
…
المارقين وفك أسر العاني
وبنجدة المستصرخين وبغية ال
…
عافي وعين إعانة الولهان
ومحاق إملاق ويسرة معسر
…
وجزيل إطعام ومدّ خوان
أسد فرافصة إذا عاينته
…
في يوم معركة ويوم طعان
تلقاه كاللّيث الهصور إذا تصا
…
دمت الجحافل والتقى الجمعان
آراؤه حفظ البلاد ورأيه
…
عين السّداد ودهره يومان
يحنو على قصّاده وعفاته
…
نفسي الفداء لقلب ملك حاني
في الأرض سبع أبحر ويمينه
…
في كلّ أنملة لها بحران
صدقاته أقصى البلاد مذاعة
…
وهو البعيد برّه متداني
يا ربّ بالبيت العتيق وبالنب
…
يّ المصطفى ومكّلم الثّعبان
وبحرمة الحرمين والمدفون في
…
السّرداب والأستار والأركان
وبحقّ ما بيّنت في الألواح والتّ
…
وراة والإنجيل والقرآن
وبحقّ طاها والحديد هل أتى
…
والطّور والأعراف والفرقان
أدم البقاء لمالك الرّقّ الّذي
…
ملكت أياديه الحسان عناني
/100 ب/ الملك بدر الدّين خبر مؤمّل
…
للمعتفين وفكّ أسر العاني
فالله يبقيه ويحرس ملكه
…
ويقيه شرّ طوارق الحدثان
لازال في عزّ مقيم دائم
…
أبدا عزيز الملك والسّلطان
وأنشدني لنفسه يصف الشمعة: [من الطويل]
ومقدودة مثل القضيب جليدة
…
بقدّ رشيق كالرّديني مقدود
ولهذم نور كاد يطعن في الدجى
…
بحدّ سنان من سنى النّار أملود
تبيت تضاهي من شهودي ثمانيا
…
بمجلس شرب غصّ باللهو مشهود
نحولي وضرّي واصفراري ووحدتي
…
وذلّي ودمعي واحتراقي وتسهيدي
وأنشدني لنفسه يصفها أيضا: [من الطويل]
تشابهني فيما أعاني ضئيلة
…
تكرّ على جيش الدّجى بصديع
تبيت تحاكي من شهودي ثمانيا
…
وتصنع فيما تلتقي كصنيعي
نحولي وصبري واصفراري ووحدتي
…
وضرّي وحرقي والفنا ودموعي
/101 أ/ وأنشدني لنفسه من قصيدة أولها: [من البسيط]
لولا فرقك ما طلّ الغرام دمي
…
ولا هما من عيوني صيّب الدّيم
ولا حكت زفراتي في تصعّدها
…
جمر الغضا حين يبدو زائد الضّرم
واها لطيف خيال زار ذا كمدا
…
فعاش من بعد ما أشفى على العدم
وعاد يوسعه هجرا ويبعده
…
وكيف يطرق صبا فيك لم ينم
يا درّة الخدر ها روحي لديك وجثـ
…
ـماني وقلبي ففيما شئت فاحتكمي
أنامل وخدود قد نهبن دمي
…
فمرّ شطرين بين الورد والعنم
ومنها في المديح:
مجرّد المال جودا من خزائنه
…
وممد البيض في اللّبّات واللّمم
مبدّد ما جناه الباس من نعم
…
وجامع ما حواه النّاس من كرم
وأنشدني أيضا لنفسه يمدح: [من الرجز]
دع المعنّى واله عن عنائه
…
فحسبه معذّبا بدائه
/101 ب/ وخلّ عن عذل محبّ هائم
…
لا تسعد البين على بلائه
أصبح من فرط جواه والأسى
…
يعدّ كأس الموت من شقائه
رقّ له شامته وربما
…
لان له الجلمد من بكائه
بكى زمانا مرّ من دموعه
…
وعاد يبكي اليوم من دمائه
باح بما كان يجنّ من جوى
…
وأظهر المكتوم من خفائه
لحبّ طبي أغيد جبينه
…
يكسف نور الشمس في ضيائه
كأنه بين الأنام كوكب
…
يسحب ذيل اللّيل من ورائه
فهل رأيتم بشرا من قبله
…
يطلع بدر التمّ من قبائه
ومنها في المديح:
سلّم إلى الله لتضحى سالما
…
فلا مفرّ اليوم من قضائه
ثمّ إلى عليّ الملك الّذي
…
قد أصبح العالم في نعمائه
ذي الجود سيف الدّين والدّنيا ومن
…
لا يهتدي النجم إلى اهتدائه
ومنها يقول:
ورتبة على الورى سامية
…
قد فاقت العيّوق في سمائه
/102 أ/ زرّ على الأرضين جيبيه وقد
…
جللها الفاضل من ردائه
ومنها قوله:
من ذا الّذي يدرك عدّ فضله
…
وبعض ما سطر من آلائه
أو جمع ما يعرف من بأسه
…
والدهر قد يعجز عن إحصائه
دعوه لهيجاء فهو كفؤها
…
ولستم والله من أكفائه
جلّ عن المدح فكلّ مادح
…
إخاله يطنب في هجائه
جمّع شمل الجود من شتيته
…
وضمّ ما فرّق من أجزائه
وأنشدني لنفسه: [من الطويل]
وليلة جئنا حانة الحيّ عصبة
…
كراما تضاهى في الكرام الكواكبا
وبتنا نرى أيدي السّقاة مشارقا
…
لشمس مدام والشّفاه مغاربا
ويعلو خدود الشّرب بعد غروبها
…
من الشفق المحمرّ مبد عجائبا
فأوجههم تحكي بدورا وقد بدت
…
لنا بازغات والأكفّ سحائبا
وأغيد ممشوق القوام مهفهف .. يجرّد من جفنيه سحرا قواضبا
يميل على الندمان سكرا وينثني
…
يغازلنا حتى قضينا المآربا
وقمنا ركبنا بعد مركوبنا المنى
…
إلى ما يقرّ العين جردا سلاهبا
وأنشدني لنفسه من قصيدة أولها: [من الطويل]
ألمّت بنا واللّيل مرخى الذّوائب
…
هلالية كالبدر بين الكواكب
ومنها في المديح:
فتى مهرت كفّاه في الجود والنّدى
…
وكلّ لبيب ماهر في التّجارب
يبيت أناس في الخمول وهمّه
…
لتبديد مال أو لجمع مقانب
له ثوب فخر يملأ الأرض ظلّه
…
ثبوت ثبوت الرّاسيات الرّواسب
يجر على ظهر المجرّة ذيله
…
فتعنو له أمّ النّجوم الثّواقب
يحدّث عن أخباره بنوادر
…
ويخبر عن آلائه بعجائب
يقصّر عن إدراكها كلّ حاذق
…
ويعجز عن إحصائها كلّ كاتب
وأنشدني لنفسه يصف النّار: [من المنسرح]
/103 أ/ كأنّما نارنا قد برزت
…
تخال في حلّة من النّور
سلافة كالحريق صافية .. مشرقة من وعاء بلّور
أو قصبات من النّضار وقد
…
ذرّ عليها سحيق كافور
وأنشدني له فيها أيضا: [من مخلّع بسيط]
ملت من البدر نحو خدر
…
أضرمت ملء المكان نارا
فارتفعت السن عليها
…
ترفع من وقدها شرارا
وعدت في حالتي سريعا
…
لمستها ما وجدت نارا
وأنشدني لنفسه في يوم شديد البرد: [من السريع]
ويوم قرّ ريحه عاصف
…
جار على ضعفي وإعساري
تودّ عين الشّمس من برده
…
في الأفق أن تسخن بالنّار
وأنشدني لنفسه في جمع مشاهد الأئمة-صلوات الله عليهم وسلامه-: [من الطويل]
/103 ب/ مشاهد طوس والغريّ وكربلا
…
وطيبة والزورا إلى سرّ من رأى
غذا حلّ منها زائر أيّ تربة
…
تناديه من أقطارها سرّ من رأى
وأنشدني لنفسه: [من الوافر]
إذا كشف الغطاء عن الّسرير
…
ونودي بي هلمّ إلى السّرير
ولاحت من مرقّعتي سطور
…
بهنّ نحافة الدّنف الضّرير
وساقتني على مهل رجال
…
وكان من قعر مظلمّة مصيري
فغفو ثمّ عفوا ثمّ عفوا
…
وإحسانا إلى يوم المصير