الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر من اسمه هبة الله
[880]
هبة الله بن إبراهيم بن محمد بن الحسين بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الكندي، المعروف بابن مراجل.
من أهل حماة وأشهر بيت في الأصالة، يكنّى أبا القاسم.
كان يتصرّف لملوك زمانه في الولايات الرفيعة، ويحترم لبيته ومنصبه. وكان والده وزيرا للأمير فخر الدّين الزعفراني، وخدم للملك المظفر تقي الدين عمر بن شهناه بن أيوب -صاحب حماة-.
وأبو القاسم -ولده هذا- كان واسع المروءة، كبير النفس. توفي بحماة سابع عشر من رجب سنة سبع عشرة وستمائة عن اثنتين وخمسين سنة. وكان ربّما جاد طبعه بأبيات من الشعر حسنة.
وأنشدني ولده الرئيس الأجل نجم الدين أبو المعالي محمد بحلب المحروسة في سنة سبع وأربعين وستمائة، قال: أنشدني والدي أبو القاسم لنفسه مبدأ قصيدة: [من الطويل]
/104 ب/ جسم كما حكم الغرام نحيل
…
ومتيّم بعد الفراق عليل
ومدامع تجري سحائبها دما
…
فلها بوجنات الخدود مسيل
وأضالع فيها لهيب دائم
…
بين الحنايا والحشايا مشغول
الله يجمع بيننا وتضمّنا
…
دار الحبيب فنلتقي ونقول
[881]
هبة الله بن أبي البشر بن أبي المواهب بن شراقيّ، أبو البركات المصري.
كان في دولة الملك الأشرف مظفر الدين شاه أرمن موسى بن أبي بكر بن أيوب كاتبا، وله شعر قريب الأمر.
أنشدني أبو الفضل عباس بن زوان بن طرخان. الموصلي بإربل، قال: أنشدني أبو البركات بن شراقي المصري لنفسه يمدح الملك الأشرف من قصيدة: [من الطويل]
أما أنت يا موسى سليمان حكمة
…
ولكنّ لم تفجأ بغيبة هدهد
بساطك فيه الأنس للأنس دائم
…
وما الجنّ إلّا حدّ عضب مجرّد
لك الرّيح تجري في مرادك بالمنى
…
كذا الطّير بالبشرى تروح وتغتدي
وخاتمك الأعلى أمان لخائف
…
وما فعل بلقيس لديك بموصد
/105 أ/ فكملك من عرش إلى عرش أسّه
…
وكم لك من صريح بهيج ممرّد
وكم لك من جند نصير وكم ندى
…
وكم منّة في الله تسدى وكم يد
فسدوأنم وانعم واعل واسلم وصل وصل
…
ومر وأنه واسعف واعف واقبل ومهّد
وقم واغز أعداء الكتاب بهمّة
…
وقل للكتاب اخضع إذا جدت واسجد
وحطّمهم
…
ولا تبغ عودهم
…
بمسكنهم وانزل بعكّ وشرّد
فدمياط قد أضحت ميسّرة كما
…
بتيسيره من كلّ فتح مؤيّد
وأنشدني الصاحب الوزير شرف الدين أبو البركات المبارك بن أحمد بن المبارك بن موهوب المستوفي الإربلي بها-رضي الله عنه قال: أنشدني أبو البركات بن شراقي المصري لنفسه: [من الطويل]
على مثل هذا اليوم كانت مطالبي
…
تطالبني حتى بلغت مآربي
فلله ما قدّمت من خير سفرة
…
وللشّكر ما أسدت إليّ ركائبي
/105 ب/ وللأشرف السّلطان منّي قصائد
…
وقصد إلى أبوابه غير خائب
همام إذا الأعداء رامت نواله
…
ففي كلّ ناد منهم ألف نادب
إذا شاء أن يعلو إلى العرش رفعة
…
تدانت له الأفلاك قبل الكواكب
[882]
هب الله بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن رزين، القاضي السعيد، أبو القاسم بن أبي الفضل المصري.
كان جدّه يلقّب سناء الملك، وكان فيما ذكر عنه رجلا من أهل ديار مصر، وكان له ثروة ومال واسع، ومن مجوه أهلها وكبرائهم، وأرباب النعمة. ومات وخلّف ولده جعفرا، وكان له مضاربات وقروض وتجارات اكتسب بها أموالا جمّة، ولم يكن له شيء من العلم ما يشتهر به.
ونشأ له ابنه أبو القاسم هبة الله هذا فتردد بمصر إلى الأديب القاضي أبي المحاسن البهنسي النحوي، فقرأ عليه أدبا ونحوا، وعاشر في مجلسه رجلا مغربيا. وكان يتعانى عمل الموشح المغربي والأزجال، فوقفه على أسرارها، وباحثه/106 أ/ فيها، وكثّر حتى انقدح له في عملها ما زاد على المغاربة حسنا واتقانا، وعانى بعد ذلك فنّ البلاغة والكتابة، ولم يكن خطّه بالجيد فجعل في جملة كتاب الإنشاء بديوان ملوك مصر، وأجري عليه لذلك رزق كان يتناوله، حضر الديون أو لم يحضر، وحبه أهل الدولة لدماثة كانت فيه، وحسن عشرة وتودّد، فسار له ذكر جميل.
وصنف كتبا منها كتاب "حصائد الشوارد"(1) ، وكتاب "مراسلات"(2) ، وكتاب "الموشحات" سماه "دار الطراز"(3) ، و"ديوان شعره".
أخبرني الصاحب الإمام أبو القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة الفقيه الحنفي العقيليّ بحلب –أيده الله تعالى- قال: أخبرني أبو محمد عبد العظيم بن أبي الأصبع العدواني الشاعر المصري، قال: أخبرني جلال الدين المكرّم أبو الحسن موسى بن الحسن بن سناء الملك بالقاهرة، قال /106 ب/ دخلت على القاضي السعيد أبي القاسم هبة الله بن سناء الملك في مرضه الذي مات فيه، فلما رآني بكى وأشار إليّ فجلست وأخذت في تسليته، وقلت له فيما قلته: لقد رأيت الدنيا ونلت من ملاذّها ما لم ينله غيرك من أهل بيتك حتى أنك اتخذت لنفسك فراشا من العنبر، وأنت اليوم فعلى قدم خير. وكان قد تاب قبل موته بسنة، وحسنت حاله، فأشار إلى الدواة، مقال لي: كتب، وأملى على (1):[من المسرع]
أحسنت الدّنيا الّتي استرجعت
…
منّي تلك الحالة الفاخره
ما شغلت بالي بتقبيحها
…
إذ فرّغت قلبي للآخره
قال: فقلت له: أذكر الله، فقال: أنا في ذكره، قال: فما خرجت من عنده إلى الباب حتى مات.
قال ابن أبي الإصبع: وكنت سألت أبا الحسن المكرّم عن قوله: اتخذت لنفسك فراشا من العنبر، فقال: كان قد اتخذ له فراشا شربا ببطانة وظهارة، وأذاب العنبر مع المسك والعود /107 أ/ على النار، وطلى البطانة والظّهارة به، ثم اتخذ العنبر تماثيل وحعلها عليها شبيها بالنقش، وكان ينام فيه. وكانت يوم وفاته الأربعاء الرابع من رمضان سنة ثمان وستمائة. وكان مولده –فيما بلغني- في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
أنشدني أبو منصور المظفّر بن يوسف بن أبي منصور العصافيري الموصليّ بها ، قال: أنشدني القاضي السعيد ابن سناء الملك لنفسه بمصر من موشحاته (2):
يا من بكيت على الدّمن
…
من أجلها أسفا وحزنا
ورأيت أحداث الزمن
…
قد اشتفت منها ومنّا
لا تسأل البستان عن
…
رمّنه وسل المعنّى
قد صار في نهديك
…
ما كان في خدّيك
من قبل ذلك جلّنارا
***
أخشى عليك من العذول
…
كما أمنت من العواذل
/107 ب/ وكأنّ قلبي أن يميـ
…
ـل قوام قدّك في الغلائل
فلئن صحوت من الشمو
…
ل فما صحت منك الشّمائل
فالموج في ردفيك
…
والميل في عطفيك
إخال أنّهما سكارى
***
أنت الحبيبة لا سواك
…
كما هواك هو الحبيب
لا أبتغي إلاّ رضاك
…
ولو تقلّبت القلوب
وإذا دعا داعي هواك
…
ولو يجب فأنا أجيب
يا عاشقها لبّيك
…
ويا حمام الأيك
لبّى الغرام معي مرارا
***
قد حل بي ما لا يطاق .. . من الغرام ولا يحدّ
وكلاهما عذب المذاق
…
كأنّه سمّ وشهد
يخشى عليّ من العناق
…
لها فتضحك ثمّ تشدو
إليك عنّي إليك
…
خلّني من يديك
فبسكر بسكر طرارا
***
/108 أ/ وأنشدني أبو المحاسن يوسف ين عبد العزيز بن إبراهيم المصري
المعروف بابن المرصص الشاعر بحلب، قال: أنشدني أبو القاسم هبة الله بن سناء الملك لنفسه في غلام جميل حضر حومة الشلاق فأصابه فأصابه فكسرت أسنانه (2): [من الخفيف]
نثر الدّهر عقد ثغر حبيبي
…
فدموعي عليه تحكي انتثاره
كلّ سنّ كالأقحوانة كانت
…
فغدت بالدماء كالجلّنارا
كان في حومة الشّلاق وما كا
…
ن بعيدا في جملة النّظّارة
فأتته الأحجار شوقا وزارتـ
…
ـه فلا مرحبا بتلك الزيارة
ما كفتنا تلك الملاحة منه
…
وأرانا ملاحة وشطارة
كيف ينسى الفؤاد حبّ حبيب
…
حسدتني عليه حتّى الحجارة
/108 ب/ وقال في صديق له كيّس: [من السريع]
لي صاحب أفديه من صاحب
…
حلو التأنّي حسن الإحتيال
لو شاء من رقّة ألفاظه
…
أصلح ما بين الهدى والضّلال
يكفيك منه أنّه ربّما
…
قاد إلى المهجور طيف الخيال
ومن بديع قوله في وصفة الخمر: [من الطويل]
عروسكم يا أيهاّ الشّرب طالق
…
وإن فتنت من حسنها كلّ مجتلي
دفعت لها مالي وعقلي معجّلا
…
فقالت: وجنّات النعيم مؤجّلا
وقال في المجون: [من السريع]
يا ربّ علق قال لي: مرّة
…
يا هاجري ظلما ولم أهجر!
معتزليّا صرت قلت: اتئد
…
واعتب على مبعرك الأشعري
وقال: [من الطويل]
/109 أ/ أذمّ شبابا لم أذق فيه لذّة
…
ولا نلت منه لا حراما ولا حلاّ
وأحمد منه أنّني لست باكيا
…
عليه كما يبكي سواي إذا ولّى
وقال في غلام مليح ينظر في النهر: [من مجزوء الكامل]
يا ناظر بالنّهر وهـ
…
ـو بشطّه يتنزه
النّهر كم أزرق
…
وخيال وجهك طرزه
وقال: [من المنسرح]
إن لبس البدر عقد أنجمه
…
فعقد ذا البدر درّ مبسمه
أو كان مسك الغزال سرّته
…
فمسك هذا الغزال في فمه
وقال في ابن مروان وابن المليحي: [من السريع]
إنّ أمين الحكم في مصرنا
…
يخون حتّى في مياه الرّجال
وكلّما أودعه الدّنى في
…
مبعره أفرغه في الغزال
والصّدر قد هام ضلالا به
…
ما يصبر النّاس على ذا الضّلال
/109 ب/ وقال في الحكيم ابن قوقا، وقد بلغه انّه تاب عن شراب الخمر:[من الطويل]
سمعت حديثا ليتني لا سمعته
…
فعندي منه مقعد ومقيم
بأنّ الحكيم الآن قد هجر الطّلا
…
وقد تاب منها والحكيم حكيم
وما كنت أخشى أن يتوب لظرفه
…
كما لست أخشى أنّه سيصوم
أتهجر شمس الرّاح وهي منيرة
…
وتترك وجه البدر وهو وسيم
وكم من يد عند الحكيم لكأسه
…
غدت ولها حقّ عليه عظيم
أنامت له من لا ينام وربّما .. . أقامت له ما لا يكاد يقوم
وذلك إنعام قضى بنعيمه
…
ومن جحد الإنعام فهو أثيم
فإن قال: إنّي قد سئمن بشربها
…
فقد يعشقون الجسم وهو سقيم
وإن قال: إنّي قد سلمت فإنّه
…
كما قيل يوما للدّيغ سليم
على الكرب من بعد الحكيم كآبة
…
وللجام من بعد الحكيم وجوم
ومن بعده زوج الخلاعة طالق
…
ومن بعدها أمّ السّرور عقيم
/110 أ/ وطمّنني إبليس حين عتبته
…
بأن قال: هذا الأمر ليس يدوم
فإن تسألوني بالحكيم فإنّني
…
خبير بأدواء الحكيم عليم
إذا خبى وجه المصيف فإنّني
…
بتحليل ناموس الحكيم زعيم
على إنّه إن قال: قد تاب مخلصا
…
وخاف عقاب الله وهو أليم
فتوبته بسوء ظنّ بربّه
…
تعالى وإلاّ فالكريم كريم
وقال يمدح الملك الناصر صلاح الدّين أبا المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي –رضي الله عنه ويهنّيه بالبرء من مرضه: [من الكامل]
نظر الحبيب إلىّ من طرف خفي
…
فأتى الشفاء لمدنف من مدنف
ودنا يسكّن نار قلبي خدّه
…
أسمعتم نار بنار تنطفي
وأرادت العبرات عادة جريها
…
أو جرى عادتها فقلت لها قفي
كفّي فقد جاء الحبيب بما كفى
…
وصلا وعاشقه المروّع قد كفّي
/110 ب/ ومليّة بالحسن يسخر وجهها
…
بالبدر يهزأ ريقها بالقرقف
لا أرتضي بالشمس تشبيها بها
…
والبدر لا بل أكتفي بالمكتفي
الحسن تبرزه بغير تصنّع
…
والملح يبرزها بغير تكلّف
تتلو ملاحتها محاسن وجهها
…
فتريك معجز آية في الزّخرف
وتقول من هذا وقد سفكت دمي
…
ظلما وتسأل عن فؤادي وهي في
لا شيء اعجب من تلهّب خدّها
…
بالماء إلاّ حسنها وتعفّفي
أنا أنتوي عنها لئلاّ أرتوي
…
أتظنّ أنّي أشتهي أن أشتفي
لا سار عشقي لا أقام تصبّري
…
لا قلّ مع نيل الوصال تلهّفي
وكذاك قل للبدر يا بدر الدّجى
…
لا وجه إن تبدو بوجه أكلفي
وكذاك قل للشّمس يا شمس الضّحى
…
جاء الأمان إليك من أن تكسفي
واشفع بسائر برئه ثمّ انظروا
…
بحمد الصّليب به وبشر المصحف
حاشاك من صرف الزّمان فإنّه
…
بك للأعادي ماله من مصرف
وقال وهو بالشّام يتشوّق إلى الدّيار المصرية (1): [من البسيط]
/111 أ/ يا منية القلب لولا أن يقال سلا
…
قلت: ما كنت أعصي القلب لولاك
رميت من مصر قلبا بالشّام فما
…
أسراك سهما إلى أحشاء أسراك
أسرفت في الصدّ إذ أسرفت فيك هوى
…
فالعذل والعدل ينهاني وينهاك
نأيت يقظي وقد ألقاك هاجعة
…
وفي الحقيقة أنّي لست ألقاك
كم صاد طيفك طرفي بعد هجعته
…
فالجفن فخي والأهداب أشراكي
ردّي ودائع لثم جئت أطلبها
…
ما كان أوفاك إذ أودعتها فاك
نشوان لم أدري من لهوي ومن طربي
…
أمن محيّاك سكري أم حميّاك
وإذ جمالك قد أودى جميلك بي
…
وبالتّعطّف قد أعلاك عطفاك
وإذ مغانيك بالأنوار زاهية .... حتّى لقد خلت في مغناك معناك
رحلت عنكم وقد أولعت بعدكم
…
فما بذكرك أو قلبا بذكراك
وما أظنّ ونار القلب مسكتكم
…
بأنّني فيه قد أكرمت مثواك
فما مررت بربع كان ربعكم
…
إلاّ ظننت صداه أنّه شاكي
وقال أيضا، وكان قد جلس في بستان له /111 ب/ واستوحش من بعض أصدقائه (2):[من الطويل]
جلست ببستان الجليس وداره
…
فهيّج لي مما تناسيته ذكرا
وسقّيت جم الكأس ساعة ذكره
…
فلم يستطع من ليل همي من مسرى
فيا ساقي الكأس الّتي قد شربتها .... رويدك إنّ القلب في أمّة أخرى
ويا أفق لو كان الحبيب مضاجعي
…
لما سألتك العين أن تطلع البدرا
ولو وصلت سود اليالي بشعره
…
لما خشيت من غير غرّته فجرا
تذكّرت وردا للمليح محجّبا
…
يمدّ عليه ظلّ أهدابه سترا
فصرت أجازي القلب من أجل ذكره
…
فيقتلني ذكرا أو أقتله صبرا
أقبّل ذلك الطّلّ أحسبه اللّمى
…
وألثم ذلك الزّهر أحسبه الثّغرا
وكم لائم لي في الّذي قد فعلته
…
وكم قائل دعه لعلّ له عذرا
لأجلك يا من أوحش العين شخصه
…
أنست بسهد يمنع العين أن تكرى
وقاسيت منك الغدر والهجر والقلى
…
وأنفقت فيك الشعر والعمر والدّهرا
وأفلس طرفي حين أنفق دمعه
…
فأجرى فمي درّا يسمّونه شعرا
وفارت عزّا بالشّام لألتقي
…
بمصر الّذي من حسنه فضّلوا مصرا
/112 أ/ لئن طبت في متنزّه لم تكن به
…
فلا زلت ألقى عندك الصّدّ والهجرا
ولو كنت في بصري وحسبك لم أقل
…
أيا بصري لا تنظرنّ إلى بصرى
وقال أيضا: [من الطويل]
تركت حبيب القلب لا عن ملالة
…
ولكن لذنب أوجب الأخذ للترك
أراد شريكا في المودة بيننا
…
وإيمان قلبي قد نهاني عن الشّرك
وإنّي منه في عقابيل طربة
…
وتبقى ويمضي المسك رائحة المسك
وقال أيضا: [من الطويل]
وغانية من بعد عشرين حجّة
…
أقول لها قولا لديه ثواب
عليك زكاة فاجعليها وصالنا
…
فإنّك في العشرين وهو نصاب
وقال في معشوقه مفضّل لما حبس وضرب (2): [من الطويل]
فديت الّذي لم يضربوه لريبة
…
ولكن ليبدو الورد في سائر الغصن
ولم يودعوه السجن إلاّ مخافة
…
من العين أن تعدو على ذلك الحسن
/112 ب/ وقالو: وكما شاركت في الحسن يوسفا
…
فشاركه أيضا في الدخول إلى السجن
وقال في الإمام عماد الدّين أبي حامد بن محمد بن حامد الكاتب الأصفهاني لما صنف الكتاب "خريد القصر وجريدة العصر"يهجوح: [من السريع]
خريدة أفّيه من نتنها
…
كأنها من ريح أنفاسه
فنصفها الأول في ذقنه
…
ونصفها الآخر في راسه
وبلغ هذان البيتان عماد الدين الكاتب، فجعل يردّدهما ويستحسنهما ويقول: والله لقد أحسن وإن أساء إلى في الهجاء.
وقال أيضا: [من الطويل]
تكمّل فضلي بعد عشرين حجّة
…
فكيف زقد جاوزتها بثلاث
/113 أ/ وأفنيت عمري في مدائح معشر
…
كموتى ولو أنصفت كنّ مراثي
وقال أيضا: [من مخلّع بسيط]
قولوا لمن قال: إنّ هجوي
…
يفوق مدحي بلا امتراء
صدقت يا مانعا ثوابي
…
من ويا قاطعا رجائي
كآبة الكذب في مديحي
…
ورونق الصّدق في هجائي
وقال أيضا: [من الوافر]
رأيت العشقين ولست منهم
…
وآخرهم شقاء لا سعاده
فعشّاق العلوق إلى بغاء
…
وعشّاق القحاب إلى قياده
وله يذمّ الشمس: [من السريع]
لا كانت الشّمس فكم أصدأت
…
صفحة خدّ كالحسام الصّقيل
وكم وكم صدّت بوادي الكرى
…
طيف خيال جاءني من خليل
وأعدمتني من نجوم الدّجى
…
ومنه روضا بين ظلّ ظليل
تكذب في الوعد وبرهانه
…
أنّ سراب الفقر منها سليل
وتحسب التهر حساما فتر
…
تاع وتحكي فيه القلب الدّليل
/113 ب/ إنّ صدئ الطّرف فما صقله
…
إلاّ التّملّي بالحميّا جميل
وهي إذا أبصرها مبصر
…
حديد طرف راح عنها كليل
يا غلّة المهموم يا جلدة الـ
…
ـمحموم يا زفرة صبّ نحيل
يا قرحة المشرق عند الضّحى
…
وسلحة المغرب عند الأصيل
أنت عجوز لم تبرّجت لي
…
وقد بدا منك لعاب يسيل
وأنت بالشيطان قربانة
…
فكيف تهدينا سواء السّبيل
وقال أيضا: [من الوافر]
أما والله لولا خوف سخطك
…
لهان على محبك أمر رهطك
ملكت الخافقين فتهت عجبا
…
وليس هما سوى قلبي وقرطك
وهذه فصول من كلامه المنثور ومنه:
"كتبت وأنا أحمد الله الذي أحمده لأني أحمده، وأشهد لأنّي أشهده، وأعترف له بالعبودية لأني بالربوبية أعرفه وأصفه، ولا أحيط بشيء منه حين أصفه.
أنعم عليّ متفضّلا /114 أ/ وتفضل علي منعما، وأنقذني من ردى، وبصّرني من عمى، ووفّقني وخلقني لينفعني ونفعني لمّا خلقني، وأوردني إلى الدّنيا على بر تقدّمي، ولطف سبقني. ووطأ لي أكناف النّعم، وثنى لي أعطاف الهمم، وعلمني ما لم أكن أعلم، وكفاني قبل القول أن أفحم ، وبعد القول أن أندم، وفضّلني على كثير، وجعل عنايته بي ظاهرة التأثير:[من البسيط]
وقال أيضا في ذكر دولة ورثها:
دولة ورّثها الجدّ السّعيد، وخولها الدر القهر، ومنحها الصر النصر، فركعت لها الأمم، وسجدت لها الدّول، وزالت بها الغمم، وانزاحت بها العلل، وقام بها مائل الملّة، وضحك بها مقبل القبلة،
وخطب بفضلها الأخرس، فطن لها الأبله، ووضحت بها لمن تهين البراهين، ولمن تديل الأدلة/114 ب/ وتمسكت ولكن بالدين، واعتصمت ولكن بالله، سلطانها له من الله سلطان، وأعوانها لها من النّصر اعوان، وسيرته الفاضلة قد سارت بها الركبان، ولكن على العقبان. فالإسلام من طلقائه ، والإيمان من عتقائه، والكفر يجاهره ولكن باتقائه، والشّرك به واقع في شرك انخفاضه وبعد ارتقائه، وعساكر تجعل الصّباح مساء يوم العرض، وسيوفه تجرّ في الأجسام البسط والأرواح القبض، ورماحه تكاد لطولها تمسك السماء أن تقع على الأرض:[من الطويل]
فلو رام برجا في السّماء لما عصى
…
عليه وقرنا في السّحاب لما نجا
فصل في دعاء:
"خلّد الله ملكه، وأبد فتكه، وأعزّ جنده، وأذلّ ندّه، وزيّن دولته بالسعود، ومملكته بالصعود، وجعل ضده المكتوب، مجده المسعود، ونصب مقامه قبلة تقابلاها ملائكة السماء بالسلام، وملوك الأرض بالسجود ولازال محمّر الظّبي، مخضّر /115 أ/ الرّبى، جالسا والأنام في خدمته قيام، ساهر العزائم وملوك الأرض عنها نيام، منصفا بعدله الكرام من الأيام اللّئام، سابقا بسيفه كلام الأعداء فإن حربه أولها كلام، وإن الحرب أولها كلا:[من الخفيف]
كلّما قيل قد تناهى أرانا
…
كرما ما اهتدت إليه الكرام
فصل في دعاء الوزير:
"مولاي ورئيسي، وزير تسعى الملوك ببابه، وتستضيء بشهابه، وتستقي بسحابه، وتدفع خطوبها، وتستمد النصر لكتائبها من كتابه. ونستهدي الإصابة لسامها من صوابه، وتجني فضله صنوانا
وغير صنوان، ومتشابها وغير متشابه. قد قدر بعلو القدر وتصدر، لأنه الصدر، ووطيء على وجه الشمس ومفرق البدر، وملك ناصية المجد، وبلغ قاصية الفخر. ومضى له الحكم ولكن على العصر، ونفذ له الأمر ولكن على/115 ب/ الدهر، وخشعت له قلوب الأنام في السّر والجهر:[من البسيط]
فصل آخر في مثله:
" أدام الله أيامه ومد ظلها بامتداد ظله، وحلل عقدها بيمين عقده وحلّه، وجمع له الفضائل كلها بظهوره على الفضل كله، ولا زال عزّه لا يزول، وحال سعده لا تحول، وأيام دولته لا تقصر، وأيام أعدائه لا تطول. وأقلام يده العالية للأولياء تصل وعلى الأعداء تصول:[من الطويل]
ولا زال ينبي النّاس فضل كلامه
…
بأنّ كلام العالمين فضول
فصل في تقريض رئيس:
"خلق من صلصال الصولة، وحمأ الحميّة، ونفخت فيه روح الأريحيّة، وغذّته الأنفاس الرّوحانية، وربته الألطاف /116 أ/ الربّانية، فجاء منه بشر إلاّ أنّه قمر، وجسد إلاّ أنّه أسد، وإنسان إلاّ أنّه سلطان، وملك إلاّ أنّه ملك:[من الطويل]
وجاء يسدّ الناظرين ملاحة
…
وجاء يسود الحاسدين معاليا
فصل في تقريض منعم:
"ثقّلت على كرمه، وأتعبت على متردّدات نعمه، وأنضيت في السير إلى هاطلات ديمة، وشرهت عليه والشره قبيح، وىثرت من النجح ولكنه المتعب، فكأنه اليأس المريح، وأوفدت عليه مطالبي حتى استحيت، وحملت مننه على عنقي حتى أعييت، وماء الوجه جديد، وماء الحياء بعيد. [من الخفيف]
أخلقت وجهي المطالب منه
…
كيف لي عنده بوجه جديد
فصل في أيام سالفة:
/116 ب/ "سقى الله دارا قضيت فيها اللّبانة، واجتليت فيها البدر زاهرا، واجتنيت منها العيش ناضرا، وبليت بها جلباب الشّباب، وأفنيت فيها رضاب الأحباب. وكانت أول أرض مسّ جلدي ترابها، وجدعي سرابها، ولما أطلت على أطلالها، وآنست طلوع هلالها:[من الطويل]
(ذكرت بها وصلا كأن لم أفز به
…
وعيشا كأنّي كنت أقطعه وثبا) (1)
فصل في شكوى فراق:
"وما يندب الخادم إلاّ نفسه، ولا يبكي إلاّ أمسه، لأنه قد فارق من مشاهدة سيدنا وبركة قربه، وقرب بركته، وتلقّى وفود الفوائد في وجهته من جهته ما جعله مغضوض الناظر، معضوض البنان، مجموع هموم القلب، منثور دموع الأجفان، طالبا من السلوّ ما لا يجده، وهيهات أن يسلو عن الماء الظمآن:[من الطويل]
فذا الجسم قسم بين سقم وعبرة
…
وذا القلب نهب بين فكر وأشجان
/117 أ/ فصل في دعاء:
"أدام الله ظلّ المولى ممدود الرواق بين الآفاق، وأطلع بدور شعوره متضاعفة الإشراق آمنة من لحاق المحاق، وبسط أنامله التي هي مفتاح الأرزاق ومغالق الإملاق، وخلّد أيامه التي هي أحسن الأيام من محاسن الأخلاق وألطف من معاتبة العشاق، ولا برحت ذات ظل صفيق، وحواش رقاق."
فصل في استنجاد:
" الله الله أن ترقد عني والموت منتبه، أو تغفل أمري والأمر مشتبه، أو تنساني وقد ذكرتني الخطوب، أو تسيّبني وقد أوثقتني الذنوب، فقد والله حلّ الخطب الحبا، وسل الحتف الظبا، وبلغ السيل الزّبى، وأنا الرجل الذي ضعف احتماله، وقصّر احتياله، ولاحت مقاتله، وعلم قاتله، وقلّ ناصره، وكثر خاذله، وفات مداراة التلاقي فساده، وأعييت دلالات الخبير مجاهله."
/117 ب/ فصل في وصف مجلس وحال:
ولما غاب العاذل، وجاد الباخل، وأنس الظبي النافر، وسفر البدر السافر، خلعت العذار وعذرت الإنخلاع، وواصلت الوصل، وقاطعت الإنقطاع، وهززت الغصن المثمر، ولثمت الوجه المقمر، وأطعت عناق العناق، وبلغت رسائل الأشواق، وأقدمت على المواضع التي كنت عنها أحجم، وأوردت في الموارد التي كنت عليها أحوم وأحمحم:[من البسيط]
وهل يباعد عذب الماء ذو غصص
…
أو ينثني عن لذيذ الزّاد منهم
فصل في مقال نفس سامية:
"وإنّ لي يا مولاي نفسا تواقة، وهمة ذواقة. لا تقف على حد، ولا تقفو إلاّ على جد، ولا تصير من الدهر على حالة واحدة، ولا تضمر من الهم إلاّ جمرة واقدة، ولا تألو جذبا لعناني، /118 أ/ وعتبا على زماني، واضعا لأمالي الآماني، فأنا طول الدهر أثور ولا اركد، وأسهر ولا أرقد. وأطلب ولكن أين المطلب، وأغالب الدهر على أنه الأغلب. وأتعلق من الأمل بذمام نجم مغرب، وأشتاق إلى نيل الأرب وأين من الأمل عنقاء مغرب:[من الطويل]
فيا ليت شعري ما الذي فيه راحتي
…
وما آخر الأمر الذي أنا طالبه
فصل فيه تنبيه لمتكبّر:
"يا من ازدراني لما رآني، وحقرني لما نظرني، وهرب عني لما قرب مني، لا تغرك أطماري، وانظر إلى آثاري، ولا أثوابي وعليك بآدابي، ولا أسمالي وتفقد أعمالي، فما بالبزّة تنال العزّة، ولا بجدّة السربال يقبل الإقبال، ولا ببقاء الطيلسان ينطق الإنسان ، وينطله اللسان:[من الكامل]
قد يدرك الشّرف الفتى ورداؤه
…
خلق وجيب قميصه مرقوع
فصل في استعطاف:
/118 ب/ "وأنا أستعيذ بالله من ذنب يوجب عتبك، ويملح عذبك، ويصرف قلبك،
ويجعلك ثاني عطفك، ويؤلف تغيرك على إلفك:[من السريع]
لست على هجرك جلد القوى
…
ولا على عتبك شاكي السّلاح
فصل في شوق:
"ما ألأم ظفر الهموم، فإنها كثيرة تتساعد على قلب واحد، وما أتعب معاتب الأيام، فإنها تضرب من معاتبته في حديد بارد، وما أعجب بمن مني بقسوة الأقارب إذا رام الحنو من الأباعد. في لله كم تظلمت إلى مولاي من أغراض كتابه وصدوده، كم شكوت له طول ترقبي لوصوله وتطلعي لوفوده. وبالله لقد نسخ سوء الظن بانقطاع أخباره آية الأشواق، ولقد شغلني الوله عن إنفاق ذخائر الإملاق، ولقد عدل عندي ساعة فراق كتابه يوم الفراق".
فصل في ذمّ:
/119 أ/ "قوبل جميلي بكل قبيح، وسكوتي بكل صريح، {قل كلّ يعمل على شاكلته فربّكم أعلم بمن هو أهدى
سبيلا} ولوتحاكمنا إلى المروءة لا فتضح منا من هو أخجل حجة، وأخزى دليلا، فظفر الضعفاء بالأقوياء مفهوم، فتك الجبناء بالشجعان معلوم، والوفاء في هذه الأيام معدوم، وصاحبه في سلك الليالي منظوم، وذلك المهين فقد سرت منه عقارب لو شئت لأسريت إليه قبالتها سريات، وطن أنه كوى في السر كية ولو شئت لكويته في الجهر كيّات، ولكن علمت الظفر به هزيمة، والإطراح له غنيمة، والغريزة العزيزة، والشيمة الكريمة تبعث على حفظ الصداقة القديمة:[من الكامل]
وإذا باغى باغ عليك بجهله .. . فأقبله بالمعروف لا بالمنكر
فصل في وصف محبوبة:
/119 ب/ " كيف أسلوها وهي لخلبي خلابة، ولغلبي غلابة، وبينها وبين نفسي قرابة، ولم تدع زاوية في قلبي حتى ملأتها صبابة، وما أدلت إلا بالحسن، وما أحست إلاّ بالدلال، ولا كسفت إلا وجوه النساء، ولا كشفت إلا أحوال الرجال، ما الخصر فمجدول، وأما الطّرف فبالكحل مكحول، وأما القد فما قصر وما طول، واما الجد فكالورد إلا أنه لا يحول:[من البسيط]
هي الشّفاء لدائي لو ظفرت بها
…
وليس منها شفاء الدّء مبذول
فصل في اعتذار عن هدنة:
" قامت بيننا حروب، وقامت فيها خطوب الخطوب، وبقيت الدست قائمة فلا غالب ولا مغلوب، ونهك القتال إلى أن ضعف الطالب والمطلوب، فالتجأنا جميعا إلى المهادنة وفي النفوس ما فيها، وحسنّا بادي الوجوه وقبح الحقد خافيها، وأينعت حسائك أنبتتها الصدور، وانعمرت حزازات لا تهدمها الدهور/120 أ/
فالظواهر سليمة، والبواطن سقيمة، والسيوف مغمدة، ولكنها في الأكباد مسلولة، وأيدي الضغائن مبسوطة، وأن كانت أيدي الفتك مغلولة:[من الطويل]
وفينا إن كنّا اصطلحنا تباغض
…
كما طرّ أوبار الجراب على البرّ
فصل في دعاء:
"أدام الله دولته وأدامها ومدّ مدته وأطالها، وصرف إليه الآمال وأمالها، وأمتعه بشكر النعم التي أنالها، ولا زال يستخدم الأفلاك، ويستعبد الأملاك، ويعفر بعرصات جباه الجبابرة، ويفضل بسيرته الفاضلة سير الملوك الغابرة. ويقتطف زهر النصر الأبيض من ورق الحديد الأخضر، ويسل على الأعداء نصل نصر لا يزال رائع المخبر رائق المنظر، وسهل الله للملوك لقاه الذي يجمع بين فمه وتراب موطئه، ويتخلص من بحر الهموم إلى جنابه الذي هو كشاطئه، ويحكم آماله في أمواله، ويهاجر من الهجير إلى ظل إقبال:[من الطويل]
فمن لم ينل منه الغنى فه عاجز
…
ومن لم يعش في ظلّه فهو خائن
فصل في ذكر أحباب رحلوا:
"فأما جيراني فيا ما جاروا لما ساروا، ويا ما عملوا لما احتملوا، ويا ما أمرضوا لما قوّضوا، ويا ما فعلوا لما رحلوا.
شتتوا والله شمل الدموع، ونثروا نظم الظلوع، وأنزلوا على القلوب كيّات الإكتئاب، وقطروا القلوب إلى أذناب الركاب. وكان الأنس بهم مصقول الترائب، والعيش بهم مخضر الجوانب، والجذل بهم أحمر الوجنة، والربع بهم أزهر الدّمنة، والسرور بهم باسم المباسم، والأيام بهم كلها مواسم. وكان الدهر قد غمض عينه عنهم مدة، وعقد بينهم وبينه مودة، ثم نكث وغدر عليهم القدر، وختم صفوفهم بالكدر، وفرقتهم أيدي سبا، وأذهلهم عن التذكير لعهود
الحمى، والتلفت إلى أيام الصبا، فالدار بعدهم داثرة، وكم دارت عليهم دائرة وبائدة ، وكم حلّت بها بائدة، وقد بكى /121 أ/ عليها السهى والفرقد، وخجل منها الغراب الأسود، ومشى عليها الدهر وهو مقيد:[من السريع]
بانوا فبانت أسفا بعدهم
…
وإنّما النّاس نفوس الدّيار
[883]
هبة الله بن حاتم بن عبد الجليل بن عبد الجبار بن جعفر بن علي بن سليمان بن سيد بن أبي قحافة، أبو القاسم الأنصاري.
من أهل الديار المصرية.
كانت ولادته سنة خممس وستين وخمسمائة.
سمع الحديث على البوصيري وابن أحمد الأرتاحي، وحدّث عنهما. وكان كاتبا في بعض دواوين مصر، وفيه فضل وأدب وينظم شعرا لا بأس به.
أنشدني أبو محمد عبد الواحد بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي بها، قال: أنشدني أبو القاسم لنفسه بمصر: [من البسيط]
يا سيدا إن يغب غابت مسرّته
…
وإن لمحناه عاد البشر والفرح
وكلّ حالاتنا في بعده نصب
…
وكلّ أوقاتنا في قربه ملح
إذا بقيت فثغر الجود مبتسم
…
لطالبيه وصدر المجد منشرح
[884]
هبة بن حامد بن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب، أبو منصور النحوي اللغوي، الملقّب بعميد الرؤساء.
من أهل الحلة المزيدية، بها ولد ونشأ. وكان أهله كتابا متصرفين يتعرضون لخدمة السلطان، وأصلهم من النعمانية، وبقي في الحلة منذ ولد إلى بضع عشرة سنة. وتعلم الخط عند أستاذ كان بالحلة، يقال له خزيمة بن محمد الأسدي، وتأدب عليه إالى سنة تسع وأربعين وخمسمائة، ومضي إلى مدينة السلام يطلب العلم والأدب، وله من العمر عشرون سنة فأقام بها قريبا من عشر سنين زائدا فناقصا يعاني الفقر والفاقة ويجد ويدأب في الإشتغال.
وتخصص بأبي الحسن علي بن عبد الرحيم بن العصار الرقي اللغوي تخصصا عظيما، وقرأ عليه كتبا كثيرة في اللغة وفنون الأدب، وروى عنه جميع ما يرويه. ولقي الإمام أبا محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب النحوي، وأبا العز محمد بن محمد بن الخرساني، وأبا محمد إسماعيل بن موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الجواليقي/122 أ/ وابن خضير الصيرفي وغيرهم من شيوخ العلم والأدب، وروى عنهم وبرع في علم اللغة، وصار يعدل بشيخه أبي الحسن علي بن العصّار ويفضل عليه وشاع ذكره في الآفاق. وكان خطّه مليحا ونسخ لنفسه نحوا من مائة مجلد في اللغة وعاد إلى الحلة فأقام بها إلى أن مات يوم عيد الفطر سنة عشر وستمائة.
وكان أديبا بارعا نحويا ولغويا شاعرا شيخ وقته، ومتصدر بلده، وعنه أخذ أهل تلك البلاد الأدب وعلم اللغة. وكان قد تزوج بالحلة بامرأة صالحة خيرة من قوم أمائل يعرفون ببيت الدربي، فبورك له فيها ورزق منها عدة بنين وبنات ماتوا جميعهم في
حياته، وبقيت منهم بنت واحدة ماتت بعده.
وكان قد وفد على أبي عبد الله بن شعبان متوسلا بالخؤولة، لأن أمه كانت من بني شعبان فواصله بما مبلغه مائة دينار، فقبلها لمكانته عند الناس، وأثرى من بعد فقر، وعاش عنيا موسرا، وبقي نيفا وثمانين سنة.
وكان شعره شعر الأدباء لينا سهلا ومنه قوله يرثي زوجته/122 ب/ المقدّم ذكرها من أبيات: [من البسيط]
لم تذهبي فأقول الذاهب امرأة
…
وإنّما ذهب المعروف والكرم
بي مثل ما بك إلاّ أنّ ذلك بلى
…
مغيّر وجهك الحالي وذا سقم
ومن شعره أيضا ما كتبه إلى أبي الفتح محمد ابن أحمد بن حيا الكاتب الحلّي: [من البسيط]
يا أيها الماجد الموفي على شرف
…
من العلاء تطاطا دونه الرّتب
ضمنت لي وضمين الشيء غارمه
…
قضاء ديني وديني ثابت يجب
وأنت ذو الفضل لا منّ ينكّده .. والقول لا يعتريه الزّور والكذب
ما فات طالب عرف منك مطلبه
…
إلاّ واعيا عليه ذلك الطّلب
وكيف يبخل بالنّزر القليل فتى
…
كثيره بأكفّ النّاس ينتهب
فاعجب لهذا وأكثر من تدبره .... إن كنت لو تدر قبل اليوم ما العجب
وله أشعار غير ما ذكرته، إلاّ أنّه لم يصل إليّ منها شيء عند توريقي هذا الكتاب.
[885]
هبة الله بن أبي الحسن بن أبي الخير بن بطرس بن بلوطس بن بيمك، أبو البركان الصرانيّ.
من أهل الديار المصرية.
كان يخدم الملك الأشرف مظفّر الدين شاه أرمن أبا الفتح موسى بن أبي بكر بن
أيوب في دولته متصرفا، فعرض عليه الإسلام، فأبى فاعتقله فخرج من السجن وقصد إربل فولّاه سلطانها الفقير إلى الله أبو سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين –رحمه الله تعالى- الإشراف بديوان الارتفاع الخاص.
وكان له تقدم في وضع الحسابات الديوانية والأحكام الخراجية، ويقول الشعر الحسن المطبوع على سبيل الإنبساط والمداعبات، ولو يزل مقيما بإربل إلى أن توفي عصر يوم الإثنين ثامن عشر ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وستمائة.
وقد ذكره الوزير الصاحب العالم أبو البركات المستوفي –رضي الله عنه في تأريخه الذي ألفه لإربل، وقال: سألت أبا البركات بن بيمك عن مولده، فقال: ولدت في دمنهور الوحش (1) سنة ثلاث وستين وخمسمائة.
ور إربل /123 ب/ بعد أن اعتقل مدة طويلة. وكان يلي بعض أعمال الملك الأشرف
…
بن أبي بكر بن أيوب، فنقم عليه، وأخذ ماله، فورد إربل والتحق بالملك المعظم أبي سعيد كوكبوري بن علي لما كان في بلاد العجم سنة إحدى عشرة وستمائة، ووصل إلى إربل فتوصل إلى أن صار له إشراف الديوان بالقلعة، يكتب حسنا. وزعم بعض المصريين، ا، ّ بيمك امرأة نسبوا إليها.
وأنشدني، قال: أنشدني أبو البركات بن بيمك لنفسه: [من الوافر]
دعيني والسّرى ومجال عيسي
…
لعلّي مدرك ما في النّفوس
فلم يك بالغا أمرا نفيسا
…
فتى ما لم يغرّر بالنّفيس
وخلّ لكلّ ذي عزم ضعيف
…
معاقرة المواطن والجلوس
وأنشدني أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن وهرام بن بكران البوازيحي الإربليّ بها –رحمه الله تعالى- قال: أنشدني /124 أ/ أبو البركات هبة الله بن أبي الحسن بن بيمك النصراني لنفسه، وقد ورد عليه كتاب من بعض أصدقائه:[من الوافر]
وقفت على الكتاب فهمت شوقا
…
كأنّي قد شربت من السّلافه
وبتّ سمير شخصك منه مولى
…
بقلبي أنت مع بعد المسافه
فرحت يهزّ أعطافي سرور
…
كأنّي قد ملكت به الخلافه
وقاك الله من غير اللّيالي
…
ومن ثوب الحوادث كلّ آفه
فكلّ حديث أهل الودّ عندي
…
سواك إذا سمعت به خرافه
وأنشدني أيضا من لفظه، قال: أنشدني أبو البركات هبة الله بن أبي الحسن بن أبي الخير بن بطرس المصري لنفسه بإربل: [من الكامل]
/124 ب/ لو كان يدرك بالتّركّض سائر
…
ما فاته في يومه أو أمسه
يحوي هلال التّمّ وصلا لو يزل
…
أبدا يحاوله بدارة شمسه
لكنّه لما توغّل في السّرى
…
لقي الكسوف من الرّدى في نفسه
والسّعي إذا لم تعط فيه سعادة
…
متحرّك أبدا يعود بنحسه
[886]
هبة الله بن أبي سعيد بن أبي الكرم بن أبي سعيد بن أبي الخير بن أبي اليمن، أبو البركات النصراني، المعروف بابن ستّوتة.
من أهل مصر.
كان ذا نظم ونثر وخطّ مليح حسن، ومعرفة جيدة بالحساب، ولديه فضل وأدب يتصرف في الأعمال الديوانية، وأقام بحلب مدة، واتصل بخدمة الأمير مبارز الدين يوسف بن ختلخ الحلبي. ثم انتقل عنه وخدم لعض الولاة في مفر طاب، ومات في عاشر رمضان سنة خمس وعشرين وستمائة.
أنشدني الأجل نظام الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن عبد المنعم ابن المولى الكاتب المنشيء بديوان حلب بها –أسعده الله تعالى- لفظا، قال: /125 أ/ أنشدني أبو البركات بن ابي سعيد بن ابي الكرم المصري لنفسه ما كتبه إلى الوزير أبي الحسن علي بن يوسف القفطي يستعفي من عمل التصرف: [من الخفيف]
أنا أشكو إلى معاليك حالي
…
ووقوعي ما بين شيب وشين
ليس لي قدرة على أن ألاقي
…
روعات الحساب في الدّرين
ذاك فيه عيب يخاف هذا
…
فيه جور فالويل من هذين
[887]
هبة الله بن عبد الرحمن بن محمد بن محمود بن الشيرازي، يكنّى أبا الفضل.
من أهل مدينة السلام.
شيخ لقيته بها بمجلس الشيخ الحافظ أبي عبد الله محمد بن محمود بن الحسن بن النجار البغدادي –رحمه الله تعالى- وذكر لنا أّنه دخل البلاد الخرسانية ، وتجوّلها. وكان تاجرا.
ولد بالنيل وسألناه عن ولادته، فقال: إنّ له من العمر سبعين سنة. وكان سؤالنا له والاجتماع به يوم الخميس ثاني رمضان سنة تسع وثلاثين وستمائة، فيدل انّ مولده في سنة سبعين وخمسمائة.
يعاني قول /125 ب/ الشعر، وله في نظمه طبع صالح، وقريحة ما بها بأس يتشيّع.
أنشدنا من قوله –وكان قد سجن- ما كتبه إلى أمير المؤمنين الناصر لدين الله أبي العباس أحمد –رضوان الله عليه- يتألم من السجن ويشكو إليه حاله، وما يلقى من المحبوسين ومن المقام بينهم:[من الوافر]
خليلي إنّني أوليك نصحا
…
وصايا للكهول وللشباب
إذا ما شئت أن تدعى رشيدا
…
وترمق بالسّداد وبالصًواب
تجنّب ما استطعت وكنت حيّا
…
لواوات ثلاث في كتاب
فواو وصيّة لا خير فيها
…
فتلقى في السّجون وفي السّباب
وواو وكاله وّكلت فيها
…
بسوء الظّن من كلّ الصّحاب
وإن رمت الثّواب وحسن فعل
…
فما فيها لعمرك من ثواب
تصّبر واعتبر إن كنت طبّا
…
بما قدّ حلّ بى ولسوء ما بى
نصحت فمأ رايت النّصح يجدى
…
ومن قّد خان ممنوع الجواب
أرى حبسى وبالا ليس فيه
…
سوى إثم تضاعف في الرّقاب
/126 أ/أيا مولاى دعوة مستغيث
…
إلى ربّ السّماء من العذاب
ومن سجن تجمّع فيه حولى
…
أناس في التهارش كالكللاب
فإن عاشرتهم دنّستعرضى
…
وإن جانبتهم بزّوا ثيابى
ونحن بجمعنا في قعر لحد
…
موات فاتنا طم التّراب
إذا اشتدّ الهجير بهـ علينا
…
يسيل صديدنا سيل السّحاب
وإن جرت النّسيم تجرّ فيها
…
روائح في المعاطس كالحراب
وقد تغدو النّفوس بها سكارى
…
يميل بها ولا سكر الشّراب
تعجّل ما تأجّل من عذاب
…
فكيف وما أى يوم الحساب؟
فبتّ معاتبا دهرا رمتنى
…
نوائبه وما يجدى عتابى
أقول له ودمع العين يجرى
…
كما وهت العقود من الكعاب
اتقصدنى وقّد الجأت ظهرى
…
ولذت بظلّ ممنوع الجناب
عنيت النّاصر المنصور عضدى
…
خليفة احمد كأبى تراب
إماما يملأ المحراب زهدا
…
وفى يوم الكريهة ليث غاب
فأوجس خيفةّ دهرى وطابت
…
مذاقّته وكان كطعم صاب
/126 ب/ وقالوا وقد لجأت إلى جناب
…
تلين لبأسه كل الصعاب
فيا خير البريّة لا أحاشى
…
ويا خير الآنام ولا أحابى
بمن أدنى النبىّ بقاب قوس
…
واظهر دينه بعد احتجاب
وطهّرمن كل رجسّ
…
وانت من السلالة واللّباب
اغثنى إنّنى بك مستجير
…
لتنقذنى من الظّلم العجاب
فلو أنى استطعت شرحت ما بى
…
وما عند الرّعيّة من شغاب
بقيت على الرّعيّة في سرور
…
ودمت لها على مرّ الحقاب
وما ناحت مطوّقة بأيك
…
وما حجّ الحجيج على الرّكاب
وأنشدنى أيضا ما كتبه إلى الوزير مؤيد الدين أبى الحسن محمد بن عبد الكريم
بن برز القمى- وكان يومئذ يتقلد الوزارة للإمام أمير المؤمنين الناصر لدين الله أبى العباس /127 أ/ رضوان الله عليه-ويتظلم إليه من القاضي شهاب الدين أبى المناقب
محمود بن أحمد بن بختيار الحاكم بمدينة السلام- وكان ينبز بابن عروس لقصر كان في رقبته: [من الخفيف]
يا وزير الإمام في الحلّ والعقـ
…
ـد لقد ضاع في اختيارك حسّى
مسخ النّاس في زمانك فأرا
…
فتولّى عليهم إبن عرس
جدّه قنفذ وعرس ابوه
…
ليت شعرى فبزره اىّ جنس
قال قوم لمّاـ رأوه بدست
…
نافذ الخكم في القضاء والدّرس
وخراج البلاد يجبى إليه
…
بعد ما كان لا يرى نقش فلس
مثل هذا ون حاكم بغداد
…
وعار يكون هذا ببرس
/127 ب/ انقذوا الشّرع من يديه فقد أصـ
…
ـبح من سوء فعله في رمس
فرح القائلون بالأب والإبـ
…
ـن وموسى ومن يرى للشمس
فرحوا إذا رأوه للشّرع قد
…
مات فهم من عزائنا قفى عرس
يا إمام الهدى ويا حجّة اللـ
…
ـه ومن حبه مخالط نفسى
ما أرى ناصحا لك اليوم في النّا
…
س فينهى إليك من غير لبس
انّ هذا ابن عرس قد فرس الما
…
ل ولا فرسة الأسود الشّرس
قد حوى جلده ثلاثين الفا
…
فخذوها منه بأهون لمس
واجعلوا يومه الّذى هو فيه
…
مثل ما كان مدبرا بالأمس
وإذا رمتم زيادة مال
…
فاجعلوا جلّ صحبه في الحبس
من وكيل ومحضر وغلام
…
قلعوا النّاس مثل قلع الضّرس
من لمال الآيتام يحنّو عليه
…
اذهبوه ما بين اكل ولبس
[888]
هبة الله بن علىّ بن عيشى بن المقلّدين بى علوىّ، أبو المعالى بن أبى القاسم النيلى.
كانت ولادته بالنيل ثالث عشر صفر من ستة أربع وستين وخمسمائة، وعاش /128 أ/ إلى قريب سنة عشرين وستمائة.
كان عاما فاضل يترامى إلى علوم الحكمة وأصنافها، وله معرفة باختلاف المذاهب
والأديان وأقاويل الحكماء وارباب المقالات. وأنشأ رسالة نظما ونثرا سماها"القاصمة القاصلة والفاصمة الفاصلة"، وصنع رسالة أخرى وسماها بـ"المذهبة الكاسفة’ لمذاهب الفلاسفة"، عملها ردا على فلاسفة يونان وأصحاب المنطق وإبطال أقوالهم، وكشف ما ستروه من العقول، وقال أشعارا في المواعظ والزهد والاعتبار وما يجرى مجرى هذه الفنون.
أنشدنى الصاحب الوزير شرف الدين أبو البركات المستوفى الإربلى بها-رضى الله عنه-قال: أنشدنى أبو المعالى النيلى لنفسه: [من السريع]
يارّب هذى القدرة القاهره
…
والحكمة البالغة الباهره
يارّب ذا اللّيل الّذى قد سجا
…
ورّب هذى الأنجم الزّاهره
يا منشئ الخلق كما شاءه
…
ويا معيد الّرميم النّاخره
/128 ب/اسألك الأمن غداه اللّقا
…
إذ تجمع العالم بالسّاهره
والعفو عنّى وجميل الرّضا
…
في هذه الدّنيا وفى الآخره
وأنشدنى، قال: أنشدنى هبه’ الله بن على النيلى لنفسه في الإنقطاع إلى الله عز وجل:
[من الوافر]
إلهى ليس لى جلد فاقوى
…
على نار الجحيم ولا أطيق
وإلا تعف عنّى او تجرنى .. فإنى بحار ردى غريق
وقوله في الاعتبار والتسليم لله تعالى: [من الرمل]
ليس بالدّائم بؤس وترح
…
لا ولا يبقى نعيم وفرح
كم راينا من ظلام شامل
…
عقّ عقباه ضياء فوضح
وضياءا ظاهرا مشتهرا .. جاءه جنح ظلام فجنح
هي دنيا لا نبالى هاجيا
…
ذمّها او مادحا يوم مدح
فثقوا بالله فالحكم له
…
وله ما عاب منها وصلح
/129 أ/ وكلوا الأمر إليه تسلموا
…
فمن استسلم حقّا يسترح
أيّها المدئب حرصا نفسه؟ ؟ يجمع المال بتقدير وشح
كم وكم هذا التّغنى غلطا
…
والتّمنى لأمور لا تصح
فاقتصد واسع برفق واتئد
…
واستع قول صدوق قد نصح
فلك البلغة فاسألها وإن
…
شئت فاسأله سؤال المقترح
وله الشّكر فمن شاء اذا
…
منع الفضل ومن شاء منح
وقال أيضا في التجلد والإصطبار، وكان قد مرض:[من الكامل]
الم المّ وعارض عرضّت به
…
أسباب حظّ في الحضيض مقيم
يا ويحها أنّى رأتنى سالما
…
ومتى استقمت وكنت غير سقيم
فليجهد الدّهر المعاند جهده
…
ابدا ولو بلغت الحلقوم
وهذ الذى وقع إلىّ من أشعاره.
[889]
/129 ب/ هبة الله بن محمد بن شكر، أبو البركات المصرىّ، المعروف بابن العصّار.
شاعر عصرنا ومجيده، مالك عنان القريض كيف ما شاء يقوده، رائق الشعر مصقوله،
يبدع فيما ينشئه ويقوله، أحكم الناس لوشى الكلام رقما، وأتقنهم لجواهر الألفاظ والمعانى نظما.
سمعت الصاحب الوزير شرف الدين أبا البركات المستوفى- رضى الله عنه- يثنى
عليه ويصف فضله ويقرّظه، ثم أنشدنى له، : قال: أنشدنى أبو البركات لنفسه يصف عوّادا:
[من المتقارب]
في وقته وآيته
…
إن شدا
…
أو ضرب
يميت الهموم ويحيى النّفوس .. ويبقي السّرور وينفي الكرب
تقول أعاجم أوتاره
…
أقاويل تخرس فصح العرب
فتحريكها سكنات الأسى
…
وتسكينها حركات الطّرب
وأنشدني أيضا، قال: أنشدني أبو البركات ابن العصار قوله: [من الرجز]
/120 أ/ فلا ترى في النّاس إلاّ شاكرا
…
لجوده شكر الرّياض للمطر
ألسنهم صلّت لآي جوده
…
في قبل الأفواه يتلوها سور
وأنشدني أيضا قال: أنشدني أبو البركات بن شكر، وكتبها إلي:[من الوافر]
أنا اتفقت كنانا فالمعالي
…
قد اختلفت وأنت أجلّ قدرا
فإنّ محمدا من لم يكنّى
…
بكنيته جميع النّاس طرّا
قال: فكتبت إليه جوابها على الوزن والروي: [من الوافر]
إن اختلفت كما قلت المعالي
…
فإنّك ربها المشهور قدرا
إذا النّعمى حباك بها ابن شكر
…
فكيف تطيق أن توليه شكرا
وأنشدني أيضا أبو الفتح محمد بن بدل بن أبي المعمر بن إسماعيل التبريزي بإربل لنفسه ، ما كتبه إلى بعض الرؤساء. وكان قد أمّ وأبلّ من الحمّى وأحسن في قوله:[من البسيط]
شفاك للنّاس أحيا ميّت الأمل
…
من بعد ما باتت العليا على وجل
قالت: معاذيرها الحمّى فقد قصدت
…
فخرا بجسمك حاشاه من العلل
هبني عكاشة في ذنب أتيت به
…
وخاتم الجود هذا خاتم الرّسل
رامت فخارا كما رام النّجاة وقد .. تنال قاصية الأغراض بالحيل
وأنشدني أيضا، قال: أنشدني أبو البركات بن شكر، له في غلام مليح الصورة ذي ذؤابة طويلة راكب فرس أشقر:[من المتقارب]
/131 أ/ وأسمر في جفنه أبيض
…
لروضة وجنته حارس
ينبّه منّا عيون الهوى
…
لعشقته طرفه النّاعس
غدا راكبا لون خدّ له
…
بنيرانه تهتدي القابس
يجرّ ذؤابته خلفه
…
كما جرّ ذابله الفارس
وأنشدني أيضا أبو المجد أسعد بن إبراهيم الكاتب النشّابيّ الإربلي بها، قال: أنشدني أبو البركات بن شكر المصري لنفسه في غلام جميل كان واقفا في خدمة الملك الأشرف موسى بن أبي بكر بن أيوب-رحمه الله تعالى- فجازت الشمس عليه فاستتر منها، فأنشد بن العصار المصري مرتجلا:[من البسيط]
/131 ب/ وغصب بان قلوب النّاس قاطبة
…
منه على خطر إن ماس أو خطرا
بدا فأبدأ أعلاه لنا قمرا
…
فيه من الحسن ما للعقل قد قمرا
هو الغزال ولكن قد عجبت له
…
من الغزالة مذ زارته إذ نفرا
وظلّ محتجبا عنها ومستترا
…
منها ونوراهما للنّاس قد ظهرا
فقلت: حسبك لا يخشى اجتماعكما
…
فالشّمس لا ينبغي لها أن تدرك: القمرا
[890]
هبة الله بن محمد المجدي.
الذي يغلب على الظن أنّ هذا الشاعر من أهل الديار المصرية.
صار إلي من شعره هذه القصيدة يمدح بها بعض الرؤساء: [من البسيط]
هبوا المعن! ى بليلى من يعانيه
…
تلطّفا بلطيف من معانيه
ولا تلوموه في وجد يكابده
…
ففي تحلّيه من يهوى تحلّيه
دعوه يروي حديثا عن شمائلها
…
فكلّ ذي ظمأ يرويه يرويه
كم من مشوق ينادي في ركائبها
…
بخاطر ضلّ في تشديه شاديه
بما بجفنيك من أمن ومن وجل
…
سريّ الصًبابة عن قلبي يسرّيه
بأسهم سلبت بعض الأنام قوى
…
غضّي عن البعض هذا الطّرف غضّيه
/132 أ/ وكلّ قفر فؤاد موحش سدف
…
متى تحلّيه يا ليلى تحلّيه
وما لمن شفّه داء الغرام سوى
…
وصل يعافيه أو هجر يعفّيه
وأهيف خاطرت بالصّبّ خطرته
…
تثنى الغصون عليه في تثنيّه
سقت غوادي حياه غصن قامته
…
خمرا فما فيه من سكر فمن فيه
وقام يجلو حميّا ثغره فغدا
…
كأنما كأسه بالنّور كاسيه
أعار للّيل سربال النّهار كما
…
أعاره اللّيل فرعا من دياجيه
جلّ الذي في قلوب الخلق صوّره
…
أفديه من مفرد في الحسن أفديه
فليس خاطبه يوما يخاطبه
…
فيما يروم ولا حاويه حاويه
سرى إلى كلّ قلب سحر بابله
…
يصيد باللّحظ مهما رام راجيه
وكلّما مات سكرا عن لواحظه
…
يعتاده ويحيّيه فيحيّيه
يا غارس الورد فوق الخدّ يتحفه
…
مهلا فجانيه بالتّسهيد جانيه
أفتاك حسنك يا فتّاك في دمه
…
فمن لحسنك بالإحسان يفتيه
يا منزلا قصر الأيّام من زمني .. . عهدا بطول نواحي في نواحيه
وأنت يا سعد إيه عن محاورتي
…
في الصّبر عنه وفي وجدي به إيه
/132 ب/ كيف السّبيل إلى الصّّبر الجميل به
…
والوجد في مهجتي يا ويك يأويه
هذا فؤادي وهذا الوجد ساكنه
…
يا ميّ ساليه بي إن كنت ساليه
[891]
هبة الله بن محمد بن هبة الله بن منصور بن أبي سعد بن الحسن بن منصور، أبو الكرم القصّاب، الشيرازي الأصل، الموصلي الولد والمنشأ.
المعروف بابن الدانش مندو، ومعنى هذه اللفظة وتفسيرها إمام القوم وخطيبهم.
شاب وقد خطه الشيب، ضعيف العينين. شاهدته بحلب في أواخر رمضان سنة خمس وأربعين وستمائة، وأخبرني أنه ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة بالموصل، وذكر لي أنه حفظ الكتاب العزيز ، وقرأ طرفا من العربية على الأديب أبي العباس أحمد بن الحسين بن أحمد بن الخباز النحوي الموصلي.
وجاش خاطره بالقريض ونظم منه أشياء حسانا في فنون متعددة وأغراض يستطرفها ذوو الآداب تصدر عن طبع حسن وقريحة مطاوعة.
أنشدنى لنفسه ما قاله: /133 أ/ على لسان المسجد الجامع العتيق بالموصل:
[من الطويل]
شكا جامع الحدبا العتيق لرّبه
…
وقّال إلهى من بثأرى آخذ
ومن لى مجير من يدى شرّ معشر
…
بليت بهم دهرى ومن لى من ناقذ
أناس هم شبه الشّياطين حيث ما
…
استقلّوا وإنّى بك منهم عائذا
إذا حلّ هذا فهو بالدّهن عابث
…
وإن حلّ هذا كان للحصر جابذ
وكلّ يقول الملك ما فيه اجرة
…
خراب وما بى من أولى الأمر لائذ
وما فيهم إلاّ لحقّك جاحد
…
وما منهم إلاّ لأمرك نابذ
وفى زمن الملك الرّحيم وعدله
…
ايجمل ان اعرى وتكسى الجهابذ
الملك الرحيم هو بدر الدين أبو الفضائل لؤلؤ بن عبد الله - صاحب الموصل – كان
يلقّب بذلك.
فلا زال ذا امر مطاع وحكمه
…
مدى الدّهر في اهل البسيطة نافذ
وأنشدنى ما قاله في بنى مهاجر الموصليين: [من السريع]
/133 ب/وقائل ممتحن عن بنى
…
مهاجر صاخ لسه سمعى
أموالهم لم يمنعوا صرفها
…
فقلت: فيها علّة الجمع
والوزن والوصف وايد لهم
…
ما بنيت إلا على الرّفع
قالوا: بماذا جرّها؟ قلت: بالنّـ
…
ـصب وهذا سبب المنع
وأنشدنى لنفسه في الحمّى للحبيب وهو معنى غريب: [من الخفيف]
قاسمتنى الحمّى عنادا على حـ
…
ـبى له فهى دائما تغشاه
قلت: كفى المزار عنه فقالت:
…
أنا اهواه مثل ما تهواه
قلت: قد فزت بالعناق من الحـ
…
ـب فبالله قبّلى منه فاه
وأنشدنى لنفسه ما قاله على لسان سكرّجه النّرد: [من المنسرح]
حللت بين البروج في فلك
…
حوى نجوما كالسّبعة الشّهب
لكن نجومى لها الفخار كما
…
تحكم بالغيب وهى لم تغب
وأنشدنى له في بنى مهاجر: [من الطويل]
/134 أ/ يقولون لى إن تهج بيت مهاجر
…
فإنّهم للهجو دون الورى اهل
كمالهم نقص وشمسهم دجى
…
وعزّهم ذّل وتاجهم نعل
وأنشدنى لنفسه في المحتسب أبى على الحسن بن الحسن بن نصر الله بن علوان بن
مهاجر: [من السريع]
من كان يستوجب فيما مضى
…
بفعله الذّمّ مدى الدّهر
فمذ تولّيت اقّرّ الورى
…
كلّ له بالحمد والشّكر
وأنشدنى لنفسه في امرأة علوية – يقال لها بنت الطورانى وكانت فاركا:
[من البسيط]
قالوا: فلانة لم تثبت بمنزلها
…
يوما وتنسب من اشراف عدنان
فقلت: لو أنّها منسوبة ثبتت
…
حقا ولكنّها من نسل طوران
وأنشدنى لنفسه ما قاله في حماته: [من الوافر]
/134 ب/ واعظم من ملمات توالت
…
علىّ صروفها بيدا العداة
رجائى من الحماة بياض وجه
…
وهل وجه يبيض بالحماه
وأنشدنى أيضا له فيها: [من الخفيف]
لى حماة ما قلت في الصّبح هذا الصـ
…
ـبح إلا تقول هذا المساء
وإذا الليل جنّ، قلت: ظلام اللّـ
…
ـيل قالت: اليس هذا ضياء؟
ركبت منهج الخلاف فلا نصـ
…
ـحا تعى فهى صخرة صمّاء
وهى سعلاة فدفد وهى في الملـ
…
ـمس تالله حّيه رقطاء
هي صل سليمه ماله را
…
ق وداء قد مل منه الإساء
تغتدى الفضّة اللجين لديها
…
وّهى بعدا ابيضاضها سوداء
وأنشدنى لنفسه يهجو: [من الطويل]
مددت قفاه ثمّ إنّي قصرته
…
فقال: بماذا عن خطاك تعبّر
فقلت له: قد جاء عند أولى الحجى
…
بأنّ القفا طورا يمدّ ويقصر
وأنشدني أيضا له في محبوسين، ثم أخرجا من الحبس:[من الوافر]
/135 أ/ لئن حجبتكما الأيام عنّي
…
فليس بضائر ذلك الحجاب
لأنّ الشّمس تكسو الأرض نورا
…
ويحجبها عن العين السّحاب
وقد يفري الحسام الصّلت هام الـ
…
ـعدا قهرا ويخفيه القراب
ومهما الليث يفرق من سطاه الـ .. ـورى لم يثنه خيس وغاب
وإنّ السّجن للأقيال عزّ
…
كما تعتزّ بالخدر الكعاب
فشكرا حيث كان بكم قريبا
…
على رغم العدا ذاك الإياب
وأنشدني أيضا لنفسه في رجل، صنف كتابا في المسألة والجواب شعرا يلقب الموفق محمد:[من الكامل]
قالوا: الموفّق ذو الفنون محمّد
…
في عصره وسما على كلّ الورى
بمسائل تكسو البليد بلاغة
…
وتروق خبرا للبليغ ومخبرا
نظما كسلك الدّرّ إلاّ أنّه
…
من سمطه في العين أبهى منظرا
لا يعتري الراوي له ملل ولا لا
…
لأيام تخلقه إذا ما كرّرا
/135 ب/ دقّت معاني لفظه فغدا جليـ
…
ـد الوهم في إدراكه متحيّرا
فله على نجم الثريا رتبة
…
لو رامها بدر السّماء لقصّرا
فلقد تجاوز من مضى متقدّما
…
علما وأتعب من أتى متأخرا
وأنشدني أيضا لنفسه في حسين بن عمر بن العصار، حين مات وكان كبير الأنف:[من المنسرح]
قالوا: حسين العصّار مات وما
…
رأى له في حياته فرجا
قلت: وأيّ اللّحود وارته وال
…
ـلّحد أراه لأنفه حرجا
قالوا: شققنا لحدا لجثته .. ثمّ عقدنا لأنفه أزجا
وأنشدني أيضا لنفسه يهجو قوما: [من مجزوء الكامل]
إن قلتم أن لا معا
…
د لكم فقولكم عناد
يا عصبة دون الورى
…
ضلّوا ولو ردّوا لعادوا
يالله إنّكم غدا
…
بالحوض إن تردوا تذادوا
/136 أ/ إن تنكروا قولي فإ
…
نّ النّار يخفيها الزّناد
أو تزعمون بجهلكم
…
والغيّ قد عدم الرّشاد
ويقول كلّ أنّني
…
قسّ وتنكّره إياد
لولاكم تالله لله ما
…
عرف الفسوق ولا الفساد
ما فيكم ما ليس يو
…
جد في الأنام ولا يكاد
إلاّ أنّ مرامكم
…
مقل وفيشهم رقاد
وحدثني ،قال: رأيت مفردين من الشعر، فأحبت أن أضيف إليهما أبياتا على نمطهما، وخبرت أنهما ليزيد بن معاوية فقلت:[من الخفيف]
ربّ بكر عذراء في مهرجان
…
ذات دلّ خلعت فيها عذاري
باكرتنا بكأسنا والدّجى تب
…
ـكي عليه كواكب الأسحار
في رياض تزهى بنور أقاح
…
وشقيق ونرجس وبهار
/136 ب/ ونديم حليف دنّ وقار
…
ربّ مجد مجد ربيب وقار
قال: أخبرت عن رجال لديهم
…
خبرة بالحديث والآثار
إنّ خير البقاع أرشدك اللـ
…
ـه من الغيّ حانة الخمّار
ولصوت الأذان أنغم صوت
…
منه في الأذن نغمة الأوتار
قم فماذا عليك عار إذا كنـ
…
ـت تكسو بالرّاح كأسا عاري
قلت أيّها لمن أحلّ الذي حـ
…
ـرّم بئس المثوى ودار البوار
فانثنى معرضا وقال أناس
…
من صحاب النّبي وسط النّهار
(شربوها بجرّة وشووا رأ
…
س بعير في منزل الأنصاري)
(واستخّفوا بها فحرمه اللـ
…
ـه عليهم عقوبة الاحتقار)
هذان البيتان اللذان ضمّنهما شعرة (1):
شربوها ..
واستخفوا ..
ولعمرى لو اكرم القوم مثوا
…
هارجونا بالراّح عقبى الدّار
فاسقنيها فدتك نفسى اذا كا
…
ن مابى غداالى غفّار
وله قصائد مطولة جيدة المقاطع والمخالص والابتداءات، امتدح بها الأكابر.
[298]
/731 أ/ هبة الله بن أبى المجد الكاتب، أبو القاسم المصرى.
صاحب ديوان الانشاء
وكان ذا فضل وعلم وبراعة وفصاحة وأدب وشعر، وله رسائل مستجادة وكطتابة مرضية. وكان من خواص الملك المنصور ناصر الدين أبى المعالى محمد بن عمرو بن شنهنشاه-صاحب حماة_وذزى الحظوة عنده.
وكان مع ذلك شاعرا مقصدا كتّابّى الشعر، وهو القائل في الملك المنصور_صاحب حماة_:[من مجزوء الرجز]
فاقت بحسن المنظر
…
على ضياء القمر
وقامه كأنّها
…
قامة غصن نضر
وورد خدّ يجتنى
…
يانعه بالّنظر
طافت بكأس قرقّف
…
مثل لماها العطر
فأسكرت لحاظها
…
من قبل شرب المسكر
يسعى بها فى روضة
…
أزهارها كالزهر
فمن بهار أصفر
…
... ومن شقيق أحمر
/137 ب/كأنّها جواهر
…
على بساط أخضر
نمّت بسر نشرها
…
ريح كنشر العنبر
أو كثنا المنصور ذي الـ
…
ـجود الكريم العنصر
ملك براه الله إقـ
…
ـداما لكل عسكر
ومن ندى كفيه إيـ
…
ـسار لكل معسر
مفرّق الطّغيان عن
…
صليبه المكسر
ومن حمى الدّين الذى
…
بأمره لم يذعر
من بعد ما كان الورى
…
قد روّعوا بالحذر
طبّقها عدلا وأمنا
…
كالسّحاب الممطر
وعرف العرف به
…
وزال كلّ منكر
فقدره قد ارتقى
…
فوق السّها والمشترى
ووارث الملك بحـ
…
ـقّ ثابت لم ينكر
يا مشترى الحد الثّمين
…
انت خير مشترى
انت الّذى سيرته
…
محت جميع السّير
/138 أ/ يزرى ندّى وسطوة
…
بحاتم وعنتر
يا ناصرا للدّين والـ
…
ـدّنيا وغيث المقتر
يا نعمه الله على
…
فقيرنا والموسر
احييت من حسن الثّنا .. والمدح كلّ مقبر
بعزمه مثل القضا
…
ء الحاكم المقتدر
فجندك الآملاك ريـ
…
ـحانّية المعسكر
ومنها:
يا ملكا بعزمه
…
فاق على الإسكندر
إهن بملك دائم
…
فى ظلّ عيش خضرـ
لآزلت يا مولى الورى
…
مؤيّدا بالظفر
فى نعمة دائمة
…
ودولة لم تقهر
[893]
هبة الله بن يوسف بن خمر تاش، أبو الفتوح البغدادىّ
كان مولعا بكتب الحكمة والإطلاع على أقاويل الأوائل. وكان فيه أدب، وينظم شعرا. وكانت ولادته في يوم الجمعة/138 ب/ سابع رمضان سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وتوفى سادس عشر جمادى الآخرة سنة ستّ وستمائة.
ومن الشعر الذى يعزى إليه ما قاله في نعل النبى صل الله عليه وسلم: [من الوافر]
بودّى ترب ذام النّعل انّى
…
جعلت سحيقّه في وسط جفنى
وأدخر منه طيبا عند مّوتى
…
يذرّ علىّ فى كفى وقطى
أعفّر فوق موطئ اخمصيه
…
بخدّى فعل شيعى وسنى
رجاء أن يكون غدا شفيعى
…
وحسبى ذاك منه حسن ظنّى