المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب زكاة المعدن والركاز - كفاية النبيه في شرح التنبيه - جـ ٥

[ابن الرفعة]

الفصل: ‌باب زكاة المعدن والركاز

‌باب زكاة المعدن والركاز

المعدن- بفتح الميم، وكسر الدال- اسم للمكان الذي خلق الله تعالى فيه الجواهر: من الذهب، والفضة، والحديد، والنحاس، وغير ذلك.

وقال في "التتمة": إنه اسم للعروق المخلوقة في الأرض: كالذهب، والفضة، والحديد، وغير ذلك.

والأول هو المشهور.

قال الأزهري: وسمي بذلك، لعدون ما أنبته الله تعالى فيه- أي: إقامته- يقال: عدن بالمكان، يعدن- بكسر الدال- عدونا: إذا أقام به، والعدن:" الإقامة.

وقال الجوهري: سمي معدناً؛ لإقامة الناس فيه، ولا ينفك عن المعنيين قوله تعالى:{جَنَّاتِ عَدْنٍ} [التوبة: 72] فإنها جنات إقامة.

وقال في "التتمة" بناء على ما ذكرناه: إنما سمي بذلك، لطول مقامه في الأرض.

وقد قيل في البلد المشهور: [إنه] إنما سمي عدن؛ لأنه كان حبساً لتبع يقيم فيه أصحاب الجرائم.

والركاز- بكسر الراء- لغة: ما دفنه مسلم أو كافر في الأرض، سمي بذلك؛ لأنه ركز في الأرض: أي أقر؛ كما يقال: ركزت الرمح في الأرض، إذا غرزته فيها.

وقال في "التتمة" وغيره: سمي بذلك؛ لاختفائه تحت الأرض؛ لأن الرمح يختفي أحد طرفيه في الأرض، قال الله - تعالى-:{أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} [مريم: 98] أي: صوتاً خفيّاً.

ص: 480

ومن هنا أطلق اسم "الركاز" على المعدن؛ لاختفائه تحت الأرض.

والأصل في وجوب الزكاة في المعادن- قبل الإجماع- من الكتاب، قوله تعالى:{أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ} [البقرة: 267]، والمعدن مما أخرج لنا من الأرض؛ فكان الإنفاق منه واجباً.

ومن السنة: ما روى أبو داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني المعادن القَبَلِية جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها، وحيث يصلح للزرع من قُدْسٍ، ولم يُقْطِعْه حقَّ مسلمٍ".

وكتب إلى كعب ليأخذ منه الزكاة.

والمعادن القبلية: بتحريك القاف، والباء ثانية الحروف، نسبة إلى موضع في ناحية الحمى على ساحل البحر بين المدينة وبينه [مسيرة] خمسة أيام.

قال القاضي الحسين: وقد روي: القبلية، [و] من روى هذا يعني ناحية القبلة.

قال ربيعة بن عبد الرحمن: إلى زماننا هذا يؤخذ منه الزكاة.

ص: 481

ومعنى قوله: "جلسيها"، أي: نجديها؛ لأن "نجداً" يسمى جلساً.

وقوله: "غوريها": نسبة إلى غور منها.

وقوله: "من قدس": هو الموضع المرتفع من الأرض يصلح للزراعة.

وسيأتي الكلام في الخبر في باب إحياء الموات.

قال: إذا استخرج من معدن في أرض مباحة، أو مملوكة له- نصاباً من الذهب أو الفضة، وهو من أهل الزكاة، دفعة أو في أوقات متتابعة، أي: عادة وإن تفرقت حساً، كما إذا عمل النهار إلا [في] وقت الاستراحة، وترك العمل [في الليل]، (لم ينقطع فيها عن العمل بترك [أو إهمال]- أي: لم يعرض عن ذلك، ولم يشتغل عنه بشغل آخر لا يتعلق به- وجبت عليه الزكاة؛ لما ذكرناه.

تنبيه: أخرج الشيخ بقوله: "مباحة"، المملوكة للغير؛ فإن المستخرج منها يكون لذلك الغير إن كان ملكه محترماً وزكاته على مالكه إذا أخذ إن كان من أهل الزكاة لا على المخرج، فإن لم يكن ملكه محترماً؛ كالحربي فقد قال في "الحاوي" في كتاب السير: إن المأخوذ يكون غنيمة إذا كانت المعادن في دار الحرب.

وقوله: "أو مملوكة له": أراد به الاحتراز عن مذهب أبي حنيفة، فإن عنده: أن المعدن المملوك يزكيه زكاة سائر أمواله.

وأخرج بقوله: "نصاباً" ما إذا استخرج دون النصاب؛ فإنه لا زكاة فيه عند العراقيين، وادعوا أنه لا يختلف [مذهب الشافعي في ذلك] لقوله- عليه السلام:"وليس عليك شيء- يعني: في الذَّهب- حتى يكون لك عشرون ديناراً، وليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة" كما تقدم، ولأن المأخوذ من المعدن زكاة، بدليل حديث بلال بن الحارث، وما وجب زكاته اعتبر في المأخوذ منه [أن يكون] نصاباً كسائر الزكوات.

وقال المراوزة: إن النصاب إنما يعتبر جزماً إذا أوجبنا في المعدن ربع العشر،

ص: 482

أما إذا قلنا: إن الواجب فيه الخمس ففي اعتبار النصاب قولان:

أحدهما: عدم اعتباره كما في الغنيمة.

والثاني: يعتبر؛ لاختصاصه بالذهب والفضة، بخلاف الغنيمة، وهذا ما صححه في "التتمة".

وقال في "الحاوي": إن القائل بعدم اعتباره أخذه من قول الشافعي في بعض المواضع: "لو كنت الواجد له لزكيته بالغاً ما بلغ".

قال: ولا وجه لذلك؛ فإن الشافعي ذكر هذا على سبيل الاحتياط لنفسه؛ ليكون خارجاً من الخلاف كما قال في السفر: "أما أنا فلا أقصر في أقل من ثلاث".

قال القاضي الحسين والفوراني وغيرهما: إذا اعتبرنا النصاب فليس من شرطه أن يكون مستخرجاً من المعدن، بل إذا كان له بعض المال فاستخرج مقداراً بحيث لو ضم له ذلك كان نصاباً، فإنه يخرج من الذي استخرج بحصته، وعلى هذا قال ابن الحداد: لو ملك تسعة عشر ديناراً، فاستخرج من المعدن ديناراً، فإنه يضم حتى يستكمل النصاب، ويخرج منه واجبه إذا قلنا بعدم اعتبار الحول، ومن طريق الأولى إذا استخرج من المعدن التسعة عشر ديناراً، وترك العمل بغير عذر، ثم عاد واستخرج منه ديناراً: أنه يخرج [منه] واجب الدينار.

وقال في "البحر": إن بعض الأصحاب خرج قولاً: أنه لا شيء في الدينار؛ لأن حكمهما مختلف، فلا يضم.

وقد حكاه الإمام عن رواية الشيخ أبي علي في "الشرح"[وجهاً]، موجهاً له بأنه [كما] لا يضم الدينار إلى التسعة عشر ليخرج زكاتها؛ فكذا لا تضم إليه لتخرج زكاته، وهو بعيد.

وفي "التتمة": أنه قول الشيخ أبي حامد، وأنه طرده فيما إذا كان يملك من غير المعدن نصاباً جارياً في الحول؛ استدلالاً بقول الشافعي في "الأم": ولو استفاد ركازاً لا زكاة فيه، واستفاد في الغد مثله، ولو جمعا وجبت فيهما- لم يكن في واحد منهما خمس.

ص: 483

والصحيح الأول، وصورة مسألة الشافعي: إذا كان الأول قد تلف، وعلى كلا الوجهين: يعقد للمال حول من حين كمل النصاب إلا أن ينفصل النصاب بما يخرجه، ولو كان ما وجده في المعدن دون النصاب، وكان يملك مالاً للتجارة يكمل به النصاب-[و] مثاله: أن يكون قد استخرج من المعدن مائة درهم، وفي ملكه عرض للتجارة قيمته مائة- فله ثلاث أحوال:

الحالة الأولى: أن يكون قد استخرج المائة من المعدن مع آخر جزء من الحول حيث يتم حول المائة مع هذا النيل من غير فرض تقدم ولا تأخر، فحق المعدن واجب في المائة على الأصح، وتجب زكاة التجارة في العرض تفريعاً على الأصح في أن النظر في زكاة التجارة لآخر الحول.

قال الإمام: وهذا حسن فقهه، لكن نيل المعادن غير مستفاد من جهة التجارة، وقد ذكرنا في زكاة التجارة عن ابن سريج: أن الجارية المشتراة للتجارة إذا ولدت لم يضم الولد إليها، فالنيل أولى بألا يضم، وقد ذكرنا في شراء الأشجار للتجارة: أن الثمار في حساب التجارة مضمونة، وهذا أيضاً يخالف ما ذكره ابن سريج في الولد، ولسنا نحكم بقول ابن سريج على هذه الأصول، بل يستدل بها على تزييف ما حكيناه عن ابن سريج.

قلت: ولا دليل فيها على فساد مذهب ابن سريج؛ لأن دعوى ابن سريج: أن ولد الجارية لا يقوم معها لتجب فيه زكاة التجارة؛ لأنه عرض تجدد في ملكه بغير معاوضة ولا بنية تجارة، والعرض إنما تجب فيه الزكاة إذا كان للتجارة، ونتاج الجارية ليس من صنوف التجارة؛ فلا جرم قال بعدم الضم، ومسألة الثمرة، قد تقدم [أن] الخلاف فيها كالولد، والكلام هاهنا مفروض فيما إذا وجد من المعدن الجنس الذي يقوم به عرض التجارة دون ما عداه، ونحن إذا وجدنا في ملك صاحب [مال] التجارة من جنس المال الذي يقوم به عرض التجارة كملناه به، وإن لم يكن للتجارة، دليله: ما تقدم من أنه إذا كان معه مائة درهم، فاشترى بخمسين منها عرضاً للتجارة، وتم الحول وقيمته مائة وخمسون،

ص: 484

والخمسون باقية في ملكه- فإنا نوجب عليه زكاة التجارة؛ نظراً إلى تكملة نصابها بما بقي على ملكه من المائة وإن لم تكن للتجارة، فتأمل ذلك.

وقد ذكر الإمام عن الشيخ أبي علي أنه حكى ما ذكرناه فيما إذا كان في ملكه مائة عتيدة لا للتجارة، واستخرج من المعدن مائة مع تمام حول المائة العتيدة- ضم ثم قال: وما ذكره من إيجاب زكاة المستخرج من المعدن على وجهه، وأما إيجاب زكاة المائة العتيدة فسهو عظيم؛ فإن المائة لم ينعقد عليها حول حتى يفرض لها آخر، ولا شك أن المائة لا زكاة فيها في الصورة التي ذكرناها.

قلت: وما حكاه الشيخ أبو علي قد ذكره القاضي أبو الطيب والماوردي في أوائل باب صدقة الغنم عن بعض الأصحاب، وحكاه الرافعي عن رواية صاحب "الإفصاح"، ووجه بأن الدراهم التي وجدها ركازاً وجبت عليه زكاتها في الحال، فهي بمثابة المائة التي مكثت في يده حولاً، وإذا كانت بمثابتها وجبت فيهما الزكاة؛ لأنهما نصاب، وما ذكره الإمام قد حكوه أيضاً عن بعض الأصحاب، فانتظم في المسألة وجهان.

الحالة الثانية: أن يجد المائة في أثناء حول التجارة وقيمة العرض مائة، فقياس قول ابن الحداد- كما قال الإمام-: إيجاب حق المعدن في المائة التي وجدها، فإنا نكمل النصاب بالمائة في مالية التجارة، ونوجب حق المعدن دون زكاة التجارة.

[وقال الرافعي: إن بذلك أجاب ابن الحداد، واختاره أبو الطيب، وهو ظاهر نصه في "الأم"].

وفي المسألة وجه آخر حكاه الشيخ وذكره العراقيون: أنه لا يجب في النيل حقه أيضاً، وقد تقدم نظيره.

الحالة الثالثة: أن يجد المائة بعد تمام حول التجارة، وقيمة عرض التجارة حين حال الحول وبعده مائة، فهذا يبنى على أن عرض التجارة لو كانت قيمته آخر الحول دون النصاب، ثم بلغت قيمته بعد ذلك نصاباً- هل نجعل حالة بلوغه النصاب انتهاء حوله حتى نوجب فيه زكاة الركاز، أو نستأنف له الحول من

ص: 485

حين انقضى الحول الأول؛ تفريعاً على الصحيح في اعتبار نصاب التجارة آخر الحول فقط؟ وفيه خلاف تقدم في الكتاب.

فإن قلنا بالأول كان الحكم في مسألتنا كالحكم في [الحالة الأولى من أحوالها.

وإن قلنا بالثاني كان الحكم في مسألتنا كالحكم] في الحالة الثانية.

ثم ما ذكرناه تفريع على عدم اعتبار الحول في المستخرج من المعدن، ولا فرق فيه بين أن نقول: الواجب في زكاة المعدن ربع العشر أو الخمس، وإن كان موجب زكاة التجارة والمعدن مختلف صرح به الإمام وغيره.

وأخرج الشيخ بقوله: "من الذهب أو الفضة"، غيرهما من الجواهر المنطبعة: كالحديد والنحاس وغيرهما، وغير المنطبعة:[كالفيروزج والياقوت ونحوهما؛ فإنه لا زكاة في ذلك عندنا خلافاً لأبي حنيفة في المنطبعة]، ولأحمد في المنطبعة وغيرها للآية.

ودليلنا على أبي حنيفة: أنها جنس مقوم مستفاد من المعدن، فوجب ألا يتعلق به حق المعدن؛ قياساً على الفيروزج والبرام.

وعلى أحمد قوله- عليه السلام: "لا زكاة في حجر" وبالقياس على الطين الأحمر.

وقد حكى في "الوسيط" وجهاً رواه الرافعي عن حكاية الشيخ أبي علي في "شرح التلخيص": أنها تجب في كل معدن.

وبقوله: "وهو من أهل الزكاة" المكاتب، وكذا العبد إذا أذن له السيد في استخراج ذلك على أن ما يخرجه يكون ملكاً له. وفرعنا على أن العبد يملك بتمليك السيد،

ص: 486

فإن النيل يكون للعبد كما حكاه ابن الصباغ وأبو الطيب، ولا زكاة عليه.

نعم إن قلنا: لا يملك بتمليك السيد كان النيل للسيد، وزكاته عليه، وقد ادعى الإمام في أثناء قسم الصدقات: أنا إذا حكمنا بأن العبد يملك بتمليك السيد، فلو قال له: ملكتك ما تحتطبه وتصطاده، أو ما تتهبه، فإذا وجد سبب من هذه الأسباب لم يحصل الملك للعبد؛ فإن التمليك لا يحصل إلا من جهة السيد في ملك حاصل، وتمليك الأسباب لا يملك العبد ما [يحصل] بها.

والكافر ممنوع من معادن دار الإسلام، فإن أخذ منها شيئاً لم يملكه على وجه حكاه الماوردي، وطرده في أخذه الركاز.

وقال الإمام: إنه يملك المستخرج من المعدن. وأبدى في ملكه الركاز احتمالاً بعد حكايته عن الأصحاب: أنه يملكه، ووجه احتماله: بأن الركاز [صار] كالحاصل في قبضة الإسلام، وهو في حكم مال تحصل للمسلمين ضال عنهم.

والصحيح الذي نص عليه في "الأم": أنه يملكه ولا يجب عليه عندنا شيء، بناء على الأصح في أن مصرف ذلك مصرف الزكاة خلافاً لأبي حنيفة، فإنه أوجب عليه فيه الخمس بناء على أصله في أن الواجب في المعدن غير زكاة، ولأجل مخالفته أكد الشيخ ما ذكره في أوائل كتاب الزكاة بقوله هنا:"وهو من أهل الزكاة"؛ حتى يخرج الذمي وغيره.

قال الأصحاب: والفرق بين ما قلناه هنا من أن الكافر يملك نيل المعدن، وبين

ص: 487

ما قلناه في الإحياء: أنه لا يملك [بالإحياء في دار الإسلام- أن ضرر الإحياء مؤبد فلم يملك به وضرر عمله في المعدن غير مؤبد فملك به]؛ كما يملك الصيد والماء [العد].

وبقوله: "دفعة، أو في أوقات متتابعة" ما إذا حصل في أوقات متفرقة عادة بترك أو إهمال، كما ذكرناه، فإنه لا يضم بعضه [إلى بعض]؛ فإنه لا مرجع في ذلك إلا العرف، والعرف يعد كلا منهما مالاً منفرداً، وهذا بخلاف الثمرة [فإن] العام يجمعها.

قال الأصحاب: وإنما ضم بعضه إلى بعض عند التواصل في العمل عادة أنه لابد من وقوع مهلة بين النيل، فلو قلنا: لا يضم أدى ذلك إلى سقوط الزكاة عنها، ألا ترى أن ظهور الصلاح في بعض الثمار بمنزلة ظهوره في الكل؟ لأنا لو اعتبرناه ثمرة ثمرة سقطت الزكاة [فكذا المعادن].

فإن قلت: قد تقدم أن المذهب الصحيح الذي قال به ابن الحداد ضم الدينار الذي وجده من المعدن بعد انقطاع العمل إلى ما وجده من قبل في تكملة النصاب، فكيف أطلقتم هاهنا القول بعدم ضم البعض إلى البعض، واتبعتم في ذلك البندنيجي، وابن الصباغ وغيرهما؟

قلت: المراد بالضم في حال توالي العمل عادة أنا نضيف الأول إلى الثاني، والثاني إلى الأول في إكمال النصاب، ونوجب زكاة المجموع سواء كان ما وجده أولاً قائماً حين وجدان الثاني، أو أتلفه المالك، كما صرح به الماوردي والبغوي وغيرهما، وهو المنفي عند تفريق العمل بترك وإهمال، والضم الذي ذكرناه عن ابن الحداد منوط بما إذا كان ما وجده أولاً قائماً فثبت الفرق بينهما.

وقد أفهم كلام الشيخ: أن الانقطاع عن العمل بدون ترك أو إهمال غير مانع من الضم، وهو الذي ذكره العراقيون ومثلوا ذلك بما إذا انقطع [لأجل]

ص: 488

انكسار آلة العمل أو تعذر أداة، أو لهرب عبد، أو لخوف على نفسه أو جرح، وما أشبه ذلك، ولا فرق عندهم بين أن يطول زمان الانقطاع أو يقصر.

وقال الإمام ومن تبعه: إن كان انقطاعه لأجل إصلاح آلة فهو كالاستمرار على العمل.

قال الرافعي: وفي معنى ذلك هرب العبيد والأجراء ونحو ذلك من الأعذار.

وإن كان لأجل سفر أو مرض فوجهان: أصحهما في "الرافعي": الضم وهو ما نص عليه في المرض، ولم يذكر الأكثرون غيره، قال الرافعي: وينبغي أن يكون السفر مرتباً على المرض.

ثم هذا إذا قرب الزمان، فلو بعد فقد حكى عن الصيدلاني وغيره وجه: أنه لا ضم كما لو كان بغير عذر، حكاه في "البحر" أيضاً.

ولو كان العمل متواصلاً عادة، وانقطع النيل، ثم عاد فهل يضم الأول إلى الثاني كما تقدم، أو يفرد كل منهما بنفسه؟ فيه قولان حكاهما القاضي أبو الطيب وغيره: الجديد منهما: الضم، والقديم: لا.

وقال القاضي الحسين وغيره من المراوزة، والماوردي: محلهما إذا كان زمن الانقطاع كثيراً، فول كان يسيراً لم ينقطع بلا خلاف، قال في "البحر" وفي حد الكثرة وجهان:

أحدهما: ثلاثة أيام.

والثاني: يوم واحد.

ورأيت الوجهين في "التتمة" محكيين عن القاضي الحسين.

فرع: لو كان في المعدن شريكان فالزكاة على قولين: إن قلنا: تصح الخلطة في غير الماشية زكيا زكاة الخليطين، وإلا زكى كل منهما زكاة المنفرد، قاله في "الأم".

قال: في الحال في أصح القولين؛ لأن الحول إنما جعل للتمكن من تمييز المال وتنميته، والمستخرج من المعدن نماء في نفسه، فلا معنى لاعتبار الحول فيه كما في النتاج، ويخالف النصاب حيث قطع هؤلاء باعتباره؛ لأنه معتبر لبلوغ

ص: 489

المال حداً يحتمل المواساة، وذلك لا يختلف بين مال ومال؛ ولأنه حق مستفاد من الخارج من الأرض فلم يشترط فيه الحول ووجبت فيه الزكاة عند تكامله [نصاباً]؛ كالحبوب.

وهذا ما نص عليه في القديم والجديد. وقال في "الحاوي": إن جمهور أصحابنا قطعوا به، ونفوا خلافه وهي طريقة حكاها ابن عبدان.

قال: ولا تجب في الآخر حتى يحول عليه الحول؛ لعموم قوله- عليه السلام: "لا زكاة في مالٍ حتى يحول عليه الحول"؛ ولأنها زكاة واجبة في مال تتكرر فيه الزكاة فوجب أن يعتبر فيها الحول؛ كزكاة السائمة والنقدين [والعروض].

واحترزنا بقولنا: "تتكرر فيه الزكاة" عن المعشرات؛ فإنه لا تتكرر فيها الزكاة، وهذا القول قال المزني: إنه أخبره به من يثق به، وإنه مومئ إليه في "مختصر" البويطي- أي: مع القول الآخر- كما صرح به غيره.

قال القاضي الحسين: والذي أخبر عنه المزني قيل: إنه أخته؛ لأنها كانت تحضر مجلس الشافعي. وقد حكى الرافعي ذلك عن بعض الشارحين، وأنه لم يجب تسميتها.

ولا فرق في جريان القولين عند العراقيين بين أن نقول: الواجب في المعادن ربع العشر أو الخمس.

وقال المراوزة: إن قلنا: إن الواجب فيها الخمس، فلا يشترط الحول قولاً واحداً، وإنما القولان إذا أوجبنا فيها ربع العشر.

قال الغزالي: وإذا اعتبرنا النصاب والحول لا يبقى لإضافة الزكاة إلى المعادن وجه.

ص: 490

قال: وفي [قدر] زكاته ثلاثة أقوال:

أحدها: ربع العشر لعمومات الأخبار الواردة في الذهب والفضة، وهذا ما نص عليه في القديم، والإملاء، والأم؛ كما قال الماوردي وهو الصحيح.

والثاني: الخمس؛ لما روى أبو سعيد المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في الركاز الخمس، فقيل: يا رسول الله، وما الركاز؟ فقال: "الذهب والفضة، اللذان جعلهما الله تعالى في الأرض يوم خلقها".

ولفظ عبد الحق في "الأحكام" في حكاية ذلك: فقال: "هو الذهب الذي خلق الله في الأرض يوم خلق السموات والأرض".

وبالقياس على الركاز بجامع أن كلا منهما مركوز في الأرض.

وهذا القول قيل: إنه مخرج وليس للشافعي ما يدل عليه وقيل: إن الشافعي أومأ إليه في "الأم".

والخمس المأخوذ زكاة بلا خلاف عند العراقيين.

قال القاضي أبو الطيب، والبندنيجي، وابن الصباغ: ولا يختلف مذهب الشافعي فيه. واستدل له الماوردي بما روى عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن الحارث بن بلال المزني، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"انه أخذ منه زكاة المعادن [القبلية".

وبقوله عليه السلام: "ليس في المال حق سوى الزكاة"؛ فدل على أن ما

ص: 491

يؤخذ من المعدن زكاة] وإذا ثبت أنه زكاة صرف مصارفها ولا يجوز صرفه لمن أخذ منه وإن كان بصفة الاستحقاق، كما لا يصرف إليه زكاة نفسه.

وقال المراوزة: هل يصرف على هذا مصرف خمس الغنيمة والفيء؟ فيه وجهان حكاهما في "البحر" عن رواية القاضي أبي علي الزجاجي قولين.

وقال الرافعي: إن صاحب "التلخيص" ذكر الطريق الأول في باب زكاة المعدن في "التلخيص"، والطريق الثاني:[في باب] بعده. ثم إذا قلنا: إن مصرفه مصرف خمس الفيء لا تشترط فيه النية، ويؤخذ من الذمي على قول أو وجه.

قلت: وكذا ينبغي أن يؤخذ من المكاتب؛ لأن غنيمته تخمس؛ ولأجل ذلك قال به أبو حنيفة.

والثالث: إن أصابه بتعب أو مؤنة مثل: أن احتاج إلى الطحن والتخليص بالنار والحفر- وجب فيه ربع العشر، وإن أصابه بلا تعب ولا مؤنة- أي بأن وجده ندرة أو مرة واحدة في بطحاء كشفتها الريح أو إثر سيل- وجب فيه الخمس؛ لأنه حق تعلق بالمستفاد من الأرض فاختلف بخفة المؤنة وبقلتها كزكاة الزرع، وهذا ما أومأ إليه في "الأم"، وقال الفوراني: إنه أقيس. وما ذكرناه من التفسير لأحوال الاستخراج على هذا القول هو الذي أورده الجمهور، ولم ينظروا إلى قلة الموجود وكثرته.

وحكى الإمام مع ذلك طريقاً آخر: وهو أن الاحتفار من المعدن إذا كان يكثر عد ذلك من العمل المعتبر، كالطحن، والعلاج؛ فالنظر إلى نسبة النيل إلى العمل، أي عمل كان، ولأهل البصائر في ذلك جهات في الكلام، [فربما يعدون العمل كثيراً والنيل بالإضافة إليه قليلاً]، وربما يعدون النيل كثيراً والعمل بالإضافة إليه قليلاً، وربما يعدون ذلك مقتصداً فما يعد نيله بالإضافة إلى عمله

ص: 492

قليلاً أو مقتصداً فواجبه ربع العشر وما عد كثيراً بالإضافة إلى عمله فواجبه الخمس.

وإيضاح ذلك بأن نقول: إذا كان استفادته ديناراً في اليوم مقتصداً فلو استفاد ديناراً إلى قريب من آخر النهار ثم استفاد بعمل قليل ديناراً في بقية النهار- فالواجب عليه في الدينار الأول: ربع العشر، [و] في الثاني: الخمس، ولا نقول: يجب فيهما الخمس؛ لأن وجدان الدينار إذا كان مقتصداً في اليوم فعمل العامل طول يوم فلم يجد شيئاً، ثم إنه وجد في آخر النهار دينارين فلا ينبغي أن نوجب في جميعها الخمس، ولكن نحط من جملته القدر المقتصد وهو دينار، فنوجب [فيه] ربع العشر ونوجب في الدينار الزائد الخمس، وفيه احتمال على بعد في إيجاب الخمس فيهما؛ لأن ذلك [الزمان] قد حبط لعدم الوجدان فيه ولا وجه إلا ما قدمته.

وهذه الطريقة هي التي أوردها في "الوسيط" حيث قال: إن كان النيل بالإضافة إلى العمل قليلاً في العادة فعليه ربع العشر، وإن عد زائداً على المعتاد فالمقدار اللائق بالمعتاد فيه ربع العشر، والزائد عليه يختص بالخمس.

قال: ولا يخرج الحق إلا بعد الطحن والتلخيص؛ لأن به يتحقق الواجب؛ فصار كما نقول في العشر: لا يخرج إلا بعد [التصفية والتجفيف]، ومؤنة ذلك على رب المال دون الفقراء، كما تقدم مثله في المعشرات، ولو أخرج شيئاً قبل الطحن والتلخيص ودفعه إلى الساعي ضمنه الساعي، ووجب عليه رده إن كان باقياً، فإن رده واختلفا في عينه أو قدره فالقول قول [الساعي]، ولو تكلف الساعي طحنه وتخليصه كان متبرعاً بذلك، ولا يرجع بشيء من المؤن على رب المال.

قال القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما: ثم ينظر: فإن كان الذي حصل منه بقدر ما عليه فلا كلام، وإن كان أقل طالبه بالتمام، وإن [كان أكثر] رد الفضل عليه.

ص: 493

قال الماوردي: ونظير ذلك ما إذا أخذ المصدق عشر الثمرة رطباً وهو مما يتتمر، فعليه رده، فلو جففه احتسب بما حصل منه زكاته، وطالبه بالنقص، ورد ما زاد.

وقال البندنيجي: هذه المسألة- أعني مسألة المعدن- لا نص فيها، والذي يجيء على قولنا أن رب المال إذا قال للساعي بعد التصفية: أمسكه زكاة، أنها تقر في يده وتقع موقعها بهذا الإقرار الآن، [لا] بالتسليم الأول، وهذا يقتضي أنه لا يجزئه بدون الإقرار.

وقد حكيت عن رواية ابن كج في مسألة الثمرة وجهاً: أنه لا يجزئ بحال لفساد القبض من أصله، ولا شك في جريانه هاهنا.

ولو تلف المأخوذ قبل الطحن والتخليص في يد الساعي، قال الأصحاب: قوم بالذهب إن كان فضة، وبالفضة إن كان ذهباً؛ حذراً من الربا، وضمن ذلك الساعي، فإن اختلفا في قدر قيمته فالقول قول الساعي مع يمينه؛ لأنه غارم.

قال: وإن وجد أي من هو من أهل الزكاة كما تقدم- ركازا [من دفين] الجاهلية في موات [من الأرض] وهو نصاب من الأثمان- وجب فيه الخمس والله أعلم؛ لما روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "العجماء جرحها جبارُ، والبئر جبارٌ، والمعدن جبارُ، وفي الركاز الخمس" أخرجه مسلم،

ص: 494

والفرق بينه وبين المعدن، حيث قلنا: إن الصحيح أن واجبه ربع العشر أن الركاز لا يلزم آخذه في تحصيله مؤنة، وإن لزمته فهي يسيرة، والمؤن في المعدن إلى أن يتحصل الذهب والفضة كثيرة فكان واجبه لأجل ذلك أقل كما في زكاة المعشرات.

فإن قيل: قد تقدم أنه- عليه السلام فسر الركاز بما يقتضي أنه أراد به- حيث أوجب فيه الخمس- المعدن، وهو لغة أهل العراق كما قال مجلي، وإذا كان كذلك لم يكن فيما ذكرتموه من الخبر دلالة على المدعي، وهو وجوب الخمس في الركاز.

قلنا: قد ذكرنا أن "الركاز" لغة وشرعاً غير "المعدن"- وإن صح إطلاقه على المعدن بجامع أن كلا منهما مركوز تحت الأرض- والاستعمال في الحقيقة أولى.

على أن في هذا الخبر ما ينفي أن المراد بالركاز المذكور فيه: المعدن؛ لأنه قال فيه: "والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس"؛ فدل على تغاير مراده بهما.

على أن ما تقدم من التفسير قد قال عبد الحق: إن أبا حاتم القزويني قال: راويه متروك الحديث. وإن ما روي من طريق آخر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح أيضاً، قاله الدارقطني.

تنبيه: كلام الشيخ – رحمه الله يفهم أموراً:

أحدها: أن ما كان مدفوناً [من] دفين الجاهلية وكشفه السيل؛ [لأنه كان

ص: 495

في مجرى السيل]، أو كان على شفير واد فانهار- أن حكمه حكم الركاز فيما ذكره، وبه صرح الماوردي، وقال فيما إذا وقع الشك في أنه هل أظهره السيل ونحوه؟ أو كان ظاهراً هل يكون ركازاً كما لو تحقق أنه أظهره السيل، أو يكون لقطة كما لو تحقق أنه كان على وجه الأرض؟ فيه وجهان كالوجهين فيما إذا وقع شك في المدفون، هل هو من دفين الإسلام أو الجاهلية؟

الثاني: أنه لا فرق فيما ذكره بين أن يكون الموات موات دار الإسلام أو دار الحرب أو دار العهد، وهو المذهب، ولم يورد الأكثرون غيره.

وقيل: إن الموجود في موات دار الحرب يكون غنيمة، كذا حكاه ابن يونس ولم أره هكذا في غيره. [نعم، غيره] قال: موات دار الحرب الذي لا يذبون عنه كموات دار الإسلام، وما يذبون عنه كعامر ديارهم؛ فالموجود فيه يكون غنيمة وهذا يحكى عن الشيخ أبي علي، ولم يورد القاضي الحسين في "تعليقه" غيره، والأكثرون قالوا: حكمه حكم ما لا يذبون عنه.

قلت: [ثم] لو صح ما قاله الشيخ أبو علي لاختص ذلك بما إذا أخذت بلادهم بالقهر والغلبة كما قيده القاضي الحسين، دون ما إذا أخذت بدون ذلك؛ فإن قياسه يقتضي أن يكون فيئاً كما سنذكره.

وقال في: "الحاوي" في السير: إنه إذا وجد الركاز في موات دار الحرب، أو طريق سابل: إن كان عليه طابع قريب العهد يجوز أن يكون أربابه أحياء فهو غنيمة، وإن كان عليه طابع يدل على أن أربابه غير أحياء فهو لواجده وعليه خمسه، وإن أشكل أمره واحتمل الأمرين ففيه وجهان:

أحدهما: يكون غنيمة؛ اعتباراً بالمال.

والثاني: يكون ركازاً؛ اعتباراً بموضعه.

الأمر الثالث: أن واجد الركاز يملكه ويجب عليه فيه الخمس كما يجب عليه العشر في ثماره، وربع العشر في تجارته، وبذلك صرح الأصحاب هنا وفي المعدن- أيضاً- إذا قلنا: إن واجبه الخمس، ويخالف إيجاب الخمس في الغنيمة؛ فإن الغانمين لا يملكون منها إلا أربعة أخماسها وخمسها لأهله

ص: 496

ابتداء، ولذلك لا يجوز أن يعطي الخمس من غيرها بدون رضا مستحقيه بخلاف الزكاة، فإنها تعطي من غير الركاز والمعدن.

قال: في الحال؛ لما سبق من التعليل في المعدن، قال الماوردي: وهو إجماع أهل الفتوى، ويخالف المعدن حيث اعتبر فيه الحول على قول بعيد؛ لأن الركاز لا يفتقر إخراجه إلى مدة طويلة ولا كذلك المعدن؛ فإن المال المستخرج منه يحتاج [في تحصيله] وتميزه إلى مدة طويلة؛ فلذلك ضربنا له مدة الحول كما ضربناه لأموال التجارة؛ حتى يتمكن التاجر من تقليب المال والتصرف فيه في مدة الحول.

قلت: وهذا الفرق يقتضي التفرقة بين ما يجده بدرة أو في بطحاء كشفها الريح أو السيل وبين ما يحتاج فيه إلى الطحن والتخليص.

وجوابه: أن النظر إلى الأغلب، ولا يقال: إن الفرق ينتقض بالحبوب والثمار؛ فإن مالكها يحتاج قبل دفعها إلى الفقراء إلى التجفيف والدراس والتصفية، ومع ذلك فإن مالكها لم يضرب له مدة الحول وأوجبنا الزكاة بانعقاد الحب وبدو الصلاح في الثمار- لأن الحبوب والثمار لا تتكرر فيها الزكاة؛ فلا ضرر على مالكها بعد ضرب الحول؛ ليقع ذلك فيه، ولا كذلك المستخرج من المعدن فإنا لو أوجبنا زكاته في الحال لانعقد عليه حول آخر من حين ملكه؛ لأنه مما يتكرر وجوب الزكاة فيه، ولكان ما يقع من الطحن والتلخيص في الحول المضروب عليه، وفيذلك إضرار به.

وهذا الفرق قلته مستمداً مما حكيته عن الإمام: فيما إذا اشترى نخلاً للتجارة

ص: 497

وقدمنا زكاة العين- أننا نستأنف للتجارة حولاً، لكن بعد الجفاف لما ذكرناه من المعنى.

فإن قلت: الصحيح أن الحول لا يعتبر في المعدن أيضاً كما تقدم، وإن كان ما ذكرته من المعنى موجوداً فيه، وذلك يقدح فيما قاله الإمام في مسألة الثمار.

فجوابه: أن كون الموجود في المعدن نماء [كله] يجبر ما يحصل من [الضرر المذكور]، ولا كذلك في مسألة الثمار، والله أعلم.

ثم دفين الجاهلية- كما قال الأصحاب-: يعرف [بأن يوجد عليه اسم] ملك من ملوك [أهل] الشرك أو صليب ونحو ذلك، وفيما قالوه نظر؛ لأن المسلم قد يدفنه وقد ملكه بهذه الصفة.

قال: وإن كان دون النصاب- أي: وليس في ملكه من جنسه ما يكمل به النصاب، سواء كان في ملكه من غير جنسه شيء أو لم يكن، أو قدر النصاب من غير الأثمان- ففيه قولان:

وجه الوجوب- وهو القديم-: ظاهر الخبر؛ فإنه يقتضي إيجاب الخمس في القليل والكثير من الذهب والفضة وغيرهما، وبالقياس على الغنائم ومال الفيء.

ووجه المنع- وهو الجديد الذي نص عليه في "الأم"، و"الإملاء" كما قال الماوردي-: "أنه حق يتعلق بالمستفاد من الأرض؛ فاختص بما يجب فيه الزكاة كحق المعدن.

ومنهم من قطع بهذا القول، وقال: الخبر محمول على ما إذا كان نقداً نصاباً؛

ص: 498

كما قال: "وفي الرقة ربع العشر" وأراد: إذا بلغت نصاباً، والفرق بين ما نحن فيه والغنيمة والفيء: أن ذلك يؤخذ من الكفار على وجه الإذلال لهم والصغار ولا كذلك الزكاة؛ فإنها تؤخذ من المسلمين تطهيراً، وعلى هذا يستحب له أن يخمس ما وجده للخروج من الخلاف نص عليه، ولا يضم ما وجده من الركاز دون النصاب في موضع إلى ما وجد في آخر وإن قرب ما بينهما من المسافة، بل يستأنف لهما الحول من يوم تم النصاب، ويخرج في آخره ربع العشر نص عليه في "الأم".

وعلى كلا القولين فما مصرف هذا الخمس؟ فيه قولان، أو قول ووجه وهو المشهور، والقول الصحيح: أن مصرفه مصرف الزكاة؛ لأنه حق واجب في المستفاد من الأرض فأشبه الواجب في الزرع والثمار.

وقال المزني وأبو حفص بن الوكيل البابشامي، وأبو جعفر الترمذي: إن مصرفه مصرف الفيء- أي: خمس الفيء- لأن أصل ذلك من جهة مشترك، بخلاف المعدن.

والحجة عليهم ما تقدم.

وقال القاضي الحسين: إن قلنا باختصاص ذلك بالذهب والفضة، إذا كان نصاباً فمصرفه مصرف الصدقات، وإن قلنا بوجوبه في كل قليل وكثير من ذهب وفضة وغيرهما، ففيه الوجهان.

أما إذا كان عنده أو له دين تجب فيه الزكاة لو كان نصاباً ما يكمل به المستخرج ركازاً نصاباً أو يزيد عليه- فقد أحال الرافعي الكلام فيه على ما تقدم في نظيره من المعدن.

وقال غيره- ما يقرب منه-: إنه ينظر: فإن كان ما عنده من غير الركاز نصاباً فلله ثلاثة أحوال:

أحدها: أن يوافق وجوده تمام الحول فيضم إليه الركاز ويخرج منه الخمس، ومما عنده واجبه.

وإن وجده بعد حولان الحول ولم ينقص ما عنده بما وجب فيه عن النصاب

ص: 499

فكذلك يضم الركاز إليه ويخرج منه الخمس، ثم إن كان أخرج واجب ما عنده، وإلا أخرجه.

قال ابن الصباغ: وهذه المسألة التي حكينا نصه فيها لم يختلف أصحابنا فيها.

وإن وجد قبل حولان الحول فلا خمس في الركاز، ويجب فيما عنده عند تمام حوله واجبه، وإذا تم الحول على الركاز من حين وجده أخرج ربع عشره، وهذا ما أورده في "المهذب" والقاضي أبو الطيب في "التعليق".

وقال في "الشامل": إن القاضي ذكر في "شرح الفروع": أنه إذا استفاد من المعدن أو الركاز تسعة عشر ديناراً ومعه دينار، أو ما يتم به النصاب- أخرج حق المعدن؛ لأن شرط الزكاة قد وجد فيه. واحتج بما ذكرناه عن الشافعي فيما إذا وجده بعد تمام الحول؛ فإنه يزكيه، وإن كان الحول الثاني لم يتم على ماله فلا حكم للحول الذي ينقضي قبل وجود الركاز، وكان بمنزلة من كان معه عشرون ديناراً أحد عشر شهراً ثم بادل تسعة عشر [منها] بمثلها- انقطع الحول فيها ولم ينقطع في الدينار.

ثم قال ابن الصباغ: وهذا الذي قاله القاضي هو ظاهر كلامه في "الأم"؛ فإنه قال: وإن كان ماله ديناً أو عيناً عرف الوقت الذي وجد فيه الركاز، ثم سأل فإن كان ماله الغائب كان في يد من وكله فهو ككينونة المال في يده وأخرج زكاة الركاز، فلم يعتبر وجوده في آخر جزء من آخر الحول أو بعده، ولو كان ما عنده أو ما له من الدين [الذي] يجب في مثله الزكاة دون النصاب، فإن حال عليه الحول من يوم ملكه، ووافق إخراج الزكاة آخر الحول- ففي ضم أحدهما إلى الآخر حتى نوجب الخمس في الركاز، وفيما عنده ربع العشر، وجهان:

أحدهما- وهو المشهور من مذهب الشافعي كما قال أبو الطيب-: الضم، وحكاه عن نصه في "الأم"؛ فإنه قال فيه: لا فرق بين أن يكون نصاباً، أو يتم بالركاز نصاباً، وتبعه في حكايته كذلك الشيخ في "المهذب"؛ ولأجله قال البندنيجي: إنه المذهب.

وابن الصباغ حكى إيجاب الخمس في الركاز عن نصه في "الأم"، ورجحه،

ص: 500

وإيجاب ربع العشر فيما عداه عن رواية أبي علي في "الإفصاح"، وقال: إنه ليس بصحيح.

والوجه الثاني: أنه يستأنف لهما حولاً من حين تم النصاب بالركاز، فإذا تم الحول أخرج ربع العشر منهما، كذا حكاه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ.

وحكى البندنيجي بدله: أنه يخرج الخمس من الركاز، ولا يخرج عما عنده شيئاً، وبه يحصل في المسألة ثلاثة أوجه:

قال البندنيجي: والحكم فيما إذا وجد بعد حولان الحول كالحكم فيما إذا وجده مع آخر الحول.

ولو وجد قبل تمام الحول، قال أبو الطيب: فلا يضم بلا خلاف، بل يستأنف الحول عليهما من حين تم النصاب.

وقال البندنيجي: لا نص لصاحبنا فيها.

وقال الشيخ- يعني أبا حامد-: ولكن يجيء على مذهبنا أنه لا يجب عليه شيء في الحال.

وقال ابن الصباغ: يجب في الركاز الخمس، وهو ظاهر كلام الشافعي كما ذكرنا، خلافاً لما ذكره أبو حامد، وحينئذ يستأنف الحول لهما.

وقد فرض الماوردي الكلام في المسألة فيما إذا وجد دون النصاب وعنده مال للتجارة قيمته دون النصاب والمجموع يبلغ نصاباً، وذكر الماوردي بعض ما ذكرناه.

قال وإن كان من دفين الإسلام فهو لقطة، أي: يفعل فيه ما يفعل بها كما سيأتي في بابه؛ لأن الظاهر أنه لمسلم أو ذمي فلا يحل تملك مالهما بغير بدل قهراً، وهذا ما أورده العراقيون.

وحكى الإمام عن رواية الشيخ أبي علي في "شرح التلخيص" وجهاً: أنه محفوظ لمالكه أبداً، وإن أخذه سلطان فهو مال لا يدري مالكه فإن رأى حفظه حفظه، وإن رأى استقرائه لمصلحة فعل، وهو اختيار القفال؛ لأن اللقطة هي التي تنسل من مالكها فتقع في مضيعة فأثبت الشارع لآخذها سلطان التملك بعد

ص: 501

السنة؛ ليكون ذلك ذريعة [لاستحثاث الأمناء على الأخذ، فأما ما وضعه مالكه كنزاً] فاتفق العثور عليه بسبب احتفار الأرض فليس يثبت فيه حكم التملك.

قال الشيخ: وكذلك لو طيرت الريح ثوباً في دار إنسان فليس ذلك لقطة تملك بعد التعريف.

وذكر غيره: أن حكم اللقطة يثبت في هذه المواضع كلها، قال الإمام: وهذا قياس متجه، ولكن فيما ذكره الشيخ أبو علي فقه.

ودفن الإسلام يعرف: بأن يكون مكتوباً عليه آية من القرآن، أو اسم النبي صلى الله عليه وسلم أو اسم أحد من الخلفاء أو ملوك الإسلام، وعن هذا احترز الشيخ بقوله:"من دفين الجاهلية".

وقد سكت [الشيخ] هنا عما إذا وجد ما يحتمل أن يكون من دفين الجاهلية، أو من دفين الإسلام كالأواني والسبائك والنقار ونحو ذلك، وقال في "المهذب": المنصوص: أنه لقطة؛ لأنه يحتمل الأمرين فغلب حكم الإسلام، ومن أصحابنا من قال: هو ركاز؛ اعتباراً بموضعه.

وما ادعى أنه المنصوص اتبع فيه الشيخ أبا حامد والبغداديين، ولأجله قال البندنيج: إنه المذهب. وما حكاه عن بعض الأصحاب، قد حكاه البصريون عن النص أيضاً، وكذا القاضي أبو الطيب وابن الصباغ، وقال في "البحر": إنه نصه في "الأم" حيث قال: أستحب له أن يعرف ويخمس؛ حتى إن كان لقطة كان قد وفى حق تعريفها، وإن كان ركازاً كان قد أخرج الخمس منها ولا أوجب عليه التعريف؛ لأن الظاهر منه إذا كان في الموات الذي يملك بالإحياء أنه [من] دفين الجاهلية.

ص: 502

وقال الإمام: إنا إذا قلنا لا يكون ركازاً، فهل يكون لقطة، أو يحفظه لمالكه؟ حكى الشيخ أبو علي [فيه وجهين؛ لضعف أثر الإسلام.

قال الرافعي: والذي رأيته للشيخ أبي علي] في "شرح التلخيص" مساعدة الجمهور في هذه الصورة؛ فإنه قال: يعرِّف سنة، فإن لم يظهر مالكها فعل بها ما يفعل بسائر اللقطات.

قال: وإن كان في أرض مملوكة- أي: وعرف مالكها- فهو لصاحب الأرض، أي: محكوم به لصاحب الأرض إن لم ينفه عن نفسه كالأثاث في داره؛ لأن يده على ما فيها، وعن هذه الصورة احترز الشيخ بقوله:"في موات [من] الأرض".

أما إذا لم يعرف مالكها:

فإن كانت جاهلية كديار الأكاسرة والملوك القديمة التي يعلم أنها [كانت] عامرة فبادت وباد أهلها، فحكمها حكم الموات، وألحق بذلك أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما قبور الجاهلية؛ لخبر ورد فيها، وهذا كما قال الإمام فيما إذا لم يتفق فيه اختصاص لغانم ولا لمن يستحق الفيء.

وإن كانت إسلامية فالموجود فيها لبيت المال دون الواجد، قال الماوردي: ولا يكون لقطة. وهو اختيار القفال كما قال في "البحر"؛ لأن اللقطة: ما وجدت في غير ملك وضاع من صاحبه.

وقال في "البحر": إن من أصحابنا من قال: إنه لقطة.

وقال أبو ثور: هو ركاز. وهو غلط وهكذا حكم الموجود في ديار أهل العهد الداثرة قاله الماوردي.

وفي "ابن يونس": أنا إن قلنا [في الأرض التي يعرف مالكها: تملك بالإحياء، فهي كالموات، وإن قلنا]: لا تملك، فهو لقطة على أصح الوجهين، ومال ضائع على الآخر.

ولو نفى صاحب الأرض الملك عن نفسه في الركاز عرض على من انتقلت

ص: 503

عنه الأرض إن كان حياً أو على ورثته إن كان ميتاً، فإن ادعوه سلم إليهم بلا يمين؛ إذ لا منازع، وإن نفوه انتقلنا إلى من انتقل الملك عنه، وهكذا إلى أن يدعيه من كانت في ملكه فيسلم إليه، أو يجهل من كانت الأرض له فيكون حكمه [حكم] ما تقدم.

ولو ادعاه بعض ورثة من كانت الأرض له حين العرض عليهم، ونفاه باقي الورثة- سلمت حصة المدعي منه إليه وباقيه يفعل فيه ما كان يفعل في الجميع عند نفي الكل له.

ولو كان الركاز في دار مستأجرة أو مستعارة فادعاه المستأجر أو المستعير ولم ينازعه مالكها- سلم له ولا يمين، وإن نازعه مالكها فالقول قول المستأجر والمستعير لكن مع اليمين؛ لأنه صاحب اليد، وقال المزني: القول قول المالك. وليس بشيء.

وهكذا الحكم فيما لو تنازع بائع الأرض ومشتريها وهي في يده باقية، فالقول قول المشتري مع اليمين، وقد أطلق الجمهور الحكم كما ذكرناه، وقيده الشيخ أبو علي بما إذا كان الموضع بحيث يتصور ممن في يده العين وضعه في المدة التي تثبت يده فيها، ولو على بعد، فإن كان وضعه وصفته تنافي دعواه على قطع فلا نصدقه، بل نصدق من كان قبله على شرط الإمكان الذي ذكرناه.

قال الإمام: ولا شك فيما ذكره، ولو وقع التنازع بين المستأجر والمؤجر بعد عود الأرض [إلى الآخر، فإن ادعى الآخر أنه دفنه بعد العود] وكان ذلك ممكناً- فالقول قوله مع اليمين، وإن ادعى أنه كان دفنه قبل الإيجار وتسليمها إلى المستأجر فمن القول قوله منهما؟ وجهان، قال الإمام: الظاهر منهما أن القول قول المستأجر؛ لأن المؤجر اعترف له بسبق اليد عليه.

ص: 504

وقد أفهم كلام الشيخ أموراً:

أحدها: أن الأرض إذا ملكت بالاغتنام يكون الركاز فيها غنيمة لهم، وكذا إذا ملكها أهل الفيء يكون لأهل الفيء، وبه صرح الأصحاب [وقالوا]: لو بنى مشرك حصناً أو قرية، ودفن فيها كنزاً، فبلغته الدعوة، فعاند ولم يسلم حتى مات وخربت القرية، ثم وجد مسلم ذلك الكنز- لا يكون ركازاً؛ بل يكون فيئاً، وإنما يكون ركازاً إذا لم يعرف حاله هل بلغته الدعوة فحل ماله، أو لم تبلغه الدعوة فلم يحل ماله؟ قاله في "البحر".

الثاني: أنه [لو] ملك الأرض بالإحياء كان الركاز له سواء أخرجه هو أو غيره وهو المذكور في "تعليق" القاضي الحسين، وحكاه الرافعي عن رواية القفال في "شرح التلخيص"، وهو المذكور في "الحاوي" – أيضاً- وطرده فيما إذا أقطع الإمام أرضاً [فوجد فيها ركازاً، فهو لمقطع الأرض] وإن وجده غيره.

وحكى مجلي: "في أن المحيي هل يملك الركاز بالإحياء تبعاً للأرضن خلافاً مرتباً على ما إذا أغلق الباب على ظبية دخلت موضعه من غير قصد تملكها: هل يملكها أم لا؟ والأظهر: أنه لا يملكها، وهذا الذي ذكره هو من تخريج الإمام، وبنى عليه أيضاً ما إذا باع المحيي الأرض والركاز فيها هل يختص به المشتري؟ قال: إن قلنا: إن المحيي ملكه، لم يملكه المشتري وكان للمحيي، وهو الذي أورده القاضي الحسين، وإن قلنا: لا يملكه المحيي، فهو أحق به ما دامت الأرض في يده لا محالة، فإذا باعها هل ينتقل هذا الحق إلى المشتري؟ فيه خلاف.

والثالث: أن ما يوجد في الأرض المملوكة لشخص وهي مستطرقة لسائر الناس من غير منع من مالكها، يكون لمالكها دون أحد، وقد ذكر صاحب "التقريب" فيه خلافاً، قال [الإمام]: وفي موضع الخلاف تأمل، وظاهر كلامه أنه أورده في حكمين:

ص: 505

أحدهما: أنه إذا وجد من ليس بمالك للساحة، ولم يكن مالك الأرض محيياً على الابتداء؛ فكان لا يتبين لنا من الذي أحيا الأرض ابتداء- فهل له أخذه؟ فعلى وجهين، قال الإمام: والظاهر عندي أنه لا يضر أخذ الركاز من الأرض المملوكة ملكاً له، وإنما الخلاف في حكم التنازع، فإذا قال الواجد: كنت وضعته، فالقول قول من؟ فعلى ما ذكرناه من الوجهين، وهذا إذا وقع التنازع بعد إخراج الكنز، فلو وقع قبل إخراجه فالقول قول مالك الأرض مع اليمين بلا خلاف.

الرابع: أن الموجود في أرض الحربي بدار الحرب قبل تملكها يكون للحربي، ويكون أخذ المسلم له كأخذ مال الحربي، وقد قال في "الحاوي": إنه غنيمة يؤخذ خمسها، ولا يكون ركازاً. وأفهم كلامه أن هكذا الحكم فيما لو كان الآخذ يخفيه؛ لأنه قال عقيبه: وقال أبو حنيفة: "يكون غنيمة" كقولنا: لكن لا يؤخذ خمسها؛ بناء على أصله في أن ما غنم على وجه الخفية من غير إمام لا يخمس.

والمذكور في "تعليق البندنيجي"[وغيره] أنه يكون فيئاً، وللكلام في ذلك التفات على أن ما يؤخذ خفية هل يملكه أحد بجملته، أو يخمس؟ وفيه كلام يأتي في باب قسم الفيء.

ثم ما ذكرناه مصور بما إذا دخل دار الحرب بغير أمان، فإن دخلها بأمان وجب عليه رده للحربي، حكاه الشيخ أبو علي والقاضي الحسين؛ لأنهم في أمان منه، وليس هو في أمان منهم، وطرد ذلك فيما إذا وجده في الموات الذي يذبون عنه فقال: يجب رده إليهم.

وقد بقي من مسائل الباب ما سكت الشيخ عنه، وهو ما إذا وجد الركاز في الأماكن المشتركة بين المسلمين وغيرهم، وهي الشوارع ونحوها وكذا المساجد، وقد ألحق الماوردي الشوارع بالموات، وعليه جرى الغزالي، وتبعه ابن يونس.

ص: 506

وقال العراقيون والقفال، كما قال الرافعي: إن الموجود فيها لقطة، وهو المذكور في "تعليق" القاضي الحسين و"التهذيب" وطرد ذلك في المدفون في المساجد والأماكن المشتركة، والإمام حكى الوجهين.

ولو وجد ذلك في أرض موقوفة قال في "التهذيب": فهو لمن في يده الأرض وهذا معتضد بالقياس، والله أعلم.

ص: 507