الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السبب السابع: قوة العلم بسوء عاقبة المعصية:
قوة العلم بسوء عاقبة المعصية من سواد الوجه وظلمة القلب .. وتمزق الشمل وضعف القلب عن مقاومة عدوه. تعريه تماما من زينة التقوى بالثوب الذي جمله الله وزينه به. العصرة التي تنال القلب من المعصية .. القسوة والحيرة في أمره .. تخلي الله عن العاصي .. وتولي العدو له .. تواري العلم الذي كان حاصلا .. مرض القلب .. ذله بعد عزه ..
ومن عقوبات المعصية:
أن يصير أسيرا في يد أعدائه .. ويضعف تأثيره فلا ينفذ أمره ..
ومنها .. زوال أمنه وتبدله مخافة .. فأخوف الناس أشدهم إساءة
…
ومن عقوبات المعاصي:
زوال الأنس واستبداله بالوحشة .. وكلما ازداد إساءة ازداد وحشة .. وتقع للعاصي وحشة بينه وبين أصدقائه وأصحابه .. ثم بينه وبين أهله .. ثم لا يلبث أن تقع الوحشة بينه وبين نفسه .. فيصير مهموما .. محزونا ولا يعرف لذلك سببا إلا ذنوبه ..
ثم تقع الوحشة بينه وبين الله وتلك أكبر العقوبات .. فيحاول أن يرفع يده ليدعو ربه فلا يستطيع .. يحاول أن يتذكر دعاء لكشف كرباته فلا يذكر ..
تلك الوحشة لبن العبد وبين الله هي أكبر وأخطر أنواع الوحشة وهي من عقوبات المعاصي .. فإذا كنت قد أوحشتك الذنوب فخلي النفس عنها واستأنس .. تب الى الله فيبدل وحشتك أنسا .. وكفى بالقرب من الله أنسا .. نعم إنّ الانسان ـ وأنا أقسم بالله غير حانث ـ إن لم يجد طعاما ولا شرابا ولا زوجة ولا أولادا .. وكان قلبه مليئا بحب الله .. مستلذا بطاعته .. لاستغنى عن كلّ من في الكون سوى الله.
ومنها .. زوال الرضا .. واستبدال السخط به ..
ومنها .. زوال الطمأنينة والسكون الى الله والإيواء عنده .. فيطرد عن الله ويبعد عنه ..
ومنها .. وقوع العبد في بئر الحسرات .. فلا يزال في حسرة دائمة كلما نال لذة نازعته نفسه الى نظيرها .. وإن لم يقض منها وطرا .. وإن قضاها نازعته نفسه الى غيرها. فيظل في بئر الحسرات فيجد أنه كلما قضى وطره من لذة عجز عن أضعاف .. أضعاف ما يقدر عليه وكلما اشتد نزوعه .. وعرف
عجزه اشتدت حسرته وحزنه .. فيا لها من عقوبة .. نار في الدنيا قبل الآخرة .. قد عذب بها القلب في هذه الدار .. قبل نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة.
ومنها .. فقره بعد غناه .. فإنه كان غنيا بالإيمان .. فلما عصى افتقر ..
ومنها .. نقصان رزقه: " إنّ العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه".
ومنها: ضعف بدنه.
ومنها .. زوال المهابة والحلاوة التي اكتسبها بالطاعة .. فيبدل بها حقارة.
ومنها .. حصول البغض والنفرة منه في قلوب المؤمنين: إنّ العبد ليخلو بمعاصي الله فيلقى بغضه بينه وبين قلوب المؤمنين وهو لا يشعر.
ومنها .. ضياع أعز الأشياء عليه وأنفسها وأغلاها وهو العمر.
ومنها .. طمع عدوه فيه وظفره به فإن الشيطان إذا رآه منقادا مستجيبا اشتد طمعه فيه وحدث نفسه بالظفر به وجعله من حزبه حتى يصير الشيطان مولاه من دون الله.
ومنها .. الطمع على قلبه: فإن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود القلب فإذا تاب صقل قلبه .. وذلك هو الران {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} [المطففين: 14].
ومنها .. الحرمان من حلاوة الطاعة: فإذا فعل الطاعة لم يجد حلاوتها فإن الطاعة تثمر اللذة بشرط التوبة ..
سئل بعض السلف: هل يجد العاصي لذة الطاعة؟ قال: لا والله ولا من همّ.
ومنها .. أن المعاصي تمنع القلب من ترحله الى الآخرة فإنّ القلب لا يزال مشتتا .. مضيعا .. حتى يرحل من الدنيا وينزل بالآخرة فإذا نزل القلب في الآخرة جاءته فأقبلت إليه وفود التوفيق والعناية من كلّ جهة أما إذا لم يترحل الى الآخرة فالتعب والعناء والشتات والكسل والبطالة لازمة له لا محالة.
ومنها .. إعراض الله عنه: وإذا أعرض الله عن جهة أظلمت أرجاؤها ودارت بها النحوس .. فإذا أعرض العبد عن طاعة الله عز وجل واشتغل بمعاصيه أعرض الله عنه وإذا أعرض الله عنه أعرضت الملائكة عنه فحرم التوفيق والإعانة وخذل .. كما أنه إذا أقبل على الله. أقبل الله عليه: {إذ يوحي ربك الى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا، سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان} [الأنفال:12].
ومنها .. أنّ الذنب يستدعي ذنبا ثانيا .. ثم يقوي أحدهما الآخر .. فيستدعيان ذنبا ثالثا ثم رابعا .. وهكذا .. حتى يستحكم الهلاك.
ومنها .. علمه بفوات ما هو أحب اليه وخير له من جنسها (يعني من جنس المعصية) وغير جنسها .. فإنّ الله لا يجمع للعبد أبدا لذة المحرمات ولذة الطاعات ..
فالمؤمن لا يذهب طيباته في الدنيا لذلك يخاطب الكافرون يوم القيامة {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا} [الأحقاف: 20]