المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌أما بعد

- ‌يقول إبن القيم:

- ‌كيف أعود الى الله

- ‌لماذا نتوب

- ‌النية في التوبة

- ‌أولا ـ لكوننا نعود بالتوبة الى الصراط المستقيم:

- ‌ثانيا ـ طاعة لأمر الله عز وجل:

- ‌ثالثا ـ فرارا من الظلم الى الفلاح:

- ‌رابعا ـ لطلب السعادة:

- ‌خامسا ـ الفرار من العذاب والوحشة والحجاب:

- ‌الحجب العشرة بين العبد وبين الله

- ‌الحجاب الأول: الجهل بالله:

- ‌يقول ابن القيم:

- ‌الحجاب الثاني: البدعة:

- ‌تنبيه:

- ‌الحجاب الثالث: الكبائر الباطنة:

- ‌يقول ابن القيّم:

- ‌الحجاب الرابع: حجاب أهل الكبائر الظاهرة:

- ‌كيف تكبر الصغائر

- ‌أولا: الإصرار والمواظبة:

- ‌ثانيا: استصغار الذنب:

- ‌ثالثا: السرور بالذنب:

- ‌رابعا: أن يتهاون بستر الله عليه:

- ‌خامسا: المجاهرة:

- ‌سادسا: أن يكون رأسا يقتدى به:

- ‌الججاب الخامس: حجاب أهل الصغائر:

- ‌الحجاب السادس: حجاب الشرك:

- ‌الحجاب السابع: حجاب أهل الفضلات والتوسع في المباحث:

- ‌الحجاب الثامن: حجاب أهل الغفلة عن الله:

- ‌الحجاب التاسع: حجاب العادات والتقاليد والأعراف:

- ‌الحجاب العاشر: حجاب المجتهدين المنصرفين عن السير الى المقصود:

- ‌يقول ابن القيّم:

- ‌يقول ابن القيّم:

- ‌كيف نتوب

- ‌حقيقة التوبة:

- ‌فاتحة التوبة

- ‌أولا: الوعظ والتذكير:

- ‌ثانيا: عزل النفس عن مواطن المعصية:

- ‌ثالثا: إدمان معاتبة النفس وتخويفها:

- ‌رابعا: علاج النفس بالصوم ومنع الحظوظ:

- ‌خامسا: أن تأخذ من نفسك الراحة وتنزل بها التعب ونقصان المباح:

- ‌سادسا: ارفع لها بالفكرة أعلام الآخرة:

- ‌سابعا: تحطيم الأصنام:

- ‌لنتب إخوتاه

- ‌لماذا لا نتوب

- ‌سبع عوائق في طريق التوبة:

- ‌العائق الأول: تعلق القلب بالذنب:

- ‌ لنعالج تعلق القلب بالذنب في نقاط

- ‌1 - نسيان الذنب:

- ‌2 - هجر أماكن المعصية:

- ‌3 - تغيير الرفقة:

- ‌4 - استشعار لذة الطاعة:

- ‌5 - الانشغال الدائم:

- ‌6 - صدق الندم واستقباح الذنب:

- ‌7 - تأمل أحوال الصالحين:

- ‌8 - قصر الأمل ودوام ذكر الموت:

- ‌9 - تعويد النفس على فعل الحسنات والإكثار منها:

- ‌العائق الثاني من عوائق التوبة: استثقال التوبة واستصعاب الالتزام:

- ‌ كيف يمكن الخلاص من استثقال التوبة واستصعاب الالتزام

- ‌1 - دفع التسويف:

- ‌2 - الصدق مع الله:

- ‌3 - التبرؤ من الحول والقوة:

- ‌العائق الثالث من عواءق التوبة: الاعتذار والتعلل والبحث عن المبررات:

- ‌العائق الرابع: الاغترار بستر الله وتوالي نعمه:

- ‌العائق الخامس من عوائق التوبة: تعلق الذنب بأحكام يخشى العاصي منها بعد التوبة:

- ‌العائق السادس من عوائق التوبة: الابتلاءات التي تقع على التائب بعد التوبة:

- ‌العائق الأخير: العصرة التي تصيب قلب التائب:

- ‌يقول ابن القيّم:

- ‌ما هي أركان التوبة

- ‌أولا: الاخلاص:

- ‌ثانيا: الاقلاع:

- ‌ثالثا: الندم:

- ‌هذه هي الثلاثة التي يحصل بها الندم:

- ‌(1) معرفة الله

- ‌ما هي علامات توقير الله:

- ‌(1) ألا تذكر اسمه مع المحقرات:

- ‌(2) ألا تنسب الشر اليه:

- ‌(3) من وقاره: ألا تعدل به شيئا من خلقه لا في اللفظ ولا في الفعل:

- ‌(4) من توقيره جل وعلا ألا تشرك معه شيئا في الحب والتعظيم والإجلال:

- ‌(5) من توقيره جل وعلا ألا تجعل له الفضلة:

- ‌(6) من التوقير: ألا تقدم حق المخلوق على حق الله:

- ‌(7) من توقيره جل وعلا: أن تختار حده وجنبه وناحيته من ناحية الناس وجنبهم:

- ‌(8) من توقير الله: بذل البدن والقلب والروح في خدمته تعالى:

- ‌(9) من توقير الله: ألا تقدم مراد نفسك على مراد ربك:

- ‌(10) من وقاره جل وعلا: الحياء من أن يطلع على قلبك فيرى منك ما يكره:

- ‌(11) من وقاره: أن يستحي منه في الخلوة أعظم مما يستحي من أكابر الناس:

- ‌(12) ومن وقاره: أن يكون همه الأول طلب رضا الله:

- ‌(2) معرفة النفس: باستقباح ما كنت عليه:

- ‌انتبه

- ‌رابعا: العزم على عدم العودة:

- ‌خامسا: خلع العادات:

- ‌كيف تخلع العادات

- ‌سادسا: العلم بطرق الصبر عن المعصية:

- ‌السبب الأول: علم العبد بقبح المعصية ودناءتها:

- ‌السبب الثاني: الحياء من الله:

- ‌السبب الثالث: مراعاة نعمة الله:

- ‌السبب الرابع: الخوف من الله:

- ‌السبب الخامس: محبة الله:

- ‌السبب السادس: شرف النفس وذكاؤها وفضلها وأنفتها وحميتها:

- ‌السبب السابع: قوة العلم بسوء عاقبة المعصية:

- ‌ومن عقوبات المعصية:

- ‌ومن عقوبات المعاصي:

- ‌السبب الثامن: قصر الأمل وكثرة ذكر الموت:

- ‌السبب التاسع: مجانبة الفضول في الطعام والشراب

- ‌السبب العاشر: وهو الجامع لهذه الأسباب كلها: هو ثبات شجرة الايمان في القلب

- ‌علل التوبة

- ‌1 - إنعدام الإخلاص:

- ‌2 - ضعف العزيمة والتفات القلب الى الذنب الفينة بعد الفينة

- ‌3 - الطمأنينة ووثوقه بنفسه حتى كأنه قد أعطى صكا بالأمان

- ‌4 - جمود العين واستمرار الغفلة

- ‌5 - ألا يستحدث بعد التوبة أعمالا صالحة لم تكن له قبل التوبة

- ‌علامات التوبة المقبولة

- ‌أولا: أن يكون بعد التوبة خيرا مما كان قبلها:

- ‌ثانيا: ألا يزال الخوف من العودة الى الذنب مصاحبا له:

- ‌ثالثا: انخلاع القلب وتقطعه ندما وخوفا من العقوبة العاجلة والآجلة:

- ‌رابعا: كسرة خاصة لا تحصل الا للتائب:

- ‌أيها الحبيب

- ‌الخاتمة

- ‌الخاتمة نسأل الله حسنها

- ‌الوادع

الفصل: ‌(1) معرفة الله

‌ثالثا: الندم:

إنّ الندم يحصل بمطالعة الجناية .. وهذا يكون بتعظيم الحق جل جلاله ومعرفة مقامه .. ومعرفة ذاته وصفاته والتعبد اليه بها .. ومعرفة النفس وإنزالها منزلتها ومعرفة أن سبب كلّ شر يقع فيه ابن آدم فمن نفسه .. وتصديق الوعيد ..

‌هذه هي الثلاثة التي يحصل بها الندم:

(1) معرفة الله

.

(2)

معرفة النفس.

(3)

تصديق الوعيد.

ولأن عماد التوبة على الندم فسنقف هنا قليلا لنتأمل هذه الأمور الثلاثة:

(1)

تعظيم الحق: فإذا أردت أن تعرف عظم الذنب .. فانظر الى عظمة من أذنبت في حقه .. أكبر آفة وقع فيها أهل عصرنا .. وأكبر معصية ارتكبتها قلوب أمتنا

أن زالت هيبة الله من القلوب .. هذه هي المأساة .. أننا صرنا نخاف من البشر أكثر من خوفنا من الله .. ونستحيي من البشر أعظم من حيائنا من الله .. ونرجو البشر بأعظم من رجائنا في وجه الله .. لذا لما هان الله علينا هنّا عليه .. والجزاء من جنس العمل

ص: 96

أيها الاخوة .. إن تعظيم الحق ألا يرى في قلبك سواه. ومن كملت عظمة الحق تعالى في قلبه عظمت عنده مخالفته .. لأن مخالفة العظيم ليست كمخالفة من هو دونه .. فينبغي أن يعظم الله في قلبك ..

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:

واستجلاب تعظيم الرب .. أن تعرف الله سبحانه وتعالى .. وهو سبحانه يتعرف الى العباد في قرآنه .. وعلى لسان نبيه .. بصفات ألوهيته تارة .. وبصفات ربوبيته تارة اخرى ..

فمعرفة صفات الالهية .. توجب للعبد المحبة الخالصة .. والشوق الى لقائه .. والأنس والفرح والسرور به .. هذا مما يوجبه النظر في صفات الألوهية.

مثل الصفات التي توجب عبادته جل جلاله. صفات الأمر والنهي .. صفات العهد والوصية .. صفات إرسال الرسل .. وإنزال الكتب والشرائع .. هذه تنبعث منها قوة الامتثال والتنفيذ .. والتبليغ لها والتواصي بها .. والتصديق بالخبر والامتثال بالطلب .. والاجتناب للنهي ..

الصفات التي تجلب التعبد أن يسر في خدمته .. وينافس في قربه .. والتودد اليه بطاعته .. ويلهج لسانه بذكره .. ويفر من الخلق اليه .. ويصير الله وحده .. هو همه دون سواه.

أما شهود صفات الربوبية:

فإنها توجب التوكل عليه .. والافتقار اليه .. والاستعانة به .. والذل والانكسار له .. وكمال ذلك " وهو الشاهد الذي أرجو أن يتوصّل اليه"

ص: 97

هو ما ذكره ابن القيّم في كتابه القيّم "الفوائد".

" أن يشهد ربوبيته في إلهيته .. أن تشهد حمده في ملكه .. وعزه في عفوه .. وجكته في قضائه وقدره .. ونعمته في بلائه .. تشهد عطاءه في منعه .. بره وإحسانه ورحمته في قيوميته .. أن تشهد عدله في انتقامه .. وجوده وكرمه في مغفرته .. أن تشهد ستره وتجاوزه .. وحكمته ونعمته في امره ونهيه .. أن تشهد عزه في رضاه .. وغضبه وحلمه في إمهاله .. وكرمه في إقباله .. وغناه في إعراضه .. أن تعرف الله .. فإذا عرفته عظم في قلبك.

ثم يعلق ابن القيم فيقول: من أعظم الظلم والجهل أن تطلب التوقير والتعظيم لك من الناس .. وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره.

وعلينا أن ننتبه الى هذه الفائدة الغالية:

فإنك توقر المخلوق وتجله أن يراك في حال .. ثم لا توقر الله فلا تبالي أن يراك سبحانه وتعالى عليها .. أيحب احدكم أن يراه الناس وهو يزني .. ؟؟ إذن فكيف ترضى أن يراك الله على هذه الحالة .. ؟؟ ألا تستحيي منه؟؟

وصدق الله تعالى: {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذا يبيّتون ما لا يرضى من القول، وكان الله بما يعملون محيطا* هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة النيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا} [النساء: 108 - 109].

ص: 98

والله علمنا .. قال لنا سبحانه وتعالى .. لينبهنا الى تلك القضية أتم تنبيه .. لفت نظرنا الى شيء نستشعره .. شيء موجود عندنا وجودا ماديا .. لأننا ننسى استشعار نظر الله ومراقبة الله .. فقال جل جلاله: {وما كنتم تسترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظنكم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون* وذلكم ظنّكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين* فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين} [فصّلت: 22 - 24].

لما كانت نفس الانسان ضعيفة .. واستشعاره معية الله صعبا ذكرهم الله بأن معهم شهودا: سمعكم، وأبصاركم، وأيديكم، وأرجلكم، وبطونكم، وفروجكم .. نعم ستشهد عليك .. فإذا اردت أن تعصي الله فاذكر ان الله معك يسمعك ويراك {ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة، إن الله بكل شيء عليم} [المجادلة:7].

فإن لم تستشعر تلك القضية .. وعجز قلبك عن استحضار سمع الله وبصره .. فتخشاه .. فتخافه .. تخشى بطشه .. تخاف انتقامه .. تستحيي أن يراك على العيب .. عليك رقيب .. وهو الذي يسترك .. فوقك قاهر .. وعليك قادر .. ومنك قريب .. يستطيع أن ينتقم ويأخذ حقه .. ولكنه الحليم .. والحيي الستير .. جل جلاله .. وعجز قلبك عن استحضار تلك المعية .. فام تستطع أن تختفي من الله .. ولا أن تستتر منه .. فتذكر أن معك عينا ستشهد عليك .. وأذنا تشهد عليك .. ويدا ستشهد عليك .. ورجلا ستشهد عليك ..

فإنك إن

ص: 99

استطعت أن تستتر وتختبئ .. فتختبئ من أعضائك .. وتتوارى منها .. فافعل .. فإن لم تقدر فاترك المعصية خوفا من ذي الجلال جل جلاله ..

يا من يعاني مأساة الذنوب اختبئ من الله فلا يراك عليها .. فإن نسيت نظر الله وغلبتك شهوتك .. فأعمت عين بصيرتك .. فاختبئ من يدك التي تعصي .. إذا تحركت عينك للنظر فتذكر أنها ستشهد عليك يوم القيامة .. وإذا تحركت رجلك لتعصي فاعلم أنها وكل جوارحك عليك شهود يوم تلقى الله عز وجل ..

يا من يؤذي الناس بلسانه .. تذكر أن الله سميع .. يسمعك وسيحاسبك .. فإن نسيت الله .. فتذكر شهادة الجوارح عليك .. تذكر شهادة لسانك وأذنك ..

هنا إذا كملت عظمة الله في القلب منعته من المعصية .. إنّك تريد أن يوقرك الناس .. وأنت لا توقر الله .. كيف ذلك

قال تعالى: {ما لكم لا ترجون لله وقارا} [نوح:13]، أي: لا تعاملونه معاملة من توقرونه .. والتوقير: هو التعظيم .. ومنه قوله تعالى: {وتعزّروه وتوقّروه} [الفتح:9] قال الحسن: في تفسير قوله تعالى: {ما لكم لا ترجون لله وقارا} [نوح:13] أي: مالكم لا تعرفون لله حقا ولا تشكرونه ..

قال مجاهد: لا تبالون عظمة ربكم.

قال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: لا ترون لله طاعة.

قال عبدالله بن عباس: أي لا تعرفون عظمة الله تعالى.

هذه المعاني ترجع كلها الى معنى واحد أنه لو عظموا الله وعرفوه .. أطاعوه وشكروه .. ولم يعصوه .. فطاعته سبحانه .. واجتناب معاصيه .. والحياء منه .. بحسب وقاره في القلب ..

ص: 100