الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة عند وفاة الشيخ رمزي دمشقية
تقديم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وجميع صحبه،
أما بعد،،
فقد سبق للشيخ زهير الشاويش حفظه الله تعالى، أن كتب كلمة ساعة سماعه خبر انتقال الشيخ رمزي دمشقية إلى رحمة الله. ونشرت كلمته القيِّمة يوم وفاته في عدد من الجرائد والمجلات -جزاه الله خيراً. كما شارك في تقبل العزاء به في ساحة مسجد الخاشقجي مع مندوب سماحة المفتي محمد رشيد رضا القباني (لسفره)، وبعض أهل العلم، ومنهم: سماحة الشيخ محمد كريم راجح شيخ قراء دمشق، وفضيلة الشيخ محمد كنعان رئيس المحاكم الشرعية في لبنان.
ثم قرئت كلمته في مشاركته بتقبل العزاء بعد صلاة المغرب في خلية حمد.
واليوم وقد مضى على وفاة الأخ رمزي ما يقرب من السنة. وقد مرّت على الأمة ما شاهدنا من النكبات، وكان أكثرها بسبب بعدنا عن أوامر ديننا. نسأل الله -سبحانه- أن يعافي المسلمين من منغصاتها.
فقررنا جمع هذا الكتاب عن ذكراه باسم "دار البشائر وأقوال أخوان الشيخ رمزي عنه"[أو الاسم المقرر].
فطلبنا من أستاذنا المحدث العلامة الشيخ زهير الشاويش أن يشارك في كلمة عنه، فتفضل وأضاف إلى كلمته ما ذادها وضوحاً وإفادة. ولذلك فإننا ننشر كلمته المعدلة في كتابنا هذا.
راجين الله أن يكتب للأخ رمزي الرحمة، ولجميع الأخوة الذين شاركونا بذكراه طول البقاء، إنه جلَّ وعلا على كل شيء قدير.
وأن الحمد لله رب العالمين، وصلىَّ الله على سيدنا محمد وآله وجميع صحبه.
***
عالم عامل فقدناه
بقلم: زهير الشاويش
انتقل إلى رحمة الله العالم الشاب الشيخ رمزي سعد الدين دمشقية، صاحب "دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر"، فلله سبحانه وتعالى ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجر وثواب.
كان رحمه الله من شباب بيروت المؤمنين العاملين في حقل الدعوة إلى الإسلام، والأخلاق الحميدة، ونشر العلم. درس الهندسة المدنية في الجامعة الأمريكية، ووجد في الجامعة المغريات، ولكن ترفع عنها مع مجموعة من رفاقه، والتحق بالدعوة إلى الله، ورفض الانجرار وراء ما وقع فيه العديد من شباب عصره، الذين انساقوا وراء العاجل من التفلت، واغتنام الاتصالات المشبوهة، والدخول في الخصومات بين أبناء البلد الواحد، والاندفاع في الأعمال التي أودت بالوطن إلى الحضيض، وتقسيم البلاد إلى طوائف أوجدت بينهم الاحقاد. بعيداً عن السمو المطلوب، والعيش المرغوب، تحت رعاية المفتي السابق العلامة الشهيد الشيخ حسن خالد -تغمده الله برحمته، ومع سماحة المفتي الشيخ محمد رشيد رضا القباني -حفظه الله-، متعاوناً مع العديد من شيوخ وسياسييّ الإسلام في لبنان. وكذلك العديد من الشباب، حيث يعقد الجلسات العلمية والدعوية في منزله، وبالرغم من ظروف لبنان الصعبة
…
وقبل أن يتخرّج حاملاً شهادة الهندسة، كانت له شهادة هي محل الفخر بدراسة العلوم الشرعية، وعمل بتحقيق الكتب، والقيام على نشر المجموع الكبير منها بإتقان مشهور مشهود في "دار البشائر الإسلامية".
واستمر يعمل باعتدال ووسطية معروفة عنده وعند القلة ممن سبقه في هذا العمل، الذي هو تابع لما عند الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام. وكان -ومن معه- بعيدين عن الشدة والتطرف، عاملين في الدعوة الى الله -سبحانه- بما علموا من أدلة الكتاب والسنة، بالحكمة والموعظة الحسنة، والاعتدال الذي وجدنا أثره الحسن في حياتنا الاجتماعية. مع الدقة التامة المقبولة مع قربها المقبول من التزمت من باب الحرص على الأمانة التي أمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل مؤمن إذا عمل عملاً أن يتقنه.
وكتب الله له النجاح في دار البشائر الإسلامية، ومن ذلك ما كان له معنا من تعامل في المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، سواءً في دمشق أو بيروت. ووجدنا في أكثر كتبه كل ما ذكرت، وإذا وجدنا شيئاً خلاف ذلك فهو مع ندرته وقلته، مما لا يخلو منه كتاب فيما هو معتاد عند الناس، واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، بل كانت الكلمة الذهبية أمام أنظارنا:"نتعاون فيما اتفقنا عليه، وينصح بعضنا بعضاً فيما اختلفنا به"، كما كان الأمر عند كبار دعاتنا منذ شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية، وتلميذه الإمام ابن القيم، وعند الشيخ رشيد رضا، والإمام الشهيد حسن البنا رحمهم الله.
وبعض ذلك من اختلاف الاجتهاد، وهذا أيضاً لا يخلو منه كتاب، ولا محقق، ولا مؤلف، ولا دار نشر. لأن الله سبحانه أبى العصمة لغير كتابه القرآن الكريم.
وقد قام مع عدد من أفاضل العلماء الشباب، فتعاهدوا على اللقاء في العشر الأخير من رمضان يتدارسون بعض الكتب، ثم يخرجون بعضها بالطباعة المتقنة، وقد سموها:"لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام"، وعرفت من الذين قاموا بهذا الجهد المفيد غير الأخ رمزي، أخي فضيلة الشيخ محمد بن ناصر العجمي، و
…
، و
…
، و
…
.
وقد اطلعت على بعض أجزائها، ومنها:
- بغية المستفيد في علم التجويد، لابن بلبان.
- جزء فيه شروط أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على النصارى.
- نشر ألوية التشريف، لابن علاّن.
- الإعلام الملتزم بفضيلة زمزم، لأحمد الشافعي.
- تحرير الأقوال في صوم الست من شوال، للعلامة ابن قطلوبغا.
- إجازة الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ حفيد الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى لتلميذه.
- رسالة في شرح حديث "انت ومالك لأبيك"، للأمير الصنعاني.
- إفادة المبتدي المستفيد، لبرهان الدين الناجي.
- قطع الجدال في أحكام الاستقبال، للعجيمي.
- مقدمة إملاء الاستذكار، للحافظ أبي طاهر السَّلفي.
- الانتهاض في ختم الشفا للقاضي عياض، للحافظ السخاوي.
وهذه كتب تعليمية تربوية مفيدة يحتاج إليها للمراجعة العالم المربي، كما هي لازمة للطالب في عبادته وتربيته ودراسته.
ومن يراجع فهرس مطبوعات داره الكريمة لا يكاد يجد فيها أي كتاب مرفوض، بل هي مقبولة، والاختلاف في بعضها من باب اختلاف الاجتهاد كما قدمت، ومثل ذلك ما تجده في التعليقات عليها فإنه من تلك البابة.
* * *
وأذكر اليوم الذي جائني به مع أحد إخوانه منذ سنوات بعيدة، وهما من أفاضل طلاب العلم لزيارتي في المكتب الإسلامي ببيروت، لرغبتهم في زيادة العلم، والتماس الطريق الصحيح إلى العقيدة السليمة، التي ارتضاها الله لعباده، وبعد مدارسة استمرت أياماً طويلة، وجدنا أن الأفضل لهم الذهاب والالتحاق في إحدى المعاهد القائمة خارج لبنان، وعلى الأخص في البلاد السعودية.
وقد ذهب مع صحبه، ورجعوا بعد أن نالوا شهادات تلك المعاهد، وتلقوا العلم والإجازات على المشايخ الأفاضل والدعاة فيها.
وأظن أنه لم يتابع الدراسة هناك، ولكنه كان فيمن تلقى بعد ذلك العلم على نفسه، في بلده -بيروت- على علماء تخيرهم، على فراغ من وقته، ومع ذلك فقد نال مما عندهم علماً جيداً، نجد آثاره فيما نشر من كتب، وفيما كان يقوله من كلام في دروسه ومقدماته.
وقد وجدت عنده من الكرم ما يذكر بأهل التضحية وحسن الضيافة، فلا يكاد يحضر إلى لبنان من بلاد الله الواسعة أحد من أهل العلم والدعوة، إلا ويجد في داره المآوي والطعام، ووسائل الراحة، وتسهيل الانتقال بين بيروت والجبل، والمساعدة على الرحلة للحج، أو السفر إلى دمشق، وغيرهما من البلاد السورية.
ومن ثم قيامه مع ضيوفه بزيارة كبار أهل العلم للتعريف بهم، وتمكين الصلة بينهم، ومدارسة ما في كل بلد من شؤون العمل الدعوي، وتبادل الإجازات العلمية على ما كانت عليه في الأيام الخوالي بين الطلاب والمشايخ.
* * *
ومن باب ذكر الخير لأهله أقول:
لقد وجدنا من تعامله التجاري مع المكتب الإسلامي الأمانة، شراءً وبيعاً، وعنايةً متقنة، ورد الحق إلى أصحابه.
وإذا ذكرت هذا عنه وعن قلة ممن تعاونّا معهم خلال أكثر من الستين سنة الماضية، أذكره وقد وجدنا من كثيرين ضياع هذا عندهم.
وقد وجدت منه وعياً عاماً، ونباهة واضحة، والأدب في التحدث، ونحن في بلد كثرت مشاكله، وتداخلت أموره.
اللهم إن الأخ الشيخ رمزي دمشقية، قد غادرنا إلى ديار الحق، فيا رب وسع مدخله، واغفر له وارحمه وعوضه الجنة.
وإننا نرفع حسن العزاء به إلى سماحة الشيخ محمد رشيد رضا راغب القباني المفتي العام، وإلى جميع العلماء وإخوانه من الدعاة.
ويا رب اكتب الصبر لوالدته، وزوجته، وقد كانتا خير معين له في دنياه، واحفظ ابنه (محمداً)، وبناته الثلاث، وعوضهم عنه خيراً، وأحسن تربيتهم بفضلك، يا أرحم الراحمين، وأسبغ من نعمك وأفضالك على أهله وإخوانه، وأحسن عزاء أخواله وأقاربه بما أنت له أهل، يا رب استجب.
وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وجميع صحبه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
نشرت في 24 شعبان 1423 هاالموافق 30/ 10/2002م،
ثم أعيد النظر فيها في 28 ربيع ثان 1424 هـ الموافق 28/ 06/2003م.
* * *